أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد عبد الرحمن يونس - العلاقة بين الكاتب العربي والناشر العربي














المزيد.....

العلاقة بين الكاتب العربي والناشر العربي


محمد عبد الرحمن يونس

الحوار المتمدن-العدد: 1086 - 2005 / 1 / 22 - 08:12
المحور: الادب والفن
    


إنّ من يتأمل طبيعة العلاقة بين الكاتب العربي والناشر العربي، سيجدها علاقة استلابية،واضطهاديّة أحيانا، حيث يستغل الطرف الثاني الطرف الأول، دون خوف أو

حياء أو وجل. فعندما يتقدّم الكاتب العربي بمخطوطه إلى الناشر العربي،

هذا المخطوط الذي بذل فيه جهداً كبيرا، وسهرا طويلا، وبحثاً وتنقيباً واستقصاءً، وعلى حساب وقته وماله، وظروف عائلته الاقتصادية، المتدنية في معظم الأحيان، نجد أن الناشر يتأمل المخطوط بنوع من الاستهجان، والازدراء أحياناً، والعنجهية مرة ثالثة، ويضع فيه ألف عيب. وإذا كان بعض الناشرين على قدر من التهذيب والأدب، فإنهم يفاجئون الكاتب بمجموعة من المسوّغات التي تقف سدا منيعا دون نشر الكتاب، ومنها: إن عدد القراء العرب قد تدنّى في الآونة الأخيرة بشكل ملحوظ، وأنّ الجمهور العربي على الرغم من اتساع رقعته جغرافياً ومكانيا، داخل حدود الدول العربية، وخارجها في المنفى، هو جمهور لا يقرأ، وأنّ المحطات الفضائية أسهمت في تخريب ذوق المواطن العربي، فصرفته عن القراءة، يضاف إلى ذلك شبكة الانترنت التي أسهمت في تقليل عدد القراء‘ بما تقدّمه من إمكانات معرفيّة غزيرة جدا، سواء أكانت نافعة جيدة، أم هابطة رديئة. ثمّ إنّ المواطن العربي لم تعد تستهويه الثقافة المعرفية الجادة التي تعمل على توسيع مخيلته،و حثّها على التفكير والتأمل والمحاكمة والتحليل والشكّ والاستنتاج، لأن هذه المخيلة صارت عاطلة ومتكاسلة ومتبلّدة في أحيان كثيرة، إنّها بحاجة إلى الوجبات السريعة، من ثقافة استهلاكيّة لا تمسّ إلا السطح. ويبدو لنا ـ من الوهلة الأولى ـ أن ما يقوله هذا الناشر دقيق إلى درجة كبيرة. وأمام هذه المسوّغات بعدم النشر، يضطرّ الكاتب إلى الانسحاب حاملا مخطوطه، يائسا من أن يجد طريقه إلى النشر. غير أن بعض الناشرين بعد أن يضعوا مثل هذه العيوب في الجمهور العربي المتلقي، الذي بدأ ينصرف عن تحصيل المعرفة الجادة الرصينة، والثقافة إلانسانية العميقة إلى الثقافة الاستهلاكية الرخيصة يتكرّمون على الكاتب قائلين: نعم سننشر لك مخطوطك على الرغم من خسارتنا الفادحة، لأننا نشجع الثقافة الحقيقية والأصيلة، لكننا لا ندفع عائدا ماليا ، بل سنعطيك خمسين نسخة من الكتاب، أو مائة نسخة مكافأة على جهودك. و إذا كان بعض الناشرين يتكرمون بأن يرضوا ويدفعوا لهذا الكاتب أو ذاك 10% من ثمن المبيعات، تدفع كل سنة مثلا، أو كل ستة أشهر‘ فإنّه عندما يأتي موعد دفع هذه القيمة للكاتب، نجد أن الناشر يفاجئ الكاتب بأن يقول له: و الله لقد بعت من كتابك نسختين، أو ثلاثا، أو لم أبع أي نسخة. أو ها هوا مكدس في المستودع، و تستيطع أن تراه بنفسك، أو تأخذه ـ إن شئت ـ بعد أن تدفع لي تكاليف نشره ـ وفي أغلب الأحيان تبدو مرتفعة إلى درجة كبيرة ـ عندها يضطرّ الكاتب إلى أن ينسحب خجلا مهانا، ويائسا، فهو بحاجة ماسة إلى هذه الدريهمات القليلة التي كان يتوقّع أن يدرّها عليه كتابه، حتى يدفع غول الفاقة والحرمان، عن أطفاله وأهل بيته. غير أن الناشر العربي في معظم الأحيان يكون كاذباً، يدفعه سعار جشعه لأن يستغلّ الكاتب، و يأكل حقوقه وعرق جبينه. فإذا كان كلامه صحيحا فمن أين له السيارة الفارهة، أو الفيلا الواسعة، أو دار النشر الكائنة في أجمل شوارع المدينة، والتي تبلغ قيمتها الملايين العديدة؟ ومن أين لابنه أو زوجته أو صديقته أو خليلته مثل هذه السيارة أو تلك؟ ومن أين له كل تلك الأموال التي تدفعه منتقلا حاملا كتبه من مدينة إلى مدينة، ومن معرض إلى آخر، مرتادا أرقى الفنادق وأجمل المطاعم وأغلاها؟ إذا كانت الذائقة العربية في هذه الأيام مخرّبة نافرة من الثقافة الجادة، لائذة بكل ما هو استهلاكيّ، سريع وهشّ‘ فأن كثيرا من الناشرين العرب قد أسهموا في تخريبها إلى حد بعيد، وإبعادها عن البحث عن القيم الجمالية والإنسانية المعرفيّة. وذلك بلجوئهم إلى نشر الكتب عديمة الفائدة، والتي تسهم في تخريب الذوق الجمالي والثقافي لدى جمهور القراء المتلقي، وذلك بنشرهم سلسلة واسعة من كتب الطبخ، والأزياء والأبراج، ونجوم السينما والرياضة، و جرائم الحب والجنس، و أشهر قصص الحب، و الجرائم، و القضايا البوليسية، و المخدرات، و أجمل جميلات العالم، وعلاقة المشاهير من رجال السياسة بشهيرات العالم وحسناواته، وأشهر فضائح رجال المال والاقتصاد و السياسة، و أشهر قضايا الاغتصاب والدعارة، و كثيرا من الكتب الجنسية غير المعرفيّة التي لا تقدّم معرفة علمية حقيقية بالجنس وأهميته الإنسانية و الحضارية، بل تركّز بالدرجة الأولى على الجنس باعتباره سلعة، وإثارة وشهوة مسعورة، يضاف إلى ذلك سلسلة من الكتب الكثيرة التي تقدّم المرأة سلعة، أو وعاء للذة والإنجاب، أو عاهرة متهتكة فاسدة مفسدة، لا أمّا طاهرة، أو زوجة مخلصة وفيّة، أو أختا كريمة، أو ابنة صالحة فاضلة. و قد أسهم ناشرو المجلات العربية ـ أيضا ـ إلى حد كبير في تهميش القارئ العربي، و الاستخفاف به، و الضحك عليه، و ذلك بالتركيز على الحسّ الشهواني عنده، والسلعي الاستهلاكي، و الغزيزي الدوني المنحطّ، و ذلك بالتركيز على صور الإثارة والأزياء، و أخبار فضائح النساء، و غرامهنّ و عشقهنّ وخيانتهن الزوجية، وتعدد زيجاتهن و طلاقهنّ. إنّ مثل هذه الثقافة الرائجة في أوساط المجتمع العربي المعاصر ستزيد في خلق الهوة الشاسعة بين الكاتب الجاد، و المسروق في بحثه وتطلعه، و أفقه المعرفي والحضاري، و بين الناشر، الذي لا يرى في عملية النشر إلاّ مزيدا من الثراء، و الأموال، و الإسراع في تكديسها، و ليذهب القارئ الجاد، و الباحث عن الحقيقة و المعرفة هو وكاتبه إلى الجحيم.



#محمد_عبد_الرحمن_يونس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الواقعي والتخيلي في ألف ليلة وليلة
- العدد الثاني من مجلة عالم الغد ـ النمسا
- ملامح المدينة العربية والإسلامية
- جريدة الخليج تكتب عن كتاب محمد عبد الرحمن يونس ـ رحلة إلى ال ...
- إلى جميع المفكرين والباحثين والأكاديميين ـ دعوة للكتابة في م ...
- العدد الأول من مجلة عالم الغد في النمسا
- الأب - قصة قصيرة جدا
- الحانوت - قصة قصيرة جدا
- أختي - قصة قصيرة جدا
- في حوار مع الأستاذ الدكتور المستشرق شريف شي سي تونغ الأستاذ ...
- الأم - قصة قصيرة جدا
- الدار البيضاء وحياة ريجنسي و TV5). قصة قصيرة مهداة إلى صديقي ...
- أخي - قصة قصيرة جدا
- النملة - قصة قصيرة جدا
- القلادة - قصة قصيرة جدا
- جانيت - قصة قصيرة جدا
- القبّرة - قصة قصيرة
- الأدباء الشهداء في العصر التركي على يد جمال باشا السفاح
- الخمّارة - قصة قصيرة جدا
- الزوجة - قصة قصيرة جدا


المزيد.....




- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...
- رسميًا.. جدول امتحانات الدبلومات الفنية 2024 لجميع التخصصات ...
- بعد إصابتها بمرض عصبي نادر.. سيلين ديون: لا أعرف متى سأعود إ ...
- مصر.. الفنان أحمد عبد العزيز يفاجئ شابا بعد فيديو مثير للجدل ...
- الأطفال هتستمتع.. تردد قناة تنة ورنة 2024 على نايل سات وتابع ...
- ثبتها الآن تردد قناة تنة ورنة الفضائية للأطفال وشاهدوا أروع ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد عبد الرحمن يونس - العلاقة بين الكاتب العربي والناشر العربي