أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - الجذور التاريخية لمأساة الشعب الفلسطينى















المزيد.....


الجذور التاريخية لمأساة الشعب الفلسطينى


طلعت رضوان

الحوار المتمدن-العدد: 3692 - 2012 / 4 / 8 - 10:09
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    



لم تبدأ مأساة الشعب الفلسطينى فى 15 مايو1948 تاريخ إعلان دولة إسرائيل ، ولم تبدأ مع قرارالتقسيم عام 1947 ، ولم تبدأ مع وعد بالفورعام 1917، ولم تبدأ مع إنشاء المكتب الصهيونى فى فلسطين عام 1907 ، ولم تبدأ مع المؤتمرالصهيونى الأول فى مدينة بازل بسويسرا عام 1897 ، وإنما المأساة تضرب بجذورها فى عمق التاريخ ، منذ أكثرمن ألفىْ عام ، عندما سطــّراليهود رؤيتهم للعالم ، وقسّموه إلى عالميْن : عالم شعب الله المختار، وعالم الأغيار من باقى الشعوب . فى هذا التقسيم فإنّ شعب الله المختارله حق الاستيلاء على أراضى كافة الشعوب الأخرى ، التى عليها (وفق هذا التقسيم) الخضوع أوالإبداة ، وهوالأمرالمنصوص عليه صراحة فى العهد القديم ، بغض النظرعما إذا كان نصًا مقدسًا نزل عليهم من السماء ، من قِبل إله العبرانيين ، أو نصًا كتبه اليهود أنفسهم .
ثم تتمثل المشكلة الثانية فى المأساة ، حيث يذهب بعض غلاة الصهيونية فى الإدعاء بعدم وجود شعب (أصلا) فى التاريخ باسم الشعب الفلسطينى . يكتبون ذلك رغم أنّ العهد القديم الذى يستندون إليه فى إحتلال أرض الميعاد ، به العديد من النصوص التى تـُشيرصراحة إلى وجود شعب باسم الشعب الفلسطينى ، ومن أمثلة ذلك النص على ((وتغرّب إبراهيم فى أرض الفلسطينيين أيامًا كثيرة)) (تكوين إصحاح 21 آية 34) وأيضًا ((فذهب إسحاق إلى أبيمالك ملك الفلسطينيين)) (تكوين – إصحاح 26- آية 1) وأيضًا ((وكان لما أطلق فرعون الشعب أنّ الله لم يهدهم فى طريق أرض الفلسطينيين)) (خروج – إصحاح 13- آية 17) وأيضًا ((هذه هى الأرض الباقية. كل دائرة الفلسطينيين)) إلى أنْ يقول ((أنا أطردهم من أمام بنى إسرائيل. إنما أقسّمها بالقرعة لإسرائيل)) (يشوع- إصحاح 13- الآيات من 1- 7) وأيضًا ((ثم عاد بنوإسرائيل يعملون الشرفى عينىْ الرب فدفعهم الرب ليد الفلسطينيين أربعين سنة)) (قضاة 13- أية 1) ثم عاد النص ليؤكد على حقيقة غاية فى الأهمية إذْ قال كاتبه ((وفى ذلك الوقت كان الفلسطينيون مُتسلطين على إسرائيل)) (قضاة 14- آية 4) أما سِفرصموئيل الأول فينص صراحة على ((وخرج إسرائيل للقاء الفلسطينيين للحرب ... واصطفّ الفلسطينيون للقاء إسرائيل واشتبكتْ الحرب فانكسرإسرائيل أمام الفلسطينيين ... وقال شيوخ إسرائيل لماذا كسّرنا اليومَ الربُ أمام الفلسطينيين)) (إصحاح 4- من 1- 3) أما أغرب نص فهوالذى أخذ صيغة الأمرالعجيب إذْ قال كاتبه ((تشدّدوا وكونوا رجالا أيها الفلسطينيون لئلا تــُستعبدوا للعبرانيين كما أستعبدوا هم لكم . فكونوا رجالا وحاربوا. فحارب الفلسطينيون وانكسرإسرائيل وهربوا كل واحد إلى خيمته. وسقط من إسرائيل ثلاثون ألف رجل)) (صموئيل الأول 4- الآيتان 9، 10) وبعد انتهاء المعركة كتب ((فأخذ الفلسطينيون تابوت الله)) (صموئيل الأول 5- آية 1) ثم عاد ليؤكد على ذلك فكتب (وكان تابوت الله فى بلاد الفلسطينيين سبعة أشهر) وبعد الصراع بين الفلسطينيين وبنى إسرائيل على من يحتفظ بتابوت الرب قال كاتب النص ((وأرسلوا رسلا إلى سكان قرية يعاريم قائلين قد ردّ الفلسطينيون تابوت الرب)) (صموئيل الأول 6- آية 21) ثم يعود النص ليُحذربنى إسرائيل من عبادة الآلهة الغريبة والعشتاروت ((وأعدوا قلوبكم للرب واعبدوه وحده فيُنقذكم من يد الفلسطينيين... وقال بنوإسرائيل لصموئيل لاتكف عن الصراخ من أجلنا إلى الرب إلهنا فيُخلصنا من يد الفلسطينيين)) إلى أنْ يقول ((فذلّ (الربُ) الفلسطينيين ولم يعودوا بعد للدخول فى تــُخم إسرائيل وكانت يد الرب على الفلسطينيين. والمدن التى أخذها الفلسطينيون من إسرائيل رجعتْ إلى إسرائيل. وكان صلحٌ بين إسرائيل والأموريين)) (صموئيل الأول 7- الآيات من 3- 14)
ومما يؤكد وجود الشعب الفلسطينى فى التاريخ القديم (باعتراف العهد القديم) هوالإصرارعلى وصف الحرب بين الفلسطينيين وبنى إسرائيل أتباع موسى ، فيصف ما فعله يوناثان عندما ضرب نصب الفلسطينيين ، ولذلك ((تجمّع الفلسطينيون لمحاربة إسرائيل)) إلى أنْ ينتقل إلى عهد شاول الذى أخذ مُلك إسرائيل وحارب ((جميع أعدائه : موآب وبنى عمون والفلسطينيين)) (صموئيل الأول إصحاح 13، 14) وعندما نصل إلى الإصحاح رقم 17نرى المشهد التالى إذْ ((جمع الفلسطينيون جيوشهم للحرب)) واصطفّ بنوإسرائل للقاء الفلسطينيين. ثم يشرح كاتب النص دورالنبى داود فى الحرب ضد الفلسطينيين ، وبروزالبطل الفلسطينى (جليات) الذى عجزبنو إسرائيل عن قتله. وأعلنوا أنّ من يقتله سينال المال الوفير، ويتزوج بنت الملك الإسرائيلى . وإنْ كان عبدًا سيمنحه الحرية. ثم وصفْ المعركة التى دارتْ بين داود وجليات ، وانتهتْ بأنْ قتل داود البطل الفلسطينى وقطع رأسه ((فلما رأى الفلسطينيون أنّ جبارهم قد مات هربوا.. وأخذ دواد رأس الفلسطينى وأتى به إلى أورشليم . وكان عند مجئيهم حين رجع داود من قتل الفلسطينى ، أنّ النساء خرجتْ من جميع مدن إسرائيل بالغناء والرقص للقاء شاول الملك بدفوف وبفرح)) ثم عرض الملك على داود أنْ يُزوّجه ابنته الكبرى (ميْرب) فقال داود للملك شاول ((من أنا وما هى حياتى وعشيرة أبى فى إسرائيل حتى أكون صهرالملك)) وعندما سخرعبيد الملك من هذه المصاهرة ، قال داود ((هل هومُستخف فى أعينكم مصاهرة الملك وأنا رجل مسكين وحقير)) فكان رد الملك أنّ مهرابنته سيكون مائة غلفة (الغلفة غطاء أى شىء ومنها غطاء العضوالتناسلى للذكر) من الفلسطينيين للانتقام من أعداء الملك)) ثم تكون المفاجأة فى الآية التالية مباشرة ، إذْ يكتشف القارىء أنّ الملك كان يسعى للتخلص من داود ، ووفق النص ((وكان شاول يتفكرأنْ يوقع داود بيد الفلسطينيين)) وبالفعل ((ذهب داود هو ورجاله وقتل من الفلسطينيين مئتى رجل وأتى داود بغلفهم وأكملوها للملك لمصاهرة الملك . فأعطاه شاول ميكال ابنته امرأة (= زوجة) فرأى شاول أنّ الرب مع داود . وعاد شاول يخاف داود . وصارشاول عدوًا لداود كل الأيام)) ورغم أنّ داود وشاول يُمثلان مصلحة بنى إسرائيل ضد الفلسطينيين ، فإنّ شاول أصرّعلى عدائه لداود وطلب من ابنه يوثان (ابن شاول) أنْ يقتل داود. والعجيب (لوصدّقنا النص) فإنّ يوثان فتن على أبيه وأخبرداود بمخطط قتله تنفيذًا لأوامرأبيه. ووفق النص ((فأخبريوثان داود قائلا شاول أبى مُلتمس قتلك)) ورغم استمرارالحرب بين الفلسطينيين وبنى إسرائيل إذْ ذكركاتب النص ((وعادت الحرب تحدث فخرج داود وحارب الفلسطينيين وضربهم ضربة عظيمة فهربوا من أمامه)) رغم ذلك فإنّ الملك شاول أصرّعلى قتل داود ، ووفق النص ((فأرسل شاول رسلا إلى بيت داود ليُراقبوه ويقتلوه)) ووقعتْ ميكال (ابنة شاول وزوجة داود) فى صراع درامى يحتاج لموهبة شكسبير: فإلى أى طرف تنحاز: إلى أبيها أم إلى زوجها ؟ انحازت لزوجها وهرّبته فعاتبها أبوها. وفى هروب داود اكتشف أنّ الفلسطينيين يُحاربون وينهبون البيادر. فسأل داود ربه ((أأذهب وأضرب هؤلاء الفلسطينيين . فقال الرب لداود اذهب واضرب الفلسطينيين.. وقال الربُ أيضًا لداود قم فإنى أدفع الفلسطينيين ليدك . فذهب داود ورجاله وحارب الفلسطينيين وساق مواشيهم وضربهم ضربة عظيمة)) وعندما تحالف داود مع (أخيش بن معوك) ملك جت ، فإنّ داود ضرب الأرض (ولم يستبق رجلا ولا امرأة وأخذ غنمًا وبقرًا وحميرًا. وعندما سأله (أخيش) هل غزوتَ اليوم ؟ ردّ داود (بلى) أى نعم ((وهكذا عادته كل أيام إقامته فى بلاد فلسطين)) ومع ذلك فإنّ كاتب النص يختتم هذا الإصحاح بعبارة مُربكة إذْ كتب ((فصدّق أخيش داود قائلا قد صارمكروهًا لدى شعبه إسرائيل فيكون لى عبدًا إلى الأبد)) (صموئيل الأول : 13) ومما يؤكد وجود شعب باسم الشعب الفلسطينى ، اعتراف العهد القديم بذلك فى أكثرمن موضع ، فمثلا يستهل كاتب نص الإصحاح 28من سفرصموئيل الأول قائلا ((وكان فى تلك الأيام أنّ الفلسطينيين جمعوا جيوشهم لكى يُحاربوا إسرائيل)) ويستهل الإصحاح رقم 29قائلا ((وجمع الفلسطينيون جميع جيوشهم إلى أفيق.. وقال رؤساء الفلسطينيين ما هؤلاء العبرانيون)) ويستهل الإصحاح رقم 31قائلا ((وحارب الفلسطينيون إسرائيل فهرب رجال إسرائيل من أمام الفلسطينيين... وفى الغد لما جاء الفلسطينيون ليعرفوا القتلى وجدوا شاول وبنيه الثلاثة ساقطين فى جبل جلبوع ، فقطعوا رأسه))
ومن النصوص المُذهلة النص على أنّ بنى إسرائيل كانون أسرى فى يد الفلسطينيين ، إذْ يقول النص أنّ ((الرب كلم داود قائلا إنى بيد داود عبدى ، أخلص شعبى إسرائيل من يد الفلسطينيين)) (صموئيل الثانى- إصحاح 3: 18) وفى هذا السِفرنجد تكرارًا لإستمرارالحرب والقتال والدمار بين الفلسطينيين وبنى إسرائيل. وفى سِفرالملوك الأول اعتراف صريح بأنّ الفلسطينيين يمتلكون منطقة (جيثون) المحاصرة من بنى إسرائيل (إصحاح 14) وفى سِفرأخبارالأيام الأول يستهل كاتب النص الإصحاح العاشرقائلا (( وحارب الفلسطينيون إسرائيل فهرب رجال إسرائيل من أمام الفلسطينيين ، وسقطوا قتلى فى جبل جلبوع)) وإزاء هذا التكرارفليس أمام الباحث سوى أحد احتمالين : الأول أنّ كاتب النص شخص واحد ومع ذلك يُكررنفسه ويكتب الواقعة الواحدة أكثرمن مرة. الاحتمال الثانى تعدد من كتبوا نصوص العهد القديم ، وأيًا كان أحد الاحتمالين فإنّ الواقعة الواحدة تجدها متناثرة فى معظم أسفارالعهد القديم . وفى سِفر أخبارالأيام الثانى نجد اسم (العرب) بجانب الفلسطينيين ، فى نص مُثيرللتساؤل عن موقف الرب المُعادى للفلسطينيين والعرب إذْ يقول ((وأهاج الربٌ على يهورام روح الفلسطينيين والعرب الذين بجانب الكوشيين)) (إصحاح 21) ثم يتضح موقف الرب بشكل صريح فى سِفرإرميا إذْ جاء به (( لأنّ الرب يهلك الفلسطينيين)) (إصحاح 47) ويكون موقف الرب العبرى أكثرسفورًا فى سِفرحزقيال إذْ جاء به ((ها أنا ذا أمد يدى على الفلسطينيين وأستأصل الكريتيين وأهلك بقية ساحل البحروأجرى عليهم نقمات عظيمة.. فيعلمون أنى أنا الرب إذْ أجعل نقمتى عليهم)) (إصحاح 25)
الاستيلاء على أراضى الغير:
بعد تقديم الدليل من الكتاب الذى يُقدّسه اليهود على وجود شعب اسمه الشعب الفلسطينى، فإنّ هذا الكتاب نفسه يُقدّم الدليل على أنّ الاستيلاء على أراضى الشعب الفلسطينى (وغيره من الشعوب) إنما تم تنفيذًا لإرادة الرب العبرانى ، ففى سِفرالتكوين نقرأ على لسان النبى إبراهيم ((الرب إله السماء الذى أخذنى من بيت أبى ومن أرض ميلادى والذى كلمنى والذى أقسم لى قائلا لنسلك أعطى هذه الأرض)) (إصحاح 24) فى هذا النص نـُلاحظ أنّ الرب يُقسم لنبيه وليس العكس ، وفقـًا للمنطق العقلى . وعندما وصل إبراهيم إلى أبيمالك ملك فلسطين قال الرب لإبراهيم سأكون معك وأباركك ((لإنى لك ولنسلك أعطى جميع هذه البلاد)) (إصحاح 26) وفى سِفريشوع ينحازالرب لبنى إسرائيل إذْ نصّ على ((وطرد الربُ من أمامنا جميع الشعوب)) (إصحاح 24) ونجد أيضًا أنّ الإله العبرى يعطى بنى إسرائيل (كل دائرة الفلسطينيين وكل لبنان) أما عن مصيرهذه الشعوب فإنّ الرب يقول ((أنا أطردهم من أمام بنى إسرائيل . إنما أقسّمها بالقرعة إسرائيل مُـلكـًا كما أمرتك)) (إصحاح 13) وفى سِفر(عدد) قال الرب لموسى ((اصعد إلى جبل عباريم وانظرالأرض التى أعطيتُ بنى إسرائيل)) (إصحاح 27) والرب يُوزّع أراضى الغيرعلى بنى إسرائيل بالقرعة فينص سِفريشوع على ((وخرجتْ القرعة لبنى يوسف من أردن أريحا إلى ماء أريحا.. إلخ)) (إصحاح 16) ويستهل الإصحاح 17قائلا ((وكانت القرعة لسِبط منسى)) وفى الإصحاح 18 ((وطلعتْ قرعة سِبط بنى بنيامين حسب عشائرهم.. وكانت تخمهم من جهة الشمال من الأردن)) وفى الإصحاح 19 ((وخرجت القرعة لسِبط بنى شمعون حسب عشائرهم)) وفى هذا السِفرشرح لكل أنواع (القرعة) التى وصل عددها ست مرات وبعدها يقول النص (( ولما انتهوا من قسمة الأرض حسب تخومها أعطى بنوإسرائيل يشوع بن نون نصيبًا فى وسطهم)) وفى سِفرحزقيال يتم الاستيلاء على أراضى دمشق وحماة والأردن ، بأمرالسيد الرب الذى قال فى نهاية النص ((فتقسمون هذه الأرض لكم لأسباط إسرائيل . ويكون أنكم تقسمونها بالقرعة لكم وللغرباء المُتغربين فى وسطكم . فيكونون لكم كالوطنيين من بنى إسرائيل . يُقاسمونكم الميراث فى وسط أسباط إسرائيل)) (إصحاح 47) أما الاستيلاء على أراضى شعبنا المصرى فالآيات عديدة منها على سبيل المثال ما جاء فى سِفرالتكوين ((فى ذلك اليوم قطع الربُ مع إبرام ميثاقا قائلا لنسلك أعطى هذه الأرض من نهرمصرإلى النهرالكبيرنهرالفرات)) (15)
وفى العهد القديم نصوص صريحة تؤكد العلاقة العضوية بين الديانة اليهودية والصهيونية ، ففى المزاميرنقرأ ((مُبارك الرب من صهيون الساكن فى أورشليم)) (مزمور135) و((سبّحى يا أورشليم إلهك يا صهيون)) (مزمور147) و((أخرجنَ يا بنات صهيون وأنظرنَ الملك سليمان.. إلخ (نشيد الإنشاد 3) و((الرب عظيم فى صهيون)) (مزمور99) و((رنـّموا للرب الساكن فى صهيون)) (مزمور9) وفى خطاب موجه لداود يقول ((ليُرسل لك عونـًا من قدسه ومن صهيون ليَعْضُدْكَ)) (مزمور20) و((أحسنْ برضاك إلى صهيون)) (مزمور51) و((لك ينبغى التسبيح يا الله فى صهيون)) (مزمور65) و((لأنّ الله يُخلص صهيون ويبنى مدن يهوذا فيسكنون هناك ويرثونها)) (مزمور69) و((ها أنذا والأولاد الذين أعطانيهم الرب آيات وعجائب فى إسرائيل من عند رب الجنود الساكن فى جبل صهيون)) (إشعياء 8)
أما الانحيازلبنى إسرئيل فيتضح فى آيات عديدة منها ((فالآن إنْ سمعتم لصوتى وحفظتم عهدى تكونون لى خاصة من بين جميع الشعوب)) (خروج19) و((فنمتازأنا وشعبك عن جميع الشعوب الذين على وجه الأرض)) (خروج 33) ويصل الانحيازلدرجة أنْ يقول الإله ((إنى أنا الرب ساكن فى وسط بنى إسرائيل)) (عدد 35) وأكثرمن ذلك أنّ ((الرب إله إسرائيل حارب عن إسرائيل)) (يشوع 10) و((فقال الرب لداود اصعد لأنى دفعًا أدفع الفلسطينيين ليدك.. فجاء داود وضربهم وقال قد اقتحم الربُ أعدائى أمامى)) (صموئيل الثانى 5) ويقول الرب ((وأسكن فى وسط بنى إسرائيل وأكون لهم إلهًا فيعلمون أنى أنا الرب إلههم الذى أخرجهم من مصرلأسكن فى وسطهم)) (خروج 29) بل إنّ الرب ينزل بنفسه ليُحارب لصالح بنى إسرائيل ضد مصرفيقول النص ((لأنّ الرب إلهكم سائرمعكم لكى يُحارب عنكم أعداءكم)) (تثنية 20)
العنف وسيلة الاحتلال :
فى التاريخ القديم كما فى التاريخ الحديث ، فإنّ الاحتلال وسيلته العنف. إنما المُلفت للانتباه أنّ العنف فى العهد القديم يأتى بدعم من الإله مباشرة ، وفى ذلك نجد العديد من الآيات التى تنص صراحة على أنّ ((الرب رجل حرب)) (خروج 15) وأنّ ((الرب إله إسرائيل حارب عن إسرائيل)) (يشوع 10) و((ربُ الجنود إلهٌ على إسرائيل)) (صموئيل الثانى 7) و((يقول السيد رب الجنود)) (إشعياء 1) و((هكذا قال رب الجنود اقطعوا أشجارًا أقيموا حول أورشليم مترسة هى المدينة المُعاقبة.. تأدبى يا أورشليم لئلا تجفوك نفسى لئلا أجعلك خرابًا)) (إرميا 6)
والعنف يأخذ عدة أساليب : القتل والابادة الجماعية أوالأسر، وحرق المدن إلخ. يقول الربُ ((أبطل مدن يهوذا ومن شوارع أورشليم صوتَ الطرب وصوتَ الفرح صوتَ العريس وصوتَ العروس لأنّ الأرض تصيرخرابًا)) (إرميا 7) و((هكذا قال الرب الذين للموت فإلى الموت والذين للسيف فإلى السيف والذين للجوع فإلى الجوع والذين للسبى فإلى السبى)) (إرميا 15) و((لأنه هكذا قال لى الرب إله إسرائيل . خذ كأس خمرهذا السخط من يدى واسق جميع الشعوب الذين أرسلك أنا إليهم فيشربوا ويترنـّحوا ويتجنـّنوا من أجل السيف الذى أرسله أنا بينهم . فأخذتُ الكأس من يد الرب وسقيت كل الشعوب الذين أرسلنى الرب إليهم.. إلخ)) (إرميا 25) وهذا العنف يُباركه الرب قائلا ((لإنى صرتُ لإسرائيل أبًا)) (إرميا31) والعداء والغزويشمل عدة شعوب فيقول الرب على لسان إرميا ((ويأتى ويضرب أرض مصرالذى للموت للموت والذى للسبى للسبى والذى للسيف للسيف . وأوقد نارًا فى بيوت آلهة مصرفيحرقها ويُكسرأنصاب بيت شمس الذى فى أرض مصرويحرق بيوت آلهة مصربالنار.. وأعاقب الذين يسكنون فى أرض مصركما عاقبتُ أورشليم بالسيف والجوع والوباء)) (إرميا 43، 44) كما أنه يُشبّه مصربعِجْلة حسنة جدًا والمصريين بالعجول (إرميا 46) وفى نفس الوقت يؤكد على أنّ ((الرب يُهلك الفلسطينيين)) (إرميا 47) كما أنه ((أشعل نارًا فى سوردمشق)) (إرميا 49) ويقول الربُ ((ها أنذا أمد يدى على الفلسطينيين وأستأصل الكريتيين وأهلك بقية ساحل البحر. وأجرى عليهم نقمات عظيمة.. فيعلمون أنى أنا الرب إذْ أجعل نقمتى عليهم)) (حزقيال 25) والعقل الحريسأل هل هذه الدموية صفات إله ؟ أم هى المخزون اللاشعورى عند العبريين عن إلههم ؟ لأنه رغم هذه القسوة الوحشية غيرالمُبرّرة على المستوى الإنسانى نجد النص يعترف بأنّ اليهود أخذوا الأرزمن لبنان والكتان المُطرّزمن مصر(حزقيال 27) وأكثرمن ذلك نجد أنّ أتباع موسى ندموا بعد خروجهم من مصر، وعاتبوا موسى وهارون وقالوا ((قد تذكرنا السمك الذى كنا نأكله فى مصرمجانـًا والقثاء والبطيخ والكرات والبصل والثوم)) وقالوا ((إنه كان لنا خيرفى مصر)) (عدد 11) وقالوا ((ليتنا مُتنا بيد الرب فى أرض مصرإذْ كنا جالسين عند قدوراللحم نأكل خبزًا للشبع)) (خروج 16) ويصل الندم لدرجة أنْ يقولوا ((ليتنا مُتنا فى أرض مصر. أليس خيرًا لنا أنْ نرجع إلى مصر)) (عدد 14) رغم كل ذلك يعود الإله العبرى إلى لغة القسوة فيقول ((وتكون أرض مصرمُقفرة وخربة فيعلمون إنى أنا الرب لأنه قال النهرلى وأنا عملته. لذلك ها أنا عليك وعلى أنهارك وأجعل أرض مصرخرابًا خربة مقفرة من مجدل إلى أسوان إلى تـُخم كوش.. وأشتت المصريين بين الأمم وأبددهم فى الأراضى.. أنا الرب أضرم نارًا فى مصر)) (حزقيال 29، 30) هذه الرغبة الدموية فى اللاشعوريُعبّرالنص عنها قائلا ((حىٌ أنا يقول السيد الرب إنى أهيئك للدم والدم يتبعك . إذْ لم تكره الدم فالدم يتبعك. فاجعل جبل سعيرخرابًا ومقفرًا)) (حزقيال 35) وهذا اللاشعوربديمومة الحرب وغزوالشعوب المُستقرة يمتد لدرجة أنْ يقول ((اضربوا بالبوق فى صهيون صوّتوا فى جبل قدسى ليرتعد سكان الأرض لأنّ يوم الرب قادم.. يوم ظلام.. قدامه نارتأكل وخلفه لهب يحرق)) (يوئيل 2) ورغم هذه البشاعة يصف نفسه (فى ذات السِفر وذات الإصحاح) بأنه ((رؤوف رحيم)) فكيف يكون من له صفة الرأفة وصفة الرحمة يُنزل غضبه ولعناته على مصربلا أى مُبرّرإنسانى فيقول أنه جعل فى مصرآياته وعجائبه ((إذْ حوّل خلجانهم إلى دم ومجاريهم لكى لايشربوا وأرسل عليهم بعوضًا فأكلهم وضفادع فأفسدتهم.. وضرب كل بكرفى مصر)) (مزمور78) وصوراللعنات وتحويل الأراضى والنهروالبيوت إلى دم ، وقتل كل الأطفال والتحريض على سرقة المصريين ، نجدها مُتناثرة فى أكثرأسفارالعهد القديم (أنظرسِفر الخروج على سبيل المثال) وهكذا نجد أنّ العداء العبرى (غيرالمُبرّرعلى المستوى الإنسانى) شمل مصروفلسطين والأردن ولبنان ودمشق .
المأزق الحضارى للمرجعية الدينية :
إذا كان التاريخ القديم شهد الحرب الدموية بين الشعب الفلسطينى واليهود ، وإذا كان الفلسطينيون واليهود يؤمنون بالأنبياء العبريين ، بدءًا بإبراهيم حتى داود وسليمان مرورًا بموسى ، فلماذا الاختلاف بين أبناء الديانة الواحدة ؟ لماذا تستمرالحرب بينهم فى عصرنا الحديث البائس كما كانت فى عصرجدودهم ؟ وهل دموية اللاشعورفى الوجدان العبرى مازالت تتحكم فى الحاخامات المُتمسكين بالنص (الدينى) وبالتالى يرفضون إقامة الدولة الفلسطينية الحرة المُستقلة؟ وإذا كان هذا هوحال اليمين الصهيونى ، فلماذا يرفض اليمين الاسلامى / العروبى التعاون مع العلمانيين فى إسرائيل وفى المنطقة كلها ؟ بل يرفضون الاعتراف بهم ويُشوّهون صورتهم بتهم الكفرإلخ ، مع أنّ هذا التيارالعلمانى الإسرائيلى ، هوالمؤيد لحق الشعب الفلسطينى فى كافة حقوقه المشروعة ، سواء بإقامة دولة فلسطينية مُستقلة بجانب دولة إسرائيل ، أوإقامة دولة واحدة علمانية ، يكون حق المواطنة فيها لكل من الشعبيْن الفلسطينى والإسرائيلى ، بالمساواة التامة على أنهما أصبحا شعبًا واحدًا ، له نفس الحقوق وعليه نفس الواجبات . أعلم أنّ هذا الاقتراح صادم للعروبيين والإسلاميين ، لكنه (بجانب الحل الأول أى دولة فلسطينية مستقلة) أحد الحلول التى أرى أنْ يتخلص العروبيون والإسلاميون من عواطفهم وأحلامهم الطوباوية المريضة. وأنْ يتخلص اليمين الصهيونى من التمسك بكتابهم الذى يُقدّسونه رغم ما فيه من بذورالتوحش واللاإنسانية التى أسّستْ لأيديولوجيا الاعتداء على الشعوب الحرة المُستقرة .
***



#طلعت_رضوان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- درس من خبرة الحركة الوطنية
- صياغة التعصب الدينى بالإبداع
- دستور وطنى دائم أم شخص الرئيس
- شواطىء العدل والحرية عند رمسيس لبيب
- السفر الأخير - قصة قصيرة
- مجابهة التخلف الحضارى
- الإبداع بين الدراما والسياسة
- أوديسا التعددية الثقافية
- مباراة عصرية فى شد الحبل بين الحرية والدكتاتورية
- دستور سنة 23 وموقف الليبراليين المصريين
- قصة (بعد صلاة الجمعة) والفكر الأصولى
- إبراهيم أصلان والكتابة بلغة فن الهمس
- محجوب عمر والترانسفير الصهيونى
- نداء الحرية فى مواجهة بطش العسكر
- العلاقة بين التدين والإبداع الشعبى
- الروائى الأيرلندى جيمس جويس واليهود
- الصحافة المصرية وحجب المعلومات
- الدبلوماسية المصرية بعد يوليو52
- الآثاروالسياحة واللغة المصرية القديمة
- بورتريه لإنسان لا أعرفه


المزيد.....




- بعد اقتحامات الأقصى بسببه.. ماذا نعرف عن عيد الفصح اليهودي ا ...
- ما جدية واشنطن في معاقبة كتيبة -نيتسح يهودا- الإسرائيلية؟
- بالفيديو.. مستوطنون يقتحمون الأقصى بثاني أيام الفصح اليهودي ...
- مصر.. شائعة تتسبب في معركة دامية وحرق منازل للأقباط والأمن ي ...
- مسئول فلسطيني: القوات الإسرائيلية تغلق الحرم الإبراهيمي بحجة ...
- بينهم طلاب يهود.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين تهز جامعات أمري ...
- أسعدي ودلعي طفلك بأغاني البيبي..تردد قناة طيور الجنة بيبي عل ...
- -تصريح الدخول إلى الجنة-.. سائق التاكسي السابق والقتل المغلف ...
- سيون أسيدون.. يهودي مغربي حلم بالانضمام للمقاومة ووهب حياته ...
- مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى في ثاني أيام الفصح اليهودي


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - الجذور التاريخية لمأساة الشعب الفلسطينى