أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - معمر خولي - انتقائية الجماعة الدولية في توظيف المصطلحات القانونية















المزيد.....

انتقائية الجماعة الدولية في توظيف المصطلحات القانونية


معمر خولي

الحوار المتمدن-العدد: 3692 - 2012 / 4 / 8 - 05:09
المحور: السياسة والعلاقات الدولية
    


انتقائية الجماعة الدولية في توظيف المصطلحات القانونية
لم تقتصر التحولات السياسية البارزة التي شهدتها الجماعة الدولية في مرحلة ما بعد الحرب الباردة على تفكك الاتحاد السوفييتي، وانهيار المنظومة الاشتراكية في دول أوروبا الشرقية فقط، بل انسحبت أيضا على المصطلحات القانونية حيث وظفت سياسياً بما يخدم مصالح منظومة الدول الرأسمالية وفي مقدمتها الولايات المتحدة الامريكية التي تري في نهاية الحرب الباردة انتصارا لها.
ومن هذه المصطلحات، مصطلح حقوق الانسان حيث استطاعت تلك المنظومة توظيفه على مستويين استرجاعيين. الأول، حيث عملت على استرجاع مبدأ التدخل الدولي الانساني الى السياسة الدولية المعاصرة، ويهدف ذلك المبدأ الى الحد من انتهاكات حقوق الانسان التي يتعرض لها مواطني الدولة محل التدخل.
لكن ما يلاحظ على هذا المبدأ من خلال الممارسة العملية له الانتقائية في تطبيقه من قبل الدولة العظمى( الولايات المتحدة الأمريكية) والدول الكبرى فقد غلبت تلك الدول الاعتبارات الإستراتيجية على الأخلاقية في ممارساتها للتدخل الدولي الإنساني. فتطبيقاته بحجة حماية الاكراد من انتهاكات نظام الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين في مرحلة ما بعد الحرب الباردة، والتدخل في الصومال وبذريعة انهيار الدولة والمجاعة الإنسانية، والتدخل في البوسنة والهرسك، لوقف الانتهاكات التي كان يتعرضون لها من قبل الدولة الصربية.
كل تلك التدخلات كانت لإعتبارات استراتيجية، ففي حالة العراق أنتقص التدخل الامريكي البريطاني الفرنسي من سيادته وكان سببا في احتوائه وإضعافه لينتهي الى احتلاله في 9 نيسان 2003، أما التدخل الأمريكي في الصومال فكان دافعه السياسي التأكيد على الانفراد الامريكي في مقدرات النظام العالمي في مرحلة ما بعد الحرب الباردة، والاقتصادي نقل كميات هائلة من "الألماز" الصومالي، أما الاستراتيجي احكام سيطرتها على مداخل البحر الأحمر وبعد اتمام مهامها الانسانية الفاشلة ،انسحبت من الصومال، لتعمق من عملية انهياره المستمر الى يومنا هذا.
أما التدخل حلف الشمال الأطلسي في كوسوفا جاء لطي آخر صفحة -بنظرهم- من صفحات الحرب الباردة بالتخلص من الرئيس الصربي سلوبودان ميلوسيفتش ذو النزعة القومية- العرقية المتشددة، ووقف هجرة الكوسوفيين الذين كانوا محتشدين على تخوم اوروبا.
وإذا كانت الدول الغربية بالفعل معنية كثيرا بحقوق الإنسان، فلماذا لم تتدخل في الكثير من الحروب الاهلية التي وقعت في مختلف مناطق العالم بعد نهاية الحرب الباردة؟ فلماذا على سبيل المثال لم تتدخل في وقف المذابح الانسانية التي تعرض لها الشعب الرواندي في عام 1994، والتي راح ضحيتها أكثر من نصف مليون إنسان لماذا آثرت على نفسها صمت القبور، وهي تتابع ذلك المشهد الدموي ؟
إن الدولة العظمى والدول الكبرى المعنية بحماية حقوق الإنسان! لا تطبق معاييره على الدول الحليفة ولا الشركاء التجاريين كالصين على سبيل المثال، في حين فرضت على الدول الضعيفة كنيجيريا بسبب انتهاكات حقوق الانسان فيها سلسلة من العقوبات الاقتصادية والدبلوماسية واستمرت ست سنوات من عام 1993 الى 1999 ، أما الدول المناوئة لسياساته، كالعراق فرض عليه معيار ما بعد الحداثة في مجال حماية حقوق الانسان! وهو التدخل الدولي الانساني والذي استمر من عام 1991 الى 2003.
وبعد الاحتلال العراق بدأت المؤسسات الفكرية والبحثية الغربية تتداول مفهوم جديد وهو "العدالة الانتقالية" كصيغة متطورة عن التدخل الانساني وأسلوب جديد للهيمنة باسم حقوق الانسان. فالغرب الذي يبدع في التعددية السياسية والتقدم الاقتصادي والتطور العسكري والتكنولوجي، لن يعجز على إعادة تشكيل المصطلحات القانونية التي تخدم مصالحه لاسيما اذا وجدت تلك البيئة التي تشجعه على ذلك.
أما المصطلح الثاني، فهو حق تقرير المصير.وتصنفه أدبيات حقوق الانسان على أنه من الحقوق الانسانية الجماعية، وقد عرفه فقه القانون الدولي العام وأساتذة العلاقات الدوليه على أنه "حق" كل شعب في اختيار شكل حكومته ونظامه السياسي بحرية كاملة ودون أي تدخل خارجي، والإفادة من ثرواته الطبيعية والتمتع بتراثه الروحي والمادي دونما قيد وعلى النحو الذي يريده.
وقد ظل مبدأ حق تقرير المصير وحتى نهاية الحرب العالمية الثانية مبدءا سياسيا ليس له إلا قيمة أدبية. لكن سرعان ما أضحى بعد قيام الأمم المتحدة مبدأ قانونيا يرقى الى مصاف القواعد القانونية الآمرة التي لايجوز مخالفتها. ولعل ما يدلل على ذلك، حرص واضعي ميثاق الأمم المتحدة على الإشارة إليه في المادة الاولى الفقرة الثانية بالقول" إنماء العلاقات الودية بين الأمم على أساس احترام المبدأ الذي يقضي بالتسوية في الحقوق بين الشعوب وبأن يكون لكل منها تقرير مصيرها، وكذلك اتخاذ التدابير الأخرى الملائمة لتعزيز السلم العام".
ولأهمية حق تقرير المصير أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة عدة قرارات للتأكيد عليه، ومنها قرار رقم 1514 الصادر في 14-12-1960، الذي جاء بعنوان" إعلان منح الاستقلال للبلدان والشعوب المستعمرة" والذي نص صراحة في الفقرة الثانية من مقدمة القرار ما يلي " لجميع الشعوب الحق في تقرير مصيرها، ولها- بمقتضى هذا الحق- أن تحدد ، بحرية ، مركزها السياسي، وتسعى بحرية إلى تحقيق نمائها الاقتصادي والاجتماعي والسياسي" وقرار رقم 2625 والصادر بتاريخ 24-10-1970، و بالإضافة الى المادة الاولى الفقرة الاولى في كل من العهديين الدوليين للحقوق المدنية والسياسية والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لعام 1966، فقد أكدتا على مضمون الفقرة السابقة.
ويستخلص جانب من فقهاء القانون الدولي من تلك الاعلانات بأن حق تقرير المصير حق الانسان الجماعية ،موجها فقط الى حالة الشعوب الخاضعة للاحتلال أو السيطرة الاستعمارية للحصول على استقلالها ،وبالتالي فلا يجوز الاحتجاج به من جانب جماعة معينة تعيش داخل الدول وبحيث لا يكون أمام هذه الجماعة- حال الافتئات على حقوقها بشكل منظم ومتعمد- سوى العمل على كفالة هذه الحقوق من مدخل حقوق الانسان ليس إلا، ومن منطلق وطني في المقام الأول. لذا ينكرون هؤلاء الفقهاء شرعية أي حق تقرير المصير يجيز أي عمل أو يشجع على أي عمل من شأنه أن يمزق أو أن يخل جزئيا أو كليا بالسلامة الإقليمية والوحدة السياسية للدول المستقلة ذات السيادة.
أما في مرحلة ما بعد الحرب الباردة انتقل حق تقرير المصير من اطاره الاستقلالي الى الانفصالي، فقد قامت الدول الغربية بتسييسه حيث عملت على تدويل القضايا الداخلية داخل الدولة الواحدة وتشجيع الحركات القومية والدينية للمطالبة بالانفصال عن الدولة، بحجة انتهاك حقوق الإنسان وفي هذا السياق أجبرت الدول الغربية أندونيسيا على اجراء استفتاء في عام 1999، يحدد مصير تيمور الشرقية، وقد نظمته الامم المتحدة وأرسلت قواتها صوب تيمور الشرقية لضمان حق التيموريين في الانفصال عن أندونيسيا وحمايتهم من المليشيات الداعمة للأقلية المتمسكة بالوحدة معها، وبالفعل انفصلت تيمور الشرقية عنها، ومما لا شك فيه، كما انفصل جنوبي السودان عن الدولة الأم.
وأتساءل، لماذا لم تحظ قضية الشعب الفلسطيني المحتل وهي أقدم قضية قانونية في تاريخ الأمم المتحدة بحق تقرير المصير، أليس الاحتلال الصهيوني أبشع احتلال عرفه التاريخ يسعى لمصادرة الأرض والهوية والإنسان؟ ما هي الظروف الذاتية التي تتوفر لدى التيموريين والجنوبيين ولا تتوفر لدى الفلسطينيين، من الذي يحمي الفلسطينيين الرازحين تحت الاحتلال منذ أكثر من 40 عاما( إذا سلمنا بمنطق الدولتين الفلسطينية و"الصهيونية")، أم أن قدر القضية الفلسطينية تكون وقفاً دولياً. الى ما شاء الله.



#معمر_خولي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تركيا - المكيافيلية-
- مبدأ تصفير المشكلات في ضوء الانتفاضة السورية
- مشهد التغيير العربي.... إعادة الاعتبار لمفهوم الشعب
- في ذكرى تأسيس جامعة الدول العربية، ليس دفاعاً عنها
- اللغة العربية: رمز الهوية ورهان التنمية.
- في ضوء ما يجري في سورية: موقف النظريات السياسية في العلاقات ...
- في ذكرى إلغاء الخلافة الاسلامية.... العلمانية والعلماني لدى ...


المزيد.....




- فيديو لرجل محاصر داخل سيارة مشتعلة.. شاهد كيف أنقذته قطعة صغ ...
- تصريحات بايدن المثيرة للجدل حول -أكلة لحوم البشر- تواجه انتق ...
- السعودية.. مقطع فيديو لشخص -يسيء للذات الإلهية- يثير غضبا وا ...
- الصين تحث الولايات المتحدة على وقف -التواطؤ العسكري- مع تايو ...
- بارجة حربية تابعة للتحالف الأمريكي تسقط صاروخا أطلقه الحوثيو ...
- شاهد.. طلاب جامعة كولومبيا يستقبلون رئيس مجلس النواب الأمريك ...
- دونيتسك.. فريق RT يرافق مروحيات قتالية
- مواجهات بين قوات التحالف الأميركي والحوثيين في البحر الأحمر ...
- قصف جوي استهدف شاحنة للمحروقات قرب بعلبك في شرق لبنان
- مسؤول بارز في -حماس-: مستعدون لإلقاء السلاح بحال إنشاء دولة ...


المزيد.....

- الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن / مرزوق الحلالي
- أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا ... / مجدى عبد الهادى
- الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال ... / ياسر سعد السلوم
- التّعاون وضبط النفس  من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة ... / حامد فضل الله
- إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية / حامد فضل الله
- دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل ... / بشار سلوت
- أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث / الاء ناصر باكير
- اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم / علاء هادي الحطاب
- اطروحة التقاطع والالتقاء بين الواقعية البنيوية والهجومية الد ... / علاء هادي الحطاب
- الاستراتيجيه الاسرائيله تجاه الامن الإقليمي (دراسة نظرية تحل ... / بشير النجاب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - معمر خولي - انتقائية الجماعة الدولية في توظيف المصطلحات القانونية