أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسين علوان حسين - حكم القَراد في مزبلة الوهاد















المزيد.....

حكم القَراد في مزبلة الوهاد


حسين علوان حسين
أديب و أستاذ جامعي

(Hussain Alwan Hussain)


الحوار المتمدن-العدد: 3691 - 2012 / 4 / 7 - 01:15
المحور: الادب والفن
    


كان يا ما كان في قديم الزمان مزبلة قديمة أسمها "مزبلة الوهاد" ، تسومها الخسف و الهوان قرادة طويلة شهيرة ، تتميز بالجبن الطاغي و شدة الشراسة و قلة الفراسة . سمع بشهرة هذه القرادة دبور الزيوت القاتل ذي اللواسع الطويلة من مجمع المزابل الجديد البعيد ، فعزم على منازلتها ليثبت للجميع بكونه الوحش الأشرس و الأخبث في الكون ، و ليحصل منها على زيوت جديدة بنكهة مجانية غير معهودة فيشبع منها نهمه الذي لا حد له للزيوت من كل صنف و نوع . و بدلاً من منازلة القرادة وجهاً لوجه ، مثلما يفعل الشجعان من عصر الفرسان عند تحديهم لبعضهم البعض ، فقد بعث دبور الزيت أسراب دبابيره الجرّارة لغزو المزبلة القديمة ، فقتلت مئات الآلاف من الكائنات فيها ، واحتلتها ، ثم بقيت تتشمم في الجحور حتى عثرت على الجحر الذي تفوح منه الرائحة العطنة للقرادة الطويلة المختفية فيها ، فأسرتها ، و جلبتها مصفدة إلى دبور الزيت . أمضى الأخير مع أفراد حاشيته بعض الوقت يراقبونها بتشف طاغ قبل أن يأمر بخزنها في إحدى بيوت العث التي سبق و أن أقامتها القرادة للإسترخاء و للإستجمام و للإستحمام و للتسلية بمص دماء الجثث المغدورة المرماة في مكب الزبالة .
ثم ما لبث دبور الزيوت القاتل و أن اكتشف أن روائح زيوت المزبلة القديمة تسبب له الكثير من المغص و الصداع و الرعاف ، فعزم على ترك ذلك المكان الوخم المضر بالصحة في أقرب فرصة ممكنة . عيّن دبوراً عالي الأنف وكيلاً له في مزبلة الوهاد القديمة ، و أمره باختيار مجموعة من الكائنات الجديدة الموالية لتولي زمام الأمور فيها بالنيابة .
جمع الوكيل كل كائنات المزبلة القديمة ، و عرض عليها خطة الحلول محله في الموعد المكتوب ، فاستنكفت كلها و رفضت هذا العرض ، إلا معشر القراد الذين هللوا و طبلوا و صفقوا لقطعان الدبابير القاتلة . تفرس الوكيل بالقراد و هو يقول في نفسه : "هذا القراد هو من نفس الصنف العطن للقرادة الطويلة و أتباعها التي أزحناها ، فكيف العمل ؟ لماذا لا يتولى زمام الأمور في هذه المزبلة القديمة سوى صنف القراد العطن ؟"
جال بنظره حول جموع القراد ، فوجده كله متشابهاً . سألهم و هو يتشمم :
- كم من أنواع القراد يوجد فيكم ؟
تقدمت من بين جموع القراد ثلاثة قرادات شديدة النتانة و الوساخة : القرادة الكثة ، و القرادة المرقطة ، و القرادة السوداء . كانت القرادة الكثة أولى المتحدثات ، فقالت :
- أنا الممثلة الشرعية و الوحيدة للقراد الأصفر ، و لي صولات و جولات في مقارعة القرادة الطويلة الشهيرة الأسيرة حفظها الله و رعاها !
- و لكن معلوماتي كدبور عليم تفيد بأنكِ كنت تتهالكين على القوادة للقرادة الطويلة ، و تتحرقين لمعانقتها و تقبيلها بوجد أيضاً ؟
- هذا كلام قديم ، يا سيدي ، و ما قد فات فات ، و نحن قراد اليوم . و لمعلومكم - سيدي المبجل - فإن القراد معتاد على تبديل جلده كل أسبوع كي يبقى حياً بمخادعته لبقية القراد كي يتفادى غدر الغادرين من الغرباء و المتآمرين و الخونة و المغامرين و المراوغين . فالضرورات تبيح المحذورات ، و هذا كله مكتوب بدستورنا الوطني الديمقراطي .
ثم تكلمت القرادة السوداء أم القرون الطويلة ، فقالت متبخترة :
- يا مولاي ، جنابنا القرادة السوداء على ألف سن و رمح ! فان تسألوا عني ، فاني كاملة الأوصاف : أنا القرادة التقية النقية ، الجميلة كجمال ورد الخميلة . أنا الكثيرة الأتباع و الأشياع و الأحباب ، و الحلوة الأطباع ، و ما غيري من القراد إلا سراب . كلامي مسموع ، و العتب عني مرفوع ؛ فاجعلني لك وزيرة فأنني خبيرة ، و الرزق على الله العلي القدير . كما أني قرادة مثقفة ، و ما أنا بالسرسرية و لا المُلفِقة ، و لا الجاهلة الطرطورة ، و لا الأمية في الإدارة . كما أنني لا أشوي شوي ، و أرفض رفضاً قاطعاً المعتقلات السرية ، و قروني واضحة وضوح الشمس للقاصي و الداني .
ثم طفقت تنشد :
أنا القرادة احملني بإبطك لا تمل منّي
و لا تمنع عني أمراً يَضّاحك به سنّي
أنا الباب إلى اليُمْن أنا المفتاح للسَمْنِ
تعال أدخل بروضي لترتوي من لحني
فإني أرقص على الدف أجبُّ به بطني
و أميس ميس الحمام الغارق في الدنّ
تعال إلي كي ترى ما لم يره إبن جِنّي
و سل عني القمامة ، سل عني جيراني
ما بي من اللؤم آمة و إن ضاع وجداني
أضربُ بالعصا و أقطعُ الطرقات بفني
جعجاعة عاشقة لحبيبي الحس الأمني –
- "يا سيدنا ، إسمحوا لي أن أقدم لكم نفسي ،" تدخلت القرادة الرصاصية المرقطة ، و التي كانت تدرك مدى إقتدار القرادة السوداء على المطاولة في الهذر أياماً و ليال ، و تعلم شدة حرصها على اقتناص كل الفرص . "حضرتنا القرادة المرقطة ، و أنا في ودكم مزقططة ، بل و لهامتي متورطة ، و للقرب منكم مخطِطة " –
- "طيييييييييييييييييييييييط "، علقت القَرادة السوداء أم القرون !
- "تااااااااااااااااااااااااااااااات ؛ سيدي : هازي قَرادة زِرّااااااااااااااااات !" ، ثنّت القرادة الكثة .
- تسكتون و تتأدبون ، أم أخرج لكم القرادة الطويلة من السجن كي تتولى تأديبكم ، مثلما كانت تفعل بكم من قبل ، و حسب الأصول ؟
- "سكتنا ، و سمعاً و طاعة !" رددت القرادات الثلاثة بصوت واحد و هي تتراجف .
- تفو ! أدبسزية ! من أي صنف من القراد أنتم ؟
- نحن قراد مُعاد أصلي ، سيدنا ، و يسود فينا السلام و الوئام ، و كل شيء بيننا تمام التمام ، و على أحسن ما يرام !
- طيب ، إذا كان الأمر كذلك ، فإتفقوا بينكم على تأسيس هيئة لزعامة القمامة حسب النسب التي تمثلونها من القراد .
- سيدي : أنا أمثل 90% من القراد ، حسب آخر إحصاء دقيق و حر صحيح أجريته أنا بنفسي قبل ربع ساعة .
- يا سيدنا ، و أنا أمثل 95% منهم ، و بإجماع الجماعة .
- أما أنا - يا مولانا - فأمثل 99% منهم ، حسب الحقائق الناصعة لدى مؤسساتنا الشلاعة المطواعة البلاعة .
- هل أخرج لكم القرادة الطويلة ؟
- كلاللالا ، لا ، لا ، سيدي لا . أنا أمثل فقط : 2% من القراد ، سيدي .
- و أنا أمثل : 1% منهم فقط ، مولاي .
- و أنا أمثل : صفر % ، فقط ، يا سيدنا !
- حيرتموني معكم . لو كنت قد إستفتيت البهائم لكانت أفهم منكم .
- و لكننا حشرات ، يا سيدي ؛ نعم نحن قراد بكل تأكيد ، و القراد باعتبارهم حشرات عليا متطورة في اللص و المص هم أرفع بكثير من مستوى البهائم ، بل و حتى البشر، و تلك هي إحدى البديهيات الكيمائية التي لم يعد يشكك فيها أحد.
- هل أخرج لكم القرادة الطويلة ؟
- كللالالا . لا ، لا ، نحن – يا مولانا – لا شيء . نعم ، نحن دبنگيّة بكل حق و حقيق ! نعم ، نحن صفر على الشمال في الفهم .
- ما دمتم قد فشلتم في إتخاذ القرار لأنفسكم ، فسيتعين عليّ أن أكون أنا من يقرر لكم . ما رأيكم بـ 30% للقراد الكث ؛ و 30 % للقراد المرقط ؛ و 40% للقراد الأسود ؟
- أنا أحتج ، و سأعلن الإستقلال بركني الخاص من الزبالة !
- أنا أستنكر ، و أعلن الإعتصام ، و سأفجر قمامة الوهاد كلها ، فأقلبها رأساً على عقب !
- و أنا أقاطع ، و سألتحق بالمقاومة الشريفة التي ليس منها إنفكاكا ؛ أو اقتلوني و مالكاً و الكاكا !
- هل أخرج لكم القرادة الطويلة من السجن ؟
- كلكلا ، لا، لا ، يا مولانا ، لقد قبلنا ! نعم ، قبلنا ؛ فطاعة السلطان هي أحد أهم أركان الإيمان بالرحمن . و هي رزق ؛ و من يكفر برزقه ، لا يستجلب غير العار و الشنار و غضب الله الجبار !



#حسين_علوان_حسين (هاشتاغ)       Hussain_Alwan_Hussain#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مرض الزعامة البارونية في الأحزاب الشيوعية / 5 (الأخيرة)
- مرض الزعامة البارونية في الأحزاب الشيوعية / 4
- مرض الزعامة البارونية في الأحزاب الشيوعية / 3
- مرض الزعامات البارونية في الأحزاب الشيوعية / 2
- مرض الزعامات البارونية في الأحزاب الشيوعية العالمية / 1
- المرأة في العالم العربي : بين جدران و باب موصد كلما حركه الس ...
- كشكش و شركاه
- حكاية تنين العراق
- حنقبازية سوق الصفافير
- ليس في الأمر غرابة
- إجوبة مختصرة على أسئلة مهمة
- ملحمة السادة العميديين في الكفل عام 1983
- هل نسي رافد ؟
- ريما أم عظام
- ليلة زيارة الموتى للمقابر
- القتل و الإبتزاز و الدفن : مجرد تجارة ، ليس إلا
- رجع الوجع / الحلقة الأخيرة للرواية / 20
- رجع الوجع / رواية بحلقات / 19
- رجع الوجع / رواية بحلقات / 18
- رجع الوجع / رواية بحلقات / 17


المزيد.....




- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...
- -الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم - ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسين علوان حسين - حكم القَراد في مزبلة الوهاد