أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رشيد شباري - وجدان غيمة














المزيد.....

وجدان غيمة


رشيد شباري

الحوار المتمدن-العدد: 3690 - 2012 / 4 / 6 - 17:27
المحور: الادب والفن
    


يأتيك مساؤك يلف سلسة من السحب المتناغمة تتوسطها الغيمة وهي تتثاءب لتفسح المجال لبعض النجوم المنفلتة من حافات الغيمة وكأنها ترغب في إفشاء حدودها الحقيقية..
وأنت الواقف المتأمل لعبة الانفلات تتعلم أبجديات الانفلات من قدرك الموسوم بنبض الحياة المؤقت وهو ما يؤرق أمسياتك، تكتوي بناره في قمة إحساسك بوجودك الخطأ، ويأتيك صوت عبد الوهاب من غرفة نومك إسنادا لظلمة جوانيتك كغيمة مكتنزة تنتظر لسعة برد لتذرف نزيفها دمعا كالمطر تنفرج له أسارير الفلاحين ببلادة مفرطة:
جيين الدنيا ما نعرف ليه..
ولا عايزين إيه...
الشرفة المطلة على السموات تحرضك على القيام بتجربة الموت بالارتماء في أحضان التراب وهو مرقدك الأخير بالإكراه..
تصمد أنت رغم إغراءات العدم المتعددة، أقلها الارتياح من قسوة الوجود وهموم البشر وضنك العيش..
لمعان قمر اصطناعي يظهر ويختفي كعين بوم يحاصرك مضيفا لآلامك حسرة على بؤس البشرية المتجهة نحو تدمير نفسها باعتزاز، مما يعزز نداء شرفتك..
سواد الغيمة ينكشف لك رغم ظلمة الليل يشي بتخومها لمعان البرق بين الحين والحين، فتتبدى لك كتلة الحزن المبطن داخلها وتتحقق بذلك نبوءات الحلول في ذروة التوحيد، تلتقط مناجاتها ويصلك هتافها الذي يشبه تأوه المحتضر وهو يضمر أقصى درجات الضياع في صراع غير متكافئ بين إرادة الحياة وحتمية القدر:
أيها المكتوي بلظى حزنك تقايض وطأة قدرك بشرارات عينيك المنغرزة في كوامني وما أنا سوى نظير يقتدى بعناده الخاسر بعد معركة قصيرة تتفصد لها مسامي وتتهاوى أطرافي..
أيها الواقف المتصلب في وضعك، كوضعك هذا كنت قبل أن تستبد بي صروف الرياح الطامعة في إرباك مسيرتي..
فتجيبها أنت وقد علقت غصة مريبة بصدرك المنقبض.. تنتفخ عضلات الصدر والرئتان، متوسلة بالقدر الكافي من الهواء حتى تتمكن حبالك الصوتية من إصدار حشرجتك:
يا أيها النفس المعلقة بين السماء والأرض تقاوم لجة الريح وقتامة المقصد، يأتيني حضورك كتجربة عالم فاشل أو لعبة شكلاطة في يد طفل مدلل يداعبها وهو يقضمها، نتقاسم وإياك شغب الزمن فينا وهوس السقوط، تتقلص مسافات التفرد بيننا وتتوحد المصائر، أنت صورتي في وجهها الايجابي.. يا غيمتي أنت نهايتي السعيدة. وأنت على مناجاتك تتحسس شعرك وقد لفحته قطرات المطر المتقطع سقوطه، تتأمل السقوط وتقلص الغيمة، ترافقه شرارات البرق ودوي الرعد بقوة لا يعادلها سوى صرخة مطعون غدرا.. تتزايد وطأة السقوط فيختلط الدمع بماء المطر المتدفق.. تتبلل ملابسك فتنزعها وترمي بها إلى السماء وتتلاشى الغيمة.. تتأمل جسدك فتكتشف انه عاري تماما إلا من غشاء مائي يتدفق من رأسك إلى قدميك، يذكرك غشاؤك هذا بأولى نبضات قلبك وأنت في الرحم تتعلم كيفية الغوص في الحياة، فيكتنفك الحنين إلى ما قبل الولادة وتلوم نفسك على غبائك وآنت تتعلق بحبلك السري في عناد عرفت الآن انك فيه أنت الخاسر..
تتسلق سور الشرفة وتفتح ذراعيك في محاولة معانقة الغيمة، فتفشل محاولتك لأن الغيمة انتهت قبل أن تقرر أنت نهايتك وينهار صمودك أمام إغراء النداء..
تعازينا..
رشيد شباري
طنجة -المغرب



#رشيد_شباري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- طيور الجنة


المزيد.....




- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رشيد شباري - وجدان غيمة