أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - إبراهيم منصوري - خوارزمية نبيذ وجعة














المزيد.....

خوارزمية نبيذ وجعة


إبراهيم منصوري

الحوار المتمدن-العدد: 3689 - 2012 / 4 / 5 - 09:19
المحور: كتابات ساخرة
    


مررت ذات ليلة من أمام منزل أحد الطلبة الجامعيين ممن يقطنون بالقرب من بيتي. كان ذلك الطالب منهمكا في مقارعة نبيذ وجعة في حديقة بيته. ناداني فجأة فسلم علي ورائحة الخمر تفوح منه، فرددت التحية بأحسن منها. قال لي إنه يشرب الخمر كلما أحس بالإرهاق والرتابة، خاصة أن الامتحانات تطارده على امتداد السنة الأكاديمية في ظل الإصلاح الجامعي الذي يجري تطبيقه في المغرب.

كانت بحوزته ثلاث جعات وقنينة نبيد أشهب. دعاني للجلوس قربه على كرسي مطاطي فلبيت الدعوة وبدأنا نتجاذب أطراف الحديث حول مواضيع شتى. فجأة، زارتني فكرة جحيمية فاسترسلت في الكلام: "بما أنك طالب في قسم الاقتصاد بالجامعة، فمن البديهي أن تكون متقنا لعلم الرياضيات والإحصاء". أجاب بكل عفوية: "اطرح علي أي سؤال في هذا المضمار وسأكون إن شاء الله من الموفقين".

عوض أن أنهره عن شرب الخمر وأمثل بذلك دور المرشد الواعظ، سألته فورا: "إذا شربت قنينة النبيذ الأشهب هذه، ستكون كأنك شربت عددا من قنينات الجعة المتوفرة لديك؛ فما هو عدد الجعات المعادلة لقنينة النبيذ هذه؟". أجابني دون تردد ودون تفكير عميق: "يا له من سؤال سهل! قنينة النبيذ الأشهب تكافئ أكثر من ست جعات؛ المسألة واضحة وضوح الشمس في واضحة النهار!". عالجته حالا برد آني: "لقد أجبتني بالأرقام وأنا أريد أن أعرف الخوارزمية التي استعملتها للوصول إلى الجواب، أين خوارزميتك؟ أين معادلتك؟ هذا هو المهم!".

ارتبك قليلا ثم أخذ قلما وورقة وبدأ يفكر ويخطط طويلا دون الوصول إلى أية نتيجة. تركته وحيدا ثم انصرفت متمنيا له النجاح في مهمته لحل الإشكالية الخمرية الرياضية الإحصائية في اليوم الموالي. بعد مرور ثلاثة أيام، التقيته بالصدفة فسألته عن مصير خوارزمية النبيذ والجعة فأخبرني أنه لم يستطع فك ذلك اللغز.

أخذت قلما وورقة ثم كتبت: "سعة فنينة النبيذ الأشهب هي 0،75 لترا ونسبة الكحول فيها هي 12،5 في المائة، أما سعة قنينة الجعة فهي 0،33 لترا ونسبة الكحول فيها هي 5،20 في المائة". سكتت قليلا ثم أضفت: "إذن، فالخوارزمية المعقولة التي تمكن من صياغة معادلة محترمة تتمثل في مساواة كمية الكحول التي تحويها قنينة النبيذ مع كمية الكحول التي يحويها عدد مكافئ من قنينات الجعة". وبالاعتماد على هذه الخوارزمية الأنيقة، بينت للطالب الجامعي أن المعادلة تتجسد في مساواة ضرب 0،75 في 0،125 مع ضرب 0،33 في 0،052 وعدد مجهول رمزت إليه بالحرف اللاتيني (x) والذي كان الخوارزمي ينعته بالشيء. ثم أضفت: "أترى الآن كم هي سهلة هذه المسألة الخمرية الرياضية؟ أفهمت الآن أن معادلة بسيطة من الدرجة الأولى يمكن أن تحل بها ألغازا متعددة؟ هل استوعبت دور الخوارزمي ومن تبعه من الرياضيين في فك المسائل على أرض الواقع؟".

أخذ الطالب الجامعي حاسبته الإليكترونية وحسب ضرب 0،75 في 0،125 فكانت النتيجة 0،09375، ثم حسب ضرب 0،33 في 0،052 فكانت النتيجة 0،01716، ثم قسم النتيجة الأولى على الثانية فكانت النتيجة النهائية 5,4632867132867132867132867132867. هذا يعني أن عدد الجعات المكافئة لقنينة النبيذ الأشهب هو خمس جعات ونصف تقريبا؛ وهذا يعني أيضا أن شرب الجعات الثلاث وقنينة النبيذ معا يكافئ استهلاك ما يقارب ثماني جعات ونصف.

باستعمال خوارزمية مشابهة للأولى، نستطيع أن نجيب عن السؤال التالي: "ما هي كمية النبيذ المكافئة للجعات الثلاث؟". تمثلت المعادلة في هذه الحالة في مساواة ضرب الكمية "0،33 في 0،052 والعدد 3" و ضرب الكمية "0،75 و0،125 والعدد المجهول x". أعاد الطالب الجامعي استعمال حاسبته الإليكترونية وقام بقسمة النتيجة الأولى على الثانية فكانت النتيجة النهائية 0,54912. ويعني هذا أن شرب الجعات الثلاث يكافئ استهلاك ما يربو على نصف قنينة النبيذ ذات الخمسة والسبعين سنتلترا، أي ما يناهز 41,184 سنتلترا. وهذا يعني أيضا أن شرب الجعات الثلاث وقنينة النبيذ الأشهب معا يكافئ استهلاك 116,184 سنتلترا من النبيذ، أي أكثر من لتر واحد منه. وبهذا تنتهي قصة الخوارزمية الخمرية مع أحلى التحيات والتحذيرات من القنينات ولو كانت صغيرة لأن مفعولها على الدماغ يرتبط أساسا بنسبة الكحول التي تحويها.



#إبراهيم_منصوري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كامو في بيت السكارى
- الجميلة والمأزوم
- تسمم غامض بمدينة التراب الغالي
- في رثاء الدكتور عبد المجيد الكوهن
- الثورات في العالم العربي وفساد النخبة المثقفة
- هيا رخمي صوتك فأنت امرأة
- رأس كبش العيد تصبح رأس فتنة
- بابليون حول قطر المربع
- عندما تتسطح القدمان ويلام الغدير
- رجل سلطة يفلسف تاريخ القمح
- أحمق يهزم عاقلا
- عندما يحتضر الفرس وتلام المرأة
- ...وسار على الدرب عاما حافي القدمين
- أربع وعشرون ساعة في أمستردام
- قصة قصيرة ولكنها من الواقع: (الفحام الوقح الجريء: زوجته وأتا ...
- بوكماخ في بلاد السنغال
- ذكرى الوالدة
- في مدح النمو: أشعار في مفهوم غير مفهوم
- قصيدة شوق جديدة: من اللسان الأمازيغي إلى لغة الضاد
- في مدح صاحب الجلالة أصل النمو: حفنة أشعار في مفهوم الادخار


المزيد.....




- 1.8 مليار دولار، قيمة صادرات الخدمات الفنية والهندسية الايرا ...
- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - إبراهيم منصوري - خوارزمية نبيذ وجعة