أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - احمد ثامر جهاد - الاسلام السياسي والغرب















المزيد.....



الاسلام السياسي والغرب


احمد ثامر جهاد

الحوار المتمدن-العدد: 1084 - 2005 / 1 / 20 - 10:36
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


الإسلام السياسي والغرب
ترجمة : أمير دوشي
مراجعة وتقديم : احمد ثامر جهاد

على الرغم من مرور بضعة اشهر على نشره في مجلة ( الايكونومست ) الشهيرة ، ما يزال ملف ( الإسلام السياسي والغرب ) يحمل أهمية خاصة في ضوء المتغيرات الحالية التي يشهدها العالم العربي والإسلامي عموما - قبل وبعد الحرب الأمريكية على العراق - ليس فقط لأنه نشر بعد مرور عامين على ذكرى أحداث 11 سبتمبر ، بل لكونه يعبر عن وجهات النظر الأكثر رسوخا وتأثيرا في مسار الحملة الأمريكية الراهنة ضد الإرهاب ، وسبلها المطروحة لتغيير الأنظمة وتفكيك البنى وصياغة الواقع ، على نحو جديد يتصف بمفاهيم وتصورات ، هي بحد ذاتها محل جدل وخلاف داخل أمريكا نفسها . وربما على القارئ أو المواطن ( الشرق أوسطي ) أن يتحلى بأخلاقيات قراءة هادئة وموضوعية حينما يتلقى في هذا الملف إجابات وتحليلات مباشرة أو غير مباشرة عن أسئلة حساسة طالما أرقته وصاغت خيارات حياته ومماته ، أسئلة تفتح الباب على مصراعيه أمام احتمالات الواقع والنظرية على حد سواء :
هل حقا وصل عنف الإسلام السياسي إلى قمته وهو الآن منهزم ؟
هل يشكل الإسلام السياسي اليوم مصدر الخطر الوشيك والوحيد بالنسبة لأمريكا ؟
ما هي حدود تقبل الأنظمة العربية والإسلامية لمشروع التغيير والديمقراطية أو دفاعاتها الرافضة له ؟
هل تلتقي النخب العربية مع سعي الإدارة الأمريكية لإحلال النظم الليبرالية الغربية وإزالة مصادر العنف والتعصب من المنطقة بعد صراعات وحروب عديدة ضد الإمبريالية وإسرائيل ؟
هل أن الإسلاميين يزدادون قوة وتأثيرا بسبب فشل التجارب والأيديولوجيات الأخرى في العالم ؟
ربما يكمن في هوة السؤال الأخير مصدر الإجابات كلها ، لاسيما في حال اعتبرنا الإسلام السياسي كيانا واقعيا أكثر منه ظاهرة إعلامية صاغها الغرب ، ساسة ومفكرون على مدى عقود طوال . وقد تكون المسألة الأهم هنا ، هي أن هذا الخطاب السياسي الذي لم يُذيل عن قصدٍ باسم كاتب معين – في إشارة إلى انه يُعبر عن وجهة النظر الأمريكية الرسمية – ليس بوسعه أن يُعفي نفسه من حقيقة تورطه في تأدية بعض الأدوار – أن لم تكن كلها – هنا أو هناك ، بصفته طرفا مشاركا وأساسيا في صياغة الأحداث وتشكيل الوقائع وصناعة الصور ، على النحو الذي يجعلها في نهاية الأمر موضوعة فريدة لتمرير النقود أو شن الحروب .
إشارة : مقالات هذا الملف ليست عن الدين ، بل عن الاستخدام السياسي للدين . إنها بمجملها محاولة لمعرفة لماذا بدا وكأنَّ العالم الذي يقطنه المسلمون اصبح في صراع الآن مع العالم الذي يسكنه غير المسلمين . إن الإسلام كإيمان ليس موضع إجابة عن هذا السؤال ، لكن مفردات التاريخ والسوسيولوجيا وعلم السياسة تشكّلُ دون شك جزءا من الإجابة .
( 1 ) بإسم الإسلام
يذهب ( بيتر ديفيد ) إلى أن أحداث سبتمبر قد وضعت الإسلام موضع الخصم مع الغرب . غير أن الحرب الرئيسية تجري الآن في داخل العالم الإسلامي .
( يقولون : الحرب قادمة ) كان ذلك العنوان الرئيسي في أعلى الصفحة لآخر استطلاع أجرته الايكونومست عن الإسلام ، في آب 1994 , واستنتجنا حينها إن الصراع بين الإسلام و الغرب غير ممكن بأي حال من الأحوال . لكن كاتب الاستطلاع لم يكن مقتنعاً بأن ذلك أمر حتمي . إذ كان هناك احتمال آخر هو أن يتحول الغضب وخيبة الأمل التي بدا أنها تعم العالم الإسلامي في التسعينات إلى اتجاه اكثر اعتدالاً . أولَمْ تكن مشابهة لخيبة الأمل التي بدت تعم المسيحية في القرن السادس عشر والتي قادت بالتالي عبر حركة الإصلاح إلى تطورات العالم الحديث ؟
إن سقوط برجي التجارة قبل سنتين يقدم للبعض شاهد إثبات دراماتيكي بأن استشراف التسعينيات اليائس كان صواباً . وما ذلك الهجوم إذن ، إن لم يكن بداية حرب جديدة بين الحضارات ؟
العديد من المسلمين لا يودون إلحاق صفة الإرهاب الإسلامي بجرائم القتل الجماعي التي اقترفها أسامة بن لادن وجماعة القاعدة . فالإسلام ،كما يقولون ، هو دين السلام . إن كانت هنالك صلة للمسيحية بإرهاب السبعينيات ( جماعة بادرماينهوفن في ألمانيا أو الألوية الحمراء في إيطاليا ) يمكن أن تجد صلة للإسلام بـ ( بن لادن ) . ويقولون سمهِ الإرهاب واجعل الإسلام بعيداً عنه .
ذلك أمر غير ممكن على الإطلاق ، عندما يحاول أناس قتلك ، خصوصاً عندما يكونوا متمكنين من ذلك ، فمن الحصافة الإصغاء للأسباب التي يقدمونها ، بالإضافة إلى أن ( بن لادن ) قد شن حربه ظاهرياً باسم الإسلام . في الحقيقة ، قبل ثلاث سنوات من حادثة البرجين ، شغل بن لادن نفسه بإصدار بيان طويل لتشكيل جبهة العالم الإسلامي للجهاد ضد اليهود والصليبين ، مصرحاً بأن قتل الأمريكان وحلفائهم ، مدنيين أم عسكريين ، هو فرض على كل مسلم قادر على ذلك ، حتى يتحرر المسجد الأقصى في القدس والحرمين الشريفين في مكة والمدينة من الأسر وتنسحب جيوش الكفر مهزومة من كل ديار العرب .
سيكون من الموضوعي القول ، إن أي مجموعة من مختلي العقول عزمت على القيام بجريمة ما ، تبدو حرة فيما تقول حول بواعث عملها ذاك . فإن تقتل القاعدة باسم الإسلام فقط ، لا يعني ذلك أن الصراع مع الغرب ركن أساسي من الأيمان . قد يقول الإرهابي الماركسي بأنه يقتل من اجل الطبقة العاملة ولدية الإطار النظري الشامل الذي يبرر فعله ذاك ، والى هذه النظرية ينتمي أناس كثر . ولكن هل يعني ذلك أن في جوهر الطبقة العاملة ما يشعل الحرب على الرأسمالية ؟ كلا ، فقط توحي العبارة بأن على المجتمعات التي تحاول التعامل مع الإرهاب الماركسي النظرَ في أفكار ماركس لِتبينَ المدى الذي يؤمن به الإرهابيون .
وفي السياق نفسه ، فإن مشكلة أولئك الذين يودون الاعتقاد بأن الإسلام بريء من الإرهابيين الإسلاميين : ليس فقط أن الإرهابيين لا يقولون خلاف ذلك ، بل يوجد الأنصار المتحمسون والإطار النظري الذي يوظف لتبرير هذه الأفعال . وعلى نحو لا يمكن إنكاره ، فإن الكثير من هذه النظرية حديث سياسياً ودينياً ويعود لطروحات في نهاية القرن العشرين . وتوصف بعدة مصطلحات : الأصولية ، الإسلاموية ، الإسلام السياسي ، رغم إن الكثير من هذه المصطلحات بحاجة إلى فحص . لكن البعض منها له أو يدعي أن له صلة بالأفكار الأصولية وممارسات الدين نفسه .
 الله أو الجهل :
افضل بداية لفهم هذه العقيدة هي أفكار السيد قطب ، الناقد الأدبي في الثلاثينات والأربعينات والناشط في حركة الأخوان المسلمين في مصر قبل إعدامه عام 1966 . ففي أواخر الأربعينيات أمضى سيد قطب عامين في أمريكا ، تجربة مقتها ، ويبدو إنها قد غيرت موقفه اتجاه ما يسميه الناس في الغرب الحداثة والتي يراها قطب أمرا سيئا .
عند عودته إلى مصر ، كتب قطب سلسة كتب ، أنجز اغلبها وهو في السجن ، يشجب فيها الجاهلية ، الأمر الذي فهمه على انه سيطرة الإنسان على الإنسان أو الخضوع للإنسان لا لله . يقول ( قطب ) مثل هذا السلوك وُجد في الماضي ، وموجود في الحاضر ويهدد بالاستمرار في المستقبل . فهو العدو الدائم للإسلام ، حيث أن ( في كل زمان ومكان يواجه الكائن البشري خيارا حاسما : أما طاعة قوانين الله وهو في عليائه ، أو تطبيق القوانين الوضعية المكتوبة من قبل البشر ، بشكل أو بآخر . ذلك هو الخيار : الإسلام أو الجاهلية . والنمط الجديد من الجاهلية هو المجتمعات الصناعية في أمريكا وأوربا وهو جوهر مشابه للجاهلية الأولى في زمن الوثنية والبداوة . في كلا الحالتين الإنسان تحت سيطرة الإنسان وليس الله ).
لم يكن قطب أول مفكر نظر إلى العالم بهذه الطريقة ، فقد كان متأثر بأفكار مجايله ، مولانا محمد في الهند ، والذي كان نافراً من الحداثة ، ناظراً إليها كشكل من أشكال البربرية . كلاهما اعتمد في اطروحاته على حوادث وأفكار الأقدمين . أحد هؤلاء كان ( تاج الدين بن تيميه ) وهو مفكر إسلامي من طراز لوثري . دعا في القرن الثالث عشر ،كرد فعل على هجوم المغول للعودة إلى جوهر الإيمان الذي تخلى عنه رجال الدين يومذاك . بالإضافة إلى مفكر آخر هو ( محمد بن عبد الوهاب ) الذي دعا إلى تطهير الإسلام من الإضافات الحديثة والاعتماد بصرامة على القرآن والحديث النبوي . لكن طريقة سيد قطب هي التي قدمت وضوح الرؤية لمنظري إسلام اليوم .
أحد الأسباب في كون سيد قطب حلقة ربط مع الحاضر هو استمرار حركة الأخوان المسلمين في العمل داخل مصر وأماكن أخرى .فالسيد بن لادن ونائبه ( ايمن الظواهري ) هما أعضاء سابقين في حركة الأخوان . واكثر من ذلك فإن القوى التي اعتقد قطب في الخمسينيات والستينيات بأنها مقوضة للإسلام كالرأسمالية والفردانية والإباحية الجنسية والانحطاط ، لا تزال بالإضافة إلى العولمة تعتبر تهديدا قويا للإسلام .
لقد فَقَدَ سيد قطب الإيمان بالقومية العربية التي كانت الأيديولوجية السائدة في العالم العربي حينذاك . وفي رسالة له من السجن ، قال قطب : بأن الوطن الذي يعتز به المسلم ليس قطعة من الأرض بل كل ديار المسلمين ، وأي ارض تعيق تطبيق ممارسة شعائر الإسلام أو تطبيق الشريعة تعتبر بحكم الواقع جزءً من دار الحرب ويجب مقاتلتها حتى لو كان بها أصدقاء أو أقارب أو جماعة المرء الروحية أو حتى لو كانت عاصمة ومصدر تجارته .
ثمة خط مستقيم يربط رسالة سيد قطب من السجن بأفكار السيد بن لادن واتباعه في القاعدة . فاتباع القاعدة مثل السيد قطب ، يؤمنون بأن الإسلام واقع تحت هجوم مزدوج ، ليس فقط الهجوم العسكري من الغرب المعادي ( العراق ، فلسطين ، الشيشان وما إلى ذلك ) بل كذلك الهجوم من الداخل حيث يساعد انتشار قيم الغرب من قبل الأنظمة كافة بنسف المقصود بالإسلام . هذا الهجوم ، من وجهة نظر القاعدة ، يجب أن يقاوم بالجهاد بكلا المعنيين الذين يحملهما هذا المفهوم في الإسلام . الجهاد الشخصي في الطاعة الكاملة للعقيدة وجهاد المسلم ضد أعداء الإسلام . مفهوم أعداء الإسلام يشمل كلاً من العدوين ( أمريكا وإسرائيل ) وكذلك الأعداء الأقرب ( الأنظمة العاقة أو حتى المرتدة في العالم الإسلامي ) لذا فان معاداة بن لادن للنظام السعودي في مستوى مماثل لمعاداته للولايات المتحدة .
كم تمثل وجهة النظر هذه ؟ واحد من كل أربعة من سكان العالم هو مسلم . فالقليل من 1,5 مليار مسلم قد سمع ، واقل احتمالا انه قد انتمى إلى أفكار القاعدة . ليست اكثر من آلاف قليلة قد انخرطت في نشاطات القاعدة ، ومثيلاتها في التفكير كمنظمات الجهاد . فبعد أحداث سبتمبر ، شارك رجال الدين والمفكرين الناسَ العاديين في العالم بإدانة منظمة القاعدة ، وما ارتكب باسمها . لا يعني هذا أن كل أولئك معتدلون . أحدهم الشيخ فضل الله ، القاطن في بيروت ، والذي يوصف بأنه المرشد الروحي لحزب الله المدعوم من إيران ، اصدر فتوى أدان بها الهجوم . وهناك تنديد آخر قدم من رجل الدين المصري العامل في التلفزيون القطري ، الشيخ قرظاوي ، وكذلك وجهات النظر الغاضبة من الملايين .
كل ذلك يفرح القلب . المشكلة الحقة هي إن قلة قليلة يمكن لها أن تعمل أفعال ذات عواقب لا تحمد . فقط تسعة عشر شاب شاركوا في أحداث 11سبتمبر لكن فعل التسعة عشر قد غيَرَ التاريخ . فقد أدى في غضون عامين إلى غزو واحتلال عسكري أمريكي لبلدين مسلمين هما العراق وأفغانستان . وبالتالي دمرت تصورات المسلمين عن أمريكا وإلى مدى ابعد ، الغرب كله .
اظهر استطلاع أجراه برنامج ( المواقف الكونية ) إن وجهات النظر السلبية اتجاه أمريكا بين المسلمين انتشرت ابعد من الشرق الأوسط إلى إندونيسيا ، اكثر البلدان الإسلامية تعدادا ، وإلى نيجيرياً . واغلب الدول الإسلامية تعتقد بأن أمريكا تشكل تهديدا عسكريا لبلدانها . الأغلبية الساحقة من الفلسطينيين والإندونيسيين ونصف أولئك الذين في المغرب وباكستان ، قالوا انهم - على الأقل - لديهم ثقة بأن ( بن لادن ) يفعل الأمور الصائبة فيما يتعلق بشؤون العالم ، وسبعة من كل عشرة فلسطينيين لديهم الثقة بخصوص هذا الشأن .
فضلاً عن ذلك ، ليس بالأمر الضروري للمسلمين أن يستمعوا مباشرة لأناس مثل قطب والمودودي وعبد الوهاب حتى تنتشر وجهة النظر هذه . فعلى سبيل المثال بعض أفكار محمد بن عبد الوهاب قد تم تبنيها من قبل الحكومة السعودية ويتم نشرها في المساجد القاصية والدانية على خلفية البترودولار السعودي . والوهابية حركة متزمتة تمثل الفكر السني المضاد للغرب . وكذلك الأقلية الشيعية في الإسلام تعارض الفكر الغربي ، ممثلتاً بأولئك الذين يتدافعون كل جمعة في كل جوامع طهران .
إلى أين يؤدي ذلك بالعلاقة بين العقيدة الإسلامية والإسلام السياسي ؟
عند غالبية المسلمين يمثل الإسلام مجرد دين أو طريقة لتنظيم الحياة وفقاً لإرادة الله . أهو دين سلم أم عنف ؟ الإسلام مثله مثل الأديان الأخرى له نصوص مقدسة يمكن أن يستشهد بها لدعم كلا الطرفين ، وفقاً للظروف ، مثله مثل الإنجيل . الإسلام يختلف عن الإنجيل لأن المسلمين يعتقدون بأن القرآن بمجمله هو كلام الله المرسل مباشرة إلى الرسول محمد ( ص ) ويحتوي الحديث على وصايا شديدة وسلمية ، ويتمتع المسلمون بإظهار التعاطف والإحسان . نعم يوجد في الإسلام مفهوم الجهاد ( الحرب المقدسة ) الذي يعتقد بعض المسلمين بأنه يشكل أحد أركان الإسلام ووجوب إضافته إلى أركان الإيمان الخمسة الأخرى : التوحيد ، الصلاة ، الزكاة ، الصيام ، والحج ، لكن القرآن يؤكد على فكرة : لا إكراه في الدين .
دخل الإسلام والمسيحية في صراع طوال قرون . لكن إن كان هناك شيئا في جوهر الإسلام يهيأ اتباعه قبليا إلى صراع عنيف مع الغرب ، فمن الصعب القول ماذا يمكن أن يكون ذلك الشي ؟ قد يكون البحث عن شيء ما هنا هو اشتغال في العبث ، بالإضافة إلى أن أساسيات الاعتقاد هي موضع صدام بحد ذاتها . ليس في الإسلام ( بابا ) أو سلطة مركزية ( رغم تطلع الشيعة إلى ما يماثل ذلك ) مما يعني كما يقول (جيمس سيكاتوري ) من جامعة اكسفورد : إن السلطة الدينية والعلماء الرسميين سيعدون أنفسهم في منافسة مع رجال الدين الشعبيين أو غير الرسميين ، والوعاظ والحركات الصوفية والمجاميع الدينية التي يقودها المتصوفون .كل هؤلاء وغيرهم يدعون صلة مباشرة بالنص الديني والزعم كذلك بتأويل معاصر لمعانيه . وهنا يثار سؤال أساسي : إن كان لأي فرد أو مجموعة من هؤلاء حق الاستحواذ على المقدس . . حتى وهم يوائمون ذلك الحق لأنفسهم فقط .

( 2 ) الآلهة التي هوت

 الإسلاميون يستغلون الفراغ السياسي :
منذ أحداث 11ستمبر والمناقشات حول الإسلام تزخر بعبارات مثل ( الإسلام السياسي ، الأصولية الإسلامية ، الإسلاموية ، الإسلام الراديكالي ) وهلم جرا . في الغالب ، ما من أحد يتفق مع آخر حول ما تعنيه هذه المصطلحات أو كيف تشكلت أساسا . فمنظومة الأفكار المقترنة بالسيد قطب - فكرة أن للإنسان خيار واحد بين الجاهلية أو إطاعة قانون الله – هي شكل متطرف من أشكال الأصولية الإسلامية ، التي هي بدورها جزء من تصنيف اكبر يسمى ( الاسلاموية أو الإسلام السياسي ) .
في واحد من الكتب الحديثة ، للأكاديمي الأمريكي ( نوح فليدمان ) يعرف الاسلاموية بأنها: ( رؤية المرء السياسية والروحية والاجتماعية الشاملة التي تعرف بنقيضها غير الإسلامية ) . وفي تعريف آخر لـ ( كراهام فولر ) المسؤول السابق في CIA ، يذهب إلى أن المسلم هو ( المرء الذي يعتقد بأن الإسلام يعد منظومة إيمان لديها الشيء المهم الذي تقوله عن كيفية تنظيم المجتمع والسياسة في العالم الإسلامي المعاصر ، ويسعى لتطبيق تلك الفكرة في بعض الصيغ ) . لكن الكاتب الفرنسي ( أوليفر روي ) يفضل تعريفا آخرا مختصرا : الإسلام السياسي مسعى لتشكيل دولة إسلامية .
ومهما اختلفت التعاريف - إذ يوجد كم هائل للاختيار منها - فإن النقطة الرئيسية الجديرة بالاهتمام هنا هي الميل المتزايد في العالم الإسلامي للإسلاميين ، والتوجه نحو الدين كحل أو جزء من حل للمشاكل السياسية . والمسلمون ليسوا وحيدين في هذا الأمر . فالعديد من الأمريكيين ( والهنود والإسرائيليين ) يعتقدون إن المسيحية أو البوذية أو اليهودية لديها ما تقوله بشأن كيفية تنظيم السياسة والمجتمع .لكن مدى الدعم الذي يقدمه الإسلام السياسي يجعل الإسلام مختلف . يذهب ( برنارد لويس ) الأستاذ في جامعة " بروستون " إلى أن أحد التأويلات الجدالية للإسلام في الغرب هو أن اغلب البلدان الإسلامية لا تزال إسلامية بعمق ، بنفس الطريقة التي لم تعد بها اغلب البلدان المسيحية مسيحية . ولكن لماذا ؟
قد يجيب المسلم الورع بأن الإسلام هو اكثر الأديان نجاحاً مقارنة مع منافسيه : فهو أسرع الأديان انتشاراً . لكن الإجابة المحتملة الأخرى أو لنقل الطريقة الأقل إيجابية لقول الأمر نفسه ، هي الاعتقاد بأن كل القيم التي دخلت في منافسة مع الدين في العالم الإسلامي كان مآلاها النجاح الضئيل مقارنة مع ما حصل في الغرب . والصعوبة في ذلك ، إن الكثير من هذه القيم ، الديمقراطية ، الليبرالية ، والحداثة بالعموم ، هي قيم يتطلع إليها المسلمون . لذا فإن تزايد عدد المسلمين الذين يتطلعون إلى الله ليستجيب لمشاكلهم السياسية والاجتماعية والاقتصادية ، قد يعزى إلى آلهة أخرى خيبت أملهم .
فمنذ حكم الاستعمار ، وجدت اغلب الدول الإسلامية صعوبة في تكوين ديمقراطية ناجحة . والبعض التحق بموجة الديمقرطة التي لحقت الحرب الباردة . فواحد من كل خمس بلدان ذات أغلبية إسلامية ، بلد ديمقراطي . والديمقراطية في بعض الأماكن - ماليزيا ، تركيا ، بنجلادش - تسير بخطى أوسع من غيرها . فمنذ وقت ليس ببعيد خرجت إندونيسيا من دهر طويل من الديكتاتورية تحت حكم ( سوكارنو وسوهارتو ) وباكستان التي لها حظ ضئيل من الديمقراطية تُحكم من قبل دكتاتور عسكري . وإيران تتأرجح بين الثورة والثورة المضادة . وفي الربع الأخير من القرن الماضي ، يقول معهد بروكلن ، بأن مستوى الإنتاج الإجمالي للفرد في البلدان الإسلامية قد انخفض أو بقى في المستوى نفسه .
يشكل العرب صميم الإسلام ، واحد بالخمسة من عدد مسلمي العالم . لكنهم يشكلون نسبة لا تتلاءم مع عدد من الإرهابيين . والعرب اليوم في فوضى . فالعقد الاجتماعي الذي كان ممكنا في البلدان النفطية - تحمل أعباء الثيوقراطية مقابل تلبية حاجات المرء - قد انحل مع انخفاض أسعار النفط وازدياد السكان . في تموز الماضي ، صعق العرب بنتائج تقرير أكاديمي لبرنامج التنمية التابع للأمم المتحدة ، اظهر المدى الكلي لهذا الفشل . فطوال عشرين عاما ، يقول التقرير ، كان مستوى نمو دخل الفرد في 22 بلد عربي ، اقل من 5% من كل بلدان العالم ، ما عدا بلدان الصحراء الأفريقية . واحد من كل خمسة من العرب لا يزال يعيش بأقل من دولارين في اليوم . وحوالي 12مليون أو 15% من القوى العاملة ، هم عاطلون عن العمل ، وحسب التوجهات الأخيرة فإن العدد قد يصل إلى 25 مليون في العام 2015 . لا يعزو تقرير برنامج التنمية هذا الفشل إلى قلة الموارد ، بل إلى نجاح الثيوقراطيات المطلقة وتزييف الانتخابات والخلط بين السلطة التشريعية والتنفيذية والقيود على الإعلام والظروف البطريركية المتعصبة . ورغم إن 280 مليون عربي يصرفون على التعليم اكثر نسبة في إي من البلدان النامية في المنطقة ، إلا أن 65 مليون شاب لا يزالون أميون ، وحوالي 10مليون طفل خارج التعليم على الإطلاق .
كذلك يوجد القليل من الإنتاج المعرفي أو الترجمة من لغة أخرى ، فطوال 1000سنة ، منذ الخليفة المأمون ، ترجم العرب كما يقول التقرير ، بقدر ما تترجمه أسبانيا في عام واحد .
 مشكلة أم حل ؟
هل الإسلام أحد أسباب هذا النمط من الفشل ؟ عند أكثرية المسلمين يبدو السؤال معكوس رأسا على عقب . الإسلام السياسي ، أو الاسلاموية تبدأ من اتجاه معاكس . ففشل العالم الإسلامي يعزى إلى ترك الإسلام وليس إلى اعتناقه . " الإسلام هو الحل " ذلك ما تقوله العديد من الأحزاب السياسية الإسلامية .جاذبية هذا الشعار البسيط تتعزز باعتقاد الكثير من المسلمين بأن الأجوبة الأخرى قد جربت ووجدت قاصرة .
في العالم العربي ، تجد بعض البلدان ، مثل المغرب والأردن ودول الخليج ، متمسكة بنظم حكم شبه إقطاعية ، لكن النمط السائد هو نظام تجربة المحاولة والخطأ التي تبعت مرحلة الاستعمار ، وهي مرحلة القومية العربية ، والمبادئ الاشتراكية تماشيا مع فكرة توحيد الناطقين بالعربية في دولة واحدة . منظرو هذه العقيدة يذهبون إلى أن قوى الغرب أضعفت العرب بتقسيم ما كان يمكن أن يكون دولة واحدة . ( إن العرب ، يقول دستور حزب البعث ، يشكلون أمة واحدة ، وهذه الأمة لها الحق بأن تعيش في دولة واحدة ) .
لفترة ، وبمساعدة شخصية عبد الناصر الكاريزمية ، ألهمت القومية العربية الجماهير وأعطتها ثقة جديدة بالنفس لكنها في النهاية فشلت . إذ أخفقت محاولة توحيد الدول المزيفة في مرحلة ما بعد الاستعمار . وكذلك فشلت القومية العربية في هزيمة إسرائيل ولم تنجو شخصية ناصر الكاريزمية من إذلال هزيمة 1967 ، ولا استطاعت أن تطور مؤسسات ديمقراطية مناسبة أو تكسب ولاء الجماهير . في النهاية القرن العشرين ، يقول الكاتب ( أديد داوشا ) مؤلف كتاب ( نعي باذخ للقومية العربية ) لم يبقى إلا القليل ، حطام لوعود مهشمة وأحلام متناثرة . بهذا الحطام غمر الإسلام السياسي جذوره .
( 3 ) بَلَدان :
في مصر والمغرب ، من يستخدم من ؟

البلدان ليس بعاجزين ، فكلاهما حليف لأمريكا لكنهما مشوشان . في قرني الشمال الأفريقي ، مصر والمغرب يغرقان في المشاكل . رغم امتلاكهما برلمان وانتخابات فهما بعيدين عن الديمقراطية . في المغرب هناك سلطة مطلقة بيد الملك محمد الخامس لتعيين الوزارة ورئيس الوزراء . أما مصر فإنها تقاد من قبل الرئيس محمد حسني مبارك ، الذي جلس على كرسي الحكم منذ 1981 مع بعض محاولات التهديد . كلاهما لديه أحزاب معارضة علمانية لكن في كلا البلدين يأتي التهديد الحقيقي من الإسلاميين . ما الذي يريده الإسلاميون ؟
الدكتور ( عبد المؤمن أبو الفتوح ) رئيس نقابة الأطباء المصرين وقائد حركة الأخوان المسلمين ، والمسموح لها الآن بالعمل ضمن حدود معينة من قبل حكومة الرئيس مبارك ، والتي لم تشغل نفسها بالعنف منذ الستينيات . لكن حركة الأخوان ممنوعة كحزب سياسي ، رغم أن 17 من أعضائها يمثلون كمستقلين في مجلس الشعب المنزوع الأسنان . دكتور أبو الفتوح لن يكون مطلقاً وجهاً مقبولاً عند المحافظين الجدد في واشنطن . فهو يذهب إلى أن الغرب قد تحول ضد الإسلام بشكل رئيسي بسبب المشروع الاستيطاني الصهيوني . فإسرائيل بحاجة إلى الحماية الغربية لذا فقد سممت مواقف الغرب تجاه الإسلام . من جانب آخر فهو لا يشارك سيد قطب فكرة أن الغرب في حالة جاهلية . ( على العموم أنا لا أرى أي تناقض بين حياة الغرب والإسلام ) يقول الدكتور . ففي النهاية لدينا مجموعة من القيم الإنسانية المشتركة : العدالة ، الحرية ، حقوق الإنسان والديمقراطية .
سعد الدين العثماني ، نائب رئيس حزب العدالة والتقدم ، الحزب الذي سيخبرك الجميع ما عدا أعداء الحزب على انه الحزب الإسلامي الشرعي الوحيد في المغرب . في لقاء له مع الايكونومست ، تبرأ السيد العثماني وزملائه من التسمية الإسلامية . نعم الحزب وضع اكثر من غيره من الأحزاب تأكيده على هوية المغرب الإسلامية ، لكنه قد نذر نفسه للديمقراطية وليس الإسلام . يقولون ( نحن بعد 50 سنة من الاستقلال نرى إن المغرب متخلف في التقدم الديمقراطي والعدالة . لذا فإن أولوياتنا هي محاربة الفساد وإرجاع الأخلاق إلى الحياة العامة ، ثم التقليل من اللامساواة الاجتماعية باستثمار رأس المال البشري ).
من القاهرة يرسل دكتور أبو الفتوح نفس الرسالة : فبينما الإسلاميون المتبحرون هم ديمقراطيون في بحثهم عن العدالة ، نجد إن الناس في الغرب قد تشيطنوا . فهو ينحي جانباً وبقوة الأسئلة عن دور الأخوان إن كانوا يسعون لتطبيق الشريعة في مصر . بالطبع الشريعة يجب أن تحترم . رغم ذلك فأن أزمة مصر ليست غياب الشريعة بل فقدان الديمقراطية . لقد واجه الأخوان التعذيب والسجن : د .أبو الفتوح الذي كان هو نفسه قد سجن لخمس سنوات ، يقول : على الغرب أن يعي بأن هذه الأنظمة عبارة عن مجموعة لصوص ، أناس غير أسوياء يرغبون فقط بالجلوس على الكراسي ، لقد شوهوا صورة الإسلام في الغرب وخلقوا فوبيا الإسلام .
بالإضافة إلى حزب العدالة والتقدم ، يوجد في المغرب حركة إسلامية كبيرة تسمى جماعة العدل والإحسان . وقد منعت من العمل كحزب سياسي ، ووضع قائدها الكبير ، شيخ ياسين ، تحت الإقامة الجبرية . كان هدفها المعلن هو تحويل المغرب إلى بلد إسلامي . ولكن هذا ،كما يقول الناطق الرسمي ( فتح الدين أرسلان ) هدف بعيد المدى . ففي الوقت الحاضر ، مع التركيز على التعليم والرفاهية ، يقول " أرسلان " : إن الأزمة السياسية الراهنة ليست وقتا للتنافس السياسي ، ما نحتاجه الآن فترة انتقالية ، يجب على جميع الإسلاميين فيها ، من اليمين واليسار ، الاشتراك في العمل الحثيث من اجل تحسين الأحوال .
مثل هذه الحوارات تظهر بأن الإسلام ليس وحدة كليانية متناغمة متراصة . فالناطق المعتدل باسم حزب العدالة والتقدم ( عادل ولد حسان ) وأعضاء حركة الأخوان يظهرون اليوم بعيدين عن عنف أعضاء القاعدة . ولا ادري لماذا يصر الناس على جمع كل هذه الحركات تحت تسمية واحدة هي ( الإسلام السياسي ) لمجرد كونهم مرتبطين بالعنف ، وان بطريقة أخرى ، في أذهان الأنظمة ؟
خذ المغرب مثلا : في أيار الماضي وقع هجوم انتحاري في الدار البيضاء أسفر عن مقتل 45شخصا . مرتكبو الهجوم يعودون إلى مجموعة الجهاد السلفية . ولا يوجد إثبات لربط الهجوم بحركة العدالة والتقدم ، والتي سارعت حينها إلى إدانة الهجوم . رغم ذلك فإن الهجمات قد شجعت على فرض قيود على حزب العدالة والتقدم . بعض المسؤولين في القصر الملكي قالوا بأن التفجيرات تظهر أن إصلاحات الملك الحذرة قد أسرعت الخطى ، وللحظة ، قيل إن الحكومة قد فكرت بحظر مشاركة حزب العدالة والتقدم في الانتخابات المحلية لهذا الشهر .
رد فعل كهذا لا يشكل مفاجئة . في المغرب ومصر والعديد من الأقطار الإسلامية الأخرى ، تميل الحكومات إلى تصنيف الإسلاميين وفق طيف يجعلها في النهاية مترابطة كلها . عند طرف أحد النهايات يقف الأئمة الذي يكون إثمهم الوحيد إثارة اكثر في خطب الجمعة ( التي تسيطر عليها الدولة ) وفي نهاية الطرف الثاني يقف الإرهابيون الحقيقيون مثل حركة الجهاد السلفية في المغرب أو الجماعة الإسلامية في مصر التي أعلنت مؤخراً وقف إطلاق النار . أما في المنتصف فتوجد حركات مثل حزب العدالة والتقدم ، حركة العدل والإحسان ، وحركة الأخوان المسلمين التي تدعي أنها حركة ضد العنف ، رغم أن النظام يتهمها بخلق جو من العسكرة ، به يترعرع رجالات العنف .
الغريب في الأمر إن هذه الأنظمة لا تخشى فحسب الإسلاميين بل تستغلهم . فقد رأت الحكومة المغربية بجماعة العدل والإحسان حصن محافظ ضد قوى اليسار . ثم شجعت حزب العدالة والنهضة ليصبح اكثر اعتدالاً لمواجهة حركة العدالة والإحسان . ولكن عندما بدأ حزب العدالة والتقدم يحرز تقدما في الانتخابات ، اخذ القصر بالشعور بالقلق من أن الحزب قد نما اكثر من حجمه ، وبطريقة مماثلة ، فإن الحكومة المصرية غالباً ما ترى في حركة الأخوان أداة طيعة . فالدكتور أبو الفتوح هو الآن في العقد الخامس ، ينتمي إلى جيل الأخوان الذي شجعه الرئيس السادات للعمل كثقل موازن لحركة اليسار الراديكالي في حرم الجامعات .
يبدو من غير الأنصاف ضم أحزاب مثل حزب العدالة والتقدم الذي حتى لم يدعو نفسه إسلامي ، إلى حركات الجهاد العنيفة . لكن هذه الأحزاب ، بكل الأحوال ، لا تعلو على الشبهات . فرغم تنصل قادة حزب العدالة والتقدم من وصمة الإسلاميين ، إلا انهم يعزفون على نغمة تراث المغرب الإسلامي . ويبدو الناطق باسم الحزب مراوغاً عندما يُسأل عن حدود الشريعة الواجب تطبيقها في المغرب النموذجي .كذلك فإن الحزب قد أسس على شبكة تحتية من الجماعات تسمى الوحدة والإصلاح ، وهي اكثر وضوحاً في أهدافها بخصوص أسلمة المجتمع .
لهذا فليس فقط الحكومات قلقة من نمو التأثير الإسلامي ، يقول ( إدريس كزيز ) رئيس تحرير مجلس Telquel مجلة الشؤون المعاصرة : " أنني أدين طريقة الحكومة باستخدام تفجيرات الدار البيضاء لوصم الحركات الإسلامية بالشيطنة والعودة خفية إلى طريقة الحكم الشمولي ". لكنه في الوقت نفسه لديه تحفظاته اتجاه الإسلاميين . ويقول هنا : كل من حزب العدالة والتقدم وحركة العدل والإحسان يسعيان إلى إقامة دولة إسلامية تقوم على الشريعة لكنهما يستخدمان منهجين مختلفين . فبينما تهيأ حركة العدل والإحسان الناس بصبر لقدوم الخليفة . يعمل حزب العدالة والتقدم مع النظام السياسي ويقدم صورة أخف . لكنهما بالنتيجة يسعيان إلى السبيل ذاته .
في مصر ، من الناسب جداً للرئيس المصري أن تكون له معارضة إسلامية تحت اليد . لأن هذا يساعده في إقناع الولايات المتحدة على إن فشله في الداخل يؤدي إلى وقوع مصر في مستنقع الأصولية . وتستخدم نفس الحجج والمجادلات في كل البلاد العربية والإسلامية ، من الممالك العربية إلى بلاد الدكتاتوريات ( البحرين ، سوريا الأسد ، باكستان برويز مشرف ) .
يشير الدكتاتوريون والملوك إلى الإسلاميين ويقولون انهم سيكونون أسوء منا . وفي الوقت نفسه فإن الإسلاميين المعتدلين يقولون بأن استمرار الحكومات بالضغط عليهم سيحل محلهم الإسلاميون المتطرفون . معنى ذلك : ( إن لم نحصل على الديمقراطية ستواجهون لعبة انبعاث الجماعات المتطرفة ) هكذا يصرح ( مصطفى خليفي ) المحرر السياسي لجريدة التجديد المغربية .
يقول الدكتور ( بهجت قرني ) من الجامعة الأمريكية في مصر : " منذ أحداث 11ستمبر أصبحت حركة الأخوان اقل أغراءً من الجهاد ، فالجيل الجديد اقل تركيزا على الشؤون المحلية ، انهم يتطلعون إلى عالم ما وراء مصر بغية نيل موقع أوسع لدى المسلمين . هل تقدم مصر والمغرب نموذجاً نمطياً ؟
ليس من الصعب أن نجد فروقا كثيرة بينهما ، فالأولى هي مهد الحركة القومية ، والثانية ملكية . واحدة تعد موطن العواطف التي ألهبت العالم العربي والأخرى بلد محافظ راكد . لكن الإسلام السياسي في هذين البلدين المختلفين جداً يعيد نفسه في كل أرجاء العالم الإسلامي . وبخنق المعارضة العلمانية ، تركت الأنظمة الشمولية الساحة السياسية أمام الإسلاميين ، الجماعة الوحيدة التي لها اتباع . اصبح واضحاً الآن القول : ما لم يعطى الإسلاميون المعتدلون آذناً صاغية فإن المواطنين الساخطين سيتحولون إلى منظمات العنف حيث يرسل العراق وأفغانستان رسالة قوية للمجتمع الإسلامي المعاصر ، لتجنيد اتباع اكثر .
لذا ، لماذا لا يتغير شيء . ( 4 ) الإسلام السياسي والغرب
نظريتان
على العموم ، وبتبسيط شديد ، يمكن أن يُصنف محللو الإسلام السياسي وفقا لنظريتين سياسيتين متعارضتين . النظرية التفاؤلية التي تعتقد بأن العنف الإسلامي قد وصل إلى قمته في الثمانينات وهو الآن منهزم . والنظرية التشاؤمية التي تعتقد بأن الإسلاميين يزدادون قوة حاليا ويستمرون في تشكيل تهديد مهلك للنظام السياسي للدول الإسلامية وتحد محتمل للعالم اجمع .
يعتمد المتفائلون بشكل رئيسي على كتاب محكم للأكاديمي الفرنسي (كيلس كيبل ) يسمى ( الجهاد : محاكمة الإسلام السياسي ) ، وكذلك على كتاب مختصر لكاتب فرنسي آخر هو ( أوليفر روي ) تحت عنوان ( فشل الإسلام السياسي ) . طبع كتاب (كيبل ) لأول مرة قبل أحداث سبتمبر ، ورغم ذلك لا يرى مؤلفه أي حاجة لإعادة النظر بنتائجه الكلية . إذ يجادل فيه بأن الإسلاميين أينما حاولوا الحصول على دعم الأغلبية من الجزائر إلى أفغانستان مرورا بإيران ، تراهم قد فشلوا . مثلهم بذلك مَثَل الشيوعيين ، أي إن البرنامج العام لديهم فَقَدَ إغوائه . يقول ( كيبل ) : لم يعد المسلمون يرون الإسلام مصدر يوتوبيا ، وهذه النظرة بشير خير للمستقبل .
ولا يمكن بحال من الأحوال مجادلة جزء من هذه النظرية . فبينما رجت أحداث سبتمبر الناسَ في الغرب وأرتهم خطر الحركة الإسلامية ، فإن العالم الإسلامي نفسه ، كان قد ارتج بفعل تحديات الإسلام السياسي طوال العقود المنصرمة . ومع نهاية التسعينيات ظهر مليا كما لو أن العلمانيين وليس الإسلاميين – وعلى اقل تقدير ليس المتعصبين منهم – قد بدءوا يهيمنون .
انظر كيف تغيرت الأشياء في بلدان ثلاثة : إيران بعد ثورة 1979 ، وأفغانستان بعد طرد السوفيت ، والسودان بعد انقلاب الإسلاميين عام 1989 ، لقد حاولت تلك الحكومات إقامة ما يماثل الحكومة الإسلامية الأصيلة . ففي إيران وأفغانستان هَزمَ المسلمون إحدى القوى الكبرى وأذلوا أخرى . وباختصار كانوا قد ألهبوا حماس المسلمين في كل مكان . لكن مع نهاية التسعينيات ، كانت تجربة السودان قد انهارت ، فيما حوَّلت طالبان الوضع في أفغانستان إلى يوتوبيا سوداء مذمومة . أما تجربة إيران الثيوقراطية فإنها فَقَدت السيطرة ليس على معجبيها في الخارج فحسب ، وانما على جماهيرها في الداخل أيضا . ومع تزايد فشل هذه التجارب ، يصبح – إلى حد ما – الشعار التبسيطي ( الإسلام هو الحل ) اقل إقناعا .
وخلال نفس الفترة عانى الإسلاميون نكسة من نوع آخر ، لقد اندحروا في البلدان التي رفعوا فيها شعار الجهاد المسلح لمقارعة الدولة ، حيث سَحَقت مصر الجماعات الإسلامية ، أما في الجزائر فقد تلاشت الحرب الأهلية بعد مائة ألف قتيل بنصر مكلف للنظام . وفشل المجاهدون ، الذين أذاقوا الجيش الأحمر هزيمة نكراء ، بتحويل البوسنة إلى ساحة جهاد أخرى . لهذا كله يتوصل ( كيبل ) إلى نتيجة مفادها : انه بنهاية التسعينيات اصبح العنف الحالة التي لا يمكن المضي بعدها . فَلَم يُوصل العنف أنصاره إلى السلطة ، بينما أرعب الطبقات الوسطى . إن كان هنالك مستقبل ، تقول النظرية الأولى ، سيكون بالعمل ضمن قوانين الديمقراطية وإعطاء التنازلات المناسبة .
المدافعون عن النظرية الثانية ، المتشائمة ، يتفقون مع جزء من هذا التحليل ، فهم يقبلون بفكرة إن الجهاد قد فشل عندما تصادم مباشرة مع الدولة ، لكنهم اقل تفاؤلا بشأن الوضع الحالي للأمور . انهم قلقون ، فبالرغم من قدرة الدولة على سحق جماعات العنف ، فإن تأثير الإسلام السياسي لم ينجُ من الهزيمة فحسب ، بل ازداد قوة . وبخلاف ذلك فالبعض منهم قد يقبل بدعوى الإسلاميين المعتدلين لتبني قيم الديمقراطية . بالطبع سيقول الإسلاميون انهم يتبنون تلك القيم الديمقراطية ، ولهم في ذلك حساباتهم التي تفضي إلى العمل الناجع في ظل الانتخابات الحرة . لكن ماذا لو تحولت هذه الأحزاب إلى حصان طروادة ؟ ماذا لو استخدموا الانتخابات للامساك بالسلطة وقطع الطريق على الآخر ، إن حاول إزاحتهم مستقبلا ؟
مرة أخرى لا يمكن المجادلة بشأن جزء من هذه النظرية . فرغم هزيمة التسعينيات ، فإن تأثير الإسلام السياسي – فكرة أن لدى الإسلام ما يقوله بشأن كيفية حكم المجتمع – قد توسع . أحيانا يمكن قياس هذا التأثير المتنامي بالانتصارات الانتخابية التي يحرزونها ، مثل انتصار الأغلبية الساحقة التي نالها حزب العدالة والتنمية في تركيا بقيادة ( رجب طيب أردوغان ) في انتخابات نوفمبر 2002 . أو تلك التي حققها تحالف ستة أحزاب إسلامية في باكستان ، قبل ذلك التأريخ بشهر ، حيث حصلوا على 60 مقعد من اصل 342 في الجمعية الوطنية . هذا بالإضافة إلى السيطرة على الحكومة المحلية في مقاطعة الشمال الغربي . لكن النصر في الانتخابات دليل إثبات واحد فقط في القضية .
 قوة المعارضة :
حتى عندما لا يفوز الإسلاميون بالانتخابات أو عندما لا يُسمح لهم بذلك ، فإنهم يشكلون المعارضة الوحيدة التي تخشاها الحكومات ، خاصة وانه لم يعد هناك الكثير من اليسار في أرجاء واسعة من العالم الإسلامي . وبينما تميل الحركات اليسارية عادة إلى الخلايا الصغيرة ، يتجه الإسلاميون إلى العضوية الواسعة والفعالة التي غالبا ما ترتبط بالجوامع المعروفة بممارسة الأعمال الخيرية المؤثرة مع ما يسمى بالدعوة الموجهة لأسلمة العوام . وبينما يكدح المجتمع المدني في اغلب البلدان الفقيرة من اجل المال ، تصب العوائد في جيوب الإسلاميين . وذلك تحديدا ما يجعلهم أقوياء حتى لو لم يكونوا في السلطة . يقول ( غراهام فولر ) نائب الرئيس السابق للمجلس الوطني للمخابرات التابع للـ C.I.A : ( لن يكون من المبالغة الإقرار بتركيز الإسلاميين على المجتمع المدني وبتشكيل المؤسسات فيه اكثر من أي قوة سياسية أخرى في العالم الإسلامي ) .
إلى ذلك يبدو انهم ليسوا بحاجة للفوز بالسلطة لينفذوا أهدافهم . والأنظمة العلمانية التي تشعر بخطر الإسلاميين ، لديها تجربة طويلة في الرد على مثل هذه الحالات ، كوضع الشهي من الطعام في طريقهم في الوقت المناسب . فالرئيس الإندونيسي السابق ( سوهارتو ) حرص على تقديم نفسه كمسلم ورع في محاولة فاشلة لإنقاذ نظامه . كذلك الأمر مع دكتاتور باكستان ( ضياء الحق ) ورئيس وزرائها العلماني ( ذو الفقار علي بوتو ) . لكن أنظمة أخرى استجابت لمطالب الإسلاميين بوضع ما هو هامشي وضئيل من الشريعة في القوانين والدساتير ، مثل مصر وسوريا ، مصرحين في الدستور بأن الإسلام مصدر أساسي من مصادر القانون الوطني . وفي عام 2001 أعلن ( ماهاتير محمد ) في ماليزيا وتحت ضغط المعارضة ، فكَّ ارتباط الدولة بالتراث العلماني ، وأعلن ماليزيا دولة إسلامية . أما ملك المغرب فقد أسمى نفسه المدافع عن الإيمان .
في الحقيقة يرى بعض الإسلاميين أن مكاسبهم في المعارضة ورعاية شبكات اتباعهم على الأرض افضل من الوصول إلى السلطة . يقول ( راشد الغنوشي ) المعارض التونسي المبعد في لندن : إن حصل تناقض بين النشاطات الاجتماعية للإسلاميين واهتماماتهم السياسية ، حينها يجب تفضيل الأولى . فَقَد اتضح أن نشاطاتهم الاجتماعية اكثر ثباتا من اهتماماتهم السياسية ، ويضيف : إن الشيء الخطر فيما يتعلق بالحركات الإسلامية هو الحب الذي يغمرهم الناس فيه قبل وصولهم إلى السلطة ، والكره الذي ينالونه بعد استلامهم لها ، مثلما حصل في إيران .
يقول المتشائمون إن الانتصارات التي حققها الإسلام السياسي في المعارضة قد غيرت مركز الاهتمامات الأساسية للمجتمعات باتجاه الدين والتعصب والرقابة ، وأبعدتها في الوقت نفسه عن الليبرالية العلمانية . بينما يحتج المتفائلون بالقول : لا تعتقدوا إن هدف الأحزاب الإسلامية هو التوسع بنشر الأفكار الدينية ، إنها تحاول إصلاح المجتمع في مجالات عدة ، مستخدمة الإسلام لجعل رسالتها اكثر قبولا . هم لا يكذبون : الإسلام يشكل مرجعية نظرتهم إلى العالم . انهم براغماتيون مولعون بتوظيف القيم التقدمية التي يتبنونها من إيمانهم ، وليسوا آيديولوجين غارقين بالنصوص بحثا عن مخططات فكرية جاهزة .
أحد اشد المتفائلين في هذا المجال ، السيد ( فولر ) المحلل السابق في الـ C.I.A يقول : يشكل الإسلام السياسي – باستثناء الأماكن التي أحرز السلطة فيها بالقوة – القوة الوحيدة الأكثر فعالية ، النامية والمنتشرة والناشطة في العالم الإسلامي بحثا عن تعزيز الديمقراطية وحقوق الإنسان والمجتمع المدني وبشكل عام الاقتصاد الحر . ولكن – وعلى اقل تقدير – تبدو هذه النظرة الوردية المتفائلة سجالية حتى في العالم الإسلامي .
أدموند شاهين ، الباحث في العلوم السياسية في الجامعة الأمريكية في القاهرة ، مؤمن بأن الإسلام السياسي هو موجة المستقبل . وفي الطابق الثاني من البناية نفسها ، يعبر ( بهجت قرني ) عن خيبة المثقفين الإسلاميين ، " فمن جهة يعتبر الإسلاميين قوى نابضة في المجتمع المدني ، لأنهم قوى معارضة لديهم مفاهيم بديلة ، لكن من جانب آخر ، هناك أسئلة جمة عن نمط النظام السياسي الذي يسعون لإقامته . بالإضافة إلى ذلك ، أني أتساءل : إن كان ذلك هو الطريق إلى الديمقراطية الراسخة " . بعض الإسلاميين ، كما يقول بهجت ( ميالون إلى الاستشهاد بالنصوص الدينية كَسَند للدفاع عن حاجاتهم ، لكنهم ليسوا مستعدين للإقرار بإمكانية أي خطا ) .
لدى الكثير من الباحثين من غير المسلمين شك اكبر من ذلك . ايمانوئيل سيفان ، الأستاذ في الجامعة العبرية في تل أبيب ، يجادل بأن باحثين مثل السيد ( فولر ) الذي يعتقد بأن الإسلاميين قوى تقدمية في المجتمعات المسلمة ، يولي اهتماما بما تقوله هذه الجماعات للآخرين اكثر من اهتمامه بما تقوله هذه الجماعات فيما بينها . فعلى الرغم من وجود بعض الأصوات الليبرالية بين الإسلاميين ، يقول ( سيفان ) فإن هذه الأصوات قد كمَّمها المتطرفون .
فبينما يطبع الليبراليون الجرائد ، يتقن المتطرفون فَنَ نشر رسالتهم بشكل واسع عن طريق الخطب الدينية والمناظرات الموزعة على أشرطة صوتية . فقد أحصى السيد ( سيفان ) أربعمائة أو اكثر من أشرطة الخطباء ولم يجد بينها خطبة ليبرالية واحدة .
ليس بالأمر المهم اعتقاد الدارسين الغربيين بأن الإسلاميين ديمقراطيون حقيقيون ، وسيان الأمر مع ما يعتقده اتباع الإسلاميين . ذلك أن اغلب الإسلاميين يقولون انهم ينشدون الديمقراطية . ففي الاستطلاع ذاته ، الذي أشار إلى تصاعد غضب المسلمين تجاه أمريكا ، توجد هناك إشارة إلى نزوع المسلمين القوي نحو الديمقراطية والحريات . وفي استفتاء اجري في خمسين بلد ، من مَلكيات ، الأردن والكويت ، إلى دول حكم مطلق ، باكستان واوزبكستان ، وُجِدَ دعم قوي لحرية التعبير والصحافة وأنظمة التعددية الحزبية والمساواة أمام القانون . وفي بعض أجزاء العالم الإسلامي سَجَلت هذه القيم معدلات عالية مقارنة ببلدان وسط وشرق أوربا .
 ولكن هل يمكنك الثقة بهم ؟
ربما . لكن هل إن المسلمين الذين يدعمون الديمقراطية نظريا يؤيدون الممارسة العملية لها إن كانوا لا يثقون بتمسك الإسلاميين بقواعد لعبة الحكم ؟ يجادل ( سيفان ) قائلا : إن احتكار الإسلاميين للمعارضة في البلدان الإسلامية جعلهم يضعون الخوف من الله في قلب الطبقات الوسطى التي كانت في ظروف أخرى الشريحة الفائزة بالديمقراطية . ذلك ما حصل للطبقات الوسطى في أمريكا اللاتينية عندما كانت الماركسية في ذروتها ، فقد ترددوا بأخذ فرصة الدخول في انتخابات ديمقراطية نزيهة خشية أن تؤول السلطة إلى المتطرفين .
القول بأن الديمقراطية لم تنفذ إلى الإسلام لا يفسر بعض المعارضة الأساسية من الدين . يقول ( سيفان ) : لم يمر وقت طويل منذ أن فُهِمَت الكاثوليكية في ضوء هذه الحقيقة . فشلت الديمقراطية ، والى حد بعيد ، بسبب الخطر الراديكالي : الخوف من أن تكون صوتا واحد لرجل واحد والى الأبد .
وهل ستكون ؟؟

( 5 ) الإسلام والديمقراطية
قانون الإنسان أم قانون الإله ؟

ليست شيئا تخيله الغرباء الخوف من ان يتحول التصويت للإسلاميين إلى واقع ( رجل واحد وصوت واحد ولمرة واحدة ) إنه شيء معلن في عموم العالم الإسلامي . ففي عام 1991 اصطنعت الحكومة الجزائرية الذريعة لإلغاء الجولة الثانية من الانتخابات والتي أوشكت بها الجبهة الاسلامية للإنقاذ من أن تمسك بالسلطة لتخلف جبهة التحرير الجزائرية التي حكمت البلاد منذ الاستقلال . وبررت ذلك بعدم الثقة بالإسلاميين للتخلي عن السلطة إن امسكوا بها .
يبدو هذا الأمر غير مقبول عندما يأتي من حكومة هي نفسها غير راغبة بالتخلي عن السلطة في انتخابات حرة . هنا يجب تذكير السياسيين العرب - الذين يشتكون من كون الإسلاميين غير ديمقراطيين - بحقيقة كونهم هم أنفسهم غير ديمقراطيين . يبدو جليا ، انه بالإضافة إلى الإسلام تشكل الحدود المصطنعة وحكومات الحزب الواحد عوائقا أمام نمو الديمقراطية في العالم الإسلامي ، ويحتاج أولئك الذين يعتقدون ان ( الإسلام هو الحل ) إلى مواجهة إمكانيات أخرى . أيكون الإسلام هو المشكلة ؟ وهل تستقيم مع الديمقراطية مفردات الإيمان الصلدة ؟
الجواب السريع نعم . فالديمقراطية ترتكز على فكرة أن ( الإنسان صانع القوانين ) بينما يتضمن الإسلام - كما في القرآن - منظومة قوانين مرسلة مباشرة الى الرسول ( محمد ) وبالتالي فهي غير قابلة للتعديل والمراجعة . يقول الدكتور خالد أبو الفضل المتخصص بالقانون الإسلامي في جامعة كاليفورنيا : فكرة الديمقراطية التي يقدمها الإسلام تتضمن الإقرار بالسيادة الإلهية ( فهي لا تعوض عن السلطة البشرية بل يجب عليها ان تظهر كيف تعبر السلطة البشرية عن السيادة الإلهية وبفهم كامل ) .
ويشكل هذا تعقيدا هائلا ، إذ سيعطي سلطة غير محدودة لكل فرد يدعي سلطة خاصة بالفهم الكامل . رغم ذلك لا يعدم الإنسان الفطنة للالتفاف عليها ، فلم يعد خافيا للمسلمين وغير المسلمين ان الكثير من الأوامر الإلهية تعتريها الفجوات المطلوب ملأها ، والأخرى المطلوب تفسيرها . وهذا يفتح المجال لتشريع الكثير من قوانينهم . مثلا لم يوصي القران بأي شكل محدد للحكومة ، بل إن الحكومات بحاجة الى حكام من المطلوب اختيارهم ببعض الطرق التي تبقى مفتوحة للجدال .
والدول الحديثة بحاجة الى قوانين اكثر من تلك التي أمر بها القرآن غير القابل للتغير . وفي الحقيقة فإن 80 آية فقط من مجموع 6000 آية في القرآن تطرح قوانين التعامل العام ، والقليل منها يمكن تطبيعه في العالم الحديث . والكثير مما يسمى بشكل فضفاض ( الشريعة ) تستقي من مصادر أخرى : السنة ( أحاديث الرسول ) الإجماع ( ما اتفق عليه الباحثين من رجال الدين ) والقياس ( التعليل القانوني ) لذا يوجد هنا حيزا كبيرا للتأويل ( ما يسميه المسمون الاجتهاد ) والبعض من الأحكام البينة في القرآن يقوم القضاة المسلمون بالالتفاف عليها باستمرار . مثلا من أحكام القرآن قطع يد السارق ( الحد ) . لكن عدد الجرائم التي تتطلب ( الحد ) قليل جدا والعديد من البلدان التي تطبق عقوبة ( الحد ) تجد السبيل الذي يضمن عدم إنزالها بالمتهم أو أن تطبقها بشكل محدود جدا .
بكلمات أخرى ، أولئك الذين يبحثون عن الديمقراطية يمكن لهم ان يجدوا المساحة المناسبة داخل الإسلام للإيمان بأن الإسلام يتعايش مع الديمقراطية . والبعض يذهبون ابعد بدعوى اقل قبولا . بالاستقراء الجهيد يمكن لهم ان يجدوا تخريجا للأفكار الديمقراطية بإشارات القرآن السريعة للإجماع والاستشارة .
بالطبع هذا إقحام للأشياء : فالتشاور يتم بين الفقهاء المسلمين وليس بين أفراد الشعب ، رغم إن الكثير من القيم المقترنة بالديمقراطية مثل : المساواة والعدالة والتعاون ، يمكن أن توجد في الإسلام ، إلا أن النصوص الرئيسية المقدسة مثل الكثير من الأديان ، لا تتصف الديمقراطية . الأمر المناسب الذي يمكن ان يقال هنا هو أن : الأديان لا تحرّم الديمقراطية وحتى هذا أمر فيه نزاع . يجب التذكير هنا ان سيد قطب يقول : على الإنسان أن لا يكون تحت هيمنة إنسان آخر . وقد اصدر الشيخ الضرير عبد الرحمن ، المشترك في المحاولة الأولى لضرب البرجين ، فتوى حظر بها كل الأحزاب ومن ضمنها الأحزاب الإسلامية . تبدو الحقيقة البسيطة الماثلة للعيان هي عدم وجود اتفاق في الإسلام حول برنامج عمل للسياسة .
ولإثبات عدم وجود برنامج عمل محدد ، انظر إلى ما هو مثير للعجب : إيران . عقدان من الزمن منذ ثورة آية الله الخميني ، تبدو فيهما إيران نقيضا للديمقراطية . فقد فرض خميني نظام ولاية الفقيه ، حيث يكون الحكم النهائي في السلطة السياسية لرجل دين هو الأكثر تأهيلا للفهم الحقيقي . وبالمصادفة الحسنة فقد كان هو من يعتبر الأكثر تأهيلا ليكون المرشد الأعلى . رغم ان دستور إيران يسمح بانتخاب رئيس جمهورية وجمعية تشريعية فإن التشريع يصحح من قبل مجلس صيانة الدستور لضمان اتفاقه مع الشرع الإسلامي الذي يعتقدونه .
وهذه بالكاد ( ديمقراطية ) كما يفهمها الغرب .
ولكن هل إيران دليل على ان الدولة الاسلامية لا يمكن ان تكون ديمقراطية ؟
جداليا ، ما تظهره إيران حقا هو كم هم أحرار أو مرغمين أولئك الذين يتبنون قضية الإسلام السياسي ليختلقوا ما يعنونه بالإسلام السياسي وهم سائرون . رغم ان الخميني لم يختلق مبدأ ولاية الفقيه لكن الشكل الذي فرضه كان الى حد كبير جدا من بناة أفكاره . ومبدأ ولاية الفقيه ليس مقبولا من كل قادة الشيعة . وقد لا يعمر طويلا في إيران .
إيران اليوم منقسمة بين الإصلاحيين الذين يقودهم الرئيس محمد خاتمي ، المنصب لفترتين ، وآيات الله المحافظين الذين لا يطيقون أي تغيير قد يضعف السلطة المخولة لهم بحكم موقعهم الديني . ومن المحتمل ان يتمكن المحافظون من سحق الإصلاحيين أو بالعكس . ولكن من الممكن ان يوجد طريق وسط . ذلك ما يأمله ( فريدمان ) الباحث والمستشار في الحكومة الأمريكية فيقول : مثل هذه النتيجة لا تحل فقط المشاكل التي تواجهها إيران اليوم دون ثوران عنيف ، بل قد تقدم نموذجا لبلدان أخرى في العالم الإسلامي تحاول أن تحاكيه .
حتى ذلك الوقت ، كانت الأحزاب السياسية التي تدعي بأن ( الإسلام هو الحل ) تجد من الصعب عليها وصف نمط النظام السياسي الذي تتخيل تشكيله أو أن تشير إلى النموذج المعجبة به .
اغلب الأحزاب السياسية الإسلامية تفضل الغموض والكمون في حالات الجمود غير الملائمة ، فالكل يقول بأن الدولة الإسلامية ستطبق ( الشريعة ) لكن الشريعة ذاتها ليست شاملة وهي موضع تأويلات متعددة بالطبع .
السيادة لله ، ولكن من سيحكم ؟
الجواب سيعتمد على من ستسأله هنا . قد يكون المتشائمون على صواب ليقولوا ان الإسلاميين ديمقراطيون مزيفون . اهتمامهم فقط بـ ( رجل واحد ) و ( صوت واحد ) و( لمرة واحد ) لكن لا يوجد ما هو ضروري في الإسلام نفسه لإثبات ذلك .

( 6 ) حرب من هي ؟
خطر التخبط في حروب الآخرين

افِتتح هذا الملف بالإشارة إلى إن جماعة صغيرة بإمكانها أن ترتكب أفعالا ذات عواقب وخيمة . لو لم يفعل الـ 19 عربي ما فعلوه في 11سبتمبر ، بالتأكيد لما كان باستطاعة الولايات المتحدة أن تغزو أفغانستان ، ومن المحتمل أنها ما أقدمت على غزو العراق واحتلاله . وهاتان الحربان بدورهما لهما نتائج على العلاقات الواسعة بين الإسلام والغرب . وكيف سيكون الشكل المحتمل لهذه العلاقة ؟
اظهر الاستفتاء الذي أجراه مركز البحوث ، بان النتائج الآنية قد كانت تشوه سمعة أمريكا في أجزاء واسعة من العالم ، لكن الكثير يعتمد على ما يحصل في المستقبل . فما من أحد كان لديه توقع عما يمكن أن يحل في أفغانستان ، لا سيما وإنها مكان اضطرابات حتى قبل أن تصبح ضحية للحرب الباردة . العراق قضية أخرى ، ظاهرياًَ تبدو قضية الاختبار التام ، اختبار تزامني لقباليات الحكم الإسلامي ومصداقية النيات الأمريكية .
هل بإمكان الدكتاتورية السابقة إن تصبح بلد الديمقراطية الذي يريده الأمريكان ، وان تكون كما يقول جورج بوش أنموذجا ملهما لبقية المنطقة ، يخدم مصالحنا ؟ أو هل أن فكرة قيام مثل هذه الديمقراطية سيقع في تناقض مع الثقافة السياسية العربية أو ثقافة الإسلام نفسه على اقل احتمال ؟
الأشهر الأولى لم تكن رحيمة مع كل فرد يتوقع ديمقراطية ( على نمط جيفرسون ) تنهض متشكلة من رماد دكتاتورية البعث . الذين عادوا من المنفى مثل ( احمد الجلبي ) الذي عاش في الغرب ويتكلم لغة الديمقراطية العلمانية ، ظهر أن ليس له تماس مع رجل الشارع . وبدا أن أبرز القوى السياسية المنظمة في العراق هي الحوزة العلمية في النجف التي تتكلم باسم الإسلام وليس باسم أي قوى ديمقراطية علمانية . قاد هذا بعض المراقبين إلى استنتاج مفاده ، أن العراق الديمقراطي مهمة شديدة العسر . فالأمريكان كنسوا دكتاتورية علمانية ، فقط ليعبدوا الطريق أمام تشكيل ثيوقراطية شيعية على النمط الإيراني المعادي للغرب .
حقاً ستكون مفارقة . لكنها ليست مؤكدة أو حتى ليست ما يقول الخطباء ورجال الدين انهم يريدونه . في خطبة الجمعة في جامع الفلوجة الكبير - المنطقة التي أصبحت معادية للأمريكان - دعا الشيخ جمال شاكر اتباعه إلى العودة إلى الإسلام ، وحمّلَ الماركسية والطغاة محنة العراق . لكنه دعا الأمريكان كذلك إلى جلب الديمقراطية ، حتى يشعر العراقيون بأمان واطمئنان وينتخبوا حكومة عراقية صالحة تعطي كل ذي حق حقه .
من الصعب القول إن العراق معاد لفكرة الديمقراطية . اغلب مسلمي العراق هم من الشيعة ، الطائفة التي تعتقد بأن سلطة الكائن البشري من الصعب أن تكون شرعية حتى عودة الأمام الثاني عشر ، الأمام الغائب . والانفجار الذي وقع في النجف وقتل ( محمد باقر الحكيم ) أحد قادة الشيعة الكبار في البلد ، كان قد ترك السياسيين الشيعة في اضطراب عظيم . لكل اغلب الشيعة المتدنين يدركون الحاجة للتفاهم مع الشيعة العلمانيين وكذلك مع السنة والأكراد والأقليات الأخرى . وفي المناقشات الجارية عن كيفية تشكيل حكومة جديدة ، كان الشيعة هم من أراد وجود تقاليد ديمقراطية للانتخاب لا للتعين . هكذا فالديمقراطية على الأقل هي المستقبل الممكن للعراق .
وبعد ، يبدو هنالك الكثير ليقال عن النموذج العراقي . فإن لم تتجذر الديمقراطية هناك ، ليس بالضرورة أن يكون الإسلام مانعا لذلك . وحقيقة كون ديمقراطيات هشة تزرع الآن في بلدان مختلفة مثل بنغلادش وإندونيسيا وتركيا وماليزيا - ولنترك الحديث عن العولمة الديمقراطية الساعية إلى إزالة حكم الاكليريوس الثيوقراطي من إيران - كلها تظهر بأن الإسلام نفسه ليس عدوا ثابتا للديمقراطية . وفشل نمو الديمقراطية في البلدان العربية الإسلامية ليس له من رابط مع الإيمان بل يمكن أن يعزى إلى شيء ابسط ، خاصة حينما يرفض رجال السلطة تركها أو السماح للمشاركة بها .
وفي السياق نفسه ، ليس هنالك حاجة لقراءة كبيرة في النموذج العراقي . إذا فشل العراق في أن يصبح ديمقراطيا ، فإن العائق الأساسي أمام الديمقراطيين المزعومين في العالم العربي ليس غياب النموذج بل رفض الأنظمة الحالية - ( الفاسدين الضالين ) كما يسميهم دكتور أبو الفتوح - في أن تفسح الطريق . في العراق ، اختارت أمريكا لأسباب عدة أن تقتلع اللص الضال المقيم في بغداد ، لكن في الأقطار العربية الأخرى على الجماهير المحلية أن تجد سبيلا لتفعل ذلك بنفسها . هذا بالضبط ما يولد حيرة . فرغم إن أمريكا تود أن تكون نصيرا للحرية ، إلا أن سياسة الأمر الواقع غالباً ما تفرض عليها حماية ورعاية أنظمة ممقوتة .
ومنذ أحداث 11سبتمبر طرح بعض الأمريكان الحل البسيط ( التغير ) . حيث أن الديمقراطية أمر جيد ، لذا فإن دعم الديمقراطيين في العالم الإسلامي - في النهاية - سيكون لصالح العلاقات بين الإسلام والغرب . وبالتأكيد هناك احتمال ضئيل أن يتخاصم الناس الذين يتشاركون في القيم الديمقراطية .
 زيف دواء الديمقراطية الشافي :
هذا المقترح بسيط جداً ، لسببين : الديمقراطية هي منظومة قوانين اكثر منها منظومة قيم . والمصوتون للديمقراطية في العالم الإسلامي سيدعمون بحماس السياسات والقيم التي تناقض الغرب . فيما الناخبون المسلمون سيكونون اقل رغبة من قادتهم غير المنتخبين في العيش مع دولة إسرائيل ، والتي يعد بقاءها بندا ثابتا في السياسية الأمريكية . أو كما أظهرت حرب العراق ، فإن الديمقراطيات الصديقة حتى ، مثل تركيا قد تتضامن مع ( الأمة ) على إن تدعم ما تدعوه أمريكا الحرب على الإرهاب .
وبخصوص القيم ، فإن نمط المجتمع الذي يبنيه الإسلاميون عندما ينتخبون كما ينبغي ، قد لا يرضى كل امرئ في الغرب . الأحزاب الإسلامية قد تكون اشتراكية جداً بمعنى أنها تريد فرصة للوصول إلى السلطة ديمقراطياً . لكن هؤلاء الناس هم غالباً محافظون اجتماعياً ، ففي ماليزيا المحكومة من المعارضة الإسلامية ، هناك تحركات لتطبيق الحد على السارق - قطع اليد . وفي المغرب استدعت حركة العدل والإحسان وحزب العدالة والديمقراطية ألوف المتظاهرين للنزول إلى شوارع الدار البيضاء للوقوف بوجه إصلاح قانون العائلة الذي قد يعطي المرأة حقوق مساواة اكثر . رغم ذلك يمكن القول أن التقاليد وليس الإسلام هي التي تعيق تقدم المرأة في البلدان المسلمة ، لذا فهو أمر تقليدي أن يكون القليل من الإسلاميين راغبا بالتغير.
التعقيد الثاني بشأن التغير اكثر تجذراً ؛ كيف نشخص الديمقراطيين ؟ . من الصعب القول أن الأمر سيؤول ( لرجل واحد وصوت واحد ولمرة واحدة ) . ثم ننقب في اللاهوت ونسأل فيما إذا كان الإسلام في جوهره ديمقراطياً ؟ في العالم الإسلامي ، القوى الديمقراطية وغير الديمقراطية في صراع دائم ، وكلا الجانبين يستحضر الأيمان ، لكن ما من أحد في هذا الدين اللابابوي يملك السلطة ليضع حدا لهذا الجدال بطريقة أو بأخرى . وليس هناك من معنى لمحاولة الاستنتاج أي مِنَ الجانبين سينتصر ؟ لنسلم بأن الديمقراطية ستنتصر في بعض البلدان وتفشل في أخرى .
لذا ، ما الذي على الدول الكبرى المسكينة أن تعمله ؟
منذ أحداث 11سبتمبر قال الكثيرون : من الخطأ أن يكون منظار أمريكا في السياسة الخارجية مارا من خلال عدسة الحرب على الإرهاب . وهم على صواب لكن دفاع المرء ضد الإرهاب هو على اقل تقدير سياسة ضرورية وواقعية وكذلك سهلة للتوضيح والفهم . وسيكون خطأ فادحا ، إن كان منظور السياسة الخارجية الأمريكية يمر من خلال عدسة تصادم متخيل مع الإسلام .
بشأن الاستغاثة بالأمة ، فإن اكثر من بليون مسلم يشكلون ما يطلق عليه اختصارا ( العالم الإسلامي ) ليسوا كتلة واحدة لها وجهة نظر واحدة مهمومة بالعلاقة مع الغرب . يعيش المسلمون في بلدان متنوعة حيث الحداثة والتراث ، العقل والأيمان ، في موضع نزاع - على اقل تقدير - منذ القرن التاسع عشر . وحتى بعد أحداث سبتمبر وغزو أفغانستان والعراق ، فإن الشاغل الرئيسي للمسلمين استمر ليكون مقتصرا على الدولة في العالم الإسلامي ، خصوصاً في بلدانهم ، وليس في علاقتهم مع الغرب .
هذا لا يعني إن بإمكان أمريكا تجنب الصراع مع أشباه القاعدة . وان تكون خجلة من أن تتكلم جهاراً وبوضوح عن الديمقراطية التي خدمتها جيداً . لكن عليها – أي أمريكا - أن تكون حذرة لتتجنب الخوض في اطروحات الآخر حول المعنى الحقيقي للإسلام ، أو الافتراض إن الديمقراطية هي نقيض الإسلام . على المسلمين أن يجدوا حلاً لمثل هذه المجادلات وبطريقتهم الخاصة .



#احمد_ثامر_جهاد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وقائع مهرجان الحبوبي الابداعي الثاني في الناصرية
- عن الشتاء والمسؤولين وحب المطر
- حمى السلاسل السينمائية
- حول جمالية الفيلم السينمائي
- في سابقة خطيرة تهدد جوهر الديمقراطية
- طفح الكيل في جامعة ذي قار.. والعاقبة اخطر
- للحقول الخضر ينشد لوركا قصائده
- حداثة الرواية السينمائية
- ! إرهاب النفط في وجوه الشيطان
- جندي أمريكي .. جندي عراقي
- الحياة في الأهوار العراقية
- بابلو بيكاسو
- استبطان الذات بلقطة قريبة
- الآخر في الخطاب السينمائي
- نصف ظلام ، نصف حياة
- فرانكشتاين...صورة عن الواقع والخيال
- في ورشة غابرييل غارسيا ماركيز
- تراجيديا انتخابات الجمعية الوطنية
- مَن أذلَّ الجواهري في كردستان !؟
- مارتن سكورسيزي


المزيد.....




- صلاة الجمعة الثالثة من شهر رمضان.. الاحتلال يعيق وصول المواط ...
- السعودية.. الأمن العام يوجه دعوة للمواطنين والمقيمين بشأن ال ...
- صلاة راهبة مسيحية في لبنان من أجل مقاتلي حزب الله تٌثير ضجة ...
- الإفتاء المصرية تحسم الجدل حول فيديو إمام مسجد يتفحّص هاتفه ...
- كيف يؤثر التهديد الإرهابي المتزايد لتنظيم الدولة الإسلامية ع ...
- دولة إسلامية تفتتح مسجدا للمتحولين جنسيا
- فيديو البابا فرانسيس يغسل أقدام سيدات فقط ويكسر تقاليد طقوس ...
- السريان-الأرثوذكس ـ طائفة تتعبد بـ-لغة المسيح- في ألمانيا!
- قائد الثورة الإسلامية يؤكد انتصار المقاومة وشعب غزة، والمقاو ...
- سلي عيالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على النايل سات ولا يفو ...


المزيد.....

- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود
- فصول من فصلات التاريخ : الدول العلمانية والدين والإرهاب. / يوسف هشام محمد


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - احمد ثامر جهاد - الاسلام السياسي والغرب