أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جودت شاكر محمود - دردشات: هل حقا نسعى إلى الديمقراطية بعد -الربيع- العربي ؟















المزيد.....

دردشات: هل حقا نسعى إلى الديمقراطية بعد -الربيع- العربي ؟


جودت شاكر محمود
()


الحوار المتمدن-العدد: 3686 - 2012 / 4 / 2 - 03:12
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


هل حقا نحن نسعى إلى تحقيق الديمقراطية؟ هذا السؤال لطالما راودني وحاولت إيجاد بعض الإجابات عنه، ولكن كنت أقف حائراً أمام ما يحدث. أذن لنبدأ من البداية في تناولنا لهذا الموضوع. كلنا نعلم بان الفكر الاشتراكي تبنى مصطلح الصراع الطبقي ويطلق هذا المصطلح لوصف الصراع بين من يملك كل شيء ومن لا يملك أي شيء. في حين الفكر الرأسمالي يسعى عبر قنواته الفكرية إلى التقليل من أهمية ذلك الصراع، وتبني مواقف تدعو إلى رفض وجود ما يسمى بالصراع الطبقي، والى خلق أنواع أخرى بديلة من أجل إشغال الجماهير واستنزاف قوتها. وفي ضوء أيديولوجيا كلا الفكريين ظهرت العديد من التوجهات الفكرية التي عملت من أجل وصف هذا الصراع. ومن بين تلك النظريات التي حاولت الليبرالية من العمل عليها هي نظرية الاحتياجات الإنسانية الأساسية، وهو نهج لفهم الصراع الاجتماعي. وقد اتخذ مفهوم الاحتياجات الإنسانية الأساسية عرض للطرق الممكنة لتحليل النزاعات وحلها. ولكن مع مرور الوقت، سعت الرأسمالية إلى تغير الصراع من صراع طبقي يستند على الحاجات الأساسية للجمهور من اجل البقاء واستمرار حياتها وتطورها نحو الأفضل إلى الصراع من اجل الحاجة إلى الهوية، ليس الهوية الوطنية الجامعة لجميع أبناء المجتمع إنما الهوية ذات الصبغة الطائفية أو المذهبية أو القومية والتي تمزق نسيج الهوية الأكبر والتي هي الهوية الوطنية. وذلك بوصفها (أي هذه الهويات الأصغر) المصدر الرئيسي للصراعات العرقية والطائفية والدينية والقومية الحديثة. وإظهار الدول والنظم القائمة بفشلها وعجزها عن حل تلك الصراعات واعتبار البحث عن الهوية هو أساس وجوهر العنف والصراع في المجتمعات، وخاصة المجتمعات ذات التشكيلة المتنوعة من قوميات وطوائف دينية ومذهبية وعرقية. هذا التوجه ينأى بالقوى الامبريالية والرأسمالية عن المواجهة مع القوى والشعوب في ما يسمى بالعالم الثالث والمتطلعة إلى الحرية والعدالة الاجتماعية والتقدم الصناعي والتكنولوجي والعيش بكرامة إنسانية، ويوجه الصراع إلى داخل تلك الدول والشعوب بما يؤدي إلى إشغالها وتمزيقها إلى بؤر صغيرة متصارعة مما يجعلها فريسة سهلة لتلك القوى الامبريالية التي تمسك بمصير تلك الشعوب والدول من خلال كونها سلطة أو قوة القطب الواحد في هذا العالم. وفي ذات الوقت ينحى بها بعيداً عن التصادم بين القوى الوطنية الباحثة عن حريتها وكرامتها مع القوى الامبريالية التي هي العدو الأول والحقيقي لها ولبقائها وتطورها، والذي يهدد وجودها ووحدتها، وبما يخلق وخلق بالفعل نوع من التشويش لدى الكثيرين من المثقفين ودعاة النضال، والذي يفتقرون إلى النظرة المعمقة والخلفية الفكرية والعقائدية الصحيحة والمرتبطة بمصالح الجماهير، هؤلاء أنصاف المثقفين والمناضلين سوف يكونون في ذات الخندق مع القوى الامبريالية وحلفاءها من الرجعيين والعملاء والطفيليين ودعاة التجزئة والمتسلقين الباحثين عن السلطة، وفي النهاية هم مع القوى الامبريالية والصهيونية عدوة جميع الشعوب الكادحة والمستضعفة، وداعين لعودة المستعمر بكل أشكاله وأنواعه إلى المنطقة وتحت مسميات كثيرة وهذا ما حدث ويحدث كل يوم، بحيث أصبح المستعمر هو أمل للتحرر والساعي لصيانة حرية وتقدم الشعوب، أن كان عثماني متخلف يتستر بالدين والمذهب، أو أوربي غربي متقدم يتشدق بالحرية والديمقراطية.
هذا التوجه جعل الصراع داخل الدول والتجمعات البشرية هو صراع من اجل إثبات الوجود وتحقيق الهوية مهما كانت تلك الهوية جزئية أو مجهريه أو من مخلفات الماضي والتي لا يمكن لها من العيش والاستمرار، بدلا من التفكير بالعمل في بناء كيان حضاري يعمل فيه الجميع يدا واحدة من اجل بناء دولة متقدمة تنهض بجميع أبناءها لتتجاوز حالة الفقر والتخلف التي تعيشها جماهيرها. بحيث أصبح إثبات الوجود وتعزيز الهوية أهم من كل ذلك حتى أهم من لقمة الخبز وحبة الدواء. هذا الوضع أدى إلى صعود قوى وأحزاب تدور بالفلك الامبريالي وتتبنى استراتيجيات تحقق مصالحها الذاتية والأنانية أو مصالح فئة معينة بدلا من السعي لتحقيق مصالح جميع جماهير تلك الشعوب والدول أو حتى تلك الجماهير التي تدعي هذه الفئات تمثيلها والتعبير عنها، والتي تتستر تحت واجهات دينية ومذهبية وقومية ومناطقية كثيرة ومختلفة، وتتشدق بالحرية والديمقراطية من اجل إظهار عصريتها وتقدميتها.
وأصبحت هذه القوى مخلوقات تحركها الرغبة في الدخول في صراع عنيف تغذيه الغرائز العدوانية الفطرية، أو شهوة الوصول إلى السلطة، وكسب المال. وتحقيق هذه المصالح الفئوية لا يتم لها إلا بسقوطها في أحضان تلك القوى الامبريالية والتي كانت السبب بخلقها ونشأتها. إلى جانب أن القوى الامبريالية هي النصير والمدافع عن لتلك القوى، والحاضن لها والدافع بها إلى الإمساك بدفة الحكم من خلال إثارة العنف والصراع، وتدمير كيانات الدولة الوطنية، ليس ماديا فقط وإنما حتى في نفوس وعقول أبناءها، وتشويه كل تاريخها وانجازاتها، واعتبارها هي العدو الوحيد لأبنائها، لذا يجب التخلص منها بتدميرها وتمزيق وحدتها.
هذا المشروع كان ولازال احد أهداف العولمة، والذي هو إسقاط الدولة الوطنية والقومية والعودة للتفكير ببناء دويلات صغيرة، فاقدة للسيادة وغير قادرة على الدفاع عن نفسها، وبذلك تكون تحت مظلة الامبريالية الأمريكية واعتبارها مصادر للثروات الطبيعية وأسواق لتصريف المنتجات الاستهلاكية. والذي بدأ بسقوط الاتحاد السوفيتي ومن ثم يوغسلافيا ورومانيا واستمر في العديد من الدول وهو الآن يقف ويطرق أبواب سوريا المقاومة، بعد أن وضع مصر العروبة على مفترق طرق، والعراق في دوامة عنف لها أول وليس لها آخر.
يقول روبنشتاين(Rubenstein) أن أطراف النزاع هنا هم جماعات مصالح بدلا من ممثلي طبقات اجتماعية. علما بأن مجموعات المصالح هذه تتكون من الأشخاص الذين يتشاركون في مجموعة من المصالح الضيقة والمحددة نسبيا. وهم منظمون في تشكيلات حزبية تسعى لتعزيز تلك المصلحة الخاصة بهم. فالجماعات ذات المصالح لا تسعى لتمثيل كامل للجماهير، أو لتعزيز وتحقيق احتياجات الإنسان الأساسية والتعبير عنها، وإنما فقط لتمثيل مصالحها الضيقة، وكأنها هي الوحيدة التي لها حق العيش والتصرف بتلك الشعوب. لذا ليس هناك مشاريع ومنجزات ذات مردود ذو طابع طويل الأمد أو ما يسمى بالمشاريع الإستراتيجية وحتى الخدمية منها، وبما يؤدي إلى تحقيق الحاجات الأساسية لتلك الجماهير، وإنما سياساتها تقوم على الوعود ليس إلا، والبكاء على مظلوميات وحرمان عاشته في ظل الدولة الوطنية أو النظم السابقة، والدعوات لاستئصال الأديان والمذاهب والأفكار التي تخالفها، وبعضها يسعى لإنشاء دولة الخلافة الإسلامية الراشدة وكل هؤلاء يضعون أنفسهم وكأنهم امتدادا لخلافة (عمر) و(على) الراشدتين.
ولكن حينما تسعى الجماهير بتشكيلاتها الواسعة للمطالبة بحقوقها الأساسية وليست الفوقية أو الصورية تواجه بحالة من العنف المدمر. فالقوى الحاكمة الجديدة وعلى حد سواء وبجميع التوجهات والأسماء والمنطلقات، تميل إلى الاستجابة كما لو كان من الممكن تعديل سلوك تلك الجماهير من خلال تطبيق الحق في الجمع بين التهديدات والمكافآت. وهذه الإجراءات ذات الطابع النفعي أساسا، والمقتبس بعضه من القوى المحافظة والتي تسعى للسيطرة على السلوك عن طريق إدارة الألم (الردع) من خلال التلويح بالعصا أو استخدامها، أو من توجهات الليبراليين في السيطرة عبر إدارة السرور (التعزيز الإيجابي) أو الجزرة. هذه القوى النخبوية الحاكمة قد افترضوا أنهم يستطيعوا استمالة رعاياهم من خلال اكتشاف نقاط على منحنيات من الألم والسرور والتي تتقاطع لإنتاج السلوك السياسي الذي يمارسونه والذي يوصف بسياسة التوافق أو التراضي، مع القوى النخبوية المعارضة أو المنافسة لتلك القوى أو المتمردة عليها أو الرافضة لها، والتي هي شبيهة بها ولا تختلف عنها سوى بمنافسة على الغنيمة أو النصيب من تلك الكعكة. وكل ذلك تحت ستار الديمقراطية والواقعية السياسية. ولكن تلك القوى لم تحقق الديمقراطية إطلاقاً وواقعيتها السياسية كانت ببساطة غير واقعية أساساً بل زائفة. وأصبحت تلك الصراعات الداخلية صراعات عابرة للحدود، توجتها الحروب الأهلية والدينية والطائفية والإرهاب والجريمة المنظمة، وينفذ تلك السياسات الميليشيات والمرتزقة والشركات الأمنية. لذا يشهد العالم وتلك المناطق إبادة جماعية للسكان ونزوح وهجرات للجماعات والأفراد وبشكل مكثف. هذه هي الماركة المسجلة لهذه الديمقراطية التي ولدت من رحم الامبريالية العالمية والتي هدفها السيطرة من خلال تفتيت وتمزيق الشعوب والمجتمعات بشتى أنواع الوسائل خبثا ونذالة، ومن ثم العمل على تجميعها وفق صيغ تراها تلك القوى مفيدة وضرورية من اجل إحكام سيطرتها على تلك التجمعات الجديدة ومن اجل سرقة ثرواتها وإحكام السيطرة عليها، وتحت سياسية الفوضى الخلاقة أو البناءة. فان كانت تلك الشعوب تحت سيطرتها أو تدور في نفوذها وفلكها، فإنها تعمل على وحدتها وجمعها بتجمعات هشة تسودها حالبة من التناحر، سرعان ما تنهار وتتمزق في حالة رفض تلك المكونات البقاء تحت سيطرة تلك القوى الامبريالية أو حينما تفكر تلك الدول أو القوى بالابتعاد عن منطقة نفوذ هذه القوى الاستعمارية وبذلك يكون التمزق والتشرذم هو المحصلة النهاية، والوحدة حينما تكون تحت سيطرتها، وهذا ما يحدث وسوف يحدث في العراق(ما أكثر الداعين للأقلمة أو للانفصال) أو غيره من الدول التي وقعت أو سوف تقع فريسة بين أنياب ومخططات هذه القوى الامبريالية، مثل ليبيا ومصر وسوريا، هذا في المرحلة الأولى ومن ثم يأتي الدور على باقي دول المنطقة وبالدور ووفق المخطط المرسوم.
أن الأحزاب والقوى التي ظهرت في المنطقة أو التي سوف تظهر في المستقبل على الساحة السياسية، هي أحزاب تمثل جماعات مصالح مختلفة وأعضاء هذه الجماعات تأتي من مجموعات متنوعة وطبقات وفئات وهويات مختلفة. هدفها هو الإمساك بالسلطة من اجل تسهيل تحقيق مآرب وطموحات تلك الفئات بالسيطرة على مقدرات تلك المجتمعات من خلال إشاعة الرشوة والتزوير والاحتيال وسرقة المال العام، وتشكيل الميليشيات، يترافق ذلك مع تبني إطار معياري توافقي لتسوية النزاع بين تلك القوى، وهذا المعيار شائع الاستخدام في بعض الديمقراطيات ذات الطابع الشكلي أو الاسمي. وسياسة التوافق هذه قد تسمى بالتوافق الوطني أو الديني أو القومي أو الحزبي وسميها ما شئت.
أن تنظيمات(أو أحزاب) مجموعات المصالح هذه تسعى فقط لتمثيل المصالح المباشرة لها، والجزئية، والعابرة للأفراد بدلا من تلبية الاحتياجات والمصالح على المدى الطويل ولجميع الأفراد. لذا سعت وتسعى إلى شرعنة وجودها واستمرارها في السلطة من خلال مجموعة من الدساتير والقوانين التي تضمن من خلالها استمرار بقاء قبضتها على مقاليد السلطة، وبذلك أصبحت الديمقراطيات والدساتير والبرلمانات والعملية الانتخابية أثواب يمكن تفصيلها لتتلائم ومجموعات المصالح هذه أو الأحزاب، والتي تفتقر برامجها ونظمها الداخلية إلى أي إشارة إلى مفهوم الديمقراطية أو الإيمان بكون الديمقراطية منهج أو غاية تسعى لتحقيقها هذه المجموعات داخل تنظيماتها فكيف لها على نطاق المجتمع ككل، إذا كان أصلاً لهذه الأحزاب والمجموعات نظم ودساتير داخلية تنظم من خلالها حياتها الحزبية.
أن فشل النظام الاجتماعي في مواجهة حاجات الناس الأساسية ومصالحها على المدى البعيد سيؤدي إلى مستوى من العنف وعدم الاستقرار. والحل هو تحديد وإبراز ممثلي ذوي الهويات الدائمة والمرتبطة بجموع الجماهير والممثلة لها وتسلمها لإدارة دفة النظم والحكومات بدلا من ممثلي ذوي المصالح القصيرة الأجل وذات الطابع النفعي والأناني، وبناءا على تطبيق الديمقراطية الحقيقية النابعة من ظروف تلك الدول والمجتمعات والممثلة لكل القوى الخيرة وصاحبة المصلحة الحقيقة، والخطوة الأولى هو إيجاد دساتير تمثل الإنسان بوصفه كائنا بشريا له حق العيش والتفكير والتصرف بعيداً عن جميع الاختلافات الدينية والمذهبية والحزبية والطبقية أو المناطقية، فالدستور هو لتنظيم حياة المجتمع ككل والحفاظ على حقوق الأقليات والقوى المهمشة بشكل خاص كي لا تضيع وتستباح بين تلك القوى المستندة إلى سلطة المال والدين والسلاح. في حين نرى الدساتير التي تمخضت عن تلك المجموعات والقوى تصرح في نصوصها بحرية الرأي والتعبير والتنظيم السياسي وتدعوا إلى تنظيمها بقانون في حين يشرع القانون ليأتي ليخنق الآراء ويلغي الحريات.
لذا نرى بأن الأطراف المتصارعة ذات مشاريع خاصة بدلا من كونها ممثلة للطبقات الاجتماعية. هذه المجموعات الخاصة تتكون من أفراد تشترك في بعض المصالح الآنية التي تحقق لها البقاء في السلطة من اجل تحقيق أهدافها الضيقة لذا فهي تسعى لترويج ما يساعد على بقاءها وتوسيع سلطتها وبشتى الوسائل الشرعية وغير الشرعية وان كانت اغلب وسائل تلك الجماعات غير شرعية، هذه المجموعات هي أشبة بالشركات والمؤسسات الربحية. فهي لا تريد أن يكون هناك تنظيم أو حزب أو شخص جدير بالثقة أو بالمسئولية أو يتبنى أهداف تروج أو تعمل على تحقيق الاحتياجات الإنسانية الأساسية للأفراد جميعاً. وكمثال على ذلك ما نلاحظه في كل الحكومات التي تسلمت السلطة في العراق بعد الاحتلال فإنها لم تنجز مشروعا واحدا يمكن من ورائه سد الحاجات الأساسية لمجموع أفراد الشعب العراقي وأفضل دليل لدينا هو الكهرباء التي لم ينجز أي شيء منها، لو كانت تلك الحكومات صادقة في ارتباطها بالشعب وجموع الجماهير أو تسعى لتحقيق حاجياته الأساسية ولو كانت تعبر عن الحاجات الأساسية للشعب لكانت أنجزت مشاريع الكهرباء والماء التي تعتبر أساس وعماد الحياة اليومية لهؤلاء الناس، ولكن كل ما قامت به كيف تعزز استمرار بقائها وكم تربح، حتى أن هناك الكثيرين ممن تجاوز على المال العام وتعاطي الرشوة والتزوير ولكن لم يتخذ أي إجراء بحقهم، كما أن كل خلاف يظهر بين تلك القوى أو مع من يعارض تلك القوى يتم حله تحت شعار التوافق من خلال توزيع المناصب، والذي هو أساسه:(أعطيني ما أريد وخذ ما تريد، وليذهب الآخرون للجحيم).
وكل أدوار تلك القوى في البرلمانات التي أنشأتها هذه الأحزاب هي ادوار تمثيلية فاقدة للدور السياسي والثوري الذي يتمتع به قيادي أو زعيم أو عضو لحزب يدعي الثورية أو التقدمية أو الوطنية أو النضال، أو يمتلك مشروعا حقيقيا لبناء دولة عصرية يسودها العدل والقانون، فكل ما يطمحون إليه هو الرواتب والامتيازات التي لم يحلم بها احد في العالم أجمع. وهم يستظلون بظلال الصراع والتناحر القومي والديني والطائفي ويتشدقون بالمحاصصة كأسلوب لتطبيق ديمقراطيتهم.
أن سياسة التوافق هذه لم تقتصر على العراق فقط، بل هاهي الأحزاب المصرية تدعو للتوافق الوطني، بل وتتبع ذات المسار في آلية كتابة دستور يعمل على احتكار السلطة لفئات محددة. وكذلك ذات الأمر حصل في تونس، بالرغم من الوضع في تونس ينحدر نحو الأسوأ كل اليوم، فاليوم هناك غياب واسع للخدمات مع انتشار ظاهرة التسول والوضع بشكل عام صعب جدا على المواطنين البسطاء أن حياة التونسيون قد تغيرت ولكن للأسوأ. وهو الأمر الحاصل أيضا في ليبيا لا محال لان الظروف التي يمر بها هذا البلد تمهد لهذا النوع من السياسات البرلمانية فهناك انقسام كبير قبلي ومناطقي بين أبناء الشعب الواحد وصراع على الثروة والسلطة، وسوف يلتحق بتلك الانقسامات ويغذيها الانقسامات الحزبية التي سوف تظهر على الساحة السياسية، بالرغم من الأوضاع الاقتصادية فيها قد تكون اقل حدة مما في تونس مع اختلاف الصعوبات التي يمر بها الناس في كلا البلدين. أنها مصالح مجموعات فئوية تتحقق على ارض الواقع في حين تبقى جموع هذه الشعوب تحصد خيبة الأمل من كل ما تدعيه أو تجلبه لها هذه الديمقراطيات، التي لم تحقق سوى الثرثرة والصراخ(باعتبار هذه الديمقراطية ظاهرة صوتية فقط، فلكل ينتقد ويتكلم أكثر مما يعمل، وما أكثر تصريحات أعضاء البرلمانات العربية يوميا ولكن بدون أي نتيجة فليس هنا شيء سوى الثرثرة)، ولكن لا شيء عملي على ارض الواقع. هل هذه هي الديمقراطية التي كانت تحلم بها شعوبنا من بعد أحلام "الربيع" العربي. وهل تستطيع هذه القوى الحفاظ على ثروات هذه البلدان والتي تم تأميمها في فترات سابقة أم سوف يتم إعادة سيطرة القوى الامبريالية ثانية على مقدراتها بعد أن تقوم هذه القوى ببيعها ثانية وتحصل على عمولاتها وأثمان سمسرتها وهو ما حدث بالفعل ويحدث الآن، والسؤال الأكبر هو للشعب المصري هل تستطيع هذه القوى الحفاظ على قناة السويس أم سوف يلغى التأميم لتسلم ثانية إلى دول الغرب، وهو ما قد يحدث وتحت ذرائع عديدة وقد يكون ابسطها ذريعة حماية الممرات البحرية وسلامة التجارة العالمية، وخاصة حينما تعم الفوضى وينزلق الشعب المصري إلى مهاوي لا يمكن حساب عواقبها، وهذا ما تعمل عليه الكثير من القوى الخارجية والداخلية الساعية للسلطة أو الربح، أو التأجير أو البيع أو الاستثمار للجانب القطري(إسرائيل)أو دول خليجية أخرى أو لقوى عالمية تتربص بذلك، فالحذر الحذر من هكذا مخططات، والتي تهدف لافتعال الفوضى والانقسامات لأبناء الشعب الواحد، لكي تحقق مجموعات المصالح هذه مصالحها ومصالح أسيادها في أي قطر من أقطار فضاءنا العربي الجريح، وتحت أي ستار ديني أو ثوري وما أكثر هؤلاء في وطننا العربي.



#جودت_شاكر_محمود (هاشتاغ)       #          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العدوان ونظرية المواقف السيكولوجية
- رغبات آدم
- دردشات: هل تعرف ما هو Captology ؟
- وقالت: شكراً ولكن كان متأخراً جداً
- الشيطانُ يتحدث
- دردشات: إن ينصرُكم -الناتو- فلا غالب لكم
- دردشات: العرب وصندوق باندورا
- مشاعر تستيقظ مجدداً
- نظرية نموذج عجلة ألوان الحب(الجزء الثالث)
- نظرية نموذج عجلة ألوان الحب(الجزء الثاني)
- نظرية نموذج عجلة ألوان الحب
- خربشات للحب في عيد الحب
- ما هي نظرية مثلث الحب Triangular Theory of Love ؟
- ماذا تقول البيولوجيا عن مشاعرنا
- حب الذات(Self-Love) طاقة ايجابية بين مشاعر متناقضة (الجزء ال ...
- حب الذات (SELF-LOVE) طاقة ايجابية بين مشاعر متناقضة
- الشخصية الإنسانية وسيكولوجية الألوان
- الإنسان والحب الرومانسي Romantic Love
- العرب بين التثوير والثورية
- الشخصية الإنسانية من العناصر الأربعة إلى الأمزجة الأربعة


المزيد.....




- فيديو كلاب ضالة في مدرج مطار.. الجزائر أم العراق؟
- الناتو يقرر تزويد أوكرانيا بمزيد من أنظمة الدفاع الجوي
- طهران: لا أضرار عقب الهجوم الإسرائيلي
- آبل تسحب تطبيقات من متجرها الافتراضي بناء على طلب من السلطات ...
- RT ترصد الدمار الذي طال مستشفى الأمل
- نجم فرنسا يأفل في إفريقيا
- البيت الأبيض: توريدات الأسلحة لأوكرانيا ستستأنف فورا بعد مصا ...
- إشكال كبير بين لبنانيين وسوريين في بيروت والجيش اللبناني يتد ...
- تونس.. الزيارة السنوية لكنيس الغريبة في جربة ستكون محدودة بس ...
- مصر.. شقيقتان تحتالان على 1000 فتاة والمبالغ تصل إلى 300 ملي ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جودت شاكر محمود - دردشات: هل حقا نسعى إلى الديمقراطية بعد -الربيع- العربي ؟