أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - عبير ياسين - على هامش الثورة المصرية (49): عقبات على طريق الثورة (3. التاريخ والصور)














المزيد.....

على هامش الثورة المصرية (49): عقبات على طريق الثورة (3. التاريخ والصور)


عبير ياسين

الحوار المتمدن-العدد: 3684 - 2012 / 3 / 31 - 18:52
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


بشكل عام لا يمكن القول أن الحضارة والتاريخ الممتد أمور سلبية أو عوامل مضرة، ولكنها فى حالات خاصة قد تكون مضرة عندما تتحول إلى كل الحياة فلا نعرف من الواقع إلا الماضى الذى يتحول لمسكنات من أجل إبقاء الحياة. فلعقود تعودنا أن نهرب من واقع الإحباط والضعف المصرى بالعودة لسنوات الحضارة الفرعونية الممتدة بعظمتها وجمالها، وأحيانا لفترات أخرى عبر التاريخ والصور. تعودنا أن نهرب من واقع القبح بالنظر لجمال الماضى فيصبح الماضى هو الزمن الجميل الذى يبكى عليه من عاشه ويتحسر عليه من لم يحظى بفرصة الحياة فيه، وعندما يصبح انتصار الأجداد بديلا عن انتصاراتنا الشخصية فى كل تلك الحالات وغيرها علينا أن نعترف بأن هناك مشكلة حقيقية وأن التاريخ ليس سكنا ولكنه مرحلة ماضية علينا أن نتعلم منها ونحن إليها أحيانا ولكن علينا أن نغادرها وأن نصنع صور أخرى من الجمال والعظمة.

وعلى مدار الأشهر الماضية أصبحت قضية العودة للتاريخ البعيد والقريب مثيرة للتساؤل بالنسبة لى، فهل بالفعل تلك الصور القديمة لوجوه مصرية مبتسمة فى سنوات ماضية تعبر عن سعادة كما تقول التعليقات المرفقة أم أن التعليقات تلتقط جزء من الصورة لاسقاطه على الواقع دون أن تحدد أبعاده وبالتالى تصبح الرسالة المفترض نقلها مشوهة وغير حقيقية؟! هل كان واقع المواطن المصرى أفضل فى تلك السنوات بالفعل أم انها مجرد لقطة وسط حياة فيها ما فيها من معاناة؟ هل كانت مصر أكثر عدلا وجمالا وسلاما لكل من عاش على أرضها وجاء الظلم فجأة؟ وألم نكن ولازلنا أنفسنا نضحك وسط الألم دون أن تعنى تلك الابتسامات أننا نشعر فعليا بالسعادة؟

وبالعودة لتلك التعليقات المنتشرة من الماضى وعنه نجد أنفسنا فى مواجهة مع مصر الملكية، ومصر ثورة 1952. نجد أنفسنا فى مواجهة مع صور مبتسمة وسط الفقر، ومع صور يعلو وجهها الرضا رغم المعاناة الواضحة فى الإمكانيات المتاحة... فهل مصر تلك كانت أفضل للمصريين؟ وهل الثورة يفترض أن تكون ابتسامة راضية على وجه فى وسط جسد وروح تعانئ؟

هل كانت مصر فعلا دولة قانون ومؤسسات وحكم الشعب؟ ربما كان لدينا الكثير من الجمال قبل أن يمتد القبح لأشياء كثيرة بما فيها المبانى بالإضافة إلى الروح. ربما كان لدينا بعض العزة الخارجية التى تآكلت بفعل عوامل تعرية الروح وصعود الفهلوة والفساد وانتشارهم فى الداخل والخارج. ربما كان لدينا مبانى أكثر فخامة، ورسومات وشوارع أكثر جمالا، وأزياء أكثر أناقة، واحساس عام أجمل فى الفن بصوره المختلفة... ولكن كان هناك فقر ومعاناة وغياب لحكم الشعب، كان هناك سيد فى مواجهة مواطن مطحون وكان هناك الكثير من القبح فى أماكن أخرى من الوطن تماما كما هو الوضع حاليا ولكن مع المزيد من القبح الحديث.

ربما ظلت العزة الخارجية لبعض الوقت وظلت مصر قادرة على أن تتحرك مرفوعة الرأس لسنوات فى سياقها الإقليمى والدولى، ولكن مع انتشار فساد الداخل والصعود الكامل لمنظومة الفهلوة على حساب الوطن يصبح من الصعب الحفاظ على عزه الخارج فكل مشاعر العزة تتآكل مع الوقت ويتحول القبح لسيد الموقف، ونراه فى كل الصور المحيطة ماديا ومعنويا ونرى تجلياته الآن فى مصر ما بعد الثورة فما نراه ليس مستحدث ولكنه نتاج لعقود ممتدة من تآكل الجمال وصعود القبح.

وبالعودة للتاريخ والماضى أرى صورا لا تحتاج للكثير من الحسرة عليها بقدر ما تحتاج الكثير من الحسرة علينا وعلى ما تركنا الوطن يدفع ثمنه حين أرتضينا بحكم القبح وصعود الفهلوة دون محاسبة ودون فرز اجتماعى فأمتدت وانتشرت وأصبحت سيدة الموقف. وبالعودة للصور التى تتناقل على وسائل التواصل الاجتماعى أرى ابتسامة مصرية لم ترحل وأن تأثرت من وقت لآخر ولكنها مجرد ابتسامة فى صورة، ولقطة من حياة، وتعبير عن دعاء دائم أن يكون ما بعد الضحك خير فنحن شعب أدمن الآلم وعاش معه لعقود واستكثر على نفسه الفرح أو الضحك ولو بصورة مؤقتة.

ما يفترض أن نأخذه من تلك الصور رسالة تقول بأن الشعب المصرى عانئ كثيرا بفعل الصمت والتعامل مع كل أمور حياته بوصفها لا تعنيه ما دامت هناك جدران تستره ورغيف عيش يسد جوعه، ولكن دروس الحياة فى الوطن تعلمنا جميعا درس أساسى وهو أن الجدران لا تستطيع أن تحمينا عندما تفسد الدولة، وأن رغيف العيش لا يمكن الحصول عليه بمجرد توافر تكلفته فالفهلوة والفساد لا تترك المجال لأحد ليعيش وكأننا فى مباراة صفرية فاما هم أو نحن، إما هم أو الوطن!!

فى الصور كما فى الواقع ومهما اختلفت السنوات وطن مطحون وشعب مطحون ولكنه قادر على البقاء والاستمرار والابتسام فى مواجهة الألم... فى الصور شعب قادر على الحياة ولكنه أحيانا كثيرة لا يدافع عن نوعية تلك الحياة ولا يشعر بأن له الحق فى الاعتراض على ما يحصل عليه أو المطالبة بالمزيد. ربما يمكن العودة للماضى للتأكيد على الحاجة لتغيير عقود الظلام والفساد والإفساد وإسترداد مصر لشعبها حتى يصبح سياق الصورة أفضل.



#عبير_ياسين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- على هامش الثورة المصرية (48): عقبات على طريق الثورة (2. مصر ...
- على هامش الثورة المصرية (47): عقبات على طريق الثورة (1.الفهل ...
- على هامش الثورة المصرية (46): الحفيد وحديث الثورة
- على هامش الثورة المصرية(45): مصر ما بين العبث والسخرية
- على هامش الثورة المصرية (44): مصر الثورة والمرأة
- على هامش الثورة المصرية (43): اليابان ومصر ما بين فوكوشيما و ...
- على هامش الثورة المصرية (42): وقفات على هامش أحداث بورسعيد
- على هامش الثورة المصرية (41): مقولات على الهامش
- على هامش الثورة المصرية (40): مصر والحب فى اتجاه واحد
- على هامش الثورة المصرية (39): تساؤلات على هامش ذكرى الثورة
- على هامش الثورة المصرية (38): المحلف الهارب والمواطن المهان
- على هامش الثورة المصرية (37): الثورة والأيام الضائعة
- بشار وخطاب فى اللغة العربية
- على هامش الثورة المصرية (36): محاولات على هامش الوطن والثورة
- على هامش الثورة المصرية (35): التهمة امرأة
- على هامش الثورة المصرية (34): حكومة الجنزورى ومواجهة الثورة
- على هامش الثورة المصرية (33): رسائل الانتخابات بين المواطن و ...
- على هامش الثورة المصرية (32): خط أحمر
- على هامش الثورة (31): مصر الحائرة بين الوردة والعرى
- على هامش الثورة (30): فيلم يقولو واختراع الخوف


المزيد.....




- كاميرات مراقبة ترصد فيل سيرك هارب يتجول في الشوارع.. شاهد ما ...
- على الخريطة.. حجم قواعد أمريكا بالمنطقة وقربها من الميليشيات ...
- بيسكوف: السلطات الفرنسية تقوض أسس نظامها القانوني
- وزير الداخلية اللبناني يكشف عن تفصيل تشير إلى -بصمات- الموسا ...
- مطرب مصري يرد على منتقدي استعراضه سيارته الفارهة
- خصائص الصاروخ -إر – 500 – إسكندر- الروسي الذي دمّر مركز القي ...
- قادة الاتحاد الأوروبي يتفقون على عقوبات جديدة ضد إيران
- سلطنة عمان.. ارتفاع عدد وفيات المنخفض الجوي إلى 21 بينهم 12 ...
- جنرال أوكراني متقاعد يكشف سبب عجز قوات كييف بمنطقة تشاسوف يا ...
- انطلاق المنتدى العالمي لمدرسي الروسية


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - عبير ياسين - على هامش الثورة المصرية (49): عقبات على طريق الثورة (3. التاريخ والصور)