أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد الرازقي - تذكير للمحتجين ضد الخمور في المغرب














المزيد.....

تذكير للمحتجين ضد الخمور في المغرب


محمد الرازقي

الحوار المتمدن-العدد: 3684 - 2012 / 3 / 31 - 18:35
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


كثرت الوقفات مؤخرا ضدا على الرخص التي تمنح لحانات الخمور او المطاعم التي تقدمها في خدماتها، بدعوى احترام هوية المغاربة، وبدعوى موقف الدين من هذه المشروبات الروحية، ليطالبوا بذلك السلطات للتدخل من اجل القضاء على هذه المشروبات وحضرها، وكأنها شئ استجد في تاريخ المسلمين، أو لم يعرفه قط إلا هذا العصر، لكن عند عودتك لأيام مجد المسلمين، سترى أن العكس كان يحدث، وقد يثير هذا الأمر تعجب البعض، لكن وقائع التاريخ لا تأتي حسب رغباتنا، أو كما نريدها أن تكون، واليك بعض منها.
فهذا يزيد بن عبد الملك احد خلفاء بني أمية، والذي جاء في أعقاب عمر بن عبد العزيز الذي ملأ الأرض عدلا طوال عامين، فإذا بيزيد عاشق حبابة وسلامة، يأتي بعده لكي يملأها مغاني وشراب ومجونا وخلاعة ، وقصصه في العشق كثيرة،كما جاء في كتاب تاريخ الخلفاء، فعل هذا أميرا للمؤمنين، وخادم الحرمين، والملتزم بأحكام القرآن، وبسنة نبي الرحمان، ولقد عاصر يزيد أئمة كبارا، وفقهاء عظاما، من أمثال الحسن البصري وواصل بن عطاء وغيرهم، الذين كانوا يوصلون بالعطايا، ويتكلمون بالموعظة، فيستمع لهم خليفة المسلمين، بقلب خاشع، وعين دامعة.
ويزيد لم يكن فلتة في هذا، فقد روي عن الخليفة المتوكل-العباسي- أنه كان منهمكا في اللذات والشراب، وكان له أربعة آلاف سرية، ووطئ الجميع.
وهذا الوليد بن يزيد، الذي أوصى له يزيد بعد أخيه هشام بالخلافة، رغم ما كان يسمعه ويأتيه، من أخبار فسق الوليد ومجونه، لكن الذهبي يقول عنه:" لم يصح عن الوليد كفر ولا زندقة، بل اشتهر بالخمر والتلوط"، كم حدثنا السيوطي في كتابه، فالواضح أن شهوة الغناء والشراب غلبت على عصره من الخاصة والعامة، كما يذكر المسعودي، وهم الحكام هم الذين فتحو الثغور، وعمرو البلدان،وكانت لحكمهم هيبة.
كما لا يخفى علينا أن الشعر والأدب فن العمارة والغناء ومذاهب الفقه واجتهادات الفقهاء، بدأت بالظهور بعد أن انحسرت قيود الدولة الدينية، مع نهاية الدولة الأموية، وفي العصر العباسي الأول، امتلأت عاصمة الخلافة بالحانات، وانتشر شرب الخمور والغناء في مجالس الرعية، ووجدوا مخرجا بفتوى أبي حنيفة بإباحة الشراب، وفتوى فقهاء الحجاز بإباحة الغناء، كما لخص مذهبهم شاعر قائلا: رأيه في السماع وأي حجاز وفي الشراب رأي أهل العراق.
ورأي أبو حنيفة في الخمر معروف، بل وأهل العراق،فقد كان أهل ذاك الزمان أكثر تسامحا، ربما لان الحياة كانت معطاءة، وكان اتساع أبواب الاجتهاد احد عطاياها.
ونعثر على بيت هو الآخر يفيد ما نحن بصدد الحديث عنه، وهو بيت لأبي نواس يقول فيه أبو نواس "ألا فاسقني خمرا وقل لي هي الخمر.. ولا تسقني سرا إذا أمكن الجهر" فأبو نواس من خلال قوله هذا حسب النقاد، لم يكن يجهل معنى شرب الخمر المباشر، خصوصا في مجتمع مسلم كالذي عاش فيه.
ماذا نقرأ في كل هذا؟
نستنتج ان المجتمع حينما يكون في أوج ازدهاره، فانه يكون أكثر إقبالا على الحياة، وأكثر تسامحا، يميل إلى التيسير لا إلى التشديد والغلو، وهذا هو حال المسلمين، لما ازدهرت مدينتهم، وسيطروا على الأمم الأخرى وأخضعوها، واستقر الملك، وانتشر الإسلام، نجدهم قد اقبلوا على الحياة، بكل ملذاتها، ومحاسنها، فان وجد ما يمنع، أولوه ولينوه، وان وجد ما يدعم حياتهم ويتماشى مع عصرهم، عضدوه وطوروه.
لكن عندما انكسرت شوكتهم، وتخلفوا في الركب، وأصبحوا خارج التاريخ، رجعوا إلى التضييق، والى تغليب المنع على الرخصة، وتناس وان الإسلام بالمقاصد، وان جوهره اليسر لا العسر، وان توافر الاختيار بين اجتهادات العلماء يجب ان يكون لمن يرفع الحرج، ويخف الوطء على الناس لا على من يقحم الناس فيما لا يستطيعون، وفيما لا يطيقون.
واليك قصة الخليفة المهتدي بالله الذي أراد ان يحذو حذو عمر بن عبد العزيز، فزهد في الدنيا، ونهى عن المنكر، وأمر بالمعروف، قرب العلماء، ورفع منازل الفقهاء....الخ، فثقلت وطأته على العامة والخاصة بحمله إياهم على الطريقة الواضحة فاستطالوا خلافته، وسئموا أيامه وعملوا الحيلة حتى قتلوه، ولما قبضوه عليه قالوا له أتريد أن تحمل الناس على سيرة لم يعرفوها.
قتلوه بعد اقل من أحد عشر شهرا من خلافته ،ويقال أن القتلة شربوا من دمه حتى رووا منه، كل هذا يبين لنا كيف أن الناس لا تستحمل التضييق، ولا الغلو في الدين، وان الفاعل اما جاهل بأحوال الناس أو معاند، وان الثمن يكون غاليا لا محالة
إذن فلا حاجة لان نكرر أخطائنا، ولنوسع على أنفسنا، فمن أراد لنفسه شرابا فلا يسعنا إلا أن ندعو له بالصحة والهناء، ومن رفضه فلا يسعنا هو الآخر إلا أن نفعل إزاءه المثل، مادام الإنسان راشدا، يتحمل مسؤولية أفعاله، ويؤدي ضرائبه وما عليه في الوطن مثله مثل باقي المواطنين.
ومادامت قصص الخلفاء وهم لاشك اعرف بكتاب الله وسنة رسوله من هاؤلاء المحتجين اليوم، كيف لا وهم من كان يحمل لواء الجهاد، لإعلاء كلمة الله، فان كان هذا لا يمنعهم من الشراب ولا من التمتع بالحياة، فكيف يفعل بعض المتأسلمين اليوم وهم في قرن غير القرون التي فضلها الرسول، لذلك فالمسلمين مجدوا الحياة في عز انتصاراتهم ومجدهم، وانصرفوا عنها لما دخلوا عصر الظلام والانحطاط ليبدأوا في التنظير للموت ولكل ما يعاكس التمتع بالحياة.



#محمد_الرازقي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المجلس الوطني للصحافة : انتظار بطعم القلق.
- ما الجديد في نشر قائمة المستفيدين من -لكريما-
- شكرا لك محمد بن عبد الكريم الخطابي على عودتك.
- العدالة والتنمية سقطت أخلاقيا
- المغرب: نحو علمانية جوانية
- قراءة في الخطاب السياسي ل-بنكيران-
- الى متى سيكف الفيزازي عن استفزاز عقول المغاربة ؟
- الگرمومة : السخرية كنقد للسلطة.
- ربيع الشعوب... وعولمة الثورة.
- وهم الصحوة الدينية بالمغرب ...والجبرية السياسية.
- الفساد والاستبداد يخوضان معركة وجود في المغرب
- في نهاية المطاف...نلتقي في المشترك.


المزيد.....




- اختيار أعضاء هيئة المحلفين في محاكمة ترامب بنيويورك
- وزير الدفاع الأميركي يجري مباحثات مع نظيره الإسرائيلي
- مدير الـ -سي آي إيه-: -داعش- الجهة الوحيدة المسؤولة عن هجوم ...
- البابا تواضروس الثاني يحذر من مخاطر زواج الأقارب ويتحدث عن إ ...
- كوليبا: لا توجد لدينا خطة بديلة في حال غياب المساعدات الأمري ...
- بعد الفيتو الأمريكي.. الجزائر تعلن أنها ستعود بقوة لطرح العض ...
- السلاح النووي الإيراني.. غموض ومخاوف تعود للواجهة بعد الهجوم ...
- وزير الدفاع الأميركي يحري مباحثات مع نظيره الإسرائيلي
- مدير الاستخبارات الأمريكية يحذر: أوكرانيا قد تضطر إلى الاستس ...
- -حماس-: الولايات المتحدة تؤكد باستخدام -الفيتو- وقوفها ضد شع ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد الرازقي - تذكير للمحتجين ضد الخمور في المغرب