أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مظفر خطاوي - ادب التغيير والتغييرات فى الادب















المزيد.....

ادب التغيير والتغييرات فى الادب


مظفر خطاوي

الحوار المتمدن-العدد: 3684 - 2012 / 3 / 31 - 02:34
المحور: الادب والفن
    



التغييرات الحياتية المفصلية والفاصلة فى حياة البشر والتى تحدث عبر مفاوز الحقب التاريخية هي فى جوهرها نقلات زمانية تشطر الدهر الى كينونات مغايرة لا تتشابه ولا تتساوق فى النسق العميق محدثة فصلا تاريخيا وهدما لمجرى التاريخ المتواصل برتابته المعتادة وتحتمل هذه التغييرات كمالا او ارتذالا) كمثال ارتذالى هو الثورة الايرانية فى عام 1979 كحدث مضاد للحداثة والمعاصرة) فليس كل تغيير هو خطوة نحو المستقبل و تطور فكثير من التغييرات قد تؤول الى ارتكاسات تبدي اعراضا تنم عن حالات مرضية ولكنها ورغم كل شئ فهى تعد تغييرا او فصلا جديدا يطوي ما قبله بشكل قاطع وهذه التغييرات المفاجئة والمتسارعة برغم حدوثها السريع وانبثاقها المفاجئ لكنها ليست لغزا محيرا او حدثا غير متوقع على العكس فهي مستشرفة علميا اي انها تبدو للمراقب ككم هائل من الركام الرسوبي الاجتماعي الذى يصل الى عتبة الانفجاربعد ان تجاوز عتبة التحمل الانضغاطي فيما وراء حد الانعطافية المسموحة فيزيائيا عابرة حد الكسر تلبية لنداء القانون الموضوعي الزمني وارادة التغيير الاجتماعية فى تعاشق منسجم بين العام والخاص او الموضوعي والذاتي فيدخل المجتمع في لحظة الفصل الزماني بين حقبة زائلة وحقبة داخلة . ربما الاستشهادات التاريخية تفيد التوضيح اعلاه فالمثال الواضح على هذا الفصل هو ما احدثته الثورة الفرنسية(مثال الكمال) من تغييرات بنيوية فى النظرة الجمالية للزمكان وعناصره ومكوناته فالحركة الرومانطيقية فى الفن والادب كرافعة لقيم الثورة الجديدة على سبيل الاستشهاد حين انبثقت فى عام 1820بثورتها التغيريية وبياناتها الجمالية واعلاناتها التحريضية ضد الادب الكلاسيكى الذى ساد منذ عام 1620حيث كان هذا الادب يافطة البلاط والكنيسة ومن خلفهما جملة النظام الاقطاعى ومدلولاته من تخلف وظلم ولا مساواة هذاالتحريض للحركة الصاعدة كان يستهدف تقويض اساليب الحياة القديمة بكافة عناصرها من سياسةو فن وادب كلاسيكى الذى بات حسب النظرة الرومنطيقية معيقا للحياة والتقدم فالنسق الكلاسيكى هو نسق يتضمن احترام العادات والتقاليد البالية كالالتزام بالقواعد الادبية وممارسة الرقابة الذاتية ويجنح نحو التركيز والمواعظ الاخلاقية وعلى الصعيد السياسي فالكلاسيكية مواليه للدكتاتورية والفنان الكلاسيكى يميل الى الغاء ذاته فى العمل الفنى وعمله ينحو الى محاكاة الواقع الموجود دون المساهمة فى خلقه انه صوت فى فرقة انشاد يعكس صوت الجموع اكثرمما يكون منفردا ومتفردا على نقيض كل هذا كانت الرومنطيقية هى فورة تحررية توكد الخروج على القواعد الكلية واكدت على فردانية الابداع وفردية الكتابة والتمرد على قواعد الكتابة بدعوى ان الفنان خالق لاسلوبه الخاص فى الابداع وله قواعده الخاصة فى التاليف ونبذ الالتزام بقواعد الفن الارسطى كما ان الرومانطقيين ابتدعوا اسلوب الكتابة التلقائية شبه الالية على اساس الية التداعى واللاوعي بدلا من التصميم والتخطيط المسبق لشكل الكتابة بعبارة اخرى ان الابداع حسب مدرسة التجديد الرومنطيقى يعمل مستقلا عن المجتمع . لقد عمت مبادئ الثورة الفرنسية كل اصقاع الشرق فى مصر والعراق وايران وتركيا وسورية ولبنان وشاع ما يعرف بالصدمة الحضارية نتيجة التماس المباشر بالغرب وخصوصا ببلد مثل فرنسا الذى احدثت ثورته على الصعيد الحضارى تغييرات بنيوية كبرى وخصوصا على الصعيد السياسي حيث انشئت الاحزاب وفق دستور جديد يؤكد لاول مرة على قيم العدالة والمساواة والحرية لقد جائتنا الثورة الفرنسية بحقيقتين هما اولا ان العالم قد تغير وثانيا ان التغيير السياسي العظيم قد احدث ثورة ادبية وفنية شاملة على صعيدي الشكل والمضمون بمعنى ان الادب هضم داخليا التغييرات العامة مستجيبا بابتكار اشكال ومضامين تغييرية جديدة ومتمردة . صحيح ان التغيير الاجتماعى والثقافى الحاصل بعد الثورات السياسية السريعة لا يملك سرعة التغيير السياسي نفسه...فالثقافة القديمة تنهدم ببطئ والمتجددة منها تتشكل ببطئ ايضا والاشكال الادبية لا تنمو من فراغ وانما تتولد وتنمو وتصير وفق صيرورة طويلة نسبيا فالتغييرات الادبية التى حدثت فى مصر على صعيد الادب والفن بالرغم من انه جاء نتيجة التماس بالثقافة الفرنسية على اثر حملة نابليون ألا انهما لم يتبلورا بصيغتهما الجمالية المستحكمة الا فى ثلاثينات القرن العشرين اى ان صيرورته دامت لاكثر من مئة عام ليتشكل بعدها الادب والفن والسينما والمسرح بالمعنى الاكاديمى وكذلك ادب الحركة الدستورية فى ايران فى بداية القرن العشرين لم يبزغ بشكله الواضح الا فى اربعينيات القرن ذاته. وحتى فى فرنسا نفسها لم تفضي الثورة الرومانطيقية الى السوريالية الا فى الحقبة الواقعة بين 1919 - 1938 بعد ان استنفذت الدادائية اغراضها فى عام 1924و بعد ان تحول الادب والفن من كونه يستخدم ادوات الكتابة لايصال رسالة اصبحت الوسائل التعبيرية الى التى تستخدم الادب للتعبير عن نفسها فصارت اللغة وهى وسيلة تعبير تستخدم كل وسائل التخييل لاستثمار أعلى طاقات المفردة للوصول الى ما وراءالقول اللغوي بنحو يعكس غرائبية الواقع فيما وراءاالواقعة الادبية. اصبحت تحولات اللغة وانفجاراتها الهائلة هى غاية لتثوير الشكل الادبي الخامل للانتقال لاحقا من الحقيقة الادبية الى نوع من عدم القطعية الادبية خارج الذائقة والمزاج الادبي العام والسائد. ان معيار العمل الفني والادبي لم يعد معيارا شعبويا وانما اصبح نخوبيا اكثر فاكثر فالفن اصبح خاضعا لقيم الفن نفسه وعلى صعيد الادب اصبح لكل اديب اسلوبه ونسقه الخاص فى الكتابة فانسحبت المعايير من العام الى الخاص ,الابداع التجأ الى عوالمه المخلقة والمصنعة من ادواته ذاتها, وهذه قفزة تعتبر خارج السياق المتوارث وقد حدث فى تاريخنا الادبى ان الكتابات الصوفية نفسها ظلت غريبة ومستغربة ومطرودة نحو فناءات العزلة لانها اختطت لذاتها لغة لا تتلائم ما هو سائد فى زمانها ولان موضوعاتها ايضا لم تكن ضمن المنهاج العام وسلطويته فكتابات السهروردي والحلاج وابن عربي وعبد الجبار النفري جرى اعادة اكتشافها بعد قرون مضت على زمن كتابتها بذائقة لسانية حداثوية وبمناهج لغوية جديدة لانها تتطلب هذه النظرة الجديدة وهذه الذائقة المتجددة وهذه الوسائل للكشف عن البعد الرؤيوي والطاقة االمتجددة للغة الصوفية فى مقابلة السائد الديني السلطوي المتهالك فنهض التزمت الديني السلطاني قبالةهذه اللغة وهذه المحاولة بالاغفال والاهمال فاللغة الصوفية لغة رمزية مجازية ذات دلالات قابلة لاكثرمن تاويل مشبعة بالتخييل والتمثيل والتشبيه اضافة الى ان المتصوفة ابتكروا نظاما استعاريا مغايرا للنظام الاشاري والاستعاري المتداول فى الادب ولو رجعنا الى تاريخ الادب الفرنسي ايضا فان اناشيد مالدورور للوتريامون انتبه ا ليها الفرنسيون بعد 120 عاما على تاليفها لتصبح انجيل السوريالين المقدس وتحول لوتاريامون ذاته االى(الجد) الذي تحدر منه الشعر الفرنسي فى اغلبه كان هجوم لوتريامون ومن بعده رامبو على الشعر الكلاسيكى من منطلق كونه لم يستخرج من اللغةاى كنز من كنوزها اي ان الشعر الكلاسيكي وخصوصا فى القرن 19 كان عاجزا عن ابداع لغة وانشغل بالمواضيع والافكار لقد اجبر رامبو مثلا اللغة على عيش معاناة التغيير لا ان ترزح تحت نير داء البلاغة السهلة والرخيصة .
الخصائص التى امتاز بها الادب الحديث هو تحليقة فى فضاءات التجربة الذاتية التى تنطوى على ثيمات وعناصر يتداخل فيها العام والخاص بشكل متشابك ومتواشج فتداخل الرمز والاسطورة والخيال والسحر فى العمل الفنى الى جانب انعكاس الخصائص النفسية والتمظهرات الروحية للكاتب فى الكتابة والابتعاد عن السهولة اللغوية والصياغات الشعاراتية وتجنب المباشرة والهتافات الايدلوجية والمواعظ الاخلاقية قد انقذ الادب والفن فعلا من مجانيته ورخصه الجمالي .
كلما دخل الادب والفن فى حالة ركود وخف ايقاعه التجديدي تتاخر الثورة الاجتماعية او بعبارة ادق هو دليل على تاخر التغيير وطول فترة الركود وامتداد ازمنة التاخر فالكل يعلم ان التغيير جهد انساني تستدركه النخب من علماء اقتصاد وعلماء اجتماع ومثقفون من مختلف الاختصاصات لان المثقف ببساطة هو الانسان الذى يملك عقلا تحليليا يفرز الحقائق ويعا ينها ويعيد تركيبها بذهن استشرافي مستقبلي بعيدا عن المداهنة وممشاة لفئة متغلبة او سلطة حاكمة اى ان المثقف هو المعني بالواقع الموضوعي والحقيقة الخالصة لذا يجرى التاكيد على ان شريحة المثقفين الحقيقيين الذين هم فى منأى عن اي سلطة سوى سلطة الحقيقة والضميرهم فعلا الطلائع التى تصوغ الوعي بالمرحلة وتنقله الى الطبقات الاجتماعية لتسليحها به واعدادها الى مرحلة التغيير كما ان المثقفيين هم الذين يصنعون الثورات وهم يهدمونها اذا انحرفت فالثوره الروسيه المعروفه بثورة اكتوبر التى انفجرت فى عام 1917 صنعها المثقفون امثال لينين,تروتسكى, بوخارين , زئييف ,غوركى وغيرهم وهدمها ايضا مثقفون مثل ساخاروف ,سولجنستين,باخنتين, برودسكى و تاركوفسكى على سبيل المثال واذا نكصت هذه الشريحة من النخب المثقفة عن اداء واجبها فالجماهير حتى اذا ثارت لاسباب موضوعية فستكون بدون برنامج وفاقدة لاى بوصلة اجتماعية وستكون ثورتها مجرد هياج طائش ضد الوضع القائم فاقد لاي افق مستقبلي يضع نصب عينيه بناء دولة وحياة مدنية مبنية على التنمية والتقدم والازدهار مثالنا الواضح على ما نقول هو الثورة المصرية التى اطاحت بنظام حسنى مبارك لكنها لحد هذه اللحظة ضائعة ومتخبطة لان الجماهير المصرية كانت بلا قيادة مثقفة وبدون نخب واقعية تقود هذه الهياجات الاجتماعية نحو برنامج وطني مدروس ومعد له سابقا فصارت الثورة نهبا للرعاع والافاقين والمتاجرين بالشعارات والدين والسلفيين واعداء الجماهير الفقيرة والحاقديين عليها من تجار طفيليين وراسماليين غير وطنيين وبطانات فاسدة واعلاميين جهلة وسياسيين انتهازيين وسيستمر هذا الوضع مادامت شريحة المثقفيين تبقى محتمية بجبنها وخوفها وفاقدة للشجاعة الوطنية التى تدفعها للوقوف الى صف الجماهير وتسلحها بالوعي المدني والنقابي والحقوقي و تجيشها للمشاركة فى معركة الحريات والحقوق وصنع القرار والمشاركة الفعلية فى تسيير امور الدولة والمجتمع بوعي نقدي ورقابة على الاجهزة القمعية وفضحها وجرها الى سوح القضاء للكف عن اذى الجماهير وفئة الشباب ومن كان لهم مصلحة فعلية بالتغيير.
ان ركود الانتاج ا الادبي والفني والتنظيري يدل على تخثر وتعفن مجمل النسيج الاجتماعي وغياب الابداع الفكري يدل على وقوع الوضع السياسي بين كماشتي التفسخ والتفتت الوطني وكلاهما يدل على ضمور دور النخب المثقفة وموت الطبقة الوسطى او انكفاءها الى مراحلها الجنينية الطفولية.............
.....اننا نعيش فى مرحلة الطفولة البشرية مرحلة السحر والخرافة والدين الطقوسي الشعبوي الظلامي... نعيش فى مجتمع بلا عقل......... لاننا مجتمعات بلا مثقفين



#مظفر_خطاوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الاسلام عقيدة ....... والديموقراطية عقد
- السأم
- رذاذ الجسد
- هناك أماكن لا تنام .... في ذكرى أثينا
- الفيس بوك ثورة اجتماعيه متواصله
- حركات التغيير شباب ....بلا ايدولوجيا.....بلا احزاب


المزيد.....




- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...
- -الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم - ...
- أردوغان يشكك بالروايات الإسرائيلية والإيرانية والأمريكية لهج ...
- الموت يغيب الفنان المصري صلاح السعدني


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مظفر خطاوي - ادب التغيير والتغييرات فى الادب