أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سوسن شاكر مجيد - دور الارشاد التربوي أثناء الازمات















المزيد.....



دور الارشاد التربوي أثناء الازمات


سوسن شاكر مجيد
(Sawsan Shakir Majeed)


الحوار المتمدن-العدد: 3682 - 2012 / 3 / 29 - 22:57
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


دور الارشاد التربوي أثناء الازمات
دراسة قدمت الى ندوة الارشاد التربوي / وزارة التربية العراقية/ من قبل الدكتورة سوسن شاكر مجيد
تتعرض المجتمعات العربية كغيرها من المجتمعات لأزمات وكوارث عديدة سواء كانت بشرية ام طبيعية، ورغم الجهود والتضحيات التي تبذلها الجهات الحكومية أو الأهلية إلا ان حجم ومستوى الخسائر المادية والبشرية الناجمة عن بعض الأزمات والحروب والكوارث يظل كبيرا ومؤثرا، وذلك بالنظر إلى عدم مراعاة الأسس العلمية والخبرات الدولية في إدارة الأزمات والكوارث، فضلا عن عدم الاستفادة من دروس الأزمات والكوارث السابقة وضعف التدريب على مواجهة الأزمات والكوارث ( 4 ، ص17 ) وفي هذا الإطار يكاد يختفي التخطيط والاستخدام العلمي للعمليات الارشادية في ظل تلك الأزمات والكوارث، الأمر الذي ينعكس بالسلب على ابناء المجتمع . وثمة حالات ووقائع عديدة تكشف عن ان ضعف أو غياب ارشاد الأزمات Crisis counseling قد أدى إلي زيادة حالات الاضطرابات أو الخسائر المادية والبشرية بين ابناء المجتمع ذات العلاقة بالأزمة أو الكارثة.
وبالرغم من زيادة وتطور الاهتمامات النظرية والعملية بارشاد الأزمات والكوارث عالميا الا ان الاهتمام بهذا المجال في الوطن العربي مازال محدوداً للغاية، ويمثل بدايات رائدة تحتاج إلي مزيد من البحث والدراسة من ناحية، والربط بين المجال النظري والعملي من ناحية أخرى . ولا شك في وجود عقبات عديدة تواجه تطور الارشاد التربوي في ظل تلك الأزمات لا يتسع المجال للتوقف عندها، لكن تكفي الإشارة إلى عدم وجود جهة أو مركز بحثي متخصص قادر على متابعة الأزمات والكوارث وإجراء بحوث ودراسات ميدانية أثناء مرحلة مواجهة الأزمة أو الكارثة، كذلك ضعف علاقات التعاون والتنسيق بين الجهات التي تقوم بالتخطيط لمواجهة الأزمات والكوارث والجهات المعنية بالعملية الارشادية . وغياب ارشاد الأزمات عن مناهج التدريس والتأهيل والتدريب في كليات التربية واقسام الارشاد التربوي وعلم النفس التربوي ، فالطالب في اقسام الارشاد التربوي عادة ما يجري تدريبه على العملية الارشادية في المواقف العادية او الطبيعية، ويمارس أنشطة معينة تتكرر من فترة إلى أخرى ، وبالتالي قد يصيبه الارتباك والحيرة عند مواجهة أزمة أو كارثة .
إن عقبات دراسة الارشاد التربوي في ظل الأزمات والكوارث في الواقع العربي لا تعني الامتناع أو التوقف عن التعرف على التراث النظري والخبرة العملية في العالم، وكذلك دراسة وظائف وادوار الارشاد التربوي في مواجهة الأزمات والكوارث.
في هذا الاطار يسعى البحث في الاجابة عن التساؤلات الاتية:
1- القاء الضوء على الازمات والكوارث التي واجهت العراق في ظل ظروف الحرب والاحتلال .
2- الازمات النفسية التي يواجهها الطلبة في هذه الظروف .
3- العملية الارشادية في العراق في ظروف الازمات والحروب .
4- خاتمة بأهم التوصيات.
تحديد المصطلحات
1.مفهوم الازمة او الكارثة
ترتبط هذه الاشكالية بحقيقة ان الازمات والكوارث هي مجال عمل واهتمام نظري وتطبيقي لعلوم وتخصصات شتى، وقد افضي ذلك الى دعم مشروعية بحوث ودراسات الازمات والكوارث وتأكيد اهميتها، لكنه ادى ايضا الى قدر من التضارب واحيانا التناقض في المفاهيم الخاصة بالأزمة أو الكارثة وغيرها من المفاهيم القريبة الصلة بهما مثل الحادث Accident ، والمشكلة problem والصراع Conflict ، والفاجعة او النكبة Catastrophe ، ومصدر الخطر Hazard وغيرها.. حتى أصبح فض الاشتباك والتداخل بين هذه المفاهيم سمة مشتركة في أغلب البحوث والدراسات التي تتناول الموضوعات والجوانب المختلفة للأزمات والكوارث ( 4 ، ص32-33 ) ( 14 ، ص4-8 )
ولا يتسع المجال للوقوف بالتفصيل أمام المفاهيم السابقة، لكن ربما تكفي الإشارة إلى ان الواقعة incident هي شئ حدث وانقضى أثره، وهي خلل في مكون أو وحدة أو نظام فرعي من نظام أكبر، أما الحادث Accident فهو خلل يؤثر تأثيرا ماديا على النظام بأكمله، بينما المقصود بالصراع Conflict حدوث شئ يترتب عليه تعرض الهيكل الرمزي للنظام للخلل أو الاضطراب، ولكن ليس بدرجة تصل إلي تحدي الافتراضات الأساسية التي يقوم عليها النظام، أما الأزمة Crisis فهي عبارة عن خلل يؤثر تأثيرا ماديا على النظام كله، كما أنه يهدد الافتراضات الرئيسية التي يقوم عليها هذا النظام (4 ، ص37).
وإذا انتقلنا إلى مفهوم الكارثة Disaster فإننا سنجد مفاهيم عديدة يرتبط ويتداخل اغلبها مع مفاهيم الأزمة، ويرى شنايدر Schneider أن أهم خصائص الكارثة هي أنها حدث غير عادي، مقلق وشديد الدمار، ويتطلب الاهتمام العام، كما يعني وجود أفراد ضحايا أبرياء، فضلا عن أن الكارثة تحمل من المعاني الرمزية ما يجعل تدخل الحكومة وغيرها من الهيئات أمرا واجبا وشرعيا، وأخيرا فإن كلمة كارثة تعني استحالة التنبؤ بالحدث بدقة، كما تعني أيضا أنه يصعب بشكل كبير التعامل معه وإدارته (6، ص93-152 ).
وبشكل عام فإن مفهوم الكارثة يستخدم لوصف الخلل الذي يصيب المنظمة أو المجتمع في وقت معين، وغالبا ما تخلق الكارثة أزمة أو أزمات، بينما قد يحدث العكس، أي ينتج عن تفاقم الأزمة كارث( 14 ، ص4-8 ).
ويميز أغلب الباحثين والمهتمين بمجال الأزمات والكوارث بين الأزمة والكارثة على اساس ان الكارثة أكبر من حيث الحجم ومدى الانتشار ودوائر التأثير، وبالتالي مستوى وحجم الخسائر المادية والبشرية والجهود المطلوبة لمواجهتها.
ان المعايير التي استند إليها الباحثون في التمييز بين الأزمات والكوارث قد أثارت نوعا من الارتباك والتداخل في استخدام مفهوم الكارثة Disaster ، ومفهوم الفاجعة Catastrophe ، رغم ان المعنى والاستخدام لمفهوم الفاجعة يدل علي نوع أو نمط من أنماط الكوارث.
ويعرف قاموس اكسفورد الكارثة Disaster بأنها سوء حظ هائل ومفاجئ، وفشل كامل، بينما يعرف الفاجعة Catastrophe بأنها كارثة مفاجئة وكبيرة، ونهاية مأسوية تؤدي إلي خراب، أو تدمير في ترتيب الأشياء (( 15 )
حصاد ما سبق أن الترابط والتداخل بين مفاهيم الأزمة والكارثة والفاجعة قد أدي إلي تبلور اتجاه عالمي نحو استخدام التعريفات والمفاهيم الإجرائية سواء في الدراسات والبحوث النظرية أو الميدانية .
في هذا الإطار يبرز التعريف الإجرائي الذي استخدمه الاتحاد الدولي لمنظمات الهلال والصليب الأحمر في إعداد التقرير السنوي عن الكوارث في العالم، والذي صدر لأول مرة عام 1993، حيث يعرف الكارثة بأنها كل حدث يقع لأسباب بشرية أو طبيعية، مقصودة أو غير مقصودة ينتج عنه مصرع عشرة أشخاص أو أكثر، أو تضرر أو إصابة مائة شخص أو أكثر وردود الافعال المؤلمة التي تظهر لدى الافراد بشكل فوري بعد الكارثة او بعد فترة زمنية تشمل عدة ساعات او بضعة ايام او عدة شهور ( 16، ص23-24 ) وتشمل الكوارث :
الفياضات والاعاصير والعواصف، الزلازل ، الكوارث التقنية والصناعية ، تحطم الطائرات وغرق السفن، الحروب، الانفجارات والاضطرابات المدنية وعمليات اطلاق النار، الارهاب والعنف.(17)
2.ارشاد الازمة Crisis counseling
عملية محددة وواعية تستهدف مساعدة الافراد الذين يعانون من الاضطرابات النفسية المؤلمة والصدمات النفسية ومعالجة المشاكل النفسية والاجتماعية والصحية التي تسببها الكوارث والحروب واعمال العنف ( 18 )
3.الارشاد التربوي والنفسي :
عملية واعية مستمرة بناءة ومخططة، تهدف إلى مساعدة وتشجيع الفرد لكي يعرف نفسه ويفهم ذاته ويدرس شخصيته جسميا وعقليا واجتماعيا وانفعاليا، ويفهم خبراته، ويحدد مشكلاته وحاجاته، ويعرف الفرص المتاحة له، وأن يستخدم وينمّي إمكاناته بذكاء إلى أقصى حدٍّ مستطاع، وأن يحدد اختياراته ويتّخذ قراراته ويحل مشكلاته في ضوء معرفته ورغبته بنفسه، بالإضافة إلى التعليم والتدريب الخاص الذي يحصل عليه عن طريق المرشدين والمربين والوالدين، في مراكز التوجيه والإرشاد وفي المدارس وفي الأسرة، لكي يصل إلى تحديد وتحقيق أهداف واضحة تكفل له تحقيق ذاته وتحقيق الصحة النفسية والسعادة مع نفسه ومع الآخرين في المجتمع والتوفيق شخصيا وتربويا ومهنيا وأسريا . ( 25 )
وقدمت الجمعية الامريكية لعلم النفس تعريفا للارشاد التربوي والنفسي بانه " مساعدة الافراد على مواجهة العقبات التي تعترض نموهم حيث وجدت ومساعدتهم على تحقيق اقصى درجات النمو لامكانياتهم الشخصية ( 1 ، ص7 )
4.الطفل :عرف بموجب المادة الاولى من اتفاقية حقوق الطفل كل انسان لم يتجاوز الثامنة عشرة مالم يبلغ الرشد قبل ذلك بموجب القانون المنطبق عليه (9 ، ص10 )
الازمات والحروب التي تعرض لها العراق
تعرض شعب العراق الى حرب كان شعارها هو " الصدمة والترويع " وهذه الحرب الكارثة أوقعت عشرات الالاف من الضحايا وهددت غالبية الشعب بحياته فضلا عن تدمير البنى التحتية الاخرى . وأعقب ذلك اعلان احتلال العراق من قبل القوات الامريكية والمتعددة الجنسيات و تعرض الشعب الى اشكال من صور القتل والتدمير والتعذيب من قبل قوات الاحتلال .
ان الازمات والاحداث المؤلمة التي مر بها المجتمع العراقي من حروب ودمار وخراب وارهاب وعنف تبقى راسخة في ذاكرة الفرد الذي عاش تلك الاحداث الحية واحس بالرعب والقلق منها جراء تعرض حياته للخطر او الاسى ، أوالفقدان لعزيز ، او بيت كان يأويه او مزرعة كان يقتات من خيراتها . وحسب رأي علماء النفس ان الكبار اقدر على تحمل الازمات والصدمات من الاطفال . وان الحروب ومايصاحبها من نكبات وويلات يكون أثرها النفسي اكثر بكثير على الاطفال بعد تفاقم حالة الطفل النفسية وتحول مشاعر الفزع والخوف الى آفة نفسية مزمنة تحتاج الى علاج خاصة اذا لم يتمكن الاهل من احتواء هذه الحالات ومساعدة الطفل على تجاوزها .( 3 ، ص1-3 )
واشارت نتائج احدى الدراسات النفسية التي اجراها مركزالصحة النفسية في الولايات المتحدة الامريكية عام 2002 الى ان الحروب والعمليات الارهابية تؤدي الى خلق بيئة من الضغوط النفسية وخاصة مايتعلق بالتهديد واشارت الى ان ( 5 ) ملايين طفل في امريكا يعانون الصدمات النفسية جراء احداث 11 ايلول وان 36% من الاطفال يتذكرون الخبرات الصدمية ويعانون من اضطرابات مابعد الصدمة وان 38% من هؤلاء الاطفال هم بعمر ماقبل المدرسة و33% بعمر المدرسة و27% بعمر المراهقة (23) ( 22 ) .
واشارت دراسة اخرى الى ان نسبة الاصابة بالامراض النفسية تختلف بحسب طبيعة وحجم الصدمة فبلغت للكوارث الطبيعية مابين 4-5% وحوادث القصف والحروب 34% والاعاصير 7% والحوادث الصناعية 6% والهجمات العنيفة 19% . ( 22 )
اما في العراق فقد اشارت تقارير الامم المتحدة بأن أكثر من نصف مليون طفل عراقي على الارجح سيكونون بحاجة الى علاج نفسي جراء الصدمات النفسية والازمات التي تعرض لها الاطفال خلال الحرب وماأعقبها من عمليات ارهابية .
وقام فريق من الخبراء الكنديين في مجال الصحة والغذاء وعلم النفس بزيارة لمعاينة اطفال العراق وخرجوا بتقرير يوضح ان اطفال العراق يعيشون حالة من الرعب والفزع والخوف من الحروب والدمار والقتل والارهاب وأن هناك الالافا" من الاطفال يواجهون الموت اما جوعا" أو قتلا او يحملون معهم ذكريات لاتنسى . ( 18 ) ( 8 ، ص2 ) .
واكد المركز الوطني الامريكي لاضطرابات مابعد الضغوط الصدمية بأن الشعب العراقي يعاني من العديد من مظاهر التوتر النفسي والجسمي تمثل في ازياد علامات ضربات القلب والصداع والالام المعدة والشد العضلي والاثارة والاحباط والعصبية والقلق والغضب واثباط الهمة والعزيمة . ( 23 ) ( 24 ) .
ان الاحتلال كان له الاثر الكبير على البناء النفسي للانسان نتيجة تعرض الشعب الى اقسى انواع الصدمات والازمات النفسية هي :
1.الترويع المصاحب للعمليات العسكرية واستخدام الاسلحة غير التقليدية تلتها انواع من التهديدات والاعتقالات الواسعة النطاق .
2.الفوضى التي تلت الاحتلال وتمثلت بحرق وسرق ونهب اجهزة الدولة ومؤسسات الدولة المختلفة فضلا عن غياب الامن الاجتماعي .
3.انتهاك قوات الاحتلال لحقوق الاسرة والطفل بما فيها من نقص الغذاء والدواء والرعاية الصحية الاولية والبطالة وانقطاع الماء والكهرباء وازمات الوقود وغيرها
4.الممارسات المذلة للمعتقلين بما فيها جرائم الاغتصاب والشرف والاذلال المعنوي كما حدث في سجن ابو غريب والسجون العراقية الاخرى ومشاهدة الطفل لكل هذه الاحداث ميدانيا او اعلاميا .
5.مشاهدة الاحداث الصدمية : ان تدهور الوضع الامني في العراق وضع الاسرة امام سيل من المشاهدات والاحداث الصدمية التي سببتها قوات الاحتلال من خلال القصف والدمار لمحافظات واقضية كاملة كالنجف والموصل والفلوجة والقائم وهيت وحديثة والانبار وتفجير الاسلحة وتفجير السيارات المفخخة واختطاف الاجانب والعرب وعمليات الاغتيالات ان كل ذلك اضاف الى معاناة الاسرة والطفل الذاتية والمعيشية واصبحت حياة الناس العاديين البسطاء مسلسلا من المعاناة والالم .
6.تراكم الحوادث الصدمية حيث ان مشاهدة الطفل او مروره بالخبرات الصدمية يتم تحويلها الى صدمات نفسية مزمنة وهذا له انعكاساته السلبية والمباشرة على الصعيد الدراسي والمجتمعي.( 5 ، ص 10-13 )
ان الازمات والكوارث والحروب والممارسات الارهابية واعمال العنف التي مارستها قوات الاحتلال كانت مظهرا" من مظاهر التهديد لحياة الاطفال ومعاناة اغلب هؤلاء الاطفال من الاضطرابات النفسية والسلوكية والانفعالية والعقلية والاجتماعية .

الازمات النفسية والاجتماعية التي يعاني منها اطفال العراق
ان الحروب والازمات والاعمال الارهابية التي مارستها قوات الاحتلال وخاصة في قصفها للمدارس وللمواقع المجاورة لها والقتل المتعمد خلال ذهاب واياب الاطفال من والى مدارسهم ادت الى معاناة اغلب هؤلاء الاطفال من الظروف النفسية الصعبة واثرت بشكل مباشر على الصحة النفسية والنفسجسمية للاطفال . فأزدادت شكاوى الاطفال من ردود فعل الضغط النفسي وازدادت اضطرابات مابعد الصدمة النفسية كما ازدادت حالات القلق والاكتئاب ومشاعر التوتر وارتفعت نسبة الغياب والهروب من المدرسة فضلا عن انخفاض مستوى التحصيل الدراسي .
ان العنف والنزاعات المسلحة والقتل والتدمير والاعتقال والسيارات المفخخة اصبحت جزءا من الحياة اليومية للمدنيين مما يعرض الاطفال والبالغين لخبرات صادمة نفسيا. والخبرات الصادمة هي احداث مفاجئة وغير متوقعة تكون خارج حدود الخبرات الانسانية العادية تهدد حياة الفرد ويستجيب لها بالخوف والعجز .
كما ان الصدمة النفسية تخلق سلوكا يدلل على وجود خبرة ويكون التعرف عليها من خلال العلامات التي تظهر على الوجه ونبرة الصوت والايحاءات التي يصدرها الطفل اضافة الى اختلاف السلوك وفي حالة عدم قدرة الطفل على التكيف والتأقلم مع الصدمة تظهر اعراض الخبرة الصادمة وتتمثل باعراض الشعور بالقلق والتبول الليلي وتدني التحصيل الدراسي وغيرها .
كما تسهم الحروب وغيرها من اشكال العنف في تزايد العبء النفسي والاجتماعي والاقتصادي ومن ثم التفكك العائلي مع تزايد اعداد اطفال الشوارع وجنوح الاحداث واليتم والمشكلات المرتبطة بالمخدرات وكل هذه الظروف المكربة تسهم في الاصابة بالاضطرابات النفسجسمية والرهاب ( الخوف المرضي ) . ( 11 ، ص46-47 )
ردود الافعال الاطفال الجسمية والنفسية والاجتماعية حسب الفئات العمرية:
من عمر (سنة الى اقل من 5 سنوات) :
ضعف اوازياد الشهية للطعام ، التبول في الفراش ، الخوف من الظلام والحيوانات ، الخوف من الوحدة والغرباء ، عدم السيطرة على المثانة والامعاء ، التلعثم في الكلام ، الاعاقة ، الحركات اللاارادية في الجسم والوجه التعلق بالوالدين والاخوة ، الاعتمادية الزائدة على الاخرين ، التذكر المستمر للحادثة.
ردود الافعال من عمر ( 5 سنوات الى 11 سنة) :
الصداع، الغثيان والتقيؤ، اوجاع في البطن، الدوخة ، ازدياد التعرق، اوجاع في العضلات ، تغير في المشي ، المخاوف الخيالية ، الانشغال بتفاصيل الكارثة والتحدث عنها بشكل مستمر، مص الابهام ، الانين، السلوك العدواني في البيت والمدرسة، الرعب الليلي والكوابيس ، الخوف من الظلام ، الكآبة ، عدم الشعور بالآمان ،القلق، الحزن ، توقع الاذى للذات ، الارق ، سهولة البكاء، المنافسة مع الاشقاء، الهروب من المدرسة ، التاخر عن الدوام ، الغياب عن المدرسة ، ضعف الثقة بالاخرين، فقدان الاحساس بالهوية، فقدان الذاكرة ، مشاكل في التركيز ، ضعف الانتباه ، صعوبات في العمليات الحسابية.
ردود الافعال من عمر ( 11 سنة -14 سنة):
الصداع، الالآم مبهمة ، مشاكل في الجلد، الالآم في القولون والمعدة ، شكاوى نفسية جسمية ، سهولة الاصابة بالامراض وانخفاض جهاز المناعة اضطرابات في النوم ، اضطراب في الشهية ، التمرد في البيت
سرعة الاستثارة والتهيج، ، الحيرة والارتباك والتشوش، سرعة الغضب، رفض القيام بالاعمال ، مشاكل دراسية ، الانسحاب والعزلة ، عدم الاهتمام بالانشطة الاجتماعية، ضعف القدرة على اتخاذ القرار، صعوبات في التعلم ، صعوبات في التذكر والتركيز والانتباه، الرسوب في الدراسة، انخفاض مستوى التواصل والتفاعل مع الاخرين.
ردود الافعال من عمر ( 14-18 سنة ):
الصداع الربو ، الالآم في القولون والمعدة، السلوك العدواني ، اضطرابات النوم، اضطرابات الشهية
الخمول في النشاط ، اللامبالاة ، لوم الذات، القيادة المتهورة للسيارات ، ضعف الاداء في العمل وفي الاداء المدرسي، تناول المخدرات ، الانسحاب والعزلة ، الجنوح ، المضابقة والاشقياء ، العصابات ، الانتحار، التأخر الدراسي، ضعف القدرة على اتخاذ القرار ، الرسوب في الدراسة.
ان النتائج هذه اكدتها مراكز البحوث العالمية المعنية باضطرابات الضغوط مابعد الصدمية (12 ، ص 1-5 )(19 ).
ومن المؤكد ان تكون لهذه النتائج التاثير الكبير على الشخصية المستقبلية للاطفال وان صدمات الحروب والعنف تظل قائمة ونشطة التاثير على الصحة النفسية للاطفال لكونها تعد من الخبرات المؤلمة التي تعيش مع الاطفال والاطفال يعيشون معها .
الارشاد التربوي في ظل الازمات
ان عملية الارشاد التربوي هي جزء من العملية التربوية وهي عملية انسانية تهدف الى مساعدة المسترشد لفهم نفسه وادراك المشكلات التي يعاني منها ومساعدته بتبصيره للارتقاء بقدراته واستعداداته للتغلب على المشكلات التي يواجهها بغية تحقيق التوافق بينه وبين البيئة التي يعيش فيها ولكي ينمو النمو المتكامل في شخصيته (2 ، ص20 ) . كما ان العملية الارشادية تتضمن تقديم خدمات ارشادية عبر برامج نمائية وقائية وعلاجية الى الطلاب لمساعدتهم على اختيار الدراسة المناسبة والاستمرار بها والتغلب على المشكلات التي تعترضهم بغية تحقيق التوافق والتحصيل الدراسي ( 7 ، ص44 ) .
وظهرت الحاجة للارشاد التربوي في العراق عام 1982نتيجة عوامل منها :
ظهور بعض المشكلات التربوية الخطيرة ومنها ( ارتفاع نسب الرسوب في الامتحانات الوزارية ، وتسرب الطلبة ، وضعف الرغبة في التحصيل العلمي ، الغش في الامتحانات ، الغياب المتعمد ، الرسوب المتكرر ، ضعف العلاقة بين الطالب والمدرسة ...الخ ) . ( 13 ، ص6 ) واقتصر دور العملية الارشادية في مدارسناعلى
-نصيحة المرشد للطالب بالالتزام بمواعيد الدروس وتجنب الغياب .
-تعزيز قدرات الطالب في الاعتماد على نفسه .
-التشجيع على اقامة علاقات طيبة مع المدرسين .
-التشجيع في اللجوء الى المرشد التربوي في حالة وجود اية مشكلات دراسية .
-تفسير المرشد للطلبة الامور التي تتعلق بالمستقبل الدراسي .
ان الادوار التي يقوم بها المرشد التربوي تعد أدوارا" روتينية رتيبة ويعود ذلك الى : ضعف ادراك العاملين في المجال التربوي لمفهوم الارشاد التربوي وربطه بالارشاد اليومي ، عدم وجود المعايير المحددة في اختيار المرشد التربوي، عدم وجود الخطط اللازمة للنهوض بخدمات الارشاد التربوي وذلك من خلال اعداد وتدريب الاجهزة الفنية التي تستطيع القيام بذلك ، عدم وجود الادلة الارشادية التي يمكن ان يسترشد بها المرشد التربوي في اعداد وتصميم البرامج الارشادية، عدم توفر الاختبارات والمقاييس النفسية الخاصة بالعملية الارشادية، ضعف دور وسائل الاعلام في توعية الطلبة واولياء الامور من خلال البرامج التثقيفية حول الارشاد التربوي وبما يخدم حاجات الفرد ومطالب المجتمع في التنمية . ( 13 ، ص7 )
ان ماتم عرضه في المحاور السابقة من معاناة لاطفال العراق من ظروف نفسية معقدة وصدمات نفسية وازدياد اعدادهم في المدارس سواء كانت في المرحلة الابتدائية او المتوسطة او الثانوية وحتى الجامعية يتطلب اعادة النظر بمجمل العملية الارشادية من اجل مساعدة الطلبة في التغلب على خبراتهم الاليمة والحيولة دون انغماسهم في مشاعر العزلة والانطواء والعجز والسلبية .
ان من اهم واجبات المرشد التربوي في الوقت الحاضر هو :
-مساعدة الطفل في التعبير عن خبراتهم ومشاعرهم المرتبطة بالازمة .
-مساعدة الطفل على تطوير فهم معرفي ملائم بشان الظرف الصعب .
-تمكين االطفل من تعزيز قدرتهم على التأقلم في حياتهم اليومية .
-التدخل السريع وقت حدوث الازمة في غضون ثمان واربعون ساعة لكي لايكبت الطفل انفعالاته وزيادة الثقة بنفسه .
-تقديم الدعم العائلي الذي يلعب دورا مساعدا في تحقيق التوافق للطفل ومن ذلك على سبيل المثال : طرق تعامل الاهل مع الطفل اثناء الازمة واستجابات الاهل انفسهم للازمة . فضلا" عن القيام بالادوار المختلفة الاخرى التي تقع على عاتق المرشد التربوي .
ويمكن القول ان اهداف الارشاد التربوي في ظل الازمات والحروب يمكن ان تتبلور بما يلي :
1.توجيه الطلبة وأرشادهم في جميع النواحي النفسية والاخلاقية والاجتماعية والتربوية والمهنية لكي يصبح عضوا" نافعا" في بناء المجتمع .
2.بحث المشكلات التي يواجهها أو قد يواجهها الطلبة أثناء الدراسة سواء كانت نفسية أو أجتماعية أو تربوية أو شخصية والعمل على أيجاد الحلول المناسبة لها .
3.العمل على توثيق الروابط والتعاون بين البيت والمدرسة لتهيئة الجو المحيط المشجع للطالب لكي يواصل دراسته ويتغلب على الظروف والازمات النفسية التي يمر بها بسبب العنف والارهاب
4.العمل على توعية المجتمع المدرسي بأهداف الارشاد ودوره في العملية التعليمية ، تنمية روح التعاون والعمل الجماعي في المدرسة بين الطلبة.
5.العمل على أكتشاف مواهب وقدرات الطلبة المتفوقين وغير المتفوقين على حد سواء وتوجيه وأستثمار تلك المواهب .
6.العمل على وضع البرامج الارشادية التي يمكن أن تساعد في معالجة مشكلات الطلبة النفسية والانفعالية والسلوكية والتحصيلية .
7.تزويد الاباء بتقارير موضوعية ومعلومات عن الاساليب الارشادية التي يمكن اتباعها في معالجة مشكلات الاطفال النفسية والتربوية
8.مساعدة الطلبة على أختيار نوع الدراسة والمهنة التي تناسب مواهبهم وقدراتهم وأحتياجات المجتمع .
9.الاسهام في أجراء البحوث والدراسات حول مشكلات الطلبة النفسية والاجتماعية والتربوية وغيرها .
التوصيات
1.زيادة اعداد المرشدين المتخصصين المؤهلين والعمل على رفع مستوى التاهيل العلمي والعملي وتنفيذ الدورات التدريبية للتعرف على كل ما يستجد في العمل الارشادي .
2.توفير فرص النمو المهني والترقي للمرشدين وايجاد نظام حوافز للحاصلين على مؤهلات عليا .
3.زيادة برامج الارشاد النفسي في المدارس بكافة مراحلها لتخليص الطلبة من المرسبات النفسية الناتجة عن الازمات والحروب .
4.ان يتناول الارشاد التربوي الجوانب التنموية والوقائية والعلاجية وذلك بعمل محاضرات حول كيفية مواجهة الازمات والضغوط وكيفية التصرف وقت الازمات المختلفة.
5.التأكيد على المدرسين في اتباع أساليب جذابة في التدريس مثل استخدام الاسلوب القصصي ولعب الادوار وتشجيع الطلبة على تمثيل الاحداث البطولية ورسم الاحداث الضاغطة وفتح باب الاجتهاد حول كيفية مواجهتها .
6.تهيئة المستلزمات التي يحتاجها المرشد التربوي مثل السجلات وتخصيص غرفة للمرشد وتوفير الاختبارات والمقاييس النفسية المختلفة .
7.استحداث وظيفة مرشد تربوي في المدارس الابتدائية يعمل على تقديم الخدمات الارشادية في المجالات الدراسية والتربوية والنفسية والاجتماعية .
8.الاهتمام بدراسة الاوضاع النفسية للطلبة من قبل منظمات المجتمع المدني من خلال انشاء مراكز للتخفيف من حدة الضغوط الصدمية والاضطرابات النفسية واتباع اساليب متقدمة وحديثة في العلاج النفسي .
8.فتح مركز للارشاد النفسي في كل مديرية من مديريات التربية بالتنسيق مع دائرة صحة المنطقة لاستقبال الحالات التي تتطلب علاجا نفسيا متخصصا .
9.العمل على نشر الوعي الارشادي لافراد المجتمع وخاصة للاباء والامهات .



#سوسن_شاكر_مجيد (هاشتاغ)       Sawsan_Shakir_Majeed#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تقويم المخرجات التعليمية الجامعية شرط اساسي لضمان الجودة
- تعرف على معايير هيئة الاعتماد المدرسي CITA
- الاساليب المستخدمة في تحقيق الجودة والاعتماد الاكاديمي في بع ...
- المفهوم الإسلامي لجودة التعليم ومتطلبات تحقيقها
- المقررات والمناهج الدراسية الجامعية مؤشر اخر ينطق بالجودة
- العوامل المسببة للتوحد الطفولي والاعاقات ذات العلاقة به
- اهم الخصائص والاعراض للتوحد الطفولي Autistic Children
- تعرف على هيئة اعتماد كليات الزراعة في كندا AIC Agricultural ...
- نظرة تاريخية حول الذكاء الانفعالي وعلاقته بالجنوح
- تعرف على معايير مجلس اعتماد الاختصاصات الطبية ACGME
- تعرف على الجمعية الامريكية لأعتماد برامج الطب البيطري
- المخدرات وآثارها النفسية والاجتماعية على الشباب
- الاقسام الداخلية مؤشر آخر ينطق بالجودة
- دور المعلم الفعال في معالجة المشكلات النفسية للتلاميذ في الا ...
- الاثار النفسية والاجتماعية للارهاب والعنف على المرأة والطفل
- تعرف على هيئة اعتماد كليات طب الأسنان الامريكية The Commissi ...
- معايير هيئة اعتماد كليات الزراعة في كندا : AIC Agricultural ...
- ماذا تعرف عن الجمعية العالمية لاعتماد برامج الادارة AACSB
- معايير اعتماد كليات الصحافة والاتصال الجماهيري الامريكية
- تعرف على الجمعية الأمريكية للجودة American Society for Quali ...


المزيد.....




- وحدة أوكرانية تستخدم المسيرات بدلا من الأسلحة الثقيلة
- القضاء البريطاني يدين مغربيا قتل بريطانيا بزعم -الثأر- لأطفا ...
- وزير إسرائيلي يصف مقترحا مصريا بأنه استسلام كامل من جانب إسر ...
- -نيويورك تايمز-: الولايات المتحدة تسحب العشرات من قواتها الخ ...
- السعودية.. سقوط فتيات مشاركات في سباق الهجن بالعلا عن الجمال ...
- ستولتنبرغ يدعو إلى الاعتراف بأن دول -الناتو- لم تقدم المساعد ...
- مسؤول أمريكي: واشنطن لا تتوقع هجوما أوكرانيا واسعا
- الكويت..قرار بحبس الإعلامية الشهيرة حليمة بولند سنتين وغرامة ...
- واشنطن: المساعدات العسكرية ستصل أوكرانيا خلال أيام
- مليون متابع -يُدخلون تيك توكر- عربياً إلى السجن (فيديو)


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سوسن شاكر مجيد - دور الارشاد التربوي أثناء الازمات