أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - عبد السلام أديب - دردشة حول الطلب الداخلي وأزمة تمويل الاقتصاد المغربي















المزيد.....

دردشة حول الطلب الداخلي وأزمة تمويل الاقتصاد المغربي


عبد السلام أديب

الحوار المتمدن-العدد: 3681 - 2012 / 3 / 28 - 01:47
المحور: الادارة و الاقتصاد
    


أجرى الصحافي عبد الرحيم عن جريدة الخبر حوارا مع عبد السلام أديب حول الطلب الداخلي وأزمة تمويل الاقتصاد المغربي، وفيما يلي نص الحوار.

ـ يبدو أن نموذج النمو الاقتصادي المعتمد على الطلب الداخلي منذ سنة 2000، بدأ يفرز مؤشرات تراجعه خاصة فيما يتعلق باستدامة القدرات التمويلية للاقتصاد الوطني، ففي غياب إنتاج وطني يعتمد على الأنشطة التصديرية ويتطور بوتيرة كافية للحد من عجز الميزان التجاري، أدى الطلب الداخلي، كمحرك للنمو الاقتصادي، إلى تفاقم العجز الداخلي والخارجي للبلاد منذ سنة 2007، ما رأيكم في ذلك؟

** ربما شكل نموذج النمو الاقتصادي المعتمد على الطلب الداخلي أحد التوجهات المعتمدة خلال عقدي الستينات والسبعينات نظرا لارتباط ذلك بالتوجه التدخلي للدولة الواسع عبر انفاق عمومي متزايد وسماح الميزانية العامة بهامش من العجز واللجوء المفرط الى التمويل الخارجي واعتماد سياسة تشغيل الخريجين الجدد وقد أدى كل ذلك الى تحويل الدولة الى قاطرة تعتمد عليها البرجوازية المتنفذة في تنمية تراكمها الرأسمالي، لكن حزمة السياسات المعتمدة منذ بداية عقد الثمانينات والى الآن سارت عكس السياسات السابقة بسبب تراجع الدولة عن سياساتها التدخلية وتقليص واسع للإنفاق العمومي والمراهنة على الرأسمال المحلي والدولي من خلال خوصصة أغلب المقاولات العمومية وتعميق التوجه الخارجي للاقتصاد انطلاقا من الاعتقاد أن التنمية الاقتصادية والاجتماعية تمر عبر تنمية الصادرات والتجارة الخارجية ومحاولة الاعتماد على المزايا المقارنة من خلال اهمال الامن الغذائي لفائدة استيراد حاجيات المغرب من المواد الغذائية من الخارج بأسعار منخفضة عن كلفتها محليا. وقد أدى كل ذلك إلى تقلص واهمال واسع للطلب الداخلي اللهم ما يتعلق بانجاز بعض المشاريع العمومية الكبرى والتي هي الأخرى تمول بقروض خارجية وتتضمن مكونات يتم استرادها بالنقد الأجنبي. وقد عملت الدولة خلال ثلاثة عقود على تجميد هيكلي للأجور وتجميد التوظيف مع تزايد الاحالة على التقاعد مما أدى الى تراجع هيكلي في الانفاق الاستهلاكي للأسر وبالتالي الى كساد مزمن ومتواصل ساهم في اغلاقات مكثفة للمركبات الانتاجية وفي التسريحات الجماعية والفردية، كما تراجعت اعتمادات عدد من الوزارات الاجتماعية الحيوية كالتعليم والصحة من أجل توسع التعليم الخصوصي والمصحات الخاصة والتي زادت تكاليفها من ارهاق المحفظة المالية للأسر المغربية.
إذن فكخلاصة لما اشرت اليه، هو أن ما أدى الى تفاقم العجز الداخلي والخارجي لا علاقة له بتزايد الطلب الداخلي بقدر ما هو نتيجة حتمية للسياسات التقشفية المعتمدة باستمرار منذ بداية عقد الثمانينات وللتوجه الخارجي للاقتصاد واهمال الامن الغذائي الداخلي الشيء الذي أدى بشكل طبيعي عندما انفجرت الازمة الاقتصادية والمالية الرأسمالية سنوات 2001 – 2003 وانطلاقا من سنة 2007 – 2008 الى تفاقم العجوزات (عجز الميزانية نتيجة دعم القطاعات المتضررة من الازمة وتراجع المداخيل الضريبية، العجز التجاري نتيجة ارتفاع اسعار الواردات بما فيها المحروقات والمواد الغذائية ووسائل التجهيز، عجز الحساب الجاري لميزان الأداءات، نتيجة تراجع التدفقات الخارجية من النقد الأجنبي مقابل ارتفاع معدل خروج رؤوس الاموال نحو الخارج)، ان محاولة الصاق تهمة تفاقم العجز الداخلي والخارجي بتزايد الطلب الداخلي دون تدقيق هو في الواقع محاولة لإخفاء الأسباب الحقيقية للازمة المالية والاقتصادية المتفاقمة والتي انطلقت من الاختيارات الاقتصادية والاجتماعية الخاطئة التي تبلورت في ظل التبعية العمياء للإملاءات الخارجية.

ـ في نظركم كيف يمكن تطوير الأنشطة التصديرية الكفيلة بتخفيف العجز التجاري وتوفير العملة الصعبة التي ستمكن من حل إشكالية تمويل الاقتصاد الوطني؟

** تجدر الاشارة في البداية الى شيء مهم وهو أننا نعيش اليوم في ظل فشل ذريع لنظام العولمة الرأسمالية وكل السياسات التي عمل الرأسمال المالي العالمي على فرضها بكافة الاساليب على مختلف دول العالم ومنها على الخصوص البلدان المتخلفة مثل بلادنا وذلك من أجل معالجة ازمته المزمنة والتي ابتدأت مع بداية عقد السبعينات، فقد أدت هذه العولمة الرأسمالية الى المزيد من الاستغلال العالمي المكثف للطبقة العاملة من اجل ربح رهان المنافسة في مجال التجارة الخارجية، لكن التفاوت الخطير بين الدول في مجال الانتاجية واستعمال الوسائل التكنولوجية الحديثة والقدرة على نقل المركبات الانتاجية عبر العالم بحثا عن المزيد من تقليص تكاليف الانتاج، أصبح ينتج المزيد من الاختلالات في قوى الانتاج وعلاقات الانتاج عالميا ومحليا وأصبح يقود تدريجيا نحو ازمات عالمية هيكلية. ففي ظل هكذا وضعية يصعب الحديث عن امكانية أو قدرة الاقتصاد المحلي المتوجه نحو الخارج على تقليص العجز التجاري وتوفير ما يكفي من النقد الأجنبي لحل اشكالية تمويل الاقتصاد الوطني. إن مختلف السيناريوهات المتحدث عنها في تقرير المندوبية السامية للتخطيط مؤخرا هي مجرد تخمينات يصعب التكهن بمدى تحققها في ظل الاختلالات الهيكلية للاقتصاد المغربي والاعتماد أكثر فأكثر على سلطة الدولة وميزانيتها لمعالجة الأزمة الهيكلية للرأسمال المحلي على حساب الأيدي العاملة المغربية، فلا يجب أن نستغرب إذا ما شهدنا مستقبلا سيناريو اليونان يتكرر في بلادنا وبدرجة أعمق.

ـ ما تأثير استمرار الوضع الحالي المتميز بصعوبة تمويل الاقتصاد الوطني مستقبلا؟

** ان صعوبة تمويل الاقتصاد يكشف انحسار السوق الداخلي والتناقض الخطير بين قوى الانتاج وعلاقات الانتاج مما يحد من التمويل الذاتي للشركات ويقلص من العائدات الجبائية في لحظة تقلصت فيه امكانيات بيع المقاولات العمومية للرأس مال الاجنبي نظرا لأزمة العميقة التي يعاني منها هذا الاخير. كما ان وضع الأزمة يقلص أيضا من عائدات العمال المغاربة في الخارج ومن مداخيل السياحة والذي يؤثر على عائدات الصناعة التقليدية. وإذا ما أضفنا الى كل ذلك ارتفاع سعر برميل النفط ووضعية الجفاف وزيادة الواردات من المواد الغذائية وضرورة تدخل صندوق المقاصة للمحافظة على الاسعار في مستوى معين اضافة الى تجميد الاجور وعدم القدرة على استيعاب جيوش العاطلين سواء من حملة الشهادات أو حملة السواعد، فإن المخرج من هذه الورطة لن يخرج عن طبع المزيد من الأوراق النقدية أو احداث العملة وهي قرارات خطيرة لكونها ستؤدي الى اشتعال التضخم أو اللجوء الى اغراق الميزانية العامة بالمديونيتين الداخلية والخارجية وهو ما يمكن ان يهدد الدولة بالافلاس والوصول الى الوضع اليوناني من حيث اعتماد سياسات تقشفية صارمة تؤدي الطبقة العاملة والجماهير الشعبية كلفتها. إن هذا الوضع الكارثي ليس مجرد خيال، بل تفصح عنه قراءة متمعنة لمسار الأزمة الاقتصادية العالمية وتأثيراتها على بلادنا.

فحسب العديد من الاقتصاديين بل وحسب مؤتمر دافوس نفسه، يبدو أن الأزمة الاقتصادية والمالية العالمية ستتعمق أكثر في أفق 2019، علما أن البرجوازية المهيمنة عالميا تعرف ذلك جيدا وتحاول اخفائها بتفاؤلات منافقة، مع عملها في نفس الوقت على ايجاد حلول راديكالية لتدبير مؤقت لأزمتها واحتظار نمط الانتاج الرأسمالي، غير أن هذه الحلول هي بالضرورة امبريالية متوحشة تهدد البشرية بحروب ابادة حقيقية. والدليل الملموس أمامنا الآن هو وقوف الامبريالية وراء تأجيج التمردات الشعبية العفوية في البلدان المغاربية والعربية من أجل الوصول الى مرحلة التدمير الشامل للانظمة الدكتاتورية الهشة القائمة رغم أن بعضها ظل يعتقد انها حليفة الامبريالية. فبعد اسقاط الدكتاتوريات القائمة يتم تنصيب كمبرادوريات جديدة بليدة تخدم مصالح رأس المال الدولي أكثر من سابقاتها وباستغلال اكبر للطبقة العاملة وبمديونية خارجية أكبر من اجل اعادة البناء مضاعفة عشرات المرات عما كان سائدا في ظل الدكتاتوريات السابقة. كما يشكل التهديد الامبريالي بشن حرب شاملة على ايران أفقا لا يمكن استبعاده رغم التصريحات المنافقة التي تحاول اطمئنان الرأي العام العالمي والطبقة العاملة على الخصوص لأنها هي الأكثر تضررا من الأزمة والحرب.

ـ الطلب الداخلي هو سلاح دون حدين، إذ يعتبر محركا للنمو الاقتصادي، لكنه في المقابل يساهم في تفاقم العجز التجاري وضعف القدرات التمويلية للاقتصاد، كيف يمكن التعامل مع هذه المفارقة؟

** المشكل لا يكمن في الطلب الداخلي بل في الاختيارات الاقتصادية والاجتماعية التي اعتمدت في بلادنا باستمرار لمدى عقود والتي تفضح أنه على الرغم من آلية الانتخابات وتغير النخب الحاكمة واعتماد ما يسمى بالتناوب التوافقي وما يسمى بالحوار الاجتماعي، فإن عدم مراجعة هذه الاختيارات واجتهاد الجميع في الدفاع عنها نظرا لخدمتها للرأس المال على حساب العمل ولتعميقها لأزمة المديونيتين الداخلية والخارجية وعملها على بيع أفضل المركبات الاقتصادية العمومية للخواص الأجانب، كل ذلك من أجل المراهنة على التصدير الشكلي والذي يخدم الرأسمال الاجنبي ويعمق العجوزات الثلاثة. فالاشكالية أذن هي سياسية أكثر منها معضلة الطلب الداخلي والذي يمكن أن يتخذ كمطية من طرف النخبة الحاكمة لإعدام صندوق المقاصة وبالتالي اشعال نيران التضخم.



#عبد_السلام_أديب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- محاولة انقلاب فاشلة داخل الاتحاد المغربي للشغل
- لا تحرر للمرأة من دون تحرر المجتمع من النظام البرجوازي الطبق ...
- النضال العالمي من أجل الديموقراطية والحرية
- تصريح الحكومة -الملتحية- لا يتضمن اجراءات لتجاوز أزمة صناديق ...
- الحكومة -الملتحية- أمام تحديات اقتصادية كبيرة لا قدرة لها عل ...
- تقرير عن حقوق الإنسان بالمغرب 2011: قمع، اعتقال، تعذيب و محا ...
- الشعب المغربي تحت الحصار
- لماذا سقط نظام بنعلي ولم يسقط النظام في المغرب؟
- الإدمان على الانترنت كالإدمان على المخدرات القوية!
- عودة نظرية المصدر الإلهي للسلطة
- الثورات العربية والمغاربية بين اليسار التحريفي واليسار الثور ...
- أزمة النظام الرأسمالي والحروب الامبريالية الجديدة
- البروليتارية العالمية تشكل طبقة من المهاجرين
- النظام الاقتصادي الرأسمالي على حافة الانهيار
- سنتتبع الانتخابات ونؤكد المسافة التي لا زالت تفصلنا عن الديم ...
- المغرب يعاني أزمة مالية آخذة في التعمق
- دور جمعية - المعطلين- في عودة الفعل النضالي للجماهير الشعبية
- دور البرجوازية الصغرى في الحراك الجماهيري المغاربي والعربي
- بركان الانتفاضات المغاربية والعربية
- كيف تتحرك الأشياء؟


المزيد.....




- عباس يصادق على حكومة فلسطينية جديدة من 23 وزيرا برئاسة الاقت ...
- بلومبيرغ: انحسار جاذبية دبي لأثرياء روسيا
- فوربس.. قائمة قادة الشركات العقارية الأبرز بالمنطقة في 2024 ...
- ثقة المستهلكين الأميركيين ترتفع إلى أعلى مستوى في 32 شهراً
- بورصات الخليج تغلق على انخفاض قبيل بيانات التضخم الأميركية
- 1.8 مليار درهم حجم إنفاق -مبادرات محمد بن راشد- في 2023
- مصر.. تحرك حكومي عاجل قبل عيد الفطر
- فرنسا تعتمد اقتصاد الحرب لدعم أوكرانيا وتسريع إنتاج الأسلحة ...
- -جيه بي مورغان-: سوق -وول ستريت- مزدحم وقد يتراجع بأي لحظة
- مؤشرات -وول ستريت- تتباين وتتجه لتسجيل مكاسب بالربع الأول


المزيد.....

- تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر ... / محمد امين حسن عثمان
- إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية ... / مجدى عبد الهادى
- التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي / مجدى عبد الهادى
- نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م ... / مجدى عبد الهادى
- دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في ... / سمية سعيد صديق جبارة
- الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا / مجدى عبد الهادى
- جذور التبعية الاقتصادية وعلاقتها بشروط صندوق النقد والبنك ال ... / الهادي هبَّاني
- الاقتصاد السياسي للجيوش الإقليمية والصناعات العسكرية / دلير زنكنة
- تجربة مملكة النرويج في الاصلاح النقدي وتغيير سعر الصرف ومدى ... / سناء عبد القادر مصطفى
- اقتصادات الدول العربية والعمل الاقتصادي العربي المشترك / الأستاذ الدكتور مصطفى العبد الله الكفري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - عبد السلام أديب - دردشة حول الطلب الداخلي وأزمة تمويل الاقتصاد المغربي