أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - علاء فروح - ملوك ومماليك ..التيار الاسلامى ومعضلة النهضة (4)















المزيد.....


ملوك ومماليك ..التيار الاسلامى ومعضلة النهضة (4)


علاء فروح

الحوار المتمدن-العدد: 3680 - 2012 / 3 / 27 - 01:34
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فاذا هو زاهق

حديث فى الشريعة الاسلامية (محاولة للفهم والتصحيح)

تنقسم الأحكام فى الشريعة الاسلامية الى ثلاثة أقسام :
أولا :

أحكام الاعتقاد: تتعلق بما يجب على المكلف اعتقاده في الله وصفاته وفى ملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر
:
ثانيا :

أحكام خلقية: تتعلق بما يجب على المكلف أن يتحلّى به من الفضائل وما يجب أن يتخلى عنه من الرذائل.(ما يجب أن يتحلى به أو يتخلى عنه فى سلوكه )

ثالثا:

أحكام عملية، تتعلق بما يصدر عن المكلف من أقوال وأفعال وعقود وتصرفات. وهذا النوع الثالث هو فقه القرآن، وهو المقصود الوصول إليه بعلم أصول الفقه وهى تنقسم وفقا لهذا التعريف الى :أحكام العبادات من صلاة وصوم وزكاة وحج ونذر ويمين ونحوها من العبادات التي يقصد بها تنظيم علاقة الإنسان بربه ، وأحكام المعاملات من عقود وتصرفات وعقوبات وجنايات وغيرها مما عدا العبادات، وما يقصد بها تنظيم علاقة المكلفين بعضهم ببعض،

وكل تلك الأحكام يحتويها القرآن فى نحو مائتى آية وهو مايعنى أنها تمثل جزءا من أجزاء القرآن الثلاثين، ولعل من الواجب علينا قبل التعرض لأقسام الشريعة الاسلامية بالتحليل المنهجى للوصول الى فهم صحيح لها أن نقسم النصوص ذاتها -،تلك الأدلة التى يستقى منها الحكم الشرعى وفقا لمذاهب الاستدلال المختلفة ومحاولة تقييم تلك المذاهب وفق رؤية علمية -من حيث الدلالة والثبوت ..
نصوص القرآن الكريم : وكلها قطعية الثبوت عن رسول الله ناقلا اياها عن رب العزة بطريق الوحى وقد نقلت الينا مكتوبة بطريق التواتر جيلا عن جيل اذ لا مجال للتشكيك فى قطعية ثبوتها فى بحث يتعلق بأحكام الشريعة الاسلامية واذن فان نصوص القرآن الكريم قطعية من حيث الثبوت ،ولكنها من حيث الدلالة تنقسم الى قسمين : نص قطعي الدلالة على حكمه، ونص ظني الدلالة على حكمه.
فالنص القطعي الدلالة هو ما دل على معنى متعين فهمه منه ولا يحتمل تأويلا ولا مجال لفهم معنى غيره منه، مثل قوله تعالى "ان الله على كل شئ قدير"
وأما النص الظني الدلالة: فهو ما دل على معني ولكن يحتمل أن يؤول ويصرف عن هذا المعنى ويراد منه معني غيره مثل قوله تعالى:;وَلا يبدين زينتهن الا ما ظهر منها ) فقد حصل خلاف حول معنى الزينة المقصدة فى هذه الآية وأيضا حول معنى ما ظهر منها وعموما، فالنص الذي فيه نص مشترك أو لفظ عام أو لفظ مطلق أو نحو هذا يكون ظني الدلالة، لأنه يدل على معنى ويحتمل الدلالة على غيره ؛ فالآيات القطعية الدلالة هى الآيات المحكمات وهى التى يؤخذ منها القواعد الأصولية التى هى الكليات التى لا ينبغى على المستنبط أن يتجاهلها عند التشريع والا انفرطت الجزئيات من بين يديه ،وأما الآيات الظنية الدلالة فهى المتشابهات التى تحتمل اكثر من معنى ومن أجل تحديد معنى لها يتم تحكيم الآيات المحكمات فيها لكى يفهم مراد الخالق منها على وجه اليقين بالاضافة الى الاسترشاد بالسياق الذى وردت فيه الآيات .يقول تعالى
(هُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الألْبَابِ)
أمثلة للقواعد الأصولية :

الحرج مرفوع ***المصدر الشرعي {وما جعل عليكم في الدين من حرج} ***مثال -النهي عن الصوم عند عدم القدرة عليه وغير ذلك
المشقة تجلب التيسير****المصدر الشرعي {يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر}*** مثال -الفطر في رمضان للمريض والمسافر
***مثال -أكل الميتة في المخمصة -الضرورات تبيح المحظورات***المصدر الشرعي {فمن اضطر في مخمصة غير متجانف لاثم فان الله غفور رحيم}
وغير ذلك .
الضرر يزال شرعا***المصدر الشرعي {لا ضرر ولا ضرار}***مثال -جواز الشفعة لضرر الشريك الحالى أو المتوقع

ان فن استنباط الأحكام يتعامل مع النص على أنه جزء من الكل و الكل المقصود هنا هو مقاصد الشريعة وبالتالى فانه يجب ألا يفهم النص بمعزل عن مقاصد الشريعة

يقول علال الفاسى :أن مقاصد الشريعة هى عمارة الأرض كما يقول ابو حامد الغزالى :غاية الشرع هو تحقيق المصلحة والمصلحة هى المحافظة على مقصود الشارع

وهذا يعنى أن الشريعة هدفها اعمار الأرض وكل تشريع يتعارض مع هذا الهدف هو تشريع مخالف للشريعة الاسلامية.

عمر بن الخطاب ومقاصد الشريعة :

لعل الحادثة التى انتهت بقول عمر بن الخطاب أصابت امرأة وأخطأ عمر لتشير بوضوح لا الى تواضعه و انحيازه للحق وانما الى اعتداده بذاته وثقته بنفسه كفقيه ومشرع .تلك الثقة التى أبت عليه الا أن يتعجب من أن امرأة فقهت ما أخفق هو فى فقهه فحملت عبارته تصغيرا لشأنها فى قوله( امرأة) وتعظيما لقدره فى قوله( عمر ) فكانت عبارته كما فهمت على مدى عصور بأنها تواضع منه محمول على اعتراف بخطأ استثنائى والا لكان يكفيه أن يقول أخطأت وأصابت ..
ذلك أن عمر بن الخطاب لم يكن خليفة للمسلمين ورئيسا للدولة فحسب ,ولكنه كان أيضا صاحب مذهب .بل صاحب أول وأهم مذهب من مذاهب الاجتهاد الفقهى وكان من تلامذة ذلك المذهب سعيد بن المسيب ولقد أتعب عمر حقيقة كل من أتوا بعده فى فهم وتأويل ما صنعه وما أقره من تشريع يبدو متعارضا لظاهر النص القرآنى من ناحية ومخالفا لفعل واقرار الرسول من ناحية أخرى ولا مناص لكل من أراد أن يفهم حقيقة الشريعة وأهدافها من أن يرجع الى عمر ويحلل اجتهاداته غير مدفوع بدافع مذهبى أو خاضع لظرف زمنى اشتعل فيه صراع ما فانحاز هو الى فريق دون فريق فراح يؤول فعل عمر تأويلا يدعم فريقه وينتصر له تعصبا وانحيازا غير مبصر ولا مكترث باحترام وجه الحقيقة وبأهمية تجليته ونفض الغبار عنه ..ان ما يسترعى الانتباه هنا بحق ان اجتهادات عمر كانت موضعا للتنفيذ مباشرة وأنه كان يعاقب من لم يلتزم بها فنحن نراه حينما كان يطرح صياغتها التنفيذية على المنبر كيف كان حريصا على أن تكون دائما مشمولة بالتهديد والوعيد لمن يخالفون عنها ،فاذا ما ربطنا ذلك –كونه مشرعا ومنفذا- بزهد عمر وبتقواه وبمكانته من الرسول الكريم وهو مالا خلاف عليه- الا ما كان من بعض الشيعة –فان ذلك لاريب يمنحنا السبب الكافى الذى جعل كل من جاءوا خلفه يهرولون على أثر آراءه محاولين فهمها وقد أنقسموا حول ذلك .فمنهم من رفض فعل عمر بالكلية واتهامه بمخالفة الوحى متعمدا وهم الشيعة وقد كان ذلك منهم كراهية لعمر الذى يرونه مغتصبا للخلافة جائرا على ما لآل البيت من حقوق واثبا على على وبنيه بحد السيف ،ومنهم من يرفض الاقتراب من اجتهادات عمر بالنقد أو التقييم بل ويرفض حتى مجرد الاقتراب من عمر نفسه أو التشكيك فيه ويعتبرون ان اجتهادات عمر ملزمة زاعمين أن موافقة الصحابة عليها دليل على صحتها وهؤلاء هم السنة فى مواجهة الشيعة الكارهين لعمر والمكفرين له ،ومنهم من يعمد الى فعل عمر واجتهاده فيؤوله عنوة تأويلا موافقا للنص وهؤلاء هم فريق من أهل السنة الذين يجنحون نحو العقلانية والبرهان انتصارا لعمر -- وهنالك من تأسره الحداثة وتخلب لبه فيتبنى فكرة تطوير النص عبر الزمان والمكان كما نرى بوضوح عند طيب تيزينى ومحمد سعيد عشماوى ونصر حامد أبو زيد وغيرهم ..فما حقيقة ذلك الأمر ؟
اجتهادات عمر الملتبسة:
1-نزع حجاب الأمة:

في كتاب طبقات ابن سعد الجزء السابع ص 127 أن »عمر بن الخطاب أمير المؤمنين كان يطوف في المدينة فإذا رأى أمة محجبة ضربها بدرته حتى يسقط الحجاب عن رأسها ويقول: فيما الإماء يتشبهن بالحرائر، وقال أنس مرت بعمر بن الخطاب جارية متقنعة فعلاها بالدرة وقال يا لكاع أتتشبهين بالحرائر ألقي القناع .وروى أبو حفص أن عمر كان لا يدع أمة تقنع في خلافته، ويقول ابن قدامة فى المغنى الجزء الأول إن عمر رضي الله عنه ضرب أمة لآل أنس رآها متقنعة وقال اكشفي رأسك ولا تتشبهي بالحرائر، وفي سنن البيهقي الجزء الثاني ص 227 يروى عن أنس بن مالك أن إماء عمر كن يخدمننا كاشفات عن شعورهن
لقد كان عمر يستند فى اجتهاده ذلك الى الآية رقم 59 من سورة الأحزاب "ياأيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفورا رحيما"، ذلك أنه رأى أن علة الأمر بالحجاب هى تمييز الحرائر عن الاماء .أنظر كيف يفسر القرطبى تلك الآية يقول القرطبى(: يا أيها النبي قل لأزواجك ونساء المؤمنين أى لايتشبهن بالإماء في لباسهن إن هن خرجن من بيوتهن لحاجتهن فيكشفن شعورهن ووجوههن، ولكن ليدنين عليهن من جلابيبهن لئلا يتعرض لهن فاسق) ويقول ابن كثير ("كان فساق أهل المدينة يخرجون بالليل فإذا رأوا المرأة عليها جلبابا قالوا: هذه حرة فكفوا عنها وإذا رأوا المرأة ليس عليها جلباب قالوا: هذه أمة، فوثبوا عليها، وهنا تكمن أزمة أهل السنة وأزمة التيار الاسلامى المعاصر الذى كان وما يزال يصدر قضية حجاب المرأة فى خطابه كقضية محورية فأمر الحجاب هنا لم تكن علته الحد من فتنة المرأة وغوايتها للرجل وانما كانت للتمييز بين حرة وأمة فحسب لا أكثر ولا أقل ومن هنا كان مأزق الخطاب الدينى بأسره فى عالم خلو من الاماء والجوارى اذ بانتفاء محل التمييز ينتفى الأمر بالحجاب ويكون مثله كمثل كل ما يتعلق بالجوارى والعبيد من الأحكام خاضعا لقاعدة (سقط المحل) فظلت تلك القضية من القضايا الكاثوليكية فى الاسلام .ان صح هذا التعبير فلا يجوز مناقشتها أبدا أو حتى ابداء الرأى فيها وكانت على رأس جملة من القضايا المسكوت عنها
2- ابطاله لزواج المتعة

أبطل عمر زواج المتعة وقد كان حلا زمن الرسول وقد أنزل الله بيانا بحلته ( فما استمتعتم به منهن فاتوهن اجورهن فريضة ولا جناح عليكم في ما تراضيتم به من بعد الفريضة ان الله كان عليما حكيما) - النساء يقول القرطبى :
عن ابي نضرة بطريقين ، قال : سألت ابن عباس عن متعة النساء ، قال : أما تقرأ سورة النساء قال : قلت : بلى . قال : فما تقرأ فيها " فما استمتعتم به منهن إلى اجل مسمى " قلت لو قرأتها كذلك ما سألتك قال فانها كذلك .،و الامام السيوطى يروى من
حديث ابي ثابت وابى نضرة ورواية قتادة وسعيد بن جبير عن قراءة ابي وحديث مجاهد والسدي ، وعطاء عن ابن عباس وحديث الحكم ان الاية غير
منسوخة وعن عطاء عن ابن عباس انه قال : وهي التي في سورة النساء فما استمتعتم به منهن إلى كذا وكذا من الاجل على كذا وكذا.
ومهما يكن من تفسيرفلقد خالف عمر تلك الآية من سورة النساء مخالفة صريحة .صعد المنبر وقال بكل جلاء (ثلاث كن على عهد رسول الله وانا أنهى عنهن وأعاقب عليهن متعة الزواج ومتعة الحج وحى على خير العمل) فتحيرت الأمة من بعد عمر فى ذلك شأن كل اجتهاداته تقريبا ،فأهل السنة لن يسمحوا مطلقا بقبول فكرة مخالفة عمر لكتاب الله ولم يحاولوا فهم ما فعل فهما موضوعيا ولذلك لجأوا الى حيلتهم التى صنعوها على أعينهم ثم يثوبون اليها كلما أعيتهم الحيل ،وهى حيلة الاستعانة بما نقلوه عن الرسول الكريم .كنزهم ذلك الذى لم يخذلهم أبدا حتى اذا وجدوا فيه ما يخالف الآية القرآنية التى لا يريدونها قالوا بالنسخ ..أن الحديث قد نسخ الآية فيقتلون بذلك القضية فى مهدها ..وذلك ما حدث مع تلك القضية تماما .فعمر –فى قولهم-لم يبطل زواج المتعة ولكن الذى أبطله هو الرسول نفسه وبالتالى فقد كان عمر بذلك متبعا للرسول لا مخالفا له ،وحينما يقول قائل متسائلا وهل خالف الرسول الأية فى سورة النساء ؟ قالوا انما ينسخ الآية فعل الرسول أو قوله على ما فى هذا القول من اثم مبين ،فانظر الى الشافعى مثلا عندما يقول فى ذلك ليس فى الاسلام شئ احل ثم حرم ثم احل ثم حرم الا المتعة فقد كان حلا قبل خيبر ثم حرم فى خيبر من حديث على بن ابى طالب ان النبى صلى الله عليه وسلم حرم المتعة والحرم الاهلية زمن خيبر ثم حرم فى فتح مكة من حديث الربيع بن سبرة الجهنى أن رسول الله قال ايها الناس انى كنت قد آذنت لكم بالاستمتاع بالنساء وان الله حرم ذلك الى يوم القيامة .رواه مسلم ،ومن ذلك أيضا ما رواه مسلم وأحمد والبيهقى فى سننه عن سبرة الجهني نفسه قال : أذن لنا رسول الله ( ص ) بالمتعة . فانطلقت انا ورجل
إلى امرأة من بني عامر . كأنها بكرة عيطاء فعرضنا عليها
انفسنا . فقالت : ما تعطي ؟ فقلت : ردائي . وقال صاحبي ردائي . وكان رداء صاحبي اجود من ردائي . وكنت أشب منه . فإذا نظرت إلى رداء صاحبي اعجبها . وإذا نظرت الي اعجبتها . ثم قالت : انت ورداؤك يكفيني . فمكثت معها ثلاثا . ثم ان رسول الله ( ص ) قال " من كان عنده شئ من هذه النساء التي يتمتع ، فليخل سبيلها) .هنا نلاحظ أن هؤلاء الأئمة تجاهلوا تماما الآية القرآنية ولاذوا بكنزهم الثمين ،ولكن لسوء حظهم فان ذلك الكنز أيضا يحتوى على ما يريدون ومالا يريدون وعن عمران بن الحصين رصى الله عنه قال : " نزلت آية المتعة في كتاب الله ففعلناها مع رسول الله ص ) ولم ينزل قرآن يحرمه ولم ينه عنها حتى مات ، قال رجل برأيه ما شاء " ( 5 ( فعن أبي نضرة قال: ( كنت عند جابر بن عبد الله فأتاه آت فقال: ابن عباس وابن الزبير اختلفا في المتعتين فقال جابر فعلناهما مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ثم نهانا عنهما عمر فلم نعدلهما) (صحيح مسلم / ج4 ص59 - سنن البيهقي/7 ص206).
والمتعتان المقصودتان هنا هما متعة الحج ومتعة النساء وهذا الحديث الصحيح يبين أن الذى نهى عن المتعتين كان عمر لا رسول الله وبهذا يكون عمر قد خالف الله ورسوله ،ليس هذا فحسب ولكن عليا نفسه الذى روى حديث الرسول عن تحريمهما فى خيبر يقول فى حديث آخر لولا نهى عمر عن متعة النساء لما زنى الا شقى وهكذا فان المؤيدين لعمر (أهل السنة) يتمسكون بالأحاديث الداعمة لموقفهم المنتصرة لعمر والتى كانت فى تجليها الأخير تؤكد على اتباع عمر لسنة الرسول فى المنع ثم تتطاول على الآية القرآنية فتنسخها بحديث ،أما الرافضين لعمر (أهل الشيعة) فيتمسكون بالآية القرآنية المحكمة–وهذا حق- ثم يتمسكون بعد ذلك بالأحاديث الداعمة لموقفهم ولكن الفريقين انما يسعيان فى نهاية الأمر الى نصر سياسى بينما يمتطي كل منهما حصان الدين متوشحا بسيف البغض التاريخى المتوارث 3-تغيير عمر فى آذان الفجر:
من المعروف أن الأذان هو اعلان عن موعد الصلاة وقد تشاور الرسول مع أصحابه فى الطريقة التى يعلنون بها ميقات كل صلاة فكان أن اتفقوا على النداء المعروف فعن أبى بكر بن الحارث الفقيه قال ثنا علي بن عمر الحافظ ثنا محمد بن مخلد ثنا محمد بن اسمعيل الحساني ثنا وكيع عن العمري عن نافع عن إبن عمر عن عمر ووكيع عن سفيان عن محمد بن عجلان عن نافع عن إبن عمر عن عمر انه قال لموذنه( إذا بلغت حي على الفلاح في الفجر فقل الصلوة خير من النوم الصلوة خير من النوم وهذا لم يكن قبل عمر) وقد كان هذا التغيير بتلك الاضافة التى لم تكن على عهد الرسول ولا قال بها ، فماذا يفعل أهل السنة فى تلك الورطة ؟ بعدما قرعوا على رؤوس المسلمين على مدى قرون عدة بحديث عن الرسول يقول (من أحدث فى أمرنا ما ليس منه فهو رد ) أى ما كان مخالفا لروحه مصادما لغاياته ولكنهم حينما يجابهون خصومهم بهذا الحديث لا يعنون ذلك البتة ولكنهم لا فهمون كذلك وانما يجابهون خصومهم به على انه يعنى النهى عن الاضافة على ما كان على عهد الرسول بأى شكل كان ومن ثم فانهم يؤكدون على ذلك بالافتتاحية الأثيرة لخطبهم التى يقولون فيها ان شر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة فى النار ،ثم ينسبون هذا القول للرسول متجاهلين ما روى عنه أيضا فى الصحيح عند مسلم (من سن سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها الى يوم القيامة ومن سن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها الى يوم القيامة) فالحديث اذن هو الكنز الذى يحوى على كل شئ .على الرأى والرأى الآخر وهو المثابة التى يفزع اليها أصحاب الآراء المختلفة وهو اخيرا المنهل الذى يكون لما شرب له ،ولكن أهل السنة وقد استطاعوا أن يسيطروا على العالم الاسلامى معظم فترات التاريخ فرضوا رأيهم فرضا فجعلوا عمر كالرسول فهو المشرع الثانى والأخير الذى ينطق بالوحى وليس هذا فحسب بل تجاوزوا ذلك فقالوا ان الوحى كان ينزل على أحكام عمر فكم من مناسبة اختلقوها اختلاقا عارض فيها عمر الرسول فنزل الوحى برأى عمر مؤيدا اياه كحكم الأسرى (ما كان لنبى أن يكون له أسرى حتى يثخن فى الأرض) وقد نزلت تأييدا لعمر فى زعمهم .ان قوة أهل السنة جعلتهم لا يأبهون بالموضوعية حينما كانوا يشعرون بألا طاقة لهم بها ازاء مخالفيهم فيفرضون آراءهم على هذا النحو .هذه هى القاعدة الأساسية لفهم السنة وأما الشيعة فدائما ما تراهم على النقيض من رأى عمر متجملين بالموضوعية التى يمنحهم اياها ظاهر المخالفة للنص القرآنى ولسنة الرسول ولكنهم لا يتوغلون أبدا فى النص طلبا للموضوعية بينما يتجاهل الجميع الآراء التى حاولت أن ترتقى فوق الخلاف السياسى التاريخى وترفض انسياق الفقه خلف ذلك فترى كل تلك الآراء فى الظل .أنظر مثلا فى هذا الأمر الى رأى العز بن عبد السلام الذى لا يكاد يسمع برأيه هذا الا الباحث الموضوعى ذلك قال العز بن عبد السلام في كتابه "قواعد الأحكام" (ج2/172-174) : البدعة منقسمة إلى واجبة ومحرّمة ومندوبة ومكروهة ومباحة ثم قال: والطريق في ذلك أن تُعرض البدعة على قواعد الشريعة، فإن دخلت في قواعد الإيجاب فهي واجبة، أو في قواعد التحريم فهي محرمة، أو الندب فمندوبة، أو المكروه فمكروهة، أو المباح فمباحة،
4- منع عمر اعطاء المؤلفة قلوبهم من الصدقات


" لقد كان الرسول يعطى المؤلفة قلوبهم من أموال الصدقات وهم من غير المسلمين الذين يرجى استمالتهم نحو الاسلام- كما فهم المفسرون القدامى-وهو مما أراه تفسيرا ضعيفا ركيكا لا يرقى رقى الآية –وقد اتبع الرسول فى ذلك أبو بكر الصديق ثم جاء عمر وقال لا نعطيهم من الاسلام شيئا . أما الآية فهى{إنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْـمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْـمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عليم حكيم) ونلاحظ أن الآية جعلت من حق أولائك الذين ذكرتهم الآية فى الزكاة فريضة فرضها الله ومن ذلك فانه لا يجوز معارضة ذلك على النحو الذى فعله عمر والذى أخذت به السنة بطبيعة الحال كما ذكرنا من قبل وقالت الشيعة لو كان عمر محقا فى ذلك لما خالفه عمر بن عبد العزيز(الخليفة السنى الأقرب لقلوب الشيعة) وقد كان هذا الفعل من عمر بن عبد العزيز قاطعا على السنة خطتهم التى ترمى الى اتباع عمر كونه المشرع الثانى والأخير بعد الرسول ولكن الحقيقة فى ذلك ان الاسلام بهذه الآية انما أعطى لغير المسلمين نصيبا فى الصدقات و بنفس الشروط التى بها يستحق المسلم أن يعطى ولم تكن تلك الأية الا تأكيدا على ذلك بضمهم الى غيرهم من الذين ذكروا فى الآية ولقد أخطأ المفسرون القدامى فى فهم ذلك واتبعهم من خلفهم فى ذلك عندما اعتبروا أن المؤلفة قلوبهم هم من يرجى استمالتهم للاسلام وهذا يعنى أن ذلك الحق فى الصدقات لا يفرق بين غنى أو فقير منهم طالما كانت العبرة بظننا نحن المسلمين ، فان ظننا أن هؤلاء يرجى منهم الاسلام أعطيناهم أو أن أولائك لا يرجى منهم ذلك منعنا عنهم فأعطينا الأقوياء من غير المسلمين وتركنا ضعفائهم أملا فى اسلامهم .دفعا لأموالهم فى قوة الرأسمالية الاسلامية ،وهذا ما رفضه عمر الذى اعتبر أن المؤلفة قلوبهم –وهم من يشعرون من غير المسلمين بمساواتهم بأمثالهم من المسلمين فتهفو أرواحهم لهذا الدين –اعتبر أن هؤلاء المؤلفة قلوبهم هم كل من يحيا فى كنف الدولة من اليهود والنصارى والصابئة وأن لهم على الدولة نفس حقوق المسلمين ..تلك المساواة من شأنها أن تجعل منهم جميعا (مؤلفة) والا لو صح ما زعمه الزاعمون من أن المؤلفة قلوبهم هم من يرجى اسلامهم فأى فترة زمنية يمكن أن يحصل فيها هؤلاء المؤلفة على نصيبهم من الصدقات قبل أن يتحولوا الى الاسلام وان لم يتحولوا الى الاسلام فهل سيظل حقهم فى الصدقات ثابتا ..ان تلك الدعوى تعنى أن الاسلام يدعو المسلمين الى ابتزاز أهل الأديان الأخرى لحملهم على اعتناق الاسلام والى الضغط عليهم ماديا من أجل ذلك وجميعنا يعرف أن هذا النوع المتدنى من الابتزاز سلاح لضرب الحريات الدينية التى قررها الاسلام ولكنهم (التيار الاسلامى على اختلاف فصائله ) يريدون أن يقرأوا تلك القراءة لا يعلون عنها أبدا..ان المفكرين المعاصرين أيضا لم يستوعبوا ذلك ولكنهم فى كل تلك القضايا انقسموا على أنفسهم فخالد محمد خالد يرى أن عمر قد ترك النص الدينى طلبا للمصلحة يقول: (ترك عمر بن الخطاب النصوص الدينية المقدسة من القرآن والسُّنة عندما دعته المصلحة لذلك؛ فبينما يقسم القرآن للمؤلَّفة قلوبهم حظاًَ من الزكاة، ويؤيده الرسول صلى الله عليه وسلم وأبو بكر، يأتي عمر فيقول: لا نعطي على الإسلام شيئا ولاشك طبعا أن تحقيق المصلحة هو غاية الشريعة ومقصودها الا اننا سبق وأوضحنا أن الآيات المحكمات محكمة فى غيرها ومنها تؤخذ القواعد الأصولية التى تتحقق بها المصلحة ولا يصح لنا أن نراها متعارضة معها ولذلك فنحن بحاجة فى هذه الحالة لسبر غور النص والتوغل فيه أكثر من سابقينا لنصل الى اليقين وذلك اليقين فحسب هو الذى يتطلبه عصرنا وستكون المصلحة هى اطارنا الرئيسى وعلوم عصرنا ومعارفه هى وسيلتنا الى ذلك ..وعلى خلاف ذلك الرأى يرى طيب تيزينى أن يتخلى النص عن البيئة التى نشأ بها ويتحور ليناسب الوسط الجديد وذلك الرأى يجعل من النص الدينى ألعوبة ولا يقدسه وهو ما يعتبر مخالفا لمجموع قيم المجتمع ولا يصلح كأساس لبناء التهضة بحال .. بينما نرى محمد سعيد عشماوى يقول أن الأحكام المقررة في الشريعة ليست مطلقة وإنما هي نسبية مؤقتة خاضعة للظروف الزمانية والمكانية؛ ولهذا فقد نسخ عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - حكم المؤلَّفة قلوبهم ولقد أخطأ هنا خطأين أولهما أنه تصور أن بامكان فعل عمر أن ينسخ نصا مقدسا متأثرا بما رسخه علماء أهل السنة فى النفوس حتى أصبح جزءا من العقل العربى .أما الخطأ الثانى فهو القول بنسبية الأحكام دون أن يكلف نفسه بفحص النص الفحص اللائق به ،وخلاصة القول أن اجتهادات عمر كانت الأساس الرئيسى للخلاف الفقهى بين السنة والشيعة كما أنها الأساس الذى ينبغى علينا أن نفهمه فهما جديدا لمحاولة بناء نهضتنا ،وسوف نستكمل ذلك فى المقال القادم



#علاء_فروح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ملوك ومماليك ..التيار الاسلامى ومعضلة النهضة (3)
- ملوك ومماليك ..التيار الاسلامى ومعضلة النهضة (2)
- ملوك ومماليك ..التيار الاسلامى ومعضلة النهضة (1)
- آمال المرأة ومنحنيات الربيع العربى


المزيد.....




- لمتابعة أغاني البيبي لطفلك..استقبل حالاً تردد قناة طيور الجن ...
- قادة الجيش الايراني يجددن العهد والبيعة لمبادىء مفجر الثورة ...
- ” نزليهم كلهم وارتاحي من زن العيال” تردد قنوات الأطفال قناة ...
- الشرطة الأسترالية تعتبر هجوم الكنيسة -عملا إرهابيا-  
- إيهود باراك: وزراء يدفعون نتنياهو لتصعيد الصراع بغية تعجيل ظ ...
- الشرطة الأسترالية: هجوم الكنيسة في سيدني إرهابي
- مصر.. عالم أزهري يعلق على حديث أمين الفتوى عن -وزن الروح-
- شاهد: هكذا بدت كاتدرائية نوتردام في باريس بعد خمس سنوات على ...
- موندويس: الجالية اليهودية الليبرالية بأميركا بدأت في التشقق ...
- إيهود أولمرت: إيران -هُزمت- ولا حاجة للرد عليها


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - علاء فروح - ملوك ومماليك ..التيار الاسلامى ومعضلة النهضة (4)