أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد احمد الزعبي - خواطر شاهد عيان الخاطرة الثامنة















المزيد.....


خواطر شاهد عيان الخاطرة الثامنة


محمد احمد الزعبي

الحوار المتمدن-العدد: 3674 - 2012 / 3 / 21 - 23:36
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


‏الأربعاء / 21 ‏آذار/ 2012


تتعلق هذه الخاطرة بالفترة الزمنية من 8 آذار1963( استيلاء حزب البعث على السلطة في سورية) وحتى 16 نوفمبر 1970 ( استيلاء حافظ الأسد على كل من السلطة والحزب والجيش في سورية ) .
مدخل ـ خلفيات الصراع الحزبي والسياسي في سورية مابين 1963 و1970 ( أنظر أيضاً الخاطرة الرابعة في مركز الشرق العربي تاريخ 14.09.2011 )
عندما أعود بذاكرتي إلى الوراء ، وبالذات إلى الفترة التاريخية التي ابتدأت بالانقلاب الإنفصالي على الجمهورية العربية المتحدة والرئيس جمال عبد الناصر عام 1961 ، وهو الإنقلاب الذي ترتب عليه
" ثورة " الثامن من آذار 1963 ، التي ترتبت عليها أحداث 18 تموز 1963 وتصفية مئات الضباط الناصريين ، الذين كانوا في غالبيتهم من المسلمين السنّة ، الأمر الذي أدّى إلى استفراد الضباط البعثيين
ممثلين بـما عرف بـ " اللجنة العسكرية " بالحكم ، واستجرار حزب البعث إلى الحكم كواجهة سياسية مدنية لهذه اللجنة ...عندما أعود بذاكرتي إلى تلك الفترة الزمنية ، أجدني أمام إشكالية وطنية وحزبية معقدة ، تجسدت ، بصراع أيديولوجي مزدوج ، من جهة داخل الحزب نفسه ، ومن جهة أخرى بين
الحزب والرأي الآخر المعارض ، والذي كان يتمثل حينها بـ : التيار الناصري ، والتيار الإسلامي ، والبرجوازية الوطنية السورية . وقد كان كل من هذين الطرفين ( البعث ومعارضيه ) يتغذى على الأخطاء النظرية والعملية التي كان يرتكبها الطرف الآخر .
لقد ترتبت على انفراد حزب البعث بالسلطة في تلك المرحلة ، والتي كنا أحد شهودها ، جملة من النتائج الاجتماعية والسياسية السلبية أبرزها :
ـــ بروز وتضخم الظواهر الاجتماعية " المعتلّة " ( حسب تعبير إميل دوركهايم ) ، سواء داخل حزب
البعث نفسه ، أو داخل المجتمع ككل ( القبلية ، العشائرية ، الطائفية ، الجهوية ، القطرية ) ، وذلك على
حساب الطابع القومي ـ الوحدوي ـ التقدمي الذي كان يطبع كلاًّ من االأحزاب السياسية والمجتمع في
تلك الفترة .
ـــ اللجوء إلى الانقلابات العسكرية ( البلاغ رقم 1 ) التي سبق أن افتتحها حسني الزعيم عام 1949 ،
وإلى التصفيات الجسدية ، سواء داخل الحزب نفسه ، أو على مستوى الدولة والمجتمع ، في إطار هذه
الإنقلابات .
ـــ التخلي التدريجي عن مبادئ وشعارات حزب البعث التقليدية ( الوحدة ، الحرية ، الاشتراكية ) ،والذي
ترتب عليه تطبيقياً ، تخلي الحزب عن شعار الحرية ، وبالتالي عن الممارسة الديموقراطية ، الأمر
الذي أوصل سورية عام 2000 إلى مستنقع " التوريث " ، وحولها من نظام جمهوري ، إلى نظام
ملكي يحمل زوراً اسم " الجمهورية العربية السورية " !! .
ـــ التخلي الفعلي عن القضية الفلسطينية ، وتبني حافظ الأسد رسميّاً " السلام مع إسرائيل " ( التي كانت
وما زالت تحتل فلسطين وهضبة الجولان ) " كخيار استراتيجي " ، أي عملياً ، طي صفحة مقولة
جمال عبد الناصر " ما أخذ بالقوة لايسترد إلاّ بالقوة " ، ولعل هذا هو ماأعجب " حماة الديار !! "
( الجيش العقائدي !! ) وجعلهم يدمرون شعبهم وبلدهم ، هذه الأيام ، لصالح بقاء بشار الأسد على
كرسي الحكم رغم أنف الشعب ، طالما أنه أعفاهم من الحروب الخارجية ، وقصر مهمتهم العسكرية
على حماية الرئيس وأسرته الحاكمة فقط لاغير .

وسنوضح فيما يلي المراحل التي أوصلت بلدنا الحبيب سورية ، وجيشنا الوطني ، إلى هذا الدرك المؤلم والمؤسف ، الذي هما عليه هذه الأيام :
1.
لقد جاءت ( ثورة ) الثامن من آذار 1963 في سورية ، بعد شهرواحد فقط من قيام (ثورة ) الثامن من شباط / فبراير 1963 في العراق ، الأمر الذي أعطى شحنة ثورية كبيرة لأعضاء حزب البعث ، الذي
( الحزب )كان يقف عملياً وراء هاتين الثورتين ، جعلتهم من جهة يشعرون بصوابية وصحة أفكار وشعارات الحزب بصورة عامة ، وشعار " الوحدة " بصورة خاصة ، ومن جهة أخرى ، حولتهم هذه " الثورة " إلى " انفصاليين من طراز جديد !! " ، وذلك بإغماض أعينهم عن السبب الحقيقي الذي كان يقف وراء نجاح هاتين " الثورتين " في العراق وسورية ، ألا وهو القضاء على مؤامرة فصل الإقليم الشمالي ( سورية) عن الإقليم الجنوبي ( مصر) من الجمهورية العربية المتحدة (مؤامرة الانفصال في 28.9.1961 ).
2.
ولقد ترتب أيضاً على تراجع حزب البعث في سورية ، بجناحيه ، المدني والعسكري ، عن الوحدة بين سورية ومصر( ج .ع . م ) ، ووقوعه في فخ " الانفصال " ، عدة نتائج متباينة القيمة والأهمية طبعت تاريخه اللاحق ، وأوصلت بالتالي سورية ( سنقصر خاطرتنا هذه على الحالة السورية ) إلى هذا الوضع المأساوي الذي هي عليه اليوم (2012 ) . أبرزهذه النتائج :
أ. انقسام حزب البعث إلى أربعة أجنحة متناقضة ومتصارعة هي :
ــــ الجناح الناصري الذي ظل متمسكاً بضرورة العودة إلى الوحدة ( ج ع م ) ،وكان من أبرز قادته ،
الدكتور جمال أتاسي ، و عبد الكريم زهور ، وفايز اسماعيل ، والذي ( الجناح الناصري ) تشرذم
بدوره لاحقاً ، ولا سيما ، بعد وصول حافظ الأسد إلى السلطة عام 1970 ، وتشكيله ماسمي بـ " الجبهة الوطنية
التقدمية "
ــــ الجناح العفلقي ، الذي ظل ينادي من جهة بالعودة إلى الوحدة ( ج ع م ) ، ومن جهة أخرى كان حريصاً على
بقاء سورية تحت حكم الحزب الواحد ( حزب البعث ) ، الذي كان الأستاذ ميشيل عفلق أمينه العام ، وقائده
المؤسس ، وهوما يعني ــ تطبيقياً ــ الحرص على بقاء واستمرار الانفصال . علماً أن الطابع الغالب على
هذا الجناح كان الطابع المدني المطعًم ببعض العسكريين ،
ــــ الجناح العسكري ( المطعّم ببعض المدنيين ) ، الذي تجسّد بما سمي بـ " اللجنة العسكرية " والتي كانت تنطوي
على انقسامات طائفية وجهوية عميقة ، ظاهرها الإلتزام بقيادة الحزب القومية ( ميشيل عفلق / منيف الرزاز/ ) ،
وباطنها تهيئة الظروف السياسية والحزبية المناسبة ، للانقضاض عليها والتخلص منها ، وهو مانفذ فعليّاً ولكن
على مرحلتين : الأولى في 23 شباط 1966( انقلاب صلاح جديد وحافظ الأسد على القيادة القومية ) والثانية في
16 نوفمبر 1970 ( انقلاب حافظ الأسد على صلاح جديد ، فيما سمي بالحركة التصحيحية !! ) ، وزجه أعضاء
القيادتين القومية والقطرية لحركة 23 شباط اللتين كان هو عضواً فيهما في السجن مدة قاربت على ربع القرن دون
سؤال او جواب ، بل إن كلاًّ من نور الدين الأتاسي ( رئيس جمهورية 23 شباط ) وصلاح جديد ( الأمين العام
المساعد لشؤون القطر السوري ، بعد 23 شباط 1966) قد تمت تصفيتهما جسدياً من قبل حافظ الأسد ( بصورة
مباشرة أو غير مباشرة) وهما في السجن بين يديه ،
ــــ جناح أكرم الحوراني ، الذي توافق كل من الجناحين المدني والعسكري في الحزب ( ميشيل عفلق وصلاح جديد
وحافظ الأسد ) على ( فصله من الحزب ) باعتباره كان مؤيدا بصورة مكشوفة ومعلنة لانفصال سورية عن مصر
أي لم يكن عنده فيما يتعلق بهذا الموضوع ظاهر وباطن ، كما كانت الحال عند الجناحين الآخرين اللذين فصلاه من الحزب.
ب. أحداث 18 تموز عام 1963 ، والتي كان نتيجتها ، تصفية مئات الضباط الناصريين من الجيش ، تحت ذريعة تآمرهم على النظام البعثي ( لاحظ الشبه بين الأمس واليوم !!) ، في حين أن السبب الحقيقي لتصفيتهم لم يكن برأينا ، يتمثل فيما هو معلن ، وإنما فيما هو غير معلن ( كون معظمهم ينتمي إلى الأكثرية السنيّة ) ، وهو ما أخلّ بالتركيب الهيكلي للجيش السوري ، وسمح بالتالي بالتحويل التدريجي لوظيفة ومهام هذا الجيش من حماية الوطن ، إلى حماية حكم الحزب الواحد ( مابين 1963 و1970 ) ، والذي تحول بعد 1970 إلى حماية حكم العائلة الواحدة ، والشخص الواحد .
لقد كانت مقولة " الجيش العقائدي!!" ( إشارة إلى أيديولوجية البعث ) تمثل في هذه العملية المدروسة والممنهجة ، ورقة التوت التي حاول بها متنفذو اللجنة العسكرية ، وعلى رأسهم حافظ الأسد ستر عورتهم الطائفية والعسكرتارية ، التي كانت عمليّاً وراء سيطرتهم على مثلث الجيش والحكم والحزب قبل وبعد 1970 ،
ج. لقد أخذ الصراع (الحزبي شكلاً والطائفي مضموناً ) بين الجناحين العسكري بقيادة صلاح جديد وحافظ الأسد ، والمدني بقيادة ميشيل عفلق ومنيف الرزاز ، يتخفّى ويتموّه تكتيكياً تحت أسماء لاعلاقة لها بجوهرهذا الصراع ، أبرزها : (قومي ــ قطري ) ، ( يمين ــ يسار) ، والذي تحول بعد انقلاب شباط 1966 إلى صراع ( قطري ــ قطري ) بين البعث العراقي (صدام حسين وميشيل عفلق ) والبعث السوري ( صلاح جديد وحافظ الأسد ) ، ثم ترسخت هذه القطرية ، وأخذت شكلها النهائي ، بعد انقلاب حافظ الأسد على صلاح جديد 1970 .
وتقتضي الأمانة العلمية مني ، أن أشير إلى أن صلاح جديد كان أقرب إلى مبادئ وأفكار الحزب من حافظ الأسد ، ولذلك استطاع أن يجمع حوله عدداً كبيراً من الحزبيين المؤمنين بشعارات الحزب الثلاثة ( الوحدة والحرية والاشتراكية ) ، ولكن ، المقتنعين بأ ن التيار العفلقي ،( الذي بات يمثل بنظرهم يمين الحزب ) هو من يعطل تحقيق هذه الشعارات ، وخاصة منها شعار الاشتراكية ، الذي يعطي للحزب طابعه التقدمي اليساري الطليعي ، ويخلصه من طابعه البرجوازي النخبوي الذي رافق نشأته عام 1947 . ويجسد النص التالي الوارد في مقررات المؤتمرالقومي السادس عام 1963( بعض المنطلقات النظرية ) هذا التصور حول الفارق بين مفهوم " النخبة " ومفهوم " الطليعة " بنظر خصوم ميشيل عفلق :

[ إن حيزاً ضيقاً يفصل بين مفهوم " النخبة " الفاشستي ، وبين مفهوم الطليعة الاشتراكي ، ففي حين أن مفهوم " النخبة " ينظر إلى الجماهير ، مجرد قطيع منفعل سلبي ، تسوقه " النخبة " إلى " السعادة والعدالة " ...فتنزلق النخبة بالضرورة إلى الانعزال عن الجماهير ، وممارسة ديكتاتورية مباشرة عليها ،عن طريق الإرهاب تارة ، أو تشويه الرأي العام وتكييفه وفق رغباتها تارة أخرى . أما مفهوم الطليعة الاشتراكي ، فيرى في الجماهير جوهر الثورة والديموقراطية ... ] .

وأرغب أن أشير هنا ــ كشاهد عيان ــ ( دون أن أسقط مسؤوليتي النسبية في هذا الموضوع ) إلى ملاحظتين أساسيتين تتعلقان بهذا الموضوع ( الفارق بين مفهوم النخبة ومفهوم الطليعة ) :
الأولى ، هي إن مقررات المؤتمر القومي السادس 1963 التي اقتبسنا منها الشاهد أعلاه ، قد كتبت
من قبل السيدين ياسين الحافظ والياس مرقص ، وهما ليسا عضوين في حزب البعث ، وذلك بتكليف
من بعض أعضاء القيادة القطرية المؤقتة آنذاك والتي كانت مكلفة بإعادة تفعيل الحزب في القطر السوري بعد أن كان محلولاً في ج ع م ، والتي كان أمينها القطري حمود الشوفي ، وكان حافظ الأسد عضواً فيها ،
والثانية ، هي أن ممارسة حزب البعث في السلطة ، منذ الثامن من آذار 1963 وحتى حركة حافظ الأسد التصحيحية 1970 (!) ، مروراً بحركة 23 شباط 1966 ، هي ممارسة ديكتاتورية بكل المقاييس ، وبالتالي فهي لاتشيرإلى أي فارق حقيقي ملموس بين مفهوم النخبة ومفهوم الطليعة ، من حيث أن كليهما يحمل في طياته ــ وهذا من وجهة نظرنا الخاصة ــ بذور التعالي على الشعب والابتعاد عن الحرية والديموقراطية وعن مبدأ " المواطنة " ، وحتى عن العدالة والمساواة .
3.
و أرغب ــ كشاهد عيان أيضاً ــ أن أشير، إلى أن مرحلة ماقبل 1970 (1963ــ 1970 ) كانت تتميز باحتدام الصراع السياسي والأيديولوجي بين الآراء والأجنحة والمجموعات المختلفة في الحزب ، ولا سيما بين من يغلب عليهم الطابع المدني ، ومن يغلب عليهم الطابع العسكري ، ذلك الصراع الذي انتهى باستيلاء العسكر على الحزب عام 1966( وهو ماأتفق فيه مع المرحوم سامي الجندي ) ، ومن ثم على الحكم عام 1970 ، وهكذا تمت سيطرة حافظ الأسد على كل من الجيش والحزب والحكم في آن واحد ، وهي سيطرة مستمرة منذئذٍ وحتى هذه اللحظة ، والتي يشير شعار ثورة آذار 2011 " الشعب يريد إسقاط النظام " إلى رغبة الشعب السوري في الانعتاق من هذه السيطرة ، التي طال أمدها .

أن ماينبغي الإشارة إليه هنا ، وهو مابينته ، بل وأكدته ،الممارسات اللاحقة للعديد من الحزبيين المدنيين والعسكريين ، قبل 1970 ، هو وجود نوعين من " الرفاق " داخل الحزب ، نوع كان مؤمناً بفكر الحزب وأيديولوجيته في( الوحدة والحرية والاشتراكية ) ، ونوع إنما دخل الحزب لتنفيذ مآرب أخرى لاعلاقة لها لابفكرالحزب ولا بأيديولوجيته ، وإنما كان الحزب بالنسبة إليه/هم هوالجسرالضروري الذي لابد من بنائه والعبورعليه للوصول إلى تلك المآرب الأخرى ، وهو مافعله حافظ الأسد عام 1970م ، وما فعله بشار الأسد عام 2000 م . هذا مع العلم اننا سبق أن أشرنا في شهادة سابقة ، إلى أن المادة الثامنة في دستور حافظ الأسد المتعلقة بحزب البعث ، لم تكن واقع الحال سوى " الإسم الحركي " للفئة المتسلطة على كل من الجيش والحزب والحكم منذ 1970 وحتى هذه اللحظة ، وبالتالي فإن إلغاء أو إبقاء هذه المادة لايساوي شيئاً في مجال الممارسة ، طالما كان الدستور نفسه ، وبكل مواده الـ 156 لايساوي بالنسبة لهذه الفئة الفاشية الطائفية الحاكمة التي وضعته، والتي تستطيع أن تعدله وتبدله متى وكيف تشاء،شروى نقير.
4.
كنت عام 2008 في زيارة شخصية لصديق أحترمه هوالدكتور يوسف زعين في بودابست ، ولقد ذكرلي الدكتورزعين في حينها ، حادثة لم أكن من جهتي على علم بها ،( ولقد استأذنته هاتفيا قبل قليل بنشرها فوافق على ذلك ) ، وهي أنه عندما كان رئيساً للوزراء قد أرسل هو وصلاح جديد ، رسالة سرية خاصة إلى رئيس جمهورية العراق ، أحمد حسن البكر ، عرضا عليه فيها توحيد البلدين ( سورية والعراق ) بصورة فورية وتحت رئاسة البكر ، بيد أن الرئيس البكر لم يرد على رسالتهما لاسلباً ولا إيجاباً !! . سألت الدكتور زعين بعد أن حدثني بهذا الموضوع : وهل وقع معكم حافظ الأسد على هذه الرسالة ؟ أجابني : لا ، فقلت له: هل علمت يا أبا جابرالآن سبب عدم رد البكرعلى رسالتكما أنت وصلاح جديد ؟! إن أحمد حسن البكر وصدام حسين يعرفان جيداً ميزان القوى في سورية ، ذلك الميزان الذي بدأت كفته منذ 1966 ترجح لصالح حافظ الأسد ، قائد سلاح الطيران ووزير الدفاع ، وذلك على حساب كفة صلاح صلاح جديد ومعه يوسف زعين .
وتوضح الصورة التالية التي ذكرها لي أحد أعضاء القيادة القطرية ( حمود القباني ) ، الذي استطاع الهروب من السجن ( حسب ادعائه ) ، هذه الحقيقة ، :
عندما قام حافظ الأسد بسجن رفاقه ، أعضاء القيادتين القطرية والقومية عام 1970 ، حمّل بعض أعضاء هاتين القيادتين اللواء صلاح جديد المسؤولية عما حدث ، بسبب عدم قيامه بانقلاب عسكري على حافظ الأسد ، قبل ان يقوم هو بانقلابه عليهم ، وزجّهم في السجن ، وكان رد صلاح جديد عليهم هو ، أنه قد استدعى فعلاً قبل أن يسجنه حافظ الآسد ، أحد كبار الضباط الموالين للحزب(!) من معسكرات قطنا ، ( فلان الفلاني ) وطلب منه أن يقوم ( الرفاق !) بانقلاب عسكري ضد حافظ الأسد ، بسبب عدم التزامه بمقررات قيادة 23 شباط ، فطلب منه هذا ( الرفيق !) ، أن يمنحه فرصة قصيرة يعود خلالها إلى قطنا لبحث هذا الموضوع مع ( الرفاق الآخرين !) ، ثم يعود إليه بالجواب . عاد الرفيق (فلان الفلاني) إلى صلاح جديد بالجواب التالي ( المضمون العام وليس الحرفي ) : إن الرفاق ليسوا مستعدين لأن يتحركوا ضد رفاقهم !! .
إن عبارة " بدون تعليق " هي العبارة المناسبة في هذا المقام ، على مانعتقد ، وهي تشير بوضوح ، إلى أن ( ولاء الرفاق !!) قد انتقل عملياً من صلاح جديد إلى حافظ الأسد ، وأن هؤلاء الرفاق من ذوي الياقات الكاكي ، والنجوم الكثيرة باتوا هم من يحدد من يجلس على كرسي الرئاسة ومن يقبع حتى الموت في سجن المزة العسكري . ولذلك كان من الطبيعي ألاّ يجيب أحمد حسن البكر على رسالة زعين ـ جديد .
5.
لاأجدني بحاجة هنا إلى أن أذكر ، أنني لاأدافع فيما أكتب في هذه الخواطر ، لاعن حزب البعث ، ولا عن زيد أو عمرو من أعضاء هذا الحزب ، أحيّاً كان أو ميتاً ، وإنما عن الحقيقة المجردة ، كما رأيتها بعينيي بالأمس ، وكما أراها بعقلي وقلبي اليوم . فأنا قد غادرت سفينة الحزب التنظيمية منذ أواخر شهر
آذار 1967 ، ( أنظرحول هذه النقطة ، مقالتنا " توضيح من محمد الزعبي حول علاقته بالمجلس الوطني السوري " والمنشورة في الحوار المتمدن بتاريخ 10.12.2011 ) ، وغادرت بلدي هربا من السجن والتصفية الجسدية بتاريخ 29.10.1974 ، وأصبحت كل علاقاتي السياسية والحزبية الشكلية اللاحقة ، تدور في إطارعملية شد الحبل بين موقفي الوطني الديموقراطي ، وموقف نظام عائلة الأسد الدكتاتوري الطائفي ، لاأكثر ولا أقل .
إنني بعد كل مارأيت وما عايشت وما سمعت ، منذ 1963 ،وحتى اليوم ، ولاسيما قصة البلاغ العسكري رقم 66 المتعلق بسقوط القنيطرة ، قبل أن تسقط فعليّاً ، ( أنظر: خواطر شاهد عيان ، الخاطرة الثالثة ، الرأي ، 23.08.2011 ) ، أكاد أجزم أن عدداً من الدول الأجنبية والعربية الموالية والحامية لإسرائيل ، والحريصة على أمنها وسلا متها ، هم من دفعوا حافظ الأسد وشلّته ، ولاحقاً بشار الأسد وشلّته إلى واجهة الجيش والحزب والحكم في سورية ، وأن تاريخ هذه العملية المدروسة والممنهجة ، إنما يعود إلى عام 1958 ، عام الوحدة مع مصر ( ج ع م ) ، وأن كلاًّ من مؤامرة الإنفصال عام 1961 ، وأحداث 18 تموز عام 1963 ، والحركة التصحيحية عام 1970 ، وما يقوم به بشارالأسد وحماة دياره وشبيحته لقمع ثورة 18.03.2011 ثورة الحرية والكرامة في سورية ،أما م سمع العالم وبصره ،إن لم أقل ومباركته ، ليست سوى المحطات الرئيسية على طريق هذه المؤامرة الكبرى التي تأتي حماية الكيان الصهيوني من الديموقراطية السورية في صلبها ، والتي سوف تستمر( المؤامرة ) إلى أن تجد الدول الكبرى بشقيها ، الشرقي والغربي ، بين أطراف المعارضة السورية من يحقق لها هذا الغرض الاستراتيجي ، والله أعلم .
ـــــــــــ انتهــى ـــــــــــ



#محمد_احمد_الزعبي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ثورة واحدة .. وسبعة آيات الله الأعظمين
- حماة الديار ..مرحبا
- تاريخنا وبقايا صور


المزيد.....




- سلمان رشدي لـCNN: المهاجم لم يقرأ -آيات شيطانية-.. وكان كافي ...
- مصر: قتل واعتداء جنسي على رضيعة سودانية -جريمة عابرة للجنسي ...
- بهذه السيارة الكهربائية تريد فولكس فاغن كسب الشباب الصيني!
- النرويج بصدد الاعتراف بدولة فلسطين
- نجمة داوود الحمراء تجدد نداءها للتبرع بالدم
- الخارجية الروسية تنفي نيتها وقف إصدار الوثائق للروس في الخار ...
- ماكرون: قواعد اللعبة تغيرت وأوروبا قد تموت
- بالفيديو.. غارة إسرائيلية تستهدف منزلا في بلدة عيتا الشعب جن ...
- روسيا تختبر غواصة صاروخية جديدة
- أطعمة تضر المفاصل


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد احمد الزعبي - خواطر شاهد عيان الخاطرة الثامنة