أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إبراهيم اليوسف - صناعة الخوف














المزيد.....

صناعة الخوف


إبراهيم اليوسف

الحوار المتمدن-العدد: 3670 - 2012 / 3 / 17 - 02:47
المحور: الادب والفن
    


صناعة الخوف

إبراهيم اليوسف

إذاكان مثل هذا العنوان، يصلح في حقيقته لأن يطلق على أي إبداع قصصي، أو روائي، من قبل أي مبدع أصيل، وهو يتناول ما يجري من حولنا، من محاولات حثيثة، منظمة لإعادة سبعة مليارات أناسي الكوكب الأرضي، ليعيشوا تحت وطأة الخوف، فإنه يمكن التوقف عند أشخاص، وأمكنة، قد يعدون في ميزان الخيروالشرأكثرمن يعنون بتوسيع دائرة الخوف، ليعيش مع الكائن الحي، منذ أن يفتح عينيه صباحاً، وحتى لحظة إغفاءته التي تأتي بعد أن يهده النوم، مادام مستوفزاً، كليم الروح، في ذروة الخط البياني للتوتر، وهذا ما يدفع به إلى أن يعيش مع كائن الخوف، أم كابوسه، كي يجلس قبالته على الكرسي، على مائدة طعامه، أو في سريره ،أو مكان عمله، بل يرافقه أنى سار،ليغدو ظلاً، وتوأماً، ولعنةً.

ولعلَّ المبدع سيكتشف ماهية الخوف، وكأنه مقدمة إلى الموت، أو اللحظة الفاصلة بين النهاية والبداية، أو الأفول والولادة، والعدم والوجود، مادامت طقوس الخوف من شأنها أن تجهزعلى الطمأنينة والحلم والأمل، وقد تقود المسكون بها، فرداً، أوجماعة، إلى مداراته للاستسلام أمام خوف آخر، منظَّم، من شأنه توفيرالأمان وبعض فتات الرغيف، ضمن شروط مهادنته، وهذا-أولاً وأخيراً-على حساب شرط الحرية والإبداع، إذ يتحول الموقع على صك المهادنة مع آلة الخوف إلى كائن مستلب الإرادة، روبوتي، يردد مايملى عليه،حيناً، أويسمع ويرى ولايتكلم، حيناً آخر، وهو أنموذج شخصية يمكن إدخالها في مختبرالحكي، بيد أن آليتها تجعلنا نحس أننا أمام شخصية ذات بعد أحادي، ضمن شروط المكان المعيش، وهذا ما يفوت على النص الإبداعي متعة الغنى والثراء، لتجمع هذه الشخصية بين ملامح غريغوري سامسا" في رواية المسخ لجون شتاينبك، والنمورفي يومها السابع لزكرياتامر، وهذا مايتم-في الأصل-عبر أداتي الخوف والتجويع، مجتمعتين.

وعند أي تشريح لآلة القهر، الأخطبوطية، وقراءة أدواتها، في المختبرالروائي والقصصي، أو الحياتي، فإننا نجد أن هذه الآلة تمارس صناعة الخوف، لإنتاج الأمان، وهوأمان يتحقق عبراللاأمان،بل إن هذه الآلة الرهيبة بدأت مع الإنسان الأول الذي تعرف على ضروب من وحوش الغابة، من ذئاب، وأسود، وضباع، ودببة، ونمور، وأفاع، فبات يجري مصالحته الناقصة معها، ذلك لأن شرط استمرارهذه الكائنات، لا يتأتى إلا من خلال ممارسة دورها الفطري على دماء الكائن الحي.

وإذا كانت الحرية، شرطاً للإبداع، فإن الخوف يتنافى مع الحرية، ولايمكن الحديث عن أية حرية، مادم أن شبح الخوف قائماً، بل إن الآية لتنقلب رأساً على عقب، عندماتقدم آلة الخوف على ترجمة نفسها، على حساب حياة الكائن البشري، من دون أية مبالاة بمدى عظمة الإنسان، الذي تعد حياته، وهي الترجمة الحرفية لدمه، وروحه، وحلمه، وحقه الشرعي في استمرارالعيش على وجه البسيطة، حراً، كريماً، أبياً، متمتعاً بالإرادة، مخيراً لامسيراً بلغة المصطلح الفلسفي.

وإذا كان تطور الخوف، على مسرح الحياة، عبرصناعته، يتطورفي منحيين، يتجليان في حربيه الباردة أو الحقيقية، فإن الخط الفاصل بين هاتين الحربين ليس إلا مجرد وهم، حيث سرعان ما يتنقل صانع الخوف من مرحلة إلا أخرى، وإن كان لافرق أصلاً بين حصيديهما، إذ أن خراب النفس البشرية في الحرب الأولى، ليس بأفضل حال من الموات الحقيقي الذي تتركه وراءها المرحلة الأخرى، وإن كان الدم مجازياً هناك، وفعلياً هناك، وهوما يمكن أن يتلمسه القاص، أو الروائي، الحقيقيان بحذق ومهارة، في هجائيهما لكلتا الحربين، وصناعة الخوف، وصانعها، إذ لاحياة متوازنة أو فعلية في حضرة كل هذه الأدوات الرهيبة التي لا مستقبل لها.



#إبراهيم_اليوسف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مؤتمرات للبيع...!
- مفهوم الطليعة: إعادة نظرفي ظل الثورة السورية
- عام على الثورة السورية بعيون كوردية .. أجوبة إبراهيم اليوسف
- لابد من ارتقاء النقد إلى مستوى أسئلة حداثة اللحظة
- بيان رابطة الكتاب والصحفيين الكرد بمناسبة الذكرى الثامنة لان ...
- فزَّاعة النقد
- بعدعام على الثورة السورية: آذار صانعاً للحرية
- حوارمع الشاعر والكاتب الكوردي إبراهيم اليوسف
- سوريا تحترق...!
- مقاربة لفك لغز الموت
- رجل الرئة اليتيمة
- بيان للانسحاب من اتحاد الصحفين السوريين ووسائل الإعلام الرسم ...
- أخطاء الكبار .. -كبار الأخطاء-
- على عتبة عامها الثاني:ثورة المعجزات السورية تصنع التاريخ*
- النقد الصحفي
- امتحان الثورة ومحنة الأصدقاء
- دوَّامة الأسئلة الكبرى
- روسيا- تحت الصفر-
- بيان من رابطة الكتاب والصحفيين الكرد في سوريا + طلب انتساب + ...
- دمٌ حمصيٌّ للبيع.....!


المزيد.....




- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إبراهيم اليوسف - صناعة الخوف