خليل كلفت
الحوار المتمدن-العدد: 3669 - 2012 / 3 / 16 - 22:18
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
ثورة 25 يناير: سؤال السبب
(ملخص حديث سوف يُلقَى فى مؤتمر بوزارة الثقافة عن الثورة)
بقلم: خليل كلفت
لا يوجد فى تفسير أسباب الثورات الشعبية شيء من قبيل: واحد + واحد = اثنين!
وإذا قلنا إن السبب ماثل فى صميم الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية المتردية، أوضاع المستويات البالغة التفاقم من الاستغلال والفساد والاستبداد نتيجة للرأسمالية التى تقودها شراهتها بالضرورة إلى تجريف كل أساس اقتصادى لحياة وحتى بقاء الشعوب، فإننا نقدم بذلك وصفا عاما لأوضاع يمكن أن تستمر معها استكانة شعبٍ أعواما وحتى عقودا دون أن تصل مقاوماته واحتجاجاته إلى مستوى الثورة مع أن مثل هذه الأوضاع هى الخلفية الاجتماعية السياسية التى لا يمكن بدونها أن تتفجر ثورة شعبية تستحق هذا الاسم.
ولا مناص بالتالى من الانتقال من هذه الخلفية الإستراتيچية العامة إلى الأسباب والعوامل الظرفية التى تشعل النار فى وقود جاهز للاشتعال. وفى حالتنا الخاصة كان هناك بالتأكيد تأثير الدومينو القادم من الثورة التونسية التى فجرها بدورها عامل ظرفى يتمثل فى انتحار مواطن تونسى فقير بإحراق نفسه ولم تتحرك مصر إلا بعد أن حققت الثورة التونسية بالفعل المعجزة المذهلة المتمثلة فى إجبار الديكتاتور على الرحيل.
على أن الثورات لا تنفجر عند توفُّر كل عامل ظرفى أو تأثير دومينو رغم تردى الأوضاع. وقد شهدنا فى المنطقة العربية رغم التناظر العام من حيث تردى الأوضاع الاجتماعية السياسية مستويات متفاوتة من ردود الفعل من جانب الشعوب. وهناك بالطبع جزء لا يتجزأ من هذه الأوضاع يتمثل فى تطور الاحتجاجات والتطورات فى بلد دون آخر فى الأعوام السابقة للثورة. ودون أن نأخذ فى اعتبارنا هذه الخلفية الاجتماعية العامة، وتأثير الدومينو، وكذلك الاحتجاجات والتطورات فى الأعوام القليلة السابقة للثورة المصرية السياسية الشعبية الكبرى (وكذلك باقى ثورات ما يسمى بالربيع العربى) فإن سؤال السبب وراء الثورة سيغدو لغزا بالغ الإبهام. على أن حقائق ومعادلات تنطوى عليها مجموعة الأسباب البالغة التعقيد الماثلة وراء تفجر الثورة تطرح مباشرة قضية جدل السبب والنتيجة أىْ طبيعة الثورة وآفاقها بحكم إطارها التاريخى وخصائص قواها الفاعلة.
وقد عملت دوائر بعينها فى أعقاب الثورة على إغراق أىّ محاولة اجتماعية أو تاريخية لفهم هذه الثورات فى بحر من النظريات الفيزيائية التى تبرز اللايقين، وتعلن موت كل تفسير تاريخى للتاريخ، وكانت النتيجة المنطقية هى إعلان تفسير اللاتفسير فى فهم أسباب الثورة وبالتالى استحالة أىّ توقع للتطورات والآفاق والنتائج!
8 مارس 2012
#خليل_كلفت (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟