أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - احمد عسيلي - المجتمع السوري يعود الى حلبة الصراع















المزيد.....

المجتمع السوري يعود الى حلبة الصراع


احمد عسيلي

الحوار المتمدن-العدد: 3669 - 2012 / 3 / 16 - 19:52
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



من المفارقات الغريبة في تاريخ الدولة السورية ان معظم اللحظات الحاسمة في الصراع بين المجتمع و السلطة حدثت في شهر اذار .فقد شهد صراع المجتمع –سلطة اربعة( انعطافات) هامة و هي حسب التسلسل الزمني 30 اذار 1949 , 8 اذار 1963 . 12 اذار 2004. 15 اذار 2011
فمع نشوء الدولة السورية و جلاء اخر جندي فرنسي عن التراب الوطني في 17 نيسان 1946 وجد السوريون انفسهم و لأول مرة و هم يشكلون حالة مجتمع و دولة مستقلة بعد مئات من السنين أمضوها في الصراع مع العثمانيين اولا و مع الفرنسيين لاحقا .ولاشك ان هذا الوضع الجديد بكل معنى الكلمة من حيث ادارة دولة ليس لها مرجعية تاريخية بحدودها الحالية و مجتمع اصبح شديد التنوع و التعقيد بعد سلسلة من الهجرات و حركات الاستيطان لمجموعات و تركيبات اثنية و طائفية متعددة( استقرار ابناء الطائفة العلوية بجبال الساحل السوري قادمين من مناطق متعددة و خاصة حلب هربا من الاستبداد العثماني و تنافسهم على الارض مع ابناء الطائفة الاسماعيلية. توافد الارمن بأعداد كبيرة و استقراهم بالمنطقة الشمالية بعد مجزرة 1915.لجوء اعداد غفيرة من الاكراد في القامشلي و حلب و دمشق هربا من المعارك و الجور العثماني) و قد كانت هذه المجموعات و حتى التاريخ القريب محتفظة الى حد مقبول من التماسك و الترابط نتيجة وجود عدو خارجي كان يبقي الصراع الداخلي في العمق دون ان يظهر الى السطح الا بمناسبات قليلة . و مما عزز هذا التماسك عدم وجود تنظيمات ذات صبغة طائفية او اثنية في مرحلة خوض المعارك من اجل الاستقلال (فالسنة كانوا في طليعة المقاتلين ضد الامبراطورية العثمانية و التي رسمت نفسها و كأنها حامية السنة .و المسيحيين كانوا في طليعة الرافضين للوجود الفرنسي الذين احتلوا المنطقة باسم حماية المسيحيين) و لكن و بعد الاستقلال اخذت بعض هذه المشاكل ذات الطبيعة الطائفية احيانا و الاثنية احيانا اخرى و الطبقية في احيانا كثيرة بالظهور مما اضعف المجتمع السوري كثيرا و ادى الى استغلال العسكر لهذه الصراعات فدخلوا كطرف في هذه الصراعات احيانا و استغلوها احيانا اخرى من اجل التمادي في الامساك بالسلطة , هذا التمادي استفحل شيئا فشيئا ليصبح شاملا في 30 اذار 1949 حين قام حسني الزعيم بأول اقلاب على السلطة المدنية و استلامه زمام الحكم. و بدئا من هذا التاريخ دحل المجتمع السوري حلبة الصراع مع سلطة العسكر. و اعتبار من هذا التاريخ و حتى عام 1958 لم يستطع اي طرف اخضاع الطرف الاخر لسلطته. فلم تكن المؤسسة العسكرية بالقوة و القدرة اللازمة لإخضاع المجتمع و لم يكن المجتمع بالتماسك و القوة التي تؤهله لإخضاع المؤسسة العسكرية لسلطته و هكذا شهد المجتمع السوري حالات من المد و الجذر بين الديمقراطية و الدكتاتورية مسجلا الحقبة السوداء للدكتاتورية في عهد اديب الشيشكلي و العصر الذهبي للديمقراطية عقب التخلص من هذا الحكم عام 1954 و لتنتهي هذه الحقبة في عام 1958اثناء الوحدة السورية المصرية و بإرادة مشتركة عسكرية-مدنية الى حد ما نتيجة الكاريزما الشخصية لجمال عبد الناصر و مد الفكر الناصري العروبي في تلك الفترة. و تعود هذه الديمقراطية بشكل هذيل عقب الانفصال عام 1961 و تنتهي الديمقراطية بشكل نهائي في 8 اذار 1963 نتيجة تلقيها ضربة قاصمة و مميتة بانقلاب عسكري ادى الى اغلاق جميع الصحف ووسائل الاعلام و حل جميع الاحزاب و الجمعيات المدنية و اعتقال معظم الصحفيين و المفكرين . و في هذا العام كانت المؤسسة العسكرية قد اشتد عودها كثيرا و احكمت بالمجتمع تفتيتا و اضعفا مما ادى الى سهولة قمع الاحتجاجات التي اعقبت هذا الانقلاب العسكري وقيام العسكر بحملة عنيفة و دموية ضد كل اشكال المدني كان اكثرها عنفا على الاطلاق يوم 14 اذار 1963 .و بعد هذا التاريخ خرج المجتمع السوري تماما من حلبة الصراع على السلطة و اخذ دوره كمتفرج على هذا الصراع بين قوى العسكر انفسهم دون ان يستطيع الحراك او حتى التدخل و لو بشكل بسيط في هذا الصراع كما حدث في 23 شباط 1966 و 16 تشرين الثاني 1970.و منذ 14 اذار 1963 لم نعد نرى اي حراك ذو طبيعة اجتماعية في سورية باستثناءات بسيطة من مظاهرة هنا او حركة احتجاج هناك او ربما محاولة للسيطرة على السلطة من قبل بعض الايديولوجيين المتعصبين احيانا كان اكثرها عنفا و تأثيرا في الوجدان السوري هي محاولة اسقاط النظام العسكري في الثمانينيات من القرن الماضي من قبل اليمين المتطرف متمثلا بالطليعة المقاتلة للإخوان المسلمين و اليسار المتطرف متمثلا بحزب العمل الشيوعي و بشكل اقل الجزب الشيوعي السوري-المكتب السياسي. و لكن استطاع النظام العسكري آنذاك سحق هذا الحراك بقوة و زج بعشرات الالاف من كلا التنظيمين بالسجون. و اعدم الآلاف بمحاكم ميدانية اقيمت على عجل , ز عاد بعدها المجتمع السوري الى الركون و دب الفزع و الخوف بقلوب معظم السوريين حيث انهم لم يقوموا بأي حركة احتجاجية او مظاهرات ضد النظام العسكري الا بحالات استثنائية جدا جدا و لم تتعدى هذه الحركات الا عدة شوارع او احياء بأحسن الاحوال. وليأتي تاريخ 12 اذار 2004 ليسجل لحظة هامة بمحاولة بإعادة مسار الصراع مرة اخرى من خلال الانتفاضة الكردية التي انطلقت شرارتها من القامشلي و انتشرت في معظم المناطق السورية و خاصة دمشق و حلب و في المدن الجامعية في اللاذقية و حمص. اذا شكل تاريخ 12 اذار انعطاف هام في الصراع مجتمع-عسكر من اخلال اعادة مفهوم الحركات الاحتجاجية للمجتمع بعد عقود من الركود و نسيان هذا النوع من مظاهر الاحتجاج. و لكن ورغم ذلك لم تستطع الانتفاضة الكردية ان تنتشر و تتعمم الى مختلف المناطق السورية نتيجة الخوف و الرعب الذي كان ما يزال مسيطرا على قلوب السوريين آنذاك و نتيجة الخوف من ان تتحول هذه الاحتجاجات الى مطالب بإقامة دولة كردية مستقلة ,و اعتبار من عام 2004 الى عام 2011 عاد المجتمع السوري الى حالة الركود مرة اخرى . واذا استثنينا بعض الحراك النخبوي مثل وثيقة ال99 و اعلان دمشق للتغيير الديمقراطي فان الركود السياسي كان هو الحالة المسيطرة على الحراك المجتمعي السوري .هذا الركود دفع مركز دراسات مستقل و معارض للنظام و هو مركز دمشق للدراسات النظرية الى اقامة ندوة حوارية ضمت معظم المثقفين و الناشطين السوريين كالشيخ جودت سعيد و جاد الكريم الجباعي و ندى الخش لمناقشة هذه الظاهرة القاتلة داخل المجتمع السوري وقد صدرت وقائع هذه الندوة ضمن مجلته مقاربات في العدد 13 -14 بعنوان عريض هو العزوف عن السياسة ,و الملاحظ ان هذا الاصدار جاء تقريبا بشهر كانون الاول اي قبل انطلاق المظاهرات في تونس بعدة اسابيع .و قبل سقوط النظام التونسي اولا و المصري لاحقا بعدة اشهر , لتنطلق بعدها موجات احتجاج الربيع العربي في اليمن و ليبيا و تصل الى سوريا في 15 اذار 2011. فاعتبارا من هذا التاريخ سيشهد المجتمع السوري اكبر حركة احتجاج ذات طبيعة اجتماعية و مدنية عبر كل تاريخه .و قد كان هذا الحراك المدني صادما جدا لكل المراقبين و المثقفين السوريين و العرب .فقد راهن مثلا الكاتب الاردني شاكر النابلسي مثلا على عدم تخطي هذه المظاهر الدولة التونسية. و راهن الكاتب و السيناريست السوري فادي الخاشقجي مثلا على قدرة هذا الحراك الى الوصول لعدد 100 الف سوري. و لكن جاء هذا الحراك السوري بزخم خرافي و خاصة اعتصام الساعة بحمص و اعتصامات ساحة العاصي بحماة ,و لتنتشر لاحقا الى معظم المناطق السورية لاحقا و خاصة ادلب و دير الزور و اخيرا حلب ,و هنا تكمن الاهمية الاسطورية لتاريخ 15 اذار 2011 في الوجدان السوري. ففي هذا التاريخ بدء المجتمع ككل ينتفض في وجه المؤسسة العسكرية .اي ان هذا التاريخ شهد ترك المجتمع السوري لمقعده نهائيا كتفرج على الصراع غلى السلطة و بدء يطالب بحقه في الدولة المدنية و ليس على مستوى النخب فقط بل شمل كل السوريين و من مختلف الخلفيات التعليمية و الطبقية, اي ان 15 اذار 2011 اثبت فيه المجتمع السوري لنا اولا كسوريين و للعالم كله ثانيا ان المجتمع السوري لم يمت .و ان مظاهر الحراك المدني مازالت تسري داخلنا كسوريين .و بعد سنة من هذا الصراع على سلطة الدولة بين المجتمع و العسكر ورغم كل المآسي و العنف الذي قوبل به هذا الحراك المدني ,مازال المجتمع السوري متمسكا بأهدافه و متابعا لنضاله و بعناد قلما يعرف التاريخ مثله ,و لكن السؤال هنا: هل سيكون النصر الذي سيحرزه المجتمع السوري حاسما و طويل الامد على غرار نصر العسكر في 1963 ام سيكون انتصار مؤقتا على غرار انتصاره عام 1954,و الى متى سيدوم هذا العنف في الصراع بين القوى المدنية و العسكرية لحساب الدخول في صراع –لين- بين هاتين القوتين بانتظار لحظات الحسم.....ربما هذا السؤال ما ستفصح عنه التطورات في الاسابيع او الشهور........او لعلها السنوات القادمة........

انتهى



#احمد_عسيلي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- -بأول خطاب متلفز منذ 6 أسابيع-.. هذا ما قاله -أبو عبيدة- عن ...
- قرار تنظيم دخول وإقامة الأجانب في ليبيا يقلق مخالفي قوانين ا ...
- سوناك يعلن عزم بريطانيا نشر مقاتلاتها في بولندا عام 2025
- بعد حديثه عن -لقاءات بين الحين والآخر- مع الولايات المتحدة.. ...
- قمة تونس والجزائر وليبيا.. تعاون جديد يواجه الهجرة غير الشر ...
- مواجهة حزب البديل قانونيا.. مهام وصلاحيات مكتب حماية الدستور ...
- ستولتنبرغ: ليس لدى -الناتو- أي خطط لنشر أسلحة نووية إضافية ف ...
- رويترز: أمريكا تعد حزمة مساعدات عسكرية بقيمة مليار دولار لأو ...
- سوناك: لا يمكننا أن نغفل عن الوضع في أوكرانيا بسبب ما يجري ف ...
- -بلومبرغ-: الاتحاد الأوروبي يعتزم فرض عقوبات على 10 شركات تت ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - احمد عسيلي - المجتمع السوري يعود الى حلبة الصراع