أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عادل بشير الصاري - تكفيك من الشعر إشاراته وإيماءاته














المزيد.....

تكفيك من الشعر إشاراته وإيماءاته


عادل بشير الصاري

الحوار المتمدن-العدد: 3667 - 2012 / 3 / 14 - 22:09
المحور: الادب والفن
    


كل عمل شعري متميز يدل متلقيه على طرق تذوقه والتفاعل معه ، فهناك قصائد تغريك رموزها وصورها ، وهناك قصائد تشدك لغتها وإيقاعها ، وقصائد أُخَرُ تسحرك بإيحاءاتها ، ولا يغيب عن بالك أن النص الشعري الجيد يحتاج إلى قارئ واع مثقف بثقافة أدبية ولغوية وتاريخية وفنية ونقدية ، وليس إلى قارئ كلاسيكي محدود المَلّكات يهمه أن يفهم غرض القصيدة ومناسبتها والمعنى الإجمالي لكل بيت من أبياتها ، ويتسلى بالبحث عما فيها من تشبيهات واستعارات وأصباغ بديعية .
فإذا قرأتَ يوما ما قصيدة شعرية واستحسنتها وشدتك إليها ، فلا تحاول أن تترجم في ذهنك مفرداتها إلى لغة نثرية مباشرة لكي تفهمها كما تفهم أي كلام عادي ، فهذا ضرب من العبث لا مبرر له، فالنص الشعري الجيد يفقد كثيرا من جمالياته وقدرته على التأثير إذا نقل إلى لغة أخرى ، أو إلى مستوى متدنِ من نفس اللغة التي كُتب بها .
تكفيك من الشعر إشاراته وإيماءاته وتلميحاته التي يبثها إليك عبر ألفاظ وتراكيب مشحونة بتوترات وانفعالات الشاعر، ولا تكن طُلَعة لحوحا تسأل عن معنى كل كلمة وعن معنى كل تركيب وعن قصد الشاعر من هذا التصوير ومن تلك الرموز والتشبيهات ، فهذا كله لا يجدي إلا مع نص قانوني أو تاريخي أو علمي .
ليست مهمة الشاعر الحقيقي أن يعرض حقائق ويشرح قضايا سياسية أو اجتماعية أو فلسفية أو فكرية أو دينية ، فهذه مهمة الفلاسفة والمفكرين ورجال الإعلام والدين ، ولا تنسَ أن الشعر فن ، وليس للفن سوى وظيفة واحدة هي الإمتاع الفني ، فأنت حين تقرأ مثلا أبيات الصمة بن عبد الله القشيري التي يقول فيها :
قِفا ودِّعا نجداً ومَنْ حَـلَّ بالـحِمَى .... وقَـلَّ لنـجـدٍ عنـدنا أنْ يُـودَّعَـا
بنفسيَ تلك الأرضَ ما أطيـبَ الرُّبا.... وما أجمـلَ المصطافَ والمُتـربَّعـا
وليسـتْ عشياتُ الحِمَـى برواجـعٍ ....إليـكَ ولكـنْ خَـلِّ عَينيـْكَ تدمَـعا
لا بد أن تمتعك هذه الأبيات بأناقتها اللفظية وبإيقاعها الانسيابي الذي يشفُّ عن وجع الشاعر وحزنه على فراق أرض نجد ومصطافها ومتربعها وعشيات الحمى فيها ، وإزاء هذا ستجد نفسك تتماهى مع الشاعر في وجعه وأحزانه ، وستكتشف بعدئذ أن أبياته الأنيقة لم تشدك إليها إلا بما باحت به إليك من مشاعر نبيلة .
وكذلك ستستمتع بالروحانية التي تشع من هذين البيتين :
حسْبُ نفسي عزا بأنيَ عبدُ .... يحتفي بي بلا مواعيدَ ربُّ
هو في قدسهِ الأعزُّ ولكـن .... أنا ألقى متى وأيـن أحبُّ
لا بد أن يأسرك هذا المؤمن الذي يفتخر بعبوديته لربه ، فهو لا يحس بذل العبودية ، لأنه يستطيع أن يلاقي ربه في أي وقت ومكان يريد ، ويستطيع أن يقول له ما يريد ، بعكس لو كان عبدا لسيد من الناس ، فإنه سيلقى منه عنتاً لكي يقابله ، فالسيد هو من يحدد زمان ومكان اللقاء ، ويحدد له موضوع اللقاء ونهايته ، وهكذا تجد نفسك وأنت تقرأ البيتين في مناخ روحاني ممتع ، ينقلك إلى عالم الصوفيين والربانيين .



#عادل_بشير_الصاري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من هو معمر القذافي ؟
- عقيدة بني معروف الوجه والقفا
- الشعر .. انتهاك للعرف اللغوي السائد
- صفات الإنسان في القرآن الكريم
- الكفر الذي يُثابُ عليه
- أنماط التعبير الأدبي
- خطر تضخم الهاجس الديني
- مفهوم الأدب وغايته
- الأمة التي تكره نفسها
- خطر الإدمان على تعاطي المخدِّرات الأدبية والفنية
- اللغة العربية كما تُدرَّس في الجامعات الليبية
- اللغة العربية كما درسْتُها في الجامعة
- عيدٌ .. ولكنْ لا أقولُ سعيدُ
- أما آن لهؤلاء الأيتام أن يعتذروا ؟
- أمنيات عربي أهبل
- لبنان .. دولة أم منتجع سياحي ؟
- أدونيس .. الشاعر الجائع
- نساء الصعيد وهوانم Garden city
- لو كان الإسلام رجلا لقتلته
- وصية ابن الراوندي


المزيد.....




- موعد امتحانات البكالوريا 2024 الجزائر القسمين العلمي والأدبي ...
- التمثيل الضوئي للنبات يلهم باحثين لتصنيع بطارية ورقية
- 1.8 مليار دولار، قيمة صادرات الخدمات الفنية والهندسية الايرا ...
- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عادل بشير الصاري - تكفيك من الشعر إشاراته وإيماءاته