أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - معمر خولي - في ذكرى إلغاء الخلافة الاسلامية.... العلمانية والعلماني لدى كمال أتاتورك













المزيد.....

في ذكرى إلغاء الخلافة الاسلامية.... العلمانية والعلماني لدى كمال أتاتورك


معمر خولي

الحوار المتمدن-العدد: 3667 - 2012 / 3 / 14 - 19:18
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


ذكرى إلغاء الخلافة الإسلامية.... العلمانية والعلماني لدى كمال أتاتورك
في الثالث من آذار عام 1924 أصدر المجلس الوطني التركي" البرلمان" بتوجيهات من مصطفى كمال رئيس جمهورية تركيا الأسبق قانوناً رقم 431، يقضي فيه إلغاء الخلافة الإسلامية، تمهيداً لتطبيق منظومته الفكرية والتي كانت العلمانية إحداها، ولكي يرسي دعائمها في المجتمع التركي فرض على المواطن التركي شرطين أساسيين لابد من توافرهما فيه، حتى يصبح تركياً بالمفهوم الكمالي.
وفي ذكرى إلغاء الخلافة، نتساءل هنا عن مفهوم العلمانية التي حاول مصطفى كمال ترسيخها في دولته، ومن هو العلماني التركي من منظوره؟
العلمانية في أبرز معانيها هي فصل الدين عن الدولة، وحتى لا نقع في الخطأ الذي وقع فيه معظم المثقفين من إسلاميين وعلمانيين، أود أن أشير إلى أن موضوع الصراع على الهوية في تركيا ليس بين الإسلام والعلمانية بالمفهوم الغربي، بل هو بين الإسلام والتغريبية القسرية أو( العداء للإسلام)، وهذا ما عبر عنه رئيس جمهورية تركيا الحالي عبد الله غول، حينما كان نائباً لرئيس حزب التنمية والعدالة، في مقالة له في صحيفة (ميليت) التركية نشرت في9 شباط 2000، اعتبر "الشعب التركي المسلم يريد حرية ممارسة الشعائر والعبادات ولا يريد تسييس الدين، وهو يعتبر أن النظام الأفضل في العالم هو الديمقراطية الغربية تحديداً، وليس في نظم استبدادية حتى لو رفعت شعار الإسلام"
بهذا المفهوم يمكن البدء بشرح مفهوم مصطفى كمال للعلمانية، والذي من خلال تطبيقاته العملية يمكن وصفها لاحقاً.
مما لا شك فيه أن مصطفى كمال حاول إبان مرحلة حرب التحرير وحتى بدايات قيام الجمهورية في 29 تشرين الأول 1923، استغلال العاطفة الدينية عبر إظهار نفسه مؤمناً شديد الإيمان بالإسلام؛ فقد وزعت في أرجاء تركيا صور تبين مصطفى كمال برفقة عدد من علماء الدين وهو يتضرع بحماس مؤدياً شعائر الإسلام، وفي خطاب له في مسجد مدينة باليكسر في 7 شباط عام 1923 قائلاً :" إن المساجد ليست لكي ينظر بعضنا إلى بعض ركوعاً وسجوداً بل هي للطاعة والعبادة، ولكي نتداول معاً في أمور الدين والدنيا، ونتشاور بيننا فيما نحتاج إليه). وفي مناسبة أخرى قال:( إن الخطبة التي تلقى من منابر الجوامع يجب أن تخاطب الروح والعقل، وبذلك تحرك المسلمين وتشغل عقولهم وتنعشهم وتشجعهم، ولا بد أن يكون الخطيب متمكناً من علوم الدين، ومثقفاً أيضا بعلوم العصر).
أما رأيه بالعلمانية فيتلخص بالآتي: " العلمانية لا تعني عزل موضوعات الحياة عن موضوعات الدين، بل تعني إكمال حرية الضمير لمواطنينا ليس لدينا رهبنة، لأن هناك مساواة بين الجميع كل فرد في حاجة ليتعلم دينه".
لم يكتف بهذا بل قدم في مناسبة أخرى مفهوماً رائعاً للعلمانية كان أول من تخطاه عندما قال:" العلمانية لا تعني اللاديني، بل على العكس من ذلك، إنها منحت المجال الواسع للمؤمنين بدينهم للعبادة الصحيحة وغلق المجال أمام المحتالين على الدين والسحرة، والذين ربطوا مفهوم العلمانية باللادين هم الذين يتفقون مع الأعداء بقلوبهم وضمائرهم".
والسؤال الذي يطرح هنا، هل كان مصطفى كمال صادقاً في دعواه الإسلامية؟
وقبل أن نقدم الأدلة التي تبين زيف دعواهُ، من خلال القرارات والقوانين التي اتخذت خلال مدة حكمه(1923-1938)، ندع باحثاً غربياً غير مسلم يقول رأيه حول هذا الموضوع بوضوح لا لبس فيه وهو الباحث فيليب روبنس إذ يقول :" لم تكن مهمة أتاتورك أن يغرس الزهو بالهوية التركية فحسب؛ بل أن ينسف الإسلام كقوة في إطار السياسة والمجتمع في الجمهورية التركية الجديدة، وقد عمل على تحقيق هذه المهمة بعزم ونشاط، وهاجم الروح الإسلامية من ثلاثة جوانب:أولاً: أسكت المؤسسات والمنظمات التي قامت لتعزيز سيطرة الإسلام على مختلف نواحي الحياة. ولهذه الغاية أغلقت المدارس الإسلامية وألغيت الجمعيات الدينية، ثانيا: استبدل بالإشارات والرموز الشكلية للإسلام أو للطبيعة الشرقية إشارات ورموزاً ذات طبيعة مسيحية وأوروبية، فنقل عطلة نهاية الأسبوع من يوم الجمعة المقدس عند المسلمين إلى يوم الأحد المسيحي، وقضى بإحلال التقويم الغريغوري محل التقويم القمري الإسلامي، ثالثا: غير النظام القانوني التركي الإسلامي إلى النظام المدني السويسري ".
أما فيما يتعلق بالقوانين والقرارات العلمانية المتعلقة بالدين الإسلامي، يمكن القول أن مصطفى كمال اتبع أسلوباً تدريجياً في تطبيقها، وهي على النحو الآتي: ألغى الخلافة، ووزارة الشريعة والأوقاف وألغى المدارس الدينية، وحل المحاكم الإسلامية، وطرد جميع أعضاء الأسرة العثمانية من الدولة إلى الخارج بعد إزاحة السلطان عبد المجيد آخر سلطان عثماني، ثم حل منصب( شيخ الإسلام) وجميع الأجهزة المرتبطة به سواء أكانت شرعية أم قضائية وحلت المدارس الدينية، وألحقت المدارس كافة بوزارة مدنية، كما ربطت المؤسسة الوقفية بكل ملحقاتها وأبنيتها وأموالها غير منقولة إلى دائرة ترتبط مباشرة برئيس الحكومة، كما أن جميع المحاكم الدينية أغلقت وتوقف العمل بالفضاء الديني. وتبنى التعليم العلماني عام 1924، وحظر الطربوش والحجاب وأي لباس ديني، وفرض القبعة واللباس الأوروبي، وأغلق التكايا والزوايا والطرق الدينية التي كان لها دور كبير في حرب التحرير الوطنية، ومنع إنشاء الجمعيات الدينية، ووصف منشئيها والمشتركين بها بالخيانة العظمى عام 1925، ومع بداية عام 1926، بدأت تركيا العمل بالتقويم الميلادي، المستخدم في الغرب وألغى رسمياً العمل بالتقويم الهجري الإسلامي، وتبنى القانون المدني السويسري الذي راح يعلن المساواة بين الجنسين( المساواة في الميراث، الزواج المدني، حرية اختيار الدين، وإلغاء تعدد الزوجات) وألغى مواد الدستور المتعلقة بالدين الإسلامي عام 1928، وألغى استخدام الحروف والأرقام العربية وقرر عوضاً عنها استخدام الحروف اللاتينية وأرقامها عام 1928، ومنذ بداية عام 1932 بدأ القرآن الكريم يقرأ بشكل عام بالترجمة التركية وخصوصاً في استانبول، وأصبح الأذان للصلاة باللغة التركية عام 1933، ومنع الحج إلى مكة المكرمة لغاية عام 1947، وطبق القانون الجنائي الإيطالي والقانون التجاري الألماني محل القوانين الإسلامية عام1933، وفي الذكرى العاشرة لتأسيس الجمهورية التركية اتضح مدى التزامه الديني! حيث جُمعت المصاحف والكتب الدينية ووضعت على ظهور الإبل ليقودها رجل يرتدي الزى العربي متجها بها نحو الجزيرة العربية وعُلقت على رقابها لافتة تقول :" جاءت من الصحراء ولتعد إلى الصحراء وجاءت من العرب فلتذهب إلى العرب" وكأن الإسلام من اختصاص الأمة العربية ومنسجماً مع مشاعرها القومية وليس مع مشاعر الأتراك القومية.
وفي عام 1934 أغلق جامع أيا صوفيا التاريخي في وجه المصلين، ليصبح مجرد متحفاً، وفي عام 1934 تم سن قانون الألقاب، وأصبح مصطفى كمال يلقب نفسه" أتاتورك: أبو الأتراك" وفي عام 1935، جرى تبديل يوم العطلة الأسبوعية من يوم الجمعة الذي له قدسية في الدين الإسلامي، إلى العمل بأسبوع عطلة نهاية الأسبوع الأوروبية، أي اعتباراً من ظهر يوم السبت إلى صباح يوم الاثنين، وبينما كانت المادة الثانية من دستور عام 1924 تؤكد أن الإسلام هو دين الدولة الرسمي، أصبح بموجب التعديل الثالث لعام 1937 المادة الثانية كالآتي: إن تركيا هي جمهورية ملية شعبية دولتيه علمانية ثورية، لغتها الرسمية التركية ومقرها أنقرة.
وبذلك فإن مصطلح العلمانية دخل الدستور التركي لأول مرة عام 1937، وقراراتها وقوانينها استهدفت معالم" الهوية الإسلامية" للدولة التركية، وتغريبها، بمعنى تقليد المظاهر الغربية دون تطبيق ديمقراطية الغرب؛ إذ بينما فهمت "العلمانية" في الغرب بمعاني فصل الدين عن الدولة، وضمان الأخيرة الحرية الدينية للأفراد، وعدم تدخلها في شؤون العبادة، وتوفيرها المساواة لكل المواطنين أمام القانون، وعدم إرغام الناس على السير في نهج تراه الدولة هو الأفضل، فإن" العلمانية الكمالية" فهمت، بالإضافة إلى فصل الدين عن الدولة، بمعان معادية للدين، وشل دور علماء الدين في المجتمع، وقمعهم ومحاولة إزالة الموروث الديني الثقافي الحضاري للدولة، وإجبار الناس على السير في نهج علماني مضاد للدين رأت الدولة أنه أفضل. في حين امتزجت : العلمانية الغربية" بالأفكار الديمقراطية التي تحترم مشاعر الإنسان وآراءه، وتسمح بإيجاد أحزاب وديمقراطية مسيحية، فإن" العلمانية الكمالية" طبقت عن طريق استخدام القوة، وديكتاتورية الحزب الواحد. فالفرق واضح بينهما، فالعلمانية الغربية علمانية محايدة في حين علمانية كمال أتاتورك علمانية متطرفة معادية للدين.
لقد أخطأ مصطفى كمال أتاتورك حين اعتبر الإسلام عقبة في طريق التقدم والنهوض ناسيا أن الدين فطرة ومشاعر حقيقة من حقائق الحياة وهو( مركب الحضارة) الذي يمزج( الإنسان والتراب والوقت) كما يقول مالك بن نبي، أو كما قال برتراند رسل( الدين كلمة لها تاريخ طويل، وحقيقة الناس هي العقل والدين والغريزة).
أما من هو العلماني التركي من منظور كمال أتاتورك، فإن رؤيته بهذا الصدد تُختصر إجمالاً، في جملة واحد له حيث قال :" بما أننا جميعاً، والحمد لله، أتراك، وبالتالي جميعنا مسلمون، سيمكننا وعلينا أن نكون جميعاً علمانيين". إذن الشرط الأول في العلماني أن يكون تركياً، أما الثاني أن يكون مسلماً، وبهذا الفهم، فأن مسيحيو تركيا كالأرمن ويونانيون وسريان وجيورجيون والغجر، ويهود الدونمة ويهود تركيا ليسوا علمانيين وبالتالي ليس مواطنين لأنهم ليسوا مسلمين. وهذا ما يتناقض مع مبدأ القومية، وهو المبدأ الثاني في منظومته الفكرية، التي( القومية) ترى أن الشعب التركي يشكل أمة واحدة قائمة بذاتها وذات قومية متميزة، كذلك تعني أن المواطنة التركية هي لكل مواطن تركي يعيش على الأرض التركية دون الاعتماد على الدين والعنصر. فهو هنا يقدم معنى متناقض لعلمانيته التي كانت من أكثر التجارب تطرفاً.



#معمر_خولي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295


المزيد.....




- وفاة قيادي بارز في الحركة الإسلامية بالمغرب.. من هو؟!
- لمتابعة أغاني البيبي لطفلك..استقبل حالاً تردد قناة طيور الجن ...
- قادة الجيش الايراني يجددن العهد والبيعة لمبادىء مفجر الثورة ...
- ” نزليهم كلهم وارتاحي من زن العيال” تردد قنوات الأطفال قناة ...
- الشرطة الأسترالية تعتبر هجوم الكنيسة -عملا إرهابيا-  
- إيهود باراك: وزراء يدفعون نتنياهو لتصعيد الصراع بغية تعجيل ظ ...
- الشرطة الأسترالية: هجوم الكنيسة في سيدني إرهابي
- مصر.. عالم أزهري يعلق على حديث أمين الفتوى عن -وزن الروح-
- شاهد: هكذا بدت كاتدرائية نوتردام في باريس بعد خمس سنوات على ...
- موندويس: الجالية اليهودية الليبرالية بأميركا بدأت في التشقق ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - معمر خولي - في ذكرى إلغاء الخلافة الاسلامية.... العلمانية والعلماني لدى كمال أتاتورك