أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - حسن الجنابي - ملاحظات حول العمل الحزبي المعارض















المزيد.....

ملاحظات حول العمل الحزبي المعارض


حسن الجنابي

الحوار المتمدن-العدد: 248 - 2002 / 9 / 16 - 03:20
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


المعارضة في أي بلد هي الوجه الآخر للسلطة. أي أنهما معا يمثلان ارادة المجتمع وقواه الحية. وبما أنهما يتنافسان ويتصارعان على استلام الحكم، فهما يجسدان ارادة التغيير ونزوع المجتمع نحو التقدم والازدهار. لكن مسؤولية السلطة ازاء التقدم الاقتصادي والاجتماعي ورفاهية البلد أكبر من مسؤولية المعارضة بحكم امساكها بمركز القرار وآليته. في حين تتجسد المسؤولية الوطنية للمعارضة بضمان عدم تجاوز السلطة لصلاحياتها الدستورية، بل وعدم نسيان وعودها الانتخابية كذلك اضافة الى ضمان استمرار مبدأ المشاركة الفعالة في الجدل الوطني حول اتجاهات وبرامج السلطة وتأثيرها على المصالح العليا للمجتمع والدولة. فالمعارضة، على هذا الاساس، هي عين المواطن على الاداء الحكومي، وهي وسيلة المجتمع الفعالة لتنفيس الاحتقان الاجتماعي والسياسي، بما يضمن حل تناقضات التنمية لصالح المجتمع. هذا في ظل الانظمة الديمقراطية بالطبع.

أما في ظل السلطة الغاشمة والديكتاتورية فتصاب حركة المجتمع بالشلل، وتتشوه تركيبته، وتختل توازناته، وتتعرقل عوامل ديناميته وانسجامه، وتتعرض وحدته الى الخطر، فيفرز بدوره قوى ومجاميع وافرادا تفتقد للانسجام، باعتبار الانسجام وليد التطور الطبيعي والهادىء وليس المنعطفات القاسية تحت سياط القمع السياسي والفكري، لتشكل مايمكن تسميته بالمعارضة، وهي الطيف الواسع لجمهرة الرافضين لإجراءات السلطة والمتضررين منها وبالتالي الراغبين بتغييرها.

بكلام آخر فإن المعارضة المجزأة والمشوهة التنظيم والاداء، هي نتاج ممارسات السلطة الغاشمة وسوء ادارتها لشؤون المجتمع. وبالتالي فالسلطة الشامتة بعجز المعارضة لاتدين بالأخير الا نفسها، لأنها تعطل ارادة مواطنيها، وتستهين بحكمة شعبها وذكاءه الجمعي. فالمعارضة، وبحكم موقعها ووظيفتها، أقرب الى نبض الشارع وأكثر احساسا بحاجات المجتمع، في حين تبتعد السلطة، ببيروقراطيتها المترهلة ووسائلها القمعية وغرورها البغيض، عن واقع البلد لتعيش اوهام الخلود والزهو وكأن التاريخ لا يصغي الا لإرادة الدكتاتور وزبانيته من الجهلة والاوباش.

لكن هناك وجها آخر للفرضية أعلاه أيضا. فالسلطة وإن تحملت القسط الاكبر في عرقلة العمل المعارض، الا ان المعارضة تبقى مسؤولة عن تطوير آليات واستنباط وسائل عملها بما يضمن استمراره ومرونته لتقليل التأثير السلطوي.

ومن المعروف ايضا أن شدة القمع والارهاب المستمر، وغلق نوافذ الحرية وقنوات التعبير والتنظيم، يجعل العمل المعارض عرضة لإختراقات سلطوية فاجعة. فبدلا من التحصن ازاء قمع السلطة، تستعير المعارضة ذات النهج السلطوي في التعامل بين فصائلها. وتضج ساحة المعارضة في احيان كثيرة بممارسات وخطب لاتختلف من حيث الجوهر مع ما تشيعه الة القمع والدعاية السلطوية. وتستشري النزعات الفردية والحزبية الضيقة، فيضاق ذرعا بالرأي المغاير، ويصار الى محاربته بشتى السبل. وتتعزز نزعة العشيرة لدى الحزبيين، وكأنهم يحاكون على حسن المجيد، حيث صرح، في ضوء تزايد الاغتيالات ضد مسؤولي حزب السلطة ولجوءها (أي السلطة) الى إحياء "قوانين" العشائر بتحميل العشيرة مسؤولية نشاط افرادها، قائلا: أن البعثيين ينتمون الى عشيرة البعث.

إن القمع الشديد والارهاب المستشري وانتهاك الحرمات الشخصية لفترة طويلة من الزمن، كما هو الحال في العراق، يفضي الى ضمور الشخصية الحقيقية للمواطن المجبولة على الانفتاح والصدق والشعور بالمواطنة، لتصبح مشوهة، متحايلة، مضطرة لإعلان ولائها بمناسبة وبدونها، فتنعدم الحركة الفاعلة للمواطن لتصبح ردود افعال تحركها غريزة البقاء. وينتشر القلق والخوف والشك فتمسي العودة للغرائز السفلى الخلاص الوحيد للمواطن المحاصر والمقموع، فيصبح انتماؤه القبلي والطائفي والعراقي بدائلا للانتماءات الممنوعة بقرارات الاعدام. ولايشذ الانتماء الحزبي عن ذلك، وان كان ارقى قليلا، لكنه يصبح الانتماء المقدس الوحيد، فيعاب على من يغير قناعاته السياسية والفكرية حتى لو تحطمت قلاع الدنيا كلها. بل يتمسك البعض بحزبيته بقوة تدعو للعجب حتى لو تأكد ان الحزب أمسى كائنا غير قابل للحياة. فيصبح الانتماء الحزبي حاجزا متوهما امام التعاطي الايجابي مع متغيرات الحياة. وتتحول وظيفة الانتماء الحزبي من خلق فضاء من التفاعل بين ذوي التفكير المتقارب، الى تأسيس حيز مغلق بجدران باسقة من الممنوعات.

في مثل تلك الاحوال تتراجع الهموم الوطنية في اولويات الحزب لتسبقها المصالح الحزبية. ويستهان بعمل الاخرين ودورهم، خاصة من المستقلين عن الاطر الحزبية، وهم الغالبية الساحقة من المعارضين. فتنقطع قنوات الحوار، وترتفع لغة التباهي والافراط بالسرية، حتى في المنظمات الحزبية الناشطة خارج سيطرة السلطة، وتتصاعد موجة التخوين والاتهامات.

أرجو أن لايفهم مما سبق الحط من قيمة العمل الحزبي المعارض أو التحريض ضده بقدر ماهو الحرص على ضرورته، وفعاليته، وتعزيز اسسه الانسانية، وترسيخ قواعد الديمقراطية فيه. وعلينا أن نتذكر دائما أن المعارض المتخلف والمنغلق هو سلطوي بالضرورة.

 

 

 



#حسن_الجنابي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ألحرب ضد الارهاب تتحول الى عقيدة سياسية
- المواطن ومحيطه في الدولة المستبدة
- إشكالية المناخ والبيئةوالديمقراطية السياسية


المزيد.....




- سلمان رشدي لـCNN: المهاجم لم يقرأ -آيات شيطانية-.. وكان كافي ...
- مصر: قتل واعتداء جنسي على رضيعة سودانية -جريمة عابرة للجنسي ...
- بهذه السيارة الكهربائية تريد فولكس فاغن كسب الشباب الصيني!
- النرويج بصدد الاعتراف بدولة فلسطين
- نجمة داوود الحمراء تجدد نداءها للتبرع بالدم
- الخارجية الروسية تنفي نيتها وقف إصدار الوثائق للروس في الخار ...
- ماكرون: قواعد اللعبة تغيرت وأوروبا قد تموت
- بالفيديو.. غارة إسرائيلية تستهدف منزلا في بلدة عيتا الشعب جن ...
- روسيا تختبر غواصة صاروخية جديدة
- أطعمة تضر المفاصل


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - حسن الجنابي - ملاحظات حول العمل الحزبي المعارض