أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عقيل الناصري - من تاريخية الحركات الانقلابية في العراق المعاصر(5-5)















المزيد.....


من تاريخية الحركات الانقلابية في العراق المعاصر(5-5)


عقيل الناصري

الحوار المتمدن-العدد: 3666 - 2012 / 3 / 13 - 13:13
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    



من تاريخية الحركات الانقلابية في العراق المعاصر(5-5)

تميزت الحركات الانقلابية في تلك المرحلة ( مرحلة الثلاثينيات) بسمات عديدة مستوحاة من جوهر الظاهرة ومن مناخ زمانها، أي من طبيعة الظروف الاجتصادية/السياسية المحيطة بها الموضوعية والذاتية للبلد وللمؤسسة العسكرية نفسها. من هذه السمات:
1 - كانت الانقلابات إنعكاساً مباشراً لبدء العسكرة (النسبية) للمجتمع، نتيجة سيطرة ذوي الأصول العسكرية على المفاصل الأرأسية للدولة سواءً: رئاسة الوزارة أو وزارات القوة، أو/و رئاسة مجلسي النواب والأعيان. [... فخلال الفترة 1920 - 1941 تشكلت 30 وزارة تداول رئاستها 12 شخصاً كان 7 منهم من ذوي الأصول العسكرية، أي بنسبة 54 %، تداولوا رئاستها 21 مرة، أي بنسبة 70 %. في حين أن الذين تداولوها من ذوي الأصول المدنية، لم يتجاوز عددهم سوى 5 أشخاص، أي بنسبة 46 % تداولوها 9 مرات فقط، أي بنسبة 30%... (1) ] . وقد ازدادت هذه العسكرة بعد انتهاء الانتداب البريطاني عام 1932. إذ ازداد حجم المؤسسة العسكرية، كماً ونوعاً، كما أشرنا إليها فيما سبق، والتهمت ميزانية وزارة الدفاع الجزء الأكبر من الميزانية السنوية، حتى بلغت نسبتها عام 1935 حوالي 55 % من الميزانية العامة للدولة (2) ، بعد أن كانت لا تتجاوز ال 25% في أحسن الأحوال، أثناء مرحلة الانتداب وهذه النسبة حددتها الاتفاقية العسكرية العراقية - البريطانية.
2 - جاءت الانقلابات العسكرية في خضم الصراع السياسي بين المؤسسة العسكرية من جهة وبين المؤسسة التقليدية المدينية وخاصةً الريفية، إذ أخذت مع العشائر شكلها الأبرز وخاصةً العشائر غير الكبيرة من جهة ثانية، بغية تعزيز سيطرة الدولة وتفعيل قراراتها المركزية، والتي أدت في الحصيلة الأخيرة إلى هزيمة العشائر، كقوة اجتماعية أرأسية مؤثرة تنافس السلطة المركزية. هذه الهزيمة آلت إلى أن تصبح قوة العشائر تحت سيطرة الدولة وتكون إحدى المكونات الاجتماعية لقاعدتها (3) .
هذا التحول في مؤسسة العشيرة ترافق مع استكمال ولادة النمط الاقتصادي شبه الإقطاعي في الريف، الذي بدأت صيرورته بالتشكل منذ استكمال احتلال العراق عام 1918، واستقرار علاقاته الاقتصادية والاجتماعية، بعد التغيير الحقوقي لملكية أراضي العشيرة وتحويلها إلى ملكية فردية لشيخها و واستكمالها بتشريع القوانين المنظمة للعلاقات الاجتماعية الجديدة وأهمها (قانوني دعاوى العشائر، وحقوق الزراع)، حتى ساد هذا النمط الاقتصادي على كافة الأنماط الأخرى في الريف بل حتى وسم الماهية الاقتصادية للمرحلة بكاملها. هذه الوضعية تسمح لنا بالقول: إن المؤسسة العسكرية كانت الذراع الأساسية لتنفيذ هذا التحول في طبيعة الأنماط الاقتصادية و أولوياتها في عراق المرحلة الملكية، مما أدى، بالترافق مع غياب الآلية البرلمانية السليمة ومقوماتها، إلى:
3 - أن تصبح المؤسسة العسكرية صاحبة المركز الأول المؤثر على القرار السياسي ومساراته اللاحقة. إذ بسطت نفوذها، المباشر أو غير المباشر، من خلال ذوي الأصول العسكرية في نخب الحكم، على مجمل النشاطات الأرأسية للدولة، وبالتالي المسارات الاجتماعية والاقتصادية. كما آل إلى تماهيها في تضخيم ذاتها ودورها والتصور بأن لديها مشروعاً تنموياً، عندما كانت تطرح برامجها الحكومية المستوحاة مفرداته من:
- النقل الميكانيكي للتجربة الاتاتوركية؛
- والقراءة المشوهة لواقع العراق ومتطلباته؛
- فنطازيا التصور لآفاقه المستقبلية وعلاقاته الخارجية.
لنا من: نوري السعيد وياسين الهاشمي والايوبي والمدفعي والعسكري، نماذج لمثل هذه المشاريع المشوهة وغير المتلائمة مع طبيعة المرحلة وظرفها الملموس وأفقها اللاحق. لذا فشلت جميعها في تحقيق ما كان مستهدفاً على كافة الاصعدة وبالتالي رُفضت من قبل الاغلبية الشعبية في الريف والمدينة، مما عمق التخلف وأشاع عدم الاستقرار السياسي وزاد من الحراك الاجتماعي اللاحقيقي والذي تمثل في هجرة أبناء الريف إلى المدينة. هذه العوامل أدت بدورها إلى؛
4 - عدم مساهمة القطاعات الاجتماعية المدينية (نسبةً إلى المدينة)، على الخصوص، وأحزابها السياسية، العلنية والسرية، في (كل) الانقلابات المستترة. إذ كانت انقلابات فوقية تهم أعضاء النخبة السياسية والعرش والقيادات العسكرية العليا، ولم تجد لها صداً واسعاً في الشارع السياسي. في حين كانت الانقلابات المكشوفة عكس ذلك. إذ نسج قادة الانقلاب الأول (بكر صدقي ومحمد علي جواد وعبد اللطيف نوري والضابط الاحتياط النخبوي حكمت سليمان)، علاقات واسعة مع القوى الوطنية المعارضة للحكم وتوجهاته العامة، وخاصةً مع أغلب قيادة جماعة الأهالي، باستثناء الشخصية السياسية المتفتحة عبد الفتاح إبراهيم الذي تحفظ على التعاون مع العسكريين (4) إذ ساندت هذا الانقلاب في البدء، بعض القوى السياسية المعارضة (العراقوية واليسارية المنحى) (5) ، طالما كان يعبر عن مطالب معبر عنها اجتماعياً. لكنها كفت عن ذلك عندما تبخرت أحلامها وتحول الانقلاب إلى وضعه الطبيعي، حكم عسكري صرف، وفضت حالة تحالفها وإياه سواءً في السلطة أو الشارع السياسي.
كذلك الحال بالنسبة إلى الانقلاب السابع (حركة مايس التحررية) الذي تزعمه، إسمياً، عضو النخبة الحاكمة رشيد عالي الكيلاني لأسباب أنوية وذاتية أكثر مما هو تعبيرعن موقف سياسي مبدأي، كالذي كان عليه العقداء الاربعة والمحامي يونس السبعاوي ذو النزعة القومية، سواءً في برنامجهم أو طموحهم أو روئاهم المستقبلية للعراق والامة العربية، التي تتجاوز تفكير الكيلاني ومنظومة قيمه وطموحاته الفردية، حسب قراءتنا لتاريخ العراق السياسي آنذاك.
لقد ساندت الحركة قطاعات شعبية مدنية واسعة نسبياً من ذوي الاتجاه العروبي والعراقوي على السواء. نظراً لما كانت تحمله من مضامين الاستقلال السياسي عن بريطانيا وتحقيق إصلاحات اجتماعية والتطلع نحو وحدة الامة العربية.
5 - لقد مثل هذان الانقلابان الاخيران ما نسبته 28,6% من مجمل انقلابات الثلاثينيات. كما كانا يحملان، إلى حد بعيد، مضامين وأهداف اجتصادية - سياسية، وتسندهما قوى اجتماعية حية لها مكانتها في المجتمع السياسي المعارض، وإن تباين أحدهم عن الآخر في عمق شمولية أهدافه ومنطلق تفكيره والأهم في منطلقه إذ كان الأول ينطلق من أولوية عراقية العراق بينما الثاني ينطلق من أولوية عروبة العراق. لكنهما يشتركان في كونهما هددا النظام السياسي الملكي برمته وقاعدته الاجتماعية المستند عليها، نظرا لنزعتهما الاصلاحية والتحررية. وهذا يفسر تدخل بريطانيا بالتعاون مع الضباط الشريفيين الكبارعلى إجهاضهما. مع التأكيد على أن بعض القيادات العسكرية لحركة مايس ساهمت مع بريطانيا في اغتيال بكر صدقي وإسقاط حكومته (6) .
تتشابه الميزة التحررية للانقلابين مع طبيعة الانقلابات العسكرية في العالم الثالث (أو الأدق المُخلف)، حيث نسبة الانقلابات ذات المنحى اللا تحرري هي الأكبر. في حين إن الانقلابات التحررية (الوطنية أو/و اليسارسة النزعة) وبخاصة التي يقودها الضباط الصغار، هي الأقل نسبة في الغالب، وهذا ما دللت عليه تجارب الانقلابات العسكرية في القرن العشرين (7) علماً إن طبيعة قيادات الانقلابات العسكرية من حيث الرتب ترسم لنا، بصورةعامة، مضمون وجوهر الانقلابات ذاتها. إذ غالباً ما تكون انقلابات الجنرالات محافظة يمينية النزعة (بالمفهوم العام) عكس انقلابات ضباط الرتب الصغيرة والوسطى التي تحمل آفقاً تغييرياً، بالمعنى التقدمي الايجابي، في مضامينها.
أما بقية انقلابات الثلاثينيات (وجميعها مستترة) فقد مثلت ما نسبته 71,4%. وكانت بمثابة انقلابات فوقية تعبر عن صراعات كتل نخبة الحكم المتلحفة بالمصالح الانوية والنظرات الضيقة، وبعيدة عن هموم الاكثرية الشعبية ومطاليبها الملحة، لذا نراها خالية من تلك المضامين الاجتصادية والسياسية التي كانت الحياة تصرخ بضرورة تحقيقها (8) .
6 - كانت انقلابات الثلاثينيات متباينة نسبياً في درجة جذريتها، بحيث لم تستهدف اغلبها تقويض النظام السياسي وتجتث قاعدته الاجتماعية، مقارنةً بثورة 14 تموز 1958، التي نفذها الضباط المسيسون، خريجو المدرسة العسكرية العراقية (9) . كما أن كل هذه الانقلابات كانت تنحو نحو الوضع الاجتصادي/السياسي الساكن، ولا تتطلع إلى المستقبل كبرامج وطموح جذريين. في الوقت ذاته كانت تحالفات قادتها تخضع للظرف الآني دون السُوقي، للمتغير دون الثابت. وهذا ما كشفت عنه تحالفات الضباط السبعة مع نوري السعيد؛ والعقداء الاربعة مع هذا الأخير قبل انقلابهم عليه وتحالفهم مع الكيلاني، الذي ركب موجة التحرر التي أرادوا تحقيقها، وغيرها من التحالفات التي كست بقية الانقلابات. ومن هذا الواقع يمكن تفسير التبدل السريع في قيادات المؤسسة العسكرية ومراكز القوى فيها والحراك الأسرع في تغيير وزارات الثلاثينيات التي بلغ عددها 17 وزارة خلال الفترة (أذار 1930 - حزيران 1941)، وفي عدد دورات مجلس النواب التي بلغت 7 دورات في حين المفروض أن تكون ثلاثة فقط حسب النص الدستوري (10)).
7 - استندت هذه الانقلابات، تبريراً لصيرورتها الذاتية، إلى الكثير من المطاليب المعبر عنها اجتماعياً وسياسياً كوسيلة لبلوغ مآربها الحقيقية المناقضة لهذه المطالب. وقد أنعكس هذا الموقف الدوغمائي في خطابها السياسي، الذي اتّسم بالهلامية المتسربلة بالوعود العريضة، والمنطلق من إبراز الشخصية ذات النزعة الصمدانية (الكاريزما)، المستندة إلى القوة في حل إشكاليات الحياة والمتلائم مع التركيبة السيكولوجية للمجتمعات البدوية - الفلاحية المتأثرة بالموروث السسيولوجي/الديني. لذا:
8 - فشلت أغلب هذه الانقلابات في ايجاد قاعدة اجتماعية تعتمد عليها، خارج قاعدة الحكم، وخلت من برنامج تنموي يستقطبها، وقائداً يحتذى به من قبل الأغلبية الشعبية، ووضوح سياسي في كيفية إدارة الحكم الآني والمستقبلي، مقارنةً بما كانت تصبوا إليه هذه الأكثرية، ناهيك عن الماهية والمضمون الاجتماعيين لمطاليبها في حراكها الاجتماعي المتواتر.
في الوقت ذاته افتقرت أغلبية القيادات العسكرية التي ترأست أو شاركت في هذه الانقلابات إلى النضج السياسي ووضوح الرؤيا العلمية والمعرفية لواقع العراق وتركيبته الاجتماعية وكيفية الخروج من تخلفه. إذ كانت الاغلبية الساحقة من الضباط الكبار آنذاك هم من خريجي المدرسة العثمانية المتخلفة، كما [ ... أن الكثير من ضباط الجيش آنذاك لم يكونوا قد تلقوا غير التعليم الابتدائي...(11)] . بمعنى آخر نقص البعد الذاتي لنقطة انطلاق هذه الانقلابات، سواءً المعرفية منها أو/والقيادية، ناهيك عن ما لهذه القيادات المنفصلة عن مجتمعها من ميل طبقي للسيطرة عليه، شجعها في ذلك توازن الوضع وضعف الطبقات الأساسية وهلاميتها. كما أن هذه الانقلابات عبرت عن حالات الاختلال بين البيروقراطية المدنية والعسكرية، عاملي السلطة الفعليين آنذاك التي استمرت لغاية الاحتلال الثاني، حيث حسم الصراع لصالح بيروقراطية ذوي الاصول العسكرية الذين سيطروا على السلطة لغاية ثورة 14 تموز.
9 - كانت لبريطانيا - كعامل خارجي - اليد الطولى في تحبيذ بعض هذه الانقلابات أو في إجهاض بعضها الآخر. إذ كانت هي وراء القضاء على حكومتي بكر صدقي وحركة مايس 1941. كما كانت هي المحبذة لانقلاب 5 أب 1939، حيث نصّب عبد الاله ولياً على العرش بعد قتل الملك غازي. لكنها وقفت في نهاية الثلاثينيات موقفاً غير محبذ لتدخل الضباط العسكريين في السياسة. بل طالبت بتحريم استخدام الجيش كوسيلة للصراع بين كتل النخبة السياسية الحاكمة حفظاً لمصالحها واستراتيجيتها في العراق والمنطقة؛ ونتيجة للعلاقات الدولية المتوترة آنذاك، حيث كانت الحرب العالمية الثانية تلوح في الأفق القريب؛ وبعد أن فك العقداء الاربعة تحالفهم مع حليفها (نوري السعيد)، بعد اكتشافهم، متأخراً، من أنه معهم إلى ذلك القدر الذي يحقق سيطرته عليهم ويشبع ذاتويته وفي استخدامهم كوسيلة ضد خصومه وليس توافقاً مع تصوراتهم التحررية بشأن العراق والبلاد العربية المشرقية.
كما كانت هناك مساهمة ضئيلة لالمانيا، مقارنةً ببريطانيا، تمحورت ليس في الاعداد للانقلابات، وإنما في الإسناد المعنوي لبعضها، وتحديداً للانقلابين الأول والأخير، الذي مدته بذلك النزر اليسير من المعدات العسكرية بعد تشكيل حكومة الدفاع الوطني (12) .
10 - لم تساهم دول الجوار، العربي وغير العربي، في أي من هذه الانقلابات، التي كانت أكثر انعكاساً للوضع الداخلي وأزمته، رغم تأثر كثير من القيادات العسكرية بالمشروع الاتاتوركي، الذي من خلاله ساهمت تركيا في ابداء النصح للعديد من زعماء كتل النخبة السياسية الحاكمة وبخاصة ذوي الأصول العسكرية الذين سبق أن تخرجوا من المعاهد العسكرية العثمانية، ولصلة انتماءاتهم (القومية) بها.
هذا ما كانت تتسم به الحركات الانقلابية إبان الثلاثينيات، التي خمد آوارها بعد الاحتلال الثاني (13) ، لتعيد ماهيتها بشكل أرقى وجذرية أكثر عمقاً وشمولية أرحب سعةً وأهداف أكثر تعبيراً عن حاجات الواقع المادي. هذه الحركة الجديدة تمثلت في ظاهرة ((حركة الضباط الاحرار))، التي أصبحت تعكس الظاهرة الأرأس لواقع المؤسسة العراقية للفترة اللاحقة، بعدما فشلت محاولة حل الجيش العراقي التي أرادته بريطانيا بموافقة العرش وبعض أعضاء النخبة السياسية، بعد فشل حركة مايس 1941.
لقد أنجزت حركة الضباط الأحرار عملية التغيير الجذري، الذي كان أكثر [... استجابة أوتتويجاً لتطور عاصف فتح عهداً جديدا هو عهد الانتقال من مجتمع زراعي تقليدي، إلى مجتمع حديث يتجاوز التفاوتات المستحكمة التي طبعت التطور السابق: تجاوزت عوائق التطور الحضاري، وتعديل النظام السياسي (بإقصاء الطبقات التقليدية)، وتجاوز الثنوية الاجتماعية الزراعية (الطابع الاقطاعي للريف، وتضاد المدن والارياف - حقوقياً واجتماعياً) ودفع التطور الصناعي رافعة العهد الجديد ومواصلة بناء الأمة... (14) ] العراقية بامتداها القومي العربي.
هذه الظاهرة الجديدة أصابت عمق الواقع السياسي العراقي وامتد أثرها نحو الدول المحيطة والمراكز الرأسمالية، التي تحفزت جميعها بالتعاون مع القوى المتضررة داخلياً، بصورة منفردة أو مشتركة، على التكاتف لأجل احتواء ثورة تموز ونظامها الجديد، وعندما عجزت عن تحقيق ذلك قررت إسقاطها بأشرس ما يكون. وهذا ما تم في الانقلاب التاسع والثلاثين. الذي سيكون موضوع دراستنا لاحقاً.


الهوامش

- راجع كتابنا الجيش والسلطة، مصدر سابق، ص 141.
2 - الارقام مستقاة من مقالة د. صادق البلادي،: تحويل الجيش إلى مؤسسة لإعمار الوطن، الثقافة الجديدة، العدد 266؛ كذلك حنا بطاطو الجزء الأول، ص 117، مصدر سابق.

3- لعبت الدولة العراقية آبان تطورها، وبإعتبارها المالك الأرأس والمنظم الاقتصادي، دوراً أساسياً في خلق الطبقات الاجتماعية، وخاصةً الحديثة منها، وعلى الأخص ملاكي الأراضي الكبار وكبار الرأسمالين الذين تكونت جنيناتها بعد تأسيس الدولة العراقية عام1921. راجع للمزيد د. فالح عبد الجبار، الدولة والمجتمع المدني، مصدر سابق، الفصلين، 2 و3.


4 - يتماثل موقف عبد الفتاح إبراهيم هذا مع ما كان عليه موقف مصطفى كامل، في مصر، الذي رفض تدخل الضباط في الحركة السياسية. وذلك عندما اوضح موقفه، عندما أرسل إليه بعض الضباط برقية تأييد، فأجابهم [من الحكمة أن لا نمكن العدو من رقابنا. وأنا لا أود أن يدخل ضباط الجيش في حركتنا السياسية دخولاً ظاهراً، لأن هذ يضر بالمسألة ضرراً بليغاً حيث يجد الاحتلال مسوغاً للصق التهم الثورية بمصر] مستل من أحمد حمروش، الانقلابات العسكرية، ص 22، بيروت 1980، دار ابن خلدون.
5 يكتب زكي خيري القيادي في الحزب الشيوعي العراقي عن تأييد الشارع السياسي المعارض يقول: [... بعد خمسة ايام تقدم لفيف من المثقفين من أنصار الانقلاب الذي ساهم فيه عبد القادر إسماعيل وكامل الجادرجي وجعفر أبو التمن وحكمت سليمان، تقدموا على راسهم يوسف إسماعيل البستاني بطلب إجازة لتنظيم مظاهرة مؤيدة للانقلاب في 3/ تشرين ثاني/ 1936، وقد نظمت المظاهرة فعلا من طلاب كلية الطب والحقوق ودار المعلمين العالية... وفي هذه الاثناء جاءت مظاهرة أخرى يقودها يوسف متي، مسؤول المنظمة الحزبية الشيوعية السرية وكانت أيضاً مؤيدة للانقلاب... ]، صدى السنين في ذاكرة شيوعي عراقي مخضرم، ص 102. دار النشر بلا، 1995.
6- للمزيد راجع: د. لطفي جعفر فرج، الملك غازي، مكتبة اليقظة العربية1987؛ حازم المفتي، العراق بين عهدين ياسين الهاشمي وبكر صدقي، مكتبة اليقظة العربية، بغداد 1990؛ مذكرات فؤاد عارف الجزء الأول، دهوك 1999؛ تاريخ الوزارات العراقية، عبد الرزاق الحسني؛ ناجي شوكت، سيرة وذكريات، مصدر سابق؛ توفيق السويدي، مذكراتي، مصدر سابق، لونكريك، العراق الحديث 1900 - 1950، ترجمة وتعليق سليم طه التكريتي، دار الفجر، بغداد 1988. وغيرها.

7- حول هذا الموضوع راجع: أحمد حمروش، الانقلابات العسكرية، مصدر سابق؛ فؤاد اسحاق خدوري، العسكر والحكم في البلدان العربية، دار الساقي، لندن 1990؛ اليعازر بعيري، ضباط الجيش في السياسة والمجتمع العربي، مصدر سابق.

8 لقد ساهم العقداء الاربعة في كل الانقلابات المستترة، قبل نضجهم السياسي وبخاصةً بعد تفهمهم لطبيعة علاقة نوري السعيد بهم، حيث كان مرتبطاً بهم بمقدار ما كان يحقق طموحاته إزاء خصومه، ويعبر عن التوافق مع الموقف البريطاني. لذا فكوا تحالفهم وإياه بعد أن توضح لهم ذلك. وهذا ما كشف عنه صلاح الدين الصباغ في مذكراته، فرسان العروبة، تقديم ومراجعة سمير السعيدي، ط. الثانية، تانيت للنشر، الرباط المغرب، 1994.

9 - حول الفروقات بين طبيعة قيادة ضباط انقلابات الثلاثينيات وضباط تموز، (الزعيم قاسم كمثال) راجع دراستنا: من ماهيات السيرة للزعيم عبد الكريم قاسم، المنشورة في جريدة الزمان مصدر سابق. كذلك مقالتنا الموسومة، الجادرجي وتموز واللقاء الذي لم يتم، جريدة الوفاق، العددان 160 و 161 في 10 و17 ابريل 1997 لندن.

10- للمزيد راجع، عبد الرزاق الحسني، تاريخ الوزارات، الجزءين الرابع والخامس،، الطبعة الرابعة، بيروت 1974، مصدر سابق كذلك الجدول الذي أعددناه عن الحراك في الوزارات العراقية الملكية في ملاحق كتابنا، الجيش والسلطة، مصدر سابق.
11 - حنا بطاطو، مصدر سابق، الجزء الثالث، ص 98. هذه الفكرة كانت تسم الضباط المتخرجين لغاية 1932، إذ بعد هذا التاريخ اشترطت الكلية العسكرية حصول المتقدم للانتساب لها على شهادة المرحلة الإعدادية.

12- للمزيد راجع: تاريخ الوزارات العراقية؛ د. فريتز غوربا، رجال ومراكز قوى في بلاد الشرق، ترجمة فاروق الحريري، بغداد 1979؛ العقيد جرالد دي غوري، ثلاثة ملوك في بغداد، ترجمة وتعليق سليم طه التكريتي، مكتبة النهضة العربية، بغداد 1990، ط. الثانية؛ لونكرنك، العراق الحديث، مصدر سابق؛ تاريخ الاقطار العربية المعاصر، مجموعة باحثين سوفيت، الجزء الاول، دار التقدم موسكو 1975؛ آيرلند فيليب، العراق دراسة في التطوير السياسي، ترجمة جعفر الخياط، بيروت 1971؛ د. وليد الاعظمي إنتفاضة رشيد عالي الكيلاني والحرب العراقية - البريطانية، دار واسط للنشر، بغداد 1986، وغيرها.

13- لقد جرى تحول في شكل الظاهرة الانقلابية في اعقاب فشل حركة مايس التحررية 1941 ولغاية ثورة 14 تموز، لتتحول إلى (انقلابات القصر) وذلك نتجة تداخل جدلي لعدة عوامل ، من أهمها كانت التعديل الدستوري لعام 1943 الذي بموجبه اعطي للملك صلاحيات واسعة يستطيع أن يحكم من خلالها؛ كذلك اتفاق نخبة الحكم على عدم استخدام الجيش في صراعهم الأنوي وبالتالي الحد من تدخلهم في الشأن الداخلي للجيش.. لذالك امست التأثيرات غير المباشرة تنصب على الدسائس لإسقاط الوزارات.. لذا كثر الحراك التغييري للوزارة ، إذ تالفت خلال هذه الفترة 29 وزارة أي أن معدل عمر الوزارة كان في حدود سبعة أشهر فحسب.
14- راجع فالح عبد الجبار، أربعون عاماً من ثورة 14 تموز 1958: تأملات وإرتيابات، رسالة العراق، العدد 43 تموز 1998



#عقيل_الناصري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من تاريخية الحركات الانقلابية في العراق المعاصر(4-5)
- من تاريخية الحركات الانقلابية في العراق المعاصر(3-5)
- من تاريخية الحركات الانقلابية في العراق المعاصر (2-5)
- من تاريخية الحركات الانقلابية في العراق المعاصر (1-5)
- من أجل تاريخ موضوعي لتموز وعبد الكريم قاسم (2-2)*
- من أجل تاريخ موضوعي لتموز وعبد الكريم قاسم (1-2)*
- الحزب الشيوعي العراق من إعدام فهد حتى ثورة 14 تموز1958
- هو والزعيم (4-4):
- هو والزعيم ( 3- 4):
- هو.. والزعيم (2-4)
- هو.. والزعيم (1-4)
- الناصري: يكشف اسرارا جديدة عن ثورة 14 تموز
- الجواهري وتموز
- ثورة 14 تموز ومسألة العنف
- حوار مع الباحث الأكاديمي عقيل الناصري حول ثورة 14 تموز (2-2)
- حوار مع الباحث الأكاديمي عقيل الناصري حول ثورة 14 تموز
- من خفايا انقلاب شباط الدموي 1963 (6-6)
- من خفايا انقلاب شباط الدموي 1963 (5-6)
- من خفايا انقلاب شباط الدموي 1963 (4-6)
- من خفايا انقلاب شباط الدموي 1963 (3-6)


المزيد.....




- سقط سرواله فجأة.. عمدة مدينة كولومبية يتعرض لموقف محرج أثناء ...
- -الركوب على النيازك-.. فرضية لطريقة تنقّل الكائنات الفضائية ...
- انتقادات واسعة لرئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي بسبب تصريح ...
- عقوبات أمريكية جديدة على إيران ضد منفذي هجمات سيبرانية
- اتحاد الجزائر يطالب الـ-كاف- باعتباره فائزا أمام نهضة بركان ...
- الاتحاد الأوروبي يوافق على إنشاء قوة رد سريع مشتركة
- موقع عبري: إسرائيل لم تحقق الأهداف الأساسية بعد 200 يوم من ا ...
- رئيسي يهدد إسرائيل بأن لن يبقى منها شيء إذا ارتكبت خطأ آخر ض ...
- بريطانيا.. الاستماع لدعوى مؤسستين حقوقيتين بوقف تزويد إسرائي ...
- البنتاغون: الحزمة الجديدة من المساعدات لأوكرانيا ستغطي احتيا ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عقيل الناصري - من تاريخية الحركات الانقلابية في العراق المعاصر(5-5)