أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - خديجة صفوت - المبشرون الجدد :المنظمات غير الحكومية واعادة تشكيل المجتمع [1]















المزيد.....



المبشرون الجدد :المنظمات غير الحكومية واعادة تشكيل المجتمع [1]


خديجة صفوت

الحوار المتمدن-العدد: 3663 - 2012 / 3 / 10 - 23:16
المحور: المجتمع المدني
    



"ان المنظمات غير الحكومية تنتحل تمثيلنا فى المحافل الدولية و تحدد اولوياتنا نيابة عنا و " تحررنا" من القدرة على الانتاج و تطوير انفسنا. ان المنظمات غير الحكومية تمنعنا من ان نطور انفسنا" NGOs have taken on representing us. They are trying to free us from the capacity to produce and develop. They are denying us self development ". رئيس جمهورية بيرو 1999
تمهيد:
 يلاحظ كيف شاع الحديث فى العقد الماضى على الاقل عن ونقد و معارضة او-و تشجيع المنظمات غير الحكومية و كيف يتفاقم النشاط الفردي و الجمعي داخل تلك الكائنات و انغالها-ابناء الزنا- الفرانكيشتانية مما كان قد  نشأ بليل فى كافة المجتمعات المفقرة و الغنية معا. فقد غدت تلك الكيانات على اهمية و تكاد تستقطب اعداد متزايدة من الافراد المدافعين عنها و المناهضين لها  فى الاوطان العربية وغيرها. و يدور الحوار الساخن والبارد حول تلك المنظمات بين الدولة و القائمين على تلك المنظمات من الافراد غير العاديين و معظمهم ممن كان ينشغل و يهتم بهموم ما بعد الاستقلال السياسى و بما كان يسمى بالمجتمع المدني  Civil Society . و غالبا ما يكون هؤلاء من المثقفين و المتعلمين والمفكرين ممن بقى من اعضاء الطبقات المتوسطة والاحرى ما اسميها الطبقات  الوسيطة Mediating classes و قد قضا لنتزنلا غير الحكومية و الخيرية والرأسمالية المالية على حسهم الطبقى.
 و يسيطر بعض من اعلام و اهم المثقفين العرب على بعض تلك المنظمات منابرا بديلة لسياسات دولية مشبوهة مثل الشرق اوسطية او حقوق الانسان و المراة و الطفل وحق تقرير المصير و الاقليات او-و لتمرير سياسات الدولة غير مضمونة العاقبة او المشكوك فيها لانجاح العلاقة بين اسرائيل و العرب او بين المثقفين العرب و الاسرائليين كما فى مؤتمر كوبنهاجن الشهير للتطبيع بين مثقفين وسياسيين مصريين وجنرالات (موساد) إسرائيليين عام 1997 -و تدور معارك كلامية فى فلسطين مثلا بين السلطة الفلسطينية وقادة المنظمات غير الحكومية فلا ينتهى الجدل حول خناق الاثنين بشأن قضايا اساسية [2]. وتنشأ حالة شد بين المثقفين و الدولة فى مصر[3] فتبقى غير مضمونة العاقبة او-و مشكوك فيها لانجاح العلاقة بين اسرائيل و العرب او بين المثقفين العرب و الاسرائيلي[4].
المنظمات غير الحكومية و النظائر الاهلية:
تطرح المنظمات غير الحكومية نفسها تكاذبا بوصفها ليست حكومية فيما تثابر على استباق المنظمات الاهلية الشعبية و تخترقها. و تقف المنظمات غير الحكومية من الدولة(المفقرة اكثر من غيرها) موقفا مشبوها و غير قابل للحسم غالبا. ذلك ان تلك الكيانات المشبوهة تعمل لحساب ما هو فائق على كل من الشعوب التى تخترقها اختراقا و الحكومات المفقرة. و تخترق المنظمات غير الحكومية التنظيمات الشعبية و الاهلية بالوصاية عليها و استباق نموها و تطورها وتحديد اولياتها و بغواية و استقطاب زعماءها او-و نفيهم الى بيداء معارضة بلا عامود فقرى اى خارج فضاء السياسة و التنظيم والاجتماع و احلال اخرين مكانهم. و تتجاوز المنظمات غير الحكومية مراحل تطور و ثقافات و خصوصيات المجتمعات التى تستضيفها اقتهارا.
و حيث تفرض المنظمات غير الحكومية اجندتها على الحكومات من برامج السكان الى تنظيم الاسرة الى تمكين Empower المرأة خصما على الرجل و الطفل  تحبط المنظمات غير الحكومية نشوء او-و تستبق التنظيمات الاهلية و الشعبية و المجتمع جميعا لحساب خطاب واجندة خارجية. ذلك ان المنظمات غير الحكومية لا تعبر عن نفسها فى مناشط العمل على مستوى المحلي بين الطبقات المحكومة حيث تعمل على مستوى سياسات الدول و المجتمعات الخارجية. و تحدد المنظمات غير الحكومية تلك السياسات بقوة خطاب و اجندة  تتصل بمانحين و بممولين خارجيين لهم مصالح تتجاوز بل تحبط المصالح الوطنية. ذلك ان تمويل المنظمات غير الحكومية والاعانات الاجنبية تفرض-مثلها مثل القروض اجندة اولويات اجتماعية معينة لحساب المانحين او-و دولهم على المجتمع المضيف بقوة التهديد بسحب الاعانات و التمويل و المنح بانواعها بوكالة المنظمات غير الحكومية خصما على الوكالة الشعبية.
لماذا المنظمات غير الحكومية؟ 
رغم ان بعضنا قد يذكر البدايات الاولى لمفردة المنظمات غير الحكومية سوى ان تنويعاتها الخيرية الباكرة كانت قد بدأت تنتشر منذ السبعينات و قد تثملت بداياتها منذ الحرب العالمية الاولى فى الصليب و الهلال الاحمر و جيش الخلاص و جماعات التسلح الخلقى و كانت الاخيرة-و مركزها الاوربي فى جين-سويسرا-  وراء تجيع و تمويل و قيام بعض جماعات الاسلام السياسي فى ستينات القرن العشرين و ربما باكرا فى امريكا. و كان لتلك الجمعيات و غيرها من المنظمات الخيرية طابعا عالمىا او- افليمى.
وفيما بعد اتصل انتشار المنظمات غير الحكومية بسياسات التنمية و التكييف الهيكلي Structural Adjustment Policies(SAP) و ديون التكييف الهيكليStructural Adjustment Loans (SAL)  سيئة السمعة. و قد تمأسست الاخيرة على ممارسات البنك الدولى و صندوق النقد الدولى. و كانت تلك السياسات تتعين على مواجهة الرفض و الاحتجاج الشعبى فى مجتمعات باتت تلك السياسات تفقرها تباعا و على نحو غير مسبوق. و لعله من المفيد تذكر ان رفض سياسات البنك الدولى بدأت باكرا و قبل ان يتنبه كثيرون بل قبل ان يدرك معظم العرب والافارقة وعي السودانيين على خطورة الصندوق و البنك على استقلال السودان الاقتصادي و السياسي و الثقافى و الفكرى جميعا. فقد خرج السودانيون  يتظاهرون في بداية سبعينات القرن العشرين و هم يجأرون "لن يحكمنا البنك الدولى".
 و قياسا فان المنظمات غير الحكومية اخذت على عاتقها منذ بداياتها الناشطة التى نعرفها اليوم تعمل على خلق شرط امتصاص ما من شأنه ان يندلع من الرفض و السخط الشعبى على سياسات الافقار المنظم ماديا و فكريا و تنظيميا. فقد كان منوط بالمنظمات غير الحكومية مواجهة الحركات الشعبية واحباط شرط اندلاعها كما كان منوط بها احلال طاقم قيم و مفاهيم ناسخة لطواقم قيم و مفاهيم حركات الاستقلال و اليسار التقليدى كما كنا نعرفه. وذلك المنظمات غير الحكومية كانت بهذا الوصف و ما تبرح كائنات مستوردة و قياسا تصدر المنظمات غير الحكومية عن العولمة و الرأسمالية المالية و الشركات متعددة الجنسيات و الاعمال الكبرى و المخدمين و المستثمرين الاجانب التى كانت تسعى لتوسيع هوامش حركتها هى خصما على فضاءات المنظمات المدنية و المطلبية و الاهلية الشعبية وحركاتها الشعبية. و رغم ان خطاب المنظمات غير الحكومية حرص على ان يكون مألوفا و لا غبار عليه بل مرغوبا والقا و  ساحرا فقد انتحل خكاب المنظمات غير الحكومية و اجندتها مسميات اخادة  مثل حقوق الانسان و تمكين المرأة و تنظيم الاسرة الخ الا ان اجندة معظم المنظمات غير الحكومية ان لم يكن اغلبها تصدر فى الواقع عن الغايات التى يريدها الممولون الدوليون و شروط الشركات متعددة الجنسيات و العولمة على  الخصوص.
و قد تمأسست اجندة معظم تلك المنظمات وزعمائها من الشرائح الاجتماعية الوسيطة فوق شعارات ما بعد التصنيع و تعينت على تمرير سياسات اقتصاد التصدير و الاسواق المفتوحة المهيكلة لصالح العولمة و الرساميل عابرة الحدود القومية.
واجادل انه اذ تخترق المنظمات غير الحكومية المجتمع فكريا وتنظيميا فانها تغدو وسيلة ناجزة للعولمة و اداتها. فقد  احلت المنظمات غير الحكومية مكان النظائر التقليدية و الحديثة المعروفة فى المجتمعات قاطبة تنويعات مقولبة او-و مهجنة بل حتى معدلة جينيا بحيث بات كل شئ يشبه كل شئ و غدى لكل شئ ثمن لم يعد لاى شى معن او قيمة.
تنويعات المنظمات غير الحكومية ما بين  معاداة الدولة و لعق حذائها:
مرت المنظمات غير الحكومية باطوار منها المتسارر و المعلن و منها ما رأت فيه الدولة خطرا عليها فراحت تقننه و تحجمه و احيانا تحرمه مثلما فى مصر و منها من تعلم ما  تجربته لاحقا. و قد اصحبت الدولة كما فى السوجان مثلا تحتوى المنظمات غير  الحكومية مثل منظمة حقوق الانسان بعد ان عادتها و صادرتها. وتتعين بعض الدول على الاستئثار ببعض تلك المنظمات بحيث تستبق اجندتها و تحولها الى صالح الدولة القائمة او-و لصالح التابعين لتلك الدولة. و حيث تبدو المنظمات غير الحكومية و كأنها تناصب الدولة العداء فهى الى ذلك تععين على اختراق المنظمات الشعبية و الاهلبية المناظرة لها فى المجتمع المعين.و  يلاحظ الناس فى كل مكان كيف اخذت المنظمات غير الحكومية تحتل مكان تراتبات المجتمع المدني من التنظيمات الشعبية و المطلبية وغيرها فى معظم مجتمعات العوالم الثالثة والرابعة و العصر حجرية على الخصوص. على انه من الفيد ملاحظة ان بعض قوانين تنظيم و مراقبة المنظمات الخيرة-وهى بدورها غير الحكومية- فى بعض المجتمعات كالاردن و مصر و الجزائر وغيرها-يحرم تسيس المنظمات غير الحكومية مع ان المنظمات غير الحكومية تدعى انها غير ذلك.
  و للمنظمات غير الحكومية تنويعات فوق قومية منها صندوق النقد الدولى الذى اجادل انه تنويعة "دولية". فصندوق النقد الدولى يتجاوز الدولة-شراح السلطة- و الشرائح او الطبقات المحكومة. و مثلما تخصى المنظمات غير الحكومية المجتمع المدني و الاهلي جميعا جراء التمويل و الاجندة الخارجية فان صندوق النقد الدولى يفرض على المجتمع المضيف قروض البنك الدولي الذراع التنظيمي للصندوق النقد الدولي شرطيات conditonalisties و اجندة معينة من "التنمية" الاقتصادية  بوكالة دول مخصية بالتمويل و العون و الديون الخارجية مما يمنح و يمنع. و يتضح تبادل اعتماد صندوق النقد الدولى و المنظمات غير الحكومية فيما يتصل بفرض مواثيق و معاهدات واتفاقات دولية حول التعددية الحزبية و حقوق المرأة و حقوق الانسان انتقائيا. فلا تمنح و تمنع الاعانات و الدعم المالى بشرطيات صندوق النقد الدولى او البنك الدولى و انما قد تواجه الدول الحصار الاقتصادى او حتى الحرب باسم الدفاع الانتقائى عن حقوق الانسان و حقق المرأة في الذهاب الى مصفف الشعر او الباديكيريست كما ابان تسويغ اجتياح أفغانستان مثلا.
و يلاحظ كيف تأخذ الجمعيات غبر الحكومية باحراج الدولة و ادخالها فى مطب قابل للجدل حول موقف الاخيرة من المرأة و تمكين المرأة الخ. قد راحت المنظمات غير الحكومية -مجهولة النسب محليا فلم يكن لها اصل و لا جذور تاريخية قومية قوية حتى منتصف التسعينات فى المجتمعات العربية وغيرها– راحت تصدر-بشرطيات معولمة - الى  امتدادات نفوذ الكوننة خصما على المجتمع الاهلى و المدني ان شئت. و تتنافس تلك الكائنات المعاد تعديلها جينيا– سياسيا وتنظيميا و تمويليا و المنظمات الاهلية و تنافس تراتبات المجتمع المدني على كل من الحيز المكانى والعضوية و التمويل. و اذ كانت المنظمات غير الحكومية مسلحة باجندة و مدعومة باموال الشركات متعددة الجنسيات او بما لا يتعارض و العولمة أو باوليات التنمية الرأسمالية ما بعد الصناعية -والاصلاح الاقتصادى و الخصخصة- فانها حرية بان تبذ و تفوق و تزاود على فتتفوق بمراحل فلكية تنظيميا و ماديا على التنظيمات الشعبية الحضرية التقليدية وخصماعلى الاخيرة. بل ان تلك المنظمات المشوهة المشوهة لما عداها حرية بان تتفوق على ما عداها. و قياسا فان التنظيمات الشعبية و تلك الكيانات المؤلفة للمنظمات الاهلية التقليدية او ما يسمى بالمجتمع المدني- كما كنا نعرفه فى الستنيات وحتى منتصف او نهاية السبعينات- ما تنفك  تختفى و قد راحت تبدو كأنها اخفقت و قد اخفقت فى الصمود امام الهجمة المنظمة من قبل المنظمات غير الحكومية  عليها.
غواية الناس بالحرية و مصادرتها:  
عدد ترومان الحريات الامريكية فى اربع: الحرية من الخوف و الحرية من الحاجة و حرية الاقتراع و حرية العقيدة. و يلاحظ الناس كيف تحرم المنظمات غير الحكومية والخيرية و المانحين على الشعوب المخضعة لنموذج التنمية او الخراب الامريكى الحرية سوى حرية الموت جوعا فى كثير من المجتعات المفقرة. وتحل  المنظمات غير الحكومية فى كل مكان حرية العبث بمقدرات الشعوب المخضعة للدمقرطة على الطريقة الامريكية و للمعونات الشارطة لتلك الديمقراطية مكان الحرية من الخوف و الحاجة و حرية الاقتراع و العقيدة.
و لا تعرف المنظمات غير الحكومية بانها ليست حكومية وحسب و انما و الاهم بانها ليست اهلية شعبية. و تعمل تلك الكيانات بهذا الوصف لما هو فائق على كل من الحكومات و الشعوب التى تخترقها اختراقا. و تخترق المنظمات غير الحكومية التنظيمات الشعبية و الاهلية بالوصاية عليها و استباق نموها و تطورها و باستقطاب زعماءها و احلال اخرين مكانهم و  تحديد الاولويات الجماهيرية و الشعبية. و تتجاوز المنظمات غير الحكومية والخيرية كعادتها فى كل مرة و مع كل جماعة تتعين على ادعاء "تطويرها" مثل المرأة و الشباب و الطبقات الوسيطة و المتوسطة- تتجاوز مراحل تطور و ثقافات وفئات العمرAge Groups و الطبقات الاقتصادية الاجتماعية و خصوصيات تلك الجماعات.
 و حيث تفرض المنظمات غير الحكومية و الخيرية أجندتها على الحكومات من سياسات السكان الى تنظيم الاسرة الى تمكين المرأة خصما على الرجل و الطفل  تحبط المنظمات غير الحكومية و تستبق شرط نشوء التنظيمات الاهلية و الشعبية. و لا تتمثل المنظمات غير الحكومية في مناشط العمل على مستوى المحلي بين الطبقات المحكومة و حسب.
و اجادل ان صندوق النقد الدولى تنويعة "دولية" على المنظمات غير الحكومية. فصندوق النقد الدولى يتجاوز الدولة-شراح السلطة و الشرائح او الطبقات المحكومة. و يفرض صندوق النقد الدولى اجندة معينة من "التنمية" الاقتصادية و الاجتماعية اى نمويجا للتنمية Development model. و يتضح تبادل اعتماد صندوق النقد الدولى و المنظمات غير الحكومية فيما يتصل بفرض مواثيق و معاهدات واتفاقات دولية حول التعددية الحزبية و حقوق المرأة و حقوق الانسان انتقائيا. فلا تمنح و تمنع الاعانات و الدعم المالى بشرطيات صندوق النقد الدولى او البنك الدولى و انما قد تواجه الدول الحصار الاقتصادى او حتى الحرب باسم الدفاع الانتقائى عن حقوق الانسان و حقوق المرأة مثلا.
كيف يكرس فيروس المظمات غير الحكومية الاستبداد باسم الديمقراطية :   
يلاحظ الناس كيف منيت التنظيمات الاهلية والشعبية بخلخة صفوفها على مر السنين مما خلق سياقات وعمليات تدمير شرط نمو و ازدهار الابداعات الشعبية والفردية. و قياسا فقد بات اقتباس و استمداد تنويعات التنظيم الاهلى الريفى و البدوى و الحضرى المركب بطبعه و تاريخه جراء المواجهات المكوننة للتنظيمات الاهلية و الريفية و البدوية الحضرية حميعا.  و قد يسرت الدولة ما بعد القومية مرة السمسرة فى عمليات تدمير الابداعات الشعبية و الفردية. ومرة اخرى تعينت على استلابها لحساب مشاريع فائقة للقومية كمشروع الاسلام السياسي المعولم و برامج العولمة. فبعض مشاريع الاسلام السياس تنزع نحو برنامج معولم ل "ألتنمية" فيما لا يستنكف بعضها تكريس الحرب بين الجنسين خصما على الصراع الطبقى.
وكان القائمون على فبركة النظائر المحدثة وما بعد المحداثية – اوما بعد التقليدية من الحضريين او "حضرفيين" Rurbanٌ او مريفي الحضر من الزعماء الجدد على غرار كافة "المجددات" والمابعدويات قد وجدوا -بوعى او غير وعى- انفسهم يرتمون على التعددية الحزبية او المنظمات غير الحكومية رغم ان الاخيرة بدائل مفرغة من المحتوى لنظائر تقليدية او محدثة من التعاضديات الشعبية الريفية و البدوية و تراتبات ما كان منوط به تفعيل مجتمع مدنى حضرى.
و يتصل ادعاء الدولة للابداعات او المقتبسات الشعبية  فتتنافس الدولة ما بعد القومية و القائمون على المنظمات غير الحكومية من الفاعلين الاجتماعيين Social Actors or Single Actors  و كان الاخيرين بدائل للطبقات. هذا فيما تشخصن العلاقات الفردية بين شرائح السلطة القائمة و اعضاء المنظمات غير الحكومية الصراع. و قد يلاحظ الناس كيف ان شخصنة الصراع بين تلك الجماعات حرية بان ترجع غيرة الكائنات الدنيا من ذكور الحشرات او الحيوان على الحياض و"الاناث". و لعل مفهوم تلك الذكورة البدائية او-و السلطة الاستبدادية تنويع على سلطة الدولة المشروقة الطاغية. ذلك ان الصراع المشخصن على المواقع و الادوار يغدو و كأنه تعبير عن ذكورة بدائية لا تسقيم بغير احتكار السلطة كاملة لا منقوصة او متقاسمة. و قياسا فان انتحل بعض اعضاء المنظمات غير الحكومية صفة النخب او-و الطبقات الوسيطة او الرخوة فان بعض جماعات الاخيرين قد تطرح نفسها بديلة للدولة.
 
العون الغذائى و نشوء المدن الديناصورية :
لاحظ الناس باكرا تعالق العون الغذائي و الهجرة العنيفة من كل مكان الى كل مكان و نشوء المدن الديناصورية و حضرفة Ruralibation المجتمع المتلقي للغون الغذائي. ذلك ان كمياء و مكونات البعد المكونن من "تنمية" المجتمع المضيف للمنظمات غير الحكومية والخيرية بوصف ان الاخيرة كما الخنفساء التىتسبق العقرب عشية موسم الخريف و وابع المطر-من شأنه ان يخلق شرط كل من:
-خصخصة وبيع القطاع العام
- و تصدير الثروات الطبيعية ورأس المال البشرى
- و خلق عوامل الطرد-فنشوء المدن الديناصورية Mega Cities
-و تصل نسبة السكان مابين 35%الى 65% فى معظم المجتمعات العربية و اكثرها ترييفا مثل نواجيشوط و الخرطوم. انظر(ى)الى كيف تتجاور احياء سكنية فى العواصم و الاحياء المفرنسة - اوالمؤمركة الفخامة و البذخ  وضواحى "القصبة" االموصوفة بالفقر و من ثم  بالعنف والانفلاق على نفسها فى "مجتمعات مستقلة" مما ينتشر فى ضواحى مدن  شمال افريقيا  و كيف يتجاور قصر الوزير و كوخ الفقير وتجاور فنادق الخمس نجوم- فندق الطاحونة- و وكالة غوث اللاجئين -غزة لك ان تلاحظ(ي) أيضا كيف تتواجه احياء سكنية تبذ ولايات امريكية برموز وجاهة الثراء متواقح على تراثه و تقاليده -القاهرة مثلا-  شارع الجامعة العربية مما يمتد ما بين "سانتا فاطيما" و امبابة حيث لا يتوفر ماء شرب نقى وترتفع نسب الجريمة المنظمة حيث يشكل الناس حكومتهم و رجال امنهم الخاص فيستعصى مجتمعهم ذاك على درك الدولة-مثل نظائر امريكية كالشارع السابع-حيث تقع هارلم-فى نيويورك او الحى السادس عشر فى واشنحتون -قبل التطهير السكانى فى 1985- والاحياء الفقير فى سانت لويس و احياء السود المصنوعة من الكرتون فى سان فرانسيسكو-على مرمى حجر من هوليوود الخ  الخ.
-و هجرات العمل الحى العنيفة-فى وجه الاضطهاد الاقتصادى والثقافى والديني وغيرها-من كل مكان الى كل مكان فان الدولة ما بعد القومية-ما بعد التقليدية-تتشوه مجددا بتكريس الاستبداد.
و تغدو الدولة ما بعد القومية-ما بعد التقليدية-بالذات- تلك الكائنات المشوهة والمشوهة-من الدكتاتوريين الطغاة-المستبدين "الشرقيين"-او "المشروقين-بعض رؤساء الجمهوريات-الوراثية-الاسراتية-تغدو-فى غياب البدائل وتغييب المعارضة-سمسارة عن او مقاولة فى عمالة ترحيل العمل الحى-الماهر غالبا-الى اسواق عمل اقليمية تسترخص مهارته وتحجر على اذ تتطير من قدرة العمل  الماهر التنظيمية. فلا تؤدى عوامل الطرد الى خلخلة اهم شرائح المجتمع سكانيا وانما وايضا تدعم المخدمين و اصحاب المال-الشركات متعددة الجنسيات خصما على اعادة التوزيع حتى اذا كان فارقا وتعود مجددا فتفاقم اعادة هندسة التشكيلات الاقتصادية الاجتماعية-نمط الانتاج-بشرزمة صفوف الطبقات او  الشرائح المتوسطة و الوسيطة-التماس-فيما يشارف الاطاحة بهما على نحو مقلق. ذلك ان خلخلة الشرائح الاجتماعية وفئات المنتحين بخلخلة الريف والبوادى و ترييف المدن باعداد متزايدة من "الحضريين" المهمشين اقتصاديا و ثقافيا راحت تنذر لاول مرة بتواجهة غنى مادى و فقر ثقافى لا مسبوق و فقر مادى واضطراب ثقافى لا مسبوق على مبعدة نصف ميل من بعضهما البعض. و ان ذلك التواجه- مما قد لا يزيد على نصف ميل احيانا- بل حتى المتاخمة المباشرة بين فقر لا مسبوق و ثراء فاحش – يعبر عن نفسه فى المجتمعات العربية المفقرة كاليمن و السودان وموريتنايا مثلا فتتواجه احتمالات الانفجار بخطر الاحتكاك الاستفزازى المباشر بين الفقر والغنى فى اكثر المجتمعات العربية "تطورا" و تحديثا" -مظهريا على الاقل- مثل مصر و الجزائر و لبنان . من ذلك على سبيل المثال لا الحصر مخيمات اللاجيين الفلسطينيين - بعد 1982 -على الاقل-و فلسطين - المفقرين من عمالة التراحيل الاسرئيلية القابلين للاستغناء عنهم بمعدلاات عالية بمحض تواتر حالات الاغلاق او-و باستيراد عمالة جنوب شرقى اسيا - لحساب اثرياء اتفاقية اوسلو الجدد-والعائدين و مخميات لاجئى 1948[5]
المنظمات غير الحكومية و الافقار غير المسبوق:
فيما يتبدى ان الطبقات فى حد ذاتها و الطبقات الرخوة المائرة او-و التنظيمات المطلبية و التعاضدات المذكورة قد اطيح بها فان تضعضع فئات عريضة من الاخيرة افسح فضاءات واسعة بصورة غير مسبوقة لفئات مجددة من الطبقات او الشرائح الاجتماعية من افراد جدد ممن اعرفهم  باصحاب المال الجديد و بائقى الاذهان و الافراد المفردين Individualised individuals ما بعد العقلانيين Post-Rational individuals. و تستقطب المنظمات غير الحكومية اؤلئك الافراد المفردين و تفرد افراد لحساب مفهوم الفرد العقلانى الذى يتعين تكاذبا على تحقيق مصالحه بوصف ان ذلك تحقيقا لمصالح المجتمع. ذلك ان مجموع مصالح اؤلئك الافراد العقلانيين المفردين يؤلف مصلحة المجتمع بالوصف العقلانى-اى المزوق. و يعنى المجتمع هنا الجماعات المستقطبة فى و النازعة نحو التوفر على تحقيق شرط نمو العولمة و الجماعات المعولمة و على رأسهم الاوليجارجيات المالية من سادة الكون الماليين. و ما تنفك المنظمات غير الحكومية بهذا الوصف تنمي و تشجع و تنشر فكرة ان اؤلئك الافراد عنوان على التنمية على الطريق الامريكية و ايقونتها معا. و يكرس تمويل المنظمات غير الحكومية ضمان اجندة نمط "تنمية" يتعين على اعلاء و ترفيع و "تمكين" Empowering جماعات خصما على اخرى و قوميات و اثنيات على غيرها و نوع Gender على اخر . ولعل مما قد يلاحظه الناس كيف ان بعض المنظمات غير الحكومية قد تأخذ على عاتقها التوفر على "تنمية" بعص شرائح سكانية ومناطق معينه ممن تستظرف او تستلطف تاريخيا و نوعيا او اثنيا اجندة  العولمة. و الى ذلك تلعب المنظمات غير الحكومية دورا خطيرا فى كوننة قوميات و اثنيات و نوع جنسانوي على غيره قياسا عل البرجوازية الصناعية التى كانت تنمى  مجاميع و طبقات و مجتمعات قومية خصما على غيرها. وقياسا فقد يسرت المنظمات غير الحكومية التى تصدر عن تطوير شرائح بعينها -المرأة-اجندة تمكين المرأة الفلسطينية مثلا باحد شرطيات معاهدة اوسلو التى فرضت 9% من ميزانية فلسطين لتمكين المرأة الفلسطينة مقارنة مع ميزانية تنمية القطاع الزراعي في مجتمع زراعى. ذلك ان  العولمة تنشط عبر وسائل متعددة منها الفيمينية الغربية المغالية  او الاحرى الاصولية Fundamentalist Western Feminism ممن اعرفهن بالنسووقراطFeminocrat  في سياق اصولية السوق و اقتصاد السوق المسمى حر- the so-called free market فى تكريس دور بعض الكائنات –المعدلة جينيا او المهيكلة  على نحو فكري و تنظيمى خاص في برامج ما يسمى "النوع-او  الجندر- من اجل التنمية" او فى التنمية  Gender in development and gender for development تحت الوية التصنيع-في حيازات مناطق التجارة الحرة Free Trade Zones (TZs) ومناطق الصناعة التحويلية الحرة Free Processing Zones(FPZs)  و الكويز و غيرها من حواشات اقتصاد التصدير الى الاسواق المفتوحة-للاقوياء  الاثرياء خصما على المستضعفين المفقرين و على التنمية الاجتماعية الاقتصادية المسدامة  لحساب المراكمة ما بعد الراسمالية المالية عابرة الحدود القومية. 
و يلاحظ الناس فى كل مكان انه ان راحت الرأسمالية ما بعد الصناعية المالية بالنتيجة تنمى افراد و فئات و انواع خصا على اخرى فانها كانت حرية بان تكونن بالضرورة اؤلئك الافراد و الفئات والانواع بغاية ان تجعل منها جماعات  فائقة على القومية و عابرة للقوميات تأتمر باوامر فوق قومية و تنزع نحو غايات عابرة للقومية. و من ابرز النماذج التى تعينت بعض المنظمات غير الحكومية و معظم المانحين الغربيين المرأة العربية و  نظائرها فى كل مكان.
-ارتهان المجتمع المدني بالمنظمات غير الحكومية :حصار و تشويه المجتمع المدني[6] :
يلاحظ كيف اخذت المنظمات غير الحكومية تحتل مكان تراتبات المجتمع المدني  من التنظيمات الشعبية و المطلبية وغيرها فى معظم مجتمعات العوالم الثالثة والرابعة و العصر حجرية على الخصوص. و يكرس قانون الجمعيات الخيرية تحريم تسيس المنظمات غير الحكومية تكاذبا بالطبع الا ان ذلك بقى من شأنه تقنين نشاط تلك الجمعيات بهذا الوصف, فان بقى شرط أهلية المنظمات غير الحكومية يشترط (تكاذبا) لوقت طويل "عدم تدخلها فى السياسة" حتى لا تطرح السؤال الذى يشارف الخطيئة المميتة وهو " لماذا يبقى المفقرون فقراء؟" الا ان بعض ض المنظمات الخيرية الدولية مثل اوسكفام Oxfam لوقت طويل غير مسيس. فقد كان شرط أهلية المنظمات غير الحكومية-الخيرية الدولية مثل كريستيان ايد و كافود و اوكسفام قد بقى لوقت طويل هو عدم تسيسها و عدم تدخلها فى السياسة و ذلك بغاية الا تطرح تلك المنظمات بالذات السؤال الذى يشارف الخطيئة المميتة وهو  " لماذا يبقى المفقرون فقراء" مما تعرضت اوسكفام مثلا فى نهاية الثمانيات بسببه لاحتمال سحب رخصتها و اغلاقها اذ تسأئلت عما يبقى الدول الافريقية جنوب الصحراء فقيرة بلا امل فى النمو. 
المنظمات غير الحكومية و انكار مفهوم المجتمع:
لعل السؤال هو هل تفرغ كيمياء حلول المنظمات غير الحكومية و الخيرية فى مجتمع مضيف ذلك المجتمع من مكوناته التقليدية و الحديثة معا؟  اجادل انه حيث تتعين المنظمات غير الحكونية على تفريد الفرد واستقطاب جماعات بعينها خارج التراتب و التماير الطبقى فانها لا تكرس بهذا الوصف مفهوم المجتمع اللا طبقى وحسب و انما تنكر فكرة المجتمع اصلا. و كانت مارجريت ثاتشر رئيسة وزراء بريطانيا المحافظة قد جأرت بداية ثمانينات القرن العشرين بان "ليس ثمة ما يسمى مجتمع" There is no such thing as society . و قياسا فان رفض فكرة المجتمع و من ثم  التمايز و التراتب والصراع الطبقى قد تمأسس على تفريغ مفهوم المجتمع  من كل من البعد التاريخى و الطبقى و الديمقراطى جميعا مما يسر كما تيسر بالحلول الطاغى اقتصاديا و تنظيميا للمنظمات غير الحكومية و المنظمات الخيرية مكان المجتمع المدني. فاذ لم تعد ثمة طبقات فان ادعاءا ملحاحا يقتصد فى قول الحقيقية يزعم تمثل مجتمعات "لا طبقية" Classless Societies او بان ليس ثمة شئ اسمه المجتمع . و قياسا فان لم يعد او يكن ثمة مجتمع فلا فضاء للعمل الجماعى و من ثم لا مكان للمجتمع المدني مما يغدو حريا بان يجرف الديمقراطية فى اهم تراتباتها الشعبية فيما يلقى بالاحزاب السياسية فى عراء المشاركة الاهلية من ناحية.
ومن ناحية اخرى فان انكر العمل الجماعى فان الاصرار على نهاية الصراع  الطبقى Class struggle فى مجتمعات المشروع ما بعد الرأسمالي تنذر بتفريغ  الحياة السياسية من محتواها الليبرالى. ومن المفيد تذكر انه فيما تبشر العولمة –الرأسمالية المالية-ب بوكالة الصهيونية العالمية بما يسمى تخاتلا "الرأسمالية الشعبية" Popular Capitalism فان:
- شرائح من المعدمين او ممن هم دون  الطبقات Under-classes
-شرئح اخرى فوق الطبقات Super Class حرية بان تعبر عن نفسها بوصفها خليقة بالقيام بدور واحتلال مكانة المجتمع-التشكيلات الاقتصادية الاجتماعية و المجتمع المدنى و الاهلي و الشعبى.
ذلك ان المنظمات غير الحكومية و الخيرية غالبا ما تكون قد اذرت بمعظم التشكيلات الاقتصادية الاجتماعية و بالمجتمع المدنى و الاهلى والشعبى جميعا. ذلك ان المنظمات غير الحكومية و الخيرية تستبق الاخيرات فيغدو من ثم لا مجتمع و لا طبقات فيما يحرم التجاسر على اشعال صراع طبقي من اجل التشكل مجددا خارج اعتبارات المراكمة الرأسمالية المالية.
و قياسا فان "التغيير" يدار  فوقيا فى غياب وتغييب مفهوم المجتمع المدني و التمايز الطبقى وغيرها. ذلك أن متفوهات -تخرسات-كل من اليمين الجديد و-ما بعد اليسار-الطريق الثالث The Third Way -كانت قد اخترقته باكرا اليبرالية الجديدة لحساب الصهيونية العالمية تحت راية المحافظين الجدد بكل ما بات يسمى ما بعد اليسار تجاوزا  لليمين و اليسار التقليديين[7]. و كان الطريق الثالث The Third Way قد اعاد تصنيف التمايز الطبقى فى 1999 على اساس مهنى  Professionsو ليس بالطوائف الحرفيةTrades and vocations  بالطبع. فغدى الممثلون والفنانون يتبعهم اساتذة الجامعات و الممرضون والممرضات طبقة-بريطانية مثلا-وسطية عليا Upper Middle Class. وقد جاء الاطباء والمحامون و رجال الاعمال الصغيرة فى هذا التراتب قبل الجيش والبوليس و العمال المهرة يتبعهم باقى العمال. و يرجع(بشد وكسر الجيم) هذا التصنيف مفهوم الفرد العقلانى و الفرد المفرد مما ناقشته فى بحث اخر بصورة اوسع.
فان تخلق المنظمات غير الحكومية و الخيرية و العون الغذئي و الانساني شرط تشوه المجتمع تمهيدا لدماره بسمسرة شرائح وسيطة و عليا تلحق نفسها بسادة الكون و الرأسمالية المالية فان المانحين ما ينفكون يتبرعون مجددا من اجل اعادة تشكيل المجتمع المضيف للاعانات وعمال المنظمات غيرالحكومية و انغالهم الفرانكيشتانية تتعين على تدمير المجتمع. وتتضح تلك الممارسات في تطبيقاتها على المرأة و على اعضاء الطبقات المتوسطة و الوسيطة قبل غيرها. فرغم ان سادة الكون و الرأسمالية المالية بقيت تعشق الطبقات المتوسطة و الوسيطة كونها جماعات مستهلكة بالضرورة للسلع المادية و غير المادية الا ان الرأسمالية المالية لم تلبث ان اذرت بالطبقات الوسيطة و المتوسطة جراء انخفاض الاجور. سوى ان ذلك لم يمنع الرأسمالية المالية من ان تتعين على غواية ما الطبقات المتوسطة والوسيطة بالديون الفردية و الجمعية مما لم ينفك ان اودى بتلك الطبقات مثلما نري فى المجتمعات الاوربية الغربية الغنية مثل اليونان و ايطاليا و اسبانيا و البرتغال و جمنهورية ابرلندا و نظائرها فى ايسلندا و في  الولايات المتحدة.
فقد تعين مشروع المانحين بتنويعاته اللامتناهية و على رأسها المنظمات غير الحكومية و الخيرية بالمنح و الهبات و المساعدات للمجتمعات المضيفة للاخيرة تعين مشروع المانحين بهذا الوصف على تشويه الاسرة و مؤسسة الزواج و العلاقة بين الجنسين و الطفولة و الامومة من ناحية. و تعين من ناحية اخرى الى ذلك على تشويه اليسار و احلال افراد و جماعات مفردة مكان الطبقات المتوسطة و الوسيطة. فان استقطب المجتمع على مدى الثلاثين عاما الماضية بين حكام و محكومين فقد اذري بالطبقات الوسيطة الا ما خلا ما لا يزيد على %2 أو1% منها فى كل مكان. و لم تعد تلك الطبقات تقوى على امر و قد انخفضت الاجور بصورة غير مسبوقة فلم يبق سوى ان يستدين الناس ليواصلوا حياتهم غير العادية مما لم يبق لهم معه سوى القنانة او ما يشارف العبودية لرأس المال المالى مما يلاحظه الناس فى كل مكان.     
 المنظمات غير الحكومية والجماعات غير المنتخبة:
باتت منذ ثمانينات القرن العشرين اقليات غير منتخبة أهم من اغلبيات الناخبين. فالنواب اهم من قاعدة الحزب فيما يفعم قادة و اعضاء المنظمات غير الحكومية و ما يسمى بالمنظمات المستقلة غير حكومية-الكوانجوزQuasi Autonomous Non-Governmental Organisation (QUANGOs)   فضاءات التعبير و التنظيم. و تتعين تلك الاقليات منذ الثمانينات على اشاعة الاضطراب الفكرى و التنظيمى. و لعل لها دور فى احلال ما يسمى بالفوضى الخلاقة (لمصلحة خصوم العرب والمسلمين و خصما على الاخيرين). و يتعين معظم اعضاء المنظمات غير الحكومية و الخيرية و العون الانسانى و الغذائي على ترويج لغة العولمة و عواية الناس بها و نشر المفاهيم الرأسمالية المالية من مجتمع الفرص Society of Opportunity و الخيارات و سيطرة الفرد على حياتهThe Individual’s control over his or her life  في وقت لم يعد الفرد يملك فرصا و لا خيارات ناهيك عن السيطرة على حياته تحت وطأة الشروط الذاتية للمراكمة  الرأسمالية المالية. ذلك ان الاخيرة تتطير من بل تجرم اعادة التوزيع و لا تخلق عمالة و تنافس المنتح على الاجور بوصف ان الرأسمالية المالية  عدو الاقتصاد  السلعى.
فقد انخفض القطاع السلعى فى ثمانينات القرن العشرين الى 25% من الناتج المحلى الاجمالى و لم ينفك ان بات اقل من 6% فى اكثر المجتمعات الاوربية تصنيعا. ذلك ان عمالة الانتاج السلغى صدرت الى الخارج فيما بات افضل ما يحصل عليها الفرد من فرص العمالة هو الانتاج الخدمى. و ما ان عصف بقطاع الانتاج السلعى حتى اذري بالعمل الجماعى و المطلبى و بالديمقراطية الليبرالية كما نعفرها لحساب الديمقراطية ما بعد الليبرالية. فقد اكتسح فرسان الديمقراطية ما بعد الليبرالية فضاء المجتمع المدني و البرلمان  كما فعل المبشرون بالثقافات و القيم و المعايير السابقة على "التنوير". و كان "التنمويون" احتكروا ساحة الفكر و التنظيم فى السبعينات حتى منتصف الثمانينات فراحوا بدورهم يستلبون فضاءات التنظيم و التعبير الاقتصادى الاجتماعى. و كانت فكرة "التنمية " development او "تنمية العالم" باقتصاد السوق الاصولى و الدولة ما بعد القومية و التفريد قد عرفت المجتمعات غير الصناعية باكرا منذ نهاية الاربعينات و بالتحديد يوم توليه الرئيس الامريكى ترومان فى 20 يناير عام 1949  بالمجتمعات المتخلفة" underdeveloped فالصقت المفردة من يومها بالمجتمعات غير الصناعية واللاغربية عموما.
و قد انطلق الغرب بعالميه تحدرت من القديس بولص الرسول عبر حركة "التنوير" و حتى هزيمة النازية فى الحرب العالمية الاولى نحو "تحديث" و "تطوير" وتنمية" تلك المجتمعات تكاذبا حتى "تلحق" " Catch- up to"  بالمجتمعات " المتقدمة" [8]. و  تقبل " الجنوب" ذلك " القدر" محتفلا مرة لما تحمله المفردة من تضمين بصيرورة نحو النمو مخاتلة و باحساس بالتقصير والشفقة الذاتية. فلم يلبث المتخلفون ان كرسوا احساس " الشمال " المتطور و منفذي سياسات التنمية و النمو و اللحاق و تبادل الاعتماد الاختيارى او المقتهر المتزايد بالصلافة.  
المنطمات غير الحكومية و التفويض الشعبى
ليس للمنظمات غير الحكومية والخيرية ذا التمويل الاجنبي تفويض شعبى سوى انها تستبق و تتحدث باسم فئات بعينها ممن بقي من اعضاء الطبقات الوسيطة. و قياسا فان المنظمات المستقلة الشبيهة بالمنظمات غير الحكومية (QUANGOs) الكوانجوزQuasi Autonomous Non-Governmental Organisation        جماعات غير منتخبة و هى كيانات فائقة على الاحزاب و الدولة الساسة الاحزاب و الدولة و الساسة فان كانت الاخيرة غير منتخبة سوى انها تطرح نفسها و كأنها بدائل للدولة و للساسة. و تتمثل خطورة المنظمات غير الحكومية فى انها تتقارب من الفئات الشعبية و تقود الشباب مثل نعومى كلاين. و تمثل الاخيرة نموذجا خطرا على الفئات الشعبية الشابة التى تجد انها تملك التماهى مع نعومى كلاين اكثر مما تتماهى مع نظائر شعبية اخرى. فتلك النماذج تعمل خصما على كل من الساسة مهما كانوا فهم منتخبين و على الحركات الشعبية التى تمنى بخصوف شبه كامل امام اشعة ضوء المنظمات غير الحكومية و زعمائها. و كان بعضهم نجما من نجوم الغناء او السينما و الاحرى قيد يغدو بعضهم بدوره  نجما مثل نجوم السينما و كرة القدم و التليفيزيون. 
و يعمل بعض اعضاء المنظمات غير الحكومية مع الجماعات المتمردة فى معسكرات اللاجئين من سييراليون الى افغانستان بحجة الا سبيل لتقديم العون الغذائى بسوى التعاون مع المتمردين. على ان حق الناس فى الغذاء و الماء و الدواء و العون الغذائي والانساني ليس عملا خيرينا  و انما حقا لافراد و جماعات لها حقوق انسانية و كرامة و ان من حقها مسائلة تلك المنظمات غير الحكومية فيما تقعل و ما تترك بشأن التعامل مع و تقديم المساعدات لتلك الجماعات. و تباعد المنظمات غير الحكومية ما بين المانحين و المتلقين ل "الصدقة" ما بعد الرأسمالية ما بعد الحداثية. و قياسا تفوح الفضائح من كل نوع حول سيرة منظمات الغوث و المنظمات غير الحكومية. و يستغل عمال الاغاثة وحتى قوات حفظ السلام حاجة الناس للحصول على "جمائل  جنسية" مما سجل باكرا في كامبوديا و الكونغو برازافيل  و جنوبي افريقيا منذ بداية القرن فيما تستدعي تلك المنظمات مفردات و لغة ابوية تجاه الاسيويين و الافارقة.
و تستخدم المنظمات غير الحكومية لغة التبرع و العمل الخيرى على سبيل استخدام لغة الابوية الخيرية الفيكتورية المسيحية و لغة الرأسمالية ما بعد الصناعية التى تجأر بتمكين الفرد و توفير شرط سيطرته على خياراته فى الوقت الذى يستلب فيه السيطرة على حياته بكاملها ناهيك عن اختياراته اكثر من اى وقت مضى. و لا تختلف لغة و خطاب المنظمات الخيرية و المنظمات غير الحكومية عن لغة "التنمويين"  Developmentalists  ما بعد الحداثيينPost- modernists  تشارف خطاب نظرائهم الكونسكتادوريس- Conquestadores الفاتحين فى المجتمعات المهزومة بما يسمى "الاكتشافات الجغرافية الكبرى".
المسئولية الرأسمالية و اولويات المنظمات غير الحكومية الفائقة للقومية
هل تكمل المنظمات غير الحكومية الدولة ام تتحداها. ففيما عدى المنظمات الخيرية الكبرى مثل اوكسفام فثمة دروس يمكن تعملها من استشراء تلك الكائنات دون محاسبة فى مجتمعات نائية بعيدة عن الصحافة و فى غياب مراجعة اللذين تقوم تلك المنظمات على او تدعى خدمتها. و حيث لا تملك المنظمات غير الحكومية الابنية الديمقراطية فى داخلها فان تغلغلها لا يزيد سوى ان يكرس غياب المشاركة الشعبية بين اللذين تدعى المنظمات غير الحكومية تطويرهم و تخفيف وهدة افقارهم. و لا يشجع معظم تلك المنظمات على قيام عضوية شعبية فى جمعية عمومية تراجع المنظمة غير الحكومية او الخيرية . فالمانحين ليسوا و حسب خيريين-و من ثم فهم فوق كل محاسبة بهذا الوصف- و انما افراد يدركون ما هم بسبيله بصورة افضل مما يرقي اليه وعي او طموع اى من المتلقين للعون و الغوث و خلافه او اى عضو فى جميعة عمومية للشعب المحتاج للاعاثة او الاعانة او للمساعدة من اى نوع. وقياسا يأتى المانحون فى المقدمة و يأتى موضوع المنح-اى المتفضل عليهم بالمنح-فى اخر القائمة؟ 
و من المفيد تذكر ان اعداد المانحين و عمال للمنظمات غير الحكومية و الخيرية قد يفوق عضوية اى حزب سياسى فيما يقفون خارج كل حزب و فوق الحكومة نفسها فى كل مكان من المجتمعات العنية والمفقرة جميعا.
وقياسا ترى(ن) ان وزارة المالية البريطانية مثلا تسعى الى تجنيد منظمات دون غيرها لصفة سياسية معينة:
-فمرة لن تحاسب تلك المنظمات الحكومة على سياساتها التنموية
- و مرة اخرى تغدو مهمة تلك المنظمات غير الحكومية تيسير سياسة الدولة التى ينتمون اليها فى المجتمع المضيف
- و مرة ثالثة فان مفاهيم العمل الشعبى تغدو رهينة بما تبشر به و تكرسه تلك المنظمات.
 
 
و تنشر اجندات جماعات غير منتخبة و غير شعبية لا تملك سوى فاكس و عنوان بريد اليكترونى وحسب سوى انها تملك رسم اجندة تنموية بعينها. و لا تزيد المنظمات غير الحكومية مثلها كمثل نظائرها ما بعد الصناعية سوى أ، تراكم بنائيا نظائر ما بعد رأسمالية فتكرس "التنمية"  الرأسمالية ما بعد الصناعية و ترتيبا تسوق منتجات تلك النظائر ما بعدج الصناعية على انها عملا خيريا "يساعد المحتاجين على مساعدة انفسهم".  ذلك ان بعض الاعمال تحتاج المنظمات غير الحكومية لاعطاء اعمالها مصداقية فتوظف الاعمال المنظمات غير الحكومية لهذه الغاية. فغالبا ما توظف الشركات متعددة الجنسيات مثل شركة بنيتون Benetton المتخصصة فى ملابس الاطفال التى تجنس الاطفال Children’s ware that sexualises children تلك المنظمات لتيسير تسويق سلعة او احلال اخرى.
و قد اتضح تواطؤ بعض المنظمات غير الحكومية والخيرية و عمال العون الغذائي مع بعض الصناعات الكيماوية على تسويق العقاقير البائرة او-و تجريب العقاقير الجديدة على مفقرى و جياع العوالم الثالثة. و يوفر العون الغذائى مثلا فرصة تجريب المحاصيل المعدلة على من هم ادنى من البشر قبل تقديمه لمن هم فى عدادا البشر تحسب لمغبة الطعام المعدل على سادة البشر الحقيقيين. و يتدافع الاخيرون ليس لارضاء المفقرين و انما لارضاء المانحين بصور اطفال يبتسمون ممتنين لسخاء المناحين. و يعرف هؤلاء كل شئ تقريبا الا ما هو اهم دون سواه عن المفقرين لان امتيازاتهم تجعلهم عرفاء فلا يسألون المفقرين ما يريدون حقا انما يستغني عمال المنظمات غير الحكومية العون الغذائي والانساني و المسئولين عن صرف اموال المانحين تماما عن رأي السكان المحليين فيما يخضعون له من "مساعدات". وقياسا يتعين عمال المنظمات غير الحكومية و الخيرية و العون الانسانى على بناء منازل فى اقاليم نائية كما فى كوجرات بالهند مثلا او في ادغال افريقيا و اسيا وهم الذين لا يعرفون عن مناخ تلك الاقاليم شئيا يذكر او ينسى. او يشيد الاخيرون للمنبوذين مثلا مراحيض داخلية فى مناطق  ليس بها تصريف صحى.
شرح على المتون (1)
المبشرون الجدد و وصاية ملائكة  الرحمة:
فيما لا يسعى اؤلئك الملائكة الرحماء  الى التعرف على  حاجات الناس الحقيقية فان تلك الحاجات لا تدخل ضمن اجندة المنظمات غير الحكومية والخيرية الخ الا بقدر الابقاء على اؤلئك المحتاجين احياء و ربما مساعدتهم على الموت البطئ. و تفرغ الدول الغنية عبء حمولة مشاكل التعامل المباشر مع الدول المفقرة عبر المنظمات غير الحكومية والخيرية. و حيث يبدو و كأن الدول الغنية تستجيب لمطالب المنظمات غير الحكومية بوصف ان الاخيرة من طبعها ان تدرك اكثر من غيرها حاجات الناس اللذين تخدمهم  فان الدول المانحة تزعم ان المنظمات غير الحكومية تحظى بدرجات من القبول لانها تتسم بالبراءة و عدم التحذب السياسى. و قياسا تبلغ ميزانية المنظمات غير الحكومية مئات الملايين من الدولارات و يتقاضى الاف موظفيها عشرات او حتى مئات الاف الاسترلينى و الدولار. و يسارع عمال الاغاثة الى اقامة مستوطنات على حواف معسكرات اللاجئين على حدود المدن او فى قلب الغابات تضمن لهم الحياة المرفهة قبل توفير احتياجات المتضررين بالكوارث و الحروب. و يتمتع عمال المنظمات غير الحكومية فى المجتمعات التى يتعينون على "مساعدتها" بما لا يتمتعون به فى مجتمعاتهم اى افضل كثيرا فيتصرفون و كأنهم حكام على الشعوب المهزومة بالعون الغذائى قبل الهزيمة بالحروب الاهلية او الكوارث الطبيعة. و غالبا ما تقف الحروب الاهلية كواحدة من اليات خلق شرط افقار و هزيمة اطراف الحرب الاهلية بقوة الاسلحة التى تبيعها الرأسمالية المالية او-و توزعها على الطرقين بلا انتقاء الا ما خلا ما يقيض سحق الطرف الذى ترغب الرأسمالية المالية فى سحقه لحساب نصراء الرأسمالية المالية و ازنامها. و عندما تسفر الحرب الاهلية عن هزيمة او اضعاف حلفاء الرأسمالية المالية و ازنامها تسارع قوات الاخيرة للتدخل لحساب حلفائها. وقد تعمض قوات الامم المتحدة لحفظ السلام بين اطراف الحرب الاهلية العين عن مجازر خصومها بين المتحاربين من اطراف الحرب  الاهلية التى تكون المنظمات غير الحكومية قد روجت لمثول حلولها مثلما فعلت تلك المنظمات بتنويعاتها تحت رايات لا متناهية  فى البوسنة و كوسوفو و تيمور الشرقية و تفعل فى افغانستان و العراق و ليبيا و سوريا تباعا. ذلك انه ما ان ينذر او يبشر مناخ نزاع ما بحرب اهلية حتى تسارع المنظمات غير الحكومية القائمة على ما يسمى بالعون الانسانى بجمع التمويل من تبرعات من يهمهم حسم الامر لمصلحة ايديولوجية رأسمالية معينة و تنصب خيام معسكرات اللاجئيين و يتفق عمال الاغاثة على حدود الدولة المهددة بحرب اهلية او اجتياح خارجى  قبل اندلاع الحرب الاهلية او الاجتياح الخارجى مثلما حدث فى تيمور الشرقية وافغانستان و العراق و يحدث في سوريا.
المنظمات غير الحكومية و العون الانسانى والسلطة العاجلة:
تتصل اهمية المنظمات غير الحكومية بما يسمى بالسلطة العاجلة و الشهرة و النجومية (البائرة). فكل ما يقوله جورج كلونى ووالده و انجلينا جولي وغيرهم ممن تعين على الحاق نفسه بمنظمات غير حكومية و خيرية و انسانية هام و عاجل و يعجل بحدوث امر و يتطلب تدخل عاجل من المجتمع الدولي. ذلك ان تلك الجماعات و معها منظمات غير حكومية و خيرية ومنظمات الغوث العذائي و الانساني  تتعين على تيسير و تسويغ عمليات العصف بالشعوب لمفقرة  و بدول الاخيرين من قبل الدول الغنية او ما يسمى المجتمع الدولي. و يفبرك ذلك التسويع بمحض اشاعة خبر كارثة طبيعية او من صنع  الانسان او نشر قصة حرب اهلية فى العالم الثالث و الرابع و العصر حجري فتنبري الدول الغنية للتقديم العون الانسانى للمفقرين او-و المضظهدين من قبل حكوماتهم. و يلاحظ كيف تدور تلك القصص فيبادر الاعام الغربي باشاعة الشعور بالقلق لما يحدث فى العوالم السفلية ثم ما تنفك الدول الغنية تعمل على هدى تلك الشائعات. و الغاية فى اخر الامر هي استباق ما يمكن ان يحدث او احداث ما يراد حدوثه من اجل نهب ثروات بعينها من السلع الاستراتيجية كالماس و الذهب و الفضة و النفط الخ. فالعالم لم يعد يسعنا جميعا بمعدلات استهلاك الاقوياء الاغنياء لثروات العالم.
و قياسا لا يحتاج عضو منظمة غير حكومية بهذا الوصف سوى ان يرفع سماعة الهاتف و يعلن وجود كارثة فى مكان ما حتى يستدعيه التلفيزيون و تستضيفه الاذاعات و تأخذ الصحف عنه تصريحات مثيرة حول الاوضاع الانسانية فى اقليم ناء و تخرج صور- من الارشيف لا تتغير-لتعلن عن بؤس الالاف فتذوب قلوب المحسنين و الساسة الخائبين بالضرورة او-و اؤلئك الذين يقفون على اعتاب حملات انتخابية حاسمة.
و ينشر نجوم الكوارث و الحروب الاهلية ومعظم عمال المنظمات غير الحكومية مؤلفات سرعان و ما تغدو الاكثر مبيعا و يغدو بعضها مقرررات مدرسية و جامعية. و لا يغدو عمال المنظمات غير الحكومية نجوما و حسب و انما مؤسسات يؤخذ عنها القول الاخير و الفصل فى امور المجتمعات التى هبط بعضهم بها بليل وسحب و اؤلئك الذين عملوا بها من جواتيمالا الى روندا و من توزلا الى توريت و امثالها. ذلك ان غايات الاخيرين من تصريحاتهم الشهرة الذاتية وحسب و انما سرعان ما تفرز تلك التصريحات كيمياء ناجزة لاتخاذ قرارات دولية بعينها.
أ) فان يفبرك الاعلام العالمي سرديات تتصل باؤلئك الافراد و ما يتعينون على التصريح به من وقائع يتوفر للمجتمع الدولي شرط اتخاذ سياسات و قرارات وقوانين انتقائية بالطبع فى اعقاب العون الانساني و الغذائي كما فى دارفور و ليبيا و سوريا تباعا. والعكس صحيح.   
ب) فقد كان التصرح بوقوع كارثة دائما سبيل دول كبرى للاسراع بتقديم العون الغذائى والانساني سئ السمعة مرات مثلما مبات ارسال قوات حف  الامن بدوره مدعاة لتطير المراقبين المحايدين. فمرة يبتاع العون الغذائى ولاء المتقضل عليهم. ففى قمة انتشار العداء لامريكا ابان انتفاضة الاقصى كان بعض مفقرى العرب يسبحون بحمد امريكا لانها اعطت احدهم عدة نجارة او الة حياكة أو ساعدته على استئجار دكان.
ج)  تتعلق افئدة الصحفيتن الحربيتن و المراسلين العسكريين باخبار الحرب او موقف شدة او اغتيال سياسى او انقلاب فيشدوا رحالهم الى مسارح الاحداث التى تؤلف مصدر نجوميتهم.  و يذهب الصحفيون الى العالم الثالث بادعاء امبراطوري. فيتصرفون فى الهند و كأن عهد الراج لم  ينقض و قد صعروا خدودهم و هم يجأرون " كيف تتجاسرون على اعتراض طريقنا؟". و فى غابات افريقيا فان سلطة اداريين او سواح دفعوا مقابل مرافقتهم افضل الموجود يوفر للرجال منهم استغلال الرجال المحليين باغداق الشراب عليهم و بالتفضل عليهم بمشاركتهم  مشاهدة مباريات كرة القدم. و يستغل اؤلئك الادريين جوع و فقر الاطفال و امهاتهم مثلما رأيت بعينى رأسي فى مابوتو بالموزانبيق. و تستغل النساء انوثتهن و جنساونيتهن اذا كن شابات على الحدود مقابل خدمات ممنوعة. و قياسا تستغل من تجاوزت متوسط العمر كهولتها ومن ثم عجرها المصطنع عن التذكر و عدم عثورها على الاوراق اللازمة من حقيبة يدها المتضخمة بما حشتها به عمدا او اهمالا من قمامة حتى ينفذ صبر ضابط الجوازات او يرق قلبه لعجوز خرفة لاهية عن حقيقة انها تعرض نفسها للخطر يزيارة ارض معركة-حسبما ذكرت ان ليزلي  Ann Leslie الصحفية البريطانية و تكتب للديلي ميل عن تجربتها هى الشخصية فى محاولة دخول مناطق محرمة حيث يمنحها ضابط الجوازات تأشيرة مرور الى حيث جائت من اجله جراء تسولها للشفقة وهو غافل عما تدبر تلك الشمطاء.
على انه من المفيد تذكر ان عمال المنظمات غير الحكومية والخيرية و مراسلو الصحف و المراسليين الحربيين و نظائرهم بيلمعون انفسهم بوصفهم يعملون على نجدة معذبي  الارض مما يحيق بهم و ينقذون المفقرين من التضور و الفاقة. ذلك ان اؤلئك النجوم ييلحقون انفسهم مثلما كان المغامرون و الحالمون و المبشرون يلحقون انفسهم بالرب و بالكنيسة و بالعرش بذريعة العمل فى سبيل نشر المسيحية بين الوثنيين انقاذا لارواح الاخيرين. و يستخدم النجوم المنظمات غير الحكومية على سبيل العلاقات العامة. و قد تبرع الامير هارى الابن الاصغر للامير تشارلز ولى عهد بريطانيا لمنظمة ميريلين الخيرية  Meryiline Charity غير الحكومية التى تقدم العون الانسانى فى افريقيا للحصول على عائد بيع الصوره التى اخذت له بمناسبة عيد ميلاده الثامن عشر.
و ما تنفك الامم المتحدة تعين سفراء لدى المجاميع المفقرة لتسويق سياسات الاسكان مثلا.  فتغدو جيرى هاليويل Gerry Halewell سفيرة الامم المتحدة لدى الشعوب المهزومة لتسويق استخدام موانع الحمل و مكافحة الايدز. وتذهب جيرى هاويول-و كانت احدى فتياة البهار Spice Girls-وقد بدأت حياتها راقصة عارية فى تركيا و ما تبرح تسوق نفسها بالفضائح و الاباحية من اجل رفع معدلات توزيع اغانيها- تذهب حيري هاليويل الى البرازيل و الى الفليبين فتطرح نفسها يوصفها المرأة التى "تمكنت" من مصيرها و تستدعي النموذج الذى يمثل تمكين المرأة على جسدها. و المهزلة ان جيري هاليويل التى تسافر الى مجتمعات تعيش نسبة عالية من سكانها على القمامة تسوق مذكراتها التى تصف فيها معاناتها من مرض البوليميا Bolemia و وهى اعراض مرض اضطراب عادات الاكل لدى الاغنياء .
شرح على المتون(2)
سوبرماركيت فى ادغال جنوب السودان
ينشئ عمال الاغاثة و المنظمات غير الحكومية مجتمعات موازية لتلك التى يدعون القيام على "مساعدتها". الا ان تلك المجتمعات الموازية تفوق المجتمعات الاهلية بصورة تدعو للتأمل و الخشية معا.  فمثلا  تفيض السوبرماركيتات التى تتعين على تزويد عمال الاغاثة وغيرها من المنظمات غير الحكومية بما يخطر و ما لا يخطر بالبال و كافة الماركات المسجلة. و تقف شاحنات عليها رموز المنظمات الخيرية و المنظمات غير الحكومية بانواعها و جنيساتها من اوكسفامOxfam  و كريستيان ايد Chrisitan Aid و وورلد ايدWorld Aid  و خدام الربGod’s Servants  الانجيليين الامريكيين و غيرهم من الامريكان ممن ولد مرة اخرى مسيحيا Born Again Christian الخ و يعمل كلهم فى العون الانسانى فى جنوب السودان وفي ادغال الكونغو وغيرها. و لا تستورد تلك السلع للسودانيين الجنوبيين و لا للدارفوريين( سكان درافور). و انما تأتى تلك السلع لتزويد جماعات المنظمات الخيرية و المنظمات غير الحكومية. و يسكن اعضاؤها فى  شاليهات بيضاء حول السوبر ماركيت. و تقيم كريستيان ايد حفلات ليلية لتسلية المطوعين و المتطوعات. و ياسف احد المتطوعين على ان "عدد المطوعين يزيد على عدد المتطوعات". و يسأل محقق صحفى احد المتطوعين  هل تزود  الجنوبيين بالسلاح بدلا من الانجيل؟ فيرد الاول اجدنى فى مواجهة غواية لا تقاوم سوى اننى انتظر علامة من عند الرب". و يقول مسيحى مطرف ولد مرة اخرى مسيحيا " المسلم يختلف عن المسيحى. فالمسلم لا يعرف مفهوم محبة اخية مثلما يفعل المسيحي"[9]


[1]  الى الاستاذ صلاح عيسى و غيث كبة وكنا اختلفنا فى برنامج تليفيزيونى حول جدوى المنظمات غير الحكومية و الى الى العزيزة سلوى بكر.
 [2] انظر(ى) صحيفة الايام الفلسطينية بتاريخ 14 يونيو 1999 صفحات 1-22
[3] . انظر(ى) الاهرام الاسبوعية Al Ahram Weekly العدد 430 بتاريخ 20-26 مايو 1999 ص:5.
[4] . انظر(ى) الاهرام الاسبوعية Al Ahram Weekly العدد 430 بتاريخ 20-26 مايو 1999 ص:5.
 
 
6 كانت مارجريت ثاتشر- زعيمة اليمين الجديد فى العالم الغربى تجأر بان ليس ثمة ما يسمى بالمجتمع فان وريقها وليام هيح يبشر بحزب محافظين لكل الناس A party for all people و لا يعدم تونى بلير- العمالىالجديد- الطريث الثالث ان يزاود تنويعا فى التخرساب بالقول بان ذلك هو زمان تصالح المجتمع مع نفسه فى "امة" بلا حواجز فيما.
7 انظر(ى) 20Esteva in W.Sack: 1992:A Dictionary of Development:pp:17-
8 انظر(ى)www.bbc. co.uk/radio4/fromourowncorrespondent/1 1.14am. Thursday .27.9.2002



#خديجة_صفوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- 100 عام على يوم المرأة العالمي؟
- النسووقراط و وأد البنات: احلال الحرب بين الجنسين مكان الصراع ...
- الاطفال الشهداء بضغينة شمسون على دليلة وعشيرتها [1]: في ذكرى ...
- اوباما المسيح الكذاب؟
- داروينية الاشمئزاز و فاشية اليوتوبيا
- نحو علم اجتماع عربى: الاقتصاد السياسى لايقاف علم الاجتماع عل ...
- هل يحتمى المحافظون الجدد ببعض الثورات الشعبية من هوان هزائم ...
- معلقة قصيرة فى غبائن العولمة اللامتناهية
- هل الازمة المالية تنويع على المحارق المنوالية؟
- رأسمالية الكازينو: عقلنة خصخصة الربح وتأميم الخسارة - القسم ...
- هل يتعالق انفجار الفقاعة المالية و القنبلة الديمغرافية
- تواطؤ الحكام و النخب والاوليجاركيات المالية على العامة و الم ...
- كيف احتمى المحافظون الجدد بدافور من هوان هزيمة العراق![
- رحيل عبد الرحمن النعيمي
- من التقليدية الى العولمة المتخاتلة
- كيف تفتضح الطبيعة الفاشية للديمقراطية ما بعد الليبرالية تباع ...
- ابيي وعنصرية العرب والمحارق القادمة
- تعالق الديون و القنانة: لماذا تتطير الرأسمالية من السخط الشع ...
- في تداعيات تسييس الاسلام السوداني على جغرافية السودان وتاريخ ...
- في تشريح الثورة وأدعيائها وغرمائها


المزيد.....




- المبادرة المصرية تدين اعتقال لبنى درويش وأخريات في استمرار ل ...
- مفوض أوروبي يطالب باستئناف دعم الأونروا وواشنطن تجدد شروطها ...
- أبو الغيط يُرحب بنتائج التحقيق الأممي المستقل حول الأونروا
- الاتحاد الأوروبي يدعو المانحين لاستئناف تمويل الأونروا بعد إ ...
- مفوض حقوق الإنسان يشعر -بالذعر- من تقارير المقابر الجماعية ف ...
- مسؤول أميركي يحذر: خطر المجاعة مرتفع للغاية في غزة
- اعتقال أكثر من 100 متظاهر خارج منزل تشاك شومر في مدينة نيويو ...
- مسؤولان أمميان يدعوان بريطانيا لإعادة النظر في خطة نقل لاجئي ...
- مفوض أوروبي يطالب بدعم أونروا بسبب الأوضاع في غزة
- ضابط المخابرات الأوكراني السابق بروزوروف يتوقع اعتقالات جديد ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - خديجة صفوت - المبشرون الجدد :المنظمات غير الحكومية واعادة تشكيل المجتمع [1]