احوارلاالالسيد نجما

شوقى يوسف بدر

الحوار المتمدن-العدد: 3663 - 2012 / 3 / 10 - 15:05
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    

الأديب السيد نجم: أدب الحرب جزء من أدب المقاومة
المصدر:جريدة التعاون
بقلم: وليد نشات

السيد نجم





حقا عالمه مختلف نغوص فيه وندقق في جوانبه المليئة بالغموض ويتجلي هذا في كتاباته المليئة بالخطوط الطولية والعرضية من دراسات ونقد ومؤلفات كلها ذات طابع مميز صدر له الكتاب الخامس منذ أيام عقب الثورة المصرية العظيمة التي صفق لها العالم اجمع لنقائها انه القاص والروائي السيد نجم. الكتاب يدور في فلك مجال التنظير لأدب المقاومة، بعنوان "الطفل والحرب في الأدب العبري"، وهو يعتبر الكتاب العربي الأول أو الوحيد الذي يتناول: أدب الطفل العبري، معنا نحاوره ونري ماذا يقول.
بعد أن شاركت في تجربة حرب أكتوبر 73، وبعد أن أنهيت الخدمة العسكرية، وانخرطت في الحياة الثقافية، تلاحظ لي أنه كلما تحدثت عن "أدب الحرب" وأن للتجربة الحربية أثرها الفاعل والخاص بحيث تنتج أدبها الخاص. وجدت من يرفض المصطلح وهو ما جعلني اتفرغ للبحث في خصائصه النقدية وملامحه الفنية، وهو ما أنتج أول كتاب تنظيري في أدب الحرب وصدر عن هيئة الكتاب المصرية بعنوان "الحرب: الفكرة ـ التجربة ـ الإبداع"، ثم نشرت كتاب "المقاومة والأدب"، ثم المقاومة والحرب في الرواية العربية"، كما تم تكليفي من اتحاد الكتاب الفلسطينيين لكتابة كتاب عن أدبيات الانتفاضة، ونشر تابع لاتحاد فلسطين بعنوان "المقاومة" والقص في الأدب الفلسطيني. الانتفاضة نموذجا.
- ولماذا اتجهت للكتابة في الادب العبري؟
- بدأت تجربتي في هذا المجال منذ عام 1973م كما قلت، مما وجدتني أمام فتوحات ومحاور، لم أكن أتصورها أو علي الأقل لم أكن أعلم من قبل، فقد بان لي أن "أدب الحرب" يعتبر جزءاً من أدب المقاومة، وأصبح لأدب المقاومة تعريفا عندي ونظرت له: هو الأدب المعبر عن الجماعة الواعية بهويتها، الساعية إلي حريتها، في مواجهة الآخر العدواني، من أجل الخلاص الجمعي، بينما أدب الحرب هو الأدب المعبر عن التجربة الحربية.
وبذلك يمكن اعتبار الأدب المعبر عن الانتماء مثل رواية "الأرض" للشرقاوي مثلا أدب مقاومة. بينما أي رواية تتناول التجربة الحربية في مصر أو لبنان أو سوريا وغيره فهي ضمن أدب الحرب "وأدب الحرب بكل خصائصه ضمن أدب المقاومة
المهم بعد أن انتهيت من كتابي حول أدبيات الانتفاضة، وجدتني من الضروري النظر إلي ما يكتبه "الآخر المعتدي" الذي أشرت إليه في التعريف السابق، وكان ذلك عام 2005م. ومنذ هذا التاريخ وأنا أجمع النصوص وأقوم علي تحليها والبحث في ملامح الأدب العبري الحديث.
- ولماذا اخترت أدب الطفل؟
- منذ أن بدأت الاهتمام بالكتابة للطفل سواء في رواية أو قصة الطفل، وأنا أتابع القراءة في مجالات التنظير لأدب الطفل، والتي أبحث عنها ضمن البحوث العلمية في الجامعات في مجال التربية وعلم النفس، بل وعلم الاجتماع. وهو الأمر الذي عمق فكرة أن الطفل هو كيان أمة كاملة وأن الاهتمام به هو من أجل مستقبل هذه الأمة أو تلك تأكد لي ذلك بعد أن استمعت إلي محاضرة لرئيس وزراء ماليزيا سابقا، بجامعة الاسكندرية في زيارة له بمصر عام 2006م. فقد قال هذا الزعيم السياسي المثقف أنه استمر لمدة 15 سنة كاملة، يخصص ما قيمته 21.5% من ميزانية الدولة من أجل الطفل، وإنفاق هذه النسبة المرتفعة في كل مجالات تنشئة طفل واع وصحيح بدنيا وذهنيا وعلي قدر تعليمي يؤهله للابتكار والابداع في الحياة. وهو ما تحقق بالفعل بحيث أصبح لدي الدولة الفقيرة أجيال جديدة قادرة علي تحقيق طموحات الخطة الاستثمارية التي وضعت علي التوازي وأصبحت ماليزيا واحدة من نمور جنوب شرق أسيا
مع ملاحظة أنني انتهيت من كتاب الانتفاضة في 2005 ومتابعة خطاب "مهاتير محمد" في 2006م، كنت بدأت عن قناعة البحث في كتابات أدب الطفل العبري، وبدأت الرحلة التي استمرت أكثر من ثلاث سنوات. وانتهيت من الكتاب في 2009م.
- ما هي الدوافع لتأليف هذا الكتاب. هل هي ذاتية ام ماذا؟
- هي كذلك فأنا لا أكتب في مجال الدراسات إلا حول أدب المقاومة، وبالمناسبة طرفي أكثر من كتاب الآن تحت النشر، لكن صعوبة النشر سب عدم طلوعها للنور، وربما تجربتي مع "دار أي ـ كتب" التي نشرت هذا الكتاب، سوف تسهل الامر وأتابع نشر تلك الكتب معها كما أن مفهوم أدب المقاومة عندي هو أن نعرف ذاتنا ونعضد عناصر القوة فيها، ونعالج عناصر الضعف، وأيضا نعرف عدونا في عناصر قوته لمواجهتها وعناصر ضعفة لأخذه بها، وليس أفضل من "أدب الطفل" للكشف عن البعد الايديولوجي والعقائدي لأي مجتمع.
- هل هناك مؤلفات اخري ناقشت مثل هذا الادب العبري للطفل؟
- الحقيقة لم ينل أدب الطفل العبري الاهتمام الأكاديمي والبحثي الواجب عندنا، علي الرغم من خطورته، وليس فقط لأهميته في الكشف عن البعد الاستراتيجي للفكر التربوي "الرسمي وغير الرسمي" هناك، ولكنه يكشف عن كيفية التعامل منذ الآن مع رجال المستقبل وسيداتها، حتي لا يفاجئنا واقع جديد لم نعد له عدته
أشير إلي سلسلة المغامرات "حسبما" التي صدرت في عام 1950م في اسرائيل، وحتي وفاة كاتبها عام 1994م وقد صدرت باللغة العبرية وأصبحت أكثر شيوعا من تلك القصص العالمية الشهيرة مثل "روبنسون كروزو" وأليس في بلاد العجائب وغيرها
كما أشير إلي أكثر من سلسلة صدرت بعد معارك عام 1967م، والتي كتبها "هازي لابين" وشراجا أغافيني"، والجديد أن تلك الأعمال ترجمت إلي عدة لغات عالمية وتخطت حدود الطفل بالداخل إلي الطفل اليهودي وغير اليهودي في العالم كله.
ويبقي الانتباه إلي دلالة تاريخ الإصدار، حيث الأولي صدرت عام 1950م، ومع بداية وضع ركائز دولتهم والسعي لتنشئة جيل جديد، بمفاهيم تهمهم، أما الأخريات فقد صدرت لمخاطبة طفل العالم وتلقينه المفاهيم نفسها، بعد معركة عسكرية أرادوا حصد الكثير من ورائها، والانتصار فيها. بالتالي ردا علي سؤالك وجدت ما لم أكن أتوقع؟! وجدت أن الاهتمام بالطفل العبري فاق كل ما كنت اعرفه وأتوقعه.
- مقاطعة. ممكن ان توضح لنا هذه النقطة؟
- لقد كان هدف الحركة الصهيونية مع بداية العمل علي إقامة كيان يهودي علي الأرض الفلسطينية من خلال الإجراءات السياسية والعسكرية، مصحوبا بالبعد الثقافي، في مجالات الإعلام والتعليم والأدب وبرز الاهتمام بالطفل العبري أكثر بعد عام النكبة في 1948م. علي أساس كونه نبتة قابلة للتشكيل، وصورة رجل الغد وصانع مستقبلهم
ولما كانت "اللغة العبرية" من اللغات الميتة، التي لا يتحدث بها أحد، وربما اندثرت منذ عشرين قرنا، إلا من التراتيل الكهنوتية في معابد اليهود، بات الطفل هو مستقبل تلك اللغة، والحافظ عليها من الاندثار ثانبة، وأصبحت "اللغة العبرية" لغة التعليم وكتب الأدب، فضلا عن كونها اللغة الرسمية، وبذلك لعب الطفل دوره في ترسيخ فكرتهم حول "القومية اليهودية" كما أنه مع الطفل يمكن ترسيخ جملة الأفكار التربوية الصهيونية المتضمنة في كل المراحل التعليمية ومن خلال الأدب، وهي: ترسيخ قيم الثقافة اليهودية الأساسية، تحصيل العلوم بأفضل السبل، محبة الوطن.
ومن الأمثلة علي ذلك: مجموعة كتب "الارض الطيبة" وهي التي صدرت عن وزارة المعارف الإسرائيلية عام 1986م، تدرس بالمدارس الدينية اليهودية تحت عنوان لأحد كتب السلسلة "لمن تنتمي أرض إسرائيل"، ويجيب المؤلف علي أن أرض اسرائيل تنتمي لليهود، لكن جاءت بعض الشعوب "كالإسماعيلية" ويعني العرب وكانوا قليلون جدا، إلا أنهم جعلوها خرابا.
وفيُ كتب الجغرافية، ما ورد بأن "الجولان" و"الجليل بأقسامه" من الأرض الإسرائيلية، كما حرصوا علي الإخراج الفني الجيد للكتب، بحيث يعرض لبعض صور المنازل العربية القديمة، فتبدو متهالكة، بينما يعرض لصور مبان يهودية جديدة، بما يحمل مضمون أن وجود اليهود أضاف العمران إلي المناطق السكنية والمدن.
- في رأيك النصوص الأدبية الكاملة أفضل. ام المقتطفات منها؟
- أكيد النصوص الكاملة أفضل، لكنني سوف أوجز مثالا في قصة اسمها "الامير والقمر" لقاص عبري اسمه "يوري زيفانزا": دخل الأمير غرفة الطفلة الصغيرة التي تجلس علي النافذة في الظلام، "قالت الصغيرة" من الذي سرق القمر رد الأمير: "نحوله إلي مصابيح. صغيرة تضيء أرض إسرائيل كلها، والعالم". وخرج الأمير لمحاربة العرب أو لصوص القمر.
ومرت الساعات ونام الأطفال والنساء والرجال والشيوخ، ولكن الصغيرة ظلت تنتظر، لم تيأس ولم تستسلم للنوم، وبعد فترة انشقت الغيوم فجأة، ورأت الصغيرة القمر لأول مرة، رأته جميلا ورائقا، حدقت فيه طويلا، ثم راكضت إلي أبيها وقالت: "استيقظ يا أبي، استيقظ، وقادتني إلي النافذة وقالت هل هذا وجه الأمير الصغير؟ فقال الأب: "يا بنتي، الذي سرق القمر هو الذي قتل الأمير الصغير" ولم تبك الصغيرة، فقد تحقق حلمها وأشرق القمر علي أرض إسرائيل.
تلك القصة معبأة بالأفكار والأهداف التربوية والمعلوماتية، والتي يري الكاتب العبري غرسها في الطفل العبري، مثل: البحث عن الذات" العبرية، والتي يستشعر الكاتب ضياعها أو الخوف علي ضياعها. "أن اليهود ضحايا التاريخ". فكرة "الاستيطان" وأنها واجبة عليهم وحق يجب غرسه في الأجيال الجديدة. "الآخر العربي الحقير، الذي يجب قهره"، وهو بدا في القصة من خلال. خروج الأمير الصغير لمحاربة العرب، أن العرب يسرقون الحلم والنور (رمز القمر)، كما أن العرب سفهاء (يستخدمون القمر للزينة علي جدران بيوتهم). وغيرها من القيم مثل كره العرب وغيره.
- وهل أدب الطفل العبري حقق المرجو منه؟
- الطريف أنهم في إسرائيل أتموا بعض الأبحاث حول هذا السؤال نفسه، ففي دراسة تحليلية علي شريحة سنية من العاشرة حتي الثالثة عشر، لعينة عشوائية عددها 520 تلميذا، نفذها البروفسور "أديركوهين" تحت عنوان بحثي: "انعكاس شخصية العربي في أدب الأطفال العبري" ( تم البحث عام 1985م). وقد انتهي البحث بالنتائج التالية: شيوع فكرة "الخوف من العربي"، فأكثر من 75% من العينة وصفت العربي بـ "خاطف الأطفال" و"المخرب" و"المجرم" و"القاتل". أكثر من 80% من العينة وصفت العربي. في وجهه "ندبة" "يلبس كوفية"، "راعي البقر"، "يعيش في الصحراء"، "قذر". الخ. والجهل بحقيقة العرب كأفراد وشعب، من الأطفال من وصفه "العرب لهم ذيول"، "العرب لهم شعر أخضر". حوالي 90% من أطفال العينة يرون أنه ليس للعرب حق في البلاد، لذا يجب قتلهم أو ترحيلهم بعيدا.
الأطرف أن البحث أشار إلي أن الغالبية من أطفال العينة لا يعرفون أسباب النزاع بين العرب وبينهم. وكانت الإجابة العامة هي: ان! العرب ينون قتلهم، وتشريدهم من بلادهم، واحتلال مدنهم، بل ورميهم في البحر.
- وماذا عن الاهداف التربوية؟
- إجمالا الأهداف التربوية والتعليمية الموجة للطفل العبري هي: تزكية الروح الدينية في الطفل. في سبيل ذلك تقدم قصص الأطفال الكثير من المعلومات الدينية، للتعريف بها وربطها بالبعد الاسترايتجي للصهيونية. فبالاضافة إلي التعريف بالشريعة والأحكام اليهودية، يتعرف علي بعض الأيام لتعظيمها، مثل عيد السبت، الحانوكة، التدشين، الأنوار، الشموع، عيد الفصح، وفيها يتبادل اليهود التهنئة بقولهم! (نلتقي في العام القادم في القدس) وهي إشارة إلي أن هذا الوقت وقت الحج إلي القدس.
وأيضا إحياء اللغة العبرية التي ماتت منذ عشرين قرناً، ويلعب الطفل دوره الحيوي في إحياء تلك اللغة. تشويه صورة العرب وغرس العدائية وبذور العنف تجاههم
كما أن غرس مفهوم القومية اليهودية، والشعب اليهودي الواحد. وتمجيد فكرة البطل اليهودي والإسرائيلي، من أهم توجهاتهم مع الطفل. وأشير هنا إلي أن "البطل" الذي يلقن للطفل العبري هو البطل اليهودي القديم (في العهد القديم)، والبطل الحديث (الذي أقام). دولتهم علي الأرض الفلسطينية.
نخلص في إشارة أولي إلي أن أدب الطفل العبري. يتم كتابته بناء علي استراتيجية محددة. أنه يرتبط بالمتغيرات السياسية علي الأرض وفي الواقع. أنه أدب جيد بالمقاييس الفنية والتقنية وينجح في جذب غير العبري في العالم كله. أنه أدب يتسم بقيم العنف والعدائية علي العرب. وأن أدب الطفل العبري يدخل ضمن منظومة أعلي وأكبر بل ضمن منظومة البلاد الاستراتيجية. وليس من أجل الترقية أو التسلية.
http://digital.ahram.org.eg/articles.aspx?Serial=539923&eid=900

#شوقى_يوسف_بدر (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات