أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - ناجح شاهين - هكذا تمت عملية الانتخابات















المزيد.....

هكذا تمت عملية الانتخابات


ناجح شاهين

الحوار المتمدن-العدد: 1078 - 2005 / 1 / 14 - 10:30
المحور: القضية الفلسطينية
    


لم يتم تزوير الانتخابات ولم يكن هناك حاجة لذلك من حيث المبدأ. وباستثناء عملية تمديد الوقت ساعتين بالكامل فإن أحداً لا يستطيع أن يعلق كثيراً على ما جرى. حتى سجل الأحوال المدنية لا يبدو على جانب كبير من الأهمية. وبذلك فإن انتخابات ديمقراطية قد تمت لأول مرة في العالم العربي، ويحق للفلسطينيين أن يعودوا لعادتهم في التبجح والتي كونوها نتيجة المأساة وما تلاها.
حسنا،ً ليس الأمر على هذه الشاكلة تماماً. فالحقيقة أن الانتخابات شكل من أشكال الديمقراطية يتطلب الكثير من الشروط والاستحقاقات على رأي جماعة المشتغلين بالسياسة في بلادنا. إن وجود المواطن هو أحد شروط الممارسة الديمقراطية، وهو للأسف يغيب في بلادنا غياباً بينا. ذلك أن المواطن في بلادنا يتوزع بين هويات متعددة ومتباينة في شكلها ومحتواها. ونذكر على سبيل الأمثلة الولاء للعشيرة أو الحمولة وكذلك الولاء للدين أو الطائفة وهناك الولاء للأمة العربية في مقابل "الأمة" الفلسطينية. وهناك بالطبع الولاء للفرد الزعيم المالك للأمور الهامة في حياة الأفراد والقادر على التأثير في حياتهم حد قلبها من حال إلى حال.
لا بد أن فهم سلوك الجماهير هو قصة بحد ذاتها. وليست الجماهير الفلسطينية بشاذة عن القاعدة في هذا المضمار. نذكر على سبيل المثال أن نانسي عجرم وايهاب توفيق وعمرو دياب وغيرهم من مطربي " الفيديو كليب" يتفوقون على فيروز وماجدة الرومي ومارسيل خليفة في كل المسابقات الجماهيرية، وطبعا في كمية وأعداد التوزيع والبيع ناهيك عن شباك التذاكر. ذلك ليس غريباً، والجماهير ليست عاقلة في المقام الأول؛ إنها تتغذى على مشهيات الغرائز أولا وقبل كل شيء. إذن لا بد من مداعبة شهية الطعام والجنس للسيطرة على الإنسان على الرغم من كل الكلام عن الإنسان بوصفه كائنا متعقلا يختار بناء على حسابات نظرية تجريدية تدخل فيها اعتبارات الواقع الكلي مفحوصة على هدي من المنطق الصوري أو المادي. ولا بد أن ننوه بأن الأساس في تفسير حركة الناس حتى اليوم هو سلوك القطيع. وهو أساس يسمح بالحفاظ على النوع في المراحل ما قبل الإنسانية وكذلك في المرحلة الإنسانية الدنيا. ولعل من أوضح ما يعبر عن هذه المرحلة في الثقافة العربية المثل الذي يقول " حط راسك بين الروس وقول يا قطاع الروس". على هدي هذه القاعدة تمت الانتخابات الفلسطينية الأولى عام 1996 وعلى نفس المنوال نسج النساجون انتخابات 9/1/2005. لقد قررت جارتنا الموظفة في وزارة... انتخاب محمود عباس على الرغم من أن أولادها وزوجها انتخبوا مصطفى البرغوثي. الحقيقة أن الإنسان لا يستطيع التضحية بوظيفته من أجل السياسة ووجع الرأس الذي يأتي منها. ليس هناك حالات صريحة تم الضغط فيها على الموظفين ليصوتوا لمرشح الحركة الحاكمة والتي تمسك زمام الأمور بيديها. لكن لا حاجة لذلك، فالمواطن في بلادنا خائف، ويفكر في تسليف الأيادي البيضاء من أجل أن يحمي نفسه عند وقوع ما لا تحمد عقباه. حالة الخوف من المجهول أومن انتقام ولي النعمة تناقض الديمقراطية بزاوية 180 لكن المواطن لا ينتبه لذلك. يتضح الخوف الذي قد يكون أساسه الجهل في أن بعض الناس يدعون أنهم صوتوا لمصطفى البرغوثي بعد قليل يعترفون أنهم انتخبوا محمود عباس، فهم لا يريدون أن يتهموا بالتصويت لمرشح السلطة التي طالما تم وصفها بالفساد لكن من ناحية ثانية هم متهيبون من تحدي السلطة، لذلك انتخبوها، وأنكروا ذلك إنها حالة فلسطينية فريدة من نوعها، لأن الناس في العادة يجاملون السلطة فيتباهون بأنهم صوتوا لها. في حالتنا حدث العكس.
قام العديد من السواقين بنقل الناس من بيوتهم وإعادتهم إليها. في إحدى الحالات كانت سيدة في مطلع العشرينات -لكنها أمية على وجه التقريب- ذاهبة لتنتخب مصطفى البرغوثي، لكن السائق قال: نحن في هذا المخيم جميعنا "أبومازن" فقررت أن تعطي صوتها للسيد محمود عباس. سألتها مازحاً عن رأيها في نايف حواتمة وجورج حبش فظنت أنني أعبث باللغة خصوصاً أن اسم حبش لم يطرق مسامعها من قبل، فقالت:لا أعرف حبش ولا دجاج.
مجموعة من الطالبات قررن مقاطعة الانتخابات لأنها حرام، لكن بعد ذلك اتضح تعرضهن للتخجيل فانتخبن أبو مازن. في مستوى التفاصيل المشابهة هناك بالطبع آلاف الحالات، وفي كل المواقع. هناك دائما بعض المال والتسهيلات، وفي أحيان معينة هناك تهديدات غير مسؤولة: يبدو أن سيارات جابت الأمعري وحي أم الشرايط وهي تنذر وتتوعد أن من لا ينتخب مرشح فتح أبو مازن سوف لن يحصل على جواز سفر. روح الدعابة واضحة، لكن ذلك لا يمنع أن جزءا من الناس أخذ الأمر على محمل الجد.
بعيداً عن التفاصيل يضطر المرء إلى استعادة أسس اللعبة والفرق المتسابقة ..الخ مثلاً من السهل على منتخب فلسطين لكرة القدم أن يتغلب على منتخب البرازيل بالذات في حال انسحاب البرازيليين من الملعب ليلعب فيه الفلسطينيون بمفردهم. في انتخاباتنا فريق مهم هو حماس كبار لاعبيه أصيبوا وخرجوا من الفريق قبل موعد المباراة بوقت طويل نعني بالطبع نتيجة أعمال التصفيات الرهيبة التي قامت بها إسرائيل ضد حماس الجناح العسكري ثم السياسي على التوالي والتي توجت باغتيال أحمد ياسين ثم خلفه عبد العزيز الرنتيسي.
الانتخابات تمت بالشروط التي يضعها الاحتلال الذي يجثم بجنازير دباباته على أرض السلطة. وإذا كان لأحد أن يمدح الانتخابات بوصفها نموذجا للديمقراطية فإنه بذلك إنما يمدح الاحتلال الذي فصلها على هذه الشاكلة إلى درجة أن يجعل من الجبهة الشعبية ملحقاً بمصطفى البرغوثي على الرغم من عراقة تجربة الجبهة في مواجهة شاب مبتدئ دون تاريخ نضالي أو حتى سياسي كمصطفى البرغوثي.
مع ذلك علينا إعادة التفكير في تقنيات الانتخابات. من البين بذاته أن الأمريكيين أرادوا الانتخابات في فلسطين مثلما يريدونها في العراق. ومن البين بذاته أنهم معنيون بتحديد نتائجها مسبقاً وقد بدا ذلك جليا في إصرارهم على منع ترشح مروان البرغوثي المعتقل في سجون الاحتلال وذلك لا يعني بالطبع أنهم سيرضون عن محمود عباس حتى نهاية الشوط فقد كان الراحل عرفات من جاء بأسلو والتسوية ولكن ذلك لم يمنع أن يبوء في النهاية بغضب الولايات المتحدة وإسرائيل على الرغم أنه كان قد حصل جائزة نوبل للسلام بالذات وبماركة أمريكية. الأمريكيون يريدون في كل مكان قيادة على المقاسات التي تلائم موقفهم ومصالحهم بالضبط ولذلك لمحوا أنهم لن يقبلوا نتيجة الانتخابات الفلسطينية إذا جاءت بطاغية مع العلم أن فكرة الطاغية غير واردة في فلسطين والعراق بسبب عدم سيطرة الأجهزة المحلية على الأرض وخضوعها لسيطرة الاحتلال. ربما لأن الأمور سارت حتى اللحظة بحسب الرغبات الأمريكية فقد اعتقدوا أن الانتخابات نزيهة وديمقراطية حتى أنهم لم يتنبهوا إلى أن رئيس السلطة الجديد لم يحصل إلا على بضع وعشرين في المائة من أصوات المجلين لدى لجنة الانتخابات المركزية ومن المؤكد أنهم كانوا سيطالبون بإعادة الانتخابات لسبب أتفه من ذلك لو أن النتائج لم تكن في حدود المرغوب بالنسبة لهم. في كل الأحوال لقد تمت عملية الانتخاب ولا أحد يصل به الأمر حد الزعم بأن العملية مزورة على الرغم من كل التحفظات، لكن الأيام فقط ستخبرنا بالثمن الذي سيرتضيه الأمريكان من أجل مواصلة إسباغ نعمة الرضا على الفلسطينيين ورئيس سلطتهم الجديد.



#ناجح_شاهين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لو أن حماس تصوت لمصطفى البرغوثي
- واقع الفلسفة في فلسطين
- يحيى الفخراني ما بين الدراما والميلودراما
- الديمقراطية والمؤسسات لفتح خاصة وفلسطين عامة
- سقوط أيديولوجيا حقوق الإنسان
- حول انتهاء إضراب العاملين في وكالة الغوث
- حول المقاومة العراقية وحرب العصابات
- لا مكان للاعتدال في إدارة بوش
- من رام الله إلى الفلوجة
- جونسون روح،نيكسون جاء
- رعب المواطن من غياب - أبوعمار-
- أسس الحرية في الذهنية الفلسطينية
- كيف تمت عملية التسجيل للانتخابات الفلسطينية؟
- ميتافيزيقا التفجيرات في طابا
- الحق في عدم التسجيل
- اختراعات وكالة الغوث الدولية
- قاطعوا التسجيل للانتخابات
- حول موضوعة الانتخابات
- إسرائيل لن تبقي ولن تذر
- الوطن يسع الجميع نحو حقوق إنسان بمشاركة القادة الدينيين


المزيد.....




- رئيس الوزراء الأسترالي يصف إيلون ماسك بـ -الملياردير المتغطر ...
- إسبانيا تستأنف التحقيق في التجسس على ساستها ببرنامج إسرائيلي ...
- مصر ترد على تقرير أمريكي عن مناقشتها مع إسرائيل خططا عن اجتي ...
- بعد 200 يوم من الحرب على غزة.. كيف كسرت حماس هيبة الجيش الإس ...
- مقتل 4 أشخاص في هجوم أوكراني على مقاطعة زابوروجيه الروسية
- السفارة الروسية لدى لندن: المساعدات العسكرية البريطانية الجد ...
- الرئيس التونسي يستضيف نظيره الجزائري ورئيس المجلس الرئاسي ال ...
- إطلاق صافرات الإنذار في 5 مقاطعات أوكرانية
- ليبرمان منتقدا المسؤولين الإسرائيليين: إنه ليس عيد الحرية إن ...
- أمير قطر يصل إلى نيبال


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - ناجح شاهين - هكذا تمت عملية الانتخابات