أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جعفر المظفر - الطائفية.. حينما ينفصل السياسي عن الأخلاقي وحينما يتناقضان














المزيد.....

الطائفية.. حينما ينفصل السياسي عن الأخلاقي وحينما يتناقضان


جعفر المظفر

الحوار المتمدن-العدد: 3661 - 2012 / 3 / 8 - 21:15
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



إن قبول الإسلام سواء الشيعي أو السني بالنزول إلى ساحة المعترك السياسي يضع هذا الإسلام في مواجهة امتحان تجربة السلطة, ولست معنيا في هذه العجالة أن أتحدث عن جميع العثرات الحقيقية التي يمكن أن يواجهها هذا التيار والذي هو غير مؤهل بفعل بنيته الفكرية وإرثه التاريخي لأن يتجاوزها.
لقد ظهر ارتباك تجربة الإسلام السياسي في العراق بشقيه الشيعي والسني واضحا, ففي حين كانت الأضواء الكثيفة قد سلطت على تناقضية موقف الإسلام الشيعي من قضية واحدة وهي تلك التي وراء تحرك الشارعين السوري والبحريني ضد نظاميهما فإن ذلك لا يعني أن الشارع الإسلامي السياسي السني كان متماسكا وينطلق من موقف أخلاقي واحد, فثمة مفارقة واحدة كانت تحكمت بالمشهدين, إنه التعاطف مع الطائفة بغض النظر عن موقعها في جغرافية توزيع السلطة, فالشيعة السياسيون أظهروا تعاطفا كبيرا مع حكومة بشار ضد الأغلبية من أبناء شعبه المنتفضين ضد سلطته بينما وقفوا مع الأغلبية البحرينية ضد حكومتهم الملكية التي لا يمكن مطلقا القول أنها تتبع سياسة عادلة للحكم وإلا لماذا ثار ضدها مواطنيها, وبذات الاتجاه فإن الموقف السياسي السني ظل متعاطفا مع حركة البوصلة الطائفية لتحركات الرفض الشعبي أو هوية السلطة الحاكمة.
على السطح, لم يكن الطرفان بحاجة إلى أكثر من ديباجة سياسية لتفسير موقفيهما, فعلى الطرف الشيعي العراقي كان تفسير حكومة المالكي وبقية أحزاب الشيعة يدور حول الخوف مما يمكن أن يأتي به التغيير السوري على أمن الشارع العراقي الذي كان ابتلى كثيرا بجرائم القاعدة الإرهابية. لكن ذلك رغم مشروعيته المظهرية لم يكن قادرا على إخفاء الخوف الأكبر الذي يتأسس على تخوف النظام العراقي من إنعاسات سقوط بشار الأسد على مكونات التحالف الذي تقوده إيران في المنطقة, وهو سقوط سيخلق بكل تأكيد مشاكل كبيرة للسلطة العراقية ذاتها. وبينما صارت هناك إمكانية لإدانة هذا التحالف من خلال حجج طائفية باتت مؤثرة بشكل سريع على قناعات الشارع فإن من الظلم حقا أن تأخذنا الكراهية المستعجلة للطائفية بشقيها عن إدراك حقيقة أن المشهد السياسي العربي برمته قد باتت تتحكم به هذه التوجهات, وإن تجاوزها من خلال إدانات سريعة بدون محاولة متوازنة وعادلة للاقتراب منها سوف يزيد من حدة الانقسام ويؤدي إلى تعقيد المشكلة وليس إلى حلها.
على صعيد القضية البحرينية لم يصدر موقف سني بارز يحدد الموقف من أحداث البحرين من خلال منطلقات يتاسس فيها السياسي على الأخلاقي ولا يتناقض أو يتخاصم معه وإنما تأسس الموقف من السلطة أو الشارع الثائر على أساس سياسي واضح كان تزيى برداء طائفي معروف. وهنا أيضا لم يكن الإسلام السياسي السني بحاجة إلى أكثر من التخويف بالخطر الإيراني على عروبة البحرين في موقف دمج بشكل سحري ما بين القومي والديني مظهرا إشكالية ما زالت تتجدد على الدوام وهي تلك التي تتعلق بقدرة الدين الواحد على تشكيل هوية سياسية واحدة بإمكانها أن تؤسس لمواقف متناغمة على صعيد الرؤى السياسية المشتركة.
لكن من سيئات هذا التعثر أن الموقف الطائفي على الجهتين بدأ يكسب لصالحه كثيرا من وجوه العناصر اللبرالية نفسها التي كان رفض الطائفية ذاتها هو أحد أساسيات ثقافتها الفكرية والسياسية, وبهذا فإن انتصار الطائفية الدينية السياسية صار يجسد نفسه من خلال التسلل الواضح للحركات التي يفترض أنها تأسست على النقيض, فثمة عدد من الكتاب السياسيين ذوي التواريخ العلمانية باتوا يبررون تأييدهم للأنظمة الطائفية من خلال نظريات تقفز من التفسير الذي يبدو معقولا إلى التبرير الذي يعيد إنتاج المأزق الطائفي نفسه, وبهذا فقد أسست المرحلة لسياسيين وكتاب يحاولون أن يجمعوا ما بين العلمانية بإطارها النظري والطائفية بإطارها العملي في خلطة عجيبة وغريبة.
بغض النظر من جميع الشروح التي تقدم لتفسير هذه التباينات الضدية السلوكية التي تدعي انطلاقها من دين واحد فإن التفسير الذي سنحصل عليه بالنهاية أن هناك تباينا صار يصل إلى حد التضاد ما بين الموقف السياسي والموقف الأخلاقي, وإن الموقف السياسي قد نجح إلى حد كبير في تنحية الموقف الأخلاقي وحتى إلى الإجهاز عليه. وإلا كيف نحكم على الموقفين السياسيين المتناقضين لحزب إسلامي واحد إزاء قضية أخلاقية واحدة, سواء كان هذا الحزب سنيا أو شيعيا.
إن الصراع الطائفي السياسي الذي كان قد تراكم طيلة عصور قد نجح نجاحا أكيدا لوضع السياسي في وجه الأخلاقي وخلق معركة خصوم كانت الغلبة فيها دائما للأول على حساب الثاني وإن ذلك لا يمكن العودة عنه إلا من خلال نبذ الطائفية وإلا من خلال إقامة دولة مدنية بمشروع وطني قادر على إعادة الاصطفاف ما بين السياسي والأخلاقي.



#جعفر_المظفر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشعب العاري وحكاية نوابه المصفحين
- الطريق إلى قاعة الخلد والتجديد المفتوح لرئيس الوزراء
- العراق بين حروب القرار وحروب الاستجابة
- الهاشمي.. قضيته وقضيتنا .. القسم الثاني
- الهاشمي .. قضيته وقضيتنا
- الجمهورية العراقية القضائية العظمى.. مقالة ليست ساخرة
- العدالة الانتقالية
- يوم اختلف الأسمران.. أوباما وخلفان
- رئاسة الوزراء.. دورتان تكفي
- سليماني.. قصة تصريح
- العراق.. صناعة النفاق الديمقراطي
- قضية الرموز والرجال التاريخين في النظام الديمقراطي
- المؤتمر الوطني.. الفشل الأكيد
- إغلاق مضيق هرمز.. وهل يتعلم الحمقى
- موقف العراق من سوريا.. ميجاهيلية سياسية
- فليحاكم الهاشمي سريعا.. أصل الحكاية 3
- تصنيم القضاء أم توظيفه.. أصل الحكاية.. 2
- بين المطلك وأوباما والمالكي.. أصل الحكاية / القسم الأول
- مثال الآلوسي.. وقانون التسي تسي
- قضية الهاشمي والقضاء العراقي المستقل


المزيد.....




- بسبب متلازمة -نادرة-.. تبرئة رجل من تهمة -القيادة تحت تأثير ...
- تعويض لاعبات جمباز أمريكيات ضحايا اعتداء جنسي بقيمة 139 مليو ...
- 11 مرة خلال سنة واحدة.. فرنسا تعتذر عن كثرة استخدامها لـ-الف ...
- لازاريني يتوجه إلى روسيا للاجتماع مع ممثلي مجموعة -بريكس-
- -كجنون البقر-.. مخاوف من انتشار -زومبي الغزلان- إلى البشر
- هل تسبب اللقاحات أمراض المناعة الذاتية؟
- عقار رخيص وشائع الاستخدام قد يحمل سر مكافحة الشيخوخة
- أردوغان: نتنياهو هو هتلر العصر الحديث
- أنطونوف: واشنطن لم تعد تخفي هدفها الحقيقي من وراء فرض القيود ...
- عبد اللهيان: العقوبات ضدنا خطوة متسرعة


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جعفر المظفر - الطائفية.. حينما ينفصل السياسي عن الأخلاقي وحينما يتناقضان