أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عادل أسعد - تلفن جوبيه...هيدا جوبيه هيدا















المزيد.....

تلفن جوبيه...هيدا جوبيه هيدا


عادل أسعد

الحوار المتمدن-العدد: 3661 - 2012 / 3 / 8 - 08:54
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


أتذكرعندما سمعت أغنية تلفن عياش لزياد الرحباني لأول مرة كم كانت كلماتها مفاجأة لي و لكل معارفي و زملائي في الدراسة . فبحسب باقي الأعمال للفنان و ما يستشف منها من اتجاهات فكرية و سياسية كانت الأغنية أحجية للجميع ، و مما زاد الأمر تعقيداً هو حادثة اغتيال القيادي الميداني الفلسطيني يحي عياش بتفخيخ جواله من قبل الموساد مما أعطى زخم أكبر لأغنية زياد بسبب التطابق الغريب في المعطيات بينهما مما دعى البعض للاعتقاد بان حادثة الاغتيال و الأغنية مرتبطين ببعضهم و ان لزياد الفنان رؤية سياسية و أمنية تضاهي قدراته الفنية . لكن يبدو أن فناننا كان يعطي من خلال عمله المتمرد هذا و بأسلوبه العبثي المعروف رسائل تكذيب و توبيخ ليست موجهة لشخوص بعينهم بقدر ما تصيب من يريد أن يركب الموجة و يمشي في جنازة المتوفي .
حاولت كثيراً أن أكتشف الجهة المقصودة أو الشخص المعني بالذات في هذه الأغنية الجميلة لكنني لم أستطع ...حللت حدث مقتل يحيى عياش لعل و عسى أخرج بشئ يفيد ، فوجدت فيه مقاتل مات من خلال "هاتف" جاءه .. درست اسم القتيل فوجدته على العكس من ذلك ، ففي الاسمين "اللقب و الكنية" صرختي حياة !! لكن معرفة ما أو من عناه زياد ما زال لغزاً صعب علي حله؟! ربما لأنني لست قادراً على فهم المفارقات ، أو ربما لحاجتي إلى مفارقة أكبر و أكثر جدية كي أفهم بعضاً مما عناه ابن عاصي و فيروز ، فتركت الأمر ، إلا أن أذناي لم تنقطعا عن سماع ذات الأغنية بين الحين و الأخر.
في خضم المعمعة التي نعيشها في سوريا جاءت رسالة طازجة و فريدة شحذت شهيتي لمعرفة ما وراء سطورها ، و لرغبة مني في ضرب أكثر من عصفور بحجر واحد "تيمناً بأصحاب الطريقة السياسية" عدت إلى أغنية "تلفن عياش" و على تكرار سماعها جلست منغمساُ أحلل أخر مفارقة أتتنا من وراء البحارحتى تداخلت الأمور في رأسي و اختلطت المعاني و الكلمات المكتوبة في الرسالة مع تلك المغناة بصوت زياد بعضهم ببعض .
في قلب الحدث السوري و من بين دخان القتال و القتل (تلفن عياش لما توقعنا و ناطرينه) وصلت رسالة من عدة سعاة موجهة إلى مسيحيي الشرق كتبها و نقحها ألان جوبيه وزير خارجية فرنسا دون أن يفته تعطيرها بعدة رشقات من عطور بلاده الشهيرة كي يخفي الروائح الخانقة التي انبعثت من ورود الربيع العربي تحت بصر و شم بلاد العم فولتير و جان جاك روسو (تلفن عياش و خبر ليه ما بيتلفن).
يستهل جوبيه هاتفه بتفهم بلاده لتخوفات مسيحيي الشرق على وجودهم من صعود التوترات المرتبطة بالطائفية ، و يكمل بأن فرنسا قد تولت مهمة خاصة بحمايتهم و هي لن تتهرب منها ، و في مكان أخر من الرسالة يعود ليؤكد بأنها لن تتخلى عنهم (كذب عياش لما توقعنا و ناطرينه) . حسب امكانياتي المتواضعة في حل الطلاسم فأن سطور جوبيه تحوي فيما بينها دعوة للمسيحيين لنبذ خوفهم الذي بنوه أصلاً على افتراضات قد تخيب و قد تصيب ، و في الحالة الأخيرة فأن فرنسا مستنفرة تماماً و جاهزة للانقاذ السريع لدرجة فاتها أن تحمي مجرد مقبرة لأموات الغير مسلمين في ليبيا في الوقت الذي أتخمت فيه الشركات الفرنسية بعقود النفط الليبية و أصبحت بنغازي قبلة السياحة للكوماندوز الفرنسي و لهنري ليفي (تلفن عياش و حرفه بيعرف كيف يزينه) .
في مقطوعة أخرى من "الرسالة" نجد دعوة للمسيحيين للبقاء في مناطقهم و تقول بالحرف: أن المسيحيين جزء من تاريخ الشرق و لن يكون وارداً اقتلاعهم منه (فشط عياش و متل العادة منعرف مينو) و في مكان أخر يأتي جوبيه على التذكير بأن فرنسا استقبلت أكثر من 1300 مسيحي على أراضيها نتيجة لأحداث العراق و قامت باجلاء طبي للجرحى أثناء الاعتداء التفجيري على كنيسة سيدة النجاة في بغداد (موفق عياش كيف لالله عم بيعينو) كما أن الرئيس الفرنسي قد أكد للبطريرك الماروني في أيلول المنصرم بأن أفضل حماية لمسيحيي الشرق تكمن في الديمقراطية و قيام دولة القانون (بيقلك كل شي تمام غط حمام و طار حمام ) .
أما فيما بين سطور الحدث فهناك حكاية أخرى ، فبعد لقاء بطريرك الموارنة بشارة الراعي مع الرئيس الفرنسي ساركوزي انتشرت في الأوساط الحكومية الفرنسية فضيحة صغيرة مفادها أن السلطات في الاليزيه ردت على مخاوف البطريرك بخصوص مستقبل الرعية المسيحية في المشرق بأنها مستعدة لاستقبال مسيحيي الشرق على أراضيها مما يعني ان فرنسا مدركة للمخاطر التي تواجه الأقليات في الربيع العربي و اعتمدت سلفاً على استقبالهم كلاجئين عندها كحل لما قد يواجههم (بيكذب عياش بيكذب راقي و بيجنن) . و في سوريا لم تسلم فرنسا من الفضائح فبينما الحديث عن مساعدات لوجستية و مخابراتية فرنسية للمقاتلين في سوريا بات مثبت ، و اللغط عن جنود فرنسيين معتقلين في حمص من قبل الجيش السوري تزداد وتيرته ، أتت بعض الحقائق من هذه المدينة بعد دخول الجيش إليها تقول أن المقاتلين الاسلاميين كانوا قد استولوا على عدة منازل لعائلات مسيحية هجرت منها و خاصة في حي الحميدية ، و إن عدداً أخر من المسيحيين قد ذبحوا في القصير بهدف التهجير و كعقاب لهم على "نياتهم" (بيقلك هوي مظلوم هوي واضح و مفهوم) .
أستمر في تفحص الرسالة و يستمر جهاز التسجيل في تكرار الأغنية ، أتوقف عند حصة مصر من مقطوعة جوبيه حيث يشيد فيها بالأقباط الذين ساهموا بالتحول الديمقراطي للبلاد و يتغنى بالبرلمان المصري المتشكل حديثاً و الذي "التزم" بضمان حقوق الأقباط (تلفن عياش و قال الاشيا مظبوطا) . لن أعطف هنا على احصائيات المراكز القبطية التي تتكلم عن مائة ألف قبطي تركوا مصر منذ بداية الثورة حتى الأن ، كما أن الحالة الأمنية باتت خارج النقاش في ربيعنا العربي ، و لكن من منا لم يحلق عقله بعيداً بعد رؤيته لمشهد أحد أعضاء البرلمان المصري الجديد و هو يرفع الأذان داخل الجلسة دون أن يتوقف رغم النداءات المتكررة حتى أتم صلاته (جود عياش و عرفينا مش مظبوطة)
انتهت رسالة جوبيه بجملة بسيطة هي: "فرنسا كانت و ستبقى إلى جانبكم" لتبدأ رسالة أخرى موجهة من الشرق لكل يحيى عياش في العالم ، لكل شريك أراد أن "يحيا" في الوطن و لكل من يريد أن "يعيش" خلف البحار مفادها: كل لديه حلمه و حروبه و قتلاه و نحن نفهم هذا الألم و نعيشه و لكن .... دعونا نخاف بسلام .
(و أخيراُ تلفن عياش متل ما كأنو ما تلفن)(و أخيراً تلفن عياش متل ما كأنو ما تلفن)



#عادل_أسعد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حتى أنت يا ميسي
- سوريا الوسيلة .. سوريا الغاية
- سوريا الصامتة بين الشبيحة و الموتورجية
- وجهة نظر سورية
- تساؤلات سورية غير مشروعة (2)
- تساؤلات سورية غير مشروعة (1)


المزيد.....




- أوروبا ومخاطر المواجهة المباشرة مع روسيا
- ماذا نعرف عن المحور الذي يسعى -لتدمير إسرائيل-؟
- من الساحل الشرقي وحتى الغربي موجة الاحتجاجات في الجامعات الأ ...
- إصلاح البنية التحتية في ألمانيا .. من يتحمل التكلفة؟
- -السنوار في شوارع غزة-.. عائلات الرهائن الإسرائيليين تهاجم ح ...
- شولتس يوضح الخط الأحمر الذي لا يريد -الناتو- تجاوزه في الصرا ...
- إسرائيليون يعثرون على حطام صاروخ إيراني في النقب (صورة)
- جوارب إلكترونية -تنهي- عذاب تقرحات القدم لدى مرضى السكري
- جنرال بولندي يقدر نقص العسكريين في القوات الأوكرانية بـ 200 ...
- رئيسة المفوضية الأوروبية: انتصار روسيا سيكتب تاريخا جديدا لل ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عادل أسعد - تلفن جوبيه...هيدا جوبيه هيدا