أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة - جمال القرى - قضية ساري حنفي: قضية حريات فكرية، وشرعية حق الاختلاف















المزيد.....

قضية ساري حنفي: قضية حريات فكرية، وشرعية حق الاختلاف


جمال القرى

الحوار المتمدن-العدد: 3660 - 2012 / 3 / 7 - 09:39
المحور: الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة
    


أثار الكتاب الأخير للباحث والاكاديمي ساري حنفي مع اكاديميين اسرائيليين معاديين للصهيونية، هما ادي اوفير وميخال جيفوني من جامعة تل ابيب، والصادر عن دار"زون بوكس" للنشر في نيويورك، أثار زوبعة في الاوساط الاعلامية والثقافية والاكاديمية وخاصة في الجامعة الاميركية في بيروت ، كون ساري حنفي هو احد اساتذتها، وكون ان اسمها قد زُجّ في الكتاب الى جانب اسم جامعة تل ابيب. نجح المعترضون على ساري حنفي في حملتهم، وانتهت باعتذار الاخير عن الاساءة التي يمكن ان يكون تسبب به لزملائه في الجامعة، ووعد انه لن يشترك وهو في لبنان مع كتّاب اسرائيليين، وسيكون في المستقبل أكثر حذراً في التعامل ، ويعمل على تحقيق اهداف المقاطعة كما تُفهم في السياق اللبناني. خفتت القضية ولكن دون تحقيق النتائج المرتجاة من إثارتها.
يبقى الملفت، من خلال ما عُرض في الاعلام، هو ان اعتراض اكاديميين وطلاب يعملون في صرحٍ يسمح بمساحة من حرية ابداء الرأي وحق الاختلاف والنقد،على الكتاب، لم يتضح أنه اعتراض نقدي اكاديمي ، على المضمون بهدف إغنائه، وربما تصويب بعض ما جاء فيه من تحليل ووصف للاوضاع على الاراضي الفلسطينية المحتلة، كما هو مفترض نظرياً. في الواقع، تقاطع هذا الاعتراض اسلوباً ومضموناً مع شعارات المقاطعة ورفض التطبيع، التي رفعتها في مواجهة الكتاب وسائل إعلامية مفترض أن تكون شعاراتها وقناعاتها معبّرة عن موقف سياسي( وليس ثقافي) محدّد، يعكس رؤويتها الخاصة للصراع، والتي تصب ضمن الاستراتيجية التي تخدم مصالحها ووجودها وعلاقاتها، وهي جاهزة دوماً للانقضاض على أي فكرة أو كتابة تصنفها هي وبحسب قاموسها في خانة التطبيع الثقافي والفكري مع العدو الصهيوني. حينئذٍ تنتفي التمايزات المفترضة بين ما هو فكري وثقافي، وظيفته تطوير الوعي والمنظومات المعرفية، وبين ما هو سياسي وظيفته –أقله- في بلدنا، طمس الوعي الوطني والتفرد بالسلطة، والنتيجة أنه بدل أن يعمل الفكر على تطوير العمل السياسي، يصبح هو رهينة السلطة السياسية القائمة.
والمفارقة أن البحث- الموضوع- المستند في أبحاثه وتحليلاته الى ادوات معرفية ما بعد حداثية، والمضئ على جوانب من الازمة البنيوية للكيان الصهيوني، قوبل بشعاراتٍ رُفعت زمن المرحلة التأسيسية لهذا الأخير. ففي حين تغيّرت وتطورت هذه البنية عبر تاريخ إحلالها، ووصلت إلى ما هي عليه من عنصرية وارهاب وبناء مستوطنات وقضم اراضي وترانسفير ومحاولة تهويد القدس، مما أدخلها مرحلة تاريخية جديدة من مراحل تطورها، هي مرحلة طور أزمتها البنيوية، أي مرحلة " ما بعد الصهيونية"، فقد بقيت الشعارات المناهضة لها ثابتة راسخة.
تطرح هذه القضية اشكاليتين، اشكالية الحرية الفردية الفكرية والتعبيرية ، واشكالية تحديد وتعريف المفاهيم المتعلقة بالمسألة اليهودية والاسرائلية والصهيونية.
بالنسبة للاشكالية الاولى، فالتجربة تحيلنا الى أن أي انتاج فكري تحليلي او استنباطي يعتمد على اساليب حداثية لتوصيف بنية اجتماعية او سياسية معينة، تُنصب امامه الخطوط الحمراء إن لم يتوافق مع التوصيف السائد والثابت والمرسوم للأنظمة والقوى السائدة، وهي بمجملها استبدادية (إن بشكل واضح او مقنّع) او شمولية، تعمل اسواط اجهزتها الامنية والسنة خادميها لإسكات أي صوت مختلف ( فهويعلو فوق صوت المعركة). مما يؤدي الى غياب الحريات ووأد المبادرات الفردية، وبالتالي الى حالة الرهاب والارهاب الفكري والمعنوي، والى صهر الغالبية في بوتقة واحدة تُجبر فيها على الاذعان الى حين تحوُّل هذا الاذعان الى وعي بنيوي شللي تكييفي، متدرب على ترداد صدى اصوات المعلمين، دون مقدرة على النقد والتفكير.
اما بالنسبة للاشكالية الثانية فهي تحيلنا الى مقولة" إعرف عدوك"، ومعرفة العدو الصهيوني لا تتم بدون معرفة لغته وأدبه وفكره وطرائق تحركاته، من هنا وُجب سبر اغوار التجمع الصهيوني وتاريخه وتركيبته ووظيفته ،على أسس علمية ( وليس غيبية)، لتبيان نقاط ضعفه، وبناء جبهة عريضة تهدف الى خلخلته وبالتالي اقتلاعه. ولهذا الهدف استندت الى موسوعة المفكر المصري الراحل " عبد الوهاب المسيري"،" اليهود واليهودية والصهيونية" ، حيث يبرز الكاتب الفرق بين اليهودي الذي يدين بالديانة اليهودية، وبين الاسرائيلي الذي يحمل الجنسية الاسرايئلية وبين الصهيوني الذي يؤمن بالعقيدة الصهيونية. فهناك يهود صهاينة وصهاينة غير يهود،ويهود اندمجوا في مجتمعاتهم ، واثّروا وتأثروا بالحضارات كافة، مع العلم ان كل من الصهاينة والمعادين لليهود يسقطون عن اليهود انسانيتهم، إذ ليس هناك من طبيعة او تاريخ خاص بهم . اما بنية الدولة الصهيونية فهي بنية وظيفية استعمارية استيطانية إحلالية، وظيفتها الاستيطان والعنصرية، وقانونها الاساسي هو الاستيطان الإحلالي، أي طرد شعب لإحلال آخر مكانه، وهي ُزرعت في فلسطين لسببين، الاول للتخلص من اعداد اليهود في اوروبا، بعد ان اصبحوا عالة على المجتمع الاوروبي ولم يعودوا قادرين على الاستمرار بوظيفتهم الموكلة اليهم من قِبل سلطات الدول( عاشوا كجماعات وظيفية في كافة المجتمعات، منهم من اندمج ومنهم من ظل اسير الغيتوات)، والثاني هو لحاجة الغرب وخاصة بريطانيا بداية ومن ثم الولايات المتحدة لهذه البنية الوظيفية في الشرق، تعمل على حماية مصالحها وتؤدب الدول الخارجة عن الطاعة، كل ذلك مقابل الدعم الغربي المادي لها وضمان بقائها. ومنذ حينه يدور الصراع المريرفي فلسطين.
اما شرعيتها كدولة استيطانية ( هي دولة غير شرعية)، فتستمدها من المجتمع الغربي والولايات المتحدة، ومن اعضاء الجماعات اليهودية في العالم ومن المستوطنين الصهاينة. وتتميز بنيتها الاجتماعية الداخلية بعدم التجانس، إذ لم تستطع العقيدة الصهيونية تطبيع الشخصية اليهودية وصهرها لتتحول الى شعب مقدس بحسب تعريفها له، بل تفاقمت ازماتها الداخلية وفشلت في خلق مادة بشرية استيطانية تملأ بها المستوطنات المستحدثة، وعاد كثر من المستوطنين الى بلدانهم التي اتوا منها بعد ان كذبت الوعود بحياة رغيدة و آمنة في اسرائيل، مما ادى الى اهتزاز شرعيتها تجاه التجمعات الاستيطانية الباقية وتجاه العالم، وبسبب تفشّي الفساد وازمة النظام السياسي أيضاً، وهذا ما يفسر الامعان في العدوان والعنصرية، وبناء الجدران الفاصلة، وليس آخرها محاولة تهويد القدس، فهي تزيد استشراساً كلما اشتدت ازمتها.
إن حلّ هذا الصراع يكمن في إسقاط الشرعية الصهيونية، ونزع الصبغة الصهيونية عن الدولة الاسرائيلية بفصل المسألة الاسرائيلية عن المسألة اليهودية. ولتحقيق ذلك، لا بد من المقاومة في الداخل والخارج ومن المفاوضات. فالمقاومة مشروعة بكافة أشكالها، من التحركات السلمية واللاعنفية، إلى فضح الجرائم والابادات والعنصرية، واستعطاف الرأي العام العالمي، إلى امكانية التعاون الاكاديمي مع مثقفين ومفكرين اسرائيليين معادين للصهيونية (هذا ما سمحت به شبكة المنظمات الغير حكومية الفلسطينية، وما يقوم به مفكرين وسياسيين فلسطينيين وعرب من أجل دعم حقوق الشعب الفلسطيني)، وصولاً الى المقاومة الشعبية والانتفاضات المسلحة،وهي كلها اوراق قوة تخدم عملية التفاوض في حينه.
في هذا الاطار فإن كتاب ساري حنفي يصنف في خانة الانتاج المقاوم، إذ هو يحاول اسقاط الشرعية الصهيونية عن اسرائيل، كونه يفضح ويشرح من داخلها تكنولوجيات القوة والسلطة التي استطاعت عبرها شدّ الخناق على الاراضي الفلسطينية، على ما شرح الكاتب. وما من شك ان هذا الاحتلال الى زوال، انه ليس تمنّي، أو قراءة في كتب الغيبيات، بل هو قراءة لنهاية انظمة مشابهة له في التاريخ، فقد تهاوى الاحتلال الفرنسي للجزائر، وبالامس تبعه النظام العنصري في جنوب افريقيا. فحتى يحين الاوان، ستسجل تضحيات جسام لشعب بأكمله، وستسطر بطولات، وتقوم أفعال، وتقال كلمات، وتعرض افكار، وتتخذ خطوات، ولو بخلفيات ايديولوجية او غير مؤدلجة أومختلفة، بعضها قد يصيب وبعضها قد يخطئ، ولكن النهوض المستمر سيؤدي حتماً الى التحرير، فكلها هادفة وكلها فعل مقاوم، كل على طريقته، وساري حنفي اختار طريقه.



#جمال_القرى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مفهوم الدولة بين المجتمع المدني والمجتمع الاهلي
- في 17 شباط ذكرى اغتياله ال25، حسين مروة كرمز ضد الفكر الغيبي
- قراءة تقويمية ثانية واخيرة لنقاش تشكيل تيار علماني
- قراءة اولية تقييمية لنقاش تشكيل تيار لبناني علماني وطني
- قراءة سريعة ومقتضبة في الثورات العربية
- دعوة لفتح نقاش جدي
- الفتوحات العربية في روايات المغلوبين


المزيد.....




- الشرطة الأسترالية تعتقل صبيا طعن أسقفا وكاهنا بسكين داخل كني ...
- السفارة الروسية: نأخذ في الاعتبار خطر ضربة إسرائيلية جوابية ...
- رئيس الوزراء الأوكراني الأسبق: زيلينسكي ضمن طرق إجلائه من أو ...
- شاهد.. فيديو لمصري في الكويت يثير جدلا واسعا والأمن يتخذ قرا ...
- الشرطة الأسترالية تعتبر جريمة طعن الأسقف في كنيسة سيدني -عمل ...
- الشرطة الأسترالية تعلن طعن الأسقف الآشوري -عملا إرهابيا-
- رئيس أركان الجيش الإسرائيلي يقول إنّ بلاده سترد على الهجوم ا ...
- زيلينسكي لحلفائه الغربيين: لماذا لا تدافعون عن أوكرانيا كما ...
- اشتباكات بريف حلب بين فصائل مسلحة وإحدى العشائر (فيديوهات)
- قافلة من 75 شاحنة.. الأردن يرسل مساعدات إنسانية جديدة إلى غز ...


المزيد.....

- العلاقة البنيوية بين الرأسمالية والهجرة الدولية / هاشم نعمة
- من -المؤامرة اليهودية- إلى -المؤامرة الصهيونية / مرزوق الحلالي
- الحملة العنصرية ضد الأفارقة جنوب الصحراويين في تونس:خلفياتها ... / علي الجلولي
- السكان والسياسات الطبقية نظرية الهيمنة لغرامشي.. اقتراب من ق ... / رشيد غويلب
- المخاطر الجدية لقطعان اليمين المتطرف والنازية الجديدة في أور ... / كاظم حبيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المرأة المسلمة في بلاد اللجوء؛ بين ثقافتي الشرق والغرب؟ / هوازن خداج
- حتما ستشرق الشمس / عيد الماجد
- تقدير أعداد المصريين في الخارج في تعداد 2017 / الجمعية المصرية لدراسات الهجرة
- كارل ماركس: حول الهجرة / ديفد إل. ويلسون


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة - جمال القرى - قضية ساري حنفي: قضية حريات فكرية، وشرعية حق الاختلاف