أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامى لبيب - المنطق الدينى بين الهشاشة والسذاجة والهراء - خربشة عقل على جدران الخرافة والوهم (14).















المزيد.....


المنطق الدينى بين الهشاشة والسذاجة والهراء - خربشة عقل على جدران الخرافة والوهم (14).


سامى لبيب

الحوار المتمدن-العدد: 3659 - 2012 / 3 / 6 - 12:09
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


ماهو المنطق ؟
المنطق هو فرع من الفلسفة يدرس الأفكار والطرق الصحيحة للإستدلال عليها ولكى يكون الفكر سليما و نتائجه صحيحة أصبح الإنسان بحاجة إلى علم المنطق ليمنحه مجال التفكير الصحيح من خلال قواعد وأنساق عقلية تعتمد على الملاحظة والمشاهدة والإستقراء والإستنباط ,, ومن هنا سنجد أن المنطق يتعامل مع أفكار وليس موجودات ذات حضور لذا عندما نجادل فى وجود الله فنحن هنا أمام فكرة قابلة للنقاش والنقد فلا يغضب أحد عندما نقول "فكرة" الله فهو لم يحقق الوجود الملموس التى تخرجه من الفكرة إلى الموجود الغير محتاج لمنطق ... ومن هنا تحتاج فكرة الله إلى المنطق للإستدلال عليها , فهل المنطق الذى يساق حول فكرة الله منطق سليم متماسك يقود العقل إلى الإقرار بوجوده .

الفكر الدينى يقدم لنا رؤية متهافتة تحمل فى طياتها عدم التماسك فيبث إدعاءات كبيرة هائلة ينثرها ولا يقدم مقابلها أى حُجة أوإثبات تدعم الفرضيات وتبررها فلا يمكن لها أن تمر إلا من نفسية أرادت للعقل أن يمررها .. فالله خالق الوجود المهيمن الراصد الباعث القادر إلى نهاية تلك القائمة الطويلة الخارقة التى تجعله الأول والآخر بل هو كل الوجود ورغماً عن ذلك لا يوجد أى دليل ثبوتى ملموس يثبت وجوده , فالقادر على كل شئ لم يمنح الإنسان القدرة على معاينته وإدراكه بشكل لا يقبل الشك و حتى يكون وجوده القاطع حُجة عليه فلا ينحرف إلى أفكار أوآلهة أخرى , لا تعلم لماذا هذه الفزورة او المناورة والحيرة ليختلط الحابل بالنابل ونحظى على مجموعة رائعة من الأفكار الفنتازية التى تُدعى آلهة فنجد كل صاحب إله يحقر من الآلهة الأخرى ويستهين بها والكل يتشعلق فى الميتافزيقا الغير قابلة لمعاينة أى إله , فهم ذوات وكينونات لن يدركها البشر لتحتمى كل الآلهة فى ضبابية المجهول واللامعنى .
لو إنصرفنا عن طلب المعاينة الحسية فسيدخل الشأن الإلهى فى إطار الفكرة كما ذكرنا لذا ستطلب منطق يحاول أن يجعل لها وجود وسبيل إلى العقل ولكن هيهات ان يسعف المنطق فكرة فنتازية تخيلية تعارض جدل الوجود المادى لنجد صورة باهتة ومتعسفة فى التعاطى مع المنطق .

* البعرة من البعير والأثر من المسير والتحايل على السببية .
لا يخرج الإيمان بالله عن دائرة الظن والإستنتاج فنحن نظن بأن للوجود خالق وهذا الخالق هو الله ليتم تسويق هذا الظن من خلال منطق السببية بأن لكل سبب له مُسبب ولكل مَصنوع من صانع لنجد العبارة الشهيرة من أدبيات العرب القديمة بأن " البعرة تدل على البعير .. والأثر يدل على المسير .. فسماء ذات أبراج .. وأرض ذات فجاج .. ألا تدل على العليم الخبير".

السببية التى تبدو لنا كأداة عقلية منطقية للتعاطى والإستدلال يتم التعسف معها وفق الفكر الدينى فلا يتم التعاطى معها كمنهجية منطقية دوماً فما يلبث ان يتم إلغائها والإنصراف عنها برفض الفكر الإيمانى السؤال عن سببية الإله ليقال بأن الإله ليس له سبب لوجوده , فهل يحق لنا بالمثل القول بأن المادة ليس لها سبب , بل سيكون إدعائنا أكثر قبولاً ومنطقية فإذا كان الإله الأكثر تعقيداًً وتركيباً من المادة بلا سبب فحريا ان تكون المادة البسيطة بلا سبب بمعنى أنك ستسأل عن سبب جهاز الكمبيوتر ولن يثيرك السؤال عن سبب قطعة حجر فى أسفل جبل .

لا تكون إشكالية الفكر الإيمانى فى القفز والتعسف مع منطق السببية فقط بل التحايل على مفهوم ونهج السببية بلوى عنقها بصورة تحايلية لتغالط وتدعى أنها منطقية فإذا كنا نقول بأن البعرة جاءت من البعير أى أن البعرة هى مُسبب من البعير كسبب فإننا نقول هذا القول بناء على مشاهدة وخبرة فقد شاهدنا أن البعرة تسقط من البعير عدة مرات , كذلك عندما نقول أن الأثر من المسير فلأننا رأينا أثر على الطين أو الرمل من جراء مَسير , لذا عندما نرى البعرة لحالها أو الأثر لحاله بعد ذلك بدون رؤية مشهد البعير أو المسير فهنا سنستدعى خبراتنا ومشاهداتنا السابقة ونقول بأن هذه البعرة هى من بعير وهذا الأثر الذى على الأرض هو من مسير إنسان أو حيوان .

المشاهدات المتعددة كونت لنا خبرة جعلتنا نضع السببية فى إطارها فنحن شاهدنا بعرة تسقط من بعير وأثر جاء من مسير بل تراكمت خبرات كثيفة تصل لتحديد نوعية الحيوان الذى أنتج البعرة أو الروث فهل هو من بعير أم نعجة أم أرنب , وكذا من تراكم المشاهدات يُمكن أن ندرك أن الأثر الذى جاء من المسير هو نتيجة مسير فيل أو إنسان أو دجاجة .
من سببية البعرة من البعير والأثر من المسير يتم القفز والقول " فسماء ذات أبراج .. وأرض ذات فجاج .. ألا تدل على العليم الخبير" أى أن الله هو خالق وصانع الحياة , ولكن هذا القول متعسف وغير منطقى وقفز بدون مبرر , فنحن لم نشهد صناعة سموات ذوات أبراج وأرض ذات فجاج سابقاً على يد إله لندرك أن ما نراه من سموات حالية وحياة متجددة هى من إنتاج إله .. أى أننا لم تتكون لدينا خبرة بأن الآلهة تخلق وتصنع حياة سواء بالتشكيل من الطين أو من مواد أولية لتجعلنا نقول بأن الله خلق الحياة كما إعتمدنا البعرة من البعير والأثر من المسير على خلفية مشاهدة هذه الصور لتكون ذخيرة من الخبرات والمعرفة فلا نستطيع أن ننسب الجبل الذى نشاهده أنه من صنع الله فلم نشاهد سابقاً إله يصنع الجبال وكذا لم نشهد حدث الخلق فليست لنا أى مشاهدات أو خبرات حتى نقول بأن الله سبب الخلق .
لا يصح ان نضع السببية بدون وجود أرشيف فى الدماغ من الخبرات يمنح السبب للمسبب , أى أننا لا نستطيع أن نحدد بدقة وبثقة المُسبب بدون أن يوجد لدينا أرشيف من المشاهدات والخبرات على فعله لذا تكون مقولة البعرة تدل على البعير .. والأثر يدل على المسير .. فسماء ذات أبراج .. وأرض ذات فجاج .. ألا تدل على العليم الخبير غير صحيحة منطقيا فى إثبات أن الله هو الخالق وفى سياق منطق السببية .

* منطق القفز فوق الفرضيات أو منطقية البناء بدون أساس .
تناولت فى مقالات سابقة نقد لفكرة البعث والخلود والجنه والجحيم وقدمت تفنيد لفكرة البعث وإستحالة حدوثه لأن الإنسان يتحلل ويذوب فى مكونات الطبيعة فتدخل جزيئاته المتحللة فى تكوين بناء حيوي وعضوى فنجد مصيره فى النهاية إما داخل خزان وقود سيارة أو تتداخلت جزيئاته رغماً عنه فى بناء عضوى لحشرة ودودة ومنه إلى نبات أو حيوان أو حتى إنسان أخر لتستمر دورات الطبيعة والحياة فيستحيل أن تجد جزيئات خاصة بنا حتى نُبعث بها فنحن نستعيرها ونعيرها .!!
أصحاب الفكر الدينى لا يجدون حجة منطقية تفسر إستحالة البعث إلا بإستدعاء الحل السوبرمانى فحجتهم تقول أن القادر على الخلق قادر على الإسترداد والتجميع متكئين على القول القرآنى " وضرب لنا مثلا ونسي خلقه, قال من يحي العظام وهي رميم, قل يحيها الذي أنشأها أول مرة, وهو بكل خلق عليم, الذي جعل لكم من الشجر الاخضر نارا, فإذا انتم منه توقدون, أوليس الذي خلق السماوات والأرض بقادر على ان يخلق مثلهن, بل وهو الخلاق العليم, إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون."

مثال آخر نستقيه من أقوال المسيح "أُنظُرُوا إِلى طُيورِ السَّماءِ كَيفَ لا تَزرَعُ و لا تَحصُدُ ولا تَخزُنُ في الأَهراء، وأَبوكُمُ السَّماويُّ يَرزُقُها. أَفَلَسْتُم أَنتُم أَثْمَنَ مِنها كثيراً؟ ومَنْ مِنكُم ، إِذا اهْتَمَّ، يَستَطيعُ أَن يُضيفَ إِلى حَياتِه مِقدارَ ذِراعٍ واحِدة؟ ولماذا يُهمُّكُمُ اللِّباس؟ إِعتَبِروا بِزَنابقِ الَحقْلِ كيفَ تَنمو، فلا تَجهَدُ ولا تَغزِل. أَقولُ لكُم إنَّ سُلَيمانَ نَفسَه في كُلِّ مَجدِه لم يَلبَسْ مِثلَ واحدةٍ مِنها. فإِذا كانَ عُشبُ الحَقْل، وهُوَ يُوجَدُ اليومَ ويُطرَحُ غداً في التَّنُّور، يُلبِسُه اللهُ هكذا، فما أَحراهُ بِأَن يُلبِسَكم، يا قَليلي الإيمان!" (متّى 26:6
" "أَما يُباعُ خَمسَةُ عَصافيرَ بِفَلسَيْن، ومَعَ ذلكَ فما مِنها واحِدٌ يَنساهُ الله. بل شَعَرُ رؤوسِكم نَفسُهُ مَعدودٌ بِأَجمَعِه. فلا تخافوا " (لوقا12: 6-7). ويزيد فكره وضوحًا فيقول: " فلا تَهْتَمُّوا فَتقولوا: ماذا نَأكُل؟ أوماذا نَشرَب؟ أو ماذا نَلبَس؟. فهذا كُلُّه يَسْعى إِلَيه الوَثَنِيُّون، وأَبوكُمُ السَّماويُّ يَعلَمُ أَنَّكم تَحْتاجونَ إِلى هذا كُلِّه. فَاطلُبوا أَوَّلاً مَلَكوتَه وبِرَّه تُزادوا هذا كُلَّه."

هنا إشكالية كبيرة فى المنطق فهو سرب فرضية وبنى عليها دون أن يثبت الفرضية الأولى .. ففى الآية القرآنية إعتبر أن هناك خلق قام به الله دون أن يثبت هذه الفرضية الكبيرة ليعتمدها ثم يبنى عليها فرضية إحياء العظام وهى رميم وبغض النظر عن أن العظام قد تكون منعدمة ومصيرها فى بئر نفط إلا انه إتكئ على فرضية الله الخالق فطالما أنجز المهمة الأولى بإقتدار فهو قادر على إنجاز المهمة الثانية وهى إحياء العظام , كما نلاحظ فى الآية القرآنية إستدلالها على مشهد عادى وهو إستخدام الإنسان للشجر فى إشعال النيران والتدفئة لينسب هذا الفعل الإنسانى البسيط إلى فضل الله ويبنى عليه ويمرر عملية الخلق وإحياء العظام ... ولكن ما يعنينا أن المنطق حتى يكون سليماً فعليه أن يثبت ويؤكد ويدعم الحدث الأول الذى هو خلق السموات ثم ينطلق بعدها ليتناول الحدث الثانى ليتم التعاطى مع كون البعث قائم ام لا .

نفس الحال فى أقوال المسيح فهو إعتبر أن الله يرزق طيور السماء ويخلق زنابق الحقل ومن هنا فهو قادر على رزق البشر والعناية بهم فإذا كانت الكائنات الأقل شأنا ذات حظ وعناية من الرب فبالأحرى سيكون الإنسان موضع الدلال والإعتناء ليعتبر المؤمنون هذا منطقيا ولكنه لم يثبت لنا الفرضية الأولى بأن الطيور تأكل من رزقه ومحل إعتناءه حتى نستمع للفرضية الثانية .!!


* منطق الإحتكار والبناء فوقه
يسأل البعض فى سياق إثبات وجود إله خالق : هل تستطيع أن تخلق جناح ذبابة ؟! فتقول بالطبع لا .. إذن الله موجود فهو الخالق !! , ولا تعرف ما علاقة خلق الذبابة بخلق الحياة والوجود بواسطة إله فأنا لا أستطيع أن اخلق جناح ذبابة ( يمكن فى المختبرات الآن تكوين جناح ذبابة أو الذبابة كلها ) فما معنى أن هناك من يستطيع خلق الحياة فمن أين جئت بهذه الحتمية وما المنطقية فيها ؟!.. فما علاقة عجزى فى وجود إله يخلق الذباب ؟!..وهل شاهد أحدا الإله وهو يخلق الذبابة .؟!

مثال آخر نستقيه من محاججة يقال عنها منطقية تمت بين إبراهيم أبو الأنبياء ونمرود الملك الذى إدعى الألوهية
"أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ [البقرة:258]
منطق غريب فإبراهيم يتحدى نمرود الذى يدعى الألوهية فيحاججه بظاهرة طبيعية معتادة ومكررة وينسبها لله ثم يطلب من نمرود العكس بقوله أن الله يأتى بالشمس من المشرق فهيا يا نمرود إذا كنت إلها آت بها من المغرب والطريف أن نمرود بهت .!ولكن ألا يمكن لنمرود بنفس هذا النهج بعد ان يتخلص من بلاهته أن يستبق إبراهيم ويَدعى بأنه يأتى بالشمس من المشرق فهيا يا إبراهيم إجعل إلهك يأتى بها من المغرب ليُبهت الذى آمن !! ولكن يبدو ان نمرود هذا يتحلى بدرجة لا بأس بها من العبط والسذاجة .
كان حرياً بإبراهيم أن يحاجج نمرود بشكل صحيح فيقول : ها هى الشمس تشرق علينا دوما من الشرق وإلهى هو الذى يفعل هذا ولكنه سيجعلها غداً تأتى من المغرب لأثبت لك أن إلهى هو القادر والوحيد على التحكم فى الشمس ثم يأتى الدور عليك يا نمرود بعد غد وتأتى بها من المغرب .( بالطبع هناك مغالطة فى قصة الشمس التى تتحرك لتنتج الشروق والغروب ولكنها ليست قضيتنا )
بالطبع محاججة ساذجة وطريفة تبين تهافت المنطق الدينى فإبراهيم ينسب ظاهرة طبيعية واضحة ومكررة وثابته لإلهه ليطلب من محاوره أن يأتى بالعكس .. المنطق الدينى يسطو على مشهد وجودى بشكل متعسف وينسبه لله ثم يبنى عليه فأنت لا تستطيع أن تخلق ذبابة إذن فالله خالق . كما لا تقدر ان تأتى بالشمس من المغرب إذن الله موجود وخالق .!
الخلل فى المنطق الدينى أنه يستدل بما هو حاجة إلى إستدلال ,, ولا يعطى الحجة بما هو فى حاجة إلى حجة وينطلق مما هو فى حاجة إلى إثبات.

* المنطق الدائرى .
الفكر الدينى يتعامل بأسلوب دائرى وإلتفافى غريب فلن تفلح أن تحظى بأى تسلسل منطقى لتجد الأمور تاهت لتصل لنفس المربع الأول دون ان تنال شيئا , فعندما تستفهم عن مقولة الله الخالق و من أين حظى مرددها على هذه الفكرة ومن أين له هذا اليقين فستجد القول بأننا أدركنا الإله الخالق من كتبه المقدسة لتسأله مرة ثانية : ومن أين عرفت بأن هذه الكتب من الله فسيقول لك لأنها جاءت على لسان أنبياءه وبوحى منه لتختم أسئلتك بقولك : ومن قال أنهم أنبياءه وأنه أمدهم بالوحى فيبادرك بالإجابة لأن الله ذكر هذا الأمر فى كتبه المقدسة .!!
لاحظ أننا كنا نسأل عن إثبات الله الخالق لنجد أنفسنا فى نهاية الطريق ندخل فى دروب دائرية كل واحدة منها تريد إثبات وإجابة منطقية .

* المنطق واللامنطق فى آن واحد .
الله خلق الإنسان لكى يعبده ومن ينصرف عن عبادته سيذيقه عذاب وجحيم أبدى وهذا يعتبر منطق فهناك غاية تريد ان تتحقق , ولكن الله فى نفس الوقت غنى وغير محتاج لعبادة الإنسان وهذا هو اللامنطق , لتتزواجا هاتين الحالتين فى فكرة واحدة كالعملة المعدنية إحداهما تحمل وجه ذو منطق والوجه الآخر اللامنطق .

* منطق عدم سببية المعقد وسببية البسيط .
قانون السببية بأن لكل سبب مُسبب يتم إعتماده كفكر منطقى إنسانى ولكن عندما يتم إسقاطه على فكرة الله يأخذ شكل تعسفى فالله ليس له مُسبب ودعكم من منطق السببية هذا فنحن إستخدمناه فقط لنصل بأن للكون خالق فإنصرفوا عن وجهوهنا .
عدم إستخدام السببية على الله لا يتعسف فقط مع منهج السببية الذى إعتمدناه ولكنه يتناقض أيضا مع منطقية أننا نهمل المركب ونتعاطى مع البسيط فنحن لا يهمنا أن نسأل عن سبب وجود الحجر ولكن سنسأل عن جهاز الكمبيوتر .. فمن المفروض أن ما نراه معقداً ومركباً سنتعامل معه لنسأل عنه وعن مسببه .
الخلق بالنسبة لنا معقد ولكنه بسيط وتافه بالنسبة للإله , فالله لن يكون بسيطاً أمام الخلق , فمنطقياً سيكون الله أكثر تعقيداً وتركيباً وذكاءاً بالنسبة للموجودات , فكيف نتقبل ان نسأل عن سببية البسيط ونهمل السؤال عن سببية المعقد .. كيف نهمل السؤال عن سببية الكمبيوتر والهاتف النقال ونقف نبحث عن سببية الحجر والبعرة .. من هنا يكون من المنطق ان تهتم بسببية المعقد ولا يستهوينا سببية البسيط .

* منطق الديك الذى يبيض .
ديك من عشة فراخنا قفز على سطوح الجيران وباض بيضته .. فلمن يكون له حق حيازة البيضة هل لنا بحكم أن الديك ملكنا أم من حق الجيران بحكم أنهم إستقبلوا البيضة وهذا رزقهم ؟! .
هذه الفزورة كانت تُلقى علينا ونحن أطفال صغار كشكل من الأحاجى الذهنية الطريفة ولكن رغم تغير الزمن فمضمون الفزورة مازال حاضراً ويجد رواجاً ويحتار البعض فيه , فنحن نسأل من خلق الكون فيكون الجواب الله ولكن لم يسأل أحد : "هل هناك شئ اسمه خلق للكون من الأساس "؟ّ! ..فلا يوجد وجود جاء من العدم فالمادة لاتستحدث ولاتخلق من العدم , ولا تفنى إلى العدم بل لا يوجد شئ اسمه عدم من أساسه كما يثبت لنا العلم والوجود , ولكنهم مازالوا يصرون على أن الكون مخلوق .. لذا عندما يثبت أحد أن هناك خلق فحينها سنبحث فيمن يحق له حيازة بيضة الديك .

*منطق صحة فكرتى تأتى من فساد فكرتك .
الفكرة تثبت صحتها وتؤسس وجودها من مكوناتها وتماسكها وتعاطيها مع أدوات منطقية ولا تبنى صحتها على فساد أو تصور فساد فكرة أخرى , فالمؤمنون عندما يواجهون الإشكاليات فى فكرة الله وأسطورة الخلق الطينية وما يرافقها من سرد خرافى تجدهم يطرحون فكراً يتصورونه منطقيا : أراك تقول أن الحياة والوجود جاءت هكذا عشوائياً بدون صانع كتجمع مجموعة من الخشب والمسامير والغراء لتكون سفينة أو تظن أن الله حل فى الجسد وصلب , أوأنه ثالث ثلاثة . أو تعتقد أن الرب خلق لنا تلك الجنه الداعرة , أو قد تظن بأن الله سيحل فى بقرة هندوسية .
فلتكن كل الأفكار خاطئة ولكن ليس معنى فسادها أن فكرتى صحيحة ومنطقية .. فخطأ فكرة الآخر لن تمنح الصلاح لفكرتى.

* منطق توتة توتة خلصت الحدوتة .
الكثير يعتريه الشك فى الفكرة الإلهية عندما يستقيها من التراث الدينى ليتفجر فى داخله الشكوك والحيرة , فهل من المعقول أن يكون الإله بهذه السذاجة .. هل من المعقول إله بهذه العظمة والقوة والفخامة مهموم بمشاكل عاطفية لنبى أو يرسل آيات بينات يلعن هذا أو يسب ذاك أو يحابى شعب على آخر .. هل من المعقول أن الله يتجسد ويُصلب .. هل من المنطقى أن الله يحث أحباءه على القتال طالبا النصر.. هل من اللائق أن يقيم الله جنه خمر وطعام ونكاح ولا يتورع ان يعيد كل حورية لبكارتها ثانية لمزاج هذا الأعرابى الذى يستطيب العذارى .
هؤلاء المتشككون يبددون شكهم سريعا بالولوج فى طريق آخر فيصرحوا بقولهم أنهم لا يستطيعون تصديق بأن هذا الوجود جاء صدفة فلابد من وجود صانع ومنظم له .
حسناًً.. لن نعتبر الوجود جاء من صدفة ومن سبب مادى فهى ليست قضيتنا بالرغم أن كل مظاهر الطبيعة تعطينا سبب مادى ورائها بل سنعتبر الوجود المادي خاطئ جدلاً وليس لدينا تفسير للوجود فهل يعنى هذا أن الفكرة الرائجة عن قوى شاخصة خالقة صحيحة .
رافضى الوجود المادى يرون صعوبة التصديق والقبول بمادية المادة , ليتعاطون مع الفكرة الميتافزيقية الرائجة والسهلة القبول فيرونها منطقية بينما الأفكار التى يرونها صعبة وغير مستساغة هى أفكار خاطئة وغير منطقية أى أن الإنسان وضع معايير صحة الشئ حسب قدرته على قبولها وبلعها , ولكن الحقيقة لا تقول ذلك فلن يصير الوجود والحياة وفق قدرتى على الإستيعاب والتصور .. فالأرض المنبسطة فكرة سهلة وأكثر قبولا من فكرة كورية الأرض التى تصبح فيه رؤوسنا لأسفل وأرجلنا لأعلى ولكن الأرض كروية رغم أنف فكرة الأرض المنبسطة السهلة التصور .
الوجود ليس قصة ساذجة بمشاهدها تحكيها جدتى " توتة توتة وخلصت الحدوتة "صاحبة النهايات البسيطة والسعيدة وهيا بنا نخلد إلى النوم فالوجود لن يسير مشاهده وفقاً لقدرتنا على تصوره أو عدم تصوره .

دمتم بخير
"من كل حسب طاقته لكل حسب حاجته " - حلم الإنسانية القادم فى عالم متحرر من الأنانية والظلم والجشع .



#سامى_لبيب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- البحث عن قضية إهتمام - الله مهتماً - لماذا يؤمنون وكيف يعتقد ...
- المرأة العربية بين جمود الثقافة والتراث وهيمنة مجتمع ذكورى
- الأديان بشرية الهوى والهوية -خيالات إنسان قديم (3)
- ثقافتنا ومعارفنا البائسة بين التلقين والقولبة - لماذا نحن مت ...
- حكمت المحكمة - يُقتل المسلم بكافر ! (4)
- عذراً لا أريد أن أكون إلهاً - خربشة عقل على جدران الخرافة وا ...
- مَخدعون و مُخادعون - كيف يؤمنون ولماذا يعتقدون (18)
- حصاد عام على إنتفاضة المصريين فى 25 يناير
- زيف الفكر وإزدواجية السلوك وإختلال المعايير - لماذا نحن متخل ...
- ثقافة وروح العبودية - لماذا نحن متخلفون (1)
- الأديان بشرية الهوى والهوية -نحن نتجاوز الآلهة وتشريعاتها (2 ...
- قطرة الماء تتساقط فتسقط معها أوهامنا الكبيرة - خربشة عقل على ...
- الأخلاق والسلوك ما بين الغاية ووهم المقدس - لماذا يؤمنون وكي ...
- نحن نخلق آلهتنا ونمنحها صفاتنا -خربشة عقل على جدران الخرافة ...
- الحجاب بين الوهم والزيف والخداع والقهر - الدين عندما ينتهك إ ...
- هل هو شعب باع ثورته ويبحث عن جلاديه أم هو اليُتم السياسى .. ...
- مراجعة لدور اليسار فى الثورات العربية ونظرة إستشرافية مأمولة
- مشاركة القوى اليسارية والنقابات العمالية والاتحادات الجماهير ...
- فى داخل كل منا ملحد !..إنه الشك يا حبيبى - لماذا يؤمنون وكيف ...
- الثورة الناعمة عرفت طريقها .. شعب سيصنع ثورته من مخاض الألم


المزيد.....




- مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى في ثاني أيام الفصح اليهودي
- المقاومة الإسلامية في لبنان .. 200 يوم من الصمود والبطولة إس ...
- الأرجنتين تطالب الإنتربول بتوقيف وزير إيراني بتهمة ضلوعه بتف ...
- الأرجنتين تطلب توقيف وزير الداخلية الإيراني بتهمة ضلوعه بتفج ...
- هل أصبحت أميركا أكثر علمانية؟
- اتفرج الآن على حزورة مع الأمورة…استقبل تردد قناة طيور الجنة ...
- خلال اتصال مع نائبة بايدن.. الرئيس الإسرائيلي يشدد على معارض ...
- تونس.. وزير الشؤون الدينية يقرر إطلاق اسم -غزة- على جامع بكل ...
- “toyor al janah” استقبل الآن التردد الجديد لقناة طيور الجنة ...
- فريق سيف الإسلام القذافي السياسي: نستغرب صمت السفارات الغربي ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامى لبيب - المنطق الدينى بين الهشاشة والسذاجة والهراء - خربشة عقل على جدران الخرافة والوهم (14).