أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - نزار جاف - رجل أم مجرد ظل لديک














المزيد.....

رجل أم مجرد ظل لديک


نزار جاف

الحوار المتمدن-العدد: 1078 - 2005 / 1 / 14 - 10:05
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


لم أکن يوما من رواد المراقص و " الديسکو" لکن شاءت الاقدار أن أجد نفسي منقادا مع أحد الاصدقاء صوب مرقص " وقور " بعض الشئ ، والسبب الذي دفعني أکثر لخوض غمار المراقص کان يعود لعاملين ، أولهما کوني صحفي يدفعني فضول المهنة الى معرفة المسائل عن قرب و ثانيهما هو صديق قديم کان بصحبتي وقد وصل حديثا الى المانيا وکان شغوفا نهما في حبه لإستطلاع کل ماهو جديد عليه . وحين دعاني ذلک الصديق وجدتها فرصة سانحة کي أضرب عصفورين بحجارة واحدة وسرنا نحن الثلاثة بخطى مختلفة الايقاع صوب عالم المراقص . وبعد مدة وجيزة على دخولنا جلسنا في رکن منزوي نترقب مايجري في الحلبة من هز و تمايل و ترنح بين أحفاد السيد آدم و السيدة حواء . وبدأنا بالکلام عن الرقص و ضروراته و منافعه و في نفس الوقت عن تفاهته في المجتمعات الشرقية ! في غمرة حديثنا الذي باتت حرارته تزيد مع زيادة الخمر الذي کنا نحتسيه بتؤدة ، وإذا بحسناء ممشوقة القوام و باهرة الحسن تستأذننا بالجلوس الى طاولتنا ، وطبعا لايرد الکريم إلا البخيل ولذا قبلنا العرض وببالغ الغبطة و السرور ! وعلمنا إنها إسبانية جاءت الى المانيا کسائحة لبضعة أسابيع ، ولما کانت هذه التجربة هي الاولى من نوعها في حياة صديقي القادم حديثا الى بلاد حرکة الاصلاح الکنسي ، فقد أحسست به منشرحا ومنطلقا في إحساساته و تحرکاته ، کان يود کثيرا محادثة الحسناء الاسبانية لکن إلمامه للغته الکردية الام و العربية الى جانبها کان يحولان دون غايته في مد جسور التفاهم معها . ومهما يکن فقد دخلت حلبة الکلام مع الديوک الثلاث ، کانت لاتجيد الالمانية ولذفقد صارت الانکليزية هي لغة التفاهم و الحوار مابيننا وفي هذا الغمار صرت المترجم مابين صديقي القادم حديثا و بين حفيدة مصارعي الثيران. وکعادة أي أديب أو مثقف شرع صديقي في الکلام عن الادب الاسباني رواية و قصة و شعرا و مسرحا ، وراح يتفنن في الکلام عن لورکا و سرفانتس وآخرون ، ولاأخفي سرا إذا قلت إن الفتاة الاسبانية قد تأثرت بکلامه وباتت تصغي الى کل کلمة أترجمها بدقة بالغة مما دفع صاحبي " کعرف ذکوري سائد" الى أن تجيد قريحته بکلام أفضل من الذي سبقه . وإستمرت الحالة هکذا حتى صار صاحب الدعوة خارج الحلبة بل حتى أنا أيضا کنت في الواقع خارجها إذ لم أکن أکثر من مجرد مترجم ، وکان الامر يسير بصورة رومانسية رقيقة جدا حتى حانت اللحظة التي قلبت موازين الحوار رأسا على عقب حين سألت ذات القد الفارع صديقي عن حياته الخاصة ، وبما أن حياة صديقي لم تکن سوى مجموعة أحداث تراجيدية يغلفها حزن دائم و غريب . فقد نشأ يتيما لأن أباه قد قتل في العام 1963 إثناء فترات حظر التجوال في السليمانية أما أمه فقد قتلت إبان القصف الجوي البعثي على مدينة قلعةدزة عام 1974 حيث کانت مع إبنها " صديقي الحالي " هناک کي تلبي إحتياجاته فدفعت حياتها ثمنا لذلک ، أما بعد ذلک فتراوحت حياة صديقي بين الهروب و التخفي من الاجهزة القمعية للحکم الدکتاتوري و بين فترات غير منتظمة من السجن لاسباب و دوافع مختلفة . بديهي أنا أختصر هنا الکلام للقارئ العزيز حيث کان کلامه ملئ بالالام و المعاناة . وشعرت بعمق تأثر ضيفتنا الاسبانية بکلام صديقي حتى لاحت الدموع في مآقيها لأکثر من مرة وفي ذروة تأثرها إقتربت منه کثيرا و بدأت تمسح بإحدى يديها برفق على رأسه بينما راحت تمسک بالاخرى يده وتمسد عليه برقة بالغة ، لکن الامر لم يقف عند ه?ذا الحد وإنما تجاوزه بکثير عندما شرعت المدريدية الجميلة بتقبيله کتضامن روحي مع مايعاني . وهنا کان التغيير الکبير و الحاسم إذ رأيت الارتباک و الخجل بکل وضوح في وجه صديقي الذي کان في وضعه هذا أشبه بفتاة خجولة لاتستطيع شيئا أمام حبيبها فتستسلم مطواعة ليمينه و شماله . وأحسست بورطة صاحبي وقلت ماذا تريد أن نعمل الان ؟ فقال لاأدري إطلاقا ماذا نعمل ! وفي هذا الاثناء کانت ضيفتنا قد إلتصقت به تماما و وضعت رأسه على کتفها وهي تمسد عليه و بين الحين و الاخر ترشقه برذاذ من القبلات الخفيفة على خديه و ...شفتيه ! ولم يطل الامر کثيرا بصديقي فقد ناداني متوسلا " أرجوک أن لاتکشف سر هذه الصدفة الغريبة لأحد"
في هذه اللحظة وفي عمق وأوج الارهاصات الانسانية لصديقي و الذي هو من الذين بلغوا في الثقافة شأنا ، أدرکت معنى و کنه عامل " العيب "الذي تقتاد عليه المجتمعات الشرقية إخفاءا للحقائق الناصعة و المرة کي تحافظ على الوهم الذي يهيمن في أعماق کل فرد منها ! وماطلب صديقي الذي رفضته في نفس اللحظة إلا واحدة من تداعيات جدار الوهم الذي رفعناه حولنا و بإرادة مريضة و موبوئة منا ! هذا المثقف النموذجي و النخبوي " إن صح التعبير " لم يستطع التمييز بين مشاعر تلک الفتاة الاسبانية کإنسانة و بين مشاعرها کأنثى ! فهي لم تفکر بأي شأن جنسي حين کانت في أوج تعاطفها الانساني معه بل على العکس کانت تتعاطى بحرارة و شوق جارفين مع إنسانيته المصادرة . أما صاحبنا فقد لجم الکبت الجنسي عنان ثقافته فصار مجرد کائن تحکم مملکة جسده الغريزة ! ورغم إنني أتعاطف و أتفهم نوعا ما للحالة النفسية التي يعاني منها صديقي إلا أنني أعود و أقول من الحري جدا بالمثقف أن يعي و يدرک جيدا مايقول و يدعي، إذ لايکفي أن ندعو الى حرية المرأة ونحن مازلنا نتعامل معها کتعامل الديک مع الدجاجة !

کاتب و صحفي کوردي
مقيم في المانيا



#نزار_جاف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شئ عن الموقف و أصحاب المواقف
- الى أنظار صحفيي و ناشطي حقوق المرأة و الانسان في العالم : شم ...
- مظفر النواب : کلام متواضع في حقه
- أحمد رجب..معلمي و أستاذي و مناري الاول في عالم الصحافة
- فتاة طارت من أربيل الى مکة
- الى الاخ نزار رهک قليلا من الموضوعية في تقييم خيار الشعوب في ...
- أقتلوا الاشباح
- المسرح الکوردي و سبر أغوار المرحلة المقبلة
- نحو نظرة أکثر إشراقا للمستقبل الانساني
- کلام هادئ مع الراحل الکبير الدکتور علي الوردي
- عبدالجبار عباس وشئ من ذکراه
- سوريا ..البحث في المحال في الوقت المحال
- أصالة دور المرأة في المجتمع الکوردي
- الرجل المثالي جدا
- ماتحقق للمرأة في العقود المنصرمة : صفر و باليد حصان !
- لاخير في نظام فکري ـ إجتماعي يستمد قوته من غشاء البکارة
- تراجع الادب النسوي لماذا ؟
- لادين للنساء
- تغشى وجدها الارق من النسمة فکان مخاض الشعر! فينوس فايق..کورد ...


المزيد.....




- الشرطة الأسترالية تعتقل صبيا طعن أسقفا وكاهنا بسكين داخل كني ...
- السفارة الروسية: نأخذ في الاعتبار خطر ضربة إسرائيلية جوابية ...
- رئيس الوزراء الأوكراني الأسبق: زيلينسكي ضمن طرق إجلائه من أو ...
- شاهد.. فيديو لمصري في الكويت يثير جدلا واسعا والأمن يتخذ قرا ...
- الشرطة الأسترالية تعتبر جريمة طعن الأسقف في كنيسة سيدني -عمل ...
- الشرطة الأسترالية تعلن طعن الأسقف الآشوري -عملا إرهابيا-
- رئيس أركان الجيش الإسرائيلي يقول إنّ بلاده سترد على الهجوم ا ...
- زيلينسكي لحلفائه الغربيين: لماذا لا تدافعون عن أوكرانيا كما ...
- اشتباكات بريف حلب بين فصائل مسلحة وإحدى العشائر (فيديوهات)
- قافلة من 75 شاحنة.. الأردن يرسل مساعدات إنسانية جديدة إلى غز ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - نزار جاف - رجل أم مجرد ظل لديک