أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - طيب تيزيني - من الاستبداد إلى التقسيم














المزيد.....

من الاستبداد إلى التقسيم


طيب تيزيني

الحوار المتمدن-العدد: 3658 - 2012 / 3 / 5 - 23:37
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



يلاحظ المدقق في الوضع السوري الراهن أن الوطن السوري يمر بمخاطر عظمى تهدد وحدته الأولية. وفي هذا السياق، يتضح أن تلك المخاطر تجد موقعها الآن في الامتداد التاريخي لاتفاق سايكس - بيكو الاستعماري، الذي بمقتضاه أصبحت سوريا تابعة لفرنسا بصيغة بلد مُحتل، وحاول الفرنسيون أن يفككوا هذا البلد من الداخل بعد أن احتلوه، فكان في استراتيجيتهم أن تظهر دولة للدروز وأخرى للسُنة وثالثة للعلويين الخ. فما كان من هذه الطوائف، وعلى رؤوسهم زعماؤهم الوطنيون، إلا أن وقفوا كالطود في وجه هذا المشروع التقسيمي الاستعماري، حيث دخلوا في حرب استقلال مضادة لفرنسا انتهت بالنصر وبتحقيق استقلال سوريا الوطن.

وفي أعقاب الاستقلال نشأ مشروع وطني ديمقراطي يعيد لسوريا مسارها النهضوي، بما عنى ذلك من دعوة إلى النهضة والتنمية والتنوير. ومرة ثانية، فقدت سوريا مشروعها الوطني الديمقراطي، بعد اشتراط عبد الناصر على بعض زعمائها من حزب "البعث" وقبول هؤلاء، أن تُلغى بجرة قلم الأحزاب في سوريا (وكانت أحزاب مصر قد ألغيت) وإنهاء المجتمع السياسي والمدني. وعلى هذا الطريق تمت تصفية المؤسسات التشريعية والقضائية والتنفيذية، ليفتح الطريق على مصراعيه أمام عملية الاستئثار بها، ولسنا بحاجة لاسترجاع التجارب في العالم التي تأسست وتضخمت في إطار مثل ذلك الاستئثار حتى ندرك أن تلك التجارب قادت إلى تهشيم البلاد عبر تدمير بنيتها وفتح الطريق سالكة أمام الأجنبي. وهذا، بدوره، ينجز الخطوة الأخيرة الحاسمة، وهي تقسيم البلدان التي تحت قبضتها كسبيل لإحكام القبضة عليها. ذلك ما أسس له الأميركيون في العراق مثلاً، الذي يفصح تقسيمه عن نفسه بصيغة إضافية هنا وتقويته هناك، إضافة إلى مسالك أخرى.

وهكذا، فإذا كان الأمر على هذا النحو، فهو أيضاً ذلك الذي تأسس في سوريا على مدى أربعين عاماً ونيف. فقد أصبحت أهداف واستراتيجيات الإصلاح في خبر كان بعد ما وضعت طواقم أمنية وعسكرية أيديها على كل شيء. وقد غاب عن أذهان من أراد أن يحول سيطرة الأسد، الأب والابن، إلى سيطرة أبدية، أن هذه الرغبة غير قابلة للتحقق بالاعتبار التاريخي والسياسي والأخلاقي، خصوصاً أن هذا الأمر في سوريا المعنية، كان يفقد من مصداقيته بسبب من تعاظم التصدع ها هنا، بحكم الفساد والإفساد وتجويع العباد مع إفقادهم كرامتهم وحرياتهم. لقد اختُصر البلد الجميل سوريا إلى أقلية من الحكام والمنتفعين النهابين، على قدم وساق! وهذه الأقلية OLIGARCHY افتقدت الحكمة والتواضع، وزاد الجشع النهَّم والاستهتار بوحدة البلد المحصَّنة بالعدل وسيادة القانون والدفاع عن المفلوكين، الذين لا يملكون حتى أجسادهم، ها هنا، نستذكر بمرارة الدرس العلمي العميق، الذي قدمه ابن خلدون من القرن الرابع عشر الميلادي، ويتلخص بأنه الطريق تصبح سالكة أمام الحُكام في الداخل، وشهية أمام الخارج الشَّبق.

وبدلاً من اللجوء إلى استجابة عقلانية متفهمة لـ "الحقوق الشرعية المهدورة"، واجه النظام الشباب مواجهة قاسية، خصوصاً حين بدأ يستخدم الرصاص الحيّ، فمن طرف راح هذا النظام يتهم جموع الشباب بأنهم مجموعات مسلحة تخدم "الخارج" أو بأنهم مُندسون أو سلفيون أو إرهابيون. والحقيقة إن رؤوس النظام أسهمت بذلك - بمعرفة أو بدونها - في إضعاف الداخل، ومن ثم في تهيئته للاختراق من قبل "مؤامرة كونية" تسعى إلى تقسيم البلد طائفياً أو عرقياً أو دينياً، وغير ذلك. ومن يعتقد أن الخطأ، القاتل خصوصاً، يزول بتقادم الزمن عليه، إنما هو واهم، والتاريخ يقدم البرهان!



#طيب_تيزيني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الدستور السوري... ثلاثة أخطاء
- جدال حول مصدر الأزمة
- تغييب -اللاعب الأكبر-
- دبلوماسية في خدمة الجريمة!
- ليسوا مندسِّين
- الثورة واستحقاقات التعددية
- حين تغيب العقلانية
- تساؤلات لا يحتملها -الاستبداد-
- معضلة النظام الأمني
- من التخلف إلى الاستبداد
- الحرب الطائفية والنظام الأمني
- الاستقواء بالخارج!
- -الربيع العربي- والمسار الفلسطيني
- موقف أوباما: هذا ما يغضبنا
- الطبقة الوسطى والانتفاضات
- الأيديولوجيا : المواقف والمعارف
- الحروب والمنظومات الأخلاقية
- الدولة المدنية والإسلاميون
- المسار التاريخي العربي
- الإصلاح والسلاح


المزيد.....




- لماذا أصبح وصول المساعدات إلى شمال غزة صعباً؟
- بولندا تعلن بدء عملية تستهدف شبكة تجسس روسية
- مقتل -36 عسكريا سوريا- بغارة جوية إسرائيلية في حلب
- لليوم الثاني على التوالي... الجيش الأميركي يدمر مسيرات حوثية ...
- أميركا تمنح ولاية ماريلاند 60 مليون دولار لإعادة بناء جسر با ...
- ?? مباشر: رئيس الأركان الأمريكي يؤكد أن إسرائيل لم تحصل على ...
- فيتو روسي يوقف مراقبة عقوبات كوريا الشمالية ويغضب جارتها الج ...
- بينهم عناصر من حزب الله.. المرصد: عشرات القتلى بـ -غارة إسرا ...
- الرئيس الفرنسي يطالب مجموعة العشرين بالتوافق قبل دعوة بوتين ...
- سوريا: مقتل مدنيين وعسكريين في غارات إسرائيلية على حلب


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - طيب تيزيني - من الاستبداد إلى التقسيم