أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد الحداد - قراءة في طبائع الاستبداد ج 15















المزيد.....

قراءة في طبائع الاستبداد ج 15


محمد الحداد

الحوار المتمدن-العدد: 3658 - 2012 / 3 / 5 - 20:39
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ثم يقول الكواكبي:
المال عند الاقتصاديين: ما ينتفع به الإنسان، وعند الحقوقيين: ما يجري فيه المنع والبذل؛ وعند السياسيين: ما تُستعاض به القوة؛ وعند الأخلاقيين: ما تُحفظ به الحياة الشريفة. المال يستمدُّ من الفيض الذي أودعه الله تعالى في الطبيعة ونواميسها، ولا يملك؛ أي لا يتخصص بإنسان، إلا بعمل فيه أو في مقابله.
والمقصود من المال هو أحد اثنين لا ثالث لهما وهما: تحصيل لذّة أو دفع ألم، وفيهما تنحصر كلُّ مقاصد الإنسان، وعليهما مبنى أحكام الشرائع كلها، والحاكم المعتدل في طيّب المال وخبيثه؛ هو الوجدان الذي خلقه الله صبغةً للنّفس، وعبَّر عنه القرآن بإلهامها فجورها وتقواها، فالوجدان خيَّر بين المال الحلال والمال الحرام.
ثمَّ إنَّ أعمال البشر في تحصيل المال ترجع إلى ثلاثة أصول: 1- استحضاره المواد الأصلية. 2- تهيئته المواد للانتفاع. 3- توزيعها على الناس. وهي الأصول التي تسمّى بالزراعة والصناعة والتجارة، وكلُّ وسيلة خارجة عن هذه الأصول وفروعها الأولية، فهي وسائل ظالمة لا خير فيها. انتهى النقل.
أعتقد أن الكواكبي قد ظلم فئة تعمل ضمن نطاق آخر غير الزراعة والصناعة والتجارة، فهناك الخدمات، وهي من القطاعات المهمة جدا في المجتمعات الحديثة، بل أنها تمثل جزء كبير جدا في اقتصاديات الدول المتقدمة بحيث لا يمكن اهمالها، فالطبيب والصيدلي والمعلم، جميعهم من ضمن قطاع الخدمات العامة، ومنظف الشوارع وجامع القمامة كذا منهم، اضافة لموظفي جامعي الضرائب والخدمات العامة ليسوا ضمن أي من القطاعات تلك، فلا يصح تسميتها بوسائل ظالمة لا خير فيها.
كذا الحال بالنسبة للشرطة والجيش، فلولاهما لعمت الفوضى كل المجتمع، ورجال القضاء قطاع مهم أيضا.
من كل هذا نجد أن الكواكبي يتبنى منظور بدائي جدا للاقتصاد، بحيث انه يعتبر كل من يشتغل بعمل خارج نطاق الزراعة والصناعة والتجارة، فهو ليس بعمل، او عمل ظالم، وهذا تجني كبير كان الأجدى أن لا يقع فيه.
ثم يقول:
التموُّل؛ أي ادِّخار المال، طبيعة في بعض أنواع الحيوانات الدنيئة كالنمل والنحل، ولا أثر له في الحيوانات المرتقية غير الإنسان. الإنسان تطبَّع على التموُّل لدواعي الحاجة المحقَّقة أو الموهومة، ولا تحقُّق للحاجة إلا عند سكان الأراضي الضيّقة الثمرات على أهلها، أو الأراضي المعرَّضة للقحط في بعض السنين، ويلتحق بالحاجة المحقَّقة حاجة العاجزين جسماً عن الارتزاق في البلاد المبتلاة بجور الطبيعة أو جور الاستبداد، وربما يلتحق بها أيضاً الصرف على المضطرين وعلى المصارف العمومية في البلاد التي ينقصها الانتظام العام. انتهى النقل.
وهنا يقع بخطأ آخر، حيث أنه يتجنى على النمل والنحل، وسماهما حيوانات دنيئة، ولا أعرف من أين أتى بتقسيمه هذا، فلا وجود بعلم الأحياء لحيوانات دنيئة، وأخرى غير دنيئة.
ثم أنه أعتبر جمع الغذاء كأنه جمع للمال، مع أن المال يمكن مقايضته للحصول على سلعة أخرى، وكذا الغذاء، ولكن الغذاء الذي يجمعه النمل أو النحل ليس الغرض منه المقايضة، بقدر اضطرار مملكتي النحل والنمل لتخزين الغذاء وجمعه في فترة ذروة تواجده، كي يستطيع استعماله حين الندرة.
وهذا ليس بعار على المملكتين، قدر أنه يحسب لهما، فهو ذكاء وحسن تدبر، وبالنتيجة هذه الفعلة ترفع من قيمة المملكتين بدل التندر عليهما.
النمل والنحل ليسا الوحيدين بذلك الأمر، فالسناجب مثلا تجمع طعامها وتخزنه أيضا، فهل هي أيضا من الحيوانات الدنيئة!
ثم يقول:
والمراد بالانتظام العام، معيشة الاشتراك العمومي التي أسسها الإنجيل بتخصيصه عشر الأموال للمساكين، ولكن؛ لم يكد يخرج ذلك من القوة إلى الفعل، ثمَّ أحدث الإسلام سُنَّة الاشتراك على أتمِّ نظام، ولكن؛ لم تدم أيضاً أكثر من قرنٍ واحد كان فيه المسلمون لا يجدون من يدفعون لهم الصدقات والكفّارات، وذلك أنَّ الإسلامية – كما سبق بيانه- أسست حكومة أرستقراطية المبنى، ديمقراطية الإدارة، فوضعت للبشر قانوناً مؤسساً على قاعدة: إنَّ المال هو قيمة الأعمال، ولا يجتمع في يد الأغنياء إلا بأنواع من الغَلَبة والخداع. انتهى النقل.
لا أدري من أين يستقي الكواكبي معلوماته، أم هي هكذا كانت ثقافة جيله، بدائية وخاطئة بأكثر الأحيان، فها هو يخطأ مرة أخرى، حيث بتركنا لموضوع العشر في الانجيل، ونأتي للفقرة التي تليها، والتي يقول فيها ان الاسلامية أسست حكومة ارستقراطية المبنى، والتي قد تكون بعد تسلم بني امية للخلافة، ويقول بعدها ديمقراطية الادارة؟!! وهنا أتساءل، متى كانت الاسلامية كما يسميها الكواكبي ديمقراطية الادارة، فلو تركنا زمن الرسول، وبدأنا من أبي بكر، والذين بعده، هل كانت هناك ديمقراطية، او ديمقراطية الادارة يا كواكبي كما تسميها؟
متى كانت تلك؟ أعطينا مثلا واحدا؟
هل كانت بحروب ما يسمى بالردة، وقتل الناس على الشبهة، بل وفقط لانهم امتنعوا عن مبايعة ابي بكر، او عدم دفع الزكاة له لانهم لا يعترفون به خليفة؟!
أم كانت زمن عمر ودرته التي يضرب بها القاصي والداني؟!
أم زمن عثمان الذي طلبوا منه مرارا وتكرارا بعزل ولاته، ولكن لا من مجيب؟!
أم زمن علي الذي انشغل بالحروب ليل نهار؟!
أم زمن الحسن ابن علي الذي تنازل لمعاوية؟!
أم زمن معاوية الذي أخذ الخلافة بالحيلة ودس السم بالعسل؟!
أم زمن يزيد ابن معاوية الذي قتل وشرد وضرب حتى الكعبة؟!
بالله عليك يا كواكبي لا تجمل تأريخا أسود من ظلام الليل بكلمات هنا وهناك.
ثم يقول:
فالعدالة المطلقة تقتضي أن يؤخذ قسمٌ من مال ويُردّ على الفقراء؛ بحيث يحصل التعديل ولا يموت النشاط للعمل. وهذه القاعدة يتمنّى ما هو من نوعها أغلب العالم المتمدن الإفرنجي، وتسعى وراءها الآن جمعيات منهم منتظمة مكوَّنة من ملايين كثيرة. وهذه الجمعيات تقصد حصول التساوي أو التقارب في الحقوق المعاشية بين البشر، وتسعى ضدَّ الاستبداد المالي، فتطلب أنْ تكون الأراضي والأملاك الثابتة وآلات المعامل الصناعية الكبيرة مشتركة الشيوع بين عامة الأمة، وأنَّ الأعمال والثمرات تكون موزعة بوجوهٍ متقاربة بين الجميع، وأنَّ الحكومة تضع قوانين لكافة الشؤون حتى الجزئيات، وتقوم بتنفيذها. انتهى النقل.
وهذا ما تحقق فعلا وبصورة رائعة في كثير من البلدان الأوربية، خاصة الاسكندنافية منها.
ثم يقول:
وهذه الأصول مع بعض التعديل قررتها الإسلامية ديناً، وذلك أنها قررت:
أولاً- أنواع العشور والزكاة وتقسيمها على أنواع المصارف العامة وأنواع المحتاجين حتى المدينين. ولا يخفى على المدققين أنَّ جزءاً من أربعين من رؤوس الأموال يقارب نصف الأرباح المعتدلة باعتبار أنها خمسة بالمائة سنوياً، وبهذا النظر يكون الأغنياء مضاربين للجماعة مناصفةً. وهكذا يلحق فقراء الأمة بأغنيائها، ويمنع تراكم الثروات المفرطة المولِّدة للاستبداد، والمضرَّة بأخلاق الأفراد.
ثانياً- قررت أحكامٌ محكمة تمنع محذور التواكل في الارتزاق، وتُلزِم كلَّ فرد من الأمة متى اشتدَّ ساعده، أو ملك قوت يومه، أو النَّصّاب على الأكثر؛ أن يسعى لرزقه بنفسه، أو يموت الفرد جوعاً؛ إذا لم تكن حكومته مستبدّة تضرب على يده وسعيه ونشاطه بمدافع استبدادها، وقد قيل: يبدأ الانقياد للعمل عند نهاية الخوف من الحكومة ونهاية الاتِّكال على الغير.
ثالثاً- قررت الإسلامية ترك الأراضي الزراعية ملكاً لعامة الأمة، يستنبتها ويستمتع بخيراتها العاملون فيها بأنفسهم فقط، وليس عليهم غير العشر أو الخراج الذي لا يجوز أن يتجاوز الخمس لبيت المال.
رابعاً- جاءت الإسلامية بقواعد شرعية كليّة تصلح للإحاطة بأحكام كافة الشؤون حتى الجزئية الشخصية، وأناطت تنفيذها بالحكومة، كما تطلبه أغلب جمعيات الاشتراكيين. على أنَّ هذا النظام الذي جاء به الإسلام، صعب الإجراء جداً، لأنَّه منوط بسيطرة الكلّ ورضاء النفوس، ولأنَّ القانون الكثير الفروع يتعذَّر حفظه بسيطاً، ويكون معرَّضاً للتأويل حسب الأغراض، وللاختلاف في تطبيقه حسب الأهواء، كما وقع فعلاً في المسلمين، فلم يمكنهم إجراء شريعتهم ببساطة وأمان إلا عهداً قليلاً، ثمَّ تشعَّبت معهم الأمور بطبيعة اتِّساع الملك واختلاف طبائع الأمم، وفَقَدَ الرجال الذين يمكنهم أن يسوقوا مئات ملايين من أجناس الناس: الأبيض والأصفر، والحضري والبدوي، بعصا واحدة قروناً عديدة. انتهى النقل.
وهنا لا تعليق لي، حيث علق الكواكبي بنفسه على الأمر، وقال بصعوبته لتعقيده أولا، ولاتساع الأراضي، واختلاف الطباع، وأضيف اليه أن النظام أعلاه يتطلب منظومة اخلاقية عالية عند كل الناس، وهذا ما لا نجده بأرض الواقع، وهو يفتقد للآليات الناظمة له.
ثم يقول:
ولا غَرْوَ إذا كانت المعيشة الاشتراكية من أبدع ما يتصوَّره العقل، ولكن؛ مع الأسف لم يبلغ البشر بعد الترقّي ما يكفي لتوسيعهم نظام التعاون والتضامن في المعيشة العائلية إلى إدارة الأمم الكبيرة. وكم جرَّبت الأمم ذلك فلم تنجح فيها إلا الأمم الصغيرة مدة قليلة. والسبب كما تقدَّم هو مجرّد صعوبة التحليل والتركيب بين الصوالح والمصالح الكثيرة المختلفة. والمتأمِّل في عدم انتظام حالة العائلات الكبيرة، يقنع حالاً بأنَّ التكافل والتضامن غير ميسورين في الأمم الكبيرة؛ ولهذا يكون خير حلٍّ مقدور للمسألة الاجتماعية هو ما يأتي:
1- يكون الإنسان حرّاً مستقلاًّ في شؤونه، كأنه خُلِق وحده.
2- تكون العائلة مستقلة، كأنها أمة وحدها.
3- تكون القرية أو المدينة مستقلة كأنها قارّة واحدة لا علاقة لها بغيرها.
4- تكون القبائل في الشعب أو الأقاليم في المملكة كأنها أفلاك؛ كلٌّ منها مستقلٌّ في ذاته، لا يربطها بمركز نظامها الاجتماعي؛ وهو الجنس أو الدين أو الملك غير محض التجاذب المانع من الوقوع في نظام آخر لا يلائم طبائع حياتها.
انتهى النقل.
وهذا بالضبط ما يدعوا اليه النظام الليبرالي، حيث يعطي الحرية للجميع بالعمل والانتاج، ولكن حتى لا يزداد الغني غنى والفقير فقرا، ترتب ان يرافقه نظام اشتراكي يأخذ من الغني أكثر مما من الفقير، ويعيد توزيع الثروة.
محمد الحداد
05 . 03 . 2012



#محمد_الحداد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة في طبائع الاستبداد ج 14
- مقالات علمية بسيطة ج 5
- مقالات علمية بسيطة ج 4
- مقالات علمية بسيطة ج 3
- دمقرطة وعصرنة الاسلام ج 2
- النساء ليس جمع امرأة
- قتل القذافي وابنه المعتصم جريمة حرب
- دمقرطة و عصرنة الإسلام
- الحوار المتمدن يسأل... ونحن نجيب
- أوقفوا الزيادة قبل فوات الأوان
- قراءة في طبائع الاستبداد ج 13
- 2083 ج 7
- لورنس العرب الجديد برنار هنري ليفي
- محكمة فاطمة الزهراء
- انكحوا ستة عشر امرأة
- زحل يعتذر
- 2083 ج 6
- 2083 ج 5
- 2083 ج 4
- 2083 ج 3


المزيد.....




- شاهد: دروس خاصة للتلاميذ الأمريكيين تحضيراً لاستقبال كسوف ال ...
- خان يونس تحت نيران القوات الإسرائيلية مجددا
- انطلاق شفق قطبي مبهر بسبب أقوى عاصفة شمسية تضرب الأرض منذ 20 ...
- صحيفة تكشف سبب قطع العلاقة بين توم كروز وعارضة أزياء روسية
- الصين.. تطوير بطارية قابلة للزرع يعاد شحنها بواسطة الجسم
- بيع هاتف آيفون من الجيل الأول بأكثر من 130 ألف دولار!
- وزير خارجية الهند: سنواصل التشجيع على إيجاد حل سلمي للصراع ف ...
- الهند.. قرار قضائي جديد بحق أحد كبار زعماء المعارضة على خلفي ...
- ملك شعب الماوري يطلب من نيوزيلندا منح الحيتان نفس حقوق البشر ...
- بالأسماء والصور.. ولي العهد السعودي يستقبل 13 أميرا على مناط ...


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد الحداد - قراءة في طبائع الاستبداد ج 15