أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - إبراهيم اليوسف - سوريا تحترق...!















المزيد.....

سوريا تحترق...!


إبراهيم اليوسف

الحوار المتمدن-العدد: 3656 - 2012 / 3 / 3 - 04:19
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    



"إلى الشعب السوري العظيم
بكل أشكال فسيفسائه الثرَ"

لاشك أن المصير الذي آلت إليه سوريا، في ظل النظام الدموي الذي تعاطى مع الثورة السورية- على امتداد عام يرمي الأوراق الأخيرة من تقويمه- وفق عقلية" العصابة المجرمة" لا أكثر، على مختلف مراحل عمر هذه الثورة، بات يدعو إلى النفيرالوطني، منذ أن راحت تقديرات النظام الأولى إلى أنه قادرعلى اللجوء إلى الكليشة القديمة لوصف الثوارالسوريين، بمختلف النعوت المعروفة، في محاولة منه الكذب على نفسه، والتاريخ-بالتوازي مع البطش الهستيري- وتشويه صورة الثورة السلمية التي أشعل فتيلها"أطفال درعا" لتجعل من سوريا، كاملة، مسرحاً لها، إذ لم تعد هناك مدينة، أو قرية، أوحي أو شارع، أو بيت، إلا وأسقطت فيه ورقة التوت عن عري هذا النظام الذي لم تبق موبقة، أو فاحشة، أو دنس، أوقذارة إلا وارتكبها، وكانت من صفاته، بينما كان يقدم نفسه كمنقذ ليس لسوريا فقط، وإنما للعرب، أو العروبة، أو الإسلام، أو العالم...!، وكان لسان حال العقل المروج لمزاعمه هو"أن الوطن العربي قليل عليه، ويستحق أن يكون رئيساً للعالم، وهوما لم يقله أحد لأي نبي، أو رسول، أو امبراطور...؟!.
المأزق الذي وصلت إليه سوريا، كان من السهل تجنبه، في ما لو كان هناك مجرد صاحب ضمير حي، ذي دورفاعل، في قلب النظام، ليصغي إلى لسان حال هذه الثورة التي لم تندلع لمجرد جريمة اقتلاع أظافرأطفال درعا، فحسب، بل لأن تلك الحادثة، كانت مجرد عامل، لاستنهاض الهمم، لأنَّ ذلك الحدث الأليم سرعان مادعا إلى استذكار تاريخ من جرائم هذا النظام، ضمن دورة زمانية، تتراوح عبر مسافة أربعة عقود ونيف، حيث في ذاكرة كل سوري شريف عشرات القصص التي رآها بأم عينيه، ناهيك، عن أنه قد كان ضحيتها، مادام صاحب موقف، لا مجرد مصفق ببغاوي، كما أن فرصاً عديدة، مرت، كان في إمكان النظام استغلالها، لتجنيب البلد من الكارثة التي صنعها بنفسه، وهو في التالي لمحاولة تجنب ذاته من الكارثة نفسها، في ما لوكانت لديه ذرة حتى من الغريزة البهيمية، المتعلقة بالقطيع، والمكان، وليس الغيرة الوطنية التي تأكد للعالم كله، أنه يفتقدها، كما هومفتقد للمنظومة الأخلاقية، تفصيلاً وجملة.
لقد أشارت المدعوة.بثينة شعبان- وأين هي الآن من مجازر مدينتها وقبرأمها؟؟- لقد أشارت في بداية الاحتجاجات السلمية إلى مصير يترقب سوريا، من دون استمرارية النظام، الأمرالذي راح هذاالنظام الدموي يسوق سوريا باتجاهه، ويترجمه، كتهديد للثورة، إن لم يرضخ الثوار، ولم يذعنوا للإصلاحات الموعودة التي جاء" الدستور الممسوخ" ليشيرإلى حقيقتها، بعد أن صاغته أجهزة المخابرات السورية، في مكاتبها، لتصوت عليه، بنفسها، نيابة عن الشعب، ظناً من النظام أن هذا الدستورالذي أحرقه الثوار، في كل مدننا الصامدة ، قادرأن يشكل ضمانة لتأبيد من نوع آخر، وكأن أربعة وعشرين مليون سوري، تعد رئاسة بشارالأسد بمثابة خبزهم، وهوائهم، وضمانة لحظتهم الحاضرة، بل ومستقبلهم، بينما في استمراروجود هذا النظام الدموي تهديد لكل ذلك.
استطاع النظام أن يدفع سوريا-حتى الآن- باتجاه دوامة العنف، التي ابتلعت الآلاف من أبناء وطننا، إلى الدرجة التي صارت عشرات الأسرأثراً بعد عين، وامحت أسماء أبنائها كاملة من سجلات الحياة والنفوس، ناهيك عن حلول الخوف، ليبلغ ذروته، يتقاسمه القاتل والضحية، في آن واحد، حيث ليس من سوري، خارج دائرة سطوته، بل إن كل ثقافة الحقد التي زرعها النظام، طوال مسيرته الدموية، تمّت ترجمتها على حساب أرواح الأبرياء، في ظل سياسة :"إما أن أحكم وإما أن أحرق سوريا..!"، وهذا وحده كاف، ليبين فكرهذه الفئة الحاكمة، والمجرمة، بل ولا وطنيتها، وعدم انتمائها، حتى إلى ثقافة الحياة و البشر والعصر..!
إن المنظومة الأخلاقية، للشعب السوري، بمختلف فسيفسائه، تستند إلى قاعدة متينة، لم يتمكن النظام المجرم بتفكيكها، إلا في ظل هذه الثورة، حيث راح يدخل ثقافة الريبة، بأعلى وتائرها التدميرية، بعد طوال محاولات لزرعها، تحسباً لمثل هذه الثورة، في نفوس الناس، حيث مصطلح التشبيح الذي أسس له، ورعاه، بات الآن واقعاً، لم يفتأ أن يطلق كلتا يدي مأجوريه، ليرتكبوا الفظائع، من نحر، وحرق، ودمار، بعد أن اشترى لهم ما يكفي من السلاح الفتاك بالمال المسروق من جيب الضحية، لقتله، كي يمارس مع الجندي سياسة أخرى وهي: اقتل أو تقتل..!، وصارهناك، الآن، حديث عن نسبة عالية ممن تصيب الرصاصة رؤوسهم من الخلف، بعد أن كانت هذه الجريمة ممارسة حصرية ب" حق المجند الكردي" وحده، وهاهو النظام الأرعن، المنفلت، يدفع بالمواطن السوري إلى أن يحتله اليأس، في أن يفكرأن هذا النظام الذي لم يسمع كلمة"ارحل" التي نطق بها الملايين من السوريين، منذ عام كامل وإلى اللحظة، حتى وإن كان ثمنها أرواحهم، بل راح يتوهم أنه قادرعلى إطفاء جذوة هذه الكلمة، بإطفاء أرواح المواطنين، وهو الذي لا يفتأ يعلن أنه ليس معنياً، إلا بالحكم، حتى وإن راحت سوريا والسوريون إلى الجحيم...!
لقد أوصل النظام الأبله، العاتي، أدواته التشبيحية، إلى حد، لايمكن أحدهم عن التراجع، في ما أقدم عليه، لا بل أنه لايزال يصور الأمرعلى أنه مجرد متفرج على مايتم من صراع لايعنيه، وليس مؤلفاً ومخرجاً للفتنة التي ينتبه إليها الأخيار، من كل أشكال الفسيفساء، وإن كان هناك قتلة رخيصون، قد ينتمون لكل هذه الأشكال، يمثلون على المسرح السوري اشتراكية القتل، كي يمرر حكام دهماء في الصين وروسيا وغيرهما، هذه الخصيصة، ليستميتوا في الدفاع عنه، كي يكونوا بذلك محرضين، وشركاء في ارتكاب " جرائم ضد البشرية" على حدِّ سواء مع المجرم السوري نفسه، إذ بات الرقم القياسي لأعداد الضحايا يتراوح يومياً بين ثلاثين ومئة وخمسين ضحية، في الحساب المعلوم، ناهيك عمن ينحر من الوريد إلى الوريد في الأقبية والزنازين، بل صارت مدن سورية كثيرة وكأنها" مدن الأشباح"لا سلطان فيها، إلا الخوف المتجبر.
ومن ضمن الثقافة التي تنعش النظام، ما يتم من تكريس لشق صفوف الثورة، من خلال التشكيك بهذا الطرف المعارض أو ذاك، إما باسم الموقف من التدخل الأجنبي، أو من خلال استغلال "هفوات" بعض رموز المعارضة، بل ومحاولة تقسيم المعارضة نفسها، إلى خارجية، وداخلية، وكأن الخارج ليس امتداداً وضميراً للداخل، أو العكس، بل إن هناك من راح يدأب للتشكيك-مثلاً- بالمجلس الوطني السوري الذي يعد بالرغم من كل الأخطاء التي ساورت بنائه، العاجل، كأن دخله "بعض" الذين يرفضون الآخر، و هم خير رسل لعقل النظام نفسه، حتى وإن دخل السجن، أو لوحق- يالتفاهة هذا العقل المضلل..!- أرقى حالة للمعارضة السورية، ولا بد من دعمه، مادام أن النظام يكن له كل هذا الحق، من دون أن يكون هذا الدعم قفزاً فوق نقده الصائب، لمواصلة مساره إلى أن يتم إسقاط النظام، وإرساء دعائم سوريا الجديدة.
وحقاً، إن ما يبدو للعيان الآن، من واقع مأسوي، إنه لمن صنع النظام السفاح، ذاته، فمسرحيته التي وزع أدوارها على نحوبارع، هاهي الآن في" فصلها الأخير" بينما النظارة الأقربون، والأبعدون، كلهم يمارس فرجته، لتكون سوريا"بلا أصدقاء" ولئلا يتجاوز التضامن الأممي إلا نوساناً بين عبارات، يرددها بعض النظارة، في الوقت الذي كان يمكن قول الكلمة الأخيرة التي بات واحدة كهيلاري كلنتون أو أوباما أو ساركوزي يقولونها، الآن، قد قيلت في نيسان 2011، وليس الآن.....!، لأن من لديه الاستعداد في ارتكاب مجزرة في درعا، وأن يحرق حمص وباب عمرها، أو حماة، وإدلب، أو الزبداني، والرستن، وجسرالشغور...إلخ... قادرأن يرتكب ألف مجزرة في سوريا،أو في العالم، مادام أن وزيرخارجيته قد هدد ب"محوأوربا كلها من خريطة العالم"، وهوما يجعلنا نؤكدأن الأسرة الدولية متقاعسة عن أداء دورها الإنساني، وهناك مؤامرة على الإنسان السوري، لإغراقه في حرب أهلية، يظل عقل الإنسان السوري أكبرمن إيجاد مكان لها، ضمن سياسة الانتقام والثأرالتي أسس لها السفاح المجرم.
إننا جميعاً، كغيارى على سوريا، مطالبون بأن نعمل على أكثرمن جبهة، وهي إرساء قواعد الطمأنينة لجميع مكونات سوريا، على حد سواء، مؤكدين أن سوريا للسوريين، وأن لا مكان فيها بعد اليوم للفكرالواحد، والنظام الواحد، فهي سوريا المسيحي كماهي سوريا المسلم والإيزيدي والعلماني، وهي سوريا الكردي كما هي سوريا العربي، مادام أن لا حل إلا عبرتعدديتها، حتى وإن ظهر على أكتاف الثورة بعض الذين يصبون الزيت على النار، ممن لافرق بينهم والنظام الدموي، حتى وإن كان هذا النظام المجرم سبباً في السماح لهم بارتداء" ثياب المخلصين"، أية كانت ألوان ثيابهم هذه.
ثمة نار يزكم نشيشها أنوف مواطني سوريا، أجمعين، وهي نارأشعلها النظام نفسه، ليؤكد أن لا استقرارفي سوريا من دونه، وهي الورقة الأخيرة التي يلعبها، الآن، وعلينا جميعاً، أن ننتبه منها، لئلا تجهز على الأخضرمع اليابس، فنحول بذلك، من دون تحقيق أمنية السفاح السوري، وهو يعرف أن الدور الذي يلعبه على مسرح وطننا، قد وصل إلى نهاياته، وإن الستارة ستسدل عليه، من دون رجعى، بعد أن احترقت أوراقه جميعها.
-أجل، لن نسمح لأحد أن يحرق سوريا، إن كان هو قد أحرق نفسه........!.



#إبراهيم_اليوسف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقاربة لفك لغز الموت
- رجل الرئة اليتيمة
- بيان للانسحاب من اتحاد الصحفين السوريين ووسائل الإعلام الرسم ...
- أخطاء الكبار .. -كبار الأخطاء-
- على عتبة عامها الثاني:ثورة المعجزات السورية تصنع التاريخ*
- النقد الصحفي
- امتحان الثورة ومحنة الأصدقاء
- دوَّامة الأسئلة الكبرى
- روسيا- تحت الصفر-
- بيان من رابطة الكتاب والصحفيين الكرد في سوريا + طلب انتساب + ...
- دمٌ حمصيٌّ للبيع.....!
- ضوابط الحوار الافتراضي
- انسحاب من اتحادي الكتاب والصحفين السوريين
- قلق الشاعر
- تمثلات موت الشاعر
- المواطن الصحفي
- الصالون الثقافي الافتراضي:دعوة إلى تفعيل الحالة الثقافية إلى ...
- خطاب الخديعة
- خالد أبو صلاح: أُمّةُ في رجل...!
- مستقبل القراءة


المزيد.....




- أحد قاطنيه خرج زحفًا بين الحطام.. شاهد ما حدث لمنزل انفجر بع ...
- فيديو يظهر لحظة الاصطدام المميتة في الجو بين مروحيتين بتدريب ...
- بسبب محتوى منصة -إكس-.. رئيس وزراء أستراليا لإيلون ماسك: ملي ...
- شاهد: مواطنون ينجحون بمساعدة رجل حاصرته النيران داخل سيارته ...
- علماء: الحرارة تتفاقم في أوروبا لدرجة أن جسم الإنسان لا يستط ...
- -تيك توك- تلوح باللجوء إلى القانون ضد الحكومة الأمريكية
- -ملياردير متعجرف-.. حرب كلامية بين رئيس وزراء أستراليا وماسك ...
- روسيا تخطط لإطلاق مجموعة أقمار جديدة للأرصاد الجوية
- -نتائج مثيرة للقلق-.. دراسة تكشف عن خطر يسمم مدينة بيروت
- الجيش الإسرائيلي يعلن استهداف أهداف لحزب الله في جنوب لبنان ...


المزيد.....

- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - إبراهيم اليوسف - سوريا تحترق...!