أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - العربي عقون - الجزائر ، نظرة جديدة للتاريخ الوطني أكثر من ضرورية (8)















المزيد.....

الجزائر ، نظرة جديدة للتاريخ الوطني أكثر من ضرورية (8)


العربي عقون

الحوار المتمدن-العدد: 3655 - 2012 / 3 / 2 - 15:38
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


الحلقة الثامنة والأخيرة

...//...

في الواقع ، كانت أفريقيا التي ظلت تحمل هذا الاسم طيلة فترة معينة، ثمّ أطلق عليها اسم المغرب ظلت بالنسبة لجميع من أشرنا إليهم بلاد البربر والأفاريق - وهم الأمازيغ المترومنون الذين اعترف لهم بخصوصيتهم - ثم العرب الذين "جاءوا" لنشر الإسلام ، ذلك هو الوضع الذي كانت أفريقيا بدقّة في القرن السابع الميلادي، وما نخشاه هو أن هؤلاء الكتاب الذين رووا أحداث الفتح منذ بداياتها لا يولون أي اعتبار لأهل البلاد الذين ما هم إلا شعوب متوحشة تعبد الأصنام أو تعتنق أديان الكفّار. لا شيء من ذلك حدث، ويمكننا القول بشيء من الوثوقية أنّ مثل هذه الآراء لا تزال إلى حد الآن، رغم مرور أربعة عشر قرنا من التطور الفكري.
كانت نظرة الكتاب على اختلاف اللغات التي كتبوا بها : لاتينية وعربية وحتى أمازيغية (لأننا نكتشف في كل مرة نصوصا أمازيغية) في عمقها نظرة واحدة يمكن اختصارها في أنها سجلت أن الشعوب المغلوبة كان متاحا لها - بالنسبة للرومان لو أرادت - أن توقف المقاومة وأن تقبل الخضوع للنظام الروماني بموجب اتفاقية تحالف وصداقة وفي حال الفتح الإسلامي أن تعتنق الإسلام وفي الحالتين كانت شخصية وقيم وهوية الشعوب معترف بها ولم تكن محلّ نفي على الإطلاق.
كتاب القرن الحادي عشر الميلادي كانوا أكثر موضوعية مثل ابن خرداذبّة الذي قام بجرد كامل للقبائل الأمازيغية وابن عبد الحكم من ذات الفترة الذي نجد فيه معلومات دقيقة ولو نسبيا عن الأفاريق، وأخر كاتب ظهر في فترة متأخرة كان للنويري وهو مصري من القرن الرابع عشر الميلادي وضع جدولا للفتوحات هو الأكمل حيث يتساوى الجميع : أمازيغ وعرب وأفاريق وروم .
وماذا عن الدين ودوره كنظام هو الأرقى في تنظيم المجتمع ، لم يغب ذلك عن أعين وأقلام الكتاب القدامى وليس أقل مما تمثله كأداة سيطرة سياسية واقتصادية.
نقرأ في "المناقب" وهو نوع من المديح لأبي محرز خلف: "... أخي نهايتنا قربت وأفعالنا مقيتة وحياتنا مترفة والعالِم أضحى آثما والقاضي طاغية والبائع غشاشا والمؤمن خائنا والأخوة مخادعين والأبناء بلاءً والجار مؤذيا والصديق مقلقا والسلطان شيطانا (يقصد الفاطميين)... والعفيف ضعيف والمسلم مماحك ... وكل ترك دينه حتى صار الأمان يشترى والخيانة يدفَع لها ثمن والدين سلّما نحو الثراء" ( ). ما أروع هذه الواقعية في تسجيل الوقائع فهذا النص على قِدمه هو وحده الذي يبقى معْلما شامخا ينبغي أن نستدل به في دراساتنا وفي تعريف الموقف الواجب اتخاذه إزاء التاريخ، وما أروع هذا النصّ القادم من أعماق التاريخ! على عكس بعض النصوص لكتاب آخرين حجبت التاريخ على طريقتها بصفة شبه كلية.
نصل الآن إلى هذا المؤرخ والجغرافي في الآن ذاته الذي كتب مؤلَّفه ما بين 1060-1070 وهو كتاب المسالك والممالك، هذا الكاتب هو أبو عبيد البكري تعتبر مساهمته في التعريف بالوضع الاجتماعي والاقتصادي لمغارب العصر الوسيط مساهمة أساسية وخاصة في ما يهمّنا هنا فقد أرجع الرأي العامّ المشترك للمثقفين والموظفين (وهم أحدهم) وقادة الشعب ومنهم أراد أن يفهم ما رأته عيناه، فبالنسبة لهؤلاء جميعا تمثل المغارب منطقة شاسعة عامرة بالحضارة من خلال مدنها ومعالمها وبالتاريخ من خلال التأثيرات والإبداعات التي أقامها الإغريق والقرطاجيون والرومان وهي أعمال إبداعية يعتبرها الجميع جزءا من تراث غني.
وصف البكري تذكير تاريخي ضروري لفهم أفضل لجوانب جغرافية في الأساس، يعطي للمغارب مخططا يجعل بعض الأشياء تختلط علينا، أشياء لا يزال يلفها النسيان ومع البكري نسبح في فضاء شاسع بعيدا عن كلّ تقييد أو تضييق، وما أروعه حتى في مجال الدين ذاته يبدو كونيا ! يتحدث عن هيبون فيشير إلى أنها مدينة "أوغوشطين" (القديس أوقوستينوس) كبير رجال الدين المسيحي، وفي سياق آخر كتب أنّ مفهوم "الله الواحد" وصل لأول مرة إلى المغارب على يد "أبناء عيسى بن مريم" (المسيحيون) وهذا صحيح تماما.
لقد لفت اهتمامنا أكثر كتّابا غير معروفين كثيرا ولكنهم أقدم بكثير، لأننا ترى أنّ في نصوصهم الكثير من التفاصيل المتعلقة بالمجتمع وبالحضارة في المدن والقرى ومعلومات عن المباني واللغات والتقاليد والعادات ووضع التعمير السكاني والبنيات الاجتماعية وذهنيات الشعوب، في تلك الأزمان كان المحللون والمؤرخون يكتبون بلغة الحقيقة دون الخوف من أن توجّه لهم تهمة العمالة لغزو ثقافي من أي نوع كان.
لقد غرزت النزعة إلى الحقيقة التاريخية جذورها كما أشرنا إليه في التاريخ القديم، ودامت إلى القرون الوسطى وازدادت رسوخا على يد أخر الكبار من المؤرخين المغاربيين وهو ابن خلدون الذي لا نقترب منه دون أن تأخذنا الرهبة فعمله -الغني عن كل بيان- شاسع وعميق شامل لكل تاريخ المغارب بحث فيه وحلل عِلل الوقائع وهو كتاب كوني لأن ابن خلدون أرّخ للحضارة عموما،وتظهر عبقريته في اتساع نظرته إلى حدّ أنّه خرج بفكرة أنّ تاريخ المغرب يفهَم على ضوء التطور الذي كان عالم البحر المتوسط والشرق مسرحا له.
وفي نهاية هذه النظرة العامّة خطرت ببالنا فكرة في شكل استنتاج عامّ وهي وجود حضارة شمال أفريقية وضمنها أخذت الحضارة الجزائرية ملامحها الخاصة، وعلى اعتبار أن كلّ حضارة هي تجميع لعناصر مركبة منذ البدايات وفي جوانب مختلفة فإنّها بذلك فقط تكُون حضارة، وأن كل محاولة للحدّ من تنوع مكوناتها يشوهها ويحدّ من توهجها وإشعاعها.
ثمّ ماذا ! ألا نملك القوة والإرادة لنحب وطننا كما هو، وكما هو لنا، وأخيرا ويوما عن يوم كما نراه ينمو ويتقوى بفضل إسهامات كلّ أبنائه
عبر العصور يواصل الشعب مساره ، ما ينبغي هو اقتفاء أثره خطوة خطوة، وفي كل مرة؛ لقطف ثمار أعماله وتشرّب كل قيمه من مروياته الشفوية وفكره المدوّن، والتواصل معه في نقاط ضعفه وحتى ضمن حدوده التي كانت في وقتها ترسم طريق الاعتراف بالهوية والثقافة الوطنية.
وحري بنا أن نواصل الإسهام في التراث المشترك بقسطنا من الحقيقة كما فعل من سبقونا ففي التاريخ تواصل عبر كل تقطّع !
ماذا يمكن فهمه من الرؤى الجديدة التي تظهر هذه الأيام كمحاولة لتجريد التاريخ من معناه ومدلوله وتبرير ذلك على أنّه من أجل المصلحة العليا للأمة، في حين أن ما يراد سلبه من التاريخ هو الذي يشعرنا بهويتنا وبقوتنا.


(*) هذا النص الممتد هنا على صفحات الحوار المتمدن على 8 حلقات مقتطف من :
DJENDER (Mahieddine), Introduction à l histoire de l Algérie, ENAG éditions, Alger 2006, pp. 7-31.؛
وقد اعتمدنا في هذه الترجمة الطبعة الثانية الصادرة عن المؤسسة الوطنية للفنون المطبعية (رغاية، الجزائر) سنة 2006.
( 1) - Abou Zakaria , Chronique, trad. R. le Tourneau, in Revue africaine, 1er et 2ème trimestre, 1960, p. 99.
(**) كتب المؤلف الكلمة العربية كما هي وبالحرف اللاتيني.
(***) العبارة الأصلية : Le Territoire de l Historien وقد رأينا تعريبها بمجال المؤرخ لان الترجمة اللفظية : إقليم المؤرخ غير مستساغة في رأينا.
(****) كورتيس Cortes هو مجلس التشريع في إسبانيا.
( 2) مصطلح الـ Economisme يعبّر عن نزعة في العلوم الاجتماعية تعتبر كل الظواهر الاجتماعية ظواهر اقتصادية، كما يستعمله بعض من يرون في الاقتصاد أيديولوجية. كما يوظفه البعض لنقد الرؤية الاقتصادية البحتة للمجتمع.
(*****) المقصود هو نشوء الشكل الحديث للدولة وهو الدولة – الأمّة.
( 3) يراجَع : Thiery (A.), Essai sur les origines et les progrès du Thiers- Etat
( 4) - voir Hist. De la Litt. Romaine, par Jean Roy et Puech, pp. 327-352.
( 5) -Manaqibs d Abou Tahir Al Tarissi, trad. de H.R. IDRIS, éd. PUF, Paris 1959 (texte français p.390, texte arabe p. 136)



#العربي_عقون (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الجزائر ، نظرة جديدة للتاريخ الوطني أكثر من ضرورية (7)
- الجزائر ، نظرة جديدة للتاريخ الوطني أكثر من ضرورية (6)
- الجزائر ، نظرة جديدة للتاريخ الوطني أكثر من ضرورية (5)
- الجزائر ، نظرة جديدة للتاريخ الوطني أكثر من ضرورية (4)
- الجزائر ، نظرة جديدة للتاريخ الوطني أكثر من ضرورية (3)
- الجزائر ، نظرة جديدة للتاريخ الوطني أكثر من ضرورية (2)
- الجزائر ، نظرة جديدة للتاريخ الوطني أكثر من ضرورية (1)
- الجامعة ... هذا وصف للداء فهل من دواء ؟
- الملك ماسينيسا والحضارة النوميدية
- تصحيح بشأن الاسم الإثني (Ethnonyme) للشعوب الأمازيغية
- منطقة القبائل الشرقية (الجزائر) في عصور ما قبل التاريخ
- جوانب من تاريخ العرب قبل الإسلام : نظرة موجزة على ممالك الحي ...
- النحت الروماني : نظرة موجزة
- نظرة موجزة في خصائص فن النحت في بلاد الرافدين
- البحرية القرطاجية : بين التفوُّق التجاري والتقني من جهة والض ...
- الأمازيغ عبر التاريخ : نظرة موجزة في الأصول والهوية
- الملاحة والتجارة بين الشرق والغرب في القديم : أهمّية البحر ا ...


المزيد.....




- أطلقوا 41 رصاصة.. كاميرا ترصد سيدة تنجو من الموت في غرفتها أ ...
- إسرائيل.. اعتراض -هدف مشبوه- أطلق من جنوب لبنان (صور + فيدي ...
- ستوكهولم تعترف بتجنيد سفارة كييف المرتزقة في السويد
- إسرائيل -تتخذ خطوات فعلية- لشن عملية عسكرية برية في رفح رغم ...
- الثقب الأسود الهائل في درب التبانة مزنّر بمجالات مغناطيسية ق ...
- فرنسا ـ تبني قرار يندد بـ -القمع الدامي والقاتل- لجزائريين ب ...
- الجمعية الوطنية الفرنسية تتبنى قرارا يندد بـ -القمع الدامي و ...
- -نيويورك تايمز-: واشنطن أخفت عن روسيا معلومات عن هجوم -كروكو ...
- الجيش الإسرائيلي: القضاء على 200 مسلح في منطقة مستشفى الشفاء ...
- الدفاع الروسية تعلن القضاء على 680 عسكريا أوكرانيا وإسقاط 11 ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - العربي عقون - الجزائر ، نظرة جديدة للتاريخ الوطني أكثر من ضرورية (8)