أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كريم عامر - الغزوات الفكريه : كيف نتعامل معها ؟















المزيد.....

الغزوات الفكريه : كيف نتعامل معها ؟


كريم عامر

الحوار المتمدن-العدد: 1077 - 2005 / 1 / 13 - 10:52
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


عندما يواجة الإنسان تهديدا ما ، فإنة يسارع نحو دفعة بشتى السبل ومختلف الطرق المتاحة لة ، وقد يلجأ الى إمكانياتة الشخصية إن كانت قادرة على دفع هذا التهديد ، أو قد يلجأ إلى من حولة من الناس كى يشاركونه فى دفع هذا التهديد ودرء مخاطرة عنه .
هذا إذا كان التهديد مقدورا على دفعه بالطرق العاديه بمعنى أنه أقل شدة من الوسائل التى سوف تستخدم فى التعامل معة ، أو بمعنى آخر : كونة مقدورا على إحتوائة واستيعابه من قبل الشخص أو الأشخاص الذين يواجهون هذا التهديد .
أما إذا كان التهديد غير مقدور على دفعة بالطرق العادية كونه قد إتخذ وضعا يفوق إمكانيات الأشخاص فى التعامل معه وتحجيمة ، فإنة لا يمكن اللجوء الى الطرق العادية فى التعامل معه بل يجب - فى هذا الإطار - استخدام أساليب مبتكرة ووسائل غير مألوفه يتم التعامل معه من خلالها كنوع من التجربه التى قد تنجح فيزول التهديد وتتلاشى آثارة ، أو قد يفشل فيلجأ الإنسان الى أسلوب جديد وطريقة أخرى أكثر تطورا وابتكارا للتعامل مع هذا التهديد وآثارة .
فهناك تهديدات كثيرة تواجة المجتمع البشرى - ككل - فى الوقت الحاضر ، بعضها سهل الاستيعاب يمكن التعامل معة ودرء مخاطره بسهولة ، وذالك كالتهديدات المادية المتمثلة فى الأخطار الطبيعيه والهزات الأرضيه والأمواج المدمره وغيرها ، والبعض الآخر لا يمكن التعامل معه بالطرق العاديه المألوفه ، بل يجب التعامل معه باستخدام وسائل مبتكره لمواجهته ودرء مخاطره والتغلب عليه وهذا النوع من التهديدات يتمثل فى التهديدات الثقافية أو الغزو الفكرى - كما يحلو للبعض أن يسمى -
فهذا النوع من التهديدات ليس من السهولة بدرجة أنة يمكننا التعامل معة بنفس الأساليب التى يواجه بها النوع الأول ، لأنة لايوجة الى الأشياء المادية بقدر مايوجة الى العقل البشرى وإن إمتدت آثاره - فيما بعد - لتشمل أبعادا ماديه إلا أن هدفه الأول هو الفكر وليس الماده ، ولذالك فإنه لا يمكننا التعامل مع التهديدين بالطريقة نفسها ، فلا يمكننا مثلا أن نعلن الحرب على شعب ما بحجة أنة يعتنق فكرا معينا ، وكذالك فإنة ليس من المعقول أن ننقذ ضحايا الغزوات الفكرية بالطريقة التى ننقذ بها ضحايا أمواج " تسونامى " على سبيل المثال .
فكما نتعمل مع التهديدات المادية بأساليب مادية ، كذالك ينبغى أن نتعامل مع التهديدات الثقافية بأساليب عقلانية فكرية مبتكرة وقابلة للتطور ، إذ أن الفكرة تتميز بمرونتها وسرعة تطورها الأمر الذى يجعلها قادرة على التعامل مع أى نوع من هذة التهديدات مهما تلون جلدة وارتدى ثياب الحرباء ، إذ أن الفكرة قادرة - فى الوقت ذاته - على إتباع نفس الأسلوب والتلون بشتى الألوان ومسايرة مختلف الاتجاهات ومن ثم فهى فى النهاية قادرة على إبتلاع وهضم هذة الأفكار الغازية المهدده ، وإبطال مفعولها وإزالة تهديدها ، بل وقادرة أيضا على إنقاذ ضحاياها - إن وجدوا - الأمر الذى يعطيها فعالية عالية وقدرة فائقة على مواجهة مختلف التحديات والتغلب على شتى التهديدات الفكرية التى تواجه الجنس البشرى .
ولقد أثبت التاريخ فشل الحكام فى إنهاء التهديدات الفكرية عن طريق القمع والإرهاب ، وفشلت كافة السجون وعجزت أعواد المشانق ويأست مختلف وسائل الاضطهاد والتعذيب من منع إنتشار الأفكار التى يرفضها بعض أفراد الجماعة المسيطرين عليها ، بل إن هذه الأساليب أعطت لهذة الأفكار الأهمية الفائقة وجعلت الكثيرين ييعتنقونها كمبادىء ويؤمنون بها كأسس يبنون عليها حياتهم ، بل ودفعت هذة الأساليب الكثيرين ممن كانوا يشاركون فى قمع أصحاب هذة الأفكار إالى مراجعة موقفهم ، أو فى أحيان كثيرة التراجع عن موقفهم تجاه هذا الفكر بشكل تام ، بل قد أدى ذالك - أحيانا - إلى اعتناق بعض هؤلاء لهذا الفكر الذى كان فى يوم من الأيام يشنون علية حربا ضروسا ويحاولون إخماد جزوتة بمختلف الوسائل والحيل .
ومن هنا يتضح لنا جليا أن المواجهه مع فكر معين لا يمكن أن تؤتى ثمارها الا عن طريق استخدام فكر مضاد ، فجميع الوسائل المادية بدءا من الإضطهاد الفكرى وانتهاءا بالتخلص من معتنقى هذا الفكر لا يمكنها أن تؤدى الى التخلص من هذا الفكر بقدر ماتساهم مساهمة فعالة فى تدعيمه وتقويته وزيادة ترسيخة فى العقول ، فالأسلوب المادى فى محاربة الفكر يعد غباءا مستحكما من قبل الذين يعتمدونه كوسيلة يتم بها التعامل مع الفكر الغير مرغوب فيه إذ أنهم بهذة الأساليب يسلكون الطريق العكسى ، ويساعدون على بناء وتقوية وتدعيم هذا الفكر الأمر الذى يتناقض مع وسائلهم الهادفة الى محو هذا الفكر وإزالة آثاره .
فعندما واجهت الولايات المتحده الفكر الإسلامى المتطرف بإعلانها الحرب على أفغانستان وتعقب أسامة بن لادن وماتلا ذالك من إعتداءات على دول عربية أخرى ، فإنها لم تصل الى النتيجة التى كانت تتغياها بإزالة هذا الفكر وأتباعة من الوجود بقدر ماساعدت على انتشار هذا الفكر بصورة مزعجة تجعلنا نستغرب ونضع الملايين من علامات الاستفهام والتعجب أمام التناقض الواضح بين الأهداف والنتائج الشىء الذى لم تصنعة الصدف البحتة بل هو الواقع الذى سبق تكراره فى عصور مختلفه سابقة ، الأمر الذى يثبت لنا عدم فعالية المواجهة الماديه مع الفكر بل إن نتائج هذة المواجهة تكون - فى الغالب - معاكسة للأهداف التى تم استخدام هذه الوسائل الماديه لتحقيقها .
ومن هنا فإنة لابد من استخدام لغة الحوار فى التعامل مع الأفكار الوافده ومحاولة الاقتناع بها أو رفضها وردها عن طريق أفكار مضاده تزيل فعاليتها وتمحو من العقول آثارها ، وهذة هى الوسيلة الوحيدة الفعالة فى مقامة التهديدات الفكريه التى قد يرفضها بعض أفراد الجماعة البشرية ، ويرون أنها قد تضر بالصالح العام للجماعه ، ولكن رفض هذا البعض للفكره لايعنى - بالضرورة - رفض فض جميع أفراد الجماعة لها ، فقد يعتنقها البعض اقتناعه بها ويرفضها البعض مكابرة أو لعدم قدرته على إقناع نفسه بها ، ومن ثم كان لابد من تحقيق التوازن داخل الجماعة البشرية بين معتنقى الفكرة ورافضيها .
فالفكرة - فى معظم الأحيان - لاتقتصر على كونها شيئا معنويا قد يطول الورق عن طريق حبر الكتابه ، وانما تتعدى الفكرة هذه الحدود لتترك آثارا ماديه على بعض الجوانب الحياتيه لبعض أو لكل أفراد الجماعه البشرية .
ومن هنا فإنه يلزم التفريق بين بعض الأفكار وبعضها الآخر على أساس مدى امتداد آثارها الى بقية أفراد الجماعة البشرية ، فبعض الأفكار لا تتعدى آثارها المادية حدود الشخص الذى يعتنقها ويؤمن بها كالأفكار المتعلقه بأمور شخصية جدا خاصه بإنسان ما ، فإن حدود هذه الأفكار لاتتعدى حدود تعامل هذا الشخص مع نفسه ولا تتجاوز حريته الشخصيه ولا تمتد آثارها الى من حوله من الناس ، فهذه الأشياء الماديه الشخصيه المترتبه على أفكار معينه يعتنقها إنسان معين ويؤمن بها لا يمكننا الإدلاء برأينا فيها بالرفض أو القبول لأنها لا تعنينا فى شىء .
وهناك بعض الأفكار التى تمتد آثارها الماديه لتشمل التعاملات المشتركه بين الناس ، وهنا يجب أن نميز بين نوعين مختلفين من الأفكار التى تمتد آثارها لتشمل أكثر من فرد من أفراد الجماعه البشريه ، فبعض الأفكار تترتب آثارها على بعض أفراد الجماعه كرغبة شخصين فى إقامة علاقة عاطفيه أو جنسيه ، أو اتجاه بعض الأفراد للتفكير فى الاشتراك فى عمل ما وغير ذالك من العلاقات المبنيه على أسس فكريه والتى تمتد آثارها لتشمل أكثر من فرد من أفراد المجتمع - وليس جميع أفراده - ، فهذه الأفكار يمكننا الحكم عليها بالقبول أو بالرفض على أساس مدى تقبل جميع الأفراد المكونين لهذه العلاقه للفكره أو عدم تقبل بعضهم لها ، فلكى يصح التطبيق العملى لمضمون هذه الفكره على أفراد معينين يلزم لذالك موافقة كل فرد - على حده - على هذه الفكره وإلا استبعد من هذة العلاقه .
أما إذا امتدت الآثار الماديه للفكره لتشمل جميع أفراد الجماعه ، فإنه - وفى هذة الحاله - لايشترط لتطبيبق هذه الفكره موافقة جميع أفراد الجماعه بلا إستثناء ، إذ أن هذه الموافقه الجماعيه تعد من رابع المستحيلات لإختلاف الطباع والأفكار والرغبات من شخص الى آخر ، ولذا فإنه يجب عند تطبيق هذه الفكره موافقة غالبية أفراد الجماعة عليها حتى وإن لم تكن الأغلبية مطلقه فإن الهدف من تحقيق هذه الأغلبيه يكمن فى محاولة إكساب هذه الفكره قدرا من المشروعيه عند تطبيقها على جميع أفراد الجماعه وذالك كفكرة ضرورة وجود حاكم على رأس كل جماعة بشريه ، فإن إختيار مثل هذا الحاكم قد يختلف من شخص الى آخر على حسب رغبة كل منهم فى إختيار الشخص الذى يمثله فى القيام بهذه المهمه ، فمن ثم فإن موافقة جميع أفراد الجماعه على إختيار شخص معين تعد غير ممكنه ، ولذا لزم موافقة الغالبية من أفراد الجماعه على تعيين شخص معين حتى وإن إختار بعض الأفراد الذين لايمثلون الأغلبيه فردا آخر فإن هذا لايعنى وجوب تطببيق الأثر المادى لرغبتهم الفكرية فى هذا الاطار لأن هذا الأمر يشمل جميع أفراد الجماعه وليس فردا واحدا أو مجموعة أفراد قليلة العدد .
ومن ثم فإن قبول الفكره عند أفراد الجماعه أو ردها يتوقف على المدى الذى تصل اليه آثارها الماديه على النحو السالف بيانه والذى يبنى على أسس ومبادىء فكرية محضه ، الأمر الذى ينفى مادية التعامل مع الفكر ويجعل من التعامل المادى معه أسلوبا سقيما عاجزا عن مواجهة الفكر والقضاء عليه الأمر الذى يهدف اليه الأسلوب المادى المتبع ، مما يجعلنا نؤمن بضرورة المواجهه الفكريه والحوار الجاد بين الأفكار المختلفه ومحاولة موازنتها بمصالح أفراد المجتمع وعدم مواجهتها بالطرق العنيفه التى قد تمنحها حقا ليست له أهلا ، وقد تعطيها مكانة لا تليق بها الأمر الذى قد يؤدى إلى الانتشار السلبي لهذه الفكره ومن ثم لا تكون معبرة عن التفكير المنطقى الصحيح من قبل الأفراد ، بل قد تعتنق كنوع من استكشاف الجديد دون الإقتناع التام به الأمر الذى يضفى على معتنقيها طابع التشدد فى فهمها ويجعلهم يستخدمونها استخداما أعمى على غير إقتناع بالمضمون الفكرى الحقيقى لها .



#كريم_عامر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تساؤلات طفولية
- تقرير سرى جدا من بلاد قمعستان للشاعر الراحل - نزار قبانى -.
- الموديل الثائرة - شعر
- جامعة الأزهر .... وسياسة الفصل العنصرى بين الطلبة والطالبات ...
- الزواج على الطريقة الاسلامية
- جماعات التطرف .... وبناء الدولة الإسلامية فى الشارع.
- حب بلا حدود
- يا جارتى الحسناء .... أنتظر اللقاء
- همجية الإسلام الشيشانى
- صدقت ياسيدتى ...بلدنا مش سايبة - نجاة مستشفى الشاطبى من الهد ...
- حب على انغام المطر
- حياتى ... حب وألم
- الى سيدة العالم .... الفجر قادم
- من اجلك يا حواء
- المكتبة والمستشفى وسفن - مارك انطونيو -..... هل يعيد التاريخ ...
- الخيانة الزوجية ....والاكتشافات العلمية
- المرأة وشبح الأمية
- الانسان والهروب من الحقيقة
- الاسلاميون والمرأة
- وداعا أعوامى العشرينا


المزيد.....




- شاهد حيلة الشرطة للقبض على لص يقود جرافة عملاقة على طريق سري ...
- جنوب إفريقيا.. مصرع 45 شخصا جراء سقوط حافلة من على جسر
- هل إسرائيل قادرة على شن حرب ضد حزب الله اللبناني عقب اجتياح ...
- تغير المناخ يؤثر على سرعة دوران الأرض وقد يؤدي إلى تغير ضبط ...
- العدل الدولية: على إسرائيل -ضمان مساعدة إنسانية عاجلة- لغزة ...
- زلزال بقوة 3.2 درجة شمالي الضفة الغربية
- بودولياك يؤكد في اعتراف مبطن ضلوع نظام كييف بالهجوم الإرهابي ...
- إعلام إسرائيلي: بعد 100 يوم من القتال في قطاع غزة لواء غولان ...
- صورة تظهر إغلاق مدخل مستوطنة كريات شمونة في شمال إسرائيل بال ...
- محكمة العدل الدولية: على إسرائيل -ضمان توفير مساعدة إنسانية ...


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كريم عامر - الغزوات الفكريه : كيف نتعامل معها ؟