أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - أحمد محمود إسكندر - ثورة ....وأقدام مرتعشة !!















المزيد.....

ثورة ....وأقدام مرتعشة !!


أحمد محمود إسكندر

الحوار المتمدن-العدد: 3654 - 2012 / 3 / 1 - 01:01
المحور: المجتمع المدني
    




مربع أحمر بداخله كلمة "لا" ومربع أخضر بداخله كلمة "نعم"
تلك أيقونات الجدل السياسي التى كانت – ومازالت- تدور في مصر حول التعديلات الدستورية التى اقرها المجلس العسكري وعرضها على الشعب في استفتاء 19مارس الماضى .

معروف ان عندما يتم إعتراض خط مجرى الماء فإنه يرجع للوراء ويتخذ نوافذ جانبية ؛ كذلك التاريخ فبمجرد الإعتراض على حركته وسيرورته وتطوره الميتافزيقي ،فإنه يستدعي الماضي كزمن بديل لواقع مهمل.
تمر الثورة المصرية الأن بحالة مضايقات وإعتراضات لمجراها الطبيعي ،وتكاد تعانى من أزمة مخلصين لها .ربما يرجع هذا إلى عدم الدراية الحقيقية بمعنى ومغزى والثوارات ،فالتاريخ يعلمنا أن الثوارات أنها دائما عملية نفي لما هو موجود وقائم والتطلع إلى ما هو مرغوب .ولو تتبعنا تاريخ الثوارات وشعوبها نجد أن أى ثورة تمر بثلاثة مراحل جوهرية متتابعة :-
1-مرحلة التفكيك 2- مرحلة التأسيس 3- مرحلة الإختيار من بدائل

هذه المراحل دوما متتالية ولاتعرف الثوارات معنى للقفـز أوالتخطي.
هنا السؤال ؛ إلى أي مدى أخذت الثورة المصرية هذا الطابع المرحلي؟!
الأجابة بالقطع سلبية ؛ لم يحدث إلى الأن تفكيك لبنية مصر ما قبل الثورة بشتى جوانبها السياسية والاقتصادية والأجتماعية والثقافية حتى الأمنية والعسكرية. سياسيا لم نرى أي تصور أو نية لتغيير سياسي جاد ؛ فالجيش دوما ينقل ولا يغيّر ؛ ليست أزمة مجلس عسكري وحده ولكن المشكل الرئيسي في النخب والقوى والجماعات والتيارات السياسية من المفترض أنها ثورية . فكما ذكر الاستاذ هيكل هى مشكلة طلب وضغط من قبل تلك القوى التي إكتفت بالمسايرة والقبول بإجراءات أبعد ماتكون شبه ثورية ؛ وتناست أن الثوارات تملك بيدها المطلق وليس
الإحتكام إلى بدائل تأتى من خارج سياق الثورة.
إنتقلت إدارة البلاد الامنية الى قوات الجيش وآلت شئون البلد السياسية الى المجلس العسكري دون تواجد اى تنظيم مدني في تلك الادارة ؛وفقدت الثورة بذلك صفتي الإلزام والنفاذ التى تمكنها من تمرير شرعيتها الجديدة ؛ وتخلت الثورة عن المبدأ الاساسي في صياغة الحياة السياسية الجديدة وهى الفترة الانتقالية التى من خلالها يتم ملىء بحر السياسية بالماء اللازم وتستعيد من خلالها الحياة السياسية مقوماتها ؛من حريات وحق المشاركة السياسية ونشأة الاحزاب وإعادة تكوين منظمات المجتمع المدنى والنقابات المهنية والعمالية الذين بدورهم يشكلون وقود الجمهورية الجديدة.
ممارسات المجلس العسكري كلها كانت امتداد لنظام مبارك... رفض المجلس العسكري مجاراة نظيره التونسي والرجوع لثكناته بل شعر بانه الممثل الشرعى الوحيد فى مصر الثورة ؛ فادراته السياسية اشبه بالمساومة على تخليه عن أقل جزء من الكعكة السياسية التى يرى انه صاحبها الوحيد منذ23يوليو1952 ، بداية من التعديلات الهزلية التى اجراها على دستور1971 المنهار وادخال المشهد السياسي البكر فى حالة ارتباك مقصودة ثم الانقلاب على الاستفتاء - الذى أراه فقاعة ديمقراطية –واعلانه وثيقة دستورية غير ثورية بالمرة ثم محاولات احداث شرخ فى الجبهة الوطنية من الخلال الحوار المنفرد من التيارات السياسية دون حوار جمعى وتركه الحياة السياسية لأزلام النظام السابق بالرجوع من الشوارع الخلفية.
النقطة الاخطر هي اختزال المجلس العسكري للجماعة الوطنية فى جماعات الاسلام السياسي دون غيرهم حتى ان لجنة التعديلات الدستورية التىشكلها بقيادة طارق البشري كادت ان تكون اسلامية خالصة دون مراعاة التنوع السياسي المصري ربما لانه -اى المجلس العسكري- يرى انه من المناسب له التحدث والتعامل مم طرف سياسي واحد فقط يستطيع ان ينتزع منه ويحافظ على موروثاته السابقة منذ يوليو52 ؛ الامر الذى جعل الاخوان المسليمن يتحدثون وكانهم الاحق والاجدر بادارة مصر الثورة وبعدهم عن الحوار الوطنى واللهفة على اجراء الانتخابات البرلمانية بغض النظر عما هو كائن وسيكون.
عدم دخول مصر فى فترة تأسيس وطني وحوار مجتمعى شامل وغياب حكومة انقاذ بل تصحيح الاوضاع بديلا عن الحكومات التى سلبها المجلس العسكري من اداء دورها الثوري والاجتماعي والامنى ؛ والرغبة في إجراء إنتخابات برلمانية ورئاسية مبكرة من اجل سد الفراغ السياسي والأمني فإن هذا يشي بشيء مهم وهو ان الجيش لا يدير فترة إنتقالية بل فترة تمرير الغضب وإحلال الهدوء وانه يتصرف وفق منطلق التهدئة وليس من منطلق عقيدة تغيير ، وهذا يبدد فكرة قيام فترة انتقالية تعيد الدولة وتثبتها على أقدامها . تصرفات المجلس العسكري حاليا تنبع من موقف الشارع والميدان اى ان الجيش يقوم برد فعل فقط ولا يتصرف وفق عقيدة تغيير واضحة (محاكمة مبارك ورموز النظام السابق لم تأت الا من خلال ضغط جماهيري) ؛ حتى ان وثيقة علي السلمى هى الاخرى بالون اختبار وتثبيت اقدم المجلس فى مصر السياسية دون مراعاة ان الوثيقة تفتقر الشرعية لاتمامها ؛اذ انها جاءت من خارج سياق الثورة فالعقد الاجتماعى يكتبه المجتمعون وليس نص الزامى عليهم سواء من العسكري او الازهر او غيره. فالمجلس يدير مرحلة تهدئة وليس مرحلة إنتقالية ،وكأن ما حدث طيلة الـ18 يوما الاولى من الثورة هو المانشيت او العنوان العريض ويريد العسكري منا إعادة كتابة التفاصيل ربما تكون عبر ثورة تصحيح المسار والتى قد بدءت فعلا ؛ وقد يكون هو اول ضحاياها للاسف.
الالحاح على دخولنا فى حالة صراع سياسى دون وجود حلبة للصراع اصلا بين الاحزاب وتهافت وهرولة جماعة الاخوان وبعض التيارات على اجراء انتخابات ترى انها ملكها ؛ هذا تجاهل لواقع ما تمر به البلد من ضبابية وهنا أقوم بضرب مثل لعل الواقع السياسي ينكشف لنا اكثر؛فمثلا عندما يموت أب ويترك لورثته تركة كبيرة من الثروة وايضا يترك لهم ديونا مستحقة الدفع ؛فطبيعيا ان يقوم الورثة بإقتطاع تكلفة الدين من التركة كلها لسد الدين وتقسيم ما تبقى من التركة على الورثة الموجودين لكن لو قرر الورثة تقسيم التركة قبل سد الديون فستبرم الورثة من سد الدين وسيلقى كل وارث بالدين على الاخر وسيدخلون فى نزاع لعدم رغبة كل وارث في تحمل جزء من الديون. فكذلك النظام السياسي المخلوع ترك على البلد مديونية سياسية واجتماعية كبيرة وان لم تشترك جميع القوى فى سد هذا الدين قبل ان تبحث عن إمتيازاتها الخاصة فستقع الحياة السياسية صريعة المصالح الخاصة للاحزاب والقوى السياسية المتنافسة ؛فالحل لسد تلك الديون التى تركها النظما المخلوع هو الدخول فى فترة عمل سياسي مشترك لكل القوى الحزبية والفكرة والشبابية قبل ان تتطرق لمرحلة الجدل السياسي وصراعتها السياسية في الشارع .
اما فيما يخص النخب السياسية المصرية؛ فقد ترآى لها انه حان الدور عليها بأن تدخل الى ساحة الملعب السياسي وهذا حقها ؛لكنها ترى انها الوريث الشرعي للسلطة وهذا ليس من حقها؛ فالثورة قامت بلا نخبة وتضغط الان بلا نخبة وتتداوى ايضا بلا نخبة...!
الثورة لم تقم على ايدلوجيا بعينها ولا على اكتاف تيار سياسي مميز؛ بل قامت على شعار مثالى ( عيش، حرية، عدالة اجتماعية) ان هذا الشعار قد فتح الباب لتكوين قيادة جديدة للثورة امام اى نخبة او فصيل طالما التزم فعلا وقولا بممارسة هذا الشعار... فماذا حدث؟
ما حدث ان النخب كانت تحمل الارضية التامرية التى سهلت الانشقاق والتصدع منذ استفتاء 19 مارس وجرت تجرى وراء مكاسبها المحتملة من مصر الثورة فبعد ان جاءت تلك النخب على اعتاق الثورة وشبابها فهى الان تممثل العبىء الاكير على كاهل الثورة؛ ودائما ما كانت الاصوات العاقلة تاتى من خارج سياق التيارات والاحزاب السياسية.
إذا كانت الاسطورة اليونانية تذكر بحيرة أخيلوس التى تتطهر فيها البغايا من سوءات خطايهن ؛فإن الثوارات الشعبية هى تلك الحوض الطاهر الواسع الذي يسع لأبناء المجتمع للتطهر فيه من رجس وأزلام حياة القبور التى لطختهم .
من يقومون الان بالتدجين لاملاءات وإجراءات شبه الثورة ؛هم الذين لم يقدروا ان يخوضوا مسافة السباق الثورى الطويل فهم الان يحاولون بأقدام مرتعشة- على حد تعبير خيري منصور- ان يشاركوا في الرّقصة رغم ان موسيقاها مضادة لكل خلية في دمائهم
قد حان الان للثورة أن تسألنا ؛ هل نندفع بقوى الاشياء أم بإرادة التغيير؟
لا بد ان نعترف ان خط مجرى الثورة- للاسف -وقف عندما بدءت عمليات البحث في الماضي كتعديلات وانتخابات وغيره؛ ولم يكن لدينا تصور او نسق لبناء جمهورية جديدة ،وبدل من ذلك إتخذنا إجراءات إصلاحية/تمديدية للجمهورية السابقة.... ما نراه الأن ما هو إلا تهافت وتصارع القوى والنحب السياسية والأيدلوجية على مرحلة التنافس والصراع والجدل السياسي ؛ وتناسوا أنهم بحاجة إلى ثورة ذاتية بداخلهم لانهم يجرون ذيول ملطخة بممارسات ومباركات النظام البائد ويحملون عقلية-وليس عقل- (الرضا بالفتات خير من الشتات) .وتناسوا أنهم لم يكن ليستطيعوا أن يغيروا في قرار تشريعي واحد قبل الثورة فهم في حاجة لغزو الصندوق الأسود لديهم ؛ ولتعلم تلك القوى والتيارات أنها نجت من الغرق في مستنقعات النظام السابق من خلال قوارب الثورة وشبابها .
التعجل في فض الفترة الانتقالية القائمة سيكون مجحف لبعض الاطراف السياسية والحزبية خاصة حديثة العهد منها ؛فى مقابل سيكون التعجل لمصلحة أطراف أخرى متمرسة العمل السياسي من قبل .
كما يعلمنا تاريخ الثوارات ؛ان الثوارات عملية تفكيكية بنيوية ولايصح اقامة بناء جديد على انقاض نظام هش ليس لديه قواعد متينة تتحمل البناء الثوري الجديد ؛ومن هنا اسأل اين التفكيك؟ مازالت رموز ومؤسسات وادوات وافكار وقوانين ودستور النظام الهش قائمة فكيف يصح البناء ؛منطق الثوارات يقول ان الثورة تفرض ولا تساوم على حريتها ؛وهي تستدعي الحرية والعدالة والامن المجتمعي ؛ ومن يضحى بحريته مقابل استقرار مزيف لايستحق الحرية ولا الامن وهنا نجد أنفسنا نضع شرعية على مرتكزات النظام السابق دون أن ندري .ونقع في تناقضات مخجلة بسبب التقزم في مواجهة الثورة

أن الفترة الانتقالية المجتمعية المطعّمة بالحوار المؤمن بوجود شريك ونظير وطني دائم تحمينا من مخاطر ما سبق لان، لديها الواقى الثورى الشعبي والجماهيري المضاد لأى صدع ينشأ في بنية العمل والبناء السياسي الجديد ؛
اذا لم ندخل الأن في فترة انتقالية حقيقية ؛سنقع في مستنقعات الجدل السياسي حول هوية الفترة القادمة و ستضيع الثورة حتما ولنا فى نماذج الثوارات والدول الفاشلة خير عبرة كي نعتبر.
واختم بما ذكرني به خيري منصور إن الوضع الأن "هو محاولة اشبه بكشط بثور متقيحة ودمامل على الجلد، وتبقى الجرثومة التي تسببت في هذا الوباء هاجعة في الدم.مسلمات دينية متواطئة تحيى ما قبل الحداثة ،ويقين مدجج بالمسلمات؛ وما لم نعد الى اول السطر لفحص التربويات السائدة التي غذت الفهلوية والانتهازية وبالتالي عوامل الإفساد فإن المعالجات سوف تبقى خارجية وأشبه بجرعات تخدير موضعي للوعي."



#أحمد_محمود_إسكندر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295


المزيد.....




- إيران تصف الفيتو الأمريكي ضد عضوية فلسطين في الأمم المتحدة ب ...
- إسرائيل: 276 شاحنة محملة بإمدادات الإغاثة وصلت إلى قطاع غزة ...
- مفوضية اللاجئين تطالب قبرص بالالتزام بالقانون في تعاملها مع ...
- لإغاثة السكان.. الإمارات أول دولة تنجح في الوصول لخان يونس
- سفارة روسيا لدى برلين تكشف سبب عدم دعوتها لحضور ذكرى تحرير م ...
- حادثة اصفهان بين خيبة الأمل الاسرائيلية وتضخيم الاعلام الغرب ...
- ردود فعل غاضبة للفلسطينيين تجاه الفيتو الأمريكي ضد العضوية ...
- اليونيسف تعلن استشهاد أكثر من 14 ألف طفل فلسطيني في العدوان ...
- اعتقالات في حرم جامعة كولومبيا خلال احتجاج طلابي مؤيد للفلسط ...
- الأمم المتحدة تستنكر -تعمد- تحطيم الأجهزة الطبية المعقدة بمس ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - أحمد محمود إسكندر - ثورة ....وأقدام مرتعشة !!