أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علاء اللامي - تسليح الجيش العراقي : مخاوف سياسية وفضائح فساد مدوية !















المزيد.....

تسليح الجيش العراقي : مخاوف سياسية وفضائح فساد مدوية !


علاء اللامي

الحوار المتمدن-العدد: 3653 - 2012 / 2 / 29 - 22:10
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



أعلنت السفارة الأميركية في بغداد، قبل بضعة أيام، أن الجيش العراقي تسلم وجبة جديدة، هي الخامسة، من دبابات أبرام المتطورة ضمَّت 131 دبابة، مؤكدة أن هذه الصفقة الخاصة بالدبابات سوف تستكمل قريبا. وزارة الدفاع العراقية أكدت خبر الاستلام وأضافت أن القوات العراقية أتقنت استخدامها هي ومعها مدرعات بي أم بي بكفاءة عالية. نواب في البرلمان استغربوا احتفاظ السفارة الأميركية بعدد آخر من دبابات هذه الصفقة وأمرت بالتقصي عن أماكن وجودها و معرفة أسباب هذا الإجراء الذي وصفهم أحدهم بالغريب.
تأتي عملية تسليم الدبابات ضمن مخطط ضخم و بعيد المدى لتسليح الجيش العراقي بالأسلحة الأميركية الحديثة خصوصا وقد أصبح قائما على التطوع والاحتراف وليس على أساس التجنيد الإجباري. أرقام كثيرة طرحت حول قيمة عقود التسليح يصل بعضها إلى عشرات المليارات أما الرقم الرسمي والذي طرحه اللواء محمد العسكري الناطق الرسمي باسم وزارة الدفاع فهو بحدود 13 مليار دولار. العسكري أوضح بأنّ هذه العقود تتضمن تجهيز الجيش العراقي بالطائرات المقاتلة من نوع أف 16 والمروحيات والدبابات والسفن الحربية إضافة إلى الأسلحة الخفيفة. وكان العراق قدم طلبا لشراء 18 طائرة مقاتلة من طراز أف 16 بقيمة مليارين ونصف المليار دولار بما يعني أن ثمن الطائرة الواحدة يبلغ 150 مليون دولار على أن تكون هذه الوجبة بداية لشراء 100 مائة طائرة مقاتلة من هذا الطراز.
صفقات تسليح الجيش العراقي لم تمر بسلاسة وهدوء منذ أن بدأ الحديث عنها قبل بضع سنوات، وكان لها معارضون في الداخل والخارج. الزعامات الكردية العراقية أبدت تحفظاتها الشديدة على تسليح الجيش العراقي بهذه الأسلحة الحديثة خشية أن تستعملها الحكومة الاتحادية ضدها مستقبلا، مذكرة بالتجربة المرة التي عاشتها مع الحكومات المركزية العراقية المتوالية. تلك الزعامات سرَّبت إلى بعض وسائل الإعلام، أنها طلبت من الإدارة الأميركية أن تشترط على بغداد عدم السماح بتحليق طيرانها في سماء المناطق الكردية، ولكنَّ الطلب قوبل بالرفض عراقيا، وعلى لسان الفريق الركن أنور أحمد أمين قائد القوة الجوية العراقية حين قال "إن طائراتنا الحديثة ستنفذ طلعاتها في جميع الأجواء العراقية بما فيها إقليم كردستان فهو ضمن العراق الاتحادي وضمن الأجواء العراقية". إلى جبهة المعارضين لتسليح الجيش العراقي، انضم قبل فترة زعماء قائمة "العراقية" الثلاثة إياد علاوي و رافع العيساوي وأسامة النجيفي في مقالتهم الشهيرة التي نشروها في صحيفة "نيويورك تايمز" مع التذكير بأن النجيفي تبرأ منها علنا وقال إن اسمه حشر فيها من دون علمه. هؤلاء، رفضوا تسليح الجيش العراقي خشية "أن تسقط تلك الأسلحة في يد "طائفة واحدة" تسيطر على الحكم" والمقصود بهذا الكلام "طائفة التحالف السياسي الذي يقوده رئيس الوزراء نوري المالكي". تحفظات هؤلاء السياسيين لم يكن لها تأثير مباشر وملحوظ على تلك الصفقات، ولم تخرج عن دائرة تسجيل المواقف لحسابات ودوافع سياسية وطائفية بحتة.
خارجيا، انفردت إمارة الكويت بمعارضة صفقات تسليح الجيش العراقي على خلفية مخاوفها من اجتياح جديد على شاكلة اجتياح نظام الرئيس السابق صدام حسين لأراضيها في حرب الخليج الثانية. المعارضة الكويتية الرسمية، كما قالت مصادر سياسية، كانت على أعلى المستويات السياسية، وأبلغت للأميركيين رفضها إبرام صفقة طائرات أف 16 مع العراق، وحين لم تنجح في منع إتمام الصفقة بادرت الكويت إلى مطالبة الجانب الأميركي بوثيقة ضمانات مكتوبة تؤكد أن تلك الأسلحة لن تستخدم ضدها مستقبلا.
لم تقتصر معارضة تسليح الجيش العراقي على هذه الأطراف السياسية الداخلة والإقليمية، بل تعدتها إلى حملة معارضة وانتقادات على مستوى الرأي العراقي العام . مراقبون مستقلون ردّوا هذه المعارضة إلى واقع الخدمات العامة بالغ السوء، وتدهور الأوضاع الصحية والمعاشّيَّة، وتخلف البنية التحتية حتى أصبح توفير الكهرباء والماء الصالح للشرب معضلة كبرى لم تنجح الحكومة من التخفيف من وطأتها على المواطن في جميع مناطق البلاد، ربما، باستثناء إقليم كردستان الذي وفرَّ الاكتفاء الذاتي من الكهرباء لسكانه. محللون وسياسيون آخرون حاولوا التفريق بين وجود وعي جماهيري عام بضرورة بناء جيش عراقي محترف وقادر على حماية البلاد والمساهمة في مواجهة التحديات الأمنية التي يذهب المواطنون الأبرياء ضحيتها، وبين النقد الموجه لعجز الحكومة عن حلِّ مشاكل الخدمات والواقع المعاشي السيئ. وهو نقد، كما يؤكد بعض المحللين، يستهدف سلم أولويات الحكومة أكثر مما يعبر عن الرفض الصريح لتسليح الجيش.
مخاوف مشروعة أخرى عبرت عنها أوساط سياسية وقضائية وأحاطت بهذه الصفقات التسليحية الضخمة، مبعثها حالات الفساد الكبيرة التي أحاطت بصفقات التسليح السابقة وخصوصا في فترة حكومة علاوي ووزيره للدفاع حازم الشعلان الذي حوكم وأدين غيابيا بتهم اختلاس وفساد مالي بلغت وفق بعض الأرقام المليار وثلاثمائة ألف دولار سنة 2005. متخصصون بالشأن العسكري ضربوا أمثلة على حالات الفساد التي سجلت وكشف النقاب عنها، منها مثلا عقد تسليح عقدته وزارة الشعلان بقيمة 25 مليون دولار في ما كانت قيمته الحقيقية خمسة ملايين دولار لا غير. في التفاصيل التي نشرتها الصحيفة الإلكترونية الناطقة باسم حزب المؤتمر بزعامة أحمد الجلبي، نعلم، من مفردات الصفقة، أن سعر الإطلاقة الواحدة المشتراة بكميات كبيرة جدا بموجب العقد هو 16 سنتا، فيما سعرها الحقيقي هو 4 سنتات. الصحافية ماري كولن، من صندي تايمز، قالت في تقرير مثير عن هذا الموضوع، نقلا عن مصادر عراقية ودبلوماسية غربية، إن الشعلان "متهم بسرقة 800 مليون دولار نقدا من ميزانية وزارة الدفاع" هذا المبلغ، هو جزء من مبلغ أكبر يقترب من تسعة مليارات دولار، فُقِدَت من ميزانية العراق في سنوات الاحتلال الأولى. في هذا السياق، تنقل "صندي تايمز" عن القاضي راضي الراضي رئيس مفوضية النزاهة السابق وهي الجهة التي حققت في الموضوع قوله "إنَّ ما كان الشعلان ووزارته مسؤولين عنه ربما يكون واحدة من أكبر عمليات السرقة في العالم!".
من الأمثلة الأخرى على حالات الفساد في ملفات التسليح، والتي أصبحت موضع تندر الشارع العراقي، كشفت الصحافة عن الحالات التالية: أبرمت وزارة الدفاع صفقة لشراء أحدث أنواع البنادق الأميركية أم بي 5 ، والتي تقدر قيمة القطعة الواحدة منها 3500 دولار ، ولكن ما تم استيراده كان نسخة رديئة مصرية الصنع منها تبلغ قيمتها 200 دولار للقطعة الواحدة، ولكنها احتسبت بالسعر الأصلي! هناك أيضا صفقة "شراء ناقلات جنود مدرعة باكستانية الصنع، تبين أنها قديمة إلى درجة أنها بالكاد تستطيع صدَّ إطلاقات الكلاشنكوف فضلا عن أن مقودها يقع إلى الجانب اليمين وليس اليسار! كما اشتملت المشتريات على شراء ذخائر وعتاد تبين لاحقا أنها قديمة جدا إلى درجة أنّ الجنود الذين فتحوا صناديق الذخيرة الخاصة بها خافوا أنْ تنفجر وهي بين أيديهم!"
تجليات الفساد في ملفات التسليح العراقي التي تعرضت وسائل الإعلام العراقية والأجنبية لأمثلة منها لا تعني، كما قال محللون ومتابعون لهذا الموضوع عن كثب، أن حكومة المالكي الحالية، أو التي سبقتها، مبرأة من الفساد، ولكن الفرصة لم تحن بعد مثلما يبدو لفتح الملفات والكشف عن فضائح فساد لن تقل فظاعة عن مثيلتها في حكومتي علاوي وخَلَفِهِ الجعفري.
أكر من هذا شملت التدقيقات التي تقوم بها لجنة الأمن والدفاع في البرلمان صفقات التسليح التي أبرمها النظام السابق لفترة ما قبل الاحتلال وقال النائب حاكم الزاملي هناك صفقا أبرمت وحولت مبالغها الى بعض الدول ولكن الأسلحة لم تصل ونحن ندقق ونراجع هذا الموضوع.
وحتى تشكيل حكومة أخرى تلي القائمة الآن ستتكشف حقائق جديدة، وتعقد صفقات أضخم من سابقتها، ولكن الخدمات السيئة ستبقة كما يعتقد المواطنون سيئة والبنية التحتية الأسوأ ستبقى الأسوأ ما ستجعل عبارة " الكهرباء ماكو!" هي الأكثر استعمالا و شعبية حتى لتكاد تكون بحدِّ ذاتها شعارا سياسيا عفويا للعراقيين الذين يستعلمون مفردة "ماكو" ومعناها "لا يوجد" القديمة جدا، و التي يعدّها بعض الباحثين من بقايا مفردات اللغة الآرامية المبثوثة في اللهجة العراقية المعاصرة.



#علاء_اللامي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العنف الجماعي.. لغةً وسياقاً تاريخيا/ إطار نظري عام
- -ربيع القاعدة- في العراق يغرق بغداد وخمس محافظات أخرى بالدما ...
- «المجلس الأعلى» للمياه هل ينقذ الرافدين من الزوال؟
- إغلاق هرمز : حكومة المحاصصة تطمئن العراقيين والأرقام تثير ال ...
- قانونا الأحزاب الجزائري والعراقي والطائفية السياسية.
- العنف الفردي والجماعي في سرديات علم النفس الكلاسيكي
- طائفية الأمر الواقع في الدولة العراقية من 1921 وحتى الآن
- أسرار قادة -العراقية- على الهواء مباشرة !
- زوبعة سليماني: العراق لن يكون بيدقاً
- النزاع بين التيار الصدري والعصائب .. الخلفيات والتفاصيل
- بول بريمر يتقمص شبح جوزيف غوبلز!
- جعجع في كردستان العراق: استثمارات نفطية بنكهة أميركية!
- مأثرة الملازم نزهان تهزُّ الوجدان العراقي وتطلق حملة رفضا لل ...
- العراق: مقام الرئيس الفخري يهزم حصانة النائب المنتخب
- زعماء «العراقيّة» في «نيويورك تايمز»: دعوة لاحتلال جديد؟
- قراءة عراقية في نظرية إرنست رينان حول الأمة والقومية
- قضية الهاشمي: ضرب عرب العراق ببعضهم !
- الأمة العراقية: جذور المصطلح وانبعاثه اللاعلمي
- العراق يدخل جهنَّم سياسيّة باكراً: هل من رائحة أميركيّة؟
- المالكي في واشنطن : ل-ترقيع السماء العراقية-!


المزيد.....




- أبو عبيدة وما قاله عن سيناريو -رون آراد- يثير تفاعلا.. من هو ...
- مجلس الشيوخ الأميركي يوافق بأغلبية ساحقة على تقديم مساعدات أ ...
- ما هي أسباب وفاة سجناء فلسطينيين داخل السجون الإسرائيلية؟
- استعدادات عسكرية لاجتياح رفح ومجلس الشيوخ الأميركي يصادق على ...
- يوميات الواقع الفلسطيني الأليم: جنازة في الضفة الغربية وقصف ...
- الخارجية الروسية تعلق على مناورات -الناتو- في فنلندا
- ABC: الخدمة السرية تباشر وضع خطة لحماية ترامب إذا انتهى به ا ...
- باحث في العلاقات الدولية يكشف سر تبدل موقف الحزب الجمهوري ال ...
- الهجوم الكيميائي الأول.. -أطراف متشنجة ووجوه مشوهة بالموت-! ...
- تحذير صارم من واشنطن إلى Tiktok: طلاق مع بكين أو الحظر!


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علاء اللامي - تسليح الجيش العراقي : مخاوف سياسية وفضائح فساد مدوية !