أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - سليم نزال - البعد الثقافى فى الانفجار العربى















المزيد.....

البعد الثقافى فى الانفجار العربى


سليم نزال

الحوار المتمدن-العدد: 3652 - 2012 / 2 / 28 - 12:21
المحور: السياسة والعلاقات الدولية
    


اهمية فكرة فوكوياما كما هو معروف انه توقع ان تاريخ البشرية سينتقل باتجاه الديموقراطية بعدما بدا نجم الاحزاب الشمولية ينطفى بعد زوال الاتحاد السوفياتى ثم المنظمومة التابعه له فى اوروبا الشرقية التى تبعتها ثورات البرتقال التى ازاحت نهائيا ثقافة الاستبداد باتجاه بناء مجتمعات ديموقراطية.
صحيح ان هذا الامر لم يتحقق تماما فى اوروبا الشرقيه التى غابت عنها الثقافة الديموقراطية لاكثر من نصف قرن لكن الصحيح ايضا ان هذه المجتمعات تجاوزت مرحلة الاستبداد الستالينى التى الحقت اضرارا كبيرة بتلك المجتمعات.
عندما كتبت مقالتى المطولة العام 1994 فى صحيفة الشرق الاوسط و قمت بنقد اطروحة فوكوياما كان نقدى يومها يتركز على نقطتين اساسيتين
الاولى انى لم اجد وقتها و لا اليوم بالطبع اساسا لتحفظ الرجل على المجتمعات الاسلامية التى اعتبرها مقاومة لتمدد فكرة التغيير و هو الامر الذى اكدت الثورات العربية ان قضايا مثل الحرية و الكرامة قضايا جوهرية تتجاوز الحدود الثقافية .
لم ارى ان فوكوياما يقدم فعلا اسباب مقنعة لمقاومة المجتمعات الاسلامية للتغيير الديموقراطى لانه على الاغلب كان متاثرا بفكرة المناعة الجوهرية! ( مقاومة بالطبيعة!) لاى تغيير باتجاه الديموقراطية و هى فكرة رديئة جدا كان برنارد لويس اكثر من تحدث عنها..
و لعلى هنا اريد ان اذكر ان الخطاب المؤسس للنهضة الاوروبية كان ( خطاب من اجل كرامة الانسان) لللايطالى بيكو ديلا ميرندولا 1494
. الذى ذكر صراحة مرجعيات عربية مثل و ابن المقفع ابن باجة الخ من العرب الذين اسهموا فى المعرفة الانسانية. و هذا يدل على غنى التفاعل الثقافى بين ضفتى المتوسط خاصة فى المراحل التى كانت تسود فيها العلاقات الودية بين الجانين الامر الذى كانت يسمح بانتشار الافكار بلا مشكلة فى فضاء البحر المتوسط.
و هذا التفاعل بطبيعة الحال لا يقود بالضرورة الى تبنى كل ما ينتجه الاخر بقدر ما يعنى ان عملية التفاعل تقود فى احيان كثيرة الى خلق ارضيات افضل للتعاون و الحوار.
و النقطة الثانية التى تناولتها فى حينها كانت مسالة النسبية فى المرجعية الثقافيه و التى تستبعد فكرة انتاج النسخة الواحدة فى المجتمع الديموقراطى و هو امر نراه جليا حتى فى المجتمعات الغربية التى من المفترض انها تملك مرجعيات ثقافية موحدة.

اهتمامى بمسالة النسبية الثقافيه اهتمام قديم و ما زلت اعتقد ان انسانية الفكرة لا تلغى رؤيتها من منظور نسبى و بعبارة اخرر من منظور الثقافة التى تنتجها.

و على كل حال لا الوم فوكوياما و سواه من المنظرين الغربيين لانهم يفكرون من خلال المنتج الثقافى الذى تربوا عليه و الذى على اساسه يرون الامور.
و قد لاحظنا الارتباك و غياب الوضوح فى هذه النقطة عندما طرحت الولايات المتحدة مسالة دمقرطة الشرق الاوسط التى اكدت الاحداث عدم امكانية التصدير الكيفى لان الافكار ايا كانت عظمتها لا يمكن ان تعيش و و يعاد تصنيعها الا فى بيئة حاضنة لها لاجل ان تجد لها حظا فى الوجود.
و الاكثر سوءا ان هذه الافكار طرحت فى ظل الغزو العسكرى الامريكى للعراق و فى ظل مناخات معادية تماما لامريكا فى المنطقة الامر الذى بدا معه التجاوب مع المشروع الامريكى نوعا من عمالة ثقافية للقوات الغازية التى ارتكبت من الفظائع و الانتهاكات الامر الذى كان معه مقاومة كل ما تطرحة امريكا امرا مشروعا فى نظر غالبية الناس.
اسباب الانفجار العربى كانت خارج كل التوقعات و الحسابات و الاستراتيجيات .بائع خضار تونسى يحمل شهادة جامعية يحرم من العمل فى عمل متواضع ,يضرب و يهان من قبل البوليس و الشاب لا يحتمل هذه الاهانة فيقوم بحرق نفسه الامر الذى اشعل المنطقة العربية كلها. فى هذا الامر تبرز اكثر فكرة الكرامة الانسانية ربما اكثر من فكرة الديموقراطية و سواها من منتجات الثقافه الانجلو سكسونية التى ركزت كثيرا على قضايا مثل مسالة الحرية و الاقتصاد الخ.
و لذا فانى لا اعتقد ان الديموقراطية (وليفهمها كل واحد كما يشاء) كانت الدافع الاول باتجاه ثورات الغضب العربى التى لم يقدها لا احزاب و ايديولوجيات بقدر ما قام بها شباب غاضب يسعى لاستعادة كرامته التى تم هدرها لاجيال عدة.انها بمعنى اخر انفجار يشبه تماما انفجار السدود المائيه التى لم تعد تحتمال الضغط.
و هذا الاعتقاد لا يقلل من الاعتقاد بان العرب يطمحون للعيش فى مجتمعات حرة.
لقد تم التعامل مع الانسان العربى فى كل الانظمة العربية كانه لا شيء.انسان لا قيمة له على الاطلاق.انسان يمكن حتى لشرطى المرور ان يهينه و يذله امام زوجته و اطفاله و والديه بلا ادنى سبب! .
انا هنا لا اريد ان ادخل فى المفاضلة ما بين الدافع الاقتصادى المعيشى و دافع الحرية بسبب تداخل هذه الدوافع لكنى اعتقد ان مسالة انتهاك الكرامة الانسانية كان العامل الابرز لاسباب الانفجار العربى.
فرود الفعل تجاه انواع الظلم قد تختلف من ثقافة الى ثقافة فسرقة شخص فى ثقافة ما قد تثير ردة فعل اقل فيما لو تعرض لللاهانة الشخصية او العكس فى ثقافة اخرى.
نحن امام انفجار مجتمعات عربية تم خلالها اذلال الانسان لعقود طويلة حتى بدت ثقافة الخوف من العسس و العواينية و البصاصين و المخابرات و الامن على اختلاف اسماءه من ابرز ملامح انظمة الحكم فى بلادنا.

و لعل هذا ما قد يفسر خلو الثورات العربية من الحمولات الايديولوجية و الشعاراتية التى حكمت الخطاب السياسى و الثقافى العربى لزمن طويل.
بمعنى اخر نحن لسنا امام ثورات تملك اجندة حكم بقدر ما نحن اما م ما يشبه من فيضان سياسى جديد لسد مارب جديد ياخذ فى طريقه كل شىء.
انا لا اقلل بالطبع من شان العقلانية و القوى السياسية التى التحقت بالصراع او التى تخوضه من الاساس من موقع المعارضة. لكن ديناميات الصراع تؤشر بوضوح الى صعوبة عقلنة الصراع و ضبطه و هى امور ليست سهلة حتى لو استبعدنا التدخلات الاجنبية فكيف ان كانت هذه القوى تملك هى ايضا رؤتها و امكانات لفرض هذه الرؤي.
و السبب هو اننا ازاء انفجار او انفجارات بات مثل المارد الذى خرج من القمقم و من الصعب ضبطه خاصة فى مجتمعات تقليدية تعج بانواع التناقضات.
نحن بازاء مرحلة انفجار شامل لكل الالغام و الدماميل الاجتماعية و التاريخية و الثقافيه الامر الذى يحتاج لزمن طويل لاجل ضبطه فى منظومة سياسية جديدة و نظام سياسى جامع وفق ما تنتجه هذه الثورات و الانفجارات.

و هذا يلقى مسوؤلية اكبر على قوى التغيير بسسب حجم التحديات المطروحة و الاكثرها خطورة كيفية العمل اثناء مسيرة التغيير و ما بعد مرحلة تغيير النظام السياسى .

و لا شك ان مرحلة النقد التى سادت الثقافة العربية اكدت بلا ادنى شك استمرار الحيوية فى الثقافة العربية لان غياب الاسئلة المتعلقة بالمستقبل مدعاة للقلق بل و التشاؤم. لكن الى اى مدى يمكن ان يستمر الانفجار العربى هذا سؤال من الصعب الاجابة عليه الان لكنى اخذا بعين الاعتبار لكل التعقيدات الموجودة اشك كثيرا اذا ما توقف قبل عقد من الزمان على اقل تقدير



#سليم_نزال (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لاجل تاسيس جائزة( نوبل) فلسطينية
- هل من المكن ان نقوم بعودة افتراضية لفلسطين
- اين المجلس الوطنى الفلسطينى,و اين المجلس التشريعى : اسئلة لا ...
- لم يحن الوقت لعباس لان يبق البحصة
- ماذا حققت جامعة الدول العربية بعد خمسة و ستين عاما على تاسيس ...
- الم يحن الوقت لجامعة الدول العربية ان تخصص مقاعد لتمثيل عرب ...
- المطلوب الان قرع الخزان بقبضات قوية
- فقدان البوصلة و فقدان الامل
- حول اصلاح الوضع الفلسطيني


المزيد.....




- مقتل فلسطينية برصاص الجيش الإسرائيلي بعد مزاعم محاولتها طعن ...
- الدفاع المدني في غزة: العثور على أكثر من 300 جثة في مقبرة جم ...
- الأردن: إرادة ملكية بإجراء الانتخابات النيابية هذا العام
- التقرير السنوي لـ-لعفو الدولية-: نشهد شبه انهيار للقانون الد ...
- حملة -شريط جاورجيوس- تشمل 35 دولة هذا العام
- الصين ترسل دفعة من الرواد إلى محطتها المدارية
- ما الذي يفعله السفر جوا برئتيك؟
- بالفيديو .. اندلاع 4 توهجات شمسية في حدث نادر للغاية
- هيئات بحرية: حادث بحري جنوب غربي عدن
- وزارة الصحة في غزة تكشف عن حصيلة جديدة للقتلى والجرحى نتيجة ...


المزيد.....

- الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن / مرزوق الحلالي
- أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا ... / مجدى عبد الهادى
- الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال ... / ياسر سعد السلوم
- التّعاون وضبط النفس  من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة ... / حامد فضل الله
- إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية / حامد فضل الله
- دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل ... / بشار سلوت
- أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث / الاء ناصر باكير
- اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم / علاء هادي الحطاب
- اطروحة التقاطع والالتقاء بين الواقعية البنيوية والهجومية الد ... / علاء هادي الحطاب
- الاستراتيجيه الاسرائيله تجاه الامن الإقليمي (دراسة نظرية تحل ... / بشير النجاب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - سليم نزال - البعد الثقافى فى الانفجار العربى