أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - اميرة بيت شموئيل - القديسة مومس















المزيد.....

القديسة مومس


اميرة بيت شموئيل

الحوار المتمدن-العدد: 3652 - 2012 / 2 / 28 - 09:43
المحور: الادب والفن
    


- نشيطة منذ نعومة اظافرها وخدومة جدا .. سافتقدها ولكن، كل شيئ قسمة ونصيب. لا اريد ان اقف في طرق سعادتها وان جاءت قسمتها مبكرة.
هذا ما قاله ابو سوكينا لزادق ، الخاطب. فالاب كان يعرف ان الوقت لم يحن بعد لزواج ابنته وهي في سنتها السادسة عشرة، ولكنه قرر مع نفسه التخلص من ثقلها المتزايد عليه. فسوكينا رغم مساعدتها لوالدتها في البيت وله في المعاش ، لم تفلح في المدرسة وقد طردت من الابتدائية لرسوبها المتكرر.
بدأت العمل مبكرا، كما بدأت المشاكل. فكانت كلما عملت في بيت او دائرة سرعان ما تتحول الى عمل اخر بحجة انهم يسيؤون معاملتها ولا يدفعون لها الراتب الذي تستحقة زهكذا، الى ان اكتشف الاب انها الى جانب خدمة التنظيف، تتعامل بالدعارة!!.
حاول منعها من العمل بالدعارة لكن، دخله المحدود قياسا الى دخلها جعله يتراجع عن قراره خاصة، وانها الوحيدة القادرة على العمل خارج البيت لسد حاجات الاسرة الكبيرة. ظل الاب يتنقل بعائلته من منطقة الى اخرى هربا من الشائعات والشكاوي ضد ابنته الى ان تقدم زادق لطلب الزواج بها بعد فترة قصيرة من نزوحهم الى منطقته. وجد الاب في زادق الهمة في العمل وله امكانيات مالية جيدة، مما سيساعدة على تلبية طلبات سوكينا لتتوقف عن العمل خارج البيت.
اسرع زادق يؤكد لابي سوكينا حسن نيته:
- حاشى ان اكون انانيا لابعدها عنكم ياخال. سأكون لك ، والله شاهد، نعم الابن الذي يقف ويساعدك دائما. سنعيش انا وسوكينا معكم . فانا لا اب لي ولا ام ولا اخوة في هذه المدينة.
استفز الاب من جملة سنعيش معكم وكاد ان يثور في وجه زادق ويطرده، الا انه تذكر قراره والتزم الهدوء قائلا:
- لا يا ابني. على سوكينا ان تتبعك الى بيتك . ونحن لانريد التدخل في حياتكما. كما ان وجودكما معنا سيجعل التفاهم بينكما صعبا. انا اقترح بان تتزوجا سريعا وقبل ان نتحول من هذه المنطقة. فابني سالم قد ترك المدرسة ولايريد البقاء في هذه المدينة اصلا". هكذا نزل زادق عند طلب الاب وتمت مراسيم الزواج المبكر لهما.
بدت سوكينا سعيدة بزواجها من زادق . فقد وجدت حرية اكثر للتحرك، خاصة بعد ان تحول اهلها ولم يبقى معها الا هو. استطاعت ان تقنعه باهمية خروجها الى العمل لقتل الوحدة التي تشعر بها في غيابه ، فعادت الى خدمة التنظيف وعادت تقدم من خلالها خدماتها الجسدية للرجال وبلا فرق للاديان او القوميات. كانت تزيد من خبراتها الفنية معهم ، لتعود بها وتحاصر زوجها وتجهله اسيرا لها.
بعودتها الى العمل، عادت الشائعات تحوم حولها والشكاوي تصل الى زوجها الذي حاول اكثر من مرة منعها من الخروج الى العمل لقطع السنة الناس، الا انها كذبتهم في البداية واقنعته بتوسلات مدعومة بالتمسكن والكلمات الجميلة والدموع ... مدعومة بالقبلات والحضن والهمسات ... مدعومة باللثم والمص و...... .
اخيرا، اقنعته ليختار الحياة الى جانبها كما هي ويتعامل بروح رياضية مع الشائعات والشكاوي ضدها. ويتنقل معها اذا تعرضا الى مضايقة العوائل الملتزمة اخلاقيا او النساء اللواتي تقدم على هدم علاقاتهن مع ازواجهن. اقتنع زادق وصرف النظر عن التقيد بالتزامات الاسرة السعيدة والمجتمع المسالم ، ليغرق نفسه المعذبة في بحور الملذات الجنسية والليالي الحمراء الى جانب زوجته اللعوب التي عرفت كيف تستغل نقطة الضعف في رجل مثله، عاش وحيدا بسبب اليتم ومحروما من النساء بسبب الخجل.
رغم التراجع الذي كان يسجل بالتنقل، عرفت سوكينا كيف تسخر جسدها لجمع المال ولم تبالي بالالتزامات الاخلاقية تجاه بيتها اوالمجتمع. فقد اعتبرت هذا الالتزام تخلف ولن تجني السائرة عليه الا الخسارة المادية. كما ان تجاربها اكدت لها بان حرية المرأة لن تأتي الا مع تحررها الاقتصادي وجمع المال. والمال قابع في جيوب الرجال، لن تصل اليه الا المرأة الخدوم، المتواضعة، المسكينة، الـ......... القادرة على الوصول الى نقطة الضعف المجاورة للجيب. كانت تضحك في قراراتها كلما سمعت عن المناقشات المحتدمة بين النساء والرجال حول حرية المرأة وتضحك اكثر من المنظمات النسائية التي تلجأ الى الثورة والصراع لحث الرجال على تغيير قوانين التعسف ضد المرأة !!. كما كانت تغتاظ جدا من وقوف هذه المنظمات ضد العاهرات. وتصف هجومها على عملية ممارسة الدعارة بالغباء والغيرة. فالطبيعة ، في رأيها، قد خلقت القوة في عقل الرجل والضعف بين فخذيه. كما خلقت القوة بين فخذي المرأة والضعف في عقلها. فما المانع من استغلال هذه القوة لبلوغ الهدف ؟؟!!. ولماذا يجب على المرأة ان تستغل عقلها كالرجل، مادامت تختلف عنه ؟؟!!.
قررت سوكينا الرحيل الى البلدان البعيدة ، بعد ان سمعت بالانفتاح الاقتصادي والحرية فيها من جهة ، وهربا من الدعايات والشكاوي ضدها والتي وصلت الى حد التشكك في ابوة زادق لاطفالها الثلاث. رحلت العائلة لتحط في ارض غريبة بلغتها وعاداتها عنهم ، وتبدأ من جديد.
لم يلقى نشاطها في الوطن الجديد نجاحا، لانعدام المعرفة باللغة والقوانين و... كثرة المتنافسات في حقل الدعارة وحدة التنافس بينهن والذي كان يصل الى حد التضارب والشكاوي !! لهذا عادت تبحث عن المناطق التي يتواجد فيها ابناء قومها لتقيم بينهم. فهم لن يلجأوا الى الشكوى ، لتطالبها الدولة بدفع غرامة التحايل على القانون والتهرب من الجزية، وتطالبها بالتسجيل الرسمي كعاهرة.
قبل ان تحط في وسطهم، اجرت على اسمها تغيير للنغمة البلدية، وجعلته اكثر رومانسية. فتحول من (سوكينا) الى (مدام سوينا) وعادت لتمارس اعمالها المتعددة بهمة ونشاط زادتهما الحرية المطلقة وانعدام السيطرة على الاخلاق الاجتماعية في مجتمعها. وعاد زادق الى ممارسة اعمال مختلفة لتلبية حاجات الاسرة ، وخاصة زوجته التي كانت تزداد طلباتها مع زيادة تمتعها بالحرية والانطلاق.
اسعدها واقع مجتمعها بخلطته الجديدة. الفادي والخائن، المنتمي واللامنتمي، الشاري والبايع، البريئ والمجرم، الملتزم والعربيد، المؤمن والكافر، القديسة والمومس... مستويات لم تعرف التقارب في بلدها يوما. ها هي الان تختلط وتتجانس مع بعضها البعض حد الالتحام. الحابل والنابل يتصاهران في القاعدة في عالم شعاره الحرية والسلام. في هذا العالم وجدت الحرية والجرأة والثقة اكثر في نفسها وعملها. فقد تمكنت من كسب زبائن عديدين ومشاهير من الحقل الفني، مما جعلها تشعر بقوة خارقة فيها، فراحت تتحدث عن علاقاتها بهم وتكشف عوراتهم امام الملأ، لتؤكد للنساء بأنها اقوى امرأة بين النساء وافضل امرأة عند الرجال والاهم من كل هذا، لتؤكد للجاهلات في الحركة النسائية صحة نظريتها في الرجال وخطأ نظريتهن.
استقر رأيها على الطلاق من زادق وفصله عن حياتها لتتفرغ كليا لخدمة الزبائن، بعيدا عن غيرته التي كانت تقف كالحجر العثرة في طريقها. فالشهرة التي وصلت اليها جعلتها تستنكف حتى من وجوده معها. تحررت من عقدة الزواج ، بعد ان تفننت في تصوير التعاسة والعذاب بين يديه. وتفنن فنان مشهور من اصدقاءها في تغليف صورتها باطار الانسانة المتواضعة والمرأة الخدومة والزوجة المظلومة، مقابل خدماتها الجنسية له بلا حساب.
تركت مدام سوينا ( سوكينا) بيتها لتتنقل، في مجتمعها المتعب ماديا، من رجل الى آخر وسط تنافسهم على خدماتها الجنسية، الغنية بفنونها وتكتيكاتها والرخيصة باسعارها، وسط اشاعات وقال وقيل الجمهور. فقد وجد الساقطون فيها القديسة الحنون، والثرثارون الخبر المشحون، والملتزمون مس الجنون.
حاولت مدام سوينا سجن الادب بين منبع دموعها وفخذيها كما فعلت بالفن ، لتحول كتاباته الى جانبها وتعيش في قصصه الى الابد. جاءت الاقلام تسحق جنونها وتستحقر تاريخها وتغير اسمها الفني الرنان الى (القديسة مومس).



#اميرة_بيت_شموئيل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اليس في الاقليم قانون؟
- لا تقترب
- هل ناديتني؟
- ثورة الانترنيت تسقط الانظمة الفاشية
- ساقول
- نحمل السلاح ام لا
- الحوار المتمدن وشمعته التاسعة، مناشدة الحكومة العراقية
- رفض نتائج الانتخابات، هل يستند الى منطق حكيم؟
- الكاتب القدير يوسف ابو الفوز في كندا، ثائر وطني يحمل مأساة ش ...
- تعاسة الاغبياء
- انذار جيم
- الثورة على الموت الثاني
- الاعتداء
- المتشددون والارهابيون لايفهموا لغة العالم
- العراق بحاجة الى جيشه من المثقفين
- الديمقراطية وحق المرأة في المشاركة في العملية السياسية
- هل من جديد في العراق الجديد
- ترشيح سيدة عراقية مسيحية لرئاسة العراق الجديد
- السقوط في المنفى
- صمت السيار وشغب الاشرار


المزيد.....




- الحبس 18 شهرا للمشرفة على الأسلحة في فيلم أليك بالدوين -راست ...
- من هي إيتيل عدنان التي يحتفل بها محرك البحث غوغل؟
- شاهد: فنانون أميركيون يرسمون لوحة في بوتشا الأوكرانية تخليدً ...
- حضور فلسطيني وسوداني في مهرجان أسوان لسينما المرأة
- مهرجان كان: اختيار الفيلم المصري -رفعت عيني للسماء- ضمن مساب ...
- -الوعد الصادق:-بين -المسرحية- والفيلم الأميركي الرديء
- لماذا يحب كثير من الألمان ثقافة الجسد الحر؟
- بينهم فنانة وابنة مليونير شهير.. تعرف على ضحايا هجوم سيدني ا ...
- تركيز أقل على أوروبا وانفتاح على أفريقيا.. رهان متحف -متروبو ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - اميرة بيت شموئيل - القديسة مومس