أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - طيب تيزيني - الدستور السوري... ثلاثة أخطاء














المزيد.....

الدستور السوري... ثلاثة أخطاء


طيب تيزيني

الحوار المتمدن-العدد: 3652 - 2012 / 2 / 28 - 00:52
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


دعوة الحكومة السورية للشعب السوري بالاقتراع على "الدستور" الجديد، أثارت تساؤلات حادة ودهشة ممزوجة بالمرارة والاستهجان، كيف يتم ذلك، وهو وُضِعَ من طرف واحد؟ وكيف "مرَّت" على الحكومة السورية، وهي، كغيرها، تعيش في ساحات يخيم فيها القتل والموت والخطف والاستباحة؟ وثالثاً، ألمْ تدرك هذه الحكومة ولجنة الدستور المعنية أن الدعوة للاقتراع تُوجَّه للشعب السوري كله في جهاته الأربع؟

ولعلنا الآن نضع يدنا على نمط من الاستهتار بشعب ليس هو أقل من بقية الشعوب. فكأن مَنْ وقَّت لذلك الاقتراع يعتقد أن المناطق الساخنة في سوريا يجب أن تُعاقب على ما تقوم به من مطالبة بحقوق لها مهدورة منذ عدة عقود، وإلا، سيتساءل المرء عمّا وراء ذلك؟ ثم، هل القيام باقتراع على دستور ما ضمن أجواء الرصاص الحي وغيره من أدوات القتل، يؤمّن للمواطنين جواً مناسباً حقاً لحوار ديمقراطي في الدستور نفسه؟

هي ثلاثة أسئلة تتحدر من ثلاث حالات تنتمي إلى نمط من الحكم لا يخرج عن كونه نظاماً أمنياً، يحرص على الاستفراد بكل شيء. ألا يدرك العارفون ضمن هذا النظام أن صراعاً بين أطراف لا يُحلُّ إلا من قِبل كل هذه الأطراف! أما أن يعلن النظام الحاكم عن لجنة تصوغ دستوراً بعيداً عن معظم الأطراف، فإن هذا لا يخرج عن كونه نمطاً من الاستبداد الذي يكافح الشعب السوري في سبيل اجتثاثه من حياته، بعد أربعين عاماً من هيمنته. وهذا الكفاح يملك شرعيته القانونية والأخلاقية والإنسانية على الأصعدة الثلاثة، الوطني المحلي والإقليمي والدولي. ولهذا كله، كان على الحكومة أن تدرك أن صياغة دستور وطني تشترط أن تقوم بذلك لجنة وطنية شرعية، وليس لجنة حزبية أو أمنية أو استفرادية فاقدة للشرعية من حيث الأساس.

أما الأمر الثاني الذي نحن الآن بصدده، فهو ذاك الذي يتصل بـ"الموت" وبـ"الحياة"، فهل يسعى أهل "القرار" إلى تعميم الموت في سوريا عن طريق الإبقاء على مَنْ يسميهم "الجماعات المسلحة"، وهؤلاء هم في حقيقة الأمر ذراع النظام القاتل في شوارع وبيوت سوريا. وللأسف، كانت الرصاصة الأولى، التي أطلقها أحد أطراف النظام، المقدِّمة التي ألهبت شباب الانتفاضة، واستمر الوضع مُلتهباً، دون أن يُحَاول اللجوء إلى إحدى صيغ الحل السياسي السلمي. وقد ازداد الولوغ في الدماء الزكية، وراح الأمر يتجه إلى جعل القتل والخطف والإيذاء، هدفاً بذاته. والآن، وبعد قريب العام، يأتي من يعلن عن صدور دستور جديد ينظم حياة سوريا، دون أن يُنتبه إلى أن حواراً في دستور ما يشترط، أول ما يشترط، أن يكون المواطنون، كل المواطنين، آمنين على حياتهم! هل افتُقدت الحكمة والعقلانية والروح الوطنية، التي تحافظ على فضائل الوطن والكرامة والتوازن الحضاري؟

أما المفارقة الثالثة، التي تقوم على دعوة المواطنين للمشاركة في التصويت على دستور وطني، جديد، فتكمن في الاعتقاد أو الافتراض بأن هذه الدعوة موجهة إلى فريق من دون فريق، إلى من ينعمون بإمكانات الذهاب إلى مراكز التصويت، دون آخرين يعانون من صراعات مسلحة مجنونة. وعلينا أن نضيف إلى هذا أو ذاك من ملابسات المسألة المعنية هنا، وجهاً آخر من عملية التأسيس لدستور وطني جديد، في مرحلة تعاني من الاضطراب والرعب والانهيار. أما هذا الوجه الآخر فيتمثل في الحرص على أن تتمتع لجنة التأسيس لهذا الدستور بشروط الشفافية والحياد وحماية المواطنين في حرياتهم، وخصوصاً حرية الاختيار والوقوف في وجه المرجعيات الأمنية والمالية. فهذا كله يمثل شرطاً حاسماً، وإلا، فلا! ومن أجل ذلك، تبرز ضرورة اللجوء إلى تشكيل لجنة دستور وطني بضمانات وحمايات قانونية دولية.



#طيب_تيزيني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جدال حول مصدر الأزمة
- تغييب -اللاعب الأكبر-
- دبلوماسية في خدمة الجريمة!
- ليسوا مندسِّين
- الثورة واستحقاقات التعددية
- حين تغيب العقلانية
- تساؤلات لا يحتملها -الاستبداد-
- معضلة النظام الأمني
- من التخلف إلى الاستبداد
- الحرب الطائفية والنظام الأمني
- الاستقواء بالخارج!
- -الربيع العربي- والمسار الفلسطيني
- موقف أوباما: هذا ما يغضبنا
- الطبقة الوسطى والانتفاضات
- الأيديولوجيا : المواقف والمعارف
- الحروب والمنظومات الأخلاقية
- الدولة المدنية والإسلاميون
- المسار التاريخي العربي
- الإصلاح والسلاح
- الاستبداد والوعي التاريخي


المزيد.....




- مؤلف -آيات شيطانية- سلمان رشدي يكشف لـCNN عن منام رآه قبل مه ...
- -أهل واحة الضباب-..ما حكاية سكان هذه المحمية المنعزلة بمصر؟ ...
- يخت فائق غائص..شركة تطمح لبناء مخبأ الأحلام لأصحاب المليارات ...
- سيناريو المستقبل: 61 مليار دولار لدفن الجيش الأوكراني
- سيف المنشطات مسلط على عنق الصين
- أوكرانيا تخسر جيلا كاملا بلا رجعة
- البابا: السلام عبر التفاوض أفضل من حرب بلا نهاية
- قيادي في -حماس- يعرب عن استعداد الحركة للتخلي عن السلاح بشرو ...
- ترامب يتقدم على بايدن في الولايات الحاسمة
- رجل صيني مشلول يتمكن من كتابة الحروف الهيروغليفية باستخدام غ ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - طيب تيزيني - الدستور السوري... ثلاثة أخطاء