أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد المثلوثي - ضد ثنائية النهضة/المعارضة















المزيد.....

ضد ثنائية النهضة/المعارضة


محمد المثلوثي

الحوار المتمدن-العدد: 3651 - 2012 / 2 / 27 - 21:37
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


أمام الأزمة الاقتصادية والاجتماعية الراهنة، والتي تزداد استفحالا، لم يجد حمادي الجبالي رئيس الحكومة التونسية الحالية سوى الإقرار الصريح بأن حكومته لا تجد أمامها حلولا مباشرة وفعلية لمشاكل البطالة والفقر والانهيار الاقتصادي العام. والمخرج الوحيد بالنسبة له يقوم في ضخ البلدان البترولية للأموال في خزينة الدولة وذلك في شكل هبات أو ودائع أو قروض ميسرة أو مؤجلة التسديد، مقدما في مقابل ذلك تنازلات سياسية من ضمنها عدم إثارة موضوع المطالبة باستعادة بن علي وعائلته، وفتح الباب أمام الدعاة الوهابيين لبث دعايتهم الرجعية التي تستهدف أول ما تستهدف تبييض وجه النظام السعودي ولوبيات السلفيين واستعادتهم الشرعية الشعبية التي فقدوها طيلة العقود الأخيرة نتيجة المشاركة في الحرب على العراق واستقبال دول الخليج للقواعد العسكرية الأمريكية، بما يعيد هذه الأنظمة إلى دائرة التأثير في السياسات الإقليمية. ولقد سبق هذا الطلب للدعم المالي السعودي أن أقامت حكومة الجبالي صفقة مع النظام القطري، قدم من خلالها هذا الأخير دعما ماليا في شكل ودائع بمبلغ يناهز الخمسة مليار دينار، في مقابل غض الطرف عن المطالبة بأهم رجالات بن علي، صخر الماطري، وغض الطرف عن المطالبة باسترجاع الأموال الضخمة التي نهبها معه هو وشبكته المافيوزية المرتبطة بالأوساط المالية الخليجية، ومساهمة حركة النهضة وحلفائها في تسويق المشروع الأمريكي القطري الأوروبي للالتفاف ديبلوماسيا وعسكريا على الانتفاضة السورية وتوجيهها لصالح ترتيباتهم السياسية. ويبدو أن حكومة الجبالي، وأمام انسداد إمكانية المساعدات المالية الأوروبية والأمريكية نتيجة الأزمة الاقتصادية التي تعصف بهذه الدول، توجه كل ديبلوماستها باتجاه بلدان الخليج التي تتمتع بفوائض مالية ضخمة متأتية من الريع النفطي العملاق الذي بحوزتها، وتخوف هذه البلدان من امتداد الموجة الاحتجاجية الشعبية إليها، والتي استطاعت إلى حد الآن وأدها بالقمع الدموي سواء في البحرين أو قطر أو السعودية. ولعل دور المتسول الذليل الذي وجد حمادي الجبالي نفسه مضطرا لتقمصه أمام وسائل الإعلام، يكشف عن حجم الأزمة العميقة التي يمر بها النظام، واستفاقة السياسيين الذين أغرقوا الجمهور بالوعود الانتخابية على أن ما كانوا يظنونه انتصارا انتخابيا سيضمن لهم الشرعية الأبدية، قد بدأ يتحول إلى كابوس حقيقي، لا يهدد وجودهم المؤقت في السلطة فحسب، بل يتعدى ذلك إلى تهديد النظام الاقتصادي والاجتماعي برمته.
فمن الواضح أن الجرعة الديمقراطية وتنظيم السيرك الانتخابي الأخير لم يفلح في إعادة الجماهير إلى سالف خضوعها، بل إن حركة الاحتجاج الاجتماعي قد عبرت بنفسها أنها غير معنية كثيرا بالترتيبات السياسية والمنازعات بين الأحزاب الحاكمة وأحزاب المعارضة، كما أن كل محاولات تغذية النزاعات الوهمية لتقسيم الجمهور حول محاور وهمية مثل الهوية والعلمانية، الإسلام المتشدد والإسلام المعتدل..الخ لم تصمد أمام تدهور الوضعية الاجتماعية لعموم الفئات المسحوقة نتيجة الغلاء المتعاظم للأسعار وتفاقم البطالة وارتفاع معدلات الجريمة وانتشار كل أشكال الدعارة والإدمان والتسول. وحتى الفئات الاجتماعية التي كانت تعيش وضعية مريحة نسبيا (موظفين، صغار الصناعيين والتجار..الخ)، بما جعلها تقف في أغلبها طيلة المسار الانتفاضي موقف المحافظ والمتردد، بل إن أغلب المحللين يعترفون بأن الجهاز البيروقراطي للدولة كان من أهم الدعائم في حماية الدولة من الانهيار، حيث يقر أحد الملاحظين الأجانب بأنه "على مستور التصرف العمومي، فان البنية التحتية للإدارة والدولة قد واصلت الاشتغال في وقت انهارت فيه كل البنية السياسية الفوقية" (روجير قوديار، الاقتصادي المغاربي)، هذه الفئات تجد الآن نفسها تنهار شيئا فشيئا وتفقد وضع الامتياز النسبي الذي كانت فيه بتدهور قدرتها الشرائية وانحدار القيمة الفعلية لمداخيلها المالية نتيجة التضخم المالي. كذلك الأمر لعديد القطاعات العمالية التي كانت خاضعة بالمطلق للتأطير البيروقراطي النقابي، والذي كبل حركتها ونجح بشكل كبير في عزلها عن الحركة الاجتماعية. ولعل شهادة فرنسوا شاربيون المدير العام لمصنع الاسمنت بالنفيضة بخصوص دور البيروقراطية النقابية خلال الانتفاضة يعطينا فكرة دقيقة في هذا الشأن من زاوية النظر البورجوازية طبعا، حيث يقول: "هناك نقد كبير موجه للاتحاد العام التونسي للشغل، وأنا لست متفقا مع هذا النقد، فالمركزية النقابية في كل المستويات قد ساهمت، في وقت كان فيه رأس الدولة قد انقطع، وفي وقت كانت فيه هذه المركزية النقابية هي من يمسك عمليا بالسلطة، قد ساهمت في تجنب الفوضى (اقرأ الانفلات الثوري للعمال)، وبينما كانت الحكومة لا وجود لها وكنا (يقصد الرأسماليين طبعا) في وضع ضعيف جدا، فان اتحاد الشغل، كهيكل منظم، قد نجح في الحفاظ على النظام. فهو، بشكل ما، قد وجه (لصالح من؟) الثورة". هذه القطاعات العمالية، وبعد أن شعرت أنها خسرت فرصة ثمينة لفرض مطالباتها في وقت كانت فيه في وضع قوي، قد عادت لمسرح النضال الاجتماعي سواء بالانفلات الكلي عن أي تأطير بيروقراطي نقابي (الإضرابات الوحشية والاعتصامات) أو من خلال الضغط على المركزية النقابية التي وجدت نفسها مجبرة على مسايرة الأمر الواقع خوفا من انفصالها النهائي عن قاعدتها، وفي مواجهة منافسة المركزيات النقابية الموازية الناشئة حديثا بتنظيم من رموز بيروقراطية قديمة لم تجد مكانها في جنة القيادة النقابية.
لكن الجبالي نفسه يعترف أن ضخ أموال أجنبية في خزينة الدولة لا يمكن له أن يقوم إلا بعملية حقن اصطناعي للاقتصاد، فتقديم المنح للمعطلين، أو دعوة الشركات لدمج مزيد العمال مقابل تكفل الدولة بمصاريف التأجير، وحقن قطاع البناء برؤوس أموال إضافية في إطار ما أسماه المساكن الاجتماعية أو تهيئة البنية التحتية، كذلك تقديم قروض للمشاريع الصغيرة، كل هذا لا يجسد نموا حقيقيا بالمعنى الرأسمالي الحصري للكلمة. بل هدفه الوحيد تقديم بعض المسكنات الوقتية من أجل إخماد لهيب الاحتجاج الاجتماعي وربح الوقت في انتظار استعادة أجهزة الدولة القمعية لسالف قوتها، واستعادة الدولة عموما لهيبتها التي طالما حلم قايد السبسي (رئيس الحكومة السابق) بفرضها. كذلك من شأن هذه الإجراءات الترقيعية إعطاء جرعة ثقة سياسية للحكومة الحالية وتوفير الأجواء الملائمة للدخول إلى الانتخابات المنتظرة في شروط تنافسية تقطع الطريق أمام وصول أحزاب المعارضة للحكم، هذه المعارضة التي بدأت بتجهيز نفسها وتحشيد قواها لتجاوز عثرتها الانتخابية السابقة.
ومعضلة حركة النهضة في الواقع هي كونها من جهة كانت قد قدمت حزمة من الوعود خاصة فيما يتعلق بفض مشكلة البطالة والعائلات التي تعيش تحت خط الفقر وتحسين وضع الأجراء، ومن جهة أخرى قدمت كل الضمانات لرجال الأعمال ودوائر المال المحلي والعالمي على كونها سوف تواصل نفس النهج الاقتصادي الليبرالي القائم أصلا. وهذا ما عبر عنه ألكسندر كينيار مدير منظمة فريديريش نيومان الألمانية المتخصصة في البرامج الموجهة لتونس، حيث يقول هذا الأخير: "من خلال لقاءاتي مع رجال الأعمال الألمان فيما يتعلق ببرنامج النهضة. فان هذا البرنامج يبدو ليبراليا والمشكل هو إلى أي مدى يعتمد هذا البرنامج (الليبرالي) على أسس الحرية والقيم الليبرالية" (الاقتصادي المغاربي). فالنهضة تعد الجمهور بتحقيق مطالبها من خلال نفس البرنامج الليبرالي المتسبب الأصلي في الكوارث الاجتماعية التي يعانيها هذا الجمهور بالذات. لكن النهضة لم تكن تملك في الحقيقة خيارا آخر. فهي كانت مجبرة على إغداق الوعود الانتخابية من أجل حصد الأصوات، في نفس الوقت الذي كانت مجبرة فيه على طمأنة أقطاب رأس المال المحلي والعالمي للقبول بها كممثل سياسي منظم وجاهز لتسلم الإدارة السياسية. والنهضة في هذا لم تقم بشيء استثنائي، إذ أن كل الأحزاب البورجوازية الليبرالية مضطرة لوضع نفسها في هذا الموقف المتناقض بين مطالبات الجمهور الذي يمثل الثقل الانتخابي، وبين مصالح رؤوس الموال التي بحوزتها القوى المادية للمجتمع. غير أن النهضة، في هذا الظرف التاريخي الخاص، وجدت نفسها من جهة في مواجهة جمهور لم يعد لمنازله بعد وضع أوراق الانتخاب في الصناديق، مثلما يحصل عادة، بل إن حركته الاحتجاجية قد تصاعدت وسقف مطالباته يرتفع شيئا فشيئا إلى ما وراء قدرة النظام الاقتصادي الليبرالي نفسه على الاستجابة لهذه المطالبات. ومن جهة أخرى في مواجهة ضغط رجال الأعمال الذين يطالبونها بإخضاع الشغيلة وإعادة "الأمن" وما يسمونه "مناخ الاستثمار"، بل ويضعون خضوع الشغيلة وعموم الفقراء كشرط مسبق لمساهمتهم في "الاستثمار" الموعود. وإذا أضفنا لكل هذا واقع كون أجهزة القمع البوليسي مازالت لم تخرج من أزمة تفككها في الأشهر الأولى من الانتفاضة، والتجاذبات التي تشقها وتخوف اللوبيات المؤثرة داخلها من المحاسبة. كذلك حالة الاستنزاف اليومي لقوات الجيش وعدم تمرسها في مواجهة مثل هذه الأوضاع. فان حكومة النهضة تجد نفسها تقريبا شبه عاجزة سواء على تلبية ولو جزئية للمطالبات الاجتماعية أو لفرض "الأمن" و"السلم الاجتماعية" لصالح رجال الأعمال. وحتى تشكيلها لميليشيات غير رسمية لمواجهة الاحتجاجات لا تبدو ذات فعالية كبيرة خاصة وأن الأمر لا يتعلق بمحاصرة مجموعات سياسية صغيرة، بل الأمر يتعلق بحركة اجتماعية شاملة. إضافة لكون بروز مثل هذه الميليشيات بشكل سافر قد يهدد بوضع حركة النهضة في مواجهة مفضوحة ليس مع معارضيها السياسيين فحسب، بل في مواجهة جمهور الشغيلة والفقراء ذاته والتي بدأت بوادرها في عديد الجهات (الرديف، سيدي بوزيد، القصرين،ة جندوبة...) والقطاعات العمالية (عمال البلدية، عمال ليوني..).
حقا إنها الأزمة. فلا الدولة ومن ورائها الطبقة البورجوازية قادرة على التكشير عن أنيابها بكل وضوح لوقف الاحتجاجات الاجتماعية وإعادة "النظام"، أي العودة إلى الوضع ما قبل الانتفاضي، ولا طبقة الشغيلة ومن ورائها كل الجماهير المسحوقة جاهزة لتجاوز عتبات الاحتجاج السلبي، أي الوقوف عند حدود المطالبات وعدم المبادرة إلى تغيير اجتماعي جذري. فالي أي حد يمكن أن يتواصل وضع التوازن الهش هذا؟ وهل تنجح أموال البيترودولار في تعديل الكفة لصالح النظام وإعطائه جرعة أكسيجين تمدد بها أنفاسه، أم هل أن حركة النضال الاجتماعي ستمر إلى فصل جديد من المواجهة؟ هل ستعمد حكومة النهضة إلى حرب ميليشوية ربما تقود إلى حرب أهلية، خاصة مع بروز إمكانيات تسرب السلاح من ليبيا والجزائر، والحملة المهووسة لتغذية كل العناصر الرجعية في المجتمع من نعرات دينية وقبلية وجهوية...الخ، أم هل أن الحركة الاجتماعية ستنجح في الانتقال من حالة الفوضى والتشتت إلى حالة من الانتظام الذاتي، بما يجعلها تتطور بدون السقوط في شراك الاستقطابات الرجعية التي تحاول البورجوازية بكل شرائحها حشرها في بوتقتها القاتلة؟
لكن قلة الصبر تقود إلى الانتهازية مثلما يقال. فوضع المراوحة الذي يعيشه المسار الثوري، وبداية تآكل التأثير الجماهيري لحركة النهضة وانفلات الأمور من يدها، جعل لعاب العديد من القوى والأحزاب السياسية يسيل. فبعد الدعوات إلى تشكيل حكومة "وحدة وطنية" التي رفضتها حركة النهضة، باعتبار ذلك سيحجٌم من قوتها وسيبرزها في موقف العاجز عن الإدارة السياسية، بدأت حملات الضغط للتسريع بإنهاء صياغة الدستور الجديد وإجراء انتخابات رئاسية أو برلمانية، وهي حملات تقودها الأحزاب الليبرالية المعارضة وبعض لوبيات التجمع المنحل وبقايا ما يسمى بالبورقيبية، ذلك أن هذه القوى تعتقد أن وضع الأزمة الحالي سيضعف حركة النهضة وبالتالي سيسمح لهذه القوى بأخذ ثأرها الانتخابي. ومن الواضح أن كل هذه الأحزاب والقوى لا تضع أمامها مهمة تطوير حركة النضال الاجتماعي، بل إن طموحها السلطوي ورغبتها في أخذ مكان النهضة في السلطة أو مقاسمتها الغنيمة تجعلها تنظر بعين "الرضا" لحركة الاحتجاج الشعبي، لكن فقط باعتبارها ورقة ضغط سياسي وفي حدود "معقولة"، أو ما يسمونه "الاعتصامات السلمية" و"الإضرابات الشرعية" و"المظاهرات السلمية...الخ. أما انتهازية هذه القوى والأحزاب الليبرالية فمعلومة مسبقا، وأما قلة صبرها فمن الأرجح أن يقودها إلى هزيمة جديدة. لكن آفة قلة الصبر قد تصيب القوى الثورية أيضا. فتجعلها بدل الاتجاه إلى تطوير الحركة الاجتماعية، وهو عمل بطيء ومضني وقد لا يعطي نتائج فورية، فإنها تتجه إلى الاستعراضات السياسية، بل وحتى بث الأوهام السلطوية وبناء التحالفات الانتهازية باسم مقاومة المد الفاشي (وكأن الليبراليين أقل فاشية من حركة النهضة التي لا تعدو هي نفسها كونها حزبا ليبراليا بقناع ديني)، والأخطر من كل هذا هو طرح محاور استقطاب سياسي وهمية تحت مبرر إحراج الحكومة أو وضعها في مأزق سياسي مثلما حصل في موضوع طرد السفير السوري. وبدل إبراز الطابع الاجتماعي للثورة وإبراز عجز النظام الرأسمالي نفسه على تجاوز الكوارث الاجتماعية التي تسبب فيها، بغض النظر عن ممثليه السياسيين في الحكم أو في المعارضة، وكشف أوهام الليبرالية الديمقراطية، التي هي الوجه السياسي لليبرالية الاقتصادية، وبدل توجيه كل الطاقات وصهرها في المساهمة في بث الدعاية الثورية وسط الجماهير المنتفضة، والمساهمة في تنظيم الحركة لنفسها والتعريف بنضالاتها ضد محاولات العزل والتشويه التي تقودها آلة الدعاية الرسمية منها وغير الرسمية، بما يجعل القوى الثورية فعليا عنصرا من عناصر الحركة نفسها وتعبيرة من تعبيراتها، يتم السقوط في التوظيف السياسي والظهور بنفس مظهر الأحزاب الليبرالية المعارضة التي تحاول استثمار نضالات الجماهير (هذه النضالات التي لا يساهمون فيها لا من قريب ولا من بعيد) لصالح أجنداتها الحزبية الضيقة والأكثر انتهازية. فإذا كانت قلة الصبر قد قادت عديد القوى والمناضلين في الأشهر الأولى من الموجة الثورية إلى الارتماء في الجبهات السياسية الرجعية ذات الطابع السلطوي (المجلس الوطني لحماية الثورة مثالا) مثلما قادتهم إلى البحث الهوسي عن بعث أطر حزبية مصطنعة هي عبارة عن دكاكين سياسية لا علاقة لها بالتنظيمات الثورية، وإذا كانت قلة الصبر قد ساهمت في صعود اليمين الذي يحاربونه والدخول في انتخابات برلمانية مقنٌعة بإشراف وتنظيم وتمويل دوائر رأس المال المحلي والعالمي، بل إن قلة الصبر قد جعلت البعض يتوهم أن السلطة أقرب إلى يديه من أي وقت مضى فانخرط في لعبة الفبركة التلفزيونية للزعماء، إذا كانت قلة الصبر هي أحد الأسباب الكامنة وراء عزل القوى الثورية عن حركة النضال الاجتماعي الواسع، بل انجرار قطاعات واسعة من المناضلين إلى مستنقع الحزبية البرلمانية ومطاحناتها البائسة، فمن الأجدر اليوم الاتجاه إلى تنظيم الصفوف ضد وخارج الاستقطابات السياسية البورجوازية، بين ائتلاف رجعي حاكم وبين معارضة ليبرالية أثبتت في أكثر من مناسبة عداءها لكل حراك ثوري يتجاوز تأطيرها الحزبي الضيق أو يتجرأ على النظام السائد الذي لا تمثل هذه المعارضة سوى احتياطيها السياسي الجاهز للإنقاذ في صورة اندلاع حريق ثوري عارم. ولا يكون القطع مع ثنائية النهضة/ المعارضة إلا بتوجيه كل الطاقات نحو تجذير المطالبات الاجتماعية ودفعها لتتحول إلى مشروع تغيير اجتماعي شامل في التعارض مع النظام الاقتصادي والاجتماعي الرأسمالي، وهذا هو التكتيك الثوري السليم للوصول إلى تغيير جذري للأوضاع القائمة، وعدم البقاء في الدائرة المغلقة والعبثية لاستبدال هذا الحزب بذاك وما يعنيه من تأبيد الحكم السياسي للبشر، ومنع المجتمع من إدارة نفسه بشكل تعاوني متضامن.



#محمد_المثلوثي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- النضالات الاجتماعية في تونس: الواقع والآفاق
- إفلاس الرأسمالية ومهمات الثوريين
- من ثنائية: يمين أم يسار...الى خيار: رأسمالية أم اشتراكية
- السيرك الانتخابي في تونس..-اليسار يريد انقاذ النظام-
- هل ستسلم الثورة نفسها للسياسيين (جزء ثالث)
- بيان 1ماي لنواصل رفع مشعل الثورة
- هل ستسلم الثورة نفسها للسياسيين (الجزء الثاني)
- هل ستسلم الثورة نفسها للسياسيين (الجزء الأول)
- مشروع من اجل جبهة الفقراء
- انتفاضة تونس بين التحرر الفعلي وخطابات الساسة
- حول اللجان الشعبية
- تنظيم حزبي أم تنظيم كوموني؟
- حول الشيوعية وبرنامجها التاريخي
- التاريخ بين العلم والديالكتيك
- نقد العلمانية (3)
- نقد العلمانية (2)
- نقد العلمانية (1)
- ماركس والماركسية
- ايران: الثورة، ومحاولات الالتفاف


المزيد.....




- شاهد رد مايك جونسون رئيس مجلس النواب الأمريكي عن مقتل أطفال ...
- مصادر تكشف لـCNN كيف وجد بايدن حليفا -جمهوريا- غير متوقع خلا ...
- إيطاليا تحذر من تفشي فيروس قاتل في أوروبا وتطالب بخطة لمكافح ...
- في اليوم العالمي للملاريا، خبراء يحذرون من زيادة انتشارالمرض ...
- لماذا تحتفظ قطر بمكتب حماس على أراضيها؟
- 3 قتلى على الأقل في غارة إسرائيلية استهدفت منزلًا في رفح
- الولايات المتحدة تبحث مسألة انسحاب قواتها من النيجر
- مدينة إيطالية شهيرة تعتزم حظر المثلجات والبيتزا بعد منتصف ال ...
- كيف نحمي أنفسنا من الإصابة بسرطانات الجلد؟
- واشنطن ترسل وفدا إلى النيجر لإجراء مباحثات مباشرة بشأن انسحا ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد المثلوثي - ضد ثنائية النهضة/المعارضة