أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - سليمان يوسف يوسف - رؤية آشورية للأحداث الخيرة في الجزيرة السورية















المزيد.....

رؤية آشورية للأحداث الخيرة في الجزيرة السورية


سليمان يوسف يوسف

الحوار المتمدن-العدد: 1076 - 2005 / 1 / 12 - 09:36
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


اتسمت الحياة في (الجزيرة السورية)، بشكل عام، بالهدوء والاستقرار، حيث عاش الآشورييون( سريان كلدان) والأكراد والعرب والأرمن، مسلمين ومسيحيين ويزيديين. بمحبة ووئام على مدى سنوات طويلة، وكانت في الماضي، تنحصر مظاهر العنف والنزاعات بين القبائل والعشائر العربية ذاتها(شمر، حرب، طي، بني سبع، جبور....).كما تميزت العلاقة بين،المسيحيين والمسلمين، في سوريا عامة والجزيرة بشكل خاص بالتفاهم والاحترام المتبادل، وظلت هذه العلاقة على الدوام أقوى من حوادث القتل والممارسات الفردية الشاذة التي كانت تحدث بين الحين والآخر، وذلك بفضل حرص الجميع على نبذ كل ما من شأنه تعكير صفوة هذه العلاقة، والإساءة إلى اللحمة الوطنية والسلم الأهلي.
لكن، مع انتشار الأفكار القومية في المنطقة، وظهور الأحزاب والحركات السياسية الخاصة بكل مجموعة قومية أو أثنية،بدأت العلاقة بين هذه المجموعات البشرية والتكوينات القومية،التي تشكل اليوم المحرك الأساسي للحياة السياسية في الجزيرة السورية، تأخذ منحى آخر، متأثرة بالتطورات السياسية التي شهدتها المنطقة في العقود الأخيرة،حيث بدأت تطفو على السطح الحواجز القومية والحدود الثقافية التي بدأت ترسمها الأحزاب والتيارات القومية(العربية والكردية والآشورية والأرمنية). و بدلاً من أن تتحول حالة التنوع القومي والإثني والديني والثقافي، التي يتميز بها مجتمع الجزيرة، و المجتمع السوري عامة، الى عامل غنى وثراء ثقافي وحضاري وطني،أصبحت مصدر للمشاكل والحساسيات الاجتماعية والقومية والى عامل ضعف في بنية المجتمع السوري. وبدأت تشهد الجزيرة السورية، من حين لآخر احداث عنف اجتماعي وقومي وديني، لتؤكد هذه الأحداث على أن ثمة خلل عميق وضعف كبير في العلاقة الوطنية بين مختلف التكوينات القومية والدينية والاجتماعية التي يتكون منها المجتمع السوري.
إن أكثر من يتحمل مسؤولية هذا الخلل في العلاقة والضعف في الاندماج الوطني بين مختلف تكوينات المجتمع السوري هو (حزب البعث العربي الاشتراكي) الذي يحكم سوريا منذ أكثر من أربعين عاماً وهو يرفض الاعتراف بواقع التعددية في المجتمع السوري ويمارس سياسة الاستعلاء القومي على القوميات الأخرى. ومنذ استلامه السلطة 1963 تخضع سوريا لسياسية تعريب شاملة لجميع مناحي الحياة، السياسية والثقافية والاجتماعية والتربوية والتعليمية، وأتبع سياسة (التغير الديمغرافي) لصالح العنصر العربي في منطقة (الجزيرة السورية)، وتم مصادرة آلاف من الهكتارات الأراضي الزراعية العائدة للسريان(الآشوريين) والأكراد ومنحتها الدولة للعرب المغمورين.هذه الممارسات والسياسات الشوفينية البعثية خلقت لدى مختلف القوميات الغير عربية شعور بالغبن والقهر والاغتراب الوطني، وسببت حالة من الاحتقان السياسي والاجتماعي في المجتمع السوري، شكلت الارضية والبيئة الاجتماعية والثقافية المناسبة، للاحتجاجات والتظاهرات الكردية في 12 آذار والآشورية في 30 تشرين الأول التي شهدتها الجزيرة السورية.بالطبع يجب أن لا ننسى أو نهمل تأثيرات وتداعيات الحالة الراهنة في العراق، وما يشهده من احداث عنف وعنف مضاد ،على الوضع السوري عامة والجزيرة خاصة،التي تتشابه وبشكل كبير، المجتمع العراقي، بتكويناتها القومية ومكوناتها الثقافية والاجتماعية.
ومع التفريق بين الحدثين( الكردي والآشوري) والاختلاف بينهما، من حيث ضخامة الفعل الجماهيري في الحدث الكردي، وتداخل العامل الديني بالعامل القومي في الحدث الآشوري، لكنهما جزء من مشهد سياسي تراجيدي واحد، إذ جرا يا على خلفية استفزاز وتعدي على أكراد(في القامشلي) وعلى آشوريين(في الحسكة) من قبل بعض شباب العرب المتطرفين من ذات البيئة الاجتماعية والثقافية والسياسية العربية المعروفة بولائها المطلق للرئيس العراقي المخلوع صدام حسن.
وبات هذا المشهد أكثر تعقيداً وتراجيدياً، من خلال التعامل الخاطئ للسلطات السورية مع هذه الأحداث والنظرة القاصرة لأسباب ما حدث،إذ بقي النهج الأمني هو الخيار المفضل لدى السلطات السورية في طريقة تعاطيها ومعالجتها للمشكلة، كما هو الحال في جميع قضايا ومظاهر الاحتجاج التي تحصل في المجتمع السوري.
فمنذ اللحظات الأولى للحدثين قام البعض ممن هم في السلطة، بالترويج لوجود مؤامرة وتوجيه التهم لقوى كردية في احداث القامشلي، ولقوى آشورية في أحداث الحسكة، ذلك بهدف التضليل على الراي العام السوري وابعاده عن الأسباب الحقيقة لهذه الأحداث المأساوية والتهرب من مسئولياتها اتجاه ما حدث.وما يثير الدهشة والاستغراب، في مثل هذه القضايا، هو أن من يتهم بالتآمر هو دوماً الضحية وليس الجلاد.
ما من شك، بان التظاهرة الآشورية العفوية، وقيام بعض الجمهور الغاضب بحرق بعض منازل ومحلات، الجناة من عائلة الراضي، كردة فعل على الجريمة البشعة و النكراء، المتمثلة بقتل الشاب ابراهيم عبد الأحد، من غير مبرر، وسحل جثته في الشارع أمام الناس وعلى الطريقة الزرقاوية، ومن ثم قتل يلدا يعقوب الذي أراد اسعاف المغدور به ابراهيم، لقيت ارتياحاً شعبياً عاماً في مختلف الأوساط الآشورية والمسيحية عامة في الجزيرة السورية، التي تسيطر عليها مشاعر الإحباط واليأس، بسبب جرائم وتعديات عديدة، ارتكبت و ترتكب، بحق مسيحيين من حين لآخر من قبل اشخاص مسلمين،متجاوزين على القانون، وكذلك بسبب تهاون السلطات المعنية مع الجناة وعدم أخذ القانون مجراه في معاقبتهم، مستفيدين من حالة الفساد التي تنتشر في مختلف أجهزة ومؤسسات الدولة، منها القضاء، إذ غالباً ما يحصل الجاني على أسباب مخففة، مثل تقارير طبية توصف حالته النفسية أو العقلية بالغير طبيعية وتخفف عقوبته، وهذا ما تردد عن أن الجاني (مضر) سلم نفسه للمشفى العسكري بحلب وادعى انه مريض نفسياً، وهو رائد في الجيش الشعبي في الحسكة وأحد المشتركين في قتل الشابين الآشوريين، ابراهيم ويلدا.
أخيراً:
نأمل أن تدفع أحداث الجزيرة السورية، بفصليها الكردي والآشوري (القيادة السورية) للوقوف بجدية على أسباب ما حدث، وعدم الاكتفاء بالحلول والاجراءات الأمنية. إن تصحيح الخلل القائم بين مختلف فئات المجتمع السوري ومعالجة النقص الكبير في الاندماج الوطني، يتطلب التعاطي بموضوعية وواقعية مع كل أشكال ومظاهر الاحتجاج في الشارع السوري، والإسراع في عملية الإصلاحات السياسية والديمقراطية، في مقدمتها تعديل المادتين، الثالثة(أن يكون الإسلام دين رئيس الدولة) والثامنة(حزب البعث قائد الدولة والمجتمع)، من الدستور، ورفع الغبن عن القوميات الغير العربية، والاهتمام بمنطقة الجزيرة من حيث التنمية الاقتصادية والعلمية والخدمات الاجتماعية والصحية، حتى تبقى هذه المنطقة الجميلة والغنية من سوريا، بطيفها القومي والثقافي والديني والسياسي المتنوع، رمزاً للتآخي والتعايش المشترك بين كل ألوان هذا الطيف السوري على أرضية الوحدة الوطنية، وأن تبقى سوريا وطناً لكل السوريين.

سليمان يوسف يوسف كاتب: سوري آشوري مهتم بحقوق الأقليات.
[email protected]



#سليمان_يوسف_يوسف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حوادث الحسكة والتصريحات المخالفة للمحافظ
- في سوريا حزب الأغلبية الساحقة يخش الديمقراطية
- نعم لفتح باب الترشح للرئاسة في سوريا
- المؤتمر الدولي التاسع للدراسات السريانية
- في سورية حريات دينية وحرمانات سياسية
- شرق اسلامي، من غير يهود ومسيحيين
- نعم للدولة الوطنية ، لا لدولة القوميات في سوريا
- مسيحيو العراق بين سندان الاحتلال ومطرقة ارهاب المقاومة
- قانون الأحزاب وعقدة الديمقراطية في سوريا
- تصريح سياسي
- الحركة الكردية السورية بين السلطة والمعارضة
- في سورية خطوة إلى الأمام قفزة إلى الخلف
- مقاربة فلسفية للحرب العراقية
- الرئيس بشار الأسد والتحول باتجاه المعارضة الوطنية...؟
- ملامح مرحلة جديدة في سوريا
- علم مشوه لمجلس حكم مصطنع
- قراءة وطنية لموضوعات وبرامج المعارضة السورية
- في ذكرى مذابح الأرمن والسريان في تركيا
- سوريا موطن السريان ومهد الحضارات تحتضن مؤتمر التراث السرياني ...
- ربيع القامشلي والامتحان الوطني


المزيد.....




- لاكروا: هكذا عززت الأنظمة العسكرية رقابتها على المعلومة في م ...
- توقيف مساعد لنائب ألماني بالبرلمان الأوروبي بشبهة التجسس لصا ...
- برلين تحذر من مخاطر التجسس من قبل طلاب صينيين
- مجلس الوزراء الألماني يقر تعديل قانون الاستخبارات الخارجية
- أمريكا تنفي -ازدواجية المعايير- إزاء انتهاكات إسرائيلية مزعو ...
- وزير أوكراني يواجه تهمة الاحتيال في بلاده
- الصين ترفض الاتهامات الألمانية بالتجسس على البرلمان الأوروبي ...
- تحذيرات من استغلال المتحرشين للأطفال بتقنيات الذكاء الاصطناع ...
- -بلّغ محمد بن سلمان-.. الأمن السعودي يقبض على مقيم لمخالفته ...
- باتروشيف يلتقي رئيس جمهورية صرب البوسنة


المزيد.....

- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - سليمان يوسف يوسف - رؤية آشورية للأحداث الخيرة في الجزيرة السورية