أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاخر السلطان - الفردانية.. و-الربيع- العربي














المزيد.....

الفردانية.. و-الربيع- العربي


فاخر السلطان

الحوار المتمدن-العدد: 3650 - 2012 / 2 / 26 - 17:59
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


على الرغم من الأحداث "الربيعية" التي تشهدها المنطقة العربية، والتطورات السياسية والاجتماعية والثقافية التي تصاحبها، إلاّ أن عنوان "الربيع" لا يزال يعتبر مبهما في علاقته ببعض قيم الحداثة، وما زال يواجه تحديات أساسية تؤكد الحاجة إلى معالجة مسائل تمس أصل وجود هذا العنوان.
وفي ظل تلك التحديات تطفو مسألة المواطنة بقوة على السطح لتبرهن عدم انتمائها إلى ثقافة الكثير ممن يقودون الحراكات العربية، لتصبح مخرجات الحركة الشعبية التغييرية خارج أجندة تلك المسألة. والمواطنة تبدو هنا جلية، خاصة حينما تتأسس على جملة من المفاهيم، من ضمنها بل وعلى رأسها مفهوم الفردانية، الذي يعتبر مفهوما جوهريا في التأسيس. فكثير من المراقبين والباحثين يؤكدون بأن الربيع العربي لم يؤد إلى تحقيق الفرد العربي لفردانيته، لأنها - أي الفردانية - لم تكن هدفا سعى دعاة التغيير إلى تحقيقه، ولم يكن الفرد هو هدف حركات التغيير، وذلك انطلاقا من أن الفرد على الرغم من تحقيق بعض التغيير لا يزال يخضع لمكونات المجتمع الخاصة بمختلف تشكيلاتها، كالعائلة والطائفة والقبيلة، حتى في ظل بعض التطورات "الإيجابية" التي صاحبت خضوع الفرد للجماعة في بعض المجتمعات، لكن ذلك لم يؤثر في إنهاء أو تقليص ريادة الجماعة على الفرد. فعلى الرغم من سعي الربيع العربي إلى إنقاذ المواطنين من الاستبداد الجاثم على صدورهم، والذي أثر سلبا في حياتهم، إلا أن ذلك لم يساهم في معالجة استبداد آخر متمثل في وصاية الجماعة على الفرد، ولم يتطرق إلى مساعي حصول الفرد على هويته الذاتية أو على فردانيته.
لا أشك للحظة بأن الأحداث التي سبقت ولحقت انتخابات مجلس الأمة الكويتي الأخيرة كانت لها علاقة ملموسة بشعارات وتطورات أحداث الربيع العربي، خاصة الشعارات الحقوقية والقانونية الدستورية التي رفعت أثناءها، والتطورات المرتبطة لا باستقالة الحكومة فحسب وإنما بتغيير شخص رئيس الوزراء السابق، لكننا لم نلحظ خلال الأحداث أي شعارات تحث على المواطنة المنطلقة من الفردانية، بل كل ما تم طرحه كان حثّاً على المواطنة دون الاستقلال من هيمنة وسيطرة أطر الجماعة، وبالذات جماعة القبيلة والطائفة. فالمواطنة الخاضعة للجماعة لا يمكن إلا أن تكون صورا مغايرة من الاستبداد. إنها شعور بالتحول تجاه صور الاستبداد السياسي، واستمرار في الخضوع لصور الاستبداد الاجتماعي. فأحد صور معالجة الاستبداد هو ذاك المنطلق من الفرد والساعي إلى تحريره من كل صور الخضوع في المجتمع.
لا يمكن لأحد أن يدّعي تحقيق إنجاز إيجابي متعلق بصورة المواطن الكويتي بجعله قادرا على أن يطالب السلطة السياسية بحقوق المواطنة الحقّة، في حين هو لم يستطع أن يتحرّر من أسر سلطته الاجتماعية المتمثلة بالقبيلة والطائفة. وحينما لا يتحقق الاستقلال من التبعية للجماعة الاجتماعية، سيستمر اهتزاز صورة المواطنة، إذ سيغدو الشك مسيطرا على ولاء الفرد للوطن انطلاقا من ضرورة اعتبار الفرد وحدة مستقلة منتمية للوطن، أي انطلاقا من الفردانية. لذلك، لا يزال شعار المواطن أولاً، انطلاقا من علاقة ذلك بالولاء للوطن، ولتنظيم علاقاته السياسية والاجتماعية، بعيدا عن أولويات الخطاب العربي التغييري، ومنها الكويتي، باعتبار أنه لا يزال خطابا غير حداثي في فردانيته، بل هو خطاب يضع حائطا بين شروط الحداثة وبين شعاراتها السياسية والاجتماعية، خطاب يبني شروط الحاضر على أسس الماضي غير المهموم بالفردانية.
فالفردانية هي شرط تاريخي لتحقيق التغيير البعيد عن مختلف صور الخضوع، ودعامة أساسية لبناء ديمقراطية حقيقية يراد من خلالها التأسيس لحرية الرأي والتعبير والاعتراض والنقد والنهوض باحترام حقوق الإنسان. ولن يتحقق ذلك إلا عبر عملية نقل انتماء الإنسان، من جماعات المجتمع الخاصة إلى الدولة غير الخاضعة لأي جماعة، بهدف تأسيس مواطنة حقّة ترفض مبدأ تجمع القوى وارتكازها في جهة واحدة.
وفي حين كانت الجماعات الاجتماعية سببا في عدم تطور الفردانية في إطار حركات التغيير العربية، لكننا يجب أن لا نغفل دور الجماعات السياسية المؤدلجة، من إسلامية واشتراكية وقومية، التي تراهن أيضا على ذوبان الفرد في الجماعة انطلاقا من أيديولوجيتها الرافضة للخصوصية الفردية، أي الرافضة للفردانية. هذا إلى جانب عدم إغفال حضنها الشمولي الذي يمتلك الحقيقة المطلقة مما يساهم في معاقبة أي فرد يخرج عن خط سير تلك الحقيقة التي تمثّل في نظرها "الخلاص النهائي" للبشر. فكيف يمكن لتلك الأيديولوجيات أن تقبل لفرد أو لأفراد أن ينازعوها حقيقتها المطلقة ورؤيتها للخلاص وللنهائية الحتمية؟
خارج أسوار "المطلق" لا وجود للرأي والرأي الآخر، ولا وجود لاحترام حقوق الإنسان الفرد. لذلك، علينا مواجهة الظاهرة "الجماهيرية أو القطيعية" - على حد قول جاد الكريم الجباعي في "الأوان" - التي تؤسسها ثقافة ذوبان الفرد في الجماعة، من أجل بناء فرد قادر على مواجهة الفرد والجماعة معا، فرد مستقل بذاته، إذ لولا تلك الاستقلالية الفردية فإن حركات التغيير العربية ستنتقل من صور استبداد معينة تابعة لأنظمة خاصة، إلى صور استبداد أخرى تهيمن عليها جماعات جديدة، اجتماعية وأيديولوجية.

كاتب كويتي



#فاخر_السلطان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- علمانية التيار الوطني
- التعددية.. وتعديل المادة الثانية
- الحلال والحرام
- -كونا- وما أدراك ما...
- الحقوق.. حينما تتسيّس
- العقلانية والأخلاق
- الأربعاء -الأبيض-
- -الربيع-.. ونقد المثقف
- الله وغرضية العالم
- -الربيع- والحرية.. بين الديني والعلماني
- -الربيع-.. ووردة الحرية
- -الربيع- الكويتي.. والقيم الحديثة
- بين العلم والمعرفة (3-3)
- بين العلم والمعرفة (2 -3)
- بين العلم والمعرفة (1-3)
- التعايش.. والحداثة.. ورجال الدين
- الإقصاء.. أي الهيمنة
- قواعد اللعبة السياسية الجديدة في الكويت
- الطاعة
- المضي قدما في التغيير


المزيد.....




- عالم أزهري: الجنة ليست حكرا على ديانة أو طائفة..انشغلوا بأنف ...
- يهود متطرفون من الحريديم يرفضون إنهاء إعفائهم من الخدمة العس ...
- الحشاشين والإخوان.. كيف أصبح القتل عقيدة؟
- -أعلام نازية وخطاب معاد لليهود-.. بايدن يوجه اتهامات خطيرة ل ...
- ما هي أبرز الأحداث التي أدت للتوتر في باحات المسجد الأقصى؟
- توماس فريدمان: نتنياهو أسوأ زعيم في التاريخ اليهودي
- مسلسل الست وهيبة.. ضجة في العراق ومطالب بوقفه بسبب-الإساءة ل ...
- إذا كان لطف الله يشمل جميع مخلوقاته.. فأين اللطف بأهل غزة؟ ش ...
- -بيحاولوا يزنقوك بأسئلة جانبية-.. باسم يوسف يتحدث عن تفاصيل ...
- عضو بمجلس الفتوى ببريطانيا يدعو مسلمي الغرب للتمسك بدينهم وب ...


المزيد.....

- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود
- فصول من فصلات التاريخ : الدول العلمانية والدين والإرهاب. / يوسف هشام محمد
- التجليات الأخلاقية في الفلسفة الكانطية: الواجب بوصفه قانونا ... / علي أسعد وطفة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاخر السلطان - الفردانية.. و-الربيع- العربي