أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ياسر جاسم قاسم - ديانة الخوف والديانة الاخلاقية- دراسة مقارنة















المزيد.....


ديانة الخوف والديانة الاخلاقية- دراسة مقارنة


ياسر جاسم قاسم
(Yaser Jasem Qasem)


الحوار المتمدن-العدد: 3649 - 2012 / 2 / 25 - 00:31
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


((التطور من ديانة الخوف إلى الديانة الأخلاقية هي الخطوة العظيمة في حياة الأمة ))
ألبرت اينشتاين

هنالك ديانتين في حياة الامم الانسانية متحكمتان بالامم كافة ولا يخلو منهما مجتمع من المجتمعات ...الاولى تتمثل بالديانة الأخلاقية والاخرى ديانة الخوف، واذا اردنا ان نستقرأ المسالة بشكل اخر يتضح لنا، ان الديانة الأخلاقية هي الديانة الانسانية التي تشترك بها الانسانية جمعاء، أي بعبارة اخرى ان الديانة الإنسانية التي تشترك فيها الامم جميعا لان يكون هنالك خلق انساني عظيم يجمع الجميع فالأخلاق الانسانية المشتركة تشكل الدين الاخلاقي او الديانة الاخلاقية ،فقيم الصدق والتسامح والاخلاص والايثار هي اخلاق نعمت بها الانسانية جمعاء في فترات واماكن متفاوتة عبر مسيرتها ،والديانة الاخلاقية تقع ضمن الرؤى الانسانية المجتمعة والتي توحد البشرية ،فقيمة الصدق كأخلاق هي قيمة اعتبارية انسانية بامتياز من غير الممكن ان تقبلها امة وترفضها اخرى ، والقبول يكون عالمي ايضا ،كذلك فان قيمة مثل الحب كقيمة اخلاقية هي دين للبشرية فمن خلاله يكون التواصل ومن خلاله يكون الحوار وتكون المعرفة وينتشر العلم ومن خلاله يعم السلام في العالم فالمجتمع الذي ينعم بالحب ينعم بالامن والسلام والطمأنينة وكل الاخلاق الرفيعة ،من هنا جاءت مقولة ابن عربي/
أُدين بدين الحب أنى توجهت
ركائبه فالحب ديني وايماني
فمن خلال الحب استطيع ان انفتح على الجميع وانعم بمحبتهم لاني ارسل اليهم رسل المحبة والسلام ،اذن الديانة الاخلاقية هي الديانة الانسانية التي تفرزها مشاعر الانسانية وحاجتها للصدق والمعرفة والاخلاص تقرر جميع هذه الحاجات ان تثبت الديانة الاخلاقية انها ديانة يشترك فيها الجميع في العالم.
اما ديانة الخوف القائمة على الرهبة والرغبة فهي الديانة المؤسساتية المنغلقة التي تخص فئة من الفئات او مجتمع من المجتمعات .
ديانة الخوف تقوم على مجموعة أسس سنعرض لها:
1- انها ديانة تعتمد على ترهيب الناس وتخويفهم بالنار والسلاسل والاغلال وذلك بغرض دعوتهم للصلاح والاخلاق او تستخدم الرغبة والتبشير بالجنان للتمسك بالاصلاح والاخلاق وكلا الامرين يقودان أي الترغيب والترهيب الى ان التمسك بالصلاح والاخلاق سيكون وقتي وسطحي وسرعان ما يضمحل بزوال المؤسسات الدينية الموجهه للترغيب والترهيب خطابها الى العالم فمجرد ان ينزل الواعظ من المنبر سرعان ما تنسى الناس ما قاله وترجع لسابق عهدها في وضعها الاخلاقي الاعتيادي.
2- انها ديانة تعتمد على سياسة التبشير وهذه السياسة تعتبر من الخطورة في مكان انها تسهم اسهامة كبيرة في انغلاق الفئات على بعضها فالفئة التي تبشر في مكان ما تعتمد على سياسة تخطئ الفئة المقابلة مما يجعل الفئتين منغلقتين مجتمعيا ومتحاربتين كذلك . وذلك بصورة غير مباشرة ،لان الحرب تكون داخلية وغير مرئية وكذلك فان سياسة التبشير تثير الاحقاد والضغائن اتجاه الفئات المتعايشة ضمن المجتمع نفسه.
3- اعتماد ديانة الخوف على الاستبداد في تبني خطابها والاستبداد ترعاه المؤسسة الدينية ،فالذي يختلف معها من الممكن ان يتعرض للقتل والتصفية والتهجير كذلك من مكانه ،فالاعتماد على الاستبداد يكون صورة واضحة عن ديانة الخوف وخنق الحريات هو الصورة الاساسية لممارسة نشر سياسة الخوف ضمن الديانة التي تتبناها .ان ديانة الخوف والاستبداد يمكن اعتبارهما صنوان لا يفترقان.
4- اعتماد ديانة الخوف على نهج التكفير ،فالاستبداد يقود الى منظومة التكفير فعملية الغاء الاخر وقتله تسبقها عملية تكفيره أي اخراجه من ديانة الخوف واعتباره ليس جزءا منها لانه "مخالف" فتقود هذه الفكرة الى عملية قتل الانسان وتشريده ،فلذلك بامكاننا ان نرسم مخططا لتراتب هذه العمليات وكالتالي:/

الاستبداد ــــــاحد اوجهه ــــــــــــــ التكفيرـــــيقود الى ـــــــــ الغاء الاخر ــــــيقود الى ـــــــــ القتل او التشريد.

شكل رقم -1-
كذلك فان عملية التكفير التي تقود الى الغاء الاخر وقتله تزداد كلما ازداد الاستبداد وكما في الشكل البياني التالي :



شكل رقم-2-

فالملاحظ للشكل البياني اعلاه انه كلما ازداد الاستبداد ازداد النهج التكفيري الى ان تصل الامور الى القمة في الغاء الاخر عبر قتله وتشريده بشكل تام، كما ان موضوع الاستبداد والتكفير المتلازمين ضمن علاقة طردية يشكل موضوع التسامح عبرهما ضربة قاصمة وكذلك موضوع الحريات فكلما ازدادت الحريات والتسامح قل الاستبداد وعند قلته يقل التكفير وكما في الشكل البياني التالي :




شكل رقم -3-

فعندما يكون الاستبداد في قمته كما في الشكل اعلاه يكون التسامح في قلته حسب الرسم البياني والعكس صحيح أي عندما يكون التسامح في قمته فالاستبداد في قلته كما هو ملاحظ وعند قلة الاستبداد سيقل النهج التكفيري وتقل عمليات القتل والتشريد وكما في الرسم البياني التالي:



شكل رقم -4-

فعندما يكون الاستبداد في قلته يكون التكفير في قلة الرسم ايضا والقتل سيقل كذلك وعمليات الغاء الاخر.
5- اعتماد ديانة الخوف على المكان لنشر ثقافتها فالمكان يكون عبر الجامع او الحسينية او الكنيسة او المعبد وغيرها وهذا مما لا تجده في الديانة الاخلاقية لان مكان الديانة الاخلاقية هو العالم باجمعه ولا يحدها سور او مكان كذلك فانها تعتمد على ازمنة معينة لنشر هذه الثقافات التي تنشرها ديانة الخوف فهي تنشر ثقافاتها في ازمان معينة واماكن متعددة ولكنها تركز على مناسبات دينية معينة في السنة لترسيخ ما تدعو اليه وتؤطره ضمن اطر القداسة.
6- ديانة الخوف تؤطرها ايديولوجيا النص وتحكمها حكما كبيرا ولا تستطيع ديانة الخوف التخلص منه ،بل هي تنطلق من النص وتسبر اغواره لتنطلق الى الفئة الموجهة اليها الافكار ،اما الديانة الاخلاقية فلا يحكمها نص بل تحكمها حاجات الناس ومشاعرهم وبصورة عامة حاجات البشرية عبر العصور والشكل التالي يبين ما ندعو اليه:




شكل رقم -5-
حيث يلاحظ من الشكل اعلاه ان ديانة الخوف تنطلق من النص لنشر افكارها الى المجتمع والافكار المستقاة من قبل المجتمع تمر بمرحلة اسميناها الرقابة وهي مرحلة كبيرة جدا تقوم بها مؤسسات المؤسسة الدينية المنتشرة في كل مكان في المجتمع وتقوم هذه المؤسسات بمراقبة الافكار وتطبيقها داخل المجتمعات في ضوء النص مرة أخرى فالنص هو محور الافكار التابعة لديانة الخوف بالتالي فان النص هو المحور الرئيس لديانة الخوف والذي تدور حوله ومعه.

7- اعتماد ديانة الخوف على المؤسسة الدينية التي تمتلك من الامكانات المادية والبشرية والمعنوية الشيء الكثير وتحيط نفسها بمفهوم القداسة بشكل كبير وتظهر للناس عبر الوسائل الاعلامية التي تحيط نفسها بها ولها من الامكانات المادية التي تأخذها من المجتمع تحت عناوين مختلفة لدفع عجلتها للامام لذلك نستطيع ان نقول ان المؤسسة الدينية تعتمد على العناصر التالية لديمومتها:
• العنصر المادي.
• العنصر البشري.
• العنصر التبشيري (وهو عنصر بشري)
• العنصر الترهيبي لجمع الاموال في بعض الاحيان والترغيبي في احيان اخرى .
• عنصر النص لدعم وجودها المعنوي.
• العنصر الاعلامي التثقيفي بوجودها..
• العنصر التقديسي :وهو من اهم العناصر فديانة الخوف يجب ان تكون مقدسة كي لا تناقش افكارها وتصرفاتها من قبل المجتمع ويتم الاعتراض على اخطاءها الفادحة التي تتسبب بوقوعها ضمن المجتمع الذي يحويها ومن هنا تنبع خطورتها .والان سنقوم بالمقارنة بين الديانتين الاخلاقية وديانة الخوف على ضوء ما جاء في ديانة الخوف في البحث اعلاه كما وتعتبر النقاط المقارنة التالية هي اهم النقاط التي تقوم عليها الديانة الاخلاقية بالاضافة الى نقطة الحب التي تكلمنا عنها فيما سبق في البحث:
1- لا تقوم الديانة الاخلاقية على ترهيب الناس او ترغيبهم فهي عالمية تخص العالم بأجمعه دون ارتباطها بفئة من الفئات ،في حين ان ديانة الخوف تقوم على الترهيب والترغيب كما مر بنا.
2- لا تقوم على سياسة التبشير فالانسانية كلها تبشر بها عبر التصرفات والحاجات والرؤى العالمية فالديانة الاخلاقية هي ديانة كونية بالتالي فهي تضمن التعايش بين المجتمعات بشكل كبير جدا.
3- لا تقوم الديانة الاخلاقية على الاستبداد بل تقوم على اسس التسامح والحوار وخطابها هو خطاب الانسانية جمعاء وليس خطابا له مقومات معينة والحرية تعتبر في قمة الديانة الاخلاقية .
4- عدم اعتمادها على التكفير بل هي تعنى كثيرا بالتفكير الانساني في المعاني التي تجمع البشر ولا تفرقهم ،بالتالي نستطيع ان نعيد الشكل رقم- 1-كالتالي:/

الحريات ــــــ احد اوجهها ــــــــــ التفكير ـــيقود الى ـــــ احتواء الاخرـــــــــــــيقود الى ـــــــــــ المحبة للجميع واحترام وقبول الجميع.

شكل رقم -6-

حيث يتبين من الشكل اعلاه العلاقة الكبيرة بين شياع الحريات والذي يقود بدوره الى التفكير الذي يمثل احد الاوجه الانسانية في اشاعة مفاهيم السلام من خلال التفكير في اليات التعايش والاخلاق الانسانية التي ينبغي ايجادها في العالم ،ثم يقود التفكير الى احتواء الاخر الذي يقود بدوره الى اشاعة المحبة للجميع والاحترام والقبول، كذلك فان عملية التفكير التي تقود الى احتواء الاخر تزداد كلما ازدادت الحريات وكما في الشكل البياني التالي:/












شكل رقم -7-

فالملاحظ للشكل البياني في اعلاه انه كلما ازدادت الحريات ازداد نهج التفكير إلى أن تصل الامور الى القمة في احتواء الاخر واشاعة مفاهيم التسامح والقبول والمحبة للجميع ،كما ان موضوع الحريات والتفكير المتلازمان ضمن علاقة طردية يشكل موضوع الاستبداد عبرهما ضربة قاصمة لهما وكذلك موضوع الاستبداد فكلما ازداد قلت الحريات والعكس صحيح وعند قلة الحريات يزداد الاستبداد وكما في الشكل البياني التالي:












شكل رقم -8-
وهو نفس الشكل البياني رقم -3-
5- عدم اعتماد الديانة الأخلاقية على المكان لنشر ثقافتها فالمكان لها هو الأرض جميعها والزمان هو كل الأزمان.
6- لا تعتمد الديانة الأخلاقية على نص يؤدلجها فهي تنطلق من المجتمع وتعود إليه والمراقب لها هو الإنسانية جميعها ،كما في الشكل التالي:

شكل رقم-9-
إذن تحكم الديانة الأخلاقية حاجات الناس ومشاعرهم، أي إن الديانة الأخلاقية تنطلق بصورة أدق من حاجات الناس ومشاعرهم.
بالنتيجة فان حاجات الناس ومشاعرهم هو المحور الاساسي المحرك للديانة الاخلاقية .
7- عدم اعتماد الديانة الاخلاقية على مؤسسة تنشر بياناتها وانما تعتمد على مؤسسة الانسانية جمعاء.
بالنتيجة فهي تعتمد على عنصر واحد فقط من العناصر السبعة التي اشرنا اليها فيما سبق. والتي تعتمد عليها ديانة الخوف والعنصر الذي تعتمد عليه الديانة الاخلاقية هو العنصر البشري.
وتبقى الديانتان اعلاه تتجاذبهما القوة البشرية وحسب رؤاها العامة فديانة الخوف يستفيد منها البعض في اشاعة ما يريد وتثبيت ما يحب ان يؤمن به الناس وفق منطلقات الرغبة والرهبة ،اما الديانة الاخلاقية فهي ذات الاساس الانساني الراسخ المضمونة رؤاه في سياق نشر ثقافة الفضيلة وسيادة المفاهيم الانسانية النابعة من مشاعر الناس تجاه بعضهم البعض.
اذا يتبين ان حاجات الناس ومشاعرهم تسهم في خلق الحضارة لان الدين الاخلاقي هو الحضارة والحضارة هي الاسهامات التي تساهم الناس عبرها وخلالها فبالتالي نستطيع ان نضع العناصر انفة الذكر كما في المعادلة التالية:

حاجات الناس + مشاعرهم= الدين الاخلاقي ــــــــيقود الى ـــــــــــــــ الحضارة الانسانية

كما لا يفوتنا ان نذكر ان المجتمعات البشرية جميعها لديها دين الخوف موجود ولكن بنسب متفاوتة فاوربا استطاعت ان تحصر تأثيره عن المجتمع والحياة العامة واعتمدت على الديانة الاخلاقية كثيرا ولكن ما زالت في المجتمعات الشرقية تعتمد كثيرا على ديانة الخوف... كما لا يمكن ان نغفل بعض التداخلات والمشتركات بين الديانة الاخلاقية وديانة الخوف فديانة الخوف تركز على بعض مفاهيم الانسانية المشتركة الاخلاقية كالصدق ولتسامح والاخلاق العامة ولكن الاساليب تختلف بالدعوة اليها فديانة الخوف تعتبر ان الذي يكذب ويخالف الصدق سيدخل النار وهو اسلوب ترهيبي او تستخدم اسلوب ترغيبي للحث على قيمها كما مر ، اما الديانة الاخلاقية فاسلوبها هو التطبيق العملي فينفرز ضمن المجتمع الشخص الكاذب وعقوبته الابتعاد عنه وعدم تصديقه اما الصادق فيتم التقرب اليه ليس فقط على مستويات الافراد بل حتى على المستوى الجماعي والدول ،كما علينا الانتباه لمسالة هامة تتعلق في ارادتنا في استنهاض الهمم الانسانية للتمسك بالديانة الاخلاقية والوقوف عندها وقوفا مباشرا كما علينا التركيز على المشتركات بين الديانة الاخلاقية وديانة الخوف وتحويل ديانة الخوف شيئا فشيئا إلى الديانة الأخلاقية بتخليصها من القيود والمؤسساتية التي تحيطها، ان تحويل ديانة الخوف إلى الديانة الأخلاقية هي مسالة صعبة للغاية وخطيرة في نفس الوقت وهذا التحويل يتطلب عدة أمور منها :
1- جهد فكري يقوم به المتمرسون في العمل الإصلاحي.
2- القيام بخطوات بطيئة وليس خطوات سريعة أي القيام بالتحويل التدريجي وليس التحويل السريع الذي لا يراعي أساسيات المجتمع الذي نتحرك فيه.
3- قراءة ديانة الخوف قراءة دقيقة ومعرفة أوجه الضعف ونقاط الضعف فيها ومحاولة الدخول من هذه النقاط واستغلالها لإجراء عملية التحويل المطلوبة.
4- وضع اهداف سريعة للتحرك نحوها وليس الشمولية في التفكير والتعميم أي إننا نريد أن نقوم بعملية التحويل بصورة عامة وليس بصورة تفصيلية للموضوع أي علينا ان نضع اهداف محددة والانتقال الى تحقيق هذه الأهداف بصورة تدريجية ومركزة .فمثلا عند محاولتنا إلغاء الأماكن التي تستعملها ديانة الخوف لنشر أفكارها كهدف نسعى إليه ليس من الممكن أن نأمر مباشرة بإلغاء هذه الأماكن وبصورة حالية فهذا سيفجر الوضع المجتمعي كثيرا علينا نحن كمصلحين ولكننا نستطيع ان نحيد هذه الأماكن ونجعلها غير قادرة على تسيير الناس ضمن الإيديولوجيات المبثوثة من خلالها ونبقي عليها ظاهرا مع إفراغها من محتواها الترهيبي والترغيبي ونجعل منها أماكن للديانة الأخلاقية وأماكن حب واحترام للجميع وتكون حالها حال أماكن الإنسانية جمعاء قادرة على نشر الحب من خلالها .ونبعد عنها التقديس.
5- القراءة السيكولوجية الدقيقة لأبناء المجتمع ومعرفة متطلباتهم بكل مرحلة من مراحل التحرك ،وهذا يتطلب استحضار المصطلح الذي ذكرناه في النقطة الأولى في أعلاه (المتمرسون في العمل الإصلاحي) ،وهذا المصطلح الذي نعتقد انه يستخدم للمرة الأولى من قبلنا والذي يتساءل سائل ويقول لماذا لم تستخدم مصطلح رجال الإصلاح بدلا عنه؟ والجواب:ان كلمة رجال الاصلاح هي كلمة عامة والرجال المصلحون اصحاب الفكر الاصلاحي يكون مشروعهم فكري بامتياز اولا وسريعي الطرح لافكارهم وهم لا ينفعون في عملية الاصلاح التدريبي ،في حين ان المتمرسين في العمل الاصلاحي هم الذين يستخدمون التدريج في العملية الاصلاحية ،وليس المباشرة والضربات القاصمة للمؤسسات الرجعية ،على الرغم من تأكيدنا ان ليس كل المصلحين يقومون بالعملية الاصلاحية بصورة سريعة بل ان بعضهم يقوم بالاصلاح التدريجي أي ان المتمرسين في العمل الاصلاحي هم جزء اساسي وكبير من رجال الاصلاح وليس فئة اخرى ،بعبارة اخرى ان رجال الاصلاح نستيطع تقسيمهم بالشكل التالي :



شكل رقم -10-

حيث يمتاز المباشرون بالسرعة وعدم تحقيق اهداف كبيرة واساسية بل حتى ان بعضهم قد يفقد حياته بسبب افكاره ورؤاه وخطواته السريعة للاصلاح.
اما الطائفة الثانية من رجال الاصلاح والذين اطلقنا عليهم المتمرسون :هم الذين يتدرجون في الاصلاح ويعطون نتائج طيبة خلال مدة ليست بالقليلة .
ان استغلال ديانة الخوف نفسها لتحويلها الى الديانة الاخلاقية أي بعبارة اخرى استغلال المنبر الخاص بها لضرب المؤسسة التي تقوم عليها ديانة الخوف من خلالها نفسها لكي لا يستهجن المجتمع عدم الاعتراف بالمؤسسات التقديسية التي تقوم عليها ديانة الخوف، فبمجرد الوجود داخل المؤسسة التابعة لديانة الخوف هو اعتراف ظاهري بشرعيتها ،وبالنتيجة انتاج خطاب تنويري من خلال المؤسسة الدينية نفسها والترويج لعلامات وصفات الديانة الاخلاقية وضرب المؤسسة التي تقوم عليها ديانة الخوف.
والان سنسأل سؤال :كيف نتدرج بالديانة الاخلاقية ضمن المجتمع لغرض زيادتها وماهي العوامل التي تساعد على تفشي ديانة الاخلاق كبديل لديانة الخوف .
وللجواب:
1- التربية :ويعتبر هذا العامل تدريجي لتطبيق الديانة الاخلاقية ومن العوامل الاساسية الكبيرة لانشاء جيل متربي على الديانة الاخلاقية حيث ان الاطفال هم الاساس لبناء المجتمع وفق منظومة التربية ،فاذا اردنا التكلم عن طريقة التربية،فيجب ان نوصل الاخلاق للاطفال دون استخدام السياسة الترغيبية او الترهيبية ،بل السياسة الانسانية التي تشمل الترغيب في بعض اوجهها ،والسياسة الانسانية يتم توصيل الاخلاق من خلالها عبر التعليم ونبذ سياسة الترهيب والترغيب المشبعة.
ومسالة التربية اساسية وضرورية لتاصيل المفاهيم الاخلاقية وليس تنفير الناس منها عبر ديانة الخوف.ولا ننسى في مسلك التربية الدور الذي يجب ان تؤديه المدرسة في عملية ايصال مفاهيم الديانة الاخلاقية وذلك عبر التدريب الذي يقوم به المعلم تجاه الطلبة ،وكذلك علينا معرفة نقطة اساسية الا وهي دور المجتمع المدني في اشاعة مفاهيم الديانة الاخلاقية وليس التركيز على الوثائق الاممية في حقوق الانسان وغيرها ،فهي وعلى الرغم من اهميتها واهمية اشاعتها في المجتمعات ومعرفة اليات تطبيقها ولكنها لا ترقى لمعرفة الاساليب التي تقوم عليها الديانة الاخلاقية ، كما يجب الاشارة الى نقطة اساسية تتعلق بمنظمات المجتمع المدني ودورها في اشاعة مفاهيم الديانة الاخلاقية فيجب على هذه المنظمات عدم اشاعة مفاهيم الديانة الاخلاقية ضمن مؤسسات والا لما فرقنا شيئا عن ديانة الخوف ،فسوف تتطور المسالة وتتحول الديانة الاخلاقية الى ديانة الخوف ،فلذلك علينا ان نعرف ان المنظمات المدنية سوف تحقق الديانة الاخلاقية ضمن المجتمع ضمن سياقات التحرك الانسانية وليست المؤسساتية والمنظماتية .

2- ان نسال انفسنا سؤال حول من الاسبق ديانة الخوف ام الديانة الاخلاقية؟
ان الديانة الاخلاقية سبقت وجود ديانة الخوف بل هي أي الديانة الاخلاقية وجدت مع وجود الانسان ،فعندما وجد الانسان وجدت معه الاخلاق التعاملية والتي ستطيع من خلالها ان يتعايش مع المجتمع وبدون هذه الاخلاق لا تستقر المجتمعات الانسانية بل تنهار وهنالك دليل على ذلك وهو قول الرسول محمد((انما بعثت لاتمم مكارم الاخلاق)) أي ان الاخلاق موجودة قبل دعوتي ولم أأتي بشيء جديد فيها بل جئت لاتممها واثبتها ، فالديانة الاخلاقية موجودة من قبل رسالة الاسلام بنص الرسول محمد وجاءت ديانة الخوف لتثبيتها واتمامها وعلينا ان نفرز الديانة الاخلاقية فرزا واضحا ووفق المفاهيم الاساسية للانسانية ، وعلينا معرفة انه كلما ازدادت الديانة الاخلاقية في مجتمع قلت ديانة الخوف فيه والعكس صحيح وكما في الشكل رقم 11 :
















شكل رقم -11-
فعندما تكون الديانة الاخلاقية في قمة سلم اولويات أي مجتمع نجد ديانة الخوف في قلتها ضمن ذلك المجتمع.والعكس صحيح.
3- الابداع او الخلق:
والابداع في احدى تعريفاته هو امكانية الربط بين مسالتين ،أي بين الديانة الاخلاقية وديانة الخوف وهنا فان اهمية الابداع تنطلق من كونه عمل ذاتي يقوم على /تخطي الحواجز والعقد والعقد الداخلية وهو حالة من التواصل الداخلي حيث تستطيع من خلال الابداع ان تكون صادق مع نفسك ومحاور مع الذات لتخطي التابوات والمحرمات في التفكير ويوظف الابداع العقلي لخدمة الهدف الذي نسعى اليه من ربط المسالتين لهدف اساسي وهو تغليب الديانة الاخلاقية على ديانة الخوف.وعندما نقول الربط بين الديناتين فاننا نقصد التركيز على النقاط المشتركة بينهما كما بينا.
4- ان نحدد معايير النجاح والفشل للعمل الذي نريد ان نعمله لتغليب الديانة الاخلاقية.
5- ضمن الابداع ان نحظر مجموعات العمل للتحرك في سبيل تغليب الديانة الاخلاقية على ديانة الخوف ،وهذه المجموعات يجب ان تكون غير صدامية وغير استفزازية للتحرك بين الناس تحرك سلمي وغير واضح المعالم بل تحرك ذاتي وغير منظم أي بعبارة اخرى غير مؤسسا له ،فاذا اصبحت المسالة مؤسسا لها ستؤدلج بالنهاية ،اذن الديانة الاخلاقية هي بالنتيجة تحركا انسانيا بامتياز وديانة الخوف تحركا ايديولوجيا بامتياز.




#ياسر_جاسم_قاسم (هاشتاغ)       Yaser_Jasem_Qasem#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- محي الدين بن عربي ونصر حامد ابو زيد........ العلاقة الفكرية ...
- الشريف الرضي بين عناد غزوان وعزيز السيد جاسم... دراسة مقارنة ...
- خطاب المرأة بين السلب والايجاب
- هل لدينا خطاب نواجه به الاخر
- خطاب المراة المستقل ضمان لتحقيق حريتها
- البريكان شاعر الانسانية بصمت
- التنوع الفكري لدى العلامة الدكتور علي الوردي
- النظرة الى الموروث والقدرة على التقدم
- هل قامت الاديان باختزال مفاهيم الانسانية
- لقاء مع الدكتورة نوال السعداوي
- اس وتراب ..... دلالات فنية ومسيرة شعرية قراءة في مجموعة احمد ...
- المجتمع بين الواقعية والرمزية دلالات اليوتوبيا في تجسيد الوا ...
- الفلسفة التربوية لمعاني الثورة وأسس التربية التاريخية في نظر ...
- العولمة ... الاتجاهات والمناهج الفكرية ج2 : سياسات العولمة و ...
- العولمة ..الاتجاهات والمناهج الفكرية
- اشكالية الشرق والغرب في الاتجاهات الفكرية
- العقل الايماني وارتباطه بمظاهر العنف
- هشام شرابي قراءة في نظرية البعث الاسلامي والاصولية
- الفكر النقدي الادبي
- الارهاب وتقاطعات الانسنة في المشاريع الحيوية


المزيد.....




- “عيد مجيد سعيد” .. موعد عيد القيامة 2024 ومظاهر احتفال المسي ...
- شاهد..المستوطنين يقتحمون الأقصى في ثالث أيام عيد -الفصح اليه ...
- الأردن يدين سماح شرطة الاحتلال الإسرائيلي للمستوطنين باقتحام ...
- طلاب يهود بجامعة كولومبيا: مظاهرات دعم فلسطين ليست معادية لل ...
- مصادر فلسطينية: أكثر من 900 مستعمر اقتحموا المسجد الأقصى في ...
- مئات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى تحت حراسة إسرائيلية مش ...
- سيبدأ تطبيقه اليوم.. الإفتاء المصرية تحسم الجدل حول التوقيت ...
- مئات المستوطنين يقتحمون باحات الأقصى في ثالث أيام عيد الفصح ...
- أوكرانيا: السلطات تتهم رجل دين رفيع المستوى بالتجسس لصالح مو ...
- “خليهم يتعلموا ويغنوا ” نزل تردد قناة طيور الجنة للأطفال وأم ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ياسر جاسم قاسم - ديانة الخوف والديانة الاخلاقية- دراسة مقارنة