أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامى لبيب - الأديان بشرية الهوى والهوية -خيالات إنسان قديم (3)















المزيد.....


الأديان بشرية الهوى والهوية -خيالات إنسان قديم (3)


سامى لبيب

الحوار المتمدن-العدد: 3647 - 2012 / 2 / 23 - 11:33
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


الأديان والمعتقدات تاريخ وعى الإنسان مسطراً فكره ورؤيته وتعاطيه مع الحياة والوجود , ولكنها ليست ذات رؤية تأملية وكتابات فلسفية تعنى بتقديم فكراً مجرداً كما فى فلسفات افلاطون وسقراط وابيقور بل هى معنية وغارقة حتى أذنيها فى إقتحام المشهد الحياتى بتفاصيله وحيويته من خلال رسم أطر وأنساق إجتماعية للجماعة البشرية ترمى لتقديم نظام وتشريع قبل أن تعنى بالفكر الخالص , لذا لم تخلو الأديان والمعتقدات من ترجمة رؤى وأفكار ومصالح نخب وطبقات مهيمنة لصياغة نظام ونسق يُراد له أن يتحقق حاملاً فى أحشائه مشاريع سياسية وإجتماعية محددة تتطلب أن تتواجد , فصاغ مبدعيها من كهنه وأنبياء تلك الرغبات من خلال النص ودثروه بالمقدس حتى يكون له الإحترام والقوة والتأثير , لذا عندما نمر على النصوص والسرد الديني سنجده غارقاً فى واقعه بكل ملامحه وصوره وغاياته معبراً عن فكر وسلوك ومنهجية إنسان ذلك الزمان .

لم تغفل الأديان محاولات الإجابة على فضول وأسئلة الإنسان المعرفى لتقدم لنا رؤية الإنسان القديم عن الطبيعة وكيف كانت نظرته ورؤيته للوجود فى ظل أدوات معرفية محدودة وقاصرة أو بالأحرى شبه معدومة لينتج منها رؤى وتصورات بعيدة كل البعد عن الحقيقة لتؤكد بشرية النص الذى أراده البعض مقدسا ً ناطقا ً عن فكرة كيان ميتافزيقى خالق الوجود والطبيعة .
الإنسان القديم له كل العذر والمبررات فى تصوراته المغلوطة عن الطبيعة والحياة والوجود ولكن هل للإنسان المعاصر العذر أيضا فى أن يتبنى ويحتفظ بالنصوص القديمة التى تتصادم مع معارفه ويقينه أم أنه يقبلها تحت تأثير حالة عاطفية وإنتماء وجدانى يجد راحته فى إحتضانها بالرغم مما تحمله من وهن وهراء .. هل يمكن القول أنها الرغبة فى الإبتعاد عن شك لا يمكن إحتماله أوخوف الرجوع للمربع الأول .
سنتطرق فى هذا الجزء من سلسلة " الأديان بشرية الهوى والهوية " إلى رؤية الإنسان القديم لبعض الظواهر الطبيعية وكيف فسرها وفقا لعجزه المعرفى .

كيف نظر الإنسان القديم للسماء
فى الكتاب المقدس حيث الميثولوجيا الأم للأديان الإبراهيمية نجد تصور بأن السماء لها أعمدة تحملها .. (من زجر الله ترتعش أعمدة السماء وترتعد من تقريعه، بقوته يهدئ هيجان البحر وبحكمته يسحق رهب :أيوب26:11) -- "اعمدة السموات ترتعد وترتاع من زجره." ( ايوب 11:26 )
نحن هنا امام رؤية بأن السماء بمثابة سقف أو قبة محمولة على أعمدة فهكذا تُنبئنا النصوص !! ..ولكن لا يمكن أن نعتبر أن اسطورة السماء المحمولة على أعمدة هو حق ملكية فكرية مسجلة للكتاب المقدس فقد سبقتها ملحمة جلجامش حيت تحكى الأسطورة عن جلجامش الذى كان يبحث عن الحياة الابدية فذهب برحلة طويلة الي السماء واثناء رحلتة وصل الي سلسلة جبال Mashu ليرتقى الي قبة السماء وينظر الي الجبل كأنة عمود تتكئ عليه السماء .

كما نجد في الأسطورة الصينية أن السماء مشيدة أيضا على أعمدة , فلقد اعتقدوا أن الأرض مربعة, ترتفع من زوايا رأسها عمود تستند عليه السماء .. أما السماء فشكلها دائري ومحورها هو كوكب الشمال, تدور حوله السماء وبقية الكواكب والنجوم... وفى يوم ما كادت السماء أن تقع وتهوى,لتغضب المسخ الوحشية كونج كونج كثيرا لأنها لم تنجح في السيطرة على الكون لتسارع بالهجوم على العمود الشمالي الغربي الذي استندت عليه السماء ليهتز ويرتعد هذا العمود في كل الإتجاهات دون أن ينهار.. ثم تغوص السماء بسبب اهتزاز العمود, أما الأرض فقد مالت ومادت الى الجوانب وكذلك تحركت الشمس والنجوم , ومنذ ذلك الحين تدفقت أنهار الصين الكبيرة في الإتجاه الشمالي الغربي .
نلاحظ توافق الأسطورة التوراتية مع ملحمية جلجامش والأسطورة الصينية فى نفس التصور بوجود أعمدة ترفع السماء بل نجد تقارباً فى الصورة المتخيلة من إهتزاز الأعمدة من غضب الإله يهوه فى النسخة التوراتية والمسخ الوحشى كونج فى النسخة الصينية .

الرؤية القرآنية عن الأعمدة الحاملة للسماء لا تختلف عما ورد فى الأساطير السابقة بالرغم من الإعتقاد الخاطئ والشائع لدى الكثيرين بعدم وجود أعمدة , ظناً منهم بأن القرآن يقدم صورة مغايرة عما سبقه من أساطير بالقول بأن الله رفع السموات بغير عمد ولكن لم يفطن المروجين لهذه المقولة إلى تكملة قراءة آية سورة لقمان " خلق السماوات بغير عمد ترونها‏ " وكما فى سورة الرعد أيضا : الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا" .. لنجد السماء مرفوعة أيضا على أعمدة شأنها شأن الأساطير السابقة ولكنها تتميز بأنها غير مرئية فلا يستطيع البشر رؤيتها .

نحن هنا أمام نصوص بشرية لحماً ودماً تُعبر عن رؤية إنسان قديم للسماء يراها محمولة على أعمدة سواء أكانت مرئية أو غير مرئية , لذا لن نبذل جهدا كثيرا عندما نحاول أن نتلمس تضاريس وعى الإنسان فى نظرته للسماء , فتخيل من خلال مشاهداته أنها بمثابة سقف أو قبة ذات سماكة معينة تعلو الأرض تأخذ شكل نصف كرة مُرصعة بالشمس والنجوم كمصابيح , وتكون قاعدتها الأرض المنبسطة لتنتهى أطراف السماء عند حدود دائرة الأرض , ويتولى الإله رفعها على أعمدة سواء مرئية أو غير مرئية حتى لا يقع السقف على الأرض فهكذا كانت تصوراته للأرض و مشهد السماء , فهى سقف أزرق ومع الأفق يعطى النهاية لها , و لم يخطر على باله بالطبع أن الارض جرم سماوى له شكل كروى يسبح فى السماء التى هى عبارة عن غلاف جوى يبدأ بعده فضاء كونى رهيب من السديم يحوى ملايين المجرات والنجوم .

ستؤكد الكثير من النصوص الطرح السابق عن تصور وفكر إنساننا القديم للسماء فهى سقف " وجعلنا السماء سقفا محفوظا وهم عن آياتها معرضون‏.‏"(‏الأنبياء‏:32 ) هنا السماء ليست فراغ كونى كما نفهم بل سقف يُخشى وقوعه على الأرض .. " ويمسك السماء أن تقع علي الأرض إلا بإذنه إن الله بالناس لرءوف رحيم "(‏الحج‏:65)‏ -- " أنتم أشد خلقا أم السماء بناها رفع سمكها فسواها "(‏النازعات‏:28,27)" والسقف المرفوع"(‏الطور‏:5)‏-- " والسماء رفعها ووضع الميزان "(‏ الرحمن‏:7)‏ -- "أفلا ينظرون إلي الابل كيف خلقت وإلي السماء كيف رفعت " (‏ الغاشية‏:18,17)‏ -- " والسماء ومابناها "(‏الشمس‏).

هكذا هى رؤية إنساننا القديم للسماء كبلورة على شكل نصف كرة أو يمكن تشبيهها بالصالات الرياضية المغطاة حيث السقف الذى يحوى كشافات هى بمثابة النجوم (وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ) فصلت: 12- لينتهى السقف عند أطراف أرضية الإستاد التى بمثابة حواف الأرض التى يراها مسطحة وليست كروية , فهكذا رأى الإنسان القديم السماء والأرض ولم يخطر على باله أن ما نطلق عليه سماء إنما هى مجموعة من الأغلفة الجوية المحتوية على غازات لن تكون بحاجة لأعمدة ليبدأ بعدها الفراغ الكونى الذى يحوى ملايين المجرات ومليارات من النجوم السابحة فى الفضاء اللانهائى لتصبح فكرة السقف رؤية ساذجة , والأعمدة التى تحملها سواء مرئية أو غير مرئية أكثر سذاجة وبلا معنى , ولكن علينا أن لا نعاتب فكر انسان قديم هكذا كانت وعيه ومعارفه.

تأكيدا للتصور السابق سنجد رؤية الإنسان القديم للشمس بأنها مجرد قرص منير فى القبة السمائية مثلها مثل كشافات الإنارة فى أسقف الصالات الرياضية المغطاة ولكنها تتحرك على سطح السقف مُنتجة الشروق والغروب ويمكن الإستدلال على ذلك من حادثة يشوع بالكتاب المقدس
11وَبَيْنَمَا هُمْ هَارِبُونَ مِنْ أَمَامِ إِسْرَائِيلَ وَهُمْ فِي مُنْحَدَرِ بَيْتِ حُورُونَ، رَمَاهُمُ الرَّبُّ بِحِجَارَةٍ عَظِيمَةٍ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى عَزِيقَةَ فَمَاتُوا. وَالَّذِينَ مَاتُوا بِحِجَارَةِ الْبَرَدِ هُمْ أَكْثَرُ مِنَ الَّذِينَ قَتَلَهُمْ بَنُو إِسْرَائِيلَ بِالسَّيْفِ.
12 حِينَئِذٍ كَلَّمَ يَشُوعُ الرَّبَّ، يَوْمَ أَسْلَمَ الرَّبُّ الأَمُورِيِّينَ أَمَامَ بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَقَالَ أَمَامَ عُيُونِ إِسْرَائِيلَ: «يَا شَمْسُ دُومِي عَلَى جِبْعُونَ، وَيَا قَمَرُ عَلَى وَادِي أَيَّلُونَ».
13 فَدَامَتِ الشَّمْسُ وَوَقَفَ الْقَمَرُ حَتَّى انْتَقَمَ الشَّعْبُ مِنْ أَعْدَائِهِ. أَلَيْسَ هذَا مَكْتُوبًا فِي سِفْرِ يَاشَرَ؟ فَوَقَفَتِ الشَّمْسُ فِي كَبِدِ السَّمَاءِ وَلَمْ تَعْجَلْ لِلْغُرُوبِ نَحْوَ يَوْمٍ كَامِل.
14 وَلَمْ يَكُنْ مِثْلُ ذلِكَ الْيَوْمِ قَبْلَهُ وَلاَ بَعْدَهُ سَمِعَ فِيهِ الرَّبُّ صَوْتَ إِنْسَانٍ، لأَنَّ الرَّبَّ حَارَبَ عَنْ إِسْرَائِيلَ.: سفر يشوع الإصحاح العاشر ( 12 – 14

عندما نقرأ هذا الحادث فى سفر يشوع سنحظى بالكثير لنتأمله فنحن أمام نبى مارس طوال تاريخه مذابح بشعة لينتقل من مذبحة لأخرى برشاقة غريبة وبدم بارد وقلب لا يدرك أى معنى للرحمة , كما لن نجد طوال سفره أى عبارة أو مفردة تنبئ بأننا أمام فصلا ً دينيا مقدسا ً يقدم قيمة إنسانية , فلا تزيد سيرته عن أى دموى بل تتضاءل أمامه سيرة هولاكو .. سنعجز بالفعل عن فهم ما سر هذه الوحشية وكيف يمكن أن تُبرر لرجل يوصف بأن له علاقة بالسماء , وللإنصاف فهو ليس الوحيد فى هذا المضمار فكل المقاتلين على مر العصور لهم علاقة حميمية مع الله .!

سنهتم بإلقاء الضوء على مشهد الشمس التى أوقفها الله فى كبد السماء وسننصرف عن هذه المذبحة والهمجية البشعة التى تم إيقاف الشمس خصيصاً لبنى إسرائيل حتى يقيموا بممارسة همجيتهم كما لن يعنينا مشهد إنتفاضة الحجارة التى ألقاها الرب من سماءه على الأعداء !! .. فما يعنينا هو تلك المخالفة الصارخة والتى تُنبأ ببشرية النص فلن يسعفها أى تبرير , فلو كان هذا الحدث منسوب لفكرة الإله فكان حريا للتخلص من هذا المأزق أن يوقف الرب الأرض عن الدوران وحينها سنقول أن هذا إعجاز ..أما إذا كان يراعى محدودية وعى إنسان هذا الزمان كما يمكن أن يُساق من تبريرات واهية فهل النصوص المقدسة تُسطر من أجل موائمة تخلف وعى إنسان هذا الزمان أو ذاك أم تخاطب البشرية جمعاء على مدار الزمان والمكان .. وألم يكن من الأفضل أن يكون النص غير محدد بهذه الصورة المتصادمة مع العلم , فكان حرياً أن يَدعى مثلا ً بأن الرب أمد ساعات النهار حتى يكمل العبرانيون قتالهم , وليفهم كل عصر بإدراكه مفهوم إمتداد ساعات النهار , ولكن مُسطر القصة تحدث بعفوية ويقين وفق مستوى إدراكه ومعارفه وبوضوح وبلا مواربة .

الطريف أن التراث الإسلامى يأبى أن يترك قصة خرافية دون أن يوثقها ويعتمدها ليتبناها بالرغم أنها ليست من تراثه الأصيل وكأنه لايريد أن يترك الملعب منفردا ً للتراث العبرانى !! ..فنجد عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " غزا نبي من الأنبياء فقال لقومه لا يتبعني رجل ملك بضع امرأة وهو يريد أن يبني بها ولما لم يبن بها ولا أحد بنا بيوتا ولم يرفع سقوفها ولا آخر اشترى غنما أو خلفات وهو ينتظر ولادتها. فغزا فدنى من القرية حين صلاة العصر أو قريبا من ذلك. فقال للشمس إنك مأمورة وأنا مأمور. اللهم احبسها علينا، فحبست حتى فتح الله عليهم..."رواه البخاري كتاب الخمس الحديث 3124- رواه مسلم كتاب الجهاد الحديث 4653
وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن الشمس لم تحبس لبشر إلا ليوشع ليالي سار إلى بيت المقدس..." رواه أحمد المجلد الثاني الحديث 7964

فكرة الشمس المثبتة فى قبة السماء لتتحرك فتعطى الشروق والغروب نجدها فى التراث الإسلامى أيضا مؤكدة فى عدة مواضع ففى سورة الكهف " وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْرًا * إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا * فَأَتْبَعَ سَبَبًا * حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ " [الكهف: 83 - 86].
هذه الآية تطرح غروب الشمس فى عين حمئة ويمكن تفسير هذا المشهد برؤية الإنسان لمشهد الشمس عند غروبها مع أفق ممتد فى المحيط .. ولكن هناك من يبرر هذه الآية بأنها معنية بتصدير رؤية وتخيل ذى القرنين لمشهد الغروب فبدا له المشهد هكذا , وأن هذا لا يعنى إقرار القرآن بغروب الشمس فى عين حمئة ... فى الحقيقة هذا تبرير مُقنع من سياق الآية اللغوى ولكن نبى الإسلام يقر فى حديث رواه ابو داود و احمد و الحاكم بأن الشمس تغرب فى عين حمئة {حدثنا ‏ ‏عثمان بن أبي شيبة ‏ ‏وعبيد الله بن عمر بن ميسرة ‏ ‏المعنى ‏ ‏قالا حدثنا ‏ ‏يزيد بن هارون ‏ ‏عن ‏ ‏سفيان بن حسين ‏ ‏عن ‏ ‏الحكم بن عتيبة ‏ ‏عن ‏ ‏إبراهيم التيمي ‏ ‏عن ‏ ‏أبيه ‏ ‏عن ‏ ‏أبي ذر ‏ ‏قال ‏: كنت ‏ ‏رديف ‏ ‏رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏وهو على حمار والشمس عند غروبها فقال هل تدري أين تغرب هذه قلت الله ورسوله أعلم قال ‏ ‏فإنها تغرب في عين حامية تنطلق حتى تخر ساجدة لربها تحت العرش ، فإذا حان وقت خروجها أذن لها فتخرج فتطلع فإذا أراد الله أن يطلعها من حيث تغرب حبسها ، فتقول يارب إن مسيري بعيد فيقول لها اطلعى من حيث غبت} رواه ابو داود و احمد و الحاكم

إذاً الحديث يؤكد نفس رؤية ذى القرنين بأن الشمس تغرب فى عين حمئة .. ولكن هل لنا أن نثير منطقية ومعنى أن يهتم القرآن برؤية وتخيل ذى القرنين المغلوطة بتصوره أن الشمس تغرب فى عين حمئة ؟!.. فما المعنى والمغزى والحكمة فى تصدير رؤية مغلوطة لذى القرنين , وألم يكن حريا به أن يطرح الرؤية الصحيحة بدلا من سرد أوهام وخزعبلات ذى القرنين !! .. ثم ماهو موقف حديث النبى من الإعراب .؟!

إذا كنا قد أوردنا الآية السابقة وما فيها من ملابسات فيكون الهدف الرئيسى هو التعاطى مع فكرة غروب الشمس فهل الشمس تغرب ؟! .. النص القرآنى لا يتركنا بدون أن يمدنا بالمزيد " وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ " لتؤكد أن الشمس فى حالة حركة بالنسبة للأرض ويفسرها لنا نبى الإسلام بقوله : يا أبا ذر أتدري ما مستقرها؟ فقال أبو ذر : الله ورسوله أعلم ، قال صلى الله عليه وسلم : "مستقرها أنها تسجد تحت عرش ربها عز وجل ذاهبة وآيبة بأمره سبحانه وتعالى "

الآيات القرانية واضحة ولا تحتاج للتفسير ولكن المؤمنين يحتاجون دوما لأقوال الفقهاء والعلماء لذا يمكن أن نسجل تفسير الشيخ العثيمين فى هذه الأمور وتوثيقه لها , لتجد نفسك وصلت لذات التفسير الأول ولكن مدعما بآيات أخرى وبدلالات منطقية لا غبار عليها .!!
سؤال للعثيمين : عن دوران الأرض ؟ ودوران الشمس حول الأرض ؟ وما توجيهكم لمن أسند إليه تدريس مادة الجغرافيا وفيها أن تعاقب الليل والنهار بسبب دوران الأرض حول الشمس؟
فأجاب بقوله : خلاصة رأينا حول دوران الأرض أنه من الأمور التي لم يرد فيها نفي ولا إثبات لا في الكتاب ولا في السنة، وذلك لأن قوله تعالى : (وألقى في الأرض رواسي أن تميد بكم ) . ليس بصريح في دورانها، وإن كان بعض الناس قد استدل بها عليه محتجاً بأن قوله : ( أن تميد بكم ). يدل على أن للأرض حركة ، لولا هذه الرواسي لاضطربت بمن عليها فقوله: ( الله الذي جعل لكم الأرض قراراً ) . ليس بصريح في انتفاء دورانها، لأنها إذا كانت محفوظة من الميدان في دورانها بما ألقى الله فيها من الرواسي صارت قراراً وإن كانت تدور.
ويكمل الشيخ العثيمين : أما رأينا حول دوران الشمس على الأرض الذي يحصل به تعاقب الليل والنهار، فإننا مستمسكون بظاهر الكتاب والسنة من أن الشمس تدور على الأرض دوراناً يحصل به تعاقب الليل والنهار، حتى يقوم دليل قطعي يكون لنا حجة بصرف ظاهر الكتاب والسنة إليه .. لذا فالواجب على المؤمن أن يستمسك بظاهر القرآن الكريم والسنة في هذه الأمور وغيرها.!!

ثم يؤكد الشيخ العثيمين هذا الطرح : من الأدلة على أن الشمس تدور على الأرض دوراناً يحصل به تعاقب الليل والنهار:
- قال تعالى : ( وترى الشمس إذا طلعت تزاور عن كهفهم ذات اليمين وإذا غربت تقرضهم ذات الشمال ). فهذه أربعة أفعال أسندت إلى الشمس ( طلعت )، ( تزاور)، (غربت) ,(تقرضهم ). ولو كان تعاقب الليل والنهار بدوران الأرض لقال: وترى الشمس إذا تبين سطح الأرض إليها تزاور كهفهم عنها أو نحو ذلك، وثبت عن النبي صلي الله عليه وسلم أنه قال:لأبي ذر حين غربت الشمس: " أتدري أين تذهب؟" فقال: الله ورسوله أعلم . قال: "فإنها تذهب وتسجد تحت العرش وتستأذن فيؤذن لها، وإنها تستأذن فلا يؤذن لها ويقال :: ارجعي من حيث جئت ، فتطلع من مغربها " ففي هذا إسناد الذهاب والرجوع والطلوع إليها وهو ظاهر في أن الليل والنهار يكون بدوران الشمس على الأرض .. كما جعل الازورار والقرض من الشمس وهو دليل على أن الحركة منها ولو كانت من الأرض لقال : يزاور كهفهم عنها، كما أن إضافة الطلوع والغروب إلى الشمس يدل على أنها هي التي تدور وإن كانت دلالتها أقل من دلالة قوله: (تزاور )، ( تقرضهم ).

مازال شيخنا يمنحنا المزيد من الحجج المستندة على أيات ونصوص واضحة بأن الشمس تدور حول الأرض فيقول :
- قال الله تعالى عن إبراهيم في محاجته لمن حاجه في ربه : ( فإن الله يأتي بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب). فكون الشمس يؤتى بها من المشرق دليل ظاهر على أنها التي تدور على الأرض.
- وقال أيضاً عن إبراهيم : ( فلما رأى الشمس بازغة قال هذا ربي هذا أكبر فلما أفلت قال : يا قوم إني بريء مما تشركون). فجعل الأفول من الشمس لا عنها ولو كانت الأرض التي تدور لقال : " فلما أفل عنها".
- وقال تعالى : ( وهو الذي خلق الليل والنهار والشمس والقمر كل في فلك يسبحون ) وقال ابن عباس رضي الله عنه: يدورون في فلكة كفلكة المغزل . اشتهر ذلك عنه.
- وقال تعالى : (يغشي الليل النهار يطلبه حثيثاً ). فجعل الليل طالباً للنهار، والطالب مندفع لاحق، ومن المعلوم أن الليل والنهار تابعان للشمس. .. ثم يختتم شيخنا بقوله : لمن أسند إليه تدريس مادة الجغرافيا عليه أن يبين للطلبة أن القرآن الكريم والسنة كلاهما يدل بظاهره على أن تعاقب الليل والنهار، إنما يكون بدوران الشمس على الأرض لا بالعكس.

بعد هذا الزخم من الآيات والنصوص نتحسس بدقة رؤية الإنسان القديم فى مواضع عدة بأن السماء ماهى إلا سقف أو قبة يرفعها الإله بواسطة أعمدة مرئية أو غير مرئية حاملة السقف الذى يحوى النجوم والشمس التى تتحرك على سطح القبة منتجة الشروق والغرب ولا مانع أن تغرب فى عين حمئة أو تسجد تحت العرش أو يوقفها الإله فى السماء .. وهنا لا معنى لكروية الأرض ودورانها حول محورها وحول الشمس فهذا الهراء بعينه عند أصحاب الإيمان والإعجاز فستتولى الشمس مهمة دورانها حول الأرض .!!

لا تخلو النصوص من براءتها وسذاجتها فهى جاءت بعفوية شديدة دون أن تتعمد أن ترتدى ثوبا ً ليس ثوبها فصورها ومشاهدها من واقعها المعرفى الضحل , بل عبرت بصدق وشفافية عن المستوى المعرفى والفكرى لإنسان ذلك الزمان بدون أى مواربة أو تحفظ , لكن الإشكالية هى من إعتبر رؤية وخيال ووعى إنسان قديم نصوصاً مقدسة بينما هى رؤية بشرية لحماً ودماً .

دمتم بخير.
"من كل حسب طاقته لكل حسب حاجته " - حلم الإنسانية القادم فى عالم متحرر من الأنانية والظلم والجشع .

- كتابى الأخير " تأملات عقل فى الوجود والإنسان والإله "
http://www.4shared.com/office/bAHw96VE/_____.html



#سامى_لبيب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ثقافتنا ومعارفنا البائسة بين التلقين والقولبة - لماذا نحن مت ...
- حكمت المحكمة - يُقتل المسلم بكافر ! (4)
- عذراً لا أريد أن أكون إلهاً - خربشة عقل على جدران الخرافة وا ...
- مَخدعون و مُخادعون - كيف يؤمنون ولماذا يعتقدون (18)
- حصاد عام على إنتفاضة المصريين فى 25 يناير
- زيف الفكر وإزدواجية السلوك وإختلال المعايير - لماذا نحن متخل ...
- ثقافة وروح العبودية - لماذا نحن متخلفون (1)
- الأديان بشرية الهوى والهوية -نحن نتجاوز الآلهة وتشريعاتها (2 ...
- قطرة الماء تتساقط فتسقط معها أوهامنا الكبيرة - خربشة عقل على ...
- الأخلاق والسلوك ما بين الغاية ووهم المقدس - لماذا يؤمنون وكي ...
- نحن نخلق آلهتنا ونمنحها صفاتنا -خربشة عقل على جدران الخرافة ...
- الحجاب بين الوهم والزيف والخداع والقهر - الدين عندما ينتهك إ ...
- هل هو شعب باع ثورته ويبحث عن جلاديه أم هو اليُتم السياسى .. ...
- مراجعة لدور اليسار فى الثورات العربية ونظرة إستشرافية مأمولة
- مشاركة القوى اليسارية والنقابات العمالية والاتحادات الجماهير ...
- فى داخل كل منا ملحد !..إنه الشك يا حبيبى - لماذا يؤمنون وكيف ...
- الثورة الناعمة عرفت طريقها .. شعب سيصنع ثورته من مخاض الألم
- تثبيت المشاهد والمواقف - الدين عندما ينتهك إنسانيتنا (32)
- تحريف الكتب ما بين رغبة السياسى والإخفاق الإلهى - تديين السي ...
- المؤلفة قلوبهم بين الفعل السياسى والأداء الإلهى - تديين السي ...


المزيد.....




- ماذا نعرف عن قوات الفجر الإسلامية في لبنان؟
- استمتع بأغاني رمضان.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 على ا ...
- -إصبع التوحيد رمز لوحدانية الله وتفرده-.. روديغر مدافع ريال ...
- لولو فاطرة في  رمضان.. نزل تردد قناة وناسة Wanasah TV واتفرج ...
- مصر.. الإفتاء تعلن موعد تحري هلال عيد الفطر
- أغلق باب بعد تحويل القبلة.. هكذا تطورت أبواب المسجد النبوي م ...
- -كان سهران عندي-.. نجوى كرم تثير الجدل بـ-رؤيتها- المسيح 13 ...
- موعد وقيمة زكاة الفطر لعام 2024 وفقًا لتصريحات دار الإفتاء ا ...
- أسئلة عن الدين اليهودي ودعم إسرائيل في اختبار الجنسية الألما ...
- الأحزاب الدينية تهدد بالانسحاب من ائتلاف نتنياهو بسبب قانون ...


المزيد.....

- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود
- فصول من فصلات التاريخ : الدول العلمانية والدين والإرهاب. / يوسف هشام محمد


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامى لبيب - الأديان بشرية الهوى والهوية -خيالات إنسان قديم (3)