أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علاء اللامي - «المجلس الأعلى» للمياه هل ينقذ الرافدين من الزوال؟















المزيد.....

«المجلس الأعلى» للمياه هل ينقذ الرافدين من الزوال؟


علاء اللامي

الحوار المتمدن-العدد: 3646 - 2012 / 2 / 22 - 22:16
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


أعلن قبل أيام في بغداد، تأسيس «المجلس الوطني الأعلى للمياه»، وقد أُنيط مباشرةً برئيس الوزراء نوري المالكي، مع عضوية عدد من الوزراء ورؤساء الهيئات الحكومية الأخرى وممثل عن إقليم كردستان العراق. يأتي تأسيس هذا المجلس في وقت تفاقمت فيه مشكلة مياه نهري دجلة والفرات، وأصبحت تهدِّد بالتحوُّل إلى كارثة وطنية وبيئية بدأت تجلياتها بالظهور
منذ فترة ليست بقصيرة، تحذّر منظمات دولية عديدة من أنّ العراق سيفقد نصف مياه أنهاره خلال السنوات الثلاث المقبلة، بسبب شبكة السدود التركية العملاقة على نهري دجلة والفرات، وأيضاً بسبب المشاريع الإيرانية لتحويل مياه عدد كبير من روافد نهري دجلة وشط العرب إلى الداخل الإيراني وقطعها عن العراق. من جهتها، تنوي سوريا البدء بتنفيذ مشروع ضخم، بتمويل كويتي، لسحب كميات كبيرة من مياه دجلة وتوجيهها إلى العمق السوري.
أخطر تحذير في هذا الصدد جاء من «منظمة المياه الأوروبية» على شكل تقرير، وكان يُتَوَقَع أن يكون له وَقْع الصاعقة في العراق، لكنه مرَّ مرور الكرام على الرسميين وغير الرسميين. التقرير الأوروبي أفاد بأنّ «جفاف نهر دجلة وتلاشيه بالكامل سيحل في العام 2040، إذ يفقد النهر سنوياً ما يعادل 33 مليار متر مكعب من مياهه، بسبب السياسة المائية الحالية التي تتبعها تركيا، بالتالي فإنّ العراق، في حال عدم تمكنه من إبرام اتفاقات دولية تضمن حصصه المائية بشكل كامل، مقبل على كارثة حقيقية».
مصدر مسؤول في وزارة الموارد المائية، أكد وجود هذا التقرير الخطير، وأشار إلى أن الجهة التي أعدّته هي «المنظمة الدولية للبحوث». وتابع المسؤول العراقي أن التقرير «تحدث عن تناقص حاد في الحصص المائية الواصلة ضمن حوض نهر الفرات أيضاً»، منوهاً إلى أنّ «الواردات النهائية للنهر لن تكفي لتغطية الاحتياجات، الأمر الذي يؤدي إلى خسارة العراق موارد النهر بالكامل».
إنّ إلقاء نظرة على الفقرة التالية من تقرير رسمي آخر، منشور على الموقع الالكتروني لزعيم قائمة «العراقية» إياد علاوي، يعطي فكرة عن حجم الاستهتار التركي ودوسه على الحقوق المائية للعراق، وعلى تقاليد حسن الجوار بين البلدان الإسلامية. ويقول التقرير إن «إيراد العراق من المياه لغاية عام 1990 وصل إلى قرابة 45 مليار متر مكعب لكلا النهرين، دجلة والفرات، وما أنْ استكملت تركيا بناء 6 سدود أكبرها سد أتاتورك كجزء من مشروع إحياء شرق الأناضول (الغاب) المؤلف من 21 سداً، منها 17 سداً تقام على نهر الفرات و4 سدود على نهر دجلة، حتى انخفضت إيرادات النهرين إلى 28 مليار مكعب سنوياً». ويتابع أنه «في عام 1998، كانت مساحة الأراضي الزراعية في العراق التي تصلها مياه الري تبلغ 5,9 ملايين دونم، ولكنها انخفضت إلى400 ألف دونم فقط في عام 2009». مراقبون تساءلوا عن السبب الذي جعل علاوي يحجم عن التطرق علناً ورسمياً لهذه الكارثة الموثقة بالأرقام، ويكتفي بنشرها على موقعه الرسمي، فيما لا يكاد يمر يوم دون أن يدلي بتصريح يتعلق بأبسط الأمور، كمنصب رئيس «مجلس السياسات العليا».
وفي السياق، نشر وزير التخطيط السابق، علي بابان، مقالاً متشائماً حول الموضوع نفسه، جاء فيه «عندما جئتُ أكتب مقالي هذا عن انحسار دجلة والفرات والنتائج الكارثية التي ستترتب على ذلك، فكرت بعنوان: سيناريو يوم القيامة في العراق! ثم استبدلت العنوان بـ: العراق... الزلزال القادم، لكنني وجدته لا يقل تشاؤماً عن سابقه، ثم وقع اختياري على: البكاء عند أنهار تحتضر». وأشار بابان إلى أن كلامه «ليس مرثية لدجلة والفرات، بل جرس إنذار للعراقيين جميعاً ليدركوا بشاعة السيناريو الذي نسير باتجاهه ونتائجه الخطيرة على جميع مناحي حياتنا، وهو ما لم يعد بعيداً عنا، بل بات قريباً بما انه يفصلنا عن عام 2040 أو 2035 سنوات قليلة لا تُعدّ شيئاً في عمر الأمم والشعوب».
ومن المعلومات المهمة التي يوردها الوزير بابان، أن سد «أليسو» التركي المقام على نهر دجلة سيحرم العراق من ثلث أراضيه الزراعية، وسيعجز الاقتصاد عن توفير الغذاء لـ35 مليون عراقي حتى لو وجه عائدات النفط كلها لإطعام مواطنيه». أحد الصحافيين علّق على مقال الوزير بابان بالقول «إذا كان الوزير عاجزاً عن القيام بأي شيء لإنقاذ الرافدين، ولجأ إلى سلاح المقالات ليرثيهما، فما الذي نستطيع فعله نحن الصحافيين؟».
وأشار محللون إلى أن الدافع الحقيقي لتشكيل «المجلس الوطني الأعلى للمياه» قد يكون فشل المفاوضات الماراتونية التي أدارتها الحكومة العراقية مع السلطات التركية والسورية طوال السنوات الماضية في الوصول إلى حلّ معقول. هذا ما أكده نائب رئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية، روز نوري شاويس، حين قال إنّ بلاده حاولت، ومنذ أوائل ستينيات القرن الماضي، الدخول مع الدول المتشاطئة، أي تركيا وسوريا، في مفاوضات ثلاثية بغية التوصل إلى اتفاق يضمن حصص البلدان الثلاثة في مياه النهرين المشتركين، إلا أنها لم تثمر لحدِّ الآن عن التوصل إلى اتفاق يحدد حصة كل دولة. كما أرجع متابعون الفشل هذا إلى إصرار تركيا على اعتبار النهرين تركيين عابرين للحدود، وليسا نهرين دوليين كما هما في الواقع الجغرافي والتاريخي.
وفي السنوات الأخيرة، حاول العراق دفع تركيا إلى إبداء بعض المرونة في هذا الملف، ولوّح لها بورقة الاستثمارات والعلاقات الاقتصادية المتميزة، لكنه فشل في ذلك، ما دفع ببرلمانه إلى ربط أي تطوير للعلاقات الاقتصادية مع تركيا بملف النهرين والأمن المائي، فتجمّد سقف حجم هذه العلاقات عند 15 مليار دولار بعدما كانت حكومة أردوغان تستهدف رفعه إلى 70 ملياراً. ويعتقد محلّلون أن بإمكان العراق القيام بالكثير على هذا الصعيد بما في ذلك استخدام ورقة تصدير النفط العراقي عن طريق تركيا، والذي يعود على الاقتصاد التركي بعائدات مهمة.
وبالعودة إلى المجلس الحكومي الجديد، نعرف أن أهدافه، كما وصفها محللون، متواضعة وإنشائية عامة، وهي من قبيل «وضع المقدمات الصحيحة لإدارة ملف المياه، وبذل الجهود من أجل تغيير ثقافة اللأي المطبقة حالياً، ورسم مسار تفاوضي فعّال مع دول الجوار، يضمن قسمة مياه معقولة ومنصفة في مياه الرافدين». هذه الأهداف لم يعتبرها متخصّصون حلاً حقيقياً يجعل من المجلس الجديد جهازاً فعّالاً يواجه كارثة زوال النهرين ويمنع تحويل العراق إلى «ربعٍ خالٍ» آخر محاط بالسدود والبحيرات الاصطناعية التركية العملاقة.
خبراء عراقيون في شؤون المياه أشاروا إلى أنّ في حوزة العراق حلولاً جذرية عديدة لحل مشكلة المياه ولإنقاذ الرافدين من الزوال حتى، لكن السلطات الحكومية تهملها، إنْ كانت لا تجهل أصلاً بوجودها. من بين تلك الحلول، يقترح هؤلاء توسيع سدّ «بخمة» على دجلة وتبلغ طاقته التخزينية 18 مليار متر مكعَّب، واعتباره مشروعاً اتحادياً استراتيجياً يرفض تسييسه من قبل السلطات الكردية التي تحاول إهماله وتضييق نطاقه لاحتمال فقدان عشيرة «برازان» لأراضٍ زراعية واسعة تعود لها بسبب التوسعة. لقد توقف العمل في هذا السد بعد حرب الخليج الثانية وخروج الإقليم الكردي عن السيطرة المركزية.
وفي السياق، أفاد تقرير رفعته قيادة حزب تركماني عراقي إلى مجلس الوزراء بأنه «بعد توقف العمل في هذا المشروع الذي أنجز منه ما نسبته 35 في المئة، أهملت ونهبت الممتلكات والأجهزة والمعدات التابعة للشركتين اللتين كانتا تتوليان تنفيذ هذا المشروع من قبل بعض الفئات المتنفذة في شمال العراق، وتمّ تهريبها وبيعها خارج العراق».
المهندس المتخصص في شؤون المياه، صاحب الربيعي، اتهم السلطات الكردية صراحة بـ«محاصرة العراق مائياً خصوصاً في حوض دجلة، ليس فقط بروافده الدولية، وإنما بروافده الوطنية في المجرى الرئيس للنهر أيضاً». ونقل الربيعي عن وزير الموارد المائية السابق في الإقليم، تحسين قادر، تأكيده أن «تنفيذ مشروع سد بخمة متوقف على قرار السيد رئيس إقليم كردستان مسعود البرزاني». معنى ذلك أن رقبة العراق، مثلما يقول محللون، معلّقة بمصير سد «بخمة»، ورقبة هذا السد معلقة بموافقة البرزاني.
حلّ آخر يمكن أنْ ينقذ الرافدين وينهي الارتهان المائي العراقي للدول المتشاطئة، يقوم على إعادة الحياة إلى مشروع «سد وبحيرة الثرثار» الذي تبلغ طاقته التخزينية 80 مليار متر مكعب، وهي أكثر من الحاجة السنوية الفعلية للعراق، وتكفي، لو أُحسن استغلالها، لإنقاذ الفرات من حصار السدود التركية والمشاريع السورية. هذا المشروع يرتبط بمشروع آخر للتخلص من الملوحة فيه، يستغرق أربع سنوات لتدوير المياه، ثم توجيهها نحو الفرات المحتضر. الأمر الذي يبعث على التفاؤل هو أنّ مصادر مياه مشروعَي سد «بخمة» وبحيرة «الثرثار» عراقية بنسبة 95 في المئة، وتأتي من الروافد والأنهار الداخلية.



#علاء_اللامي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إغلاق هرمز : حكومة المحاصصة تطمئن العراقيين والأرقام تثير ال ...
- قانونا الأحزاب الجزائري والعراقي والطائفية السياسية.
- العنف الفردي والجماعي في سرديات علم النفس الكلاسيكي
- طائفية الأمر الواقع في الدولة العراقية من 1921 وحتى الآن
- أسرار قادة -العراقية- على الهواء مباشرة !
- زوبعة سليماني: العراق لن يكون بيدقاً
- النزاع بين التيار الصدري والعصائب .. الخلفيات والتفاصيل
- بول بريمر يتقمص شبح جوزيف غوبلز!
- جعجع في كردستان العراق: استثمارات نفطية بنكهة أميركية!
- مأثرة الملازم نزهان تهزُّ الوجدان العراقي وتطلق حملة رفضا لل ...
- العراق: مقام الرئيس الفخري يهزم حصانة النائب المنتخب
- زعماء «العراقيّة» في «نيويورك تايمز»: دعوة لاحتلال جديد؟
- قراءة عراقية في نظرية إرنست رينان حول الأمة والقومية
- قضية الهاشمي: ضرب عرب العراق ببعضهم !
- الأمة العراقية: جذور المصطلح وانبعاثه اللاعلمي
- العراق يدخل جهنَّم سياسيّة باكراً: هل من رائحة أميركيّة؟
- المالكي في واشنطن : ل-ترقيع السماء العراقية-!
- أشباح جورج بوش تختفي من -عين الأسد-!
- إعادة الاعتبار العلمي لمصطلح -الثورة-
- قانون جديد لاجتثاث البعث وتقليص المحكمة التي أعدمت صدام


المزيد.....




- مصدر إسرائيلي يعلق لـCNN على -الانفجار- في قاعدة عسكرية عراق ...
- بيان من هيئة الحشد الشعبي بعد انفجار ضخم استهدف مقرا لها بقا ...
- الحكومة المصرية توضح موقف التغيير الوزاري وحركة المحافظين
- -وفا-: إسرائيل تفجر مخزنا وسط مخيم نور شمس شرق مدينة طولكرم ...
- بوريل يدين عنف المستوطنين المتطرفين في إسرائيل ويدعو إلى محا ...
- عبد اللهيان: ما حدث الليلة الماضية لم يكن هجوما.. ونحن لن نر ...
- خبير عسكري مصري: اقتحام إسرائيل لرفح بات أمرا حتميا
- مصدر عراقي لـCNN: -انفجار ضخم- في قاعدة لـ-الحشد الشعبي-
- الدفاعات الجوية الروسية تسقط 5 مسيّرات أوكرانية في مقاطعة كو ...
- مسؤول أمريكي منتقدا إسرائيل: واشنطن مستاءة وبايدن لا يزال مخ ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علاء اللامي - «المجلس الأعلى» للمياه هل ينقذ الرافدين من الزوال؟