أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - جمال البنا - من الثورة العذراء إلى البطة العرجاء















المزيد.....

من الثورة العذراء إلى البطة العرجاء


جمال البنا

الحوار المتمدن-العدد: 3646 - 2012 / 2 / 22 - 09:27
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


كانت ثورة ٢٥ يناير حلمًا، أو خيالاً، لا يتصور أن يصبح واقعًا.

اتسمت هذه الثورة التى فاجأت جمهورها نفسه بخصائص وصفات تجعلها فريدة وتحسب لها إضافة جديدة فى عالم الثورات.

من ذلك أنها حشدت ثلاثة ملايين مصرى فى ميدان التحرير، ومسجد القائد إبراهيم، وفى مساجد وميادين مصر من الإسكندرية إلى أسوان.

إن القدرة على الحشد هى اختبار للثورة، فلا يمكن لثورة أن تحرك مليوناً، لأنه ثمرة للتنظيم، والتنظيم يتطلب وقتاً ومراناً، وهؤلاء الشباب استطاعوا أن يلتفوا حول التنظيم، بحيث يمكن أن يتصلوا بهذه الأعداد المهولة ويتواصلوا معهم، أى المحافظة على التماسك إلى درجة يمكن عند الضرورة استدعاؤها لتكتسح كل شىء.

الأنبياء أنفسهم لم يستطيعوا أن يحشدوا مثل ما حشده شباب ثورة ٢٥ يناير، لأن الظروف بالطبع لم تكن مهيأة، ولكن شباب الثورة استكشفوا آليات العصر وأحسنوا استخدامها.

ولماذا يكون الحشد مهماً؟ الحشد يُعد مهماً لأنه الضمان عندما تقدم الثورة مطالبها إلى الحاكم، فإنه لا يستطيع أن يرفضها، لأن رفضها يعنى أن أمواج الحشد العالية ستبتلع الجيش، والجيش نفسه لن يجرؤ، وبهذا يحقق الحشد أمل الثورة.

وأقول إن منظر هذا الحشد كان لابد أن يجعل أى حاكم مستبد يستسلم.

ولا أنسى مشهد صلاة الجمعة التى أقامها الشيخ القرضاوى، كانت منظرًا رائعًا، ورهيبًا فى الوقت نفسه، وبدا كما لو أن أقباط مصر صلوا الجمعة مع الشيخ القرضاوى، وكما أن الملائكة..

ملائكة كل الأديان تفرش أجنحتها ليسجدوا عليها، بينما تحيط أفواج أخرى من الملائكة بالميدان، ولو أن مبارك نفسه رآه لوفر على نفسه أسبوعين من المقاومة.

إن حشد هذا الجمع معجزة، ولكن ما جاء بعده كان معجزة أكبر لم تسبق أى ثورة إليها، فكيف استطاع شباب ثورة ٢٥ يناير أن يسود النظام طوال ثمانية عشر يومًا، وألا تحدث حادثة نشل أو تحرش جنسى، علمًا بأن مثل هذا الحدث يجعل الجريمة أيسر ما تكون؟

كيف التقى الشيخ والقسيس.. الصغير والكبير.. السيدة المنتقبة واللابسة مينى جيب، كلهم يهتفون «الشعب يريد إسقاط النظام».

الله أكبر.. هل قامت كل الثورات إلا لإسقاط النظم الطاغية، وهل كانت الشعوب تتمنى إلا أن يأتى عليها اليوم الذى تجهر فيه بأعلى صوتها.

قال قائل إن الله تعالى هو وحده المسؤول عن نجاح الاجتماعات المليونية طوال ثمانية عشر يومًا، وضرب المثل بالسعودية، التى تخصص كل إمكانياتها برًا وبحرًا وجوًا لاستضافة ثلاثة ملايين حاج لا يستمرون سوى أسبوعين.. فكيف استطاع هؤلاء الشباب أن يجاوزا ما تقوم به السعودية؟ لا يقدر على ذلك إلا الله.

وعقّبت على كلامه: يا أخى أنت لم تبعد، كانت يد الله فوق أيديهم.

أشهد أنى أحببت ثورة ٢٥ يناير، ووقفت فى جانبها، وأشهد أنها عذراء الثورات، وأنها ظلت سلمية.. سلمية.

ولم أكن أنا الوحيد، فكل قادة العالم أحبوها وقدروها وتمنوا لها النجاح والتوفيق.

ها هو ذا أوباما، رئيس أقوى دولة فى العالم، ينظم فيها قصيدة ثناء وإعجاب وحب، يقول فى أسلوب رفيع: «إن هناك لحظات فى حياتنا يكون لنا حظ أن نشاهد التاريخ وهو يولد، وهذه هى إحدى تلك اللحظات، إن شعب مصر تحرك كما لم يحدث من قبل، واستسلم مبارك، ولكن هذه ليست نهاية فترة الانتقال، بل إنها بدايتها، وأنا واثق أن أمامه أيامًا صعبة، لقد لعبت مصر دورًا محوريًا فى تاريخ البشرية لأكثر من ٦٠٠٠ عام.

ولكن على مدى الأسابيع القليلة الماضية تحولت عجلة التاريخ بوتيرة باهرة، ولكن شعب مصر سيعرف كيف يتجاوب معها ويرد على الأسئلة المتلاحقة فى مصر فى جو من السلام، وبإحساس مصرى.

لقد أدى الجيش واجبه، وأصبحت تحديات الأسابيع المقبلة، يـجب أن نربى أبـناءنا ليصبحوا كشباب مصر».

وقال سيلفيو برلسكونى رئيس وزراء إيطاليا: «لا جديد فى مصر، فقد صنع المصريون التاريخ كالعادة». وقال ستولتنبرج، رئيس وزراء النرويج: «اليوم كلنا مصريون».وقال هاينز فيشر، رئيس النمسا: «شعب مصر أعظم شعوب الأرض ويستحق جائزة نوبل للسلام».

ووجدت فى الولايات المتحدة ولاية ويسكنسون التى بُليت بحاكم مثل مبارك فاستنسخت صُحفها كل ما جاءت به الصُحف فى مصر.

إن مبارك اللئيم الخبيث قال فى آخر كلمة «تنحيه» إنه يوكل إدارة الأمور إلى المجلس الأعلى للقوات المسلحة.

لم يفعل مبارك كما فعل فاروق عندما سجل تنحيه عن العرش نزولاً على إرادة الشعب، وترك الشعب يتقبل هذا، وخرج حاملاً ما استطاع حمله، ولكنه وجد الجنرال محمد نجيب وبعض ضباط الثورة يودعونه ويقدمون له التحية العسكرية، وأطلقت المدافع.

بينما كانت المحروسة تشق طريقها عبر البحار.

لم يفعل مثلما فعل بن على عندما هرب ناجيًا بجلده وقانعًا بما نهبته زوجته من البنك الأهلى، فأراح واستراح.

ولكن مبارك قال فى خطابه إنه يوكل إدارة الأمور إلى المجلس الأعلى للقوات المسلحة، وكأنه يقول فى نفسه «تخلصتم من ضابط واحد وأوقعتكم فى عشرين ضابطًا».

ولعله تصور أن هؤلاء الضباط كانوا مرؤوسين له وأقسموا يمين الولاء له، ولكن المجلس كان أذكى وأكثر وطنية فحمى الثورة، وفى ميدان التحرير كان الثوار يركبون فوق مدافعها الطويلة، وبعضهم يصلى فوقها، وأصدر البيان رقم واحد وهو يفيض إخلاصًا ووطنية، وأكد أن الجيش لا يريد السلطة وأنه سيعود إلى ثكناته بمجرد تحقيق المطالب المشروعة للشعب.

«لكنها.. السلطة» التى لابد أن تُفسد كل من يمسك بها، فأصدر المجلس عددًا من القرارات المهمة دون أن يستشير.

وانحرف بالثورة عن مدارها الطبيعى وأدار شؤونها بطريقة ميعت الثورة، ومكنت أعداءها من تهريب الأموال، وإعداد الخطط المضادة، حتى أصبحت الثورة العــذراء بطــة عرجــاء.

كان جيش مصر أفضل من جيش ليبيا والعراق، ولكن المشير سوار الذهب السودانى كان أفضل من المجلس الأعلى للقوات المسلحة، إذ أعلن الانتخابات التى ظفر فيها حزب الأمة (بزعامة صادق المهدى)، فسلم الحكم إليه.

ولكن السيد صادق المهدى استغل نجاحه الانتخابى لمصلحة حزبه، حزب الأمة، وبطريقة سيئة جعلت الخبز والماء يباعان فى السودان لأول مرة، فكتب الجيش إنذارًا للوزارة ولم تتجاوب.

فدبر فريق من الجيش انقلابًا عليه وسيطروا على مقاليد الأمور، واعتقلوا كل زعماء الأحزاب بمن فيهم السيد حسن الترابى.واتضح بعد ذلك أن الترابى هو الذى نظم الانقلاب.

وأن قادته أتباع له، فأطلق سراحه وأخذ يباشر الحكم بالمشاركة مع البشير، وأصر الترابى على تطبيق الشريعة، وأدى هذا إلى أكبر جريمة ارتكبت فى حق السودان، ألا وهى انفصال الجنوب.

أرجو.. وآمل من كل قلبى.. ألا يتكرر فى مصر ما حدث فى السودان، لا قدر الله.. لا قدر الله.

أولى أزماتنا الحضارية الضباط الملتحون، صحيح أن إعفاء اللحية أو تربيتها جزء خاص يتعلق بالإرادة الشخصية لصاحبها، ومع هذا فإن الحدث لا يخلو من دلالة.



#جمال_البنا (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل الإنتاج ملك للشعب.. أم أن الشعب ملك للإنتاج؟
- قائدنا الأعظم الرسول فى ذكرى ميلاده
- شاهد على ثورتين 2
- شاهد على ثورتين (١-٢)
- متى تتحرر أمة محمد من خرافاتها المقدسة؟.. «النقاب»
- متى تتحرر أمة محمد من خرافاتها المقدسة؟
- تكامل فى سبيل الله والرسول «صلى الله عليه وسلم» (٣ - & ...
- تكامل فى سبيل الله والرسول صلى الله عليه وسلم «٢ –  ...
- تكامل فى سبيل الله والرسول صلى الله عليه وسلم (١)
- «وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ»
- الإجابة على أسئلة الملتقى
- ثورات منتصف الطريق
- الاتحاد الكونفدرالى هو الحل
- سيناريو الثورة المضادة
- المتهم مُدان حتى تثبت براءته
- استنقاذ الثورة.. بدايات غير موفقة (١ - ٤)
- فى انتظار الثورة الإسلامية.. ثارت الشعوب على حكامها فهل يثور ...
- استنقاذ الثورة
- الإخوان والسياسة
- التحقيق مع ضباط التعذيب له أصول أخرى


المزيد.....




- نيابة مصر تكشف تفاصيل -صادمة-عن قضية -طفل شبرا-: -نقل عملية ...
- شاهد: القبض على أهم شبكة تزوير عملات معدنية في إسبانيا
- دول -بريكس- تبحث الوضع في غزة وضرورة وقف إطلاق النار
- نيويورك تايمز: الولايات المتحدة تسحب العشرات من قواتها الخاص ...
- اليونان: لن نسلم -باتريوت- و-إس 300- لأوكرانيا
- رئيس أركان الجيش الجزائري: القوة العسكرية ستبقى الخيار الرئي ...
- الجيش الإسرائيلي: حدث صعب في الشمال.. وحزب الله يعلن إيقاع ق ...
- شاهد.. باريس تفقد أحد رموزها الأسطورية إثر حادث ليلي
- ماكرون يحذر.. أوروبا قد تموت ويجب ألا تكون تابعة لواشنطن
- وزن كل منها 340 طنا.. -روساتوم- ترسل 3 مولدات بخار لمحطة -أك ...


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - جمال البنا - من الثورة العذراء إلى البطة العرجاء