أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - سلام مسافر - بندلي جوزي يلاحقنا من مكتبة الاوقاف الى هضاب لينين















المزيد.....

بندلي جوزي يلاحقنا من مكتبة الاوقاف الى هضاب لينين


سلام مسافر

الحوار المتمدن-العدد: 3642 - 2012 / 2 / 18 - 23:58
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


كان ذلك مطلع العشرية السابعة من القرن الماضي وبغداد ؛ شارع المتنبي ، تعج بالاف العناوين على رفوف مكتبات تنبسط نحو ارصفة الشارع العبق بروائح الشواء وكباب " عروك " ، ورنين ستكانات الشاي مع الضحكات المجلجلة للفلفلي والقديفي ، ابرز باعة كتب في بغداد الذاكرة ، واكثرهم ظرافة وخبثا ، خاصة مع الغر الكبير الشاعر المبكر في الرحيل عبد الامير الحصيري .

كنا نسير في الشارع المورق عراقا مثقلا بالامل ، يحركنا شغف المعرفة . نلج مكتبة الاوقاف ، اكثر مباني بغداد رحمة بروادها صيفا ، تسقيهم ماء عذبا باردا مع نفحة هواء تلفح الارضية المرصوفة بطابوق " الفريشي " وتصعد نسيما ترطب اجساد المطالعين .

تمتد شوارع المعرفة على ضفتي دجلة مرورا بمكتبة " مكنزي " في شارع الرشيد التي لم يبق فيها عبد القادر العزاوي كتابا جديدا الا " واستنسخه " الى الابد !
وفي الباب الشرقي مكتبات المثنى والنهضة و" بسطة " بناي وغريمه هاشم . ونرتاد المكتبة المركزية خلف سكة الحديد القديمة التي تخترق مبنى كلية
التربية ( الاداب ) عند بوابة الوزيرية وعلى مسافة مرمى سهم من المركز الثقافي البريطاني الذي كانت امينته بعينين زرقاوين لا اثر للبرودة الانكليزية في رموشها الناعسة ؛ كانت تغض الطرف ، عن سراق الكتب من الرفوف المتدنية قطوفها للمكتبة ، المكان الاكثر امنا لقبل العشاق بعيدا عن العيون وخلف اشجار النارنج المورقة والفواحة بالشبوي .
كنا نلوذ من حرِّ بغداد، بالمكتبات فنعثر على الكتب الممنوعة.

وبينها "من تاريخ الحركات الفكرية في الإسلام" لمؤلفه المقدسي بندلي صليبي جوزي. غلاف الكتاب مصفر إما لأنّ قرائه التزموا السرية فغلفوه بكلِّ ما يقعون عليه من ورق ملون، أو لعوادي الزمن.
الكتاب الذي سحرنا، صدرت طبعته الأولى في القدس عام 28 من القرن الماضي. وانتقل بيننا مثل الزيت، نحن طلبة الصفوف الأولى في جامعة بغداد، غالبيتنا، تنتمي إلى اليسار، فأصبح مبحث جوزي المقدسي، بياننا "الشيوعي".

واكتشف بعضنا أنّ الكتاب الممنوع، يقبع في خزانة مكتبة الأوقاف أيضاً، فساومنا أمين المكتبة المعمَّم على استنساخه. وافق الرجل بعد تعويذتين من الشيطان، ومسحة بمنديل أبيض ناصع على لحية سمحاء. وتلاقفت مقاهي " عارف اغا " " ومقهى "الزهاوي "و "البرازيلية" و"مقهى المعقدين"، الاسم المجازي لمقهى إبراهيم في الباب الشرقي، مستنسخ بندلي جوزي، وضجت جلساتنا بناقشات، غالباً ما تنتهي بعزم البحث عن مؤلفات أخرى للعالم والكاتب، الذي لا نعرف عنه غير كتاب وحيد هزَّ قناعتنا، ودفعنا إلى إعادة قراءة تاريخ الفتوحات الإسلامية.
فالمخطوط مصفرُّ الأوراق ، يتعامل مع التاريخ الإسلامي في ضوء التفسير المادي للتاريخ، ويرسم صورةً مركَّبة للتواريخ الاجتماعية الاقتصادية بتخليصها من الأسطورة. ويرى حركة المجتمع وصراع الجماعات وراء مختلف ظواهر التراث الإسلامي والعربي، بدءاً بالمذاهب والفرق والحركات السريَّة، وانتهاء بالنصوص الدينية والمصادر التاريخية. ويقدم بندلي جوزي قراءة جديدة لحركات المعتزلة، والقرامطة، والزنج، والإسماعيلية وإخوان الصفا، وينتقد برصانة مختلف مدارس الاستشراق الغربي حول الشرق الأوسط القديم، والإسلام.
بغداد – موسكو..
_________________
و.. مطلع العشرية الثامنة من القرن الماضي، حط بي ترحال الغربة والهجرة الجبرية من العراق في العاصمة الروسية، فأتعرف على قاموس "بنتليمون كريستوفيتش جوزيه" أقدم قاموس روسي عربي صدر في روسيا، وتحديداً في قازان عاصمة تتارستان عام 1903. ولأكتشف أنّ كريمة لبندلي جوزي تقطن في أحد أجنحة السكن بجامعة موسكو على هضاب لينين -(غيَّروا اسم المنطقة بعد انفراط عقد الاتحاد السوفييتي إلى هضاب العصافير)-.وأنّها أستاذة في العلوم الطبيعية وحائزة على جوائز الدولة.

من هو بندلي جوزي..
------------------------
وُلد بندلي جوزي في القدس عام 1871 لأبوين فلسطينيين كادحين. وتوفيت والدته أثناء الوضع، وتوفي والده الذي كان يعمل نجاراً بينما كان بندلي في السادسة من عمره.
تلقى بندلي جوزي علومه الابتدائية، وقسماً من الدروس الثانوية، في دير "الإشارة الصليبي" المعروف "بدير المصلبة" الواقع في القسم الشرقي من القدس. وتابع دراسته في مدرسه "قفطين" في طرابلس الشام - لبنان.
وحصل بندلي على بعثة كنسية إلى روسيا عام 1891 لاستكمال علومه الدينية في الأكاديمية الدينية في موسكو، لكنّه عزف عن الموضوع. فانتقل إلى "أكاديمية قازان" عام 1895، وحصل منها على الماجستير في اللغة العربية والدراسات الإسلامية عام 1899. وكان موضوع أطروحته "المعتزلة". ومنها حصل على ماجستير في اللغة العربية، وكان موضوع رسالته "المعتزلة - البحث الكلامي التاريخي في الإسلام"، فعيِّن أستاذاً مساعداً في كرسي اللغة العربية والدراسات الإسلامية في جامعة قازان.
وبين عامي 1911 و 1917، عين أستاذاً مساعداً في كلية الحقوق في جامعة قازان، وبعد قيام الثورة البلشفية عام 1917، عٌيِّن أستاذا للآداب واللغة العربية في جامعة باكو عام 1920، وفي عام 1921 عٌيِّن أول عميد للغات الشرقية في الجامعة، ومُنح لقب دكتور في الآداب واللغة العربية. وقام بجمع كتب ومخطوطات عربية وفارسية نادرة أثناء زيارته لإيران. وتوفي عام 1942 في باكو عاصمة أذربيجان السوفييتية.
العودة إلى فلسطين..
__________________

عاد بندلي إلى مسقط رأسه في فلسطين عام 1900، لكن نشاطاته الفكرية السياسية دفعت بالسلطة التركية الحاكمة، لابعاده عن القدس والعودة إلى روسيا.
تزوج بندلي جوزي عام 1903 من الروسية "لودميلا لورنيشيتفنا زويفا"، فأنجبت له ثلاثة ذكور وأربع بنات ظلُّوا يحتفظون بجنسيتهم الروسية، واحتلُّوا مراكز مرموقة في الجامعات السوفييتية.
في عام 1909 عاد بندلي إلى الشرق في بعثة علمية لمدة سنة كاملة، كان يشرف خلالها على رحلة الطلبة الروس إلى فلسطين لتعلم اللغة العربية.
وكانت رحلته الثانية عام 1928. وقد تمَّ آنذاك طبع كتابه " من تاريخ الحركات الفكرية في الإسلام " الذي أحدث صدى كبير، في مطبعة بيت المقدس - القدس. وأثناء إقامته في القدس، قام بندلي بنشاط واسع ضدَّ الانتداب البريطاني، فطلبت منه سلطات الانتداب مغادرة فلسطين.
كتب بندلي جوزي، في معظم المجلات الثقافية والفكرية العربية مثل "الهلال" "المقتطف" "الآثار" "الكلية" "الرابطة الشرقية"، "النفائس العصرية"، وغيرها.
وكان إلى جانب كتاباته باللغتين العربية والروسية يترجم من الروسية والألمانية.
كان الجوزي يجيد عدَّة لغات إلى جانب العربية والروسية منها الألمانية، اليونانية، السريانية، العبرية، الفرنسية والإنكليزية.
وضع الجوزي معظم مؤلفاته باللغة الروسية، إلى جانب كتاب واحد بالعربية وثلاث ترجمات من الروسية للعربية، ففي اللغة العربية ألَّف وترجم الكتب:
-"من تاريخ الحركات الفكرية في الإسلام" - القدس - 1928.
-"الأمومة عند العرب" - ترجمة عن الألمانية - قازان - 1902.
- "أمراء غسان من آل جفنة" - ثيودور نولدكة - ترجمة بندلي جوزي وقسطنطين زريق - بيروت 1933.
-" بندلي صليبا جوزي - دراسات في اللغة العربية والتاريخ الاقتصادي والاجتماعي عند العرب"، جمع وتقديم جلال السيد وناجي علوش - بيروت - 1977.
أما مؤلفاته باللغة الروسية فهي:
-"تعليم اللغة الروسية لأولاد العرب" أو "اللغة الروسية للعرب - جزءان - قازان 1903.
- المعتزلة - البحث الكلامي التاريخي في الإسلام - قازان 1899.
-"محمد في مكة، ومحمد في المدينة" - قازان 1903.
-"تاريخ كنيسة أورشليم" - قازان - 1910.
-"جبل لبنان - تاريخه وحالته الحاضرة" - قازان - 1914.
-"المسلمون في روسيا ومستقبلهم" - قازان - 1917.
-"أصل سكان سوريا وفلسطين المسيحيين" - 1917.
-"رسالة في الطاعون - أعراضه والوقاية منه" - بلا تاريخ.
-"رحلة البطريرك مكاريوس ابن الزعيم إلى بلاد الكرج" - بلا تاريخ.
-"علم الأصول في الإسلام" - بلا تاريخ.
-"أصل الكتابة عند العرب" - بلا تاريخ.
-"المطابع الإسلامية في روسيا" - بطرسبرغ (لينينغراد)- 1911.
-"الشؤون الإنكليزية المصرية" - باكو - 1930.
وترجم من العربية إلى الروسية كتابين هما "فتوح البلدان" و "تاريخ اليعقوبي".
أين مخطوطات الجوزي ؟..
________________
للجوزي عشرات الكتب المخطوطة التي لم تنشر إلى جانب مئات المقالات، فيها من الهوامش ما يشير إلى أنّ العالم الفلسطيني كان غزير المعرفة. وقد أتيحت لكاتب هذه السطور ، الفرصة للإطلاع على بعض من أوارق بندلي جوزي بخط يده وكانت مع طالب دراسات عليا عربي تعهد أنّه سيقوم بتحقيقها ونشرها. لكنّ المخطوطات لم تُنشر، أما الطالب الذي صار أستاذاً جامعياً في بلده فقد نسي المشروع كما يبدو، وربما أضاع أوراق بندلي جوزي النادرة التي وثق ورَثتة بالطالب العربي وسلَّموه تراثاً ضاع في زوايا الإهمال والادِّعاء الفارغ بالعلم للأسف.
عسى ان يسمع " الاستاذ " النداء ويكشف عن مصير مخطوطات الجوزي الذي اشتهر بتواضع العالم و عاش يحلم بالعودة الى القدس ، فمات في باكو ولانعرف موقعا لقبره .



#سلام_مسافر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل اختار الكرملين ارض الشام للمنازلة الكبرى ؟؟
- الوردي بعزف الشماع
- مات القذافي وبقيت دولة الخيمة
- جمعة الزفاف
- اقفاص VIP
- القناصة يصنعون التاريخ في الشرق الاوسط ؟؟؟
- من ليبيا ياتيك العجب
- مصر التي تدهشنا
- غباء الطغاة وخبث الجزيرة
- ملا خطير ووفد فطير
- بيرليسكوني بوتين
- قطرغيت !
- لماذا تعامت موسكو عن عيون -الجزيرة -؟؟
- الاحياء والاموات
- الرفيقة - فيات - والانسة - رينو -
- من الفكة الى تفكيك العراق كل عام وبرجينيسكي بخير !!
- تقرير تلفزيوني عن الجمال الخفي لسيدات عربيات عاملات
- نظام الفساد الالكتروني
- هوغو تشافيز يوقد الشموع للدب الروسي
- صلاح حزين : دعني في الغابة انتحب وحدي


المزيد.....




- هارفارد تنضم للجامعات الأميركية وطلابها ينصبون مخيما احتجاجي ...
- خليل الحية: بحر غزة وبرها فلسطيني خالص ونتنياهو سيلاقي في رف ...
- خبراء: سوريا قد تصبح ساحة مواجهة مباشرة بين إسرائيل وإيران
- الحرب في قطاع غزة عبأت الجهاديين في الغرب
- قصة انكسار -مخلب النسر- الأمريكي في إيران!
- بلينكن يخوض سباق حواجز في الصين
- خبيرة تغذية تحدد الطعام المثالي لإنقاص الوزن
- أكثر هروب منحوس على الإطلاق.. مفاجأة بانتظار سجناء فروا عبر ...
- وسائل إعلام: تركيا ستستخدم الذكاء الاصطناعي في مكافحة التجسس ...
- قتلى وجرحى بقصف إسرائيلي على مناطق متفرقة في غزة (فيديو)


المزيد.....

- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - سلام مسافر - بندلي جوزي يلاحقنا من مكتبة الاوقاف الى هضاب لينين