أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - بلعمري اسماعيل - , أصل العنجهية القبائلية berbérisé pour régner















المزيد.....

, أصل العنجهية القبائلية berbérisé pour régner


بلعمري اسماعيل

الحوار المتمدن-العدد: 3642 - 2012 / 2 / 18 - 17:43
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
    


ان طبيعة العلاقة التي تحكم أكبر تجمعين للأمازيغ في الجزائر( الشاوية و القبائل) هي علاقة معقدة و غريبة لا يمكن الاءحاطة بها علما دون الرجوع الى الحقبة الاءستعمارية للبلاد, و التي تميزت في الجزائر كما في غيرها من البلدان المحتلة بتحولات ءاجتماعية عميقة هي نتيجة حتمية للتحولات الاءقتصادية و الديموغرافية و السياسية للبلاد و لكن أيضا نتيجة لعوامل غير طبيعية مرتبطة أساسا بالسياسة الاءستعمارية ذاتها.
لم تتأخر النخبة العسكرية الفرنسية التي قادت غزو الجزائر في مباشرة التقليد الكلاسيكي لأي غزو يراد منه السيطرة على الأرض, الحكمة الرومانية القديمة و الصالحة دوما ( فرق تسد) هي من جواهر الاءرث الروماني الذي استلهمت منه الاءمبراطورية الفرنسية المُقدِمة لذاتها كوريث شرعي للاءمبراطورية الرومانية سيدة البحر المتوسط و رمز التفوق الغربي على الشرق, لكن الاءبداع الفرنسي في هذا الباب ( حتى و ءان كان أقل شأنا من نظيره البريطاني) هو أمر يستحق الاءعجاب من زاوية التقدير الواجب لأي ابداع بشري مهما كان مجاله بما في ذلك مجال الفن العسكري, يكفي النظر الى أغلب الدول الاءفريقية المستقلة عن فرنسا لمعرفة مهارة الاءدارة الاءستعمارية الفرنسية و التي نجحت في خلق شبه دول ظلت على ارتباط تبعي عبودي لفرنسا السيدة.
ما يهمنا هنا هو الأثر الذي تركته السياسة الاءستعمارية الفرنسية في جزائر ما بعد الاءستقلال, الجزائر التي لدغت من الحية رباعية الرأس ( الجيش الفرنسي, الاءدارة الفرنسية,المعمرين, الكنيسة) مازلت الى اليوم تتخبط بفعل سمها 50 عاما بالتمام بعد استقلالها المكلف, الطويل و الشاق, الجميل و البشع في آن, جزائر اللاعروبة و اللاأمازيغية و اللافرنكوفونية ( بالرغم من أن منظمة الفرنكوفونية تذكر في تقدير غير عقلاني أن 17 مليون جزائري ناطق بالفرنسية,ما يجعلها ثاني أكبر بلد فرنكوفوني.............بعد فرنسا ذاتها.............يا للمهارة).
لا يكاد يخلو مجتمع بشري من مشاكل جهوية ءاثنية مروثة أو مستجدة, خافية أو ظاهرة , سلمية أو عنيفة, في ءافريقيا بالذات تأخذ هذه المشاكل طابعا دراماتيكيا مؤسفا لم تتأخر القوى الاءستعمارية في الاءستفادة منها و ءاستثمارها بما يخدم مصلحتها, لقد دعمت القوى الاءستعمارية عناصر ءاثنية معينة على حساب عناصر أخرى لتغذية الحساسيات الكامنة و التي تستيقظ بعنف لمجرد أبسط اختلال في توازن الأوضاع الاءقتصادية و الاءجتماعية لأي مجتمع,
التفرقة التفاضلية هي أحسن سلاح لاءحياء النعرة الاءثنية و ءاضعاف المجتمع و من تم السيطرة عليه, قد تبدو الخطة ساذجة و هي بالفعل كذلك لكن مهارة التطبيق هي من يصنع الفارق.
في الجزائر مثلا لم يتأخر فهم قادة الغزو الفرنسي للمجتمع المنهزم طويلا, اذ سرعان ما انتبه جيش علماء الاءجتماع و الأنتروبولوجيا الذين رافقوا الجيش العسكري الى التنوع الكبير لسمات الأهالي و طباعهم و أصولهم و حتى لغتهم و لهجاتهم.
النظريات التي صيغت في سبيل الاءخضاع الأمثل للمجتمع لا تحصى, لعل أخطرها( وهي كذلك أقدمها) نظرية البربرة من أجل التحكم التي جاء بها "فارنيي" و التي تقترح تفضيل العنصر القبائلي على ما سواه من العناصر الأخرى لخلق ردة فعل عنيفة لهذه العناصر ضد القبائل و بالطبع ردة فعل لاتقل عنفا لهؤلاء ضد أولئك.
لكن لماذا العنصر القبائلي بالذات, يشرح الدكتور "فارنيي" ذلك باءطناب في خطته, و التي سأتجاوز عنها هنا من باب عدم الاءسهام في نشر أكاذيب لا أراها جديرة بالنشر, و على أيّ حال فالخطة متوفرة على عدة مواقع تعنى بالتاريخ الجزائري الحديث.
تقوم الخطة على ءاحياء النعرة الأمازيغية في منطقة القبائل أولا لضرب العنصر العربي ( الأمازيغ ذوي اللسان العربي) بالعنصر القبائلي, ثم و هذا الأهم ضرب العنصر البربري الآخر( الشاوي) بالعنصر القبائلي.
تقوم الخطة أيضا على خلق نخبة قبائلية رفيعة ( أطباء, محامون, أساتذة.....) تكون دليلا على صحة الدعاية القائلة بتفوق العنصر القبائلي على ما سواه ولكن بصفة خاصة العنصر الشاوي الذي تركت منطقته عن عمد فريسة الجهل و التخلف, اذ على عكس منطقة القبائل لم تحصي بلاد الشاوية الممتدة من جبال الأوراس الى جبال النمامشة و الى غاية حدود الشمال القسنطيني أية مدرسة فرنسية, بيمنا تصف كتب انتروبولوجية فرنسية لا تحصى السكان الشاوية بأنهم رعاة نصف بدو, اما نظرائهم القبائل "فشعب" حيوي ذكي.
دغدغت الدعاية الاءستعمارية القائلة بتفوق العقل القبائلي على باقي العناصر الكثيرين من أبناء المنطقة من باب الأثر الطبيعي الذي يحدثه الاءطراء على النفس البشرية و بصفة خاصة عندما يأتي من المتفوق الغالب, حتى أن شيخا فاضلا كأبى يعلى( أحد فقهاء الجزائر-قبائلي) قد استسلم لنزوة التفوق هذه المدفوعة بمهارة الدعاية الفرنسية و راح يصدح بآرية الأصل القبائلي دون غيره من العناصر الجزائرية الأخرى.
في هذه الظروف اذا ولدت النخب القبائلية التي أخذت تستعلي شيئا فشيئا على باقي العناصرفأنتجت عبارات عنصرية قدحية لاتزال مستخدمة الى اليوم و بالمعنى نفسه, فالأحمق هو (بو عرابن) أي العربي, و (دامزفي) أي المزابي و تعني البخيل, و الجلف الفج اللا حضاري هو ( الشاوي).......الشاوي هكذا بدون أية ءاضافة, حتى أن مغنيا قبائليا عالميا الى حدٍ ما هو " ءايدير" يملك في رصيده أغنية بعنوان (آالشاوي) أي أيها الشاوي و العبارة تستخدم دائما في معرض الذم و القدح, يضاف الى كل ذلك الدعاية التي رسخت في عقول الجزائريين فكرة أن الشاوية قد سيطروا على الحكم و استأثروا به و بصفة خاصة المؤسسة العسكرية التي تعد العمود الفقري للدولة و المجتمع الجزائريين, يضاف الى ذلك الطمس الممنهج لتضحيات المنطقة التي كانت من بداية الثورة و الى عامها الثاني تستأثر ب 80% من العمليات العسكرية ضد العدو الفرنسي و عمليات هذا الأخير ضد سكان الولاية الأولى التي تضم الأوراس و النمامشة.
و مع أن سياسة التوازن الجهوي جرى احترامها بشكل مرضي على العموم الا أن أغلبية الجزائريين لم تتخلص بعد من النظرة المسبقة القائلة باءستئثار العنصر الشاوي بحصة الأسد في مراكز صنع القرار و كثيرا ما كان مصدر هذه الدعاية نخب منطقة القبائل.
الرغبة في الزعامة ظهرت جلية في مؤتمر الصومام الذي أصر القادة القبائليون على عقده في ولايتهم و الذي أعاد صياغة مبادئ الثورة بما اعتبر ردة فكرية عن روح ثورة نوفمبر, لكن الأخطر هو ما جرى بعد ذلك عندما استغل قادة الولاية الثالثة الصراعات الأثنية في الولاية الأولى بين شاوية الأوراس و شاوية النمامشة لتصفية حسابات قديمة بنيت على ما اعتقده القادة القبائليون حصارا لوجيستيكيا فرضته عليهم الولاية الأولى التي كانت المعبر الرئيسي للسلاح من الخارج الى أرض المعارك.
الكل يذكر مجازر العقيد عميروش آيت حمودة ( انحني باءجلال على روح الشهيد عميروش) في الولاية الأولي في محاولة لتوحيدها ولكن أيضا عقابا لمن اتهمهم بحصار ولايته, و زاد على ذلك بأن حاول فرض العقيد أوعمران على الرأس الولاية الأولى و هو استفزاز قوي للشعور الشاوي القوي بالاءستقلالية الغريزية التي تحكمه.
تكمن غرابة النظرة العامة للجزائريين بشأن الاءستئثار الشاوي بالسلطة في كونها لا تمت بأية صلة للواقع,اذ لم تعرف الجزائرسوى رئيس شاوي واحد هو ليامين زروال, أما بومدين (بوخروبة) فهو من أصول ............قبائلية (ولد هو و أبوه, وترعع في قالمة التي هاجر اليها جده من جيجل المدينة الأمازيغية المعرّبة و التي كانت تدعى "القبائل الشرقية" حيث موطن قبائل كتامة), ماذا عن جنرالات الجيش الذين يحمل الجزائريين عنهم بحق و بغير حق فكرة صانعي القرار الفعلي للبلاد؟
لن أكرر هنا الأصول الاءثنية لأصحاب المناصب العليا في المؤسسة العسكرية و التي أحمل عنها قناعة راسخة بحياديتها ءازاء مسألة التجنيد و الترقية, لكن لمن لايشاطرني هذه القناعة الفرصة على الاطلاع على المقالة السابقة حول أبرز القادة الأمنيين في جزائر الاءستقلال. هناك أيضا والتي يحلوا للبعض ذكرها للدلالة على سيطرة المثلث الشاوي( باتنة-تبسة-سوق BTSخرافة
أهراس) و الكثير أيضا من مثيلاتها.
كيف انعكس الصراع الأءثني القبائلي – الشاوي على مسألة الهوية في الجزائر؟
الصراع الاءثني على السلطة و النفوذ هو سنة من سنن الحياة الاءجتماعية لا يخلو منها أي مجتمع مهما بلغ من تطور و انفتاح, لكن الصراع الثقافي و بصفة أخص في مسألة الهوية يكاد يكون خصوصية جزائرية غريبة الى حدا كبير, كيف أصبح أمازيغ أقحاح شديدي الغيرة على أصولهم و ذوي أنفة مفرطة و شوفينية مرضية أيضا أناس أشد عدواة لثافتهم من البعثيين أنفسهم, كيف أصبح عثمان سعدي مثلا مدافعا عن مصر مبارك التي عات ءاعلامها شتما في "البربر" و وصل به الحد الى جعل احتفالات رأس السنة الأمازيغية "يناير" مجرد طقس وثني لتمجيد الطبيعة و ليس انتصارا عسكريا وسياسيا باهرا "للبربر" محل الاءحتقار على الفراعنة العظماء أسلاف مبارك العظيم قائد الحملة الاءعلامية المسعورة ضد الشعب الجزائري.
التخندق وراء الهوية هي مسألة حتمية عندما يشعر الاءنسان بخطر يهدده في كينونته, التاريخ أثبت أن الأمازيغ تعاملوا مع اللغة ببراغماتية سلسة, استعملوا الفينيقية و الرومانية و العربية و الفرنسية كلغات رسمية بمحض ارادتهم لكن التعصب للفرنسية و العربية ظهر عند تشكل النخب القبائلية التي بادرت بطرح مشروع مجتمع غريب الى حدٍ كبير مع الموروث الثقافي و العقائدي للمجتمع الجزائري, و مازال حزب سعيد سعدي ينفخ فيه الى اليوم بلا كلل, ما دفع بالطرف الآخر (الشاوي) الى طرح البديل و الذي هو أيضا النقيض, فبدل مجتمع علماني فرنكوفوني متوسطي تطرح النخب الشاوية الوطنية و الاءسلامية في جبهة التحرير كما في جبهة الاءنقاذ( لا حظ أن عباس المدني كان شاوياً) نموذجا لمجتمع شرقي (مشرقي) ءاسلامي تلعب فيه اللغة العربية روح الفكر و أداة الاءبداع و تصوغ فية بنية العقل الجزائري الذي تقول احدى الاءحصائيات اللغوية أنه ( أي الفرد الجزائري) لا يستخدم في حياته اليومية أكثر من 3000 كلمة.
ءان أزمة الهوية في الجزائر على عكس ما قد يتوهمه البعض ليست ناتجة عن ءاضطهاد عرقي لأغلبية ضد أقلية, ولا هو أضطهاد أقلية نافذة ضد أغلبية محرومة, ليس صراع بين ءاثنية عربية وافدة و أخرى أمازيغية أصيلة, أزمة الهوية في الجزائر هي في الأساس صراع نفوذ بين أكبر مكونين للمجتمع الجزائري كلاهما من نفس الاءثنية الأمازيغية, ولد من رحم المكر الاءستعماري الفرنسي و ترعرع و نما بأخطاء الغباء السياسي لقيادة الجزائر المستقلة.



#بلعمري_اسماعيل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- البربرة من أجل التحكم (Berbériser pour régner)
- في أرض الاءسلام, الصليب أعلى
- الصحراء الغربية و امكانية العودة الى الكفاح المسلح, المشروعي ...
- بوتفليقة و معركة الفساد, الوهم و الحقيقة
- الربيع العربي هل يسقط خرافة الجزائر عربية
- لكل ثورة فتوى و فتوى مضادة, و لكل فتوى ثمن
- أيّها الوطن الناكر للجميل, لن تكون لك عظامي


المزيد.....




- شاهد.. رجل يشعل النار في نفسه خارج قاعة محاكمة ترامب في نيوي ...
- العراق يُعلق على الهجوم الإسرائيلي على أصفهان في إيران: لا ي ...
- مظاهرة شبابية من أجل المناخ في روما تدعو لوقف إطلاق النار في ...
- استهداف أصفهان - ما دلالة المكان وما الرسائل الموجهة لإيران؟ ...
- سياسي فرنسي: سرقة الأصول الروسية ستكلف الاتحاد الأوروبي غالي ...
- بعد تعليقاته على الهجوم على إيران.. انتقادات واسعة لبن غفير ...
- ليبرمان: نتنياهو مهتم بدولة فلسطينية وبرنامج نووي سعودي للته ...
- لماذا تجنبت إسرائيل تبني الهجوم على مواقع عسكرية إيرانية؟
- خبير بريطاني: الجيش الروسي يقترب من تطويق لواء نخبة أوكراني ...
- لافروف: تسليح النازيين بكييف يهدد أمننا


المزيد.....

- عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية / مصطفى بن صالح
- بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها / وديع السرغيني
- غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب / المناضل-ة
- دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية / احمد المغربي
- الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا ... / كاظم حبيب
- ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1) / حمه الهمامي
- برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب / النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
- المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة / سعاد الولي
- حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب / عبدالله الحريف
- قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس / حمة الهمامي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - بلعمري اسماعيل - , أصل العنجهية القبائلية berbérisé pour régner