أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - سعاد خيري - الاختفاء في زمن الحرية














المزيد.....

الاختفاء في زمن الحرية


سعاد خيري

الحوار المتمدن-العدد: 3642 - 2012 / 2 / 18 - 13:17
المحور: سيرة ذاتية
    


الاختفاء في زمن الحرية
واخيرا لجأت امي الى عبد الكريم قاسم . فاصدر قرارا بالقاء القبض علي . علم الحزب بذلك وطلب مني الاستقالة من مصرف الرافدين والاختفاء . وتم ذلك بدون تردد. ولكن ليس بدون عذاب . كان حنيني لامي احيانا يصور لي حالها المزري ويسمعني صوت بكائها وهي تبحث عني , فاذرف الدموع . ويعيدني حواري الداخلي الى صوابي بالسؤال , ما هو البديل!! واندفع الى القراءة والى تكريس المزيد والمزيد من الوقت للعمل الحزبي.
وهكذا بينما لا زال الشعب يتمتع بالحريات الديموقراطية التي فرضتها ثورة 14/تموز كان علي ترك الوظيفة والكلية والحرمان من المساهمة في المظاهرات والاحتفالات , ولم بمض اكثر من سنة على خروجي من السجن!! وكلفت بادارة بيت حزبي يعقد فيه اجتماعات المكتب السياسي والكونفرنسات الحزبية واللقاءات المهمة. وبتسجيل الاخبار العالمية وتوصيلهاالى اتحاد الشعب. ولكن حرماني من النضال الجماهيري والمساهمة في صيانة الثورة وتطوير مكتسباتها , كان يؤلمني اشد الالم. فكنت اتابع النشاطات الجماهيرية على شاشة التلفزيون وتختلط دموع الفرح بهذا الوعي والحماس الجماهيري مع دموع الالم لحرماني من المساهمة فيها. كان الانتقال من الحياة الصاخبة المليئة , الى حياة الاختفاء صعبا. ومع تطور الاحداث قلص نشاطي التنظيمي بدافع الصيانة واقتصر على قيادة الاجتماعات التثقيفية الجماعية المتباعدة في مدينة الثورة والرصافة والكرادة.
كنت اتمتع باحترام جميع الرفاق ورعايتهم. ولا يجد اي منهم المجال للحديث معي خارج السياسة وشؤن البيت وتكليفات كتابية او ترجمة من الانكليزية . وقد بادر الى استخدام هذا السرح للتقرب مني زكي خيري . فقد جلب لي كتابا عن الثورة الزراعية في الصين عنوانه, العاصفة, وقاموس انكليزي عربي وطلب ترجمة الكتاب . واخذ يتردد للسؤال عن سير الترجمة وابداء الملاحظات حتى توطدت اواصر الصداقة بيننا . وجلب لي جهازا لسماع الموسيقى الكلاسيكية واحضر لي العديد من الاصطوانات.ورغم كثرة عروض الزواج لم يتحرك قلبي حتى ذلك الحين نحو اي منهم. وكثرت محاولات بعض الرفاق لاستمالتي , وبلغت درجة الخطورة بعد تسفير انعام وناهدة مع زوجيهما الى الخارج للدراسة وابقائي لوحدي للانفراد بي. فما كان مني الا الالتجاء الى زكي خيري الذي كان ينتظر بفارغ الصبر ذلك . فقد وجدت منه العطف والحنان الذي افتقدته بحرماني من اي علاقة عائلية وعن سفر انعام وناهدة اللاتي عوضاني عن اخواتي..
وبدأ صراع اخر . فقد اصدر الحزب قرارا بعد السماح بزواج الرفاق القياديين بغير المسلمات لان عبد الكريم قاسم اصدر مرسوما بعدم استيزار من يتزوج بغير المسلمات. واتعجب دائما لان الجميع وحتى الان يعتبروني يهودية فقد اعلنت اسلامي اولا وثانيا انا شيوعية احترم كل الديانات ولا اؤمن باي منها. لانها فلسفات عصورها السالفة. والديانة اليهودية اقدم الديانات وهي مواكبة لعصر العبودية وتعبر عن طموحات الاسياد أنذاك. ولذلك تتميز بالعنصرية وكره غير اليهود. واعتبار اليهود شعب الله المختار والحلم بالسيادة على العالم. واليهودية دين وليس قومية ككل الديانات. فهناك اليهودي البريطاني والامريكي والعربي والكردي. كما هناك المسلم العربي والامريكي والاندنوسي والفرنسي وكذلك بالنسبة للمسيحية. فلماذا الجميع وحتى الحزب دع عنك السلطات الدكتاتورية بقوا يعتبروني يهودية!1وانا لم اشعر يوما بانني يهودية ليس عندما اصبحت شيوعية بل منذ وعيت.وليس لدي اي كره لليهود فهم كسائر البشر بينهم الصالح والطالح وفقا لاتنمائه الطبقي ولكل حقه في اختيار فلسفته في الحياة. ولكن اكره الصهيونية لانها عنصرية وكل هدفها من استخدام الدين اليهودي هو تجميع اليهود وتقديمهم قربانا لمصالح الراسمال العالمي. واحب جميع اليهود المعادين للصهيونية واحب اخوتي واخواتي الذين يعتبرون انفسهم يهودا , لانهم يكرهون الصهيونية . وقد غادر معظمهم اسرائيل التي رحلوا اليها قسرا , في اول فرصة سنحت لهم. واحب كل انسان يخدم البشرية بغض النظر عن دينه. ورغم كل ذلك لم يسمح لنا بالزواج.
نقلت الى بيت اخر . وكان بيت خالة عامر عبد اللة. حيث يختفي رب العائلة ايضا ولا ادري ما السبب. وكانت العائلة لطيفة جدا وكان لاطفالها تاثير كبير علي . فقد توطدت امتن العلاقات الودية بيننا حتى ان احد الابناء , رعد, كان يتأتئ عند الحديث ترك التأتأة عندما طلبت منه ذلك واخذت اشجعه. كما كان مختفيا معنا رفيق كان محكوما بالاعدام غيابيا بسبب احداث الموصل.
وكلفني الحزب في تلك الفترة ان اكتب تقريرا عن شهداء الحزب منذ بدء ثورة 14/تموز/1958 وتوثيقها بالتواريخ وما كتب في صحافة الحزب عن كل منهم. وبلغ عدد الشهداء حتى اب 1961 , 552 شهيدا , معظمهم من الكوادر العمالية والفلاحية . اي اكثر من شهداء الحزب والحركة الوطنية منذ ثورة العشرين حتى ثورة 14/ تموز
سمح لي في تلك الفترة التي استمرت سنة تقريبا , ان التقي بزكي خيري مرة في الاسبوع. نبث اشواقنا دون ان يحدثني عن معاناته وصراعه الفكري الذي بلغ اوجه في تلك الفترة. كما لم احدثه عن معاناتي حتى بلغت اوجها في احد الايام . فقد التهب جلدي نتيجة اضطراري لغسل جسمي بصابون غسل الملابس , التايد, فذهبت الى حيث كان المكتب الساسي منعقدا طلبا لارسالي الى طبيب اخصائي بالامراض الجلدية . فاقروا فورا قرار سفري الى موسكو سرا للدراسة تفاديا لاعتقالي ليس الا!!



#سعاد_خيري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحياة الجديدة حياة الحرية
- الفصل الرابع ثورة 14/تموز/1958 ابهج احداث حياتي
- حواري الداخلي
- من افضع جرائم النظام الملكي المجازر ضد السجناء السياسيين
- انهيت عقوبة الابعاد الى سجن البصرة بثلاث شهور
- تعاون الحكم الملكي مع امريكا لمد اسرائيل بيهود العراق وحرمان ...
- تنظيم حياتنا السجنية
- الفصل الثالث عشر سنوات السجن في سجن بغداد المركزي
- الفصل الثالث عشرسنوات في سجن النساء المركزي في بغداد
- 4- الاعتقال والحكم المؤبد
- مساهمتي في وثبة كانون / 1948
- الفصل الثاني الانعطاف الحاسم
- 2- بوادر الوعي الوطني
- الفصل الاول من رحلة حياة البدايات
- البشرية تغذ السير نحو تحررها رغم المصاعب والتضحيات
- رحلة حياة امرأة عراقية عبر اخطر مراحل تطور شعبها والبشرية
- تجتاز البشرية مرحلة المطالبة بالحرية الى مرحلة صنعها
- البشرية تغذ السير نحو تحررها رغم المصاعب والتصحيات
- يحق للفلسطينين التمتع باول منجوات عصر التحرر لانهم اغنوا تار ...
- الانتفاضات والاعتصامات المعاصرة ميادين اعداد الاجيال الصاعدة


المزيد.....




- القوات الإيرانية تستهدف -عنصرين إرهابيين- على متن سيارة بطائ ...
- الكرملين: دعم واشنطن لن يؤثر على عمليتنا
- فريق RT بغزة يرصد وضع مشفى شهداء الأقصى
- إسرائيل مصدومة.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين بجامعات أمريكية ...
- مئات المستوطنين يقتحمون الأقصى المبارك
- مقتل فتى برصاص إسرائيلي في رام الله
- أوروبا.. جرائم غزة وإرسال أسلحة لإسرائيل
- لقطات حصرية لصهاريج تهرب النفط السوري المسروق إلى العراق بحر ...
- واشنطن.. انتقادات لقانون مساعدة أوكرانيا
- الحوثيون: استهدفنا سفينة إسرائيلية في خليج عدن وأطلقنا صواري ...


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - سعاد خيري - الاختفاء في زمن الحرية